عبد الغني بن حسن بن إبراهيم البيطار

تاريخ الولادة1240 هـ
تاريخ الوفاة1315 هـ
العمر75 سنة
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا

نبذة

عبد الغني البيطار قارئ ، صوفي . عبد الغني بن حسن بن إبراهيم بن حسن بن محمد ، البيطار . ولد سنة 1240ه ، ونشأ في حجر والده ، حفظ القرآن الكريم مع الشاطبية على شیخ القراء الشيخ أحمد الحلواني بالروايات السبع على غاية الإتقان ، ثم قرأ على والده مدة في كتب النحو والصرف والفقه والحديث والتفسير والتوحيد والمنطق والمعاني والبيان والبديع .

الترجمة

عبد الغني البيطار
هو الشيخ عبد الغنى بن حسن بن إبراهيم بن حسن بن محمَّد البيطار.
ولد عام 1420 هـ أربعين ومائتين وألف من الهجرة.
حياته العلمية:
حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم وجوده، ثم حفظ منظومة الشاطبية في القراءات السبع وأتقن حفظها غاية الإتقان، ثم درس العلوم الشرعية والعربية وتلقى الكتب العظيمة كالتحفة لابن حجر والبخاري بطرفيه رواية ودراية وإحياء علوم الدين والمواهب اللدنية والمختصر للسعد، وغير ذلك.
كان لا يتكلم في المجالس إلا في المسائل العلمية.
شيوخه:
1 - والