مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن أبي بكر بن أَحْمد بن مَحْمُود بن إِدْرِيس بن فضل الله بن الشَّيْخ أبي إِسْحَق إِبْرَهِيمُ بن عَليّ بن يُوسُف بن عبد الله الْمجد أَبُو الطَّاهِر وَأَبُو عبد الله بن السراج أبي يُوسُف بن الصَّدْر أبي إِسْحَق بن الحسام بن السراج الفيروزابادي الشِّيرَازِيّ اللّغَوِيّ الشَّافِعِي. / ولد فِي ربيع الآخر وَقيل فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بكازرون من أَعمال شيراز وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع وجود الْخط ثمَّ نقل فِيهَا كتابين من كتب اللُّغَة وانتقل إِلَى شيراز وَهُوَ ابنثمان وَأخذ اللُّغَة وَالْأَدب عنوالده ثمَّ عَن القوام عبد الله بن مَحْمُود بن النَّجْم وَغَيرهمَا من عُلَمَاء شيراز وَسمع فِيهَا على الشَّمْس أبي عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ الزرندي الْمدنِي الصَّحِيح بل قَرَأَ عَلَيْهِ جَامع التِّرْمِذِيّ هُنَاكَ درسا بعد درس فِي شهور سنة خمس وَأَرْبَعين، وارتحل إِلَى الْعرَاق فَدخل وَاسِط وَقَرَأَ بهَا القراآت الْعشْر على الشهَاب أَحْمد بن عَليّ الديواني ثمَّ دخل بَغْدَاد فِي السّنة الْمَذْكُورَة فَأخذ عَن التَّاج مُحَمَّد بن السباك والسراج عمر بن عَليّ الْقزْوِينِي خَاتِمَة أَصْحَاب الرشيد بن أبي الْقسم وَعَلِيهِ سمع الصَّحِيح أَيْضا بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْمَشَارِق للصغاني والمحيوي مُحَمَّد بن العاقولي وَنصر الله بن مُحَمَّد بن الكتبي والشرف عبد الله بن بكتاش وَهُوَ قَاضِي بَغْدَاد ومدرس النظامية وَعمل عِنْده معيدها سِنِين، ثمَّ ارتحل إِلَى دمشق فَدَخلَهَا سنة خمس وَخمسين فَسمع بهَا من النقي السُّبْكِيّ وَأكْثر من مائَة شيخ مِنْهُم ابْن الخباز وَابْن الْقيم وَمُحَمّد بن إمعيل بن الْحَمَوِيّ وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن المرداوي وَأحمد بن مظفر النابلسي وَيحيى بن عَليّ بن مجلي بن الْحداد الْحَنَفِيّ وَغَيرهم ببعلبك وحماة وحلب وبالقدس من العلائي والبياني والتقي القلقشندي وَالشَّمْس السعودي وَطَائِفَة وقطن بِهِ نَحْو عشر سِنِين وَولي بِهِ تداريس وتصادير وَظَهَرت فضائله وَكثر الْأَخْذ عَنهُ فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ الصّلاح الصَّفَدِي وأوسع فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ، ثمَّ دخل الْقَاهِرَة بعد أَن سمع بغزة والرملة فَكَانَ مِمَّن لقِيه بهَا الْبَهَاء بن عقيل وَالْجمال الأسنوي وَابْن هِشَام وَسمع من الْعِزّ بن جمَاعَة والقلانسي والمظفر الْعَطَّار وناصر الدّين التّونسِيّ وناصر الدّين الفارقي وَابْن نباتة والعرضي وَأحمد بن مُحَمَّد الجزائري وَسمع بِمَكَّة من الضياء خَلِيل الْمَالِكِي واليافعي والتقي الْحرَازِي وَنور الدّين الْقُسْطَلَانِيّ وَجَمَاعَة، وجال فِي الْبِلَاد الشمالية والمشرقية وَدخل الرّوم والهند وَلَقي جمعا جما من الْفُضَلَاء وَحمل عَنْهُم شَيْئا كثيرا تجمعهم مشيخته تَخْرِيج الْجمال بن مُوسَى المراكشي وَقَالَ فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ أَن من مشايخه من أَصْحَاب الْفَخر ابْن البُخَارِيّ والنجيب الْحَرَّانِي وَابْن عبد الدَّائِم والشرف الدمياطي الجم الْغَفِير وَالْجمع الْكثير من مَشَايِخ الْعرَاق وَالشَّام ومصر وَغَيرهَا وَأَن من مروياته الْكتب السِّتَّة وَسنَن الْبَيْهَقِيّ ومسند أَحْمد وصحيح ابْن حبَان ومصنف ابْن أبي شيبَة وَقَرَأَ البُخَارِيّ بِجَامِع الْأَزْهَر فِي رَمَضَان سنة خمس وَخمسين على نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أبي الْقسم الفارقي وسَمعه على الشَّمْس مُحَمَّد السعودي بِقِرَاءَة الشهَاب أبي مَحْمُود الْحَافِظ وبدمشق على الْعِزّ بن الْحَمَوِيّ، وَقَرَأَ بعضه على التقي إِسْمَعِيل القلقشندي والحافظ أبي سعيد العلائي، وَقَرَأَ مُسلما على الْبَيَانِي بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فِي أَرْبَعَة عشر مَجْلِسا وعَلى نَاصِر الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن جهبل بِدِمَشْق تجاه نعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَلَاثَة أَيَّام وَبَعضه قِرَاءَة وسماعا على ابْن الخباز والعز بن جمَاعَة والنجم أبي مُحَمَّد عبد الرَّحِيم بن إِبْرَهِيمُ بن هبة الله بن الْبَارِزِيّ وأخيه الزين أبي حَفْص وناصر الدّين الفارقي وجميعه سَمَاعا على الْجمال أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْمُعْطِي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام تجاه الْكَعْبَة وَسمع سنَن أبي دَاوُد على أبي حَفْص عمر بن عُثْمَان بن سَالم بن خلف وَأبي إِسْحَق إِبْرَهِيمُ بن مُحَمَّد بن يُونُس بن القواس وَقَرَأَ التِّرْمِذِيّ أَيْضا على ابْن قيم الضيائية والنجم أبي مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ وَابْن مَاجَه ببعلبك على الْخَطِيب الصفي أبي الْفَضَائِل عبد الْكَرِيم والعز بن المظفر والمصابيح على حَمْزَة بن مُحَمَّد كَمَا أوضحته فِي التَّارِيخ الْكَبِير ثمَّ دخل زبيد فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين وَبعد وَفَاة قَاضِي الْأَقْضِيَة بِالْيمن كُله الْجمال الريمي شَارِح التَّنْبِيه فَتَلقاهُ الْملك الْأَشْرَف إِسْمَعِيل بِالْقبُولِ وَبَالغ فِي إكرامه وَصرف لَهُ ألف دِينَار سوى ألف كَانَ أَمر نَاظر عدن بتجهيزه بهَا وَاسْتمرّ مُقيما فِي كنفه على نشر الْعلم فَكثر الِانْتِفَاع بِهِ وَبعد مُضِيّ سنة وأزيد من شَهْرَيْن أضَاف إِلَيْهِ قَضَاء الْيمن كُله وَذَلِكَ فِي أول ذِي الْحجَّة سنة سبع وَتِسْعين بعد ابْن عجيل فارتفق بالْمقَام فِي تهَامَة وقصده الطّلبَة وقرؤا عَلَيْهِ الحَدِيث السُّلْطَان فَمن دونه فاستقرت قدمه بزبيد مَعَ الِاسْتِمْرَار فِي وظيفته إِلَى حِين وَفَاته وَهِي مُدَّة تزيد على عشْرين سنة بَقِيَّة حَيَاة الْأَشْرَف ثمَّ وَلَده النَّاصِر أَحْمد، وَكَانَ الْأَشْرَف قد تزوج ابْنَته لمزيد جمَالهَا ونال مِنْهُ برا ورفعة بِحَيْثُ أَنه صنف لَهُ كتابا وأهداه لَهُ على الطباق فملأها لَهُ دَرَاهِم، وَفِي أثْنَاء هَذِه الْمدَّة قدم مَكَّة أَيْضا مرَارًا فجاور بهَا وبالمدينة النَّبَوِيَّة والطائف وَعمل فِيهَا مآثر حَسَنَة لَو تمت. وَكَانَ يحب الانتساب إِلَى مَكَّة مقتديا بالرضى الصغاني فَيكْتب بِخَطِّهِ الملتجئ إِلَى حرم الله تَعَالَى وَلم يقدر لَهُ قطّ أَنه دخل بَلَدا إِلَّا وأكرمه متوليها وَبَالغ مثل شاه مَنْصُور بن شُجَاع صَاحب تبريز والأشرف صَاحب مصر والأشرف صَاحب الْيمن وَابْن عُثْمَان ملك الرّوم وَأحمد بن أويس صَاحب بَغْدَاد وتمرلنك الطاغية وَغَيرهم، واقتنى من ذَلِك كتبا نفيسة، حَتَّى نقل الْجمال الْخياط أَنه سمع النَّاصِر أَحْمد بن إِسْمَعِيل يَقُول أَنه سَمعه يَقُول اشْتريت بِخَمْسِينَ ألف مِثْقَال ذَهَبا كتبا، وَكَانَ لَا يُسَافر إِلَّا وصحبته مِنْهَا عدَّة أحمال وَيخرج أَكْثَرهَا فِي كل منزلَة فَينْظر فِيهَا ثمَّ يُعِيدهَا إِذا ارتحل وَكَذَا كَانَت لَهُ دنيا طائلة وَلكنه كَانَ يَدْفَعهَا إِلَى من يمحقها بالإسراف فِي صرفهَا بِحَيْثُ بملق أَحْيَانًا وَيحْتَاج لبيع بعض كتبه فَلذَلِك لم يُوجد لَهُ بعد وَفَاته مَا كَانَ يظنّ بِهِ.
وصنفت الْكثير فَمن ذَلِك كَمَا كتبه بِخَطِّهِ مَعَ إدراجي فِيهِ أَشْيَاء عَن غَيره فِي التَّفْسِير بصائر ذَوي التَّمْيِيز فِي لطائف الْكتاب الْعَزِيز مجلدان وتنوير المقياس فِي تَفْسِير ابْن عَبَّاس أَربع مجلدات وتيسير فَاتِحَة الإياب فِي تَفْسِير فَاتِحَة الْكتاب مُجَلد كَبِير والدر النظيم المرشد إِلَى مَقَاصِد الْقُرْآن الْعَظِيم وَحَاصِل كورة الْخَلَاص فِي فَضَائِل سُورَة الْإِخْلَاص وَشرح قُطْبَة الحساف فِي شرح خطْبَة الْكَشَّاف. وَفِي الحَدِيث والتاريخ شوارق الْأَسْرَار الْعلية فِي شرح مَشَارِق الْأَنْوَار النَّبَوِيَّة أرعب مجلدات ومنح الْبَارِي بالشيح الفسيح المجاري فِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ كمل ربع الْعِبَادَات مِنْهُ فِي عشْرين مجلدة ويخمن تَمَامه فِي أَرْبَعِينَ مجلدا وعمدة الْحُكَّام فِي شرح عُمْدَة الْأَحْكَام مجلدان وامتضاض السهاد فِي افتراض الْجِهَاد مُجَلد والإسعاد بالإصعاد إِلَى دَرَجَة الْجِهَاد ثَلَاث مجلدات والنفحة العنبرية فِي مولد خير الْبَريَّة وَالصَّلَاة والبشر فِي الصَّلَاة على خير الْبشر والوصل والمنى فِي فضل منى والمغانم المطابة فِي معالم طابة ومهيج الغرام إِلَى الْبَلَد الْحَرَام وإثارة الْحجُون لزيارة الْحجُون قَالَ إِنَّه عمله فِي لَيْلَة كَمَا فِي خطبَته وأحاسن اللطائف فِي محَاسِن الطَّائِف وَفصل الدرة من الخرزة فِي فضل السَّلامَة على الجنزة قَرْيَتَانِ بوادي الطَّائِف وروضة النَّاظر فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ عبد الْقَادِر والمرقاة الوفية فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة أَخذهَا من طَبَقَات عبد الْقَادِر الْحَنَفِيّ وَالْبُلغَة فِي تراجم أَئِمَّة النُّحَاة واللغة وَالْفضل الوفي فِي الْعدْل الأشرفي ونزهة الأذهان فِي تَارِيخ أَصْبَهَان فِي مُجَلد وَتعين الغرفات للمعين على عين عَرَفَات ومنية السول فِي دعوات الرَّسُول والتجاريح فِي فوئد مُتَعَلقَة بِأَحَادِيث المصابيح وتسهيل طَرِيق الْوُصُول إِلَى الْأَحَادِيث الزَّائِدَة على جَامع الْأُصُول عمله وَكَذَا الْأَحَادِيث الضعيفة وَهُوَ فِي مجلدات للناصر وكراسة فِي علم الحَدِيث والدر الغالي فِي الْأَحَادِيث العوالي وسفر السَّعَادَة والمتفق وضعا والمختلف صقعا وَفِي اللُّغَة وَغَيرهَا اللامع الْمعلم العجاب الْجَامِع بَين الْمُحكم والعباب وزيادات امْتَلَأَ بهَا الوطاب واعتلي مِنْهَا الْخطاب ففاق كل مؤلف هَذَا الْكتاب يقدر تَمَامه فِي مائَة مُجَلد كل مُجَلد يقرب من صِحَاح الْجَوْهَرِي فِي الْمِقْدَار رَأَيْت بِخَطِّهِ أَيْضا أَنه كمل مِنْهُ مجاليد خَمْسَة والقاموس الْمُحِيط والقابوس الْوَسِيط الْجَامِع لما ذهب من لُغَة الْعَرَب شماطيط فِي جزءين ضخمين وَهُوَ عديم النظير ومقصود ذَوي الْأَلْبَاب فِي علم الْأَعْرَاب مُجَلد وتحبير الموشين فِيمَا يُقَال بِالسِّين والشين أَخذه عَنهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي الْحَافِظ وَنقل عَنهُ أَنه تتبع أَوْهَام الْمُجْمل لِابْنِ فَارس فِي ألف مَوضِع مَعَ تَعْظِيمه لِابْنِ فَارس وثنائه عَلَيْهِ والمثلث الْكَبِير فِي خمس مجلدات وَالصَّغِير وَالرَّوْض المسلوف فِيمَا لَهُ اسمان إِلَى أُلُوف والدرر المبثثة فِي الْغرَر الْمُثَلَّثَة وبلاغ التَّلْقِين فِي غرائب اللعين وتحفة القماعيل فِيمَن يُسمى من الْمَلَائِكَة وَالنَّاس إِسْمَعِيل وَأَسْمَاء السراح فِي أَسمَاء النِّكَاح وَأَسْمَاء الغادة فِي أَسمَاء الْعَادة والجليس الأنيس فِي أَسمَاء الخندريس فِي مُجَلد وأنواء الْغَيْث فِي أَسمَاء اللَّيْث وَأَسْمَاء الْحَمد وترقيق الأسل فِي تصفيق الْعَسَل فِي كراريس ومزاد المزاد وَزَاد الْمعَاد فِي وزن بَانَتْ سعاد وَشَرحه فِي مُجَلد والنخب الطرائف فِي النكت الشرائف إِلَى غَيرهَا من مُخْتَصر ومطول. قَالَ التقي الْكرْمَانِي: كَانَ عديم النظير فِي زَمَانه نظما ونثرا بالفارسي والعربي