الإمام الأكبر ، شيخ الإسلام سليم البشري بن مطر بن أبي فراج بن سلیم بن أبي فراج بن سالم البحيري القرشي المالكي ، انحدر آباؤه من أصل عربي ، من عرب البحيرة.
ولد في محلة بشر ، من أعمال شبراخيت ، سنة 1248ه، الموافق سنة 1867م، ومات أبوه سنة 1255ه، فكفله شقيقه عبد الهادي البشري ، وقدم القاهرة سنة 1259ه، هذا هو التاريخ المشهور ، وإن كان واحد من أكبر تلاميذه وأعلمهم بترجمته ذكر أنه سمع منه أنه ولد في سنة 1237، وأنه جاء مصر في سنة 1245 أو 1247، وقد استقر بالمسجد الزينبي مع خاله الشيخ بسيوني شلتوت، مؤذن المسجد الزينبي الجليل ، ثم دخل الأزهر سنة 1261ه، فمكث فيه مجاورا تسع سنوات كاملة مكبا على التحصيل، وحضر فيه على الإسماعيلي ، والخناني ، والباجوري ، وعليش ، وأضرابهم.
ونبغ في علم الحديث نبوغا عاليا ، وكان قوي الذاكرة حفاظة ، أملى الكتب الستة من حفظه ، وأكثر من الرواية ، وروي عن أكثر من شیخ، وقصد بالفتوى من الآفاق ، وتولى نقابة المالكية ، ونال عضوية هيئة كبار العلماء في ذي القعدة سنة 1329ه ، الموافق أكتوبر سنة 1911م.
ومن مؤلفاته: (المقامات السنية ، في الرد على القادح في البعثة النبوية) مخطوط ، و(تحفة الطلاب ، شرح رسالة الآداب) وهو شرح على رسالة الملا حنفي في آداب البحث والمناظرة ، (الاستئناس ، في بيان الأعلام وأسماء الأجناس)، و(رسالة في البسملة)، وله شرح على متن العقيدة للعلامة الشيخ عليش، وتقریر على السعد، وحواش أخرى صغيرة، وله شرح على البردة مشهور ، فيه فوائد، واسمه: (وضح النهج).
وقد جرت واقعة خلاصتها أنه اختار الشيخ أحمد المنصوري شيخا لأحد الأروقة ، ولم يكن ذلك الشيخ مرضيا بل حوله جدل كثير ، فأوعز إلى صاحب الترجمة بالعدول عن تعيينه فأبين ، ووجد الدساسون في هذه الحادثة فرصة لنفث سمومهم، حتى تغير عليه ولي الأمر ، ولكن المترجم لم يتزحزح عن موقفه ، وقد أشير إليه أن تمسكه برأيه قد يضره ، فقال : (إن رأيي لي ، ومنصبي لهم ، ولن أضحي لهم بما يدوم في سبيل ما يزول)، وانتهى الأمر باستقالته من مشيخة الأزهر.
أنظر كامل الترجمة في كتاب : جمهرة أعلام الأزهر الشريف في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين للشيخ أسامة الأزهري.
سليم بن أبي فراج بن سليم بن أبي فراج البِشْري:
شيخ الجامع الأزهر. من فقهاء المالكية. ولد في محلة بشر (من أعمال شبرخيت - بمصر) وتعلم وعلّم في الأزهر. وتولى نقابة المالكية، ثم مشيخة الأزهر مرتين، وتوفي بالقاهرة له (المقامات السنية في الرد على القادح في البعثة النبويّة - خ) كرأس واحد، رأيته في خزانة الرباط (2389 كتاني) .
-الاعلام للزركلي-
الإمام الشيخ سليم البشري.
هو الإمام العلامة الشيخ سليم بن أبي فراج بن سليم بن أبي فراج البشري، ولد بقرية محلة بشر التابعة لمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة، وكان مولده عام 1248هـ، توفى أبوه وهو في السابعة من العمر، فقام أخوه الأكبر عبد الهادي البشرى بكفالته ورعايته.
