محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزابادي اللغوي أبي الطاهر مجد الدين

أبي عبد الله

تاريخ الولادة729 هـ
تاريخ الوفاة817 هـ
العمر88 سنة
مكان الولادةكازرون - إيران
مكان الوفاةزبيد - اليمن
أماكن الإقامة
  • شيراز - إيران
  • فارس - إيران
  • فيروز أباد - إيران
  • كازرون - إيران
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • العراق - العراق
  • بغداد - العراق
  • واسط - العراق
  • الهند - الهند
  • اليمن - اليمن
  • زبيد - اليمن
  • صعدة - اليمن
  • بلاد الروم - بلاد الروم
  • بلاد الشام - بلاد الشام
  • حلب - سوريا
  • حماة - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • الرملة - فلسطين
  • القدس - فلسطين
  • غزة - فلسطين
  • بعلبك - لبنان
  • مصر - مصر

نبذة

مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن أبي بكر بن أَحْمد بن مَحْمُود بن إِدْرِيس بن فضل الله بن الشَّيْخ أبي إِسْحَق إِبْرَهِيمُ بن عَليّ بن يُوسُف بن عبد الله الْمجد أَبُو الطَّاهِر وَأَبُو عبد الله بن السراج أبي يُوسُف بن الصَّدْر أبي إِسْحَق بن الحسام بن السراج الفيروزابادي الشِّيرَازِيّ اللّغَوِيّ الشَّافِعِي. / ولد فِي ربيع الآخر وَقيل فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بكازرون من أَعمال شيراز وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع وجود الْخط

