محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي أبي عبد الله شمس الدين

ابن القيم الجوزية

تاريخ الولادة691 هـ
تاريخ الوفاة751 هـ
العمر60 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • الحجاز - الحجاز
  • دمشق - سوريا

نبذة

مُحَمَّد بن أَبى بكر بن أَيُّوب بن سعد بن جرير الزرعي الدمشقي شمس الدَّين ابْن قيم الجوزية الحنبلي. الْعَلامَة الْكَبِير الْمُجْتَهد الْمُطلق المُصَنّف الْمَشْهُور ولد سنة 691 إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة وَسمع من ابْن تَيْمِية ودرس بالصدرية وَأم بالجوزية وَأخذ الْفَرَائِض عَن أَبِيه.

الترجمة

مُحَمَّد بن أَبى بكر بن أَيُّوب بن سعد بن جرير الزرعي الدمشقي شمس الدَّين ابْن قيم الجوزية الحنبلي
الْعَلامَة الْكَبِير الْمُجْتَهد الْمُطلق المُصَنّف الْمَشْهُور ولد سنة 691 إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة وَسمع من ابْن تَيْمِية ودرس بالصدرية وَأم بالجوزية وَأخذ الْفَرَائِض عَن أَبِيه وَأخذ الْأُصُول عَن الصفي الهندي وَابْن تَيْمِية وبرع فِي جَمِيع الْعُلُوم وفَاق الأقران واشتهر فِي الْآفَاق وبتحر فِي معرفَة مَذَاهِب السلف وَغلب عَلَيْهِ حب ابْن تَيْمِية حَتَّى كَانَ لَا يخرج عَن شئ من أَقْوَاله بل ينتصر لَهُ فِي جَمِيع ذَلِك وَهُوَ الذي نشر علمه بِمَا صنفه من التصانيف الْحَسَنَة المقبولة واعتقل مَعَ ابْن تَيْمِية وأهين وطيف بِهِ على جمل مَضْرُوبا بِالدرةِ فَلَمَّا مَاتَ ابْن تَيْمِية أفرج عَنهُ وامتحن محنة أُخْرَى بِسَبَب فَتَاوَى ابْن تَيْمِية وَكَانَ ينَال من عُلَمَاء عصره وينالون مِنْهُ
قَالَ الذهبي فِي الْمُخْتَصر جلس مُدَّة لإنكار شدّ الرحل لزيارة قبر الْخَلِيل ثمَّ تصدر للاشتغال وَنشر الْعلم وَلكنه معجب بِرَأْيهِ جرئ على أُمُور انْتهى
قلت بل كَانَ متقيدا بالأدلة الصَّحِيحَة معجبا بِالْعَمَلِ بهَا غير معول على الرَّأْي صادعا بِالْحَقِّ لَا يحابي فِيهِ أحداً ونعمت الجرأة وَقَالَ ابْن كثير كَانَ ملازما للاشتغال لَيْلًا وَنَهَارًا كثير الصَّلَاة والتلاوة حسن الْخلق كثير التودد لَا يحْسد وَلَا يحقد إِلَى أَن قَالَ لَا أعرف فِي زَمَاننَا من أهل الْعلم أَكثر عبَادَة مِنْهُ وَكَانَ يُطِيل الصَّلَاة جدا ويمد ركوعها وسجودها وَكَانَ يقْصد للإفتاء بمسئلة الطَّلَاق وَكَانَ إِذا صلي الصُّبْح جلس مَكَانَهُ يذكر الله تَعَالَى حَتَّى يتعالى النَّهَار وَيَقُول هَذِه غذوتي لَو لم أَفعَلهَا سَقَطت قواي وَكَانَ يَقُول بِالصبرِ والتيسير تنَال الْإِمَامَة فِي الدَّين
وَكَانَ يَقُول لَا بُد للسالك من همة تسيره وترقيه وَعلم يبصره ويهديه وَكَانَ مغرى بِجمع الْكتب فَحصل مِنْهَا مَا لَا تحصر حَتَّى كَانَ أَوْلَاده يبيعون مِنْهَا بعد مَوته دهرا طَويلا سوى مَا اصطفوه لأَنْفُسِهِمْ مِنْهَا وَله من التصانيف الْهَدْي وأعلام الموقعين وبدائع الْفَوَائِد وطرق السعادتين وَشرح منَازِل السائرين وَالْقَضَاء وَالْقدر وجلاء الأفهام فِي الصَّلَاة وَالسَّلَام على خير الْأَنَام ومصايد الشَّيْطَان ومفاتيح دَار السَّعَادَة وَالروح