إبراهيم بن محمد الباجوري

تاريخ الولادة1198 هـ
تاريخ الوفاة1276 هـ
العمر78 سنة
مكان الولادةبيجور - مصر
مكان الوفاةالقاهرة - مصر
أماكن الإقامة
  • الجيزة - مصر
  • القاهرة - مصر
  • بيجور - مصر

نبذة

الشيخ إبراهيم بن الشيخ محمد الباجوري قدس الله سره: وجعل أعلا الجنان مثواه ومقره، شيخ الوقت والأوان، المستوي في فضائله على عرش كيوان، فهو الذي بهر بإبداعه، وظهر على ذوي الكمال بسعة اطلاعه، وعطل العوالي بيراعه، ومد لتناول المعالي طويل باعه، وأطلع الكلام رائقا، وجاء به متناسقا، فهو العالم العامل، والجهبذ الكامل، الجامع بين شرفي العلم والتقوى، السالك سبيل ذلك في السر والنجوى، قد افتخرت به الفضائل، حتى قدمته على الأوائل،

الترجمة

الشيخ إبراهيم بن الشيخ محمد الباجوري قدس الله سره: وجعل أعلا الجنان مثواه ومقره، شيخ الوقت والأوان، المستوي في فضائله على عرش كيوان، فهو الذي بهر بإبداعه، وظهر على ذوي الكمال بسعة اطلاعه، وعطل العوالي بيراعه، ومد لتناول المعالي طويل باعه، وأطلع الكلام رائقا، وجاء به متناسقا، فهو العالم العامل، والجهبذ الكامل، الجامع بين شرفي العلم والتقوى، السالك سبيل ذلك في السر والنجوى، قد افتخرت به الفضائل، حتى قدمته على الأوائل، وكان لسان شمائله، يخطب على منبر فضائله:
غنيت بحلية حسنها ... عن لبس أصناف الحلي
وبدت بهيكلها البد ... يع تقول شاهد واجتلي
تجد المحاسن كلها ... قد جمعت في هيكلي
ولد رضي الله عنه سنة ألف ومائة وثمان وتسعين ببلدة بيجور، قرية من قرى مصر المحروسة من الغم والملحوظة بعين السرور، على مسيرة اثنتي عشرة ساعة من غير استعجال، بل بسير الوسط والاعتدال، ونشأ فيها في حجر والده وقرأ عليه القرآن المجيد، بغاية الإتقان والتجويد، ثم قدم إلى الجامع الأزهر، ذي القدر السامي الأظهر، سنة ألف ومائتين واثنتي عشرة هجرية، لأجل تحصيل الآداب والعلوم الشرعية، وسنه إذ ذاك أربع عشرة سنة تماماًن ومكث فيه حتى دخل الفرنساوي سنة ألف ومائتين وثلاثة عشر عاماً، فخرج وتوجه إلى الجيزه، واقام بها مدة وجيزه، ثم عاد سنة ألف ومائتين وست عشرة، إلى المكان الأنور، والجامع الأزهر، عام خروج الفرنساوي من القطر المصري كما أفاد ذلك بنفسه، أعلى الله تعالى في فراديس الجنان مقامات قدسه، فأخذ في الاشتغال بالتعليم والتحصيل، وقد أدرك الجهابذة الأفاضل ذوي القدر الجليل، كالشيخ محمد الأمير الكبير، صاحب المقام السامي الشهير، والشيخ عبد الله الشرقاوي، والسيد داود القلعاوي، ومن كان في عصرهم، وتلقى عنهم ما تيسر له من العلوم، إلى أن صار عمدة ذوي المنطوق والمفهوم، ولكن كان أكثر ملازمته وتلقيه، وأخذه للعلم الشريف الذي كان به ترقيه، عن الأستاذ الشيخ محمد الفضالي، والمرحوم الأستاذ الشيخ حسن القويسني ذي القدر العالي، ولازم الأول بالجد والاجتهاد، إلى أن توفي ورحل إلى دار الفضل والإسعاد، وفي مدة قريبة لاحت عليه لوائح النجابة، ولبى السعد نداه بالإقبال وأجابه، فدرس وألف التآليف العديدة، الجامعة المانعة المفيدة، في كل فن من توحيد وأصول، ومعقول ومنقول، منها حاشيته على متن الشمائل، وحاشيته على رسالة شيخه الفضالي في لا إله إلا الله، وحاشيته على الرسالة المسماة بكفاية العوام، فيما يجب عليهم من علم الكلام، لشيخه المذكور، وكتاب فتح القريب المجيد، شرح بداية المريد، للشيخ السباعي، وحاشيته على مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم للعلامة ابن حجر الهيثمي، وحاشية على مختصر السنوسي في فن الميزان، وحاشية على متن السلم للأخضري في فن الميزان أيضاً وحاشية على متن السمرقندية في فن البيان، وكتاب فتح الخبير اللطيف، شرح