جاب الْبِلَاد وَسَار إِلَى الْجبَال والوهاد ورحل وَأطَال النجعة وَاجْتمعَ بمشايخ كَثِيرَة عزيزة وَعظم بالبلاد أَقَامَ بدهلك مُدَّة عظمه سلطانها وبالروم مُدَّة وبجله ملكهَا وبفارس وَغَيرهَا وَورد بَغْدَاد فِي حُدُود سنة أَربع وَخمسين وَاجْتمعَ بوالدي وَقَرَأَ عَلَيْهِ ورحل مَعَه إِلَى الشَّام ثمَّ إِلَى مصر وسمعا بِالْقَاهِرَةِ الصَّحِيح على الفارقي وفارقه وَالِدي فحج وَرجع إِلَى بَغْدَاد وَأقَام الْمجد بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة ثمَّ بالقدس ثمَّ بِالشَّام ثمَّ جاور بِمَكَّة مُدَّة عشر سِنِين أَو أَكثر وصنف بهَا تصانيف مِنْهَا شرح البُخَارِيّ سَمَّاهُ منح الْبَارِي وأظن أَنه لم يكمل والقاموس مطولا فِي مجلدات عديدة ثمَّ أمره وَالِدي باختصاره فاختصر فِي مُجَلد ضخم وَفِيه فَوَائِد عَظِيمَة وفرائد كَرِيمَة واعتراضات على الْجَوْهَرِي وَكَانَ كثير الاعتناء بتصانيف الصغاني وَيَمْشي على نهجه وَيتبع طَرِيقه ويقتدي بصنيعه حَتَّى فِي الْمُجَاورَة بِمَكَّة، وَفِي الْجُمْلَة كَانَ جملَة حَسَنَة وَفِي الآخر ورد بَغْدَاد من مَكَّة فِي حُدُود نَيف وَثَمَانِينَ وَاجْتمعَ بوالدي أَيْضا ثمَّ ذهب إِلَى الْهِنْد ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ ورد بَغْدَاد سنة ونيف وَتِسْعين بعد وَفَاة وَالِدي ولازمته أَيْضا واستفدت مِنْهُ شَيْئا كثيرا ثمَّ سَافر إِلَى بِلَاد فَارس ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة بعد أَن اجْتمع بتمرلنك فِي شيراز وعظمه وأكرمه وَوَصله بِنَحْوِ مائَة ألف دِرْهَم ثمَّ توجه إِلَى مَكَّة من طَرِيق الْبَحْر ثمَّ دخل بِلَاد الْيمن أَنه لم يزل فِي ازدياد من علو الوجاهة والمكانة ونفوذ الشَّفَاعَة والمكانة ونفوذ الشَّفَاعَة والأوامر على قُضَاة الْأَمْصَار ورام فِي سنة تسع وَتِسْعين التَّوَجُّه لمَكَّة فَكتب إِلَى السُّلْطَان مَا مِثَاله وَمِمَّا ينهيه إِلَى الْعُلُوم الشَّرِيفَة أَنه غبر خَافَ عَلَيْكُم ضعف أقل العبيد ورقة جِسْمه ودقة بنيته وعلو سنه وَقد آل أمره إِلَى أَن صَار كالمسافر الَّذِي تحزم وانتقل إِذْ وَهن الْعظم بل وَالرَّأْس اشتعل وتضعضع السن وتقعقع الشن فَمَا هُوَ إِلَّا عِظَام فِي جراب وبنيان مشرف على خراب وَقد ناهز الْعشْر الَّتِي تسميها الْعَرَب دقاقة الرّقاب وَقد مر على المسامع الشَّرِيفَة غير مرّة فِي صَحِيح البُخَارِيّ قَول سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بلغ الْمَرْء سِتِّينَ سنة فقد أعذر الله إِلَيْهِ فَكيف من نَيف على السّبْعين وأشرف على الثَّمَانِينَ وَلَا يجمل بِالْمُؤمنِ أَن تمْضِي عَلَيْهِ أَربع سِنِين وَلَا يَتَجَدَّد لَهُ شوق وعزم إِلَى بَيت رب الْعَالمين وزيارة سيد الْمُرْسلين وَقد ثَبت فِي الحَدِيث النَّبَوِيّ ذَلِك وَأَقل العبيد لَهُ سِتّ سِنِين عَن تِلْكَ المسالك وَقد غلب عَلَيْهِ الشوق حَتَّى جلّ عمره عَن الطوق وَمن أقْصَى أمْنِيته أَن يجدد الْعَهْد بِتِلْكَ الْمعَاهد ويفوز مرّة أُخْرَى بتقبيل تِلْكَ الْمشَاهد وسؤاله من المراحم الحسنية الصَّدَقَة عَلَيْهِ بتجهيزه فِي هَذِه الْأَيَّام مُجَردا عَن الأهالي والأقوامقبل اشتداد الْحر وَغَلَبَة الأوام فَإِن الْفَصْل أطيب وَالرِّيح أزيب وَمن الْمُمكن أَن يفوز الْإِنْسَان بِإِقَامَة شهر فِي كل حرم ويحظى بالتملي من مهابط الرَّحْمَة وَالْكَرم وَأَيْضًا كَانَ من عَادَة الْخُلَفَاء سلفا وخلفا أَنهم كَانُوا يبردون الْبَرِيد عمدا قصدا لتبليغ سلامهم إِلَى حَضْرَة سيد الْمُرْسلين صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ مدَدا فَاجْعَلْنِي جعلني الله فدَاك ذَاك الْبَرِيد فَلَا أَتَمَنَّى شَيْئا سواهُ وَلَا أُرِيد:
(شوقي إِلَى الْكَعْبَة الغراء قد زادا ... فاستحمل القلص الوجادة الزادا)
(وَاسْتَأْذَنَ الْملك المنعام زيد علا ... واستودع الله أصحابا وأولادا)
فَلَمَّا وصل هَذَا إِلَى السُّلْطَان كتب فِي طرة الْكِتَابَة مَا مِثَاله: صدر الْجمال الْمصْرِيّ على لساني مَا يحققه لَك شفاها أَن هَذَا شَيْء لَا ينْطق بِهِ لساني وَلَا يجْرِي بِهِ قلمي فقد كَانَت الْيَمين عميا فاستنارت فَكيف يُمكن أَن تتقدم وَأَنت تعلم أَن الله تَعَالَى قد أَحْيَا بك مَا كَانَ مَيتا من الْعلم فبالله عَلَيْك إِلَّا مَا وهبت لنا بَقِيَّة هَذَا الْعُمر وَالله يَا مجد الدّين يَمِينا بارة أَنِّي أرى فِرَاق الدُّنْيَا وَنَعِيمهَا وَلَا فراقك أَنْت الْيمن وَأَهله. وَذكره التقي الفاسي فَقَالَ: وَكَانَت لَهُ بِالْحَدِيثِ عناية غير قَوِيَّة وَكَذَا بالفقه وَله تَحْصِيل فِي فنون من الْعلم سِيمَا اللُّغَة فَلهُ فِيهَا الْيَد الطُّولى وَألف فِيهَا تواليف حَسَنَة مِنْهَا الْقَامُوس وَلَا نَظِير لَهُ فِي كتب اللُّغَة لِكَثْرَة مَا حواه من الزِّيَادَات على الْكتب الْمُعْتَمدَة كالصحاح، قلت وَقد ميز فِيهِ زياداته عَلَيْهِ فَكَانَت غَايَة فِي الْكَثْرَة بِحَيْثُ لَو أفردت لجاءت قدر الصِّحَاح أَو أَكثر فِي عدد الْكَلِمَات وَأما مَا نبه عَلَيْهِ من أَوْهَامه فشيء كثير أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْهَامِش بصفر وأعراه من الشواهد اختصارا، وَنبهَ فِي خطبَته على الِاكْتِفَاء عَن قَوْله مَعْرُوف بِحرف الْمِيم وَعَن مَوضِع بِالْعينِ وَعَن الْجمع بِالْجِيم وَعَن جمع الْجمع بجج وَعَن الْقرْيَة بِالْهَاءِ وَعَن الْبَلَد بِالدَّال وَضبط ذَلِك بالنظم بَعضهم بل أثنى على الْكتاب الْأَئِمَّة نظما ونثرا وَتعرض فِيهِ لأكْثر أَلْفَاظ الحَدِيث والرواة وَوَقع لَهُ فِي ضبط كثيرين خطأ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ التقي الفاسي فِي ذيل التَّقْيِيد لم يكن بالماهر فِي الصَّنْعَة الحديثية وَله فِيمَا يَكْتُبهُ من الْأَسَانِيد أَوْهَام وَأما شَرحه على البُخَارِيّ فقد ملأَهُ بِغَرَائِب المنقولات سِيمَا أَنه لما اشتهرت بِالْيمن مقَالَة ابْن عَرَبِيّ وغلبت على عُلَمَاء تِلْكَ الْبِلَاد صَار يدْخل فِي شَرحه من قبوحاته الهلكية مَا كَانَ سَببا لشين الْكتاب الْمَذْكُور، وَلذَا قَالَ شَيخنَا أَنه رأى الْقطعَة الَّتِي كملت مِنْهُ فِي حَيَاة مُؤَلفه وَقد أكلتها الأرضة بكمالها بِحَيْثُ لَا يقدر على قِرَاءَة شَيْء مِنْهَا قَالَ وَلم أكن أَتَّهِمهُ بالمقالة الْمَذْكُورَة إِلَّا أَنه كَانَ يحب المداراة وَلَقَد أظهر لي إنكارها والغض مِنْهَا، ثمَّ ذكر الفاسي أَنه ذكر أَنه ألف شرح الْفَاتِحَة فِي لَيْلَة وَاحِدَة فَكَأَنَّهُ غير الْمشَار إِلَيْهِ وَكَذَا ألف ترقيق الأسل فِي لَيْلَة عِنْد مَا سَأَلَهُ بَعضهم عَن الْعَسَل هَل هُوَ قيء النحلة أَو خرؤها فَكَأَنَّهُ غير المتداول لكَونه فِي نَحْو نصف مُجَلد وَأَنه وقف على مُؤَلفه فِي علم الحَدِيث بِخَطِّهِ وَأَنه ذكر فِي مُؤَلفه فِي فضل الْحجُون من دفن فِيهِ من الصَّحَابَة مَعَ كَونهم لم يُصَرح فِي تراجمهم من كتب الصَّحَابَة بذلك بل وَمَا رَأَيْت وَفَاة كلهم بِمَكَّة فَإِن كَانَ فِي دفنهم بِهِ قَول من قَالَ أَنهم نزلُوا مَكَّة فَذَلِك غير لَازم لكَوْنهم كَانُوا يدفنون فِي أَمَاكِن مُتعَدِّدَة. وَقَالَ أَيْضا إِن النَّاس استغربوا مِنْهُ انتسابه للشَّيْخ أبي إِسْحَق وَكَذَا لأبي يكر الصّديق، وَلذَا قَالَ شَيخنَا لم أزل أسمع مَشَايِخنَا يطعنون فِي انتسابه إِلَى الشَّيْخ أبي إِسْحَق مستندين إِلَى أَن أَبَا إِسْحَق لم يعقب قَالَ ثمَّ ارْتقى دَرَجَة فَادّعى بعد أَن ولى الْقَضَاء بِالْيمن بِمدَّة طَوِيلَة أَنه من ذُرِّيَّة أبي بكر الصّديق وَصَارَ يكْتب بِخَطِّهِ مُحَمَّد الصديقي وَلم يكن مدفوعا عَن معرفَة إِلَّا أَن النَّفس تأبى قبُول ذَلِك، وَقَالَ الْجمال بن الْخياط فِيمَا نَقله عَن خطّ الذَّهَبِيّ فِي الشَّيْخ أبي إِسْحَق أَنه لم يتأهل ظنا وَكَذَا أنكر عَلَيْهِ غَيره تَصْدِيقه بِوُجُود رتن الْهِنْدِيّ وإنكاره قَول الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان أَنه لَا وجود لَهُ وَيَقُول أَنه دخل قريته وَرَأى ذُريَّته وهم مطبقون على تَصْدِيقه قَالَ الفاسي وَله شعر كثير فِي بعضه قلق لجلبه فِيهِ ألفاظا لغوية عويصة ونثره أَعلَى وَكَانَ كثير الاستحضار لمستحسنات من الشّعْر والحكايات وَله خطّ جيد مَعَ الْإِسْرَاع وَسُرْعَة حفظ بَلغنِي عَنهُ أَنه قَالَ مَا كنت أَنَام حَتَّى أحفظ مِائَتي سطر وَقَالَ أَن أول قدومه مَكَّة فِيمَا علم سنة سِتِّينَ ثمَّ فِي سنة سبعين وَأقَام بهَا خمس سِنِين أَو سِتا مُتَوَالِيَة وتكرر قدومه لَهَا وارتحل مِنْهَا إِلَى الطَّائِف وَكَانَ لَهُ فِيهِ بُسْتَان وَكَذَا أنشأ بِمَكَّة دَارا على الصَّفَا عَملهَا مدرسة للأشرف صَاحب الْيمن وَقرر بهَا مدرسين وطلبة وَفعل بِالْمَدِينَةِ كَذَلِك ثمَّ أعرض عَن ذَلِك بعد موت الْأَشْرَف وَله بمنى وَغَيرهَا دور، وَحدث بِكَثِير من تصانيفه ومروياته سمع مِنْهُ الْجمال بن ظهيرة وروى عَنهُ فِي حَيَاته وَمَات قبله بِشَهْر.
وترجمه الصّلاح الأقفهسي فِي مُعْجم الْجمال بقوله: كتب عَنهُ الصّلاح الصَّفَدِي وَبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وجال فِي الْبِلَاد وَلَقي الْمُلُوك والأكابر ونال وجاهة ورفعة وصنف التصانيف السائرة كالقاموس وَغَيره وَولي قَضَاء الْأَقْضِيَة بِبِلَاد الْيمن وَقدم مَكَّة وجاور بهَا مُدَّة وابتنى بهَا دَارا.
وَطول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته وَقَالَ أَن آخر مَا اجْتمع بِهِ فِي مَكَّة سنة تسعين وقرأت عَلَيْهِ بعض مصنفاته وناولني قاموسه وأجازني وأفادني. وَكَذَا لقِيه شَيخنَا بزبيد فِي سنة ثَمَانمِائَة وَتَنَاول مِنْهُ أَكثر الْقَامُوس وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَسمع مِنْهُ أَشْيَاء وَأوردهُ فِي مُعْجَمه وأنبائه وقرض لشَيْخِنَا تَعْلِيق التَّعْلِيق وعظمه جدا والتقي الفاسي وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَشْيَاء وَأوردهُ فِي تَارِيخ مَكَّة وذيل التَّقْيِيد والبرهان الْحلَبِي أَخذ عَنهُ تحبير الموشين فِي آخَرين مِمَّن أخذت عَنْهُم كالموفق الأبي والتقي بن فَهد وَأَرْجُو إِن تَأَخّر الزَّمَان يكون آخر أَصْحَابه موتا على رَأس الْقرن الْعَاشِر، وَمِمَّنْ تَرْجمهُ ابْن خطيب الناصرية لَكِن بِاخْتِصَار جدا والتقي بن قَاضِي شُهْبَة وَغَيرهمَا. مَاتَ وَقد متع بسمعه وحواسه فِي لَيْلَة عشرى شَوَّال سنة سبع عشرَة بزبيد وَقد ناهز التسعين وَكَانَ يَرْجُو وَفَاته بِمَكَّة فَمَا قدر رَحمَه الله وإيانا. أَنْشدني شَيْخي بِالْقَاهِرَةِ والموفق الأبي بِمَكَّة قَالَ كل مِنْهُمَا أَنْشدني الْمجد لنَفسِهِ مِمَّا كتبه عَنهُ الصَّفَدِي فِي سنة سبع وَخمسين:
(أحبتنا الأماجد إِن رحلتم ... وَلم ترعوا لنا عهدا وَإِلَّا)
(نودعكم ونودعكم قلوبا ... لَعَلَّ الله يجمعنا وَإِلَّا)
وَعِنْدِي فِي تَرْجَمته بِأول مَا كتبته من الْقَامُوس فَوَائِد مِنْهَا قَول الأديب المفلق نور الدّين عَليّ)
بن مُحَمَّد بن العليف العكي العدناني الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وَقد قَرَأَ عَلَيْهِ الْقَامُوس
(مذ مد مجد الدّين فِي أَيَّامه ... من بعض أبحر علمه القاموسا)
(ذهبت صِحَاح الْجَوْهَرِي كَأَنَّهَا ... سحر الْمَدَائِن حِين ألْقى موس:)
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.