وحادي الْأَرْوَاح وَرفع الْيَدَيْنِ وَالصَّوَاعِق الْمُرْسلَة على الْجَهْمِية والمعطلة والداء والدواء ومولد النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْجَوَاب الشافي لمن سَأَلَهُ عَن ثَمَرَة الدُّعَاء إِذا كَانَ مَا قد قدر وَاقع وَغير ذَلِك وكل تصانيفه مَرْغُوب فِيهَا بَين الطوائف قَالَ ابْن حجر فِي الدُّرَر قَالَ وَهُوَ طَوِيل النَّفس فِيهَا يتعانى الْإِيضَاح جهده فيسهب جدا ومعظمها من كَلَام شَيْخه متصرف فِي ذَلِك وَله ملكة قَوِيَّة وَلَا يزَال يدندن حول مفرداته وينصرها ويحتج لَهَا انْتهى
وَله من حسن التَّصَرُّف مَعَ العذوبة الزَّائِدَة وَحسن السِّيَاق مَالا يقدر عَلَيْهِ غَالب المصنفين بِحَيْثُ تعشق الإفهام كَلَامه وتميل إِلَيْهِ الأذهان وتحبه الْقُلُوب وَلَيْسَ لَهُ على غير الدَّلِيل معول فِي الْغَالِب وَقد يمِيل نَادرا إِلَى مَذْهَب الَّذِي نَشأ عَلَيْهِ وَلكنه لَا يتجاسر على الدّفع فِي وُجُوه الْأَدِلَّة بالمحامل الْبَارِدَة كَمَا يَفْعَله غَيره من المتهذبين بل لَا بدله من مُسْتَند فِي ذَلِك وغالب أبحاثه الْإِنْصَاف والميل مَعَ الدَّلِيل حَيْثُ مَال وَعدم التعويل على القيل والقال وَإِذا استوعب الْكَلَام فِي بحث وَطول ذيوله أُتِي بمالم يَأْتِ بِهِ غَيره وسَاق مَا ينشرح لَهُ صُدُور الراغبين فِي أَخذ مذاهبهم عَن الدَّلِيل وأظنها سرت إِلَيْهِ بركَة ملازمته لشيخه ابْن تَيْمِية فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْقِيَام مَعَه فِي محنه ومؤاساته بِنَفسِهِ وَطول تردده إِلَيْهِ
فَإِنَّهُ مَا زَالَ ملازما لَهُ من سنة 712 إِلَى تَارِيخ وَفَاته الْمُتَقَدّم فِي تَرْجَمته
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ أحد من قَامَ بنشر السنة وَجعلهَا بَينه وَبَين الآراء المحدثة أعظم جنَّة فرحمه الله وجزاه عَن الْمُسلمين خيرا
وَحكى عَنهُ قبل مَوته بِمدَّة أَنه رأى شَيْخه ابْن تَيْمِية فِي الْمَنَام وَأَنه سَأَلَهُ عَن مَنْزِلَته أي منزلَة الشَّيْخ فَقَالَ إنه أنزل فَوق فلَان وسمى بعض الأكابر وَقَالَ لَهُ وَأَنت كدت تلْحق بِهِ وَلَكِن أَنْت فِي طبقَة ابْن خُزَيْمَة وَمَات فِي ثَالِث شهر رَجَب سنة 751 إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَأورد لَهُ ابْن حجر أبياتا وهي
(بني أَبى بكر كثير ذنُوبه ... فَلَيْسَ على من نَالَ من عرضه إثم
بني أَبى بكر غَدا متصدرا ... تعلم علما وَهُوَ لَيْسَ لَهُ علم)
بني أَبى بكر جهول بِنَفسِهِ ... جهول بِأَمْر الله أنى لَهُ الْعلم
بني أَبى بكر يروم ترقيا ... إِلَى جنَّة المأوى وَلَيْسَ لَهُ عزم
بني أَبى بكر لقد خَابَ سَعْيه ... إِذا لم يكن فِي الصَّالِحَات لَهُ سهم
بني أَبى بكر كَمَا قَالَ ربه ... هلوع كنُود وَصفه الْجَهْل وَالظُّلم
بني أَبى بكر وَأَمْثَاله غَدَتْ ... بفتواهم هَذِه الخليقة تأتم)
وَلَيْسَ لَهُ فِي الْعلم بَاعَ وَلَا التقى ... وَلَا الزّهْد وَالدُّنْيَا لديهم هي الْهم
بني أَبى بكر غَدا متمنيا ... وصال المعالي والذنُوب لَهُ هم
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني

 

 

مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَيُّوب بن سعد الزرعي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْفَقِيه الأصولي الْمُفَسّر النَّحْوِيّ الْعَارِف شمس الدّين أبي عبد الله ابْن قيم الجوزية
سمع من القَاضِي تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان وَفَاطِمَة بنت جَوْهَر وَعِيسَى الْمطعم وَأبي بكر بن عبد الدايم وَجَمَاعَة
وتفقه فِي الْمَذْهَب وَأفْتى ولازم الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَأخذ عَنهُ وتفنن فِي عُلُوم الْإِسْلَام كَانَ عَارِفًا بالتفسير وبأصول الدّين وَالْفِقْه وَله اعتناء بِعلم الحَدِيث والنحو وَعلم الْكَلَام والسلوك وَقد أثنى عَلَيْهِ الذَّهَبِيّ ثَنَاء كثيرا
وَقَالَ ابْن برهَان الدّين الزرعي مَا تَحت أَدِيم السَّمَاء أوسع علما مِنْهُ ودرس بالصدرية وَغَيرهَا وأوقف كتبا حسانا فِي عُلُوم شَتَّى وَتُوفِّي لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث عشرى رَجَب سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بالجامع الْأمَوِي وَدفن الْغَد بمقبرة بَاب الصَّغِير وشيعه خلق كثير وَرويت لَهُ منامات حَسَنَة رَحْمَة الله
المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد - إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبي إسحاق، برهان الدين.

 

 

ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة
محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزُّرْعي الدمشقيّ، أبو عبد الله، شمس الدين:
من أركان الإصلاح الإسلامي، وأحد كبار العلماء. مولده ووفاته في دمشق. تتلمذ لشيخ الإسلام ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شئ من أقواله، بل ينتصر له في جميع ما يصدر عنه. وهو الّذي هذب كتبه ونشر علمه، وسجن معه في قلعة دمشق، وأهين وعذب بسببه، وطيف به على جمل مضروبا بالعصى. وأطلق بعد موت ابن تيمية. وكان حسن الخلق محبوبا عند الناس، أغري بحب الكتب، فجمع منها عددا عظيما، وكتب بخطه الحسن شيئا كثيرا. وألّف تصانيف كثيرة منها
(إعلام الموقعين - ط) و (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط) و (شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط) . و (كشف الغطاء عن حكم سماع الغناء - خ) (ذكر في خلال جزولة 2: 81) كتب حوالي سنة 800 هـ و (أحكام أهل الذمة - ط) جزان، و (شرح الشروط العمرية - ط) مجرد منه و (تحفة المودود بأحكام المولود - ط) . و (مفتاح دار السعادة - ط) و (زاد المعاد - ط) و (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة - خ) طبع مختصره لمحمد الموصلي، و (الكافية الشافية - ط) منظومة في العقائد، شرحها أحمد بن عيسى النجدي في كتاب (شرح نونية ابن القيم - ط) و (أخبار النساء - ط) وفي نسبته إليه شك، و (مدارج السالكين - ط) ثلاثة مجلدات، و (رسالة في اختيارات تقي الدين ابن تيمية - خ) و (كتاب الفروسية - ط) و (تفسير المعوذتين - ط) و (طب القلوب - خ) و (الوابل الصيّب من الكلم الطيب - ط) و (الروح - ط) و (الفوائد - ط) و (روضة المحبين - ط) و (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط) في ذكر الجنة، و (إغاثة اللهفان - ط) و (إجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية - ط) و (الجواب الكافي - ط) ويسمى (الداء والدواء) و (التبيان في أقسام القرآن - ط) و (طريق الهجرتين - ط) و (عدة الصابرين - ط) و (هداية الحيارى - ط) . ولمحمد أويس الندوي كتاب (التفسير القيم، للإمام ابن القيم - ط) استخرجه من مؤلفاته .
-الاعلام للزركلي-

 

 