نظم الترصيف في فن التصريف، وحاشية على متن السنوسية في التوحيد، وحاشية على مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم للشيخ الدردير، وشرح على منظومة الشيخ العمريطي في النحو، وحاشية على البردة الشريفة، وحاشية على بانت سعاد، وحاشية على متن الجوهرة في التوحيد، وكتاب منح الفتاح، على ضوء الصباح، في أحكام النكاح، وحاشية على الشنشوري في فن الفرائض، وكتاب الدرر الحسان على فتح الرحمن، فيما يحصل به الإسلام والإيمان للزبيدي، ورسالة صغيرة في فن الكلام، وحاشية على شرح ابن قاسم لأبي شجاع في فقه مذهب الإمام الشافعي، قدس الله سره بمجلدين، وله مؤلفات أخر لم تكمل فلذا أضربنا عن ذكرها صفحاً. وكان ديدنه رحمه الله التعلم والاستفادة، والتعليم والإفادة، حتى صار له ذلك سجية وعادة، فكان عمره رضي الله عنه ما بين إفادة واستفادة، وكان لسانه دائماً رطباً بذكر الله، وتلاوة القرآن، وكان متميزاً بذلك على الأمثال والأقران، وله وله عظيم وحب جسيم لآل بيت النبي الكريم، ولذلك كان مواظباً على زياراتهم، ومتردداً على أبوبا حضراتهم، وبالجملة فإنه رضي الله عنه كان صارفاً زمنه في طاعة مولاه، وشاكراً له على ما أولاه، فمن جملة نعمه عليه الانتفاع بتآليفه في حياته في كل ناد، والسعي في طلبها من أقصى البلاد، والاجتهاد في تحصيلها من كل حاضر وباد، والاجتماع بها على كل مرام ومراد، وقد انتهت إليه رئاسة الجامع الأزهر، ومحفل الدين الأبهى الأبهر، وتقلدها في شهر شعبان سنة ثلاث وستين ومائتين وألف ولا غرو أنه ابن بجدتها، وأبو عذرتها، وفي أثناتها قرأ كتاب الفخر الرازي في تفسير القرآن، وحضره أفاضل الجامع الأزهر ذوي الملكة والإتقان، ولكنه لم يكمل بسبب ضعف اعتراه. وقد امتدحه مهنئاً حضرته حين آلت الرئاسة إليه حضرة المعروف بكل كمال، السيد محمد شهاب الدين فقال:
أترى الغمام بدره المنثور ... وشى رياض الورد والمنثور
أم ذي تباشير الصباح تنفست ... وجلت أشعتها دجى الديجور
كبلابل الأفراح أبدت طالعاً ... حظي الزمان بحظه الموفور
هو كوكب إيضاح بهجة ضوئه ... مغن عن المصباح والتنوير
رفعت لواء العز دولة مجده ... وسطت بصارم فضله المشهور
أكرم به حبراً هماماً رحلة ... تطوى القفار لعلمه المنشور
أبدى الطوالع في مطالع فخره ... ولدى المواقف سار بالتيسير
زفت حواشيه ورقت وازدهت ... بمحاسن التحبير والتحرير
هو بر إفضال وبحر فضائل ... صاف عدته شوائب التكدير
كررت مدح حلاه إذ هو سكر ... تقوى الحلاوة فيه بالتكرير
هو روض عرفان تجلى عن جنى ... دان وكم ليس بالمزرور
لا غرو إن طاب الزمان بطيبه ... وشذاه عم الكون بالتعطير
يا دهر أعط القوس باريها فقد ... أفرطت في التقديم والتأخير
هذا مجلي حلبة السبق الذي ... حاز الفخار بسعيه المشكور
هو سيد الأبان سعد أوانه ... فخر الزمان ميسر المعسور

فرحت به الدنيا وأصبح وجهها ... فيه تلوح بشاشة المسرور
وزهت به العليا وقالت أرخوا ... أبهى إمام شيخٌ الباجوري
يا صاح حدث عن مآثره وقل ... قد صح نقل حديثي المأثور
طوبى لمن بمقام إبراهيم قد ... أدى فريضة حجه المبرور
وسعى وطاف بكعبة الطول الذي ... تمت شعائره بلا تقصير
فليهنه الإقبال وليقض الذي ... قد فات من مندوبه المنذور
وإليه أهدي بنت فكر تنجلي ... في خجلة من جفنها المكسور
غايات ما ترجوه فض ختامها ... حيث انتهت بتكامل التوقير
ثم إنه لما قربت وفاته، وكادت أن تتناهى حياته، نزل به مرض الحمام، ولازمه إلى أن استوفى من عمره التمام، توفي يوم الخميس ثامن وعشرين من ذي القعدة سنة ألف ومائتين وست وسبعين ودفن بتربة المجاورين.

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.