نشأ الشيخ البشري يتيماً، فلما بلغ عامه التاسع حفظ القرآن الكريم، ثم رحل إلى القاهرة ليكون في ضيافة خاله الشيخ بسيوني البشري أحد شيوخ ضريح السيدة زينب، وتلقى عن خاله أبجديات العلوم ومبادئها، وظل في رعايته عامين يأخذ عنه العلم وعن غيره من العلماء وكذلك قراءات القرآن الكريم، ثم التحق بعدها بالجامع الأزهر ليتلقى على كبار العلماء فيه، فدرس الفقه على المذهب المالكي، وظل في رعاية خاله يواصل دراسته بالجامع الأزهر على أيدي الشيخ الخناني، والشيخ عليش، والإمام الباجوري، وغيرهم من خيرة العلماء.
فلما أتم الشيخ سليم عامه التاسع في الدراسة بالجامع الأزهر أصاب الشلل شيخه الخناني الذي كان يقرأ على طلبته أمهات الكتب، وظل الشيخ في فراشه فترة طويلة إلى أن شعر بتحسن في حالته فطلب أن يحمل إلى مجلس علمه وقال لتلاميذه: إني ذاهب وليس في فضلة لتدريس العلم، وإني مستخلف عليكم لإتمام درسي أجدر الناس به، وأمسك بيد الشيخ سليم وأجلسه في مجلسه.
بدأ الشيخ حياته العملية بالجلوس مكان شيخه في حلقة درسه، فظهر نبوغه، وذاع صيته، واشتهر أمره، وفصاحته، وطريقة عرضه، وتزايد عدد طلابه وتهافتوا عليه، ونبغ في علوم الحديث نبوغاً عظيماً فاتجهت إليه أنظار الباحثين والعلماء وحشد كبير من الطلبة، وأسرعوا إليه في كل ما يجدوه من صعب أمامهم، وكان الشيخ - دائما عند حسن ظنهم، يجدوا لديه الحلول الكافية الشافية لكل صعابهم.
وبعد فترة أصاب الشيخ مرض الروماتيزم الذى أقعده، وألزمه الفراش مدة عامين كاملين لم يتوقف خلالهما عن إلقاء دروسه، فقد كان تلاميذه يذهبون إليه في بيته بالسيدة زينب ليلقى عليهم دروسه كل صباح، وشفاه الله بعد هذين العامين فعين شيخاً لمسجد السيدة زينب، فالتف حوله تلاميذه وتزايد عددهم ليلقى عليهم دروسه ويقرأ لهم أمهات الكتب مصحوبة بشروحه، وظل على ذلك أعواماً ثم صدر الأمر بتعيينه شيخاً ونقيباً للسادة المالكية، وكان في مقدمة العلماء الذين وقع عليهم الاختيار لإصلاح الأزهر في عهد الشيخ حسونه النواوي فكان ضمن عضوية مجلس إدارة الأزهر، وكان أبرز الأعضاء في عملية الإصلاح إلى أن وقع عليه الاختيار للمشيخة، ولم يرحب الشيخ بهذا المنصب، واعتذر عن قبوله بتدهور صحته وكبر سنه، إلا أن العلماء أجمعوا عليه ووافقهم في ذلك ولاة الأمر والأعيان، فاضطر الشيخ للموافقة أمام هذا الإلحاح، وقبلها في 28 من صفر عام 1317هـ = 1901م، وبدأ الشيخ عمله - رغم اعتلال صحته - بهمة ونشاط وقوة وعزيمة عرف بها طيلة حياته، وكان من سداد رأيه أن تلافي الأزهر والعلماء العديد من العقبات الصعبة ومع ذلك لم يتوقف الحكام عن التدخل في شؤون الأزهر مما أغضب الشيخ وضايقه، فحدث أن اختار الشيخ البشري الشيخ أحمد المنصوري ليكون شيخاً لأحد أروقة الأزهر، فلم يرض الحاكم بهذا الاختيار، فأرسل إلى الشيخ البشري من يثنيه عن اختياره فرفض الشيخ هذه الطريقة وقال: [إن كان الأمر لكم في الأزهر دوني فاعزلوه، وإن كان الأمر لي دونكم فهذا الذي اخترته ولن أحيد عنه] ولم يعجب هذا الرد الحاكم وأرسل للشيخ يهدده بأن هذا الأمر قد يضره في منصب المشيخة، فقال الشيخ البشري: [إن رأيي لي، ومنصبي لهم، ولن أضحي لهم ما يدوم في سبيل ما يزول]، وقَدَّم استقالته دون تردد، فقبلها الحاكم ووافق عليها في ذي الحجة عام 1320هـ = 1904م، ولم يؤثر هذا الموقف في صلابته فذهب في اليوم التالي لقبول استقالته وألقى على تلاميذه دروسه في التفسير والحديث، وحضر هذه الدروس أكثر من خمسمائة عالم وأعداد لا تحصى من الطلبة والدراسين، وظل الشيخ حرصاً على إلقاء دروسه ومتابعة طلابه، ومباشرته المشيخة المالكية التي ظل بها حتى وفاته.