محمد بن أبي بكر بنِ أيوبَ، الدرعيُّ، الدمشقيُّ، شمسُ الدين، ابنُ القَيِّم.
قال ابن رجب: الفقيه الأصولي النحوي المفسر العارف، شمس الدين، أبو عبد الله، شيخُنا، سمع من الشهاب النابلسي، وفاطمة بنت جوهر، وأبي بكر بن عبد الدائم، وجماعة، وتفقه في المذهب، وبرع وأفتى، ولازم الشيخ تقي الدين بن تيمية، وأخذ عنه، وتفنن في علوم الإسلام، وكان عارفًا بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول الدين، وإليه فيها المنتهى، وبالحديث ومعانيه وفقهه، ودقائق الاستنباط منه، لا يلحق في ذلك، وبالفقه وأصوله، وبالعربية، وله فيها اليد الطولى، وبعلم الكلام، وغير ذلك، وكان عالمًا بعلم السلوك، وكلام أهل التصوف وإشاراتهم ودقائقهم، له في كل فن من هذه الفنون اليد الطولى.
وكان ذا عبادة وتهجُّد، وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتألُّهٌ ولهجٌ بذكر، وشغف بالمحبة والإنابة، والافتقار إلى الله تعالى، والانكسار له، والاطراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهد مثلَه في ذلك، ولا رأيت أوسعَ منه علمًا، ولا أعرفَ بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو بالمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله.
وقد امتحن وأُوذي مرات، وحُبس مع الشيخِ تقي الدين في المرة الأخيرة منفردًا عنه، ولم يُفرج عنه إلا بعد موت الشيخ، وكان مدةَ حبسه مشتغلاً بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر، ففُتح عليه من ذلك خيرٌ كثير، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف، والدخول في غوامضهم، وتصانيفه ممتلئة بذلك، وحج مرات كثيرة، وجاور بمكة.
قال: ولازمتُ مجالسه قبل موته سنة، وسمعتُ عليه قصيدته النونية الطويلة في السنة، وأشياء من تصانيفه، وغيرها، وأخذ عنه العلمَ خلقٌ كثير من حياة شيخه وإلى أن مات، وانتفعوا به، وكان الفضلاء يعظمونه، ويتلمذون له؛ كابن عبد الهادي، وغيره.
قال القاضي برهان الدين الزرعي: ما تحتَ أديم السماء أوسعُ علمًا منه، صنف في أنواع العلم، وكان شديد المحبة للعلم، وكتابته ومطالعته وتصنيفه، واقتناء كتبه، واقتنى من الكتب ما لم يحصل لغيره، ثم ذكر تصانيفه زيادة على ثلاثين كتابًا، منها: "شرح منازل السائرين" (الشرح المذكور سماه "مدارج السالكين" وهذا الشرح يفوق على الشروح كلها.)، وكتاب "زاد المعاد"، وكتاب "إعلام الموقعين عن رب العالمين"، وكتاب "حادي الأرواح"، وكتاب "مفتاح دار السعادة" وكتاب "تفضيل مكة على المدينة"، وكتاب "الصراط المستقيم في أحكام أهل الجحيم"، وكتاب "رفع اليدين في الصلاة"، وكتاب "نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول"، قال: توفي - رحمه الله - ليلة الخميس ثالث عشرين رجب سنة 751، وشيعه خلق كثير، ورئيت له منامات كثيرة حسنة، قال ابن رجب: قرأ عليَّ شيخُنا الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب، وأنا أسمع هذه القصيدة من نظمه في أول كتابه "صفة الجنة":
وما ذاكَ إلا غيرةً أن ينالَها ... سوى كُفْوِها والربُّ بالخلقِ أعلمُ
إلى آخرها، قلت: ولقد لخصت كتابه هذا في صفة الجنة، وفيه هذه القصيدة بتمامها، سميته: "مثير ساكن الغرام إلى روضات دار السلام". والشيخ العلامة ابن رجب ختم كتابه "الطبقات" على ترجمة شيخه ابن القيم، وعلى هذه القصيدة له - رحمه الله تعالى -، وقد أورد في "الطبقات" جماعة عظيمة من أهل الحديث والسنة البالغين إلى درجة الإمامة والاجتهاد، ويعبر عنهم تارة بقوله: كان أثري المذهب، وتارة بقوله: كان على طريقة السلف، وتارة بما في معنى هذه الألفاظ، أخذت منه في هذا المختصر تراجم جمع من المحدثين بالإيجاز، وتركت كثيرًا منهم خشية الإطالة، وبالله التوفيق.
قال العلامة الشوكاني في "البدر الطالع" في ترجمة الحافظ ابن القيم - رحمه الله تعالى -: العلامة الكبير، المجتهد المطلق، ولد سنة 691، قرأ على المجد الحراني، وابن تيمية، ودرَّس بالصدرية، وأمَّ بالجوزية، وأخذ الأصول عن الصفي الهندي، وابن تيمية أيضًا، وبرع في جميع العلوم، وفاق الأقران، واشتهر في الآفاق، وتبحر في معرفة مذاهب السلف، وغلب عليه حب ابن تيمية؛ حتى كان لا يخرج عن شيء من أقواله، بل ينتصر له في جميع ذلك، وهو الذي نشر علمه بما صنفه من التصانيف الحسنة المقبولة، واعتُقل مع ابن تيمية، وأُهين، وطيف به على جمل مضروبًا بالدرة.
