محمد بن عثمان بن محمد بن عبد القادر الزرقا

تاريخ الولادة1258 هـ
تاريخ الوفاة1343 هـ
العمر85 سنة
مكان الولادةحلب - سوريا
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا

نبذة

الشيخ محمد بن السيد عثمان بن الحاج محمد بن الحاج عبد القادر الزرقا.  علّامة عامل، وفقيه أصولي متمكن، ومحدث محقق، ولغوي نحوي مكين، وهو الجوهرة الأولى في (سلسلة الذهب)، كما أطلق الشيخ المرحوم على الطنطاوي، عليه وعلى ابنه الشيخ أحمد، ثم حفيده الشيخ مصطفى، ثم ابنه الدكتور أنس . ولد في حلب، سنة: ثمان وخمسين ومئتين وألف للهجرة، وانصرف أول حياته إلى العمل في التجارة، ثم حبب إليه طلب العلم، وهو في الخامسة عشر من عمره، فانصرف إليه رغم معارضة والده وشريكه في العمل

الترجمة

1258 ـ 1343هـ 

1842 ـ 1924 م

 

الشيخ محمد بن السيد عثمان بن الحاج محمد بن الحاج عبد القادر الزرقا. 

علّامة عامل، وفقيه أصولي متمكن، ومحدث محقق، ولغوي نحوي مكين، وهو الجوهرة الأولى في (سلسلة الذهب)، كما أطلق الشيخ المرحوم على الطنطاوي، عليه وعلى ابنه الشيخ أحمد، ثم حفيده الشيخ مصطفى، ثم ابنه الدكتور أنس .

ولد في حلب، سنة: ثمان وخمسين ومئتين وألف للهجرة، وانصرف أول حياته إلى العمل في التجارة، ثم حبب إليه طلب العلم، وهو في الخامسة عشر من عمره، فانصرف إليه رغم معارضة والده وشريكه في العمل

لكنه مضى إلى هدفه طالباً من والده الرضا والدعاء له بالتوفيق.

لزم أول طلبه الشيخ عبد اللطيف النجاري في المدرسة (القرناصية) وقرأ عليه مبادئ العربية والفقه، بعد أن حفظ القرآن الكريم وكثيراً من المتون في الفقه والحديث والمصطلح والمنطق والتوحيد، ثم راح يحضر على الشيخ مصطفى الريحاوي دروسه في الفقه في المدرسة نفسِها، ثم انتقل إلى المدرسة (العثمانية) فقرأ فيها على الشيخ مصطفى الكردي علوم المنطق والتوحيد، وعلى الشيخ أحمد الترمانيني دروس النحو والصرف، وقرأ على الشيخ عبد السلام الترمانيني علوم الحديث ومصطلحه، وهو يروي عنه صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وأبي داوود والنسائي، وابن ماجه، وغيرها من كتب الحديث.

وقرأ على الشيخ إبراهيم اللبابيدي علم الأصول، وعلى الشيخ مصطفى الشوربجي علم الفرائض، وعلى الشيخ علي القلعجي أمهات الكتب في الفقه الحنفي.

وقرأ بنفسه علوماً متعددة، وأتقنها كاللغة والأدب والقراءات، حتى غدا من مشاهير القراء في مدينة حلب.

ولم تمض عليه غير مدة وجيزة حتى نبغ وذاع صيته في حلب وسائر البلاد السورية، وفاق أقرانه وبعض أساتذته في الفقه الحنفي خاصة، حتى قال عنه تلميذه الشيخ محمد راغب الطباخ: " كنا نرى أنه لو شاء إملاء مذهب أبي حنيفة من حفظه لأملاه، بنصوصه وحروفه " .