وَمِنْهُم الْمولى الْفَاضِل صَاحب الْقَامُوس وَهُوَ مجد الدّين ابو طَاهِر مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ الفيروز ابادي
وَكَانَ ينتسب الى الشَّيْخ ابي اسحق الشِّيرَازِيّ صَاحب التَّنْبِيه وَرُبمَا يرفع نسبه الى ابي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ يكْتب بِخَطِّهِ الصديقي دخل بلادالروم واتصل بِخِدْمَة السُّلْطَان الْمَذْكُور ونال عِنْده مرتبَة وجاها واعطاه السُّلْطَان الْمَذْكُور مَالا جزيلا واعطاه الامير تيمورخان خَمْسَة آلَاف دِينَار ثمَّ جال الْبِلَاد شرقا وغربا وَأخذ من علمائها حَتَّى برع فِي الْعُلُوم كلهَا سِيمَا الحَدِيث وَالتَّفْسِير واللغة وَله تصانيف كَثِيرَة تنيف على اربعين مصنفا واجل مصنفاته اللامع الْمعلم العجاب الْجَامِع بَين الْمُحكم والعباب وَكَانَ تَمَامه فِي سِتِّينَ مجلدة ثمَّ لخصها فِي مجلدتين وسمى ذَلِك الملخص بالقاموس الْمُحِيط وَله تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم وَشرح البُخَارِيّ والمشارق وَكَانَ رَحمَه الله لَا يدْخل بَلْدَة الا وأكرمه واليها وَكَانَ سريع الْحِفْظ وَكَانَ يَقُول لَا أَنَام الا واحفظ مِائَتي سطر وَكَانَ كثير الْعلم والاطلاع على المعارف العجيبة وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ آيَة فِي الْحِفْظ والاطلاع والتصنيف ولد سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بكارزين وَتُوفِّي قَاضِيا بزبيد من بِلَاد الْيمن لَيْلَة الْعشْرين من شَوَّال سنة سِتّ اَوْ سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَهُوَ ممتع بحواسه وَدفن بتربة الشَّيْخ اسمعيل الجبرتي وَهُوَ آخر من مَاتَ من الرؤساء الَّذين انْفَرد كل مِنْهُم بفن فاق فِيهِ اقرانه على رَأس الْقرن الثَّامِن وهم الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله وَالشَّيْخ زين الدّين الْعِرَاقِيّ فِي الحَدِيث وَالشَّيْخ سراج الدّين بن الملقن فِي كَثْرَة التصانيف فِي فن الْفِقْه والْحَدِيث وَالشَّيْخ شمس الدّين الفناري فِي الِاطِّلَاع على كل الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية والعربية وَالشَّيْخ ابو عبد الله بن عَرَفَة فِي فقه الْمَالِكِيَّة وَفِي سَائِر الْعُلُوم بالمغرب وَالشَّيْخ مجد الدّين الشِّيرَازِيّ فِي اللُّغَة رَحِمهم الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.
مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن أَبى بكر بن أَحْمد ابْن مَحْمُود بن ادريس بن فضل الله ابْن الشَّيْخ أَبى اسحاق إِبْرَاهِيم ابْن علي بن يُوسُف بن عبد الله الْمجد أَبُو طَاهِر الفيروزباذى
الشيرازى اللغوي الشافعي الإِمَام الْكَبِير الماهر فِي اللُّغَة وَغَيرهَا من الْفُنُون ولد سنة 729 تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بكازرون من أَعمال شيراز فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع سِنِين وَحفظ كتابا من اللُّغَة وانتقل إِلَى الشيراز وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين وَأخذ عَن وَالِده وَعَن القوام عبد الله ابْن النَّجْم وَغَيرهمَا من عُلَمَاء شيراز وَسمع على مُحَمَّد بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ وارتحل إِلَى الْعرَاق وَدخل وَاسِط وَقَرَأَ بهَا القراآت الْعشْر ثمَّ دخل بَغْدَاد فَأخذ عَن التَّاج بن السباك والسراج عمر بن علي القزويني وَغَيرهمَا ثمَّ ارتحل إِلَى دمشق فَدَخلَهَا سنة 755 فَسمع من التقي السبكي وَجَمَاعَة زِيَادَة على مائَة كَابْن الْقيم وطبقته وَدخل بعلبك وحماه وحلب والقدس وَسمع من جمَاعَة من أهل هَذِه الْجِهَات وَاسْتقر بالقدس نَحْو عشر سِنِين ودرس وتصدر وَظَهَرت فضائله وَكثر الْأَخْذ عَنهُ وتتلمذ لَهُ جمَاعَة من الأكابر كالصلاح الصفدي ثمَّ دخل الْقَاهِرَة فلقي بهَا جمَاعَة كالعز بن جمَاعَة والأسنوي وَابْن هِشَام والبهاء بن عقيل وَحج فَسمع بِمَكَّة من اليافعي وَغَيره وجال فِي الْبِلَاد الشمالية والمشرقية وَدخل الروم والهند ولقي جمعا من الْفُضَلَاء
وَحمل عَنْهُم شَيْئا كثيرا ثمَّ دخل الْيمن فوصل إِلَى زبيد فِي سنة 796 بعد وَفَاة قاضي الْأَقْضِيَة بِالْيمن كُله الْجمال الريمي شَارِح التَّنْبِيه فَتَلقاهُ الْملك الْأَشْرَف إِسْمَاعِيل بِالْقبُولِ وَبَالغ فِي إكرامه وَصرف لَهُ ألف دِينَار سوى ألف كَانَ أَمر نَاظر عدن يجهزه بهَا وَاسْتمرّ مُقيما لَدَيْهِ ينشر الْعلم فَكثر الِانْتِفَاع بِهِ وَبعد مضي نَحْو سنة أضاف إِلَيْهِ قَضَاء الْيمن كُله بعد ابْن عجيل فقصده الطّلبَة وَقَرَأَ عَلَيْهِ السُّلْطَان فَمن دونه فِي الحَدِيث وَاسْتقر قدمه بزبيد إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ السُّلْطَان الْأَشْرَف قد تزوج ابْنَته لمزيد جمَالهَا ونال مِنْهُ برا ورفعة بِحَيْثُ صنف لَهُ كتابا وأهداه على أطباق فملأها لَهُ دَرَاهِم وَفِي أثْنَاء هَذِه الْمدَّة قدم مَكَّة مرَارًا فجاور بهَا وبالمدينة وطائف وَعمل مآثر حَسَنَة وَكَانَ زَائِد الْحَظ مَقْبُولًا عِنْد السلاطين فَلم يدْخل بَلَدا إِلَّا وأكرمه صَاحبهَا مَعَ كَثْرَة دُخُوله إِلَى الممالك وَمن جملَة الْمُكرمين لَهُ تيمورلنك وسلطان الروم ابْن عُثْمَان وشاه مَنْصُور صَاحب تبريز وَأحمد ابْن أويس صَاحب بَغْدَاد والأشرف صَاحب الْيمن وَغَيرهم وَوصل إِلَيْهِ من عطاياهم شَيْء كثير فاقتنى من ذَلِك كتبا نفيسة حَتَّى قَالَ إنه اشْترى مِنْهَا بِخَمْسِينَ ألف مِثْقَال من الذَّهَب وَكَانَ لَا يُسَافر إِلَّا وَمَعَهُ مِنْهَا عدَّة أحمال وَيخرج أَكْثَرهَا فِي كل منزل فَينْظر فِيهَا ثمَّ يُعِيدهَا وَكَانَت لَهُ دنيا طائلة وَلكنه كَانَ لَا يَدْفَعهَا إِلَى من يسرف فِي إنفاقها بِحَيْثُ أنه قد يملق أَحْيَانًا فيبيع بعض كتبه
وَله مصنفات كَثِيرَة نافعة مِنْهَا فِي التَّفْسِير لطائف ذوي التَّمْيِيز فِي لطائف الْكتاب الْعَزِيز فِي مجلدات وتنوير المقباس فِي تَفْسِير ابْن عَبَّاس أَربع مجلدات وتيسير فَاتِحَة الإياب فِي تَفْسِير فَاتِحَة الْكتاب فِي مُجَلد كَبِير والدر النظيم المرشد إِلَى مَقَاصِد الْقُرْآن الْعَظِيم وَحَاصِل كورة الْخَلَاص فِي فَضَائِل سُورَة الْإِخْلَاص وَشرح قُطْبَة الخشاف فِي شرح خطْبَة الْكَشَّاف وَفِي الحَدِيث والتاريخ شوارق الْعلية فِي شرح مَشَارِق الْأَنْوَار النَّبَوِيَّة أَربع مجلدات وَفتح البارى فِي شرح صَحِيح البخارى وَلَعَلَّ ابْن حجر لم يسمع بذلك حَيْثُ سمي شَرحه بِهَذَا الِاسْم كمل مِنْهُ نَحْو عشْرين مجلدا وَكَانَ يقدر اتمامه فِي أَرْبَعِينَ وعمدة الْحُكَّام فِي شرح عُمْدَة الْأَحْكَام فِي مجلدات وامتضاض السهاد فِي افتراض الْجِهَاد فِي مُجَلد والإسعاد بالإصعاد إِلَى دَرَجَة الِاجْتِهَاد ثَلَاث مجلدات والمرقاة الوفية فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة وَالْبُلغَة فِي تراجم أَئِمَّة النُّحَاة واللغة وَالْفضل الوفى فِي الْعدْل الأشرفى ونزهة الأذهان فِي تَارِيخ أَصْبَهَان وتسهيل طَرِيق الْفُصُول فِي الْأَحَادِيث الزَّائِدَة على جَامع الْأُصُول وَالْأَحَادِيث الضعيفة والدر الغالى فِي الْأَحَادِيث العوالى وسفر السَّعَادَة والمتفق وضعا والمختلف صقعا وَفِي اللُّغَة اللامع الْمعلم العجاب الْجَامِع بَين الْمُحكم والعباب وزيادات امْتَلَأَ بهَا الوطاب وَكَانَ يقدر تَمَامه فِي مائَة مُجَلد كل مُجَلد يقرب من صِحَاح الجوهرى والقاموس الْمُحِيط والقابوس الْوَسِيط الْجَامِع لما ذهب من لُغَة الْعَرَب شماطيط فِي مجلدين وَهُوَ كتاب لَيْسَ لَهُ نَظِير وَقد انْتفع بِهِ النَّاس وَلم يلتفتوا بعده إِلَى غَيره وَالْمَقْصُود لذوى الْأَلْبَاب من علم الْإِعْرَاب وتحبير الموشين فِيمَا يُقَال بِالسِّين والشين والمثلث الْكَبِير فِي خمس مجلدات وَالصَّغِير وَالرَّوْض المسلوف فِيمَن لَهُ اسمان إِلَى ألوف وَغير ذَلِك من المصنفات الْكَثِيرَة الواسعة الشهيرة
قَالَ التقي الكرماني كَانَ عديم النظير فِي زَمَانه نظما ونثرا بالفارسي والعربي وَكَانَ كثير الِاقْتِدَاء بالصنعاني مَاشِيا على طَرِيقَته تَابعا لمنهجه حَتَّى فِي كَثْرَة المحاورة وَحكى الخزرجي أنه رام التَّوَجُّه فِي سنة 799 إِلَى مَكَّة فَكتب إِلَى السُّلْطَان مَا مِثَاله
وَمِمَّا ينهيه إِلَى الْعُلُوم الشَّرِيفَة أنه غير خَافَ عَلَيْكُم ضعف أقل العبيد ورقة جِسْمه ودقة بنيته وعلو سنه
وَقد آل أمره إِلَى أَن صَار كالمسافر الذي تحزم وانتقل إِذْ وَهن الْعظم بل وَالرَّأْس اشتعل وتضعضع السن وتقعقع الشن فَمَا هُوَ إِلَّا عِظَام فِي جراب وبنيان مشرف على الخراب وَقد ناهز الْعشْر الَّتِى تسميها الْعَرَب دقاقة الرقاب
وَقد مر على المسامع الشَّرِيفَة غير مرة فِي صَحِيح البخاري قَول سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بلغ الْمَرْء سِتِّينَ سنة فقد أعذر الله إِلَيْهِ فَكيف من نَيف على السّبْعين وأشرف على الثَّمَانِينَ
وَلَا يجهل بالمومن أَن تمضي عَلَيْهِ ارْبَعْ سِنِين
وَلَا يَتَجَدَّد لَهُ شوق وعزم إِلَى بَيت رب الْعَالمين وزيارة سيد الْمُرْسلين وَقد ثَبت فِي الحَدِيث النبوي ذَلِك وَأَقل العبيد لَهُ سِتّ سِنِين عَن تِلْكَ المسالك وَقد غلب عَلَيْهِ الشوق حَتَّى جل عمره عَن الطوق وَمن أقْصَى أمْنِيته أَن يجدد الْعَهْد بِتِلْكَ الْمعَاهد ويفوز مرة أُخْرَى بتقبيل تِلْكَ الْمشَاهد
وسؤاله من المراحم الْحَسَنَة الصَّدَقَة عَلَيْهِ بتجهيزه فِي هَذِه
الْأَيَّام مُجَردا عَن الأهالي والأقوام قبل اشتداد الْحر وَغَلَبَة الأوام
فَإِن الْفَصْل أطيب وَالرِّيح أزيب وَمن الْمُمكن أَن يفوز الْإِنْسَان بإقامة شهر فِي كل حرم ويحظى بالتملي فِي مهابط الرَّحْمَة وَالْكَرم
وَأَيْضًا كَانَ من عَادَة الْخُلَفَاء سلفا وخلفأ وَأَنَّهُمْ كَانُوا ببردون الْبَرِيد عمدا قصد التَّبْلِيغ سلامهم إِلَى حَضْرَة سيد الْمُرْسلين فاجعلني جعلني الله فدَاك ذَلِك الْبَرِيد فَلَا أَتَمَنَّى شَيْئا سواهُ وَلَا أَزِيد
(شوقي إِلَى الْكَعْبَة الغراء قد زادا ... فاستحمل القلص الوخادة الزادا)
(وَاسْتَأْذَنَ الْملك المنعام زيد على ... واستودع الله أصحاباً وأولادا)
فَلَمَّا وصل هَذَا إِلَى السُّلْطَان كتب فِي طرة الْكتاب مَا مِثَاله
صدر الْجمال المصري على لساني مَا يحققه لَك شفاها إن هَذَا شَيْء لَا ينْطق بِهِ لساني وَلَا يجري بِهِ قلمي فَلَقَد كَانَت الْيمن عمياء فاستنارت فَكيف يُمكن أَن تتقدم وَأَن تعلم أَن الله قد أحيى بك مَا كَانَ مَيتا من الْعلم فبالله عَلَيْك إِلَّا مَا وهبت لَهُ بَقِيَّة هَذَا الْعُمر وَالله يَا مجد الدَّين يَمِينا بارة إني أرى فِرَاق الدُّنْيَا وَنَعِيمهَا وَلَا فراقك أَنْت الْيمن وَأَهله انْتهى وَفِي هَذَا الْكَلَام عِبْرَة للمعتبرين من أفاضل السلاطين بتعظيم قدر عُلَمَاء الدَّين وَقد أَخذ عَنهُ الأكابر فِي كل بِلَاد وصل إِلَيْهَا وَمن جملَة تلامذته الْحَافِظ بن حجر والمقريزي والبرهان الحلبي وَمَات ممتعا بسمعه وحواسه فِي لَيْلَة عشْرين من شَوَّال سنة 817 سبع عشرَة وثمان مائَة بزبيد وَقد ناهز التسعين
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني
مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب بن محمد الشيرازي الفيروزابادى كذا ذكر فى نسبه صاحب الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية وقال برع في العلوم كلها سيما الحديث والتفسير واللغة دخل بلاد الروم واتصل بخدمة مراد خان ونال عنده رتبة وجاهًا واعطاه السلطان المذكور مالًا ثم جال البلاد شرقًا وغربًا وله تصانيف تنيف على أربعين وأجلها اللامع العباب وكان تمامه في ستين مجلدًا ثم لخصه وسماه القاموس وله تفسير القرآن وشرح البخارى وشرح المشارق ولد بكازرون سنة 729 وتوفي قاضيًا بزبيد سنة 817 أو سنة 816 وهو آخر من مات من الرؤساء الذين انفرد كل منهم بفن على رأس القرن الثامن وهم الشيخ سراج الدين البلقينى في الفقه الشافعي وزين الدين العراقي فى الحديث وسراج الدين بن الملقن في كثرة التصانيف وشمس الدين الفناري في الاطلاع على كل العلوم العقلية والنقلية والعربية والشيخ أبو عبيد الله بن عرفة في فقه الملكية وفي سائر العلوم العربية والمجد الشيرازى في اللغة انتهى كلامه .. قلت قدم أن الفناري مات سنة 933 فكيف يكون المجد آخرهم موتاً.
الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي.
محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر، أبو طاهر، مجد الدين الشيرازي الفيروزآبادي:
من أئمة اللغة والأدب. ولد بكارزين (بكسر الراء وتفتح) من أعمال شيراز. وانتقل إلى العراق، وجال في مصر والشام، ودخل بلاد الروم والهند. ورحل إلى زبيد (سنة 796 هـ فأكرمه ملكها الأشرف إسماعيل وقرأ عليه، فسكنها وولي قضاءها. وانتشر اسمه في الآفاق، حتى كان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير، وتوفي في زبيد.
أشهر كتبه (القاموس المحيط - ط) أربعة أجزاء. و (المغانم المطابة في معالم طابة - ط) القسم الجغرافي منه، حققه ونشره حمد الجاسر، وبقية الكتاب مخطوطة عنده. وينسب للفيروزابادي (تنوير المقباس في تفسير ابن عباس - ط) وله (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ط) و (نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان) و (الدرر الغوالي في الأحاديث العوالي) و (الجليس الأنيس في أسماء الخندريس - خ) و (سفر السعادة - ط) في الحديث والسيرة النبويّة و (المرقاة الوفية في طبقات الحنفية - خ) وكان شافعيا، و (البلغة في تاريخ أئمة اللغة - خ) و (تحبير الموشين في ما يقال بالسين والشين - ط) و (المثلث المتفق المعنى - خ) و (الإشارات إلى ما في كتب الفقه من الأسماء والأماكن واللغات - خ) و (نغبة الرشاف من خطبة الكشاف - خ) رسالة. وكان قوي الحافظة، يحفظ مئة سطر كل يوم قبل أن ينام. وللشيخ رمضان بن موسى العطيفي (ريّ الصادي في ترجمة الفيروزآبادي - خ) ذكره تيمور .
-الاعلام للزركلي-
محمد بن يعقوب بنِ محمدٍ، مجدُ الدين، أبو الطاهر، الفيروز آباديُّ، اللغويُّ، الشافعيُّ، الإمامُ الكبير الماهرُ في اللغة وغيرها من الفنون.
قال في "البدر الطالع": ولد سنة 729، بكازرون من أعمال شيراز، وارتحل إلى العراق، ودخل واسط، ثم بغداد، ثم دمشق، وسمع بها من التقيِّ السبكيِّ وجماعةٍ زيادة على المئة؛ كابن القيم وطبقته، ودخل بعلبك، وحماة، وحلب، والقدس، وسمع من أهل هذه الجهات، واستقر بالقدس نحو عشر سنين، ودرَّس، وتصدَّر، وظهرت فضائلُه، وكثر الأخذ عنه. وتلمذ له جماعةٌ من الأكابر؛ كالصلاح الصفدي، وجال في البلاد الشمالية والمشرقية، ودخل الروم والهند، ثم دخل اليمن، فوصل إلى "زَبيد" بعد وفاة الجمال الريمي في سنة 799، فتلقاه الملك الأشرفُ إسماعيلُ بالقبول، وبالغ في إكرامه، وأضاف إليه قضاء اليمن كله، وقرأ عليه السلطان ومَنْ دونه في الحديث، واستقر قدمه في "زبيد" إلى أن مات، وكان السلطان الأشرف قد تزوج ابنته؛ لمزيد جمالها، ونال منه برًا ورفعة، وفي أثناء هذه المدة قدم مكةَ مرارًا، فجاور بها وبالمدينة والطائف، واقتنى كتبًا نفيسة، حتى قال: إنه اشترى منها بخمسين ألفَ مثقالٍ من الذهب.
وله مصنفات كثيرة، منها: في التفسير "لطائف ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز"، في مجلدات. و"الدر النظيم المرشد إلى مقاصد القرآن العظيم". وفي الحديث "فتح الباري في شرح صحيح البخاري"، ولعل ابنَ حجر لم يسمع بذلك؛ حيث سمى شرحه بهذا الاسم، كمل منه نحو عشرين مجلدًا، وكان يقدر تمامه في أربعين مجلدًا. و"امتضاض السهاد في افتراض الجهاد"، في مجلد. و"الإسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد"، ثلاث مجلدات. و"تسهيل طريق الوصول في الأحاديث الزائدة على جامع الأصول"، و"الأحاديث الضعيفة"، و"الدر الغالي في الأحاديث العوالي"، و"سفر السعادة"، و"القاموس"، وهو كتاب نفيس ليس له نظير، وقد انتفع به الناس، ولم يلتفتوا بعده إلى غيره. قال التقي الكرماني: كان عديمَ النظير في زمانه نظمًا ونثرًا بالفارسي. وحكى الخزرجي: أنه رامَ التوجُّهَ في سنة 799 إلى مكة، فكتب إلى السلطان ما مثاله: ومما ينهيه إلى العلوم الشريفة: أنه غيرُ خافٍ عليكم ضعفُ أقلِّ العبيد، ورقَّةُ جسمه، ودقة بنيته، وعلوُّ سنه، وقد آل أمره إلى أن صار كالمسافر الذي تحزم وانتقل، إذ وَهَنَ العظمُ والرأسُ اشتعل، وتضعضع السن وتقعقع الشن، فما هو إلا عظام في جراب، وبنيان مشرف على خراب، وقد ناهز العشر التي تسميها العرب دقاقة الرقاب.
وقد مر على المسامع الشريفة غير مرة في "صحيح البخاري" قولُ سيدنا رسول الله - ﷺ -: "إذا بلغَ المرءُ ستين سنة، فقد أعذرَ اللهُ إليه"، فكيف من نيف على السبعين، وأشرف على الثمانين، ولا يَجْمُل بالمؤمن أن يمضي عليه أربعُ سنين، ولا يتجدد له شوقٌ وعزم إلى بيت رب العالمين، وزيارة سيد المرسلين.
وقد ثبت في الحديث النبوي ذلك، وأقلُّ العبيد له ستُّ سنين عن تلك المسالك، وقد غلب عليه الشوق، حتى جل عمره عن الطوق، ومن أقصى أمنيته أن يجدِّدَ العهد بتلك المعاهد، ويفوز مرة أخرى بتقبيل تلك المشاهد، وسؤاله من المراحم الحسنة، الصدقةُ عليه بتجهيزه في هذه الأيام مجردًا عن الأهالي والأقوام، قبلَ اشتداد الحَرِّ وغلبة الأُوام، فإن الفصل أطيب، والريح أزيب، ومن الممكن أن يفوز الإنسان بإقامة شهر في كل حرم، ويحظى في مهابط الرحمة والكرم، وأيضًا كان من عادة الخلفاء - سلفًا وخلفًا - أنهم كانوا يرددون البريد عمدًا قصدًا لتبليغ سلامهم إلى حضرة سيد المرسلين، فاجعلني - الله فداك - ذلك البريد، فلا أتمنى شيئًا سواه ولا أريد.
شوقي إلى الكعبةِ الغراءِ قد زادا ... واستحملَ القلسَ الوَخَّادَةَ الزادا
واستأذنَ المَلِكَ المِنْعامَ زيد على ... واستودعَ الله أصحابًا وأولادا
فلما وصل هذا إلى السلطان، كتب في طرة الكتاب ما مثاله: صدرَ الجمالِ المصريَّ! على لساني ما يحققه لك شفاهًا، إن هذا شيء لاينطق به لساني، ولا يجري به قلمي، فقد كانت اليمن عمياء فاستنارت، فكيف يمكن أن تتقدم، وأنت تعلم أن الله قد أحيا بك ما كان ميتًا من العلم، فبالله عليك إلا ما وهبت له بقيةَ هذا العمر، والله! يا مجد الدين! يمينًا بارة، إني أرى فراق الدنيا ونعيمها، ولا فراقك، أنت اليمن وأهله، انتهى.
قال الشوكاني - رح -: وفي هذا الكلام عبرة للمعتبرين من أفاضل السلاطين بتعظيم قدر علماء الدين، وقد أخذ عنه الأكابر في كل بلد وصل إليه، ومن جملة تلامذته: الحافظُ ابنُ حجر، والمَقْريزي، والبرهانُ الحلبي، ومات ممتعًا بسمعه وحواسه في ليلة عشرين شوال سنة 817، انتهى كلام الشوكاني في "البدر الطالع" - رحمه الله تعالى -.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.
محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم الشيرازى الفيروزبادى .
العلامة، مجد الدين، أبو طاهر، صاحب «القاموس».
ولد سنة 729 بكازرون.
قال ابن حجر: كان يرفع نسبه إلى الشيخ أبى إسحاق الشيرازى، وطعن الناس فى ذلك مستندين إلى أن الشيخ لم يعقب.
سمع ابن الخباز، وابن القيّم، وتقىّ الدين السبكى، وابن نباتة، وخليلا المالكى.
وكان لا يسافر إلا ومعه عدّة أحمال من الكتب وكان يقول: «ما كنت أنام حتى أحفظ مائتى سطر» وكان إذا أملق باع كتبه.
ومن تآليفه: «القاموس» و «فتح البارى بالسّيح الفسيح الجارى، فى شرح صحيح البخارى» (قال ابن حجر: ملأه بغرائب النقول، ولما اشتهرت مقالة ابن عربى باليمن صار يدخل منها فيه، فشانه، ولم يكن متهما بالمقالة المذكورة، إلا أنه كان يحب المداراة. قال السيوطى: وقد أخذ ابن حجر منه اسمه، وسمى به شرح البخارى: تأليفه) و «تسهيل الوصول، إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول» و «الروض المسلوف، فيما له اسمان إلى ألوف» و «مقصود ذوى الألباب، فى علم الإعراب» و «شرح خطبة الكشاف» و «شرح عمدة الأحكام» وأشياء كثيرة.
منها: شرح الفاتحة، المتفق وضعا المختلف صنعا، من تسمى بإسماعيل، أسماء النكاح، أسماء الليث، أسماء الخندريس، بصائر ذوى التمييز، فى لطائف الكتاب العزيز، التجاريح فى فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح، الدر الغالى فى الأحاديث العوالى، المرقاة الأرفعية فى طبقات الشافعية، المرقاة الوفية فى طبقات الحنفية». راجع ترجمته وتآليفه فى بغية الوعاة 117 - 118، وهدية العارفين 2/ 180 - 181، والضوء اللامع 10/ 79 - 86، وشذرات الذهب 7/ 126 - 131 وفى ش: أن وفاته سنة (810) وهو خطأ؛ لمخالفته الأصول، وفى البغية أن وفاته سنة (816) وهو خطأ كذلك.
توفى ليلة العشرين من شوال عام 817.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)
هو مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر بن أبي بكر بن أحمد بن محمود بن إدريس بن فضل الله ابن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن على الفيروزآبادي الشيرازي الشافعي الصديقي، ويكنى بأبي الطاهر، وقد أملى نسبه هذا بنفسه.
ولد في "كارزين" من أرض فارس. قال في "القاموس المحيط": وكارزين "بلد" بفارس ... وبه ولدت. وكانت ولادته في ربيع الآخر وقيل في جمادى الآخرة من شهور سنة 729هـ الموافق لسنة 1329م. ولم يصلنا شيء من أخبار أسرته سوى أن أباه كان من علماء اللغة والأدب بشيراز. وقد اشتهر بالفيروزآبادي نسبة إلى مدينة فيروزآباد التي تقع جنوبي شيراز بإيران، ربما لأن أباه وجده كانا من أبنائها.
وأما نسبته إلى شيراز فلربما أتته من أحد أجداده وهو الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، والذي كان من فيروزآباد أيضا، وطلب العلم في شيراز، أو لأنه تلقى العلم فيها في بداية أمره، أو لأن أباه كان أحد علمائها.
وأما الصديقي فهي نسبة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقد رفع نسبه إليه بعد أن ولي قضاء اليمن، وقد قرأ السخاوي صاحب كتاب "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" هذه النسبة بخط الفيروزآبادي نفسه في بعض كتبه إلى نوابه. ذكر هذا لما ترجم له.
وكان يحب الانتساب إلى الحرم المكي. فقد جاء في آخر "تاج العروس" للزبيدي أنه وجد في بعض نسخ كتب الفيروزآبادي: قال مؤلفه الملتجئ إلى حرم الله محمد بن يعقوب ... وجاء مثيل هذه العبارة في صدر إحدى نسختي كتابه "البلغة" الذي تحت يدنا المخطوطتين، ولعله فعل هذا اقتداء بالإمام الحسن بن محمد الصاغاني المتوفى سنة 650هـ. الذي كان يجب هذا اللجوء، وكان مجد الدين يقتدي به في كثير من الأحيان.
وقد ترجم له كثير من العلماء الذين صنفوا كتبا في تراجم الرجال، نذكر ما وقفنا عليه من هذه الكتب بعد قليل، ولكن يغلب على هذه التراجم الإيجاز والاقتصاد. ولعل ترجمة السخاوي في "الضوء اللامع" أوسع ترجمة وجدت له، وأشمل تأريخ، من عالم له اختصار وشهرة في هذا المضمار، وفوق ذلك فهو قريب العهد به وبأخباره وبمن عاصروه، كما أورد فيها ما قاله فيه كبار علماء عاصروه. فهي ترجمة شاملة ضافية، وقد آثرنا ذكرها هنا لنقف أيضا على طريقة المؤرخين في سرد تراجم الرجال.
قال السخاوي في كتابه الضوء اللامع1: "محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر بن عمر بن أبي بكر بن أحمد بن محمود بن إدريس بن فضل الله بن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن على بن يوسف بن عبد الله، المجد، أبو الطاهر، وأبو عبد الله بن السراج أبي يوسف بن الصدر أبي إسحاق بن الحسام بن السراج الفيروزآبادي الشيرازي واللغوي الشافعي.
ولد في ربيع الآخر، وقيل في جمادى الآخرة، سنة تسع وعشرين وسبعمئة بكازرون، من أعمال شيراز، ونشأ بها، فحفظ القرآن وهو ابن سبع وجود الخط، وثم نقل فيها كتابين من كتب اللغة، وانتقل إلى شيراز وهو ابن ثمان وأخذ اللغة والأدب عن والده. ثم عن القوام عبد الله بن محمود بن النجم، وغيرهما من علماء شيراز، وسمع فيها على الشمس أبي عبد الله محمد بن النجم وغيرهما من علماء شيراز، وسمع فيها على الشمس أبي عبد الله محمد بن يوسف الأنصاري الزرندي المدني "الصحيح" بل قرأ عليه "جامع الترمذي" هناك درسا بعد درس في شهور سنة خمس وأربعين، وارتحل إلى العراق فدخل واسط، وقرأ بها القراءات العشر على الشهاب أحمد بن على الديواني، ثم دخل بغداد في السنة المذكورة، فأخذ عن التاج محمد بن السباك والسراج عمر بن علي القزويني خاتمة أصحاب الرشيد بن أبي القاسم، وعليه سمع "الصحيح" أيضا، بل قرأ عليه "المشارق" للصغاني، والمحبوبي محمد بن العاقولي، ونصر الله بن محمد بن الكتبي، والشرق عبد الله بن يكتاش، وهو قاضي بغداد ومدرس "النظامية"، وعمل عنده معيدها سنين، ثم ارتحل إلى دمشق فدخلها سنة خمس وخمسين، فسمع بها من التقي السبكي، وأكثر من مائة شيخ، منهم ابن الخباز وابن القيم ومحمد بن إسماعيل بن الحموي، وأحمد بن عبد الرحمن المرداوي، وأحمد بن مظفر النابلسي، ويحيى بن على بن مجلي بن الحداد الحنفين وغيرهم ببعلبك وحماة وحلب، وبالقدس من العلائي والبياني والتقى القلقشندي والشمس السعودي وطائفة، وقطن به نحو عشر سنين، وولى به تداريس وتصادير، وظهرت فضائله، وكثر الأخذ عنه، فكان من أخذ عنه الصلاح الصفدي، وأوسع من الثناء عليه، ثم دخل القاهرة بعد أن سمع بغزة والرملة، فكان ممن لقيه بها البهاء بن عقيل والجمال الإسنوي، وابن هشام، وسمع من العز بن جماعة والقلانسي والمظفر العطار وناصر الدين التونسي وناصر الدين الفارقي وابن نباتة والعروضي وأحمد بن محمد الجزائري، وسمع بمكة من الضياء خليل المالكي واليافعي والتقى الحرازي ونور الدين القسطلاني وجماعة، وجال في البلاد الشمالية والمشرقية، ودخل الروم والهند، ولقي جماعة جما من الفضلاء، وحمل عنهم شيئا كثيرا، تجمعهم مشيخته تخريج الجمال بن موسى المراكشي.