فلما مات ابن تيمية، أُفرج عنه، وامتحُن محنة أخرى بسبب فتاوى ابن تيمية، وكان ينال من علماء عصره، وينالون منه.
قال الذهبي في "المعجم المختص": حُبس مدةً لإنكار شد الرحل لزيارة الخليل، ثم تصدر للاشتغال ونشر العلم، ولكنه معجب برأيه جرى على أمور، انتهى.
قلت: بل كان يتقيد بالأدلة الصحيحة، معجبًا بالعمل بها، غيرَ معوِّل على الرأي، صادعًا بالحق، لا يحابي فيه أحدًا، ونعمَتْ تلك الجرأة، وكان مغرًى بجمع الكتب، فحصل منها ما لا يحصى، وله من التصانيف: "الهدي"، و"إعلام الموقعين"، و"بدائع الفوائد"، و"جلاء الأفهام"، و"مصائد الشيطان"، و"الداء والدواء"، و"كتاب الصلاة"، و"كتاب تحفة النازلين بجوار رب العالمين"، و"الصواعق المرسَلَة على الجهمية والمعطلة" في مجلدات، وكتاب "نزهة المشتاقين وروضة المحبين"، وكتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزوة الفرقة الجهمية"، و"عدة الصابرين"، و"الفتح القدسي"، و"أقسام القرآن"، و"أيمان القرآن"، وكتاب "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان". ذكر له نعمان ترجمته في "الروضة الغناء"، وقال: الأصولي النحوي المفسر، المفنن في علوم كثيرة، دفن تجاه المدرسة الصابونية، وبني على قبره قبة، انتهى. وقال السخاوي: العلامة الحجة، المتقدم في سعة العلم، ومعرفة الخلاف، وقوة الجنان، ورئيس أصحاب ابن تيمية الإمام، بل هو حسنة من حسناته، والمجمع عليه بين المخالف والموافق، وصاحب التصانيف السائرة، والمحاسن الجمة، انتفع به الأئمة، ودرَّس بأماكن، ثم سرد تصانيفه، فذكر منها اثنين وخمسين كتابًا، قال: وله نظم كثير، ثم ذكر منه شيئًا، قال: ورئيت له منامات صالحة كثيرة، انتهى.
وغالب هذه الكتب عندي موجود، وله تصانيف كثيرة سوى ذلك، مثل: "قضاء وقدر"، و"طرق السعادتين"، و"مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - "، و"نونية"، وغير ذلك.
قال الشوكاني: وكل تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف، وله من حسن التصرف في الكلام، مع العذوبة الزائدة، وحسن السياق، ما لا يقدر عليه غالبُ المصنفين؛ بحيث تعشق الأفهام كلامه، وتميل إليه الأذهان، وتحبه القلوب، وليس له على غير الدليل معوَّل في الغالب، وقد يميل نادرًا إلى مذهبه الذي نشأ عليه، ولكنه لا يتجاسر على الدفع في وجوه الأدلة بالمحامل الباردة؛ كما يفعله غيره من المتمذهبين، بل لا بد له من مستند في ذلك، وغالب أبحاثه الإنصاف، والميلُ مع الدليل حيث مال، وعدمُ التعويل على القيل والقال، وإذا استوعب الكلام في بحث، وطول ذيوله، أتى بما لم يأت به غيره، وساق ما تنشرح له صدور الراغبين في أخذ مذاهبهم عن الدليل، وأظنه سرت بركة ملازمته لشيخه ابن تيمية في السراء والضراء، والقيام معه في محنه ومواساة بنفسه، وطول تردده إليه، فإنه ما زال ملازمًا له من سنة 712 إلى تاريخ وفاته.
وبالجملة: فهو واحدُ مَنْ قام بنشره السنة، وجعلها بينه وبين الآراء المحدثة أعظمَ جُنة، فرحمه الله، وجزاه عن المسلمين خيرًا. وحكي عنه قبل موته بمدة: أنه رأى شيخه ابن تيمية في المنام، وأنه سأله عن منزلته - أي منزله -؟ فقال: إنه أنزل فوق فلان - وسمى بعض الأكابر -، وقال له: أنت تلحق به، ولكن أنت في طبقة ابن خزيمة، ومات في ثالث شهر رجب سنة 751، انتهى - رحمه الله تعالى -.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

ابن القيم الجوزية: محمد بن أبي بكر بن أيوب أبي عبد الله شمس الدين من أعلام ألامه,واحد أركان الإصلاح, مفسر,فقيه, لغوي, محّدث, أصولي, تتلمذ على شيخ الإسلام ابن تيمية ولازمه, له مصنفات عده منها زاد المعاد,أعلام الموقعين, توفي سنة إحدى وخمسين وسبعمائة, ينظر: البداية والنهاية 14/234, والنجوم الزاهرة 10/209, وشذرات الذهب 6/168