الترجمة

مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن أبي بكر بن أَحْمد بن مَحْمُود بن إِدْرِيس بن فضل الله بن الشَّيْخ أبي إِسْحَق إِبْرَهِيمُ بن عَليّ بن يُوسُف بن عبد الله الْمجد أَبُو الطَّاهِر وَأَبُو عبد الله بن السراج أبي يُوسُف بن الصَّدْر أبي إِسْحَق بن الحسام بن السراج الفيروزابادي الشِّيرَازِيّ اللّغَوِيّ الشَّافِعِي. / ولد فِي ربيع الآخر وَقيل فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بكازرون من أَعمال شيراز وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع وجود الْخط ثمَّ نقل فِيهَا كتابين من كتب اللُّغَة وانتقل إِلَى شيراز وَهُوَ ابنثمان وَأخذ اللُّغَة وَالْأَدب عنوالده ثمَّ عَن القوام عبد الله بن مَحْمُود بن النَّجْم وَغَيرهمَا من عُلَمَاء شيراز وَسمع فِيهَا على الشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي الصَّحِيح بل قَرَأَ عَلَيْهِ جَامع التِّرْمِذِيّ هُنَاكَ درسا بعد درس فِي شهور سنة خمس وَأَرْبَعين، وارتحل إِلَى الْعرَاق فَدخل وَاسِط وَقَرَأَ بهَا القراآت الْعشْر على الشهَاب أَحْمد بن عَليّ الديواني ثمَّ دخل بَغْدَاد فِي السّنة الْمَذْكُورَة فَأخذ عَن التَّاج مُحَمَّد بن السباك والسراج عمر بن عَليّ الْقزْوِينِي خَاتِمَة أَصْحَاب الرشيد بن أبي الْقسم وَعَلِيهِ سمع الصَّحِيح أَيْضا بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْمَشَارِق للصغاني والمحيوي مُحَمَّد بن العاقولي وَنصر الله بن مُحَمَّد بن الكتبي والشرف عبد الله بن بكتاش وَهُوَ قَاضِي بَغْدَاد ومدرس النظامية وَعمل عِنْده معيدها سِنِين، ثمَّ ارتحل إِلَى دمشق فَدَخلَهَا سنة خمس وَخمسين فَسمع بهَا من النقي السُّبْكِيّ وَأكْثر من مائَة شيخ مِنْهُم ابْن الخباز وَابْن الْقيم وَمُحَمّد بن إمعيل بن الْحَمَوِيّ وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن المرداوي وَأحمد بن مظفر النابلسي وَيحيى بن عَليّ بن مجلي بن الْحداد الْحَنَفِيّ وَغَيرهم ببعلبك وحماة وحلب وبالقدس من العلائي والبياني والتقي القلقشندي وَالشَّمْس السعودي وَطَائِفَة وقطن بِهِ نَحْو عشر سِنِين وَولي بِهِ تداريس وتصادير وَظَهَرت فضائله وَكثر الْأَخْذ عَنهُ فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ الصّلاح الصَّفَدِي وأوسع فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ، ثمَّ دخل الْقَاهِرَة بعد أَن سمع بغزة والرملة فَكَانَ مِمَّن لقِيه بهَا الْبَهَاء بن عقيل وَالْجمال الأسنوي وَابْن هِشَام وَسمع من الْعِزّ بن جمَاعَة والقلانسي والمظفر الْعَطَّار وناصر الدّين التّونسِيّ وناصر الدّين الفارقي وَابْن نباتة والعرضي وَأحمد بن مُحَمَّد الجزائري وَسمع بِمَكَّة من الضياء خَلِيل الْمَالِكِي واليافعي والتقي الْحرَازِي وَنور الدّين الْقُسْطَلَانِيّ وَجَمَاعَة، وجال فِي الْبِلَاد الشمالية والمشرقية وَدخل الرّوم والهند وَلَقي جمعا جما من الْفُضَلَاء وَحمل عَنْهُم شَيْئا كثيرا تجمعهم مشيخته تَخْرِيج الْجمال بن مُوسَى المراكشي وَقَالَ فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ أَن من مشايخه من أَصْحَاب الْفَخر ابْن البُخَارِيّ والنجيب الْحَرَّانِي وَابْن عبد الدَّائِم والشرف الدمياطي الجم الْغَفِير وَالْجمع الْكثير من مَشَايِخ الْعرَاق وَالشَّام ومصر وَغَيرهَا وَأَن من مروياته الْكتب السِّتَّة وَسنَن الْبَيْهَقِيّ ومسند أَحْمد وصحيح ابْن حبَان ومصنف ابْن أبي شيبَة وَقَرَأَ البُخَارِيّ بِجَامِع الْأَزْهَر فِي رَمَضَان سنة خمس وَخمسين على نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أبي الْقسم الفارقي وسَمعه على الشَّمْس مُحَمَّد السعودي بِقِرَاءَة الشهَاب أبي مَحْمُود الْحَافِظ وبدمشق على الْعِزّ بن الْحَمَوِيّ، وَقَرَأَ بعضه على التقي إِسْمَعِيل القلقشندي والحافظ أبي سعيد العلائي، وَقَرَأَ مُسلما على الْبَيَانِي بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فِي أَرْبَعَة عشر مَجْلِسا وعَلى نَاصِر الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن جهبل بِدِمَشْق تجاه نعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَلَاثَة أَيَّام وَبَعضه قِرَاءَة وسماعا على ابْن الخباز والعز بن جمَاعَة والنجم أبي مُحَمَّد عبد الرَّحِيم بن إِبْرَهِيمُ بن هبة الله بن الْبَارِزِيّ وأخيه الزين أبي حَفْص وناصر الدّين الفارقي وجميعه سَمَاعا على الْجمال أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْمُعْطِي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام تجاه الْكَعْبَة وَسمع سنَن أبي دَاوُد على أبي حَفْص عمر بن عُثْمَان بن سَالم بن خلف وَأبي إِسْحَق إِبْرَهِيمُ بن مُحَمَّد بن يُونُس بن القواس وَقَرَأَ التِّرْمِذِيّ أَيْضا على ابْن قيم الضيائية والنجم أبي مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ وَابْن مَاجَه ببعلبك على الْخَطِيب الصفي أبي الْفَضَائِل عبد الْكَرِيم والعز بن المظفر والمصابيح على حَمْزَة بن مُحَمَّد كَمَا أوضحته فِي التَّارِيخ الْكَبِير ثمَّ دخل زبيد فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين وَبعد وَفَاة قَاضِي الْأَقْضِيَة بِالْيمن كُله الْجمال الريمي شَارِح التَّنْبِيه فَتَلقاهُ الْملك الْأَشْرَف إِسْمَعِيل بِالْقبُولِ وَبَالغ فِي إكرامه وَصرف لَهُ ألف دِينَار سوى ألف كَانَ أَمر نَاظر عدن بتجهيزه بهَا وَاسْتمرّ مُقيما فِي كنفه على نشر الْعلم فَكثر الِانْتِفَاع بِهِ وَبعد مُضِيّ سنة وأزيد من شَهْرَيْن أضَاف إِلَيْهِ قَضَاء الْيمن كُله وَذَلِكَ فِي أول ذِي الْحجَّة سنة سبع وَتِسْعين بعد ابْن عجيل فارتفق بالْمقَام فِي تهَامَة وقصده الطّلبَة وقرؤا عَلَيْهِ الحَدِيث السُّلْطَان فَمن دونه فاستقرت قدمه بزبيد مَعَ الِاسْتِمْرَار فِي وظيفته إِلَى حِين وَفَاته وَهِي مُدَّة تزيد على عشْرين سنة بَقِيَّة حَيَاة الْأَشْرَف ثمَّ وَلَده النَّاصِر أَحْمد، وَكَانَ الْأَشْرَف قد تزوج ابْنَته لمزيد جمَالهَا ونال مِنْهُ برا ورفعة بِحَيْثُ أَنه صنف لَهُ كتابا وأهداه لَهُ على الطباق فملأها لَهُ دَرَاهِم، وَفِي أثْنَاء هَذِه الْمدَّة قدم مَكَّة أَيْضا مرَارًا فجاور بهَا وبالمدينة النَّبَوِيَّة والطائف وَعمل فِيهَا مآثر حَسَنَة لَو تمت. وَكَانَ يحب الانتساب إِلَى مَكَّة مقتديا بالرضى الصغاني فَيكْتب بِخَطِّهِ الملتجئ إِلَى حرم الله تَعَالَى وَلم يقدر لَهُ قطّ أَنه دخل بَلَدا إِلَّا وأكرمه متوليها وَبَالغ مثل شاه مَنْصُور بن شُجَاع صَاحب تبريز والأشرف صَاحب مصر والأشرف صَاحب الْيمن وَابْن عُثْمَان ملك الرّوم وَأحمد بن أويس صَاحب بَغْدَاد وتمرلنك الطاغية وَغَيرهم، واقتنى من ذَلِك كتبا نفيسة، حَتَّى نقل الْجمال الْخياط أَنه سمع النَّاصِر أَحْمد بن إِسْمَعِيل يَقُول أَنه سَمعه يَقُول اشْتريت بِخَمْسِينَ ألف مِثْقَال ذَهَبا كتبا، وَكَانَ لَا يُسَافر إِلَّا وصحبته مِنْهَا عدَّة أحمال وَيخرج أَكْثَرهَا فِي كل منزلَة فَينْظر فِيهَا ثمَّ يُعِيدهَا إِذا ارتحل وَكَذَا كَانَت لَهُ دنيا طائلة وَلكنه كَانَ يَدْفَعهَا إِلَى من يمحقها بالإسراف فِي صرفهَا بِحَيْثُ بملق أَحْيَانًا وَيحْتَاج لبيع بعض كتبه فَلذَلِك لم يُوجد لَهُ بعد وَفَاته مَا كَانَ يظنّ بِهِ.