وقال فيما قرأته بخطه: إن من مشايخه من أصحاب الفخر بن البخاري والنجيب الحراني وابن عبد الدائم والشرف الدمياطي الجم الغفير والجمع الكثير من مشايخ العراق والشام ومصر وغيرها، وإن من مروياته الكتب الستة وسنن البيهقي ومسند أحمد وصحيح ابن حبان، ومصنفات ابن أبي شيبة، وقرأ "البخاري" بجامع الأزهر في رمضان سنة خمس وخمسين على ناصر الدين محمد بن أبي القاسم الفارقي، وسمعه على الشمس محمد السعودي بقراءة الشهاب أبي محمود الحافظ، وبدمشق على العز بن الحموي، وقرأ بعضه على التقي إسماعيل القلقشندي، والحافظ أبي سعيد العلائي. وقرأ "مسلما" على البياني بالمسجد الأقصى في أربعة عشر مجلسا، وعلى ناصر الدين أبي عبد الله محمد بن جهبل بدمشق تجاه نعل النبي ﷺ في ثلاثة أيام، وبعضه قراءة وسماعا على ابن الخباز، والعز بن جماعة والنجم أبي محمد عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن البارزي وأخيه الزين أبي حفص وناصر الدين الفارقي، وجميعه سماعا على الجمال أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد المعطي بالمسجد الحرام تجاه الكعبة، وسمع "سنن أبي داود" على أبي حفص عمر بن عثمان بن سالم بن خلف، وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يونس بن القواس، وقرأ "الترمذي" أيضا على ابن قيم الضيائية، والنجم أبي محمد بن البارزي، و"ابن ماجه" ببعلبك على الخطيب الصفي أبي الفضائل عبد الكريم والعز بن المظفر، و"المصابيح" على حمزة بن محمد، كما أوضحه في "التاريخ الكبير".
ثم دخل زبيد في رمضان سنة ست وتسعين بعد وفاة قاضي الأقضية باليمن كله الجمال الريمي شارح "التنبيه" فتلقاه الملك الأشرف إسماعيل بالقبول وبالغ في إكرامه وصرف له ألف دينار سوى ألف كان أمر ناظر عدن بتجهيزه بها واستمر مقيما في كنفه على نشر العلم فكثر الانتفاع به. وبعد مضي سنة وأزيد من شهرين أضاف إليه قضاء اليمن كله، وذلك في أول ذي الحجة سنة سبع وتسعين، بعد ابن عجيل، فارتفق بالمقام في تهامة، وقصده الطلبة، وقرءوا عليه الحديث، السلطان فمن دونه فاستقرت قدمه بزبيد مع الاستمرار في وظيفته إلى حين وفاته، وهي مدة تزيد على عشرين سنة بقية حياة الأشرف، ثم ولده الناصر أحمد، وكان الأشرف قد تزوج ابنته لمزيد جمالها، ونال منه براو رفعة بحيث إنه صنف كتابا وأهداه له على الطباق فملأها له دراهم، وفي أثناء هذه المدة قدم مكة أيضا مرارا، فجاور بها وبالمدينة النبوية والطائف، وعمل فيها مآثر حسنة لو تمت.
وكان يحب الانتساب إلى مكة مقتديا بالرضي الصغاني فيكتب بخطه: الملتجئ إلى حرم الله تعالى. ولم يقدر له قط أنه دخل بلدا إلا وأكرمه متوليها، وبالغ، مثل شاه منصور بن شجاع صاحب تبريز، والأشرف صاحب مصر، والأشرف صاحب اليمن، وابن عثمان ملك الروم، وأحمد بن أويس صاحب بغداد، وتمرلنك الطاغية، وغيرهم.
واقتنى من ذلك كتبا نفيسة حتى نقل الجمال الخياط أنه سمع الناصر أحمد بن إسماعيل يقول إنه سمعه يقول: اشتريت بخمسين ألف مثقال ذهبا كتبا.
وكان لا يسافر إلا وصحبته منها عدة أحمال، ويخرج أكثرها في كل منزلة، فينظر فيها، ثم يعيدها إذا ارتحل، وكذا كانت له دنيا طائلة، ولكنه كان يدفعها إلى من يمحقها بالإسراف في صرفها، بحيث يملق أحيانا، ويحتاج لبيع بعض كتبه، فلذلك لم يوجد له بعد وفاته ما كان يظن به.
وصنف الكثير، فمن ذلك كما كتبه بخطه مع إدراجي فيه أشياء عن غيره: في التفسير:
- بصائر ذوي التمييز في الطائف الكتاب العزيز. مجلدان.
- تنوير المقياس في تفسير ابن عباس. أربع مجلدات.
- تيسير فاتحة الإياب في تفسير فاتحة الكتاب. مجلد كبير.
- الدر النظيم المرشد إلى مقاصد القرآن العظيم.
- حاصل كورة الخلاص في فضائل سورة الإخلاص.
- شرح قطبة الخشاف في شرح خطبة الكشاف.
وفي الحديث والتاريخ:
- شوارق الأسرار العية في شرح مشارق الأنوار النبوية. أربع مجلدات.
- منح الباري بالشيح الفسيح المجاري في شرح صحيح البخاري. كما ربع العبادات منه في عشرين مجلدة. ويخمن تمامه في أربعين مجلدا.
- عمدة الحكام في شرح عمدة الأحكام. مجلدان.
- امتضاض الهاد في افتراض الجهاد. مجلد.
- الإسعاد بالإصفاد إلى درجة الجهاد. ثلاث مجلدات.
- النفحة العنبرية في مولد خير البرية.
- الصلاة والبشر في الصلاة على خير البشر.
- المني في فضل مني.
- المغانم المطابة في معالم طابة.
- مهيج الغرام إلى البلد الحرام.
- إثارة الحجون لزيارة الحجون، قال إنه عمله في ليلة، كما في خطبته.
- أحاسن اللطائف في محاسن الطائف.
- روضة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر.
- المرقاة الوفية في طبقات الحنفية. أخذها من "بقات عبد القادر الحنفي".
- البلغة في تراجم أئمة النحاة واللغة.
- الفضل الوفي في العدل الأشرفي.
- نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان. في مجلد.
- تعيين الغرفات للمعين على عين عرفات.
- منية السول في دعوات الرسول.
- التجاريح في فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح.
- تسهيل طريق الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول.
عمله وكذا:
- الأحاديث الضعيفة. وهو في مجلدات للناصر.
- كراسة في علم الحديث.
- الدر الغالي في الأحاديث العوالي.
- سفر السعادة.
- المتفق وضعا والمختلف صقعا.
وفي اللغة وغيرها.
- اللامع المعلم العجاب، الجامع بين المحكم والعباب، وزيادات امتلأ بها الوطاب، واعتلى منها الخطاب، ففاق كل مؤلف هذا الكتاب. يقدر تمامه في مائة مجلد. كل مجلد يقرب من "صحاح الجوهري" في المقدار. رأيت بخطه أيضا أنه كمل منه مجاليد خمسة.
- القاموس المحيط والقابوس والوسيط، الجامع لما ذهب من لغة العرب شماطيط في جزأين ضخمين، وهو عديم النظير.
- مقصود ذوي الألباب في علم الإعراب. مجلد.
- تحبير الموشين فيما يقال بالسين والشين. أخذه عن البرهان الحلبي الحافظ ونقل عنه أنه تتبع أوهام "المجمل" لابن فارس في ألف موضع، مع تعظيمه لابن فارس وثنائه عليه.
- المثلث الكبير. في خمس مجلدات. والصغير.
- الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف.
- الدرر المبثثة في الغرر المثلثة.
- بلاغ التلقين في غرائب اللعين.
- تحفة القماعيل فيمن يسمى من الملائكة والناس إسماعيل.
- أسماء السراح في أسماء النكاح.
- أسماء الغادة في أسماء العادة.
- الجليس الأنيس في أسماء الخندريس. في مجلد.
- أنواء الغيث في أسماء الليث.
- أسماء الحمد.
- ترقيق الأسل في تصفيق العسل. في كراريس
- مزاد الزاد.
- زاد المعاد في وزن بانت سعاد. وشرحه في مجلد
- النخب الطرائف في النكت الشرائف.
إلى غيرها من مختصر ومطول.
قال التقى الكرماني: كان عديم النظير في زمانه نظما ونثرا بالفارسي والعربي. جاب البلاد، وسار إلى الجبال والوهاد ورحل، وأطال النجعة، واجتمع بمشايخ كثيرة عزيزة، وعظم بالبلاد، أقام بدهلي مدة، وعظمه سلطانها وبالروم مدة، وبجله ملكها، وبفارس وغيرها، وورد بغداد في حدود سنة أربع وخمسين، واجتمع بوالدي، وقرأ عليه، ورحل معه إلى الشام، ثم إلى مصر، وسمعا بالقاهرة "الصحيح" على الفارقي، وفارقه والدي فحج ورجع إلى بغداد، وأقام المجد بالقاهرة مدة، ثم بالقدس، ثم بالشام، ثم جاور بمكة مدة عشر سنين أو أكثر، وصنف بها تصانيف، منها "شرح البخاري" سماه "منح الباري" وأظن أنه لم يكمل. و"القاموس" مطولا في مجلدات عديدة، ثم أمره والدي باختصاره فاختصره في مجلد ضخم وفيه فوائد عظيمة وفرائد كريمة، واعتراضات على الجوهري، وكان كثير الاعتناء بتصانيف الصغاني، ويمشي على نهجه، ويتبع طريقه، ويقتدي بصنيعه، حتى في المجاورة بمكة، وفي الجملة كان جملة حسنة. وفي الآخر ورد بغداد من مكة في حدود نيف وثمانين، واجتمع بوالدي أيضا، ثم ذهب إلى الهند. ثم رجع إلى مكة، وأقام بها مدة، ثم ورد بغداد سنة نيف وتسعين بعد وفاة والدي، ولازمته أيضا، واستفدت منه شيئا كثيرا، ثم سافر إلى بلاد فارس ثم رجع إلى مكة بعد أن اجتمع بتمرلنك في شيراز وعظمه وأكرمه، ووصله بنحو مائة ألف درهم. ثم توجه إلى مكة من طريق البحر، ثم دخل بلاد اليمن، وأقام بعدن وبتعز، وكان ملكه له يكرم ويعز.
انتهت ترجمة الفيروزآبادي التي أوردها السخاوي في "الضوء اللامع
وقال الخزرجي[الخزرجي: هو علي بن الحسن بن أبي بكر بن الحسن بن وهاس الخزرجي الزبيدي، مؤرخ وبحاثة من أهل زبيد. توفي سنة 812هـ. الضوء اللامع 5/ 210، وكتابه الذي ترجم فيه للفيروزآبادي هو "العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية" ج2 / ص264 و278 و279.] في "تاريخ اليمن"2: إنه لم يزل في ازدياد من علوم الوجاهة والكانة ونفوذ الشفاعة والأوامر على قضاة الأمصار، ورام في سنة تسع وتسعين التوجه لمكة فكتب إلى السلطان ما مثاله: ومما ينهيه إلى العلوم الشريفة أنه غير خاف عليكم ضعف أقل العبيد، ورقة جسمه، ودقة بنيته، وعلو سنه وقد آل أمره إلى أن صار كالمسافر الذي تحزم وانتقل إذ وهن العظم، بل والرأس يشتعل، وتضعضع السن، وتقعقع الشن، فما هو إلا عظام في جراب، وبنيان مشرف على خراب، وقد ناهز العشر التي تسميها العرب دقاقة الرقاب، وقد مر على المسامع الشريفة غير مرة في صحيح البخاري قول سيدنا رسول الله ﷺ: "إذا بلغ المرء ستين سنة فقد أعذر الله إليه". فكيف من نيف على السبعين. وأشرف على الثمانين؟ ولا يجمل بالمؤمن أن تمضي عليه أربع سنين ولا يتجدد له شوق وعزم إلى بيت رب العالمين وزيارة سيد المرسلين وقد ثبت في الحديث النبوي ذلك، وأقل العبيد له ست سنين عن تلك المسالك وقد غلب عليه الشوق حتى جل عمره عن الطوق، ومن أقصى أمنيته أن يجدد العهد بتلك المعاهد ويفوز مرة أخرى بتقبيل تلك المشاهد، وسؤاله من المراحم الحسنية الصدقة عليه بتجهيزه في هذه الأيام مجردا عن الأهالي والأقوام قبل اشتداد الحر، وغلبة الأوام. فإن الفضل أطيب والريح أزيب [أي أنشط ] ومن الممكن أن يفوز الإنسان بإقامة شهر في كل حرم. وسيحظى بالتملي من مهابط الرحمة والكرم، وأيضا كان من عادة الخلفاء سلفا وخلفا أنهم كانوا يبردون البريد عمدا قصدا لتبليغ سلامهم إلى حضره سيد المرسلين، صلوات الله وسلامه عليه مددا، فاجعلني، جعلني الله فداك، ذاك البريد فلا أتمنى شيئا سواه ولا أريد:
شوقي إلى الكعبة الغراء قد زادا ... فاستحمل القلص الوجادة الزادا
واستأذن الملك المنعام زيد على ... واستودع الله أصحابا وأولادا
فلما وصل هذا إلى السلطان، كتب في طرة الكتاب ما مثاله:
"صدر الجمال المصري على لسان ما يحققه لك شفاها. إن هذا شيء لا ينطق به لساني، ولا يجري به قلمي، فقد كانت اليمن عمياء فاستنارت، فكيف يمكن أن تتقدم؟ وأنت تعلم أن الله تعالى قد أحيا بك ما كان ميتا من العلم. فبالله عليك إلا ما وهبت لنا بقية هذا العمر، والله يا مجد الدين، يمينا بارة إني أري فراق الدنيا ولا أرى فراقك. أنت اليمن وأهله".
وذكره التقي الفاسي[هو تقي الدين محمد بن أحمد بن على الفاسي المتوفى سنة 832 هـ، وكتابه الذي ذكر فيه الفيروزآبادي هو "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" ج2 397.] فقال: وكانت له بالحديث عناية غير قوية وكذا بالفقه وله تحصيل في فنون العلم، سيما اللغة، فله فيها اليد الطولي، وألف فيها تواليف حسنة، منها القاموس، ولا نظير له في كتب اللغة، لكثرة ما حواه من الزيادات على الكتب المعتمدة، كالصحاح.
قلت: وقد يمز فيه زياداته عليه، فكانت غاية في الكثرة بحيث لو أفردت لجاءت قدر الصحاح أو أكثر في عدد الكلمات، وأما ما نبه عليه من أوهامه فشيء كثير أشار إليه في الهامش بصفر، وأعراه من الشواهد اختصارا. ونبه في خطبته على الاكتفاء عن قوله "معروف" بحرف الميم، وعن "موضع" بالعين، وعن "الجمع" بالجيم، وعن "جمع الجمع" بجج، وعن "القرية" بالهاء، وعن "البلد" بالدال، وضبط ذلك بالنظم بعضهم، بل أثنى على الكتاب الأئمة نظما ونثرا، وتعرض فيه لأكثر ألفاظ الحديث والرواة، ووقع له في ضبط كثيرين خطأ، فإنه -كما قال التقي الفاسي في ذيل التقييد- لم يكن بالماهر في الصنعة الحديثية، وله فيما يكتبه من الأسانيد أوهام، وأما شرحه على "البخاري" فقد ملأه بغرائب المنقولات، سيما أنه لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي، وغلبت على علماء تلك البلاد وصار يدخل في شرحه من "قبوحاته الهلكية" [المراد كتابه "الفتوحات المكية"] ما كان سببا لشين الكتاب المذكور.
ولذا قال شيخنا [أي ابن حجر العسقلاني] إنه رأي القطعة التي كملت منه في حياة مؤلفه، وقد أكلتها
الأرضة بكمالها، بحيث لا يقدر على قراءة شيء منها قال [هذا مضمون كلام ابن حجر]:
ولم أكن أتهمه بالمقالة المذكورة، إلا أنه كان يحب المداراة، ولقد أظهر لي إنكارها والغض منها [جري بين أبي بكر بن محمد بن صالح الجبلي التعزي اليماني المتوفى سنة 811هـ وبين الفيروزآبادي مراجعات بسبب إنكار الأول على المشتغلين بكتب ابن عربي، وصنف في المنع جزءا رد عليه الفيروزآبادي تعصبا مع صوفية زبيد. الضوء اللامع 11/ 78، 79. ولعل هذا الرد هو الرسالة التي صنفها الفيروزآبادي في الانتصار لابن عربي صاحب الفتوحات المكية الموجودة في دار الكتب الظاهرية بدمشق].
ثم ذكر الفاسي أنه ذكر أنه ألف شرح الفاتحة في ليلة واحدة، فكأنه غير المشار إليه. وكذا ألف "ترقيق الأسل" في ليلة عندما سأله بعضهم عن العسل، هل هو قيء النحلة أو خرؤها؟ فكأنه غير المتداول، لكونه في نحو نصف مجلد وأنه وقف على مؤلفه على علم الحديث بخطه، وأنه ذكر في مؤلفه في فضل الحجون من دفن فيه من الصحابة، مع كونهم لم يصرح في تراجمهم من كتب الصحابة بذلك، بل وما رأيت وفاة كلهم بمكة، فإن كان في دفنهم به قول من قال إنهم نزلوا مكة فذلك غير لازم، لكونهم كانوا يدفنون في أماكن متعددة.
وقال أيضا: إن الناس استغربوا منه انتسابه للشيخ أبي إسحاق، وكذا لأبي بكر الصديق.
ولذا قال شيخنا [هو محمد بن عبد الله بن ظهيرة، المتوفى سنة 817هـ. ترجمته في الضوء اللامع 8/ 94-97]: لم أزل أسمع مشايخنا يطعنون في انتسابه إلى الشيخ أبي إسحاق مستندين إلى أن أبا إسحاق لم يعقب.
قال: ثم ارتقى درجة فادعى، بعد أن ولي القضاء باليمن بمدة طويلة أنه من ذرية أبي بكر الصديق، وصار يكتب بخطه "محمد الصديقي". ولم يكن مدفوعا عن معرفة، إلا أن النفس تأبى قبول ذلك.
وقال الجمال الخياط فيما نقله عن خط الذهبي في الشيخ أبي إسحاق إنه لم يتأهل ظنا، وكذا أنكر عليه غيره تصديقه بوجود رتن الهندي، وإنكاره قول الذهبي في "الميزان" [أي كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال، ج2 45.] إنه لا وجود له، ويقول: إنه دخل قريته ورأى ذريته، وهم مطبقون على تصديقه.
قال الفاسي: وله شعر كثير، في بعض قلق لجلبه فيه ألفاظا لغوية عويصة ونثره أعلى. وكان كثير الاستحضار لمستحسنات من الشعر والحكايات، وله خط جيد مع الإسراع، وسرعة حفظ.
بلغني عنه أنه قال: ما كنت أنام حتى أحفظ مائتي سطر، وقال: إن أول قدومه مكة -فيما أعلم- سنة ستين، ثم في سنة سبعين، وأقام بها خمس سنين أو ستا متوالية، وتكرر قدومه لها، وارتحل منها إلى الطائف، وكان له فيه بستان، وكذا أنشأ بمكة دارا على الصفا، عملها مدرسة للأشراف صاحب اليمن وقرر بهما مدرسين وطلبة، وفعل بالمدينة كذلك، ثم أعرض عن ذلك بعد موت الأشرف، وله بمنى دور وغيرها دور، وحدث بالكثير من تصانيفه ومروياته.
سمع منه الجمال بن ظهيرة، وروى عنه في حياته، ومات قبله بشهر.
وترجمه الصلاح الأقفهسي في "معجم الجمال" [الصلاح الأقفهسي: هو خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم، صلاح الدين الأقفهسي، المتوفى سنة 820هـ -أو 821هـ- صنف معجما لجمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة، المذكور في الحاشية السابقة. الضوء اللامع 3/ 202.] بقوله: كتب عنه الصلاح الصفدي، وبالغ في الثناء عليه، وجال في البلاد، ولقي الملوك والأكابر، ونال وجاهة ورفعة، وصنف التصانيف السائرة كالقاموس وغيره وولى قضاء الأقضية ببلاد اليمن، وقدم بمكة، وجاور بها مدة، وابتنى بها دارا.
وطول المقريزي في "عقوده" ترجمته [لأحمد بن علي المقريزي المؤرخ الشهير، المتوفى سنة 845هـ كتاب "درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة" صدر عن وزارة الثقافة بدمشق قطعة منه في جزأين بتحقيق محمد المصري محقق كتاب "البلغة" والدكتور عدنان درويش، والقطعة ليس فيها تراجم المحمدين] وقال: إن آخر ما اجتمعت به في مكة سنة تسعين، وقرأت عليه بعض مصنفاته، وناولني قاموسه، وأجازني، وأفادني.
وكذا لقيه شيخنا بزبيد في سنة ثمانمائة، وتناول منه أكثر "القاموس"، وقرأ عليه وسمع منه أشياء، وأورده في "معجمه"[ اسم الكتاب: "المعجم المؤسس للمعجم المفهرس" في تراجم الرجال أيضا. ترجمة الفيروزآبادي فيه موجزة في الصفحتين 286 و287 من نسخة مخطوطة في مكتبة الأوقاف بحلب وقد نقلت مؤخرا إلى مكتبة الأسد بدمشق.] و"إنبائه" [اسم الكتاب: "إنباء العمر بأبناء الغمر" مطبوع. وجاءت ترجمة الفيروزآبادي في ج2 159.]، وقرض لشيخنا تعليق التعليق وعظمه جدا، والتقى الفاسي، وقرأ عليه أشياء، وأورده في "تاريخ مكة" و"ذيل التقييد"[ التقييد: هو كتاب "التقييد لمعرفة الرواة والسنن والمسانيد" لابن نقطة محمد بن عبد الغني، المتوفى سنة 629هـ. وفيات الأعيان 1/ 520. ذيل عليه تقي الدين الفاسي المذكور قبلا.
4 في كتابه "الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب" ج2/ 362 مخطوطة حلب، التي نقلت مؤخرا إلى مكتبة الأسد بدمشق.]. والبرهان الحلبي أخذ عنه "تحبير الموشين" في آخرين ممن أخذت عنهم كالموفق الأبي، والتقي ابن الفهد، وأرجو إن تأخر الزمان يكون آخر أصحابه موتا على رأس القرن العاشر.
وممن ترجمه ابن خطيب الناصرية4، لكن باختصار جدا، والتقي ابن قاضي شهبة [لتقي الدين، أبي بكر بن قاضي شهبة، المتوفى سنة 851هـ تاريخ كبير ذيل على تواريخ ابن كثير والذهبي والبرازلي. قال عنه ابنه بدر الدين محمد بن أبي بكر قاضي شهبة، المتوفى سنة 874هـ "كتب منه خمس مجلدات ضخمة إلى سنة عشر وثمانمائة وكتب كراريس متفرقة من ذلك نحو مجلدة إلى سنة وفاته "أي سنة 851" لكن فقد من ذلك كراريس لم نجدها بعد وفاته، ثم اختصر هذا الذيل فكتب منه مجلدين إلى سنة ثمان وثمانمئة، وكتب منه كراريس بعد ذلك، ولو تمت كان مجلدة أخرى، ترجمة تقي الدين بن قاضي شهبة بقلم ابن بدر الدين. تحقيق الدكتور عدنان درويش. مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق. المجلد 58 الجزء 3 الصفحة 438.] وغيرهما.
مات، وقد متع بسمعه وحواسه في ليلة عشرى شوال سنة سبع عشرة بزبيد، وقد ناهز التسعين[وكذا في إنباء الغمر لابن حجر العسقلاني، وكذلك في المصادر، ويستنتج منها أيضا أن عمره لما توفى كان 88 سنة. إلا أن ابن حجر قال في ترجمته في ذلك الدرر الكامنة: "وقد جاوز التسعين" ولعله وهم أو تصحيف. ونقل الزركلي في الأعلام عن العقيق اليماني رواية أخرى هي أنه توفي في شوال سنة 819هـ.]، وكان يرجو وفاته بمكة، فما قدر. رحمه الله وإيانا.
أنشدني شيخي بالقاهرة، والموفق الأبي بمكة قال كل منهما: أنشدني المجد لنفسه مما كتبه عنه الصفدي في سنة سبع وخمسين:
أحبتنا الأماجد إن رحلتم ... ولم ترعوا لنا عهدا وإلا
أودعكم وأودعكم قلوبا ... لعل الله يجمعنا وإلا
وعندي في ترجمته بأول ما كتبه من القاموس فوائد، منها قول الأديب المفلق نور الدين على بن محمد بن العليف العلي العدناني المكي الشافعي، وقد قرأ عليه القاموس:
مذ مد مجد الدين في أيامه ... من بعض أبحر علمه القاموسا
ذهبت صحاح الجوهري كأنها ... سحر المدائن حين ألقي موسى
ومن شعره أيضا في مدح البديعية التي نظمها أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن عمر العلوي، وجيه الدين، المتوفى سنة 804هـ:
هذا القصيد حوي البدائع كلها ... وسما على نظم الآفاق وفاقا
حتى أقر الحاسدون بحسنه ... فأبان من أهل الخلاف وفاقا
ورقا بناظمه ذري لم يرفها ... من رق لفظا في الورى آفاقا
وقال أيضا:
هذا قصيد بديع الحسن لست ترى ... شعرا بديعا يدانيه ولا حسنا
سني ببهجته أهل النهى وسما ... حسنا وفاح له طيب ولاح سنا
أما العلامة ابن حجر العسقلاني، فهو من كبار المصنفين في تراجم الرجال وهو في نفس الوقت معاصره، والفيروزآبادي شيخه، وقد ترجم له ثلاث مرات: الأولى في كتابه "إنباء الغمر بأبناء العمر" والثانية في كتابه "ذيل الدرر الكامنة" والثالثة في كتابه "المجمع المؤسس للمعجم المفهرس" وقد رأينا إيراد الترجمة التي وردت في "إبناء الغمر" لأنها أكثر تلك الترجمات الثلاث تفصيلا.
قال ابن حجر: "محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر، الشيرازي، الشيخ، العلامة، مجد الدين، أبو طاهر، الفيروزآبادي. كان يرفع نسبه إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي صاحب "التنبيه"، ويذكر أنه بعد "عمر" أبا بكر بن أحمد بن أحمد بن فضل الله ابن الشيخ أبي إسحاق، ولم أزل أسمع مشايخنا يطعنون في ذلك مستندين إلى أن أبا إسحاق لم يعقب، ثم ارتقى مجد الدين درجة فادعى -بعد أن ولي قضاء اليمن بمدة طويلة- أنه من ذرية أبي بكر الصديق، وزاد إلى أن رأيت بخطه لبعض نوابه في بعض كتبه: محمد الصديقي، ولم يكن مدفوعا عن معرفة، إلا أن النفس تأبى قبول ذلك.
ولد الشيخ مجد الدين سنة تسع وعشرين وسبعمائة بكازرون، وتفقه ببلاده، وسمع بها من محمد بن يوسف الزرندي المدني "صحيح البخاري"، وعلى بعض أصحاب الرشيد بن أبي القاسم، ونظر في اللغة فكانت جل قصده في التحصيل، فمهر فيها إلى أن بهر وفاق أقرانه، ودخل الديار الشامية بعد الخمسين، فسمع بها، وظهرت فضائله، وكثر الآخذون عنه، ثم دخل القاهرة. ثم جال في البلاد الشمالية والشرقية، ودخل الهند، وعاد منها على طريق اليمن قاصدا مكة، ودخل زبيد، فتلقاه الملك الأشرف إسماعيل بالقبول، وكان ذلك بعد وفاة جمال الدين الريمي قاضي الأقضية باليمن كله، فقرره الأشرف مكانه، وبالغ في إكرامه، فاستقرت قدمه بزبيد، واستمر في ذلك إلى أن مات. وقدم في هذه المدة مكة مكرارا وأقام بها، وبالطائف، ثم رجع.
صنف "القاموس المحيط" في اللغة، لا مزيد عليه في حسن الاختصار، وميز فيه زياداته على "الصحاح"، وأكثر في عدد الكلمات، وقرئ عليه، وكان أولا ابتدأ بكتاب كبير في اللغة "اللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب" وكان يقول: لو كمل لكان مائة مجلد.
وذكر عنه الشيخ برهان الدين الحلبي أنه تتبع أوهام "المجمل" لابن فارس في ألف موضع، وكان مع ذلك يعظم ابن فارس ويثني عليه.
وقد أكثر المجاورة بالحرمين، وحصل دنيا طائلة، وكتبا نفيسة، لكنه كان كثير التبذير، وكان لا يسافر إلا وصحبته عدة أحمال من الكتب، ويخرج أكثرها في كل منزلة ينظر فيها ويعيدها إذا رحل، وكان إذا أملق باعها.
وكان الأشرف كثير الإكرام له، حتى إنه صنف له كتابا وأهداه له على أطباق فملأها له دراهم.
وصنف للناصر كتابا سماه "تسهيل الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول"[ بهامش نسخة مخطوطة من هذا الكتاب حاشية مثالها: قال لنا شيخنا المصنف: إن لذلك فوائد منها أن يصلح ما عساه يعرض للكتب من الفساد في الحمل من بلل أو حك أو نحو ذلك، ومنها أن القطاع إذا رأوا شخصا جالسا وحوله عدة من الكتب هابوه فربما لم يعرضوا له بسوء.] و "الإصعاد إلى رتبة الاجتهاد" في أربعة أسفار، وشرع في شرح مطول على "البخاري" ملأه بغرائب المنقولات. ذكر لي أنه بلغ عشرين سفرا، إلا أنه لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي[لعل المراد قوله بوحدة الوجود.] ودعا إليها الشيخ إسماعيل الجبرتي، وغلب على علماء تلك البلاد، صار الشيخ مجد الدين يدخل في "شرح البخاري" من كلام ابن العربي في "الفتوحات"[الفتوحات المكية لابن عربي. من أشهر كتبه، وقد طبع مرات] ما كان سببا لشين الكتاب. ولم أكن أتهم الشيخ بالمقالة المذكورة، إلا أنه كان يحب المدارة، وكان الناشري -فاضل الفقهاء بزبيد- يبالغ في الإنكار على إسماعيل -وشرح ذلك يطول- ولما اجتمعت بالشيخ مجد الدين أظهر لي مقالة ابن العربي وغض منها[قال ابن حجر في ترجمة الفيروزآبادي في "ذيل الدرر الكامنة": "ولما اجتمعت أنا بالشيخ إسماعيل سألني عن ابن العربي وما يقول علماؤكم فيه، فأجبته بما عندي في ذلك. فلم يعجبني فلما اجتمعت بشيخنا مجد الدين ذكرت له ذلك فتبرأ من مقاله ابن العربي، وأظهر موافقتي فيما أنسبه إليه".].
