محمد عياد بن سعد بن سليمان بن عياد المرحوميّ الطنطاوي:
أديب، مدرس، مصري. نسبته إلى محلة مرحوم (في غربية مصر) كان أبوه منها. ومولده في قرية نجريد (من أعمال طنطا) تعلم وعلّم بالأزهر، واتصل به بعض المستشرقين، فدعي لتدريس اللغة العربية في معهد (اللغات الشرقية) ببطرسبورج (ليننغراد) فسافر سنة 1256 هـ واستمر إلى أن توفي بها، وقد تخرج عليه بعض المستشرقين من الروس وغيرهم، منهم المستشرق الفنلندي الأصل (فالن) G Wallin وله معه مراسلات بعد ذلك، جمعها (فالن) وطبعها مترجمة إلى اللغة الأسوجية.
وصنف كتبا أكثرها للتدريس، منها (منتهى الآراب في الجبر والميراث والحساب - خ) و (الحكايات العامية المصرية - خ) و (مسودات لتاريخ العرب - خ) و (أحسن النخب في معرفة لسان العرب - ط) و (تحفة الأذكيا، بأخبار بلاد روسيا - خ) و (حاشية على منظومة السمرقندية - خ) بخطه، في رسالة لطيفة، عندي. وحواش وشروح في (العقائد) و (النحو) و (الصرف) و (العروض) و (منظومة في البيان) وللدكتور حسين محفوظ (رسالة - ط) في سيرته.
-الاعلام للزركلي-
محمد عياد الطنطاوي
1277 ه-1280ه/1810 م-1862م
وقفت له على ترجمة بخط الأديب الأستاذ عبد المعطي السعد، قال: هو الشيخ محمد بن سعد، الملقب بعياد الطنطاوي، الشافعي، أحد أفراد الطبقة الأولى الآخذة عن شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم الباجوري شیخ الجامع الأزهر المتوفي سنة 1276ه
كان رحمه الله من أعيان علماء القرن الثالث عشر، راسخ القدم في العلوم العقلية والنقلية، آخذا بحظ وافر من الأدب، وله كثير من الشعر الحسن والنثر المستحسن، وكان المشتغلون بالأدب من علماء الأزهر في عهده قليلين يعدون على أصابع اليد؛ کشيخ الإسلام الشيخ حسن العطار شیخ الجامع الأزهر، والشيخ خليل الرجبي
وقد ولد المترجم في طنطا سنة 1810م وتعلم في الجامع الأحمدي بها، ثم أتم تعليمه في الأزهر، وله رحمه الله مؤلفات كثيرة تنم على غزارة مادة ودقة نظر، منها: في العقائد حاشية على الشرح المسمى «بالتحفة السنية في العقائد السنية» للعلامة الكبير برهان الدين أبي المعالي إبراهيم السقا على منظومة السيد محمد بليحة، يقول في آخرها:
وحيث طعمت من بليحة، وشربت من منهل السقا، فتفه بها لأنس نفسك علك أن ترقی.
ومنها: حاشية على رسالة شيخه العلامة الشيخ إبراهيم الباجوري.
ومنها: «شرح منظومة الشيخ السلموني»، التزم السجع في جميع جمله، يقع في نحو کراسة، و«حاشية على شرح الشيخ خالد الأزهري» على متنه المسمى «بالأزهرية» في علم النحو، ضمنها تحقیقات جمة، و«حاشية على متن الزنجاني في الصرف المشهور بمتن العزي.
ومنها: «منظومة في البيان نظم فيها متن السمرقندية» وشرح على المنظومة المذكورة، في كراستين لطيفتين ومنها حاشية جليلة على كتاب «الكافي في علمي العروض والقوافي»
وقدر له رحمه الله الذهاب إلى روسيا، فذهب إليها، حوالي سنة 1840م، وعمل مدرسا للغة العربية بمعهد اللغات الشرقية في بطرسبورج، وظل يعمل هنالك نحو ربع قرن، إلى أن انتقل إلى رحمة الله سنة 1862م
بعد أن تخرج على يديه عدد كبير من المستشرقين.
ومن أهم مؤلفاته كتاب سماه «أحسن النخب في معرفة لسان العرب»، وقد ضممنه جملا وألفاظا ومكاتبات وقصصا وأغاني عامية مع ترجمتها إلى الفرنسية، وله مخطوطات عدة موجودة في مكتبة كلية بطرسبورج.
وقد اصطحب معه إلى روسيا زوجته وابنه، وبقيا بعده فيها إلى أن توفيا وفئا مثله بمدافن المسلمين في بطرسبورج.
ولم تؤثر إقامته الطويلة في روسيا في شيء من دينه أو عقيدته، كما يؤخذ من قوله في قطعة شعرية أرسلها إلى أحد أصدقائه بمصر:
أنا بين قوم لا أدي بدينهم أبدا ولا يتدينون بديني
مقتطفات من كتاب: أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث، تأليف: أحمد تيمور باشا.
الشيخ محمد عياد الطنطاوي
(1811 ـ 1861م)
نشأ في قرية صغيرة من قرى مصر، ثم في طنطا والقاهرة مركز الثقافة العربية، وانتهت حياته في سنت بطرسبرج. لقد تعذر علينا معرفة تاريخ ولادته بمصر، واستنتجنا من الكلمات المنقوشة على قبره بأنه توفي في السابع والعشرين من شهر تشرين الأول سنة 1861م بالغاً من العمر خمسين عاماً، فتكون ولادته في سنة 1811م على وجه التقدير.