وصنفت الْكثير فَمن ذَلِك كَمَا كتبه بِخَطِّهِ مَعَ إدراجي فِيهِ أَشْيَاء عَن غَيره فِي التَّفْسِير بصائر ذَوي التَّمْيِيز فِي لطائف الْكتاب الْعَزِيز مجلدان وتنوير المقياس فِي تَفْسِير ابْن عَبَّاس أَربع مجلدات وتيسير فَاتِحَة الإياب فِي تَفْسِير فَاتِحَة الْكتاب مُجَلد كَبِير والدر النظيم المرشد إِلَى مَقَاصِد الْقُرْآن الْعَظِيم وَحَاصِل كورة الْخَلَاص فِي فَضَائِل سُورَة الْإِخْلَاص وَشرح قُطْبَة الحساف فِي شرح خطْبَة الْكَشَّاف. وَفِي الحَدِيث والتاريخ شوارق الْأَسْرَار الْعلية فِي شرح مَشَارِق الْأَنْوَار النَّبَوِيَّة أرعب مجلدات ومنح الْبَارِي بالشيح الفسيح المجاري فِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ كمل ربع الْعِبَادَات مِنْهُ فِي عشْرين مجلدة ويخمن تَمَامه فِي أَرْبَعِينَ مجلدا وعمدة الْحُكَّام فِي شرح عُمْدَة الْأَحْكَام مجلدان وامتضاض السهاد فِي افتراض الْجِهَاد مُجَلد والإسعاد بالإصعاد إِلَى دَرَجَة الْجِهَاد ثَلَاث مجلدات والنفحة العنبرية فِي مولد خير الْبَريَّة وَالصَّلَاة والبشر فِي الصَّلَاة على خير الْبشر والوصل والمنى فِي فضل منى والمغانم المطابة فِي معالم طابة ومهيج الغرام إِلَى الْبَلَد الْحَرَام وإثارة الْحجُون لزيارة الْحجُون قَالَ إِنَّه عمله فِي لَيْلَة كَمَا فِي خطبَته وأحاسن اللطائف فِي محَاسِن الطَّائِف وَفصل الدرة من الخرزة فِي فضل السَّلامَة على الجنزة قَرْيَتَانِ بوادي الطَّائِف وروضة النَّاظر فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ عبد الْقَادِر والمرقاة الوفية فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة أَخذهَا من طَبَقَات عبد الْقَادِر الْحَنَفِيّ وَالْبُلغَة فِي تراجم أَئِمَّة النُّحَاة واللغة وَالْفضل الوفي فِي الْعدْل الأشرفي ونزهة الأذهان فِي تَارِيخ أَصْبَهَان فِي مُجَلد وَتعين الغرفات للمعين على عين عَرَفَات ومنية السول فِي دعوات الرَّسُول والتجاريح فِي فوئد مُتَعَلقَة بِأَحَادِيث المصابيح وتسهيل طَرِيق الْوُصُول إِلَى الْأَحَادِيث الزَّائِدَة على جَامع الْأُصُول عمله وَكَذَا الْأَحَادِيث الضعيفة وَهُوَ فِي مجلدات للناصر وكراسة فِي علم الحَدِيث والدر الغالي فِي الْأَحَادِيث العوالي وسفر السَّعَادَة والمتفق وضعا والمختلف صقعا وَفِي اللُّغَة وَغَيرهَا اللامع الْمعلم العجاب الْجَامِع بَين الْمُحكم والعباب وزيادات امْتَلَأَ بهَا الوطاب واعتلي مِنْهَا الْخطاب ففاق كل مؤلف هَذَا الْكتاب يقدر تَمَامه فِي مائَة مُجَلد كل مُجَلد يقرب من صِحَاح الْجَوْهَرِي فِي الْمِقْدَار رَأَيْت بِخَطِّهِ أَيْضا أَنه كمل مِنْهُ مجاليد خَمْسَة والقاموس الْمُحِيط والقابوس الْوَسِيط الْجَامِع لما ذهب من لُغَة الْعَرَب شماطيط فِي جزءين ضخمين وَهُوَ عديم النظير ومقصود ذَوي الْأَلْبَاب فِي علم الْأَعْرَاب مُجَلد وتحبير الموشين فِيمَا يُقَال بِالسِّين والشين أَخذه عَنهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي الْحَافِظ وَنقل عَنهُ أَنه تتبع أَوْهَام الْمُجْمل لِابْنِ فَارس فِي ألف مَوضِع مَعَ تَعْظِيمه لِابْنِ فَارس وثنائه عَلَيْهِ والمثلث الْكَبِير فِي خمس مجلدات وَالصَّغِير وَالرَّوْض المسلوف فِيمَا لَهُ اسمان إِلَى أُلُوف والدرر المبثثة فِي الْغرَر الْمُثَلَّثَة وبلاغ التَّلْقِين فِي غرائب اللعين وتحفة القماعيل فِيمَن يُسمى من الْمَلَائِكَة وَالنَّاس إِسْمَعِيل وَأَسْمَاء السراح فِي أَسمَاء النِّكَاح وَأَسْمَاء الغادة فِي أَسمَاء الْعَادة والجليس الأنيس فِي أَسمَاء الخندريس فِي مُجَلد وأنواء الْغَيْث فِي أَسمَاء اللَّيْث وَأَسْمَاء الْحَمد وترقيق الأسل فِي تصفيق الْعَسَل فِي كراريس ومزاد المزاد وَزَاد الْمعَاد فِي وزن بَانَتْ سعاد وَشَرحه فِي مُجَلد والنخب الطرائف فِي النكت الشرائف إِلَى غَيرهَا من مُخْتَصر ومطول. قَالَ التقي الْكرْمَانِي: كَانَ عديم النظير فِي زَمَانه نظما ونثرا بالفارسي والعربي جاب الْبِلَاد وَسَار إِلَى الْجبَال والوهاد ورحل وَأطَال النجعة وَاجْتمعَ بمشايخ كَثِيرَة عزيزة وَعظم بالبلاد أَقَامَ بدهلك مُدَّة عظمه سلطانها وبالروم مُدَّة وبجله ملكهَا وبفارس وَغَيرهَا وَورد بَغْدَاد فِي حُدُود سنة أَربع وَخمسين وَاجْتمعَ بوالدي وَقَرَأَ عَلَيْهِ ورحل مَعَه إِلَى الشَّام ثمَّ إِلَى مصر وسمعا بِالْقَاهِرَةِ الصَّحِيح على الفارقي وفارقه وَالِدي فحج وَرجع إِلَى بَغْدَاد وَأقَام الْمجد بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة ثمَّ بالقدس ثمَّ بِالشَّام ثمَّ جاور بِمَكَّة مُدَّة عشر سِنِين أَو أَكثر وصنف بهَا تصانيف مِنْهَا شرح البُخَارِيّ سَمَّاهُ منح الْبَارِي وأظن أَنه لم يكمل والقاموس مطولا فِي مجلدات عديدة ثمَّ أمره وَالِدي باختصاره فاختصر فِي مُجَلد ضخم وَفِيه فَوَائِد عَظِيمَة وفرائد كَرِيمَة واعتراضات على الْجَوْهَرِي وَكَانَ كثير الاعتناء بتصانيف الصغاني وَيَمْشي على نهجه وَيتبع طَرِيقه ويقتدي بصنيعه حَتَّى فِي الْمُجَاورَة بِمَكَّة، وَفِي الْجُمْلَة كَانَ جملَة حَسَنَة وَفِي الآخر ورد بَغْدَاد من مَكَّة فِي حُدُود نَيف وَثَمَانِينَ وَاجْتمعَ بوالدي أَيْضا ثمَّ ذهب إِلَى الْهِنْد ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ ورد بَغْدَاد سنة ونيف وَتِسْعين بعد وَفَاة وَالِدي ولازمته أَيْضا واستفدت مِنْهُ شَيْئا كثيرا ثمَّ سَافر إِلَى بِلَاد فَارس ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة بعد أَن اجْتمع بتمرلنك فِي شيراز وعظمه وأكرمه وَوَصله بِنَحْوِ مائَة ألف دِرْهَم ثمَّ توجه إِلَى مَكَّة من طَرِيق الْبَحْر ثمَّ دخل بِلَاد الْيمن أَنه لم يزل فِي ازدياد من علو الوجاهة والمكانة ونفوذ الشَّفَاعَة والمكانة ونفوذ الشَّفَاعَة والأوامر على قُضَاة الْأَمْصَار ورام فِي سنة تسع وَتِسْعين التَّوَجُّه لمَكَّة فَكتب إِلَى السُّلْطَان مَا مِثَاله وَمِمَّا ينهيه إِلَى الْعُلُوم الشَّرِيفَة أَنه غبر خَافَ عَلَيْكُم ضعف أقل العبيد ورقة جِسْمه ودقة بنيته وعلو سنه وَقد آل أمره إِلَى أَن صَار كالمسافر الَّذِي تحزم وانتقل إِذْ وَهن الْعظم بل وَالرَّأْس اشتعل وتضعضع السن وتقعقع الشن فَمَا هُوَ إِلَّا عِظَام فِي جراب وبنيان مشرف على خراب وَقد ناهز الْعشْر الَّتِي تسميها الْعَرَب دقاقة الرّقاب وَقد مر على المسامع الشَّرِيفَة غير مرّة فِي صَحِيح البُخَارِيّ قَول سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بلغ الْمَرْء سِتِّينَ سنة فقد أعذر الله إِلَيْهِ فَكيف من نَيف على السّبْعين وأشرف على الثَّمَانِينَ وَلَا يجمل بِالْمُؤمنِ أَن تمْضِي عَلَيْهِ أَربع سِنِين وَلَا يَتَجَدَّد لَهُ شوق وعزم إِلَى بَيت رب الْعَالمين وزيارة سيد الْمُرْسلين وَقد ثَبت فِي الحَدِيث النَّبَوِيّ ذَلِك وَأَقل العبيد لَهُ سِتّ سِنِين عَن تِلْكَ المسالك وَقد غلب عَلَيْهِ الشوق حَتَّى جلّ عمره عَن الطوق وَمن أقْصَى أمْنِيته أَن يجدد الْعَهْد بِتِلْكَ الْمعَاهد ويفوز مرّة أُخْرَى بتقبيل تِلْكَ الْمشَاهد وسؤاله من المراحم الحسنية الصَّدَقَة عَلَيْهِ بتجهيزه فِي هَذِه الْأَيَّام مُجَردا عَن الأهالي والأقوامقبل اشتداد الْحر وَغَلَبَة الأوام فَإِن الْفَصْل أطيب وَالرِّيح أزيب وَمن الْمُمكن أَن يفوز الْإِنْسَان بِإِقَامَة شهر فِي كل حرم ويحظى بالتملي من مهابط الرَّحْمَة وَالْكَرم وَأَيْضًا كَانَ من عَادَة الْخُلَفَاء سلفا وخلفا أَنهم كَانُوا يبردون الْبَرِيد عمدا قصدا لتبليغ سلامهم إِلَى حَضْرَة سيد الْمُرْسلين صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ مدَدا فَاجْعَلْنِي جعلني الله فدَاك ذَاك الْبَرِيد فَلَا أَتَمَنَّى شَيْئا سواهُ وَلَا أُرِيد:
(شوقي إِلَى الْكَعْبَة الغراء قد زادا ... فاستحمل القلص الوجادة الزادا)