ورأتيه يصدق بوجود رتن الهندي، وينكر على الذهبي قوله في "الميزان"[هو "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" للإمام الذهبي. مطبوع ومشهور] أنه لا وجود له. قال الشيخ مجد الدين: إنه دخل قريته، ورأى ذريته، وهم مطبقون على تصديقه، وقد أوضحت ذلك في ترجمة رتن من كتاب "الإصابة"[طول ابن حجر ترجمة رتن كثيرا في كتابه "الإصابة" وجاءت ترجمته برقم 2659؛ لأنه ادعى الصحبة. وقال: "رتن بن عبد الله الهندي ثم البترندي، ويقال المرندي، ويقال رطن، بالطاء المثناة، ابن ساهوك بن جكندربيو ... ويقال: رتن بن نصر بن كربال، وقيل: رتن بن ميرن بن مندي. شيخ خفي خبره بزعمه دهرا طويلا إلى أن ظهر على رأس القرن السادس، فادعى الصحبة، فروى عنه ولده ... " وقال في نهاية ترجمته: "ولما اجتمعت بشيخنا مجد الدين الشيرازي شيخ اللغة بزبيد من اليمن وهو ذاك قاضي القضاة ببلاد اليمن رأيته ينكر على الذهبي إنكار وجود رتن، وذكر لي أنه دخل ضيعته لما دخل الهند، ووجد فيها من لا يحصى كثرة ينقلون عن آبائهم وأسلافهم عن قصة رتن ويثبتون وجوده، فقلت هو "يريد الذهبي" لم يجزم بعدم وجوده، بل تردد، وهو معذور، والذي يظهر أنه كان طال عمره فادعى ما ادعى، فتمادى على ذلك حتى اشتهر، ولو كان صادقا لاشتهر في المائة الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو الخامسة ولكنه لم ينقل عنه شيء إلا في أواخر السادسة، ثم في أوائل السابعة، قبيل وفاته، وقد اختلف في سنة وفاته كما تقدم، والله أعلم". الإصابة ج2 515-520.
وللحافظ الذهبي كتاب "كسر وثن رتن" مفقود. مقدمة سير أعلام النبلاء 1/ 83.].
ومن تصانيفه "شوارق الأسرار في مشارق الأنوار" والروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف" و"تحبير الموشين فيما يقال بالسين والشين"، وكان يقول: ما كنت أنام حتى أحفظ مائتي سطر. ولم يقدر له قط أن دخل بلدا إلا وأكرمه متوليها، وبالغ في إكرامه، مثل شاه شجاع صاحب تبريز، والأشرف صاحب مصر، والأشرف صاحب اليمن، وابن عثمان صاحب التركية، وأحمد بن أويس صاحب بغداد، وغيرهم.
ومتعه الله بسمعه وبصره إلى أن مات.
سمع الشيخ مجد الدين من ابن الخباز، وابن القيم، وابن الحموي، وأحمد بن عبد الرحمن المرداوي، وأحمد بن مطر النابلسي، والشيخ تقي الدين السبكي، ويحيى بن علي بن محلي بن الحداد، وغيرهم بدمشق في سنة نيف وخمسين.
وبالقدس من العلائي والتباني. وبمصر من القلانسي ومظفر الدين، وناصر الدين التونسي وابن نباتة والفارقي والعرضي والعز بن جماعة. وبمكة من الخليل المالكي والتقي الحرازي، ولقي بغيرها من البلاد جمعا جما من الفضلاء، وحمل عنهم شيئا كثيرا، وخرج له الجمال المراكشي مشيخة.
واعتنى بالحديث.
اجتمعت به في زبيد، وفي وادي الخصيب، وناولني جل "القاموس" وأذن لي مع المناولة أن أرويه عنه. وقرأت عليه من حديثه عدة أجزاء، وسمعت منه "المسلسل" بالأولية، بسماعه من السبكي، وكتب لي تقريظا على بعض تخريجاتي أبلغ فيه.
وأنشدني لنفسه في سنة ثمانمائة بزبيد بيتين كتبهما عنه الصلاح الصفدي في سنة سبع وخمسين بدمشق، وبين كتابتهما عنه ووفاته ستون سنة:
أخلانا الأماجد إن رحلنا ... ولم ترعوا لنا عهدا وإلا
نودعكم ونودعكم قلوبا ... لعل الله يجمعنا وإلا
مات في ليلة العشرين من شوال وهو ممتع بحواسه، وقد ناهز التسعين[قال ابن حجر نفسه في ترجمته "ذيل الدرر الكامنة": "وقد جاوز التسعين" انظر آخر ترجمة السخاوي المتقدمة].
لقد أوقفتنا هاتان الترجمتان لابن حجر والسخاوي على حياة الفيروزآبادي، ولادة ومنشأ ودراسة وتدريسا، وعلى العلوم التي انصرف إليها. وأتقنها وعلى مشايخه وتلاميذه، والوظائف التي تولاها، وآراء العلماء والحكام فيه، ورحلاته، وعلى معظم كتبه التي صنفها، وعلى أسماء من اجتمع بهم أو أخذوا عنه أو أخذ عنهم.
ويبدو أنه نال حظا كبيرا من الاحترام والتبجيل لدى عامة الناس وخاصتهم، وأنه كان متفوقا في كثير من صنوف العلوم والمعارف، وتنبئنا مصنفاته التي سنذكرها بعلو قدمه وطول باعه، كما كان محسنا للغة الفارسية ونظم بها شعرا.
أما شعره الذي تحدثت عنه المصادر إذ قال الفاسي: "وله شعر كثير" فلم يصلنا منه إلا بضعة أبيات، ذكرناها قبل قليل.
وأما مآخذ بعض متشددي العلماء عليه فهي في ظني لا يبرأ من مثلها عالم والرد عليه يسير.
وتوفي -رحمه الله- متمتعا بحواسه بزبيد في اليمن سنة 817هـ الموافقة لسنة 1415م، وعمره ثمان وثمانون سنة هجرية حسب معظم المصادر [وصورة قبره في كتاب "الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد" لعبد الرحمن بن علي الديبع. الصفحة 213. وقد وقعت في مجلة العربي الكويتية. العدد 68 تشرين الثاني سنة 1972 الصفحة 100 على استطلاع عن مدينة زبيد، فيه صورة لقبره فيها].
مصنفاته:
صنف الفيروزآبادي أكثر من سبعين مصنفا، منها المجلدات ومنها الوريقات. وقد اختلفت عناوين بعض هذه المصنفات في المصادر اختلافا بسيطا وهو أمر مألوف في عناوين المصنفات القديمة، لأمور لا مجال هنا لذكرها، ونورد ثبتا بما وقفنا عليه من تلك المصنفات في المصادر بعد تتبع طويل، مع إشارة إلى ما طبع منها، وإلى أمكنة وجود ما يزال مخطوطا، مرتبة حسب حروف الهجاء:
1-. إثارة الحجون "أو الشجون" إلى زيارة الحجون [الحجون الأولى: الكسول. والثانية: جبل بأعلى مكة المكرمة]. صنفه في ليلة واحدة. منه نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية برقم 3952.
2- أحاسن اللطائف في محاسن الطائف. ذكره السخاوي وابن العماد وحاجي خليفة والفاسي والزبيدي.
3- الأحاديث الضعيفة. مجلدان، عمله للناصر أحمد صاحب اليمن. ذكره الشوكاني وحاجي خليفة والفاسي.
4- الإسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد. ثلاثة مجلدات، ألفه للأشراف إسماعيل، صاحب اليمن. ذكره ابن حجر العسقلاني[في ذيل الدرر الكامنة وإنباء الغمر، وعنوانه فيهما: "الإصعاد إلى درجة الاجتهاد"] والسيوطي والشوكاني وحاجي خليفة، وطاش كبرى زاده.
5- أسماء الحمد. ذكره السخاوي وحاجي خليفة. ومنه نسخة مخطوطة في دار الكتب الظاهرية بدمشق التي نقلت إلى مكتبة الأسد برقم 414 ش 2351.
6- أسماء السراج "أو البراح" في أسماء النكاح. ذكره السخاوي، وابن العماد والفاسي وحاجي خليفة.
7- أسماء الغادة في أسماء العادة. ذكره السخاوي، والبغدادي والسيوطي والفاسي.
8- الإشارات إلى ما في كتب الفقه من الأسماء والأماكن واللغات. ذكره الزركلي.
9 - الاعتباط بمعالجة ابن الخياط. في أجوبة مسائل سئل عنها بحق الشيخ محيي الدين بن العربي. ذكره البغدادي والمقري.
10- الألطاف الخفية في أشراف الحنفية. ذكره صاحب كشف الظنون.
11- امتضاض السهاد "الشهاد" في افتراض الجهاد. ذكره السخاوي والشوكاني وحاجي خليفة والفاسي والبغدادي. وانظر مقدمة تاج العروس.
12- أنواء الغيث في أسماء الليث. ذكره السخاوي والسيوطي وحاجي خليفة والفاسي.
13- بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز. حققه الأستاذ محمد علي النجار، وطبع بالقاهرة سنة 1383هـ، وصدر ثانية بالقاهرة في سنة أجزاء، آخرها بتحقيق عبد العليم الطحاوي، وذكره الشوكاني بعنوان "لطائف ذوي التمييز".
14- بلاغ التلقين في غرائب اللعين. ذكره السخاوي.
15- البلغة في تراجم "تاريخ" أئمة النحو "النحاة" واللغة. وهو الكتاب الذي بين أيدينا. وذكره السخاوي وابن العماد والشوكاني وحاجي خليفة، وطاش كبرى زاده.
16- تاريخ مرو.
17- تثقيف الأسل في تفضيل العسل. ذكره السخاوي، وحاجي خليفة بعنوان "ترقيق الأسل..". وفي هدية العرفين "تثبيت الأسل" ولعله "ترقيق الأسل" القادم [وقد صنف محمد بن محمد بن عبد الله الخيضري المتوفى سنة 894هـ كتابا عنوانه "تقريم الأسل في تفضيل العسل". قال عنه السخاوي في الضوء اللامع 9/ 121 "سبقه الفيروزآبادي إلى ضده"].
18- تحبير الموشين فيما يقال بالسين والشين. تتبع فيه أوهام ابن فارس في المجمل في ألف موضع. طبع مرات، في الجزائر سنة 1327هـ بتحقيق محمد بن شنب وفي بيروت سنة 1330هـ ثم بدمشق سنة 1983 م بتحقيق محمد خير البقاعي.
19- تحفة الأبيه[الأبيه: الفطن] فيمن نسب لغير أبيه. طبع بمصر سنة 1370 هـ - 1950 م.
20- تحفة القماعيل [القماعيل: جمع قمعال، وهو السيد] فيمن يسمى من الملائكة والناس بإسماعيل. ذكره السيوطي والسخاوي وابن العماد وحاجي خليفة والفاسي. وانظر مقدمة تاج العروس.
21- التحف والطرائف في النكت الشرائف. ولعله "نخب الطرائف" القادم.
22- التخاريج "أوالتجاريح" في فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح للفراء البغوي. ذكره السخاوي وابن العماد وحاجي خليفة والفاسي والبغدادي.
23- ترقيق الأسل في تصفيق "تضعيف العسل". لعله "تثقيف الأسل" المتقدم.
24- تسهيل طرائق الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول. ألفه للناصر ابن الأشرف، صاحب اليمن. ذكره في الضوء اللامع والبدر الطالع وبغية الوعاة وشذرات الذهب ومفتاح السعادة وكشف الظنون والعقد الثمين ودرة الحجال، وذيل الدرر الكامنة، وعنوانه فيه "تسهيل الوصول".
25- تعيين "تعين" الغرفات للمعين على عين عرفات. ذكر في الضوء اللامع والشذرات والكشف والعقد الثمين ومقدمة تاج العروس.
26- تنوير المقباس في تفسير ابن عباس: نسبه إليه السخاوي والشوكاني وابن العماد. طبع مرات [منها الطبعة الصادرة عن شركة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة عام 1951م، وطبعة دار الكتب العلمية ببيروت عام 1992م]. وقالوا: إنه منسوب للمجد على جهة الغلط، والصحيح أنه له [راجع إن شئت نص الإجازة به في العقد الثمين 2/ 395].
27- تهييج "مهيج" الغرام إلى البلد الحرام. ذكر في الضوء والشذرات والكشف.
28- تيسير فاتحة الإهاب "الإياب" بتفسير فاتح الكتاب. ذكر في الضوء والشذرات والبغية والبدر الطالع ومفتاح السعادة. منه نسخة في القاهرة، وأخرى في مكتبة الأحقاف بتريم، عنوانها "فاتحة الكتاب ... ".
29- جزء في فضل سورة يس. جمعة للشيخ إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي العقيلي، المتوفى سنة 806هـ. ذكره المقريزي في ترجمة الشيخ إسماعيل هذا، في كتابه درر العقود الفريدة.
30- جليس "المجلس" الأنيس في أسماء الخندريس، وهو في بيان أسماء الخمر على حروف المعجم، وعدد أوصافها، وتعظيم الأمر في تحريمها، وذكر من حرمها على نفسه في الجاهلية والإسلام. منه نسخ بدار الكتب بالقاهرة، والمكتبة التيمورية، والإسكندرية.
31- حاصل كورة الخلاص في فضائل سورة الإخلاص. ذكر في الضوء والشذرات والكشف، وفي مفتاح السعادة بعنوان "كورة الخلاص".
32- الحث على طلب العلم. منه نسخة دار الكتب المصرية برقم 22 أدب ش/ في 10ق.
33- الدرر المبثثة في الغرر المثلثة، أو الغرر المثلثة والدرر المبثثة. حققه الدكتور علي حسين البواب، وصدر عن مكتبة المعارف بالرياض سنة 1982.
وحققه أيضا سليمان العائد، في رسالة ماجستير بمكة سنة 1398هـ، وصدر بتحقيق الظاهر أحمد الزاوي، عن الدار العربي للكتاب طرابلس، سنة 1989م.
34- الدر الغالي في الأحاديث العوالي. ذكر في الضوء والشذرات والبدر الطالع والكشف.
35- الدر النظيم المرشد إلى مقاصد "فضائل" القرآن العظيم. ذكر في الضوء والشذرات والبدر والكشف.
36- رسالة في الانتصار لصاحب الفتوحات المكية ابن العربي. منها نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق. ولعلها اليوم في مكتبة الأسد بدمشق.
37- رسالة في بيان ما لم يثبت فيه حديث صحيح من الأبواب. منها نسخة في الأسكوريال، في خمس ورقات، رقمها 1702 "12" كتبت سنة 990هـ.
38- رسالة في حكم القناديل النبوية. ذكرها بروكلمان.
39- رسالة فيمن نسب إلى غير أمه. نشرها عبد السلام هارون في نوادر المخطوطات.
40- الروض المسلوف[المسلوف: المتقدم] فيما له اسمان إلى ألوف. منه نسخة في ليدن بريل.
41- روضة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر. ذكر في الضوء والبدر والكشف.
42- زاد المعاد في وزن بانت سعاد، ذكر في الضوء والشذرات.
43- سفر السعادة [للسخاوي كتاب بهذا الاسم أيضا، حققه الأستاذ محمد الدالي، وصدر عن مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1985م] في الحديث والسيرة النبوية. طبع بمصر سنة
1346هـ بهامش كتاب كشف الغمة للشعراني، وبالمطبعة الميمنية سنة 1322هـ وبالمكتبة العصرية بيروت 1982م.
44- السلامة يوم القيامة. طبع في بيروت بالاشتراك مع مكتبة التراث بالقاهرة سنة 1987م.