وفي عام 1327هـ اضطربت الأحوال في الأزهر الشريف، فأسرع ولاة الأمر بالذهاب إلى الشيخ واللجوء إليه بقبول العودة إلى تولي منصب مشيخة الأزهر مرة ثانية، فاشترط الشيخ لعودته عدة أمور أهمها: إكرام العلماء والطلبة من قبل الحكومة، ورد حقوقهم، وتوسيع أرزاقهم، وزيادة مرتباتهم، فقررت الحكومة صرف عشرة آلاف جنيه سنوياً لتوزع على العلماء، وتخفيض تنقلاتهم بالقطار إلى نصف التكلفة، وكذلك يدفع الطلبة نصف الأجرة المقررة في القطارات.
وعمل الشيخ بعد ذلك بهمة أكبر من ذي قبل من أجل رفع شأن الأزهر وعلمائه، وكذلك الطلاب، وجاهد في سبيل النهوض بالجامع الأزهر، ومتابعة الحركة الاصلاحية الخاصة به حتى أصبح معظم مدرسي الرياضيات في ذلك العصر من علماء الأزهر الشريف بعد أن كاد الأزهر يطمسها من مقرراته.
حصل الشيخ على العديد من الأوسمة فمنحه السلطان (النيشان المجيدي) والوشاح الأكبر من وسام النيل.
وتخرج على يديه جماعة من كبار العلماء أمثال الشيخ محمد راشد والشيخ بسيوني البيباني، والشيخ محمد عرفه وغيرهم الكثير من العلماء العظماء.
واشتهر الشيخ بحبه لحفدته الذين كان يحبهم، فكان يوقظهم في الصباح ليتناول معهم طعام الإفطار ثم يلقي عليهم دروسه.
ومات رحمه الله بعد أن أتم التسعين من عمره عام 1335هـ = 1916م، ورثاه حافظ إبراهيم - شاعر النيل - بقصيدة رائعة جاء فيها:
هوى ركن الحديث فأي قطب لطلاب الحقيقة والصواب
فما في الناطقين فم يوفي عزاء الدين في هذا المصاب.
ترك الشيخ ثروة علمية ضخمة أودعها متون كتبه ومنها:
- شرح نهج البردة لأحمد شوقي.
- الاستئناس في بيان الأعلام وأسماء الأجناس في النحو.
- المقامات السنية في الرد على القادح في البعثة النبوية (مخطوط).
- حاشية على رسالة الشيخ عليش في التوحيد.
- حاشية تحفة الطلاب على شرح رسالة الآداب.
رحم الله الإمام العلامة الشيخ البشري الذي لم يثنه مرضه عن مناصرة الحق، ولم يضعفه سنه عن مؤازرة المظلوم، ولم تبعده كثرة مشاغله عن عبادة الله تعالى والإنابة إليه وخشيته في كل عمل يقوم به، فقد كان كثير الإنفاق في سبيل الله، وكان كثير الدأب على تخفيف أعباء الحياة عن فقراء طلابه وعامة فقراء المسلمين
شيوخ الأزهر تأليف أشرف فوزي صالح ج/2 – ص 82 - 85.