كما أحسن شيخنا المحدث المحقق الشيخ عبد الفتاح أبو غده إذا يقول فيه: " كان الشيخ محمد الزرقا فقيه النفس والبدن، ممتنعاً بمزايا علمية وسجايا خلقية رفيعة، فاق بها أقرانه، فكان شيوخ العلم يقصدون مجلسه ويحضرون حلقاته ودروسه، ليقتبسوا من علمه وحصافته، وذكائه الفريد وفطانته، فكان مجلسه دائماً عامراً بالعلماء والمستفيدين من علماء المذهب، بل ومن غيرهم أيضاً، لما يجدونه في دروسه من حلّ المشكلات، وتذليل المعضلات، ونثر الفوائد... " .

بعد أن حصل الشيخ هذا العلم الجمّ، وبلغ هذه المنزلة الرفيعة فيه، انصرف إلى نشره بين طلابه، فتصدر لتدريس الفقه الحنفي، والحديث والنحو والصرف، وغيرها.

وأول مدرسة درَّس فيها (المدرسة الشعبانية)، وكان ذلك سنة: 1299هـ، وكان يقرأ فيها دروس الفقه الحنفي، ثم راح يقرر في (المدرسة السعدية) دروساً في النحو والحديث والفقه والأصول، كما كانت له دروس في الحديث النبوي الشريف في (المدرسة الأحمدية)، ودروس في الفقه والحديث في المدرسة (العثمانية)، ودروس في الفقه في جامع الخير (جامع الحاج موسى)  ، وكان الشيخ يختار لطلابه أمّات الكتب في هذه الفنون ويقرأها عليهم.

لذلك كثر طلابه والآخذون عنه، والمتخرجون به، وفضل منهم عدد من العلماء، ما تزال أسمائهم لامعة في سماء الشهباء، نذكر منهم الشيخ محمد الكلاوي، والشيخ بشير الغزي، والشيخ بكري العنداني، والشيخ كامل الغزي، والشيخ راجي مكناس، والشيخ عبد القادر الحجار، والشيخ مصطفى الهلالي، ثمّ من بعدهم ابنه الشيخ أحمد الزرقا، والشيخ محمد نجيب سراج الدين، والشيخ مصطفى باقو، والشيخ عبد الكريم الترمانيني والشيخ محمد الحنيفي، والشيخ محمد راغب الطباخ، ومن الطبقة الثالثة نجد الشيخ محمد الناشد، والشيخ حامد هلال، والشيخ أحمد الحجار وغيرهم.

وقد تقلد الشيخ محمد عدداً من المناصب الهامة في مدينة حلب ودمشق والقسطنطينية أشهرها: 

1- رئاسة كتّاب المحكمة الشرعية، وكان هذا المنصب يسمى (نيابة الباب) لأن صاحبه يقوم بأعمال القاضي كلِّها عدا ختم الإعلامات ـ إمضاءات القرارات والأحكام ووضع الخاتم عليها ـ وحضور مجلس إدارة البلد سنة: 1300هـ.

2- أمانة الفتوى لدى المفتي الشيخ أحمد الزويتي  سنة: 1304 هـ.

3- معاون لأمانة الإفتاء العام، في الدولة العثمانية، في (القسطنطينية) وذك سنة: 1332هـ، لكنه لم يستطيع البقاء طويلاً، وذلك لكبر سنه، وتأثير البرد الشديد فيه من جهة، ولحنينه إلى أهله ووطنه من جهة ثانية.

4- قضاء مدينة حلب في عهد الحكومة العربية، بزعامة الأمير فيصل

الذي زاره في بيته، وطلب منه القيام بهذه المهمة، وقد قام بها على أكمل وجه رغم ضعفه وكبر سنه، وذلك سنة: 1337هـ -1918م.

5- عين نائباً في مجلس التمييز في دمشق، لكنه لم يباشر هذا المنصب لكبر سنه، وعدم قدرته على السفر، فطلب الاستعفاء منه، ولزم بيته مقتصراً على التدريس وإفادة الطلاب.

أبيُّ النفس، صادق العزيمة، حازم، حصيف، يقظ، خبير بأحوال الناس، عارف بمقاماتهم، ينزلهم منازلهم، كثير العبادة وقراءة القرآن الكريم، شديد الخوف من الله، عظيم التواضع، سخي اليد والنفس، محب للعلم وطلابه.