45- شرح زاد المعاد كلاهما له. ذكر في الضوء.
46- شرح مثلثات قطرب. كانت منه نسخة في المدرسة المنصورية بمحلة الفرافرة بحلب، إلا أنها غير موجودة اليوم.
47- شوارق الأسرار العلية في شرح مشارق الأنوار النبوية للحسن بن محمد الصغاني. في أربع مجلدات. ذكر في الضوء والشذرات، وقال: هو في مجلدين كما ذكر في مفتاح السعادة والكشف والبدر الطالع، وسماه الشوكاني "الشوارق العلية".
48- الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر. طبع بدمشق سنة 1966م.
49- عدة "أو عمدة" الحكام في شرح عمدة الأحكام لعبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور الجماعيلي المتوفى سنة 600هـ، وهو في مجلدين. ذكر في الضوء والبغية والبدر الطالع ودرة الحجال والكشف ومفتاح السعادة.
50- عقائد الفيروزآبادي. كذا ورد في كشف الظنون.
51- فتاوي في محيي الدين بن عربي. منه نسخة في مكتبة الفاتح. إستنبول.
52- فتح الباري بالسيح الفسيح الجاري. انظر منح الباري ...
53- فصل الدرة من الخرزة في فضل السلامة على الخبزة [السلامة والخبزة: قريتان من أعمال الطائف]. ذكره السخاوي وابن العماد وحاجي خليفة.
54- الفضل الوفي في العدل الأشرفي. ذكره السخاوي وابن العماد والشوكاني وحاجي خليفة.
55- القاموس المحيط والقابوس الوسيط الجامع لما ذهب من لغة "كلام" العرب شماطيط. معروف مطبوع مرات.
65- قطبة الخشاف[القطبة: نصل الهدف، أو طرف السهم الذي يرمى به. وضرب من النبات. والخشاف: الذاهب في الليل أو غيره بجرأة] لحل خطبة الكشاف للزمخشري، ولعله "نغبة الرشاف من خطبة الكشاف"، أو بغية الرشاف [يستفاد مما جاء في "كشف الظنون: 148" أن الفيروزآبادي شرح خطبة "الكشاف" شرحا سماه "قطبة الخشاف لكل خطبة الكشاف" فأصاب هذا الشرح تلف فكتبه ثانية وسماه "نغبة الرشاف من خطبة الكشاف] ذكر في بغية الوعاة والبدر الطالع ودره الحجال وشذرات الذهب والكشف. منه نسخة في مكتبة سليم آغا بإستانبول.
57- اللامع المعلم العجاب، الجامع بين المحكم والعباب، وزيادات امتلأ بها الوطاب واعتلى منها الخطاب. وهو كتاب في اللغة، قدر كاملا بمائة مجلد كل مجلد يقرب من صحاح الجوهري، أكمل منه خمس مجلدات، ثم شرع في مختصر من ذلك وأتمه وسماه "القاموس المحيط". ذكر في الضوء والدر المنتخب لابن خطيب الناصرية والدر الطالع وشذرات الذهب والكشف.
58- المتفق وضعا والمختلف صقعا. ذكر في الضوء والبغية والبدر الطالع والشذرات والكشف [لياقوت الحموي كتاب بهذا العنوان أيضا. مطبوع].
59- المثلث الصغير، في خمسة أجزاء. ذكر في الضوء والشذرات والبدر.
60- المثلث الكبير، في خمسة مجلدات. ذكر في الضوء والشذرات والبدر الطالع. وحقق الدكتور عبد الجليل مغتاظ التميمي من جامعة سبها بليبيا كتابا للفيروزآبادي في المثلثات عنوانه "المثلث المختلف المعنى". وفي دار الكتب المصرية نسخة من كتاب المثلثات له [فهرست الكتب العربية الموجودة في دار الكتب المصرية لغاية سنة 1921، ج2]. وفي مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة نسخة من كتاب بعنوان "المثلثات اللغوية" له، تقع في 57 ورقة. ولعلهما المثلث الصغير أو المثلث الكبير.
61- مجمع السؤالات من صحاب الجوهري. منه نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، تقع في 45 ورقة رقمها 1/ 12275 مجاميع [فهرست مخطوطات مكتبة الأوقاف العامة ببغداد ج2، وانظر الكشف 2/ 1587].
62 - مختصر "الفيح القسي في الفتح القدسي" للعماد الأصفهاني. منه نسخة في المكتبة السعيدية بحيدرآباد برقم 7 [مجلة معهد المخطوطات العربية. المجلد الثاني. الجزء الأول. ص85.]، وأخرى في مكتبة فيض الله بإستانبول برقم 1529 تاريخ، في 100 ورقة.
63- المرقاة الأرفعية في طبقات الشافعية. ذكر في الكشف ومفتاح السعادة.
64- المرقاة الوفية في طبقات الحنفية. منه نسخة في دار الكتب بالقاهرة برقم 4647 تاريخ، ناقصة الآخر.
65- مزاد الزاد. ذكره السخاوي [في الضوء اللامع]. وانظر زاد المعاد المتقدم.
66- المغانم المطابة في معالم طابة [طابة: من أسماء المدينة المنورة، وكذا طيبة وطيبة]. منه نسخة في مكتبة الفاتح، وأخرى في مكتبة فيض الله بإستانبول في 274 ورقة. وطبع القسم الجغرافي منه بتحقيق العلامة الأستاذ حمد الجاسر، صدر عن دار اليمامة بالرياض سنة 1369هـ جعل فيه وفاة الفيروزآبادي سنة 823هـ كما جاء على غلاف نسخته المخطوطة، وهو خطأ.
67- مقصود ذوي الألباب في علم الإعراب. ذكر في الضوء اللامع والبغية والبدر الطالع والشذرات ودرة الحجال.
68- المنى في فضل منى. ذكره السخاوي.
69- منح "أو فتح" الباري بالسيح "أو بالسيل" الفسيح الجاري، في شرح صحيح البخاري. أكمل منه ربع العبادات في عشرين مجلدا. ذكر في الضوء والبغية والشذرات والبدر الطالع ودرة الحجال.
70- منية السول في دعوات الرسول. ذكره السخاوي وابن العماد وحاجي خليفة
71- نخب "أو النخب" الطرائف في النكت الشرائف. ذكره السخاوي وابن العماد وحاجي خليفة وابن الطيب الفاسي في مقدمة شرحه على القاموس ومقدمة التاج. ولعله التحف والطرائف.
72- نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان. ذكره السخاوي وابن العماد والشوكاني وحاجي خليفة.
73- نغبة الرشاف من خطبة الكشاف. انظر "قطبة الخشاف..".
74- النفحة العنبرية في مولد خير البرية. ذكره السخاوي وابن العماد وحاجي خليفة.
75- هيج الغرام إلى البلد الحرم. انظر "تهييج الغرام..".
76- الوجيز في لطائف الكتاب العزيز. ذكر في بغية الوعاة، ولعله "بصائر ذوي التمييز.." الذي تقدم.
77- الوصل والمنى في فضل "فضائل" منى. ذكره السخاوي وابن العماد وحاجي خليفة.
تلاميذه ومن قرأ عليه ومن أجازه أو أخذ عنه:
- أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، العالم المشهور وصاحب التصانيف المشهورة، المتوفى سنة 852 هـ [انظر ترجمته التي أوردها السخاوي في الضوء اللامع 10/ 79-86 التي ذكرتها قبل قليل].
- أبو بكر بن محمد بن محمد، زين الدين بن فخر الدين الباخرزي الإسعردي، الهروي. قرأ على الفيروزآبادي كتاب "الفتوحات المكية" لابن العربي [الضوء اللامع 11/ 93].
- محمد بن أبي بكر الخياط، المتوفى سنة 839هـ.
- محمد بن أبي بكر المراغي، المتوفى سنة 859هـ.
- محمد بن محمد، ابن الفهد، المتوفى سنة 871هـ.
- علي بن محمود، ضياء الدين الكرماني الشافعي. أخذ عنه.
- محمد بن إبراهيم الفوي المرشدي. سمع منه.
- محمد بن أحمد بن سليمان، ابن خطيب داريا. لازمه.
- عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر، ابن الجمال المصري، المتوفى سنة 834هـ. سمع عليه.
- أحمد ابن القاضي موفق الدين علي بن أبي بكر بن علي بن محمد الناشري.
- أحمد بن أبي القاسم اليمني المكي الشافعي. كتب إلى السخاوي أن من شيوخه المجد الشيرازي.
- سليمان بن إبراهيم بن عمر، أبو الربيع التعزي الزبيدي، المتوفى سنة 825هـ. سمع منه.
- أم أحمد، بدور المرسية، المتوفاة سنة 850هـ. أجازها.
- موسى بن أحمد بن جار الله.
- نسيم الدين عبد الغني بن جلال الدين عبد الواحد بن إبراهيم المرشدي المكي، المتوفى بالقاهرة سنة 833هـ. سمع منه باليمن.
- محمد بن مسعود بن صالح الزواوي. أجاز له الفيروزآبادي.
- إسماعيل بن العباس بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول ملك اليمن. سمع عليه الحديث.
- عائشة بنت محمد بن إبراهيم، ابنة المرشدي. أسمعت منه.
- أحمد بن عبد الله بن عبد القادر الطاووسي الأبرقوهي الشيرازي
- برقوق الظاهري. أجاز له.
- شاكر بن عبد الغني، ابن الجيعان. أجاز له.
- عبد الكريم بن محمد بن عطية بن عمران، الزين، المكي، التمار "ابن دردبة"، أجاز له.
مصادر ترجمة الفيروزآبادي:
- الأعلام لخير الدين الزركلي. ج8 / 19. الطبعة الثالثة.
- أزهار الرياض في أخبار عياض. للمقري. ج3/ 48-43.
- إنباء الغمر بأنباء الغمر. لابن حجر العسقلاني ج7/ 159.
- إيضاح المكنون. للبغدادي. ج1 / 80-85-106.
- البدر الطالع. للشوكاني ج2/ 280-285.
- بغية الوعاة للسيوطي. ج2/ 273.
- التاج المكلل. للقنوجي. ص446-469.
- تاريخ الأدب العربي. لكارل بروكلمان. الطبعة الألمانية ج1/ 181-183، وملحقه ج2/ 234-236.
- تاريخ أدب اللغة العربية. لجرجي زيدان ج3 145.
- تاريخ مكة لتقي الدين الفارسي.
- الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب لابن خطيب الناصرية.
مخطوطة حلب ج2/ 362.
- درة المجال، 20/ 317-218.
- الدليل الصافي على المنهل الصافي. لابن تغري بردي. ج2/ 713.
- درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة. للمقريزي. مخطوط وقد طبعت قطعة منه مؤخرا في وزارة الثقافة السورية، بتحقيق الأستاذ محمد المصري رحمه الله تعالى.
- ذيل التقييد لتقي الدين الفارسي.
- ذيل الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني. الترجمة رقم 437/ 238-240.
- روضات الجنات للخوانساري ص207-208.
- ري الصادي في ترجمة الفيروزآبادي. لرمضان بن موسى العطيفي.
- شذرات الذهب. لابن العماد الحنبلي. ج 7/ 126-131.
- الشقائق النعمائية. لطاشكبري زاده. ج1/ 32.
- الضوء اللامع للسخاوي. ج1/ 79-86.
- العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين. للفاسي. ج2/ 397.
- عقود الجوهر. لجميل العظم ص301-306.
- العقود اللؤلؤية. للخزرجي. ج2/ 264-278-279.
- العقيق اليماني في وفيات وحوادث المخلاف السليماني. لعبد الله بن علي الضمدي. مخطوط.
- المجمع المؤسس للمعجم المفرس. لابن حجر العسقلاني. مخطوط حلب ص143.
- معجم المؤلفين. لعمر رضا كحالة ج12/ 118.
- معجم المطبوعات. لسركيس ج2/ 1469-1471.
- مفتاح السعادة لطاشكبري زاده. ج1/ 103-106.
- مقدمة "بصائر ذوي التمييز" للفيروزآبادي. لمحمد علي النجار.
- مقدمة "الدار المبثثة". للفيروزآبادي. لمحمد علي عبد الكريم جامعة الأزهر 1978م.
- مقدمة "القاموس المحيط".
- مقدمة "تاج العروس".
- هدية العارفين. للبغدادي. ج2/ 180.
- الوفيات. لابن رافع السلامي.
التأليف في التراجم:
لم يكن الفيروزآبادي بدعا في هذا الفن وليس أول أو آخر من ألف في تراجم الرجال، فقد سبقه إلى ذلك أكابر العلماء والأدباء، وخلفه كثيرون. ولا يزال هذا الفن من التصنيف مزدهرا حتى عصرنا الحاضر. فلقد صنفت كتب كثيرة في طبقات وتراجم الأدباء والنحويين واللغويين والحكماء والأطباء والحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة والزهاد والقراء والمحدثين والمفسرين والنساك والشعراء والرواة والصحابة التابعين والخطاطين والأولياء والفرسان والمعتزلة والفرضيين والنسابيين والنساء وغير ذلك، وليس من العسير على المختصين الوقوف على تلك المصنفات وأصحابها، أما غيرهم فتصفح كتاب واحد في تراجم الرجال يرشده إلى عدد جم منها.
ومن هذه المصنفات ما شمل فئة من الرجال اختصت بعلم ما، وإن تفرقت في أرجاء العالم الإسلامي، ومنها ما خص قطرا بعينه بترجمة رجاله، فضلا عما اقتصر على ترجمة علم واحد.
وقد اختلفت مناهج القوم في التصنيف في هذا الفن، فمنهم من التزم البدء بأسماء المحمدين تكريما لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأتبعهم بأسماء الآخرين مرتبة حسب حروف المعجم بدءا من الألف وانتهاء بالياء كما فعل ابن قاضي شهبة في "طبقات النحاة واللغويين" والسيوطي في "بغية الوعاة"، ومنهم من التزم الترتيب المعجمي من بداءة الكتاب حتى منتهاه كالقطفي في "إنباه الرواة" ومنهم من رتب أصحاب التراجم حسب ألقابهم مرتبة حسب حروف المعجم كابن الفوطي في "تلخيص معجم الآدباء في معجم الألقاب". ومنهم من قسم المترجمين إلى طبقات وفق اعتبارات معينة، ومنهم من أفراد في نهاية الكتاب فصولا خاصة بالكنى والأسماء المتشابهة، ومنهم من ساق التراجم دون نسق معين.
ومن تلك المصنفات ما كانت تراجمه في الغالب مختصرة عموما، ومنها ما كانت تراجمه مفصلة، فيأتي الكتاب في أجزاء كثيرة. أو تكون ترجمة المشهور مفصلة وترجمة المغمور موجزة.
ومنها ما صنف حسب العصور ككتاب "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة" لابن حجر العسقلاني، وكتاب "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" للسخاوي.
ولعل من حسن الحظ أن كثيرا من تلك المصنفات قد سلم من عوادي الدهر وتقلبات العصور، كما أن كثيرا منها طبع وأصبح تحت أيدي العلماء والمختصين؛ لأن كتب التراجم بحر زاخر ومنهج باهر، فيه يجد كل عالم بغيته فهي مصدر ثرّ لعلماء الاجتماع والسياسة والأدب والفقه والتاريخ إلى غير ذلك من العلوم والفنون فهي عمدة مؤرخ الأدب والفكر والعادات والفن وما إلى ذلك.
ولقد أدلى الفيروزآبادي بدلوه، وشارك في التصنيف في هذا الفن فألف: "المرقاة الوفية في طبقات الحنفية" و"المرقاة الأرفعية في طبقات الشافعية" و"الألطاف الخفية في أشراف الحنفية"، و"تحفة الأبيه في من نسب لغير أبيه" و "تحفة القماعيل فيمن يسمى من الملائكة والناس بإسماعيل، و"رسالة فيمن نسب إلى غير أمه" و"روضة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر" وكتاب "البلغة" هذا.
من مقدمة كتاب: الكتاب: البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة للمؤلف: مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ).
دار سعد الدين للطباعة والنشر والتوزيع. ط1