(وَاسْتَأْذَنَ الْملك المنعام زيد علا ... واستودع الله أصحابا وأولادا)
فَلَمَّا وصل هَذَا إِلَى السُّلْطَان كتب فِي طرة الْكِتَابَة مَا مِثَاله: صدر الْجمال الْمصْرِيّ على لساني مَا يحققه لَك شفاها أَن هَذَا شَيْء لَا ينْطق بِهِ لساني وَلَا يجْرِي بِهِ قلمي فقد كَانَت الْيَمين عميا فاستنارت فَكيف يُمكن أَن تتقدم وَأَنت تعلم أَن الله تَعَالَى قد أَحْيَا بك مَا كَانَ مَيتا من الْعلم فبالله عَلَيْك إِلَّا مَا وهبت لنا بَقِيَّة هَذَا الْعُمر وَالله يَا مجد الدّين يَمِينا بارة أَنِّي أرى فِرَاق الدُّنْيَا وَنَعِيمهَا وَلَا فراقك أَنْت الْيمن وَأَهله. وَذكره التقي الفاسي فَقَالَ: وَكَانَت لَهُ بِالْحَدِيثِ عناية غير قَوِيَّة وَكَذَا بالفقه وَله تَحْصِيل فِي فنون من الْعلم سِيمَا اللُّغَة فَلهُ فِيهَا الْيَد الطُّولى وَألف فِيهَا تواليف حَسَنَة مِنْهَا الْقَامُوس وَلَا نَظِير لَهُ فِي كتب اللُّغَة لِكَثْرَة مَا حواه من الزِّيَادَات على الْكتب الْمُعْتَمدَة كالصحاح، قلت وَقد ميز فِيهِ زياداته عَلَيْهِ فَكَانَت غَايَة فِي الْكَثْرَة بِحَيْثُ لَو أفردت لجاءت قدر الصِّحَاح أَو أَكثر فِي عدد الْكَلِمَات وَأما مَا نبه عَلَيْهِ من أَوْهَامه فشيء كثير أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْهَامِش بصفر وأعراه من الشواهد اختصارا، وَنبهَ فِي خطبَته على الِاكْتِفَاء عَن قَوْله مَعْرُوف بِحرف الْمِيم وَعَن مَوضِع بِالْعينِ وَعَن الْجمع بِالْجِيم وَعَن جمع الْجمع بجج وَعَن الْقرْيَة بِالْهَاءِ وَعَن الْبَلَد بِالدَّال وَضبط ذَلِك بالنظم بَعضهم بل أثنى على الْكتاب الْأَئِمَّة نظما ونثرا وَتعرض فِيهِ لأكْثر أَلْفَاظ الحَدِيث والرواة وَوَقع لَهُ فِي ضبط كثيرين خطأ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ التقي الفاسي فِي ذيل التَّقْيِيد لم يكن بالماهر فِي الصَّنْعَة الحديثية وَله فِيمَا يَكْتُبهُ من الْأَسَانِيد أَوْهَام وَأما شَرحه على البُخَارِيّ فقد ملأَهُ بِغَرَائِب المنقولات سِيمَا أَنه لما اشتهرت بِالْيمن مقَالَة ابْن عَرَبِيّ وغلبت على عُلَمَاء تِلْكَ الْبِلَاد صَار يدْخل فِي شَرحه من قبوحاته الهلكية مَا كَانَ سَببا لشين الْكتاب الْمَذْكُور، وَلذَا قَالَ شَيخنَا أَنه رأى الْقطعَة الَّتِي كملت مِنْهُ فِي حَيَاة مُؤَلفه وَقد أكلتها الأرضة بكمالها بِحَيْثُ لَا يقدر على قِرَاءَة شَيْء مِنْهَا قَالَ وَلم أكن أَتَّهِمهُ بالمقالة الْمَذْكُورَة إِلَّا أَنه كَانَ يحب المداراة وَلَقَد أظهر لي إنكارها والغض مِنْهَا، ثمَّ ذكر الفاسي أَنه ذكر أَنه ألف شرح الْفَاتِحَة فِي لَيْلَة وَاحِدَة فَكَأَنَّهُ غير الْمشَار إِلَيْهِ وَكَذَا ألف ترقيق الأسل فِي لَيْلَة عِنْد مَا سَأَلَهُ بَعضهم عَن الْعَسَل هَل هُوَ قيء النحلة أَو خرؤها فَكَأَنَّهُ غير المتداول لكَونه فِي نَحْو نصف مُجَلد وَأَنه وقف على مُؤَلفه فِي علم الحَدِيث بِخَطِّهِ وَأَنه ذكر فِي مُؤَلفه فِي فضل الْحجُون من دفن فِيهِ من الصَّحَابَة مَعَ كَونهم لم يُصَرح فِي تراجمهم من كتب الصَّحَابَة بذلك بل وَمَا رَأَيْت وَفَاة كلهم بِمَكَّة فَإِن كَانَ فِي دفنهم بِهِ قَول من قَالَ أَنهم نزلُوا مَكَّة فَذَلِك غير لَازم لكَوْنهم كَانُوا يدفنون فِي أَمَاكِن مُتعَدِّدَة. وَقَالَ أَيْضا إِن النَّاس استغربوا مِنْهُ انتسابه للشَّيْخ أبي إِسْحَق وَكَذَا لأبي يكر الصّديق، وَلذَا قَالَ شَيخنَا لم أزل أسمع مَشَايِخنَا يطعنون فِي انتسابه إِلَى الشَّيْخ أبي إِسْحَق مستندين إِلَى أَن أَبَا إِسْحَق لم يعقب قَالَ ثمَّ ارْتقى دَرَجَة فَادّعى بعد أَن ولى الْقَضَاء بِالْيمن بِمدَّة طَوِيلَة أَنه من ذُرِّيَّة أبي بكر الصّديق وَصَارَ يكْتب بِخَطِّهِ مُحَمَّد الصديقي وَلم يكن مدفوعا عَن معرفَة إِلَّا أَن النَّفس تأبى قبُول ذَلِك، وَقَالَ الْجمال بن الْخياط فِيمَا نَقله عَن خطّ الذَّهَبِيّ فِي الشَّيْخ أبي إِسْحَق أَنه لم يتأهل ظنا وَكَذَا أنكر عَلَيْهِ غَيره تَصْدِيقه بِوُجُود رتن الْهِنْدِيّ وإنكاره قَول الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان أَنه لَا وجود لَهُ وَيَقُول أَنه دخل قريته وَرَأى ذُريَّته وهم مطبقون على تَصْدِيقه قَالَ الفاسي وَله شعر كثير فِي بعضه قلق لجلبه فِيهِ ألفاظا لغوية عويصة ونثره أَعلَى وَكَانَ كثير الاستحضار لمستحسنات من الشّعْر والحكايات وَله خطّ جيد مَعَ الْإِسْرَاع وَسُرْعَة حفظ بَلغنِي عَنهُ أَنه قَالَ مَا كنت أَنَام حَتَّى أحفظ مِائَتي سطر وَقَالَ أَن أول قدومه مَكَّة فِيمَا علم سنة سِتِّينَ ثمَّ فِي سنة سبعين وَأقَام بهَا خمس سِنِين أَو سِتا مُتَوَالِيَة وتكرر قدومه لَهَا وارتحل مِنْهَا إِلَى الطَّائِف وَكَانَ لَهُ فِيهِ بُسْتَان وَكَذَا أنشأ بِمَكَّة دَارا على الصَّفَا عَملهَا مدرسة للأشرف صَاحب الْيمن وَقرر بهَا مدرسين وطلبة وَفعل بِالْمَدِينَةِ كَذَلِك ثمَّ أعرض عَن ذَلِك بعد موت الْأَشْرَف وَله بمنى وَغَيرهَا دور، وَحدث بِكَثِير من تصانيفه ومروياته سمع مِنْهُ الْجمال بن ظهيرة وروى عَنهُ فِي حَيَاته وَمَات قبله بِشَهْر.
وترجمه الصّلاح الأقفهسي فِي مُعْجم الْجمال بقوله: كتب عَنهُ الصّلاح الصَّفَدِي وَبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وجال فِي الْبِلَاد وَلَقي الْمُلُوك والأكابر ونال وجاهة ورفعة وصنف التصانيف السائرة كالقاموس وَغَيره وَولي قَضَاء الْأَقْضِيَة بِبِلَاد الْيمن وَقدم مَكَّة وجاور بهَا مُدَّة وابتنى بهَا دَارا.
وَطول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته وَقَالَ أَن آخر مَا اجْتمع بِهِ فِي مَكَّة سنة تسعين وقرأت عَلَيْهِ بعض مصنفاته وناولني قاموسه وأجازني وأفادني. وَكَذَا لقِيه شَيخنَا بزبيد فِي سنة ثَمَانمِائَة وَتَنَاول مِنْهُ أَكثر الْقَامُوس وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَسمع مِنْهُ أَشْيَاء وَأوردهُ فِي مُعْجَمه وأنبائه وقرض لشَيْخِنَا تَعْلِيق التَّعْلِيق وعظمه جدا والتقي الفاسي وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَشْيَاء وَأوردهُ فِي تَارِيخ مَكَّة وذيل التَّقْيِيد والبرهان الْحلَبِي أَخذ عَنهُ تحبير الموشين فِي آخَرين مِمَّن أخذت عَنْهُم كالموفق الأبي والتقي بن فَهد وَأَرْجُو إِن تَأَخّر الزَّمَان يكون آخر أَصْحَابه موتا على رَأس الْقرن الْعَاشِر، وَمِمَّنْ تَرْجمهُ ابْن خطيب الناصرية لَكِن بِاخْتِصَار جدا والتقي بن قَاضِي شُهْبَة وَغَيرهمَا. مَاتَ وَقد متع بسمعه وحواسه فِي لَيْلَة عشرى شَوَّال سنة سبع عشرَة بزبيد وَقد ناهز التسعين وَكَانَ يَرْجُو وَفَاته بِمَكَّة فَمَا قدر رَحمَه الله وإيانا. أَنْشدني شَيْخي بِالْقَاهِرَةِ والموفق الأبي بِمَكَّة قَالَ كل مِنْهُمَا أَنْشدني الْمجد لنَفسِهِ مِمَّا كتبه عَنهُ الصَّفَدِي فِي سنة سبع وَخمسين:
(أحبتنا الأماجد إِن رحلتم ... وَلم ترعوا لنا عهدا وَإِلَّا)

(نودعكم ونودعكم قلوبا ... لَعَلَّ الله يجمعنا وَإِلَّا)
وَعِنْدِي فِي تَرْجَمته بِأول مَا كتبته من الْقَامُوس فَوَائِد مِنْهَا قَول الأديب المفلق نور الدّين عَليّ)
بن مُحَمَّد بن العليف العكي العدناني الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَقد قَرَأَ عَلَيْهِ الْقَامُوس
(مذ مد مجد الدّين فِي أَيَّامه ... من بعض أبحر علمه القاموسا)

(ذهبت صِحَاح الْجَوْهَرِي كَأَنَّهَا ... سحر الْمَدَائِن حِين ألْقى موس:)

ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.

 

وَمِنْهُم الْمولى الْفَاضِل صَاحب الْقَامُوس وَهُوَ مجد الدّين ابو طَاهِر مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ الفيروز ابادي
وَكَانَ ينتسب الى الشَّيْخ ابي اسحق الشِّيرَازِيّ صَاحب التَّنْبِيه وَرُبمَا يرفع نسبه الى ابي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ يكْتب بِخَطِّهِ الصديقي دخل بلادالروم واتصل بِخِدْمَة السُّلْطَان الْمَذْكُور ونال عِنْده مرتبَة وجاها واعطاه السُّلْطَان الْمَذْكُور مَالا جزيلا واعطاه الامير تيمورخان خَمْسَة آلَاف دِينَار ثمَّ جال الْبِلَاد شرقا وغربا وَأخذ من علمائها حَتَّى برع فِي الْعُلُوم كلهَا سِيمَا الحَدِيث وَالتَّفْسِير واللغة وَله تصانيف كَثِيرَة تنيف على اربعين مصنفا واجل مصنفاته اللامع الْمعلم العجاب الْجَامِع بَين الْمُحكم والعباب وَكَانَ تَمَامه فِي سِتِّينَ مجلدة ثمَّ لخصها فِي مجلدتين وسمى ذَلِك الملخص بالقاموس الْمُحِيط وَله تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم وَشرح البُخَارِيّ والمشارق وَكَانَ رَحمَه الله لَا يدْخل بَلْدَة الا وأكرمه واليها وَكَانَ سريع الْحِفْظ وَكَانَ يَقُول لَا أَنَام الا واحفظ مِائَتي سطر وَكَانَ كثير الْعلم والاطلاع على المعارف العجيبة وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ آيَة فِي الْحِفْظ والاطلاع والتصنيف ولد سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بكارزين وَتُوفِّي قَاضِيا بزبيد من بِلَاد الْيمن لَيْلَة الْعشْرين من شَوَّال سنة سِتّ اَوْ سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَهُوَ ممتع بحواسه وَدفن بتربة الشَّيْخ اسمعيل الجبرتي وَهُوَ آخر من مَاتَ من الرؤساء الَّذين انْفَرد كل مِنْهُم بفن فاق فِيهِ اقرانه على رَأس الْقرن الثَّامِن وهم الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله وَالشَّيْخ زين الدّين الْعِرَاقِيّ فِي الحَدِيث وَالشَّيْخ سراج الدّين بن الملقن فِي كَثْرَة التصانيف فِي فن الْفِقْه والْحَدِيث وَالشَّيْخ شمس الدّين الفناري فِي الِاطِّلَاع على كل الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية والعربية وَالشَّيْخ ابو عبد الله بن عَرَفَة فِي فقه الْمَالِكِيَّة وَفِي سَائِر الْعُلُوم بالمغرب وَالشَّيْخ مجد الدّين الشِّيرَازِيّ فِي اللُّغَة رَحِمهم الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة

الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.

 

مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن أَبى بكر بن أَحْمد ابْن مَحْمُود بن ادريس بن فضل الله ابْن الشَّيْخ أَبى اسحاق إِبْرَاهِيم ابْن علي بن يُوسُف بن عبد الله الْمجد أَبُو طَاهِر الفيروزباذى
الشيرازى اللغوي الشافعي الإِمَام الْكَبِير الماهر فِي اللُّغَة وَغَيرهَا من الْفُنُون ولد سنة 729 تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بكازرون من أَعمال شيراز فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع سِنِين وَحفظ كتابا من اللُّغَة وانتقل إِلَى الشيراز وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين وَأخذ عَن وَالِده وَعَن القوام عبد الله ابْن النَّجْم وَغَيرهمَا من عُلَمَاء شيراز وَسمع على مُحَمَّد بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ وارتحل إِلَى الْعرَاق وَدخل وَاسِط وَقَرَأَ بهَا القراآت الْعشْر ثمَّ دخل بَغْدَاد فَأخذ عَن التَّاج بن السباك والسراج عمر بن علي القزويني وَغَيرهمَا ثمَّ ارتحل إِلَى دمشق فَدَخلَهَا سنة 755 فَسمع من التقي السبكي وَجَمَاعَة زِيَادَة على مائَة كَابْن الْقيم وطبقته وَدخل بعلبك وحماه وحلب والقدس وَسمع من جمَاعَة من أهل هَذِه الْجِهَات وَاسْتقر بالقدس نَحْو عشر سِنِين ودرس وتصدر وَظَهَرت فضائله وَكثر الْأَخْذ عَنهُ وتتلمذ لَهُ جمَاعَة من الأكابر كالصلاح الصفدي ثمَّ دخل الْقَاهِرَة فلقي بهَا جمَاعَة كالعز بن جمَاعَة والأسنوي وَابْن هِشَام والبهاء بن عقيل وَحج فَسمع بِمَكَّة من اليافعي وَغَيره وجال فِي الْبِلَاد الشمالية والمشرقية وَدخل الروم والهند ولقي جمعا من الْفُضَلَاء