في روسية: عين بتاريخ 22 آب سنة 1840م مدرساً للغة العربية بمعهد الدراسات الشرقية التابع لوزارة الخارجية الروسية، وكان يرتدي حلة شرقية وعمامة بيضاء، وقد أنعم عليه بوسام (آنا) فكان منظره عجيباً وهو يتدلى من عنق الشيخ فوق ملابسه الشرقية.
لقد كانت حياة هذا العالم مجيدة فذة، وهي أشبه بزهرة غضة غريبة تفتحت أكمامها، وفاح عبيرها في البلاد الروسية القديمة، وقد صوره الرسام الروسي (مارتينون)، وظهرت صورته في مجموعة صور العلماء الروسيين في أواخر عام 1853م.
مواهبه: لقد شغل كرسي الدراسة في سنت بطرسبرج من سنة 1847م إلى سنة 1861م، وفي مكتبة الجامعة آثاره التي تدل كيف قضى حياته في القاهرة وفي روسية، وفيها تفاصيل نهاية المأساة التي حدثت له في أواخر أعوامه.
وقد خلف مؤلفات قيمة منها: 1 ـ هدية العاقل، وهي رسالة تحتوي على معلومات خاصة عن أراضي روسية، كتبها المترجم بخطه في سنة 1850م، وأهداها إلى السلطان عبد الحميد، وهي موجودة في جامع رضا باشا برملي حصار في استانبول، وفيها يصف رحلته من القاهرة إلى سنت بطرسبرج، ذاكراً زيارة وطنه في سنة 1844م، ثم شرح بالتفصيل الأثر الذي خلفه في نفسه احتكاكه بالشعب الروسي في بلاده، وما رآه في روسية وفي مقاطعات البلطيق أثناء زيارته لها في العطلة المدرسية، ولمنفعة بني وطنه شرح تاريخ روسية الحديث، ووصف بطرسبرج وأماكنها الشهيرة بشكل بليغ، والرسالة مليئة بالآثار الأدبية الرائعة القيمة.
2 ـ كتاب علم الجغرافيا، وعثر شاب وهو موهوب بالمطالعة في مكتبة قديمة بشارع (لتني) على كتاب في علم الجغرافيا، وهو بخط العلامة الطنطاوي، وإن النسخة هي مسودة الكتاب؛ لوجود تصليح وإضافات بخط المترجم نفسه.
وقد خلف العلامة الطنطاوي في منصب التدريس بمعهد الدراسات الشرقية رجل عربي من طرابلس اسمه (ايرني نوفل)، وكان له أنجال مبذرون بددوا مكتبة أبيهم، فكانت محتويات هذه المكتبة تظهر من آن لآخر في حوانيت باعة الكتب بسنت بطرسبرج.
وقد ألف الأستاذ (كراتشكوفسكي) عضو المجمع العلمي الروسي، الذي له الفضل بإظهار آثار الطنطاوي إلى الوجود كتاباً عن حياته في عام 1930م التي تثير المشاعر، وتهيج القلوب والعواطف أسًى وحزناً على ما كابده الطنطاوي في عهد مرضه المؤلم.
مرضه: ابتدأ مرضه بشلل الأطراف في شهر أيلول سنة 1855م، وقد تسرب في بادئ الأمر إلى يديه، فعجز الطنطاوي في كفاحه عن الكتابة، فقد كانت يداه كلما حاول كتابة حرف عربي أو رومي أرتعشتا بتشنج، وأبرزتا بدلاً من ذلك خطًّا متعرجاً عجيباً يكاد يمتد على طول الصفحة بأسرها، وقد كانت الموضوعات التي يعالجها طريفة شيقة، ومن الصعب قراءتها، فقد كانت حروفها أحيانا تشبه الرموز والإشارات، وهذه الصفحات تكاد تنطق بأبلغ لسان عن تلك المأساة التي حلت به في أواخر أيام حياته، عندما بدأت تلك العلة تنخر في عظامه، وقد استمرت خمس أو ست سنوات من حياته.
وقد عثر بطريق المصادفة على حزمة كبيرة من الأوراق، واتضح أنها لم تقيد في فهرس مكتبة الجامعة، وهي منبوذة تحت خزانات مكتبة الجامعة، وكان عددها لا يقل عن مئة وخمسين ورقة كلها مملوءة بسطور غامضة، وبعد ترتيب أرقامها تجلت حقيقة الأمر، وكانت الأوراق ملأى بالموضوعات المفيدة، كالأمثال العامة المصرية وبعض نماذج التهاني والأغنية الشعبية، وبعض مذكرات مختلفة تبحث في علوم البلاغة واللغة والنحو والصرف، وكان من الواضح الجلي أن كل هذه الأوراق قد كتبت في الوقت الذي بدأ فيه مرض شلل الأطراف.
وفاته: لم يمض وقت طويل حتى غابت ذكرى الطنطاوي عن أبناء وطنه، فهم حتى أواخر العقد الثامن من القرن التاسع عشر لم يكونوا يعرفون ما إذا كان حيًّا أو لا، وقد وافاه الأجل في سنت بطرسبرج الروسية في السابع والعشرين من شهر تشرين الأول سنة 1861م، ودفن في مقبرة المغول بقرية (فولكوقا) في قبر نصب عليه لوح أنيق من المرمر، نقشت عليه الكلمات الآتية بالروسية والعربية: الشيخ محمد عياد الطنطاوي مستشار بالدولة وأستاذ معين بجامعة سنت بطرسبرج، توفي في السابع والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1861م بالغاً من العمر خمسين عاماً.
أعلام الأدب والفن، تأليف أدهم آل الجندي الجزء الثاني – ص 427 -428.