مربوع القامة، جميل الطلعة، صاحب مهابة ووقار.

ومع علمه الغزير، لم يترك الشيخ أي أثر علمي مكتوب، وذلك لانشغاله بالتعليم وقيامه بواجباته ووظائفه، في القضاء بين الناس، وإفتائهم وفض خلافاتهم، وتحرير معاملاتهم وصكوكهم، وقضاء حوائجهم.

غير أنني أثناء قيامي بتدقيق فهارس المكتبة الوقفية التي نظمها الشيخ أحمد سردار ـ رحمه الله ـ وجدت بين كتب الفقه الحنفي كتاب بعنوان (أفق الفلاح) في الفقه الحنفي، رقمه: 337 وقد أكد لي الشيخ السردار أن مؤلفه محمد الزرقا، وبعد البحث تبين لي أن عنوان الكتاب المذكور هو (لطائف الظرائف وطرائف اللطائف) وأن مؤلفه هو الشيخ إسماعيل بن أبي بكر المقري، المتوفى في النصف الأول من القرن التاسع الهجري، وأن الشيخ محمد الزرقا قام بتصحيحه وإعداده للطبع، وهذا الكتاب من نوادر الكتب يضم خمسة علوم هي: الفقه والتاريخ والنحو والعروض والقافية مرتبة بشكل بديع، وحروفها متداخلة في بعضها بشكل يأخذ بالألباب، ويدل على تمكن مؤلفه ومصححه في هذه الفنون.

وظل ـ رحمه الله ـ ملازماً للتدريس، ونشر العلم إلى أن وافته المنية ليلة السبت في الثلاثين من محرم، سنة: ثلاث وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة، وحزن عليه أهل حلب وعلماؤها، وطلبة العلم فيها، وشهد تشييعه الألوف من أهلها إلى مثواه الأخير في (التكية المولوية).

وقد رثاه حفيده الشيخ مصطفى الزرقا بقصيدة طويلة، نختار منها الأبيات التالية: 

أفض على مهجتي ما شئت يادَهر= واصبب صروفك ماشاءت لكالغِيرُ

إلى أن يقول: 

أيا إمام النهى ياكعبة الفضلا= يا عمدة الدين يا فاروق يا عمر

هلا رحمت علوماً غار منبعها= فما لها سوى صدغيك مدخر

لقد علمنا بأن الناس مثكلة= والعلم مختضر مذ أنت محتضر

كم من أخي حسد قد كنت مخمده= يناله من علاك الخزي والكدر

يبيت مرتقباً يوماً تموت به= وهل تود بقاء الضيغم الهرر

وقبلك الأنبياء الرسل قد حسدوا= ونابهم من بني أقوامهم ضرر

لئن أفلت عن الدنيا ومظهرها= فذاك مجدك في الأيام مستطر

والقصيدة كاملة مثبتة في ديوان (قوس قزح) للشيخ مصطفى الزرقا.

وقد أرخ بعضهم وفاته بقوله: (قمر غاب: 1343هـ) 

(بأرض الشهباء 1343هـ).

المراجع والمصادر

1- إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء، للشيخ محمد راغب الطباخ.

2- تاريخ الإفتاء في حلب الشهباء، للمؤلف.

3- حلب في مئة عام لفؤاد عنتابي ونجوى عثمان.

4- فتاوى الشيخ مصطفى الزرقا، بتحقيق وعناية الشيخ مجد مكي.

5- مقدمة (شرح القواعد الفقهية).

6- إعانة الطلبة المجدين في تراجم أعلام المحدثين من الشيوخ الحلبيين، للشيخ أحمد سردار، (مخطوط). 

7- مقابلة شفهية مع شيخنا الشيخ أحمد سردار.

 

https://islamsyria.com/site/show_cvs/1086