وَحمل عَنْهُم شَيْئا كثيرا ثمَّ دخل الْيمن فوصل إِلَى زبيد فِي سنة 796 بعد وَفَاة قاضي الْأَقْضِيَة بِالْيمن كُله الْجمال الريمي شَارِح التَّنْبِيه فَتَلقاهُ الْملك الْأَشْرَف إِسْمَاعِيل بِالْقبُولِ وَبَالغ فِي إكرامه وَصرف لَهُ ألف دِينَار سوى ألف كَانَ أَمر نَاظر عدن يجهزه بهَا وَاسْتمرّ مُقيما لَدَيْهِ ينشر الْعلم فَكثر الِانْتِفَاع بِهِ وَبعد مضي نَحْو سنة أضاف إِلَيْهِ قَضَاء الْيمن كُله بعد ابْن عجيل فقصده الطّلبَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ السُّلْطَان فَمن دونه فِي الحَدِيث وَاسْتقر قدمه بزبيد إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ السُّلْطَان الْأَشْرَف قد تزوج ابْنَته لمزيد جمَالهَا ونال مِنْهُ برا ورفعة بِحَيْثُ صنف لَهُ كتابا وأهداه على أطباق فملأها لَهُ دَرَاهِم وَفِي أثْنَاء هَذِه الْمدَّة قدم مَكَّة مرَارًا فجاور بهَا وبالمدينة وطائف وَعمل مآثر حَسَنَة وَكَانَ زَائِد الْحَظ مَقْبُولًا عِنْد السلاطين فَلم يدْخل بَلَدا إِلَّا وأكرمه صَاحبهَا مَعَ كَثْرَة دُخُوله إِلَى الممالك وَمن جملَة الْمُكرمين لَهُ تيمورلنك وسلطان الروم ابْن عُثْمَان وشاه مَنْصُور صَاحب تبريز وَأحمد ابْن أويس صَاحب بَغْدَاد والأشرف صَاحب الْيمن وَغَيرهم وَوصل إِلَيْهِ من عطاياهم شَيْء كثير فاقتنى من ذَلِك كتبا نفيسة حَتَّى قَالَ إنه اشْترى مِنْهَا بِخَمْسِينَ ألف مِثْقَال من الذَّهَب وَكَانَ لَا يُسَافر إِلَّا وَمَعَهُ مِنْهَا عدَّة أحمال وَيخرج أَكْثَرهَا فِي كل منزل فَينْظر فِيهَا ثمَّ يُعِيدهَا وَكَانَت لَهُ دنيا طائلة وَلكنه كَانَ لَا يَدْفَعهَا إِلَى من يسرف فِي إنفاقها بِحَيْثُ أنه قد يملق أَحْيَانًا فيبيع بعض كتبه
وَله مصنفات كَثِيرَة نافعة مِنْهَا فِي التَّفْسِير لطائف ذوي التَّمْيِيز فِي لطائف الْكتاب الْعَزِيز فِي مجلدات وتنوير المقباس فِي تَفْسِير ابْن عَبَّاس أَربع مجلدات وتيسير فَاتِحَة الإياب فِي تَفْسِير فَاتِحَة الْكتاب

فِي مُجَلد كَبِير والدر النظيم المرشد إِلَى مَقَاصِد الْقُرْآن الْعَظِيم وَحَاصِل كورة الْخَلَاص فِي فَضَائِل سُورَة الْإِخْلَاص وَشرح قُطْبَة الخشاف فِي شرح خطْبَة الْكَشَّاف وَفِي الحَدِيث والتاريخ شوارق الْعلية فِي شرح مَشَارِق الْأَنْوَار النَّبَوِيَّة أَربع مجلدات وَفتح البارى فِي شرح صَحِيح البخارى وَلَعَلَّ ابْن حجر لم يسمع بذلك حَيْثُ سمي شَرحه بِهَذَا الِاسْم كمل مِنْهُ نَحْو عشْرين مجلدا وَكَانَ يقدر اتمامه فِي أَرْبَعِينَ وعمدة الْحُكَّام فِي شرح عُمْدَة الْأَحْكَام فِي مجلدات وامتضاض السهاد فِي افتراض الْجِهَاد فِي مُجَلد والإسعاد بالإصعاد إِلَى دَرَجَة الِاجْتِهَاد ثَلَاث مجلدات والمرقاة الوفية فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة وَالْبُلغَة فِي تراجم أَئِمَّة النُّحَاة واللغة وَالْفضل الوفى فِي الْعدْل الأشرفى ونزهة الأذهان فِي تَارِيخ أَصْبَهَان وتسهيل طَرِيق الْفُصُول فِي الْأَحَادِيث الزَّائِدَة على جَامع الْأُصُول وَالْأَحَادِيث الضعيفة والدر الغالى فِي الْأَحَادِيث العوالى وسفر السَّعَادَة والمتفق وضعا والمختلف صقعا وَفِي اللُّغَة اللامع الْمعلم العجاب الْجَامِع بَين الْمُحكم والعباب وزيادات امْتَلَأَ بهَا الوطاب وَكَانَ يقدر تَمَامه فِي مائَة مُجَلد كل مُجَلد يقرب من صِحَاح الجوهرى والقاموس الْمُحِيط والقابوس الْوَسِيط الْجَامِع لما ذهب من لُغَة الْعَرَب شماطيط فِي مجلدين وَهُوَ كتاب لَيْسَ لَهُ نَظِير وَقد انْتفع بِهِ النَّاس وَلم

يلتفتوا بعده إِلَى غَيره وَالْمَقْصُود لذوى الْأَلْبَاب من علم الْإِعْرَاب وتحبير الموشين فِيمَا يُقَال بِالسِّين والشين والمثلث الْكَبِير فِي خمس مجلدات وَالصَّغِير وَالرَّوْض المسلوف فِيمَن لَهُ اسمان إِلَى ألوف وَغير ذَلِك من المصنفات الْكَثِيرَة الواسعة الشهيرة
قَالَ التقي الكرماني كَانَ عديم النظير فِي زَمَانه نظما ونثرا بالفارسي والعربي وَكَانَ كثير الِاقْتِدَاء بالصنعاني مَاشِيا على طَرِيقَته تَابعا لمنهجه حَتَّى فِي كَثْرَة المحاورة وَحكى الخزرجي أنه رام التَّوَجُّه فِي سنة 799 إِلَى مَكَّة فَكتب إِلَى السُّلْطَان مَا مِثَاله
وَمِمَّا ينهيه إِلَى الْعُلُوم الشَّرِيفَة أنه غير خَافَ عَلَيْكُم ضعف أقل العبيد ورقة جِسْمه ودقة بنيته وعلو سنه
وَقد آل أمره إِلَى أَن صَار كالمسافر الذي تحزم وانتقل
إِذْ وَهن الْعظم بل وَالرَّأْس اشتعل
وتضعضع السن وتقعقع الشن
فَمَا هُوَ إِلَّا عِظَام فِي جراب وبنيان مشرف على الخراب وَقد ناهز الْعشْر الَّتِى تسميها الْعَرَب دقاقة الرقاب
وَقد مر على المسامع الشَّرِيفَة غير مرة فِي صَحِيح البخاري قَول سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بلغ الْمَرْء سِتِّينَ سنة فقد أعذر الله إِلَيْهِ فَكيف من نَيف على السّبْعين وأشرف على الثَّمَانِينَ
وَلَا يجهل بالمومن أَن تمضي عَلَيْهِ ارْبَعْ سِنِين
وَلَا يَتَجَدَّد لَهُ شوق وعزم إِلَى بَيت رب الْعَالمين وزيارة سيد الْمُرْسلين وَقد ثَبت فِي الحَدِيث النبوي ذَلِك وَأَقل العبيد لَهُ سِتّ سِنِين عَن تِلْكَ المسالك وَقد غلب عَلَيْهِ الشوق حَتَّى جل عمره عَن الطوق وَمن أقْصَى أمْنِيته أَن يجدد الْعَهْد بِتِلْكَ الْمعَاهد ويفوز مرة أُخْرَى بتقبيل تِلْكَ الْمشَاهد
وسؤاله من المراحم الْحَسَنَة الصَّدَقَة عَلَيْهِ بتجهيزه فِي هَذِه

الْأَيَّام مُجَردا عَن الأهالي والأقوام قبل اشتداد الْحر وَغَلَبَة الأوام
فَإِن الْفَصْل أطيب وَالرِّيح أزيب وَمن الْمُمكن أَن يفوز الْإِنْسَان بإقامة شهر فِي كل حرم ويحظى بالتملي فِي مهابط الرَّحْمَة وَالْكَرم
وَأَيْضًا كَانَ من عَادَة الْخُلَفَاء سلفا وخلفأ وَأَنَّهُمْ كَانُوا ببردون الْبَرِيد عمدا قصد التَّبْلِيغ سلامهم إِلَى حَضْرَة سيد الْمُرْسلين فاجعلني جعلني الله فدَاك ذَلِك الْبَرِيد فَلَا أَتَمَنَّى شَيْئا سواهُ وَلَا أَزِيد
(شوقي إِلَى الْكَعْبَة الغراء قد زادا ... فاستحمل القلص الوخادة الزادا)
(وَاسْتَأْذَنَ الْملك المنعام زيد على ... واستودع الله أصحاباً وأولادا)
فَلَمَّا وصل هَذَا إِلَى السُّلْطَان كتب فِي طرة الْكتاب مَا مِثَاله
صدر الْجمال المصري على لساني مَا يحققه لَك شفاها إن هَذَا شَيْء لَا ينْطق بِهِ لساني وَلَا يجري بِهِ قلمي فَلَقَد كَانَت الْيمن عمياء فاستنارت فَكيف يُمكن أَن تتقدم وَأَن تعلم أَن الله قد أحيى بك مَا كَانَ مَيتا من الْعلم فبالله عَلَيْك إِلَّا مَا وهبت لَهُ بَقِيَّة هَذَا الْعُمر وَالله يَا مجد الدَّين يَمِينا بارة إني أرى فِرَاق الدُّنْيَا وَنَعِيمهَا وَلَا فراقك أَنْت الْيمن وَأَهله انْتهى وَفِي هَذَا الْكَلَام عِبْرَة للمعتبرين من أفاضل السلاطين بتعظيم قدر عُلَمَاء الدَّين وَقد أَخذ عَنهُ الأكابر فِي كل بِلَاد وصل إِلَيْهَا وَمن جملَة تلامذته الْحَافِظ بن حجر والمقريزي والبرهان الحلبي وَمَات ممتعا بسمعه وحواسه فِي لَيْلَة عشْرين من شَوَّال سنة 817 سبع عشرَة وثمان مائَة بزبيد وَقد ناهز التسعين

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني

 

مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب بن محمد الشيرازي الفيروزابادى كذا ذكر فى نسبه صاحب الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية وقال برع في العلوم كلها سيما الحديث والتفسير واللغة دخل بلاد الروم واتصل بخدمة مراد خان ونال عنده رتبة وجاهًا واعطاه السلطان المذكور مالًا ثم جال البلاد شرقًا وغربًا وله تصانيف تنيف على أربعين وأجلها اللامع العباب وكان تمامه في ستين مجلدًا ثم لخصه وسماه القاموس وله تفسير القرآن وشرح البخارى وشرح المشارق ولد بكازرون سنة 729 وتوفي قاضيًا بزبيد سنة 817 أو سنة 816 وهو آخر من مات من الرؤساء الذين انفرد كل منهم بفن على رأس القرن الثامن وهم الشيخ سراج الدين البلقينى في الفقه الشافعي وزين الدين العراقي فى الحديث وسراج الدين بن الملقن في كثرة التصانيف وشمس الدين الفناري في الاطلاع على كل العلوم العقلية والنقلية والعربية والشيخ أبو عبيد الله بن عرفة في فقه الملكية وفي سائر العلوم العربية والمجد الشيرازى في اللغة انتهى كلامه .. قلت قدم أن الفناري مات سنة 933 فكيف يكون المجد آخرهم موتاً.

 الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي.

 

محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر، أبو طاهر، مجد الدين الشيرازي الفيروزآبادي:
من أئمة اللغة والأدب. ولد بكارزين (بكسر الراء وتفتح) من أعمال شيراز. وانتقل إلى العراق، وجال في مصر والشام، ودخل بلاد الروم والهند. ورحل إلى زبيد (سنة 796 هـ فأكرمه ملكها الأشرف إسماعيل وقرأ عليه، فسكنها وولي قضاءها. وانتشر اسمه في الآفاق، حتى كان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير، وتوفي في زبيد.
أشهر كتبه (القاموس المحيط - ط) أربعة أجزاء. و (المغانم المطابة في معالم طابة - ط) القسم الجغرافي منه، حققه ونشره حمد الجاسر، وبقية الكتاب مخطوطة عنده. وينسب للفيروزابادي (تنوير المقباس في تفسير ابن عباس - ط) وله (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ط) و (نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان) و (الدرر الغوالي في الأحاديث العوالي) و (الجليس الأنيس في أسماء الخندريس - خ) و (سفر السعادة - ط) في الحديث والسيرة النبويّة و (المرقاة الوفية في طبقات الحنفية - خ) وكان شافعيا، و (البلغة في تاريخ أئمة اللغة - خ) و (تحبير الموشين في ما يقال بالسين والشين - ط) و (المثلث المتفق المعنى - خ) و (الإشارات إلى ما في كتب الفقه من الأسماء والأماكن واللغات - خ) و (نغبة الرشاف من خطبة الكشاف - خ) رسالة. وكان قوي الحافظة، يحفظ مئة سطر كل يوم قبل أن ينام. وللشيخ رمضان بن موسى العطيفي (ريّ الصادي في ترجمة الفيروزآبادي - خ) ذكره تيمور .

-الاعلام للزركلي-
 

محمد بن يعقوب بنِ محمدٍ، مجدُ الدين، أبو الطاهر، الفيروز آباديُّ، اللغويُّ، الشافعيُّ، الإمامُ الكبير الماهرُ في اللغة وغيرها من الفنون.
قال في "البدر الطالع": ولد سنة 729، بكازرون من أعمال شيراز، وارتحل إلى العراق، ودخل واسط، ثم بغداد، ثم دمشق، وسمع بها من التقيِّ السبكيِّ وجماعةٍ زيادة على المئة؛ كابن القيم وطبقته، ودخل بعلبك، وحماة، وحلب، والقدس، وسمع من أهل هذه الجهات، واستقر بالقدس نحو عشر سنين، ودرَّس، وتصدَّر، وظهرت فضائلُه، وكثر الأخذ عنه. وتلمذ له جماعةٌ من الأكابر؛ كالصلاح الصفدي، وجال في البلاد الشمالية والمشرقية، ودخل الروم والهند، ثم دخل اليمن، فوصل إلى "زَبيد" بعد وفاة الجمال الريمي في سنة 799، فتلقاه الملك الأشرفُ إسماعيلُ بالقبول، وبالغ في إكرامه، وأضاف إليه قضاء اليمن كله، وقرأ عليه السلطان ومَنْ دونه في الحديث، واستقر قدمه في "زبيد" إلى أن مات، وكان السلطان الأشرف قد تزوج ابنته؛ لمزيد جمالها، ونال منه برًا ورفعة، وفي أثناء هذه المدة قدم مكةَ مرارًا، فجاور بها وبالمدينة والطائف، واقتنى كتبًا نفيسة، حتى قال: إنه اشترى منها بخمسين ألفَ مثقالٍ من الذهب.

وله مصنفات كثيرة، منها: في التفسير "لطائف ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز"، في مجلدات. و"الدر النظيم المرشد إلى مقاصد القرآن العظيم". وفي الحديث "فتح الباري في شرح صحيح البخاري"، ولعل ابنَ حجر لم يسمع بذلك؛ حيث سمى شرحه بهذا الاسم، كمل منه نحو عشرين مجلدًا، وكان يقدر تمامه في أربعين مجلدًا. و"امتضاض السهاد في افتراض الجهاد"، في مجلد. و"الإسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد"، ثلاث مجلدات. و"تسهيل طريق الوصول في الأحاديث الزائدة على جامع الأصول"، و"الأحاديث الضعيفة"، و"الدر الغالي في الأحاديث العوالي"، و"سفر السعادة"، و"القاموس"، وهو كتاب نفيس ليس له نظير، وقد انتفع به الناس، ولم يلتفتوا بعده إلى غيره. قال التقي الكرماني: كان عديمَ النظير في زمانه نظمًا ونثرًا بالفارسي. وحكى الخزرجي: أنه رامَ التوجُّهَ في سنة 799 إلى مكة، فكتب إلى السلطان ما مثاله: ومما ينهيه إلى العلوم الشريفة: أنه غيرُ خافٍ عليكم ضعفُ أقلِّ العبيد، ورقَّةُ جسمه، ودقة بنيته، وعلوُّ سنه، وقد آل أمره إلى أن صار كالمسافر الذي تحزم وانتقل، إذ وَهَنَ العظمُ والرأسُ اشتعل، وتضعضع السن وتقعقع الشن، فما هو إلا عظام في جراب، وبنيان مشرف على خراب، وقد ناهز العشر التي تسميها العرب دقاقة الرقاب.
وقد مر على المسامع الشريفة غير مرة في "صحيح البخاري" قولُ سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغَ المرءُ ستين سنة، فقد أعذرَ اللهُ إليه"، فكيف من نيف على السبعين، وأشرف على الثمانين، ولا يَجْمُل بالمؤمن أن يمضي عليه أربعُ سنين، ولا يتجدد له شوقٌ وعزم إلى بيت رب العالمين، وزيارة سيد المرسلين.
وقد ثبت في الحديث النبوي ذلك، وأقلُّ العبيد له ستُّ سنين عن تلك المسالك، وقد غلب عليه الشوق، حتى جل عمره عن الطوق، ومن أقصى أمنيته أن يجدِّدَ العهد بتلك المعاهد، ويفوز مرة أخرى بتقبيل تلك المشاهد، وسؤاله من المراحم الحسنة، الصدقةُ عليه بتجهيزه في هذه الأيام مجردًا عن الأهالي والأقوام، قبلَ اشتداد الحَرِّ وغلبة الأُوام، فإن الفصل أطيب، والريح أزيب، ومن الممكن أن يفوز الإنسان بإقامة شهر في كل حرم، ويحظى في مهابط الرحمة والكرم، وأيضًا كان من عادة الخلفاء - سلفًا وخلفًا - أنهم كانوا يرددون البريد عمدًا قصدًا لتبليغ سلامهم إلى حضرة سيد المرسلين، فاجعلني - الله فداك - ذلك البريد، فلا أتمنى شيئًا سواه ولا أريد.
شوقي إلى الكعبةِ الغراءِ قد زادا ... واستحملَ القلسَ الوَخَّادَةَ الزادا
واستأذنَ المَلِكَ المِنْعامَ زيد على ... واستودعَ الله أصحابًا وأولادا
فلما وصل هذا إلى السلطان، كتب في طرة الكتاب ما مثاله: صدرَ الجمالِ المصريَّ! على لساني ما يحققه لك شفاهًا، إن هذا شيء لاينطق به لساني، ولا يجري به قلمي، فقد كانت اليمن عمياء فاستنارت، فكيف يمكن أن تتقدم، وأنت تعلم أن الله قد أحيا بك ما كان ميتًا من العلم، فبالله عليك إلا ما وهبت له بقيةَ هذا العمر، والله! يا مجد الدين! يمينًا بارة، إني أرى فراق الدنيا ونعيمها، ولا فراقك، أنت اليمن وأهله، انتهى.
قال الشوكاني - رح -: وفي هذا الكلام عبرة للمعتبرين من أفاضل السلاطين بتعظيم قدر علماء الدين، وقد أخذ عنه الأكابر في كل بلد وصل إليه، ومن جملة تلامذته: الحافظُ ابنُ حجر، والمَقْريزي، والبرهانُ الحلبي، ومات ممتعًا بسمعه وحواسه في ليلة عشرين شوال سنة 817، انتهى كلام الشوكاني في "البدر الطالع" - رحمه الله تعالى -.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم الشيرازى الفيروزبادى .
العلامة، مجد الدين، أبو طاهر، صاحب «القاموس».
ولد سنة 729 بكازرون.
قال ابن حجر: كان يرفع نسبه إلى الشيخ أبى إسحاق الشيرازى، وطعن الناس فى ذلك مستندين إلى أن الشيخ لم يعقب.
سمع ابن الخباز، وابن القيّم، وتقىّ الدين السبكى، وابن نباتة، وخليلا المالكى.

وكان لا يسافر إلا ومعه عدّة أحمال من الكتب وكان يقول: «ما كنت أنام حتى أحفظ مائتى سطر» وكان إذا أملق باع كتبه.
ومن تآليفه: «القاموس» و «فتح البارى بالسّيح الفسيح الجارى، فى شرح صحيح البخارى» (قال ابن حجر: ملأه بغرائب النقول، ولما اشتهرت مقالة ابن عربى باليمن صار يدخل منها فيه، فشانه، ولم يكن متهما بالمقالة المذكورة، إلا أنه كان يحب المداراة. قال السيوطى: وقد أخذ ابن حجر منه اسمه، وسمى به شرح البخارى: تأليفه) و «تسهيل الوصول، إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول» و «الروض المسلوف، فيما له اسمان إلى ألوف» و «مقصود ذوى الألباب، فى علم الإعراب» و «شرح خطبة الكشاف» و «شرح عمدة الأحكام» وأشياء كثيرة.
منها: شرح الفاتحة، المتفق وضعا المختلف صنعا، من تسمى بإسماعيل، أسماء النكاح، أسماء الليث، أسماء الخندريس، بصائر ذوى التمييز، فى لطائف الكتاب العزيز، التجاريح فى فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح، الدر الغالى فى الأحاديث العوالى، المرقاة الأرفعية فى طبقات الشافعية، المرقاة الوفية فى طبقات الحنفية». راجع ترجمته وتآليفه فى بغية الوعاة 117 - 118، وهدية العارفين 2/ 180 - 181، والضوء اللامع 10/ 79 - 86، وشذرات الذهب 7/ 126 - 131 وفى ش: أن وفاته سنة (810) وهو خطأ؛ لمخالفته الأصول، وفى البغية أن وفاته سنة (816) وهو خطأ كذلك.
توفى ليلة العشرين من شوال عام 817.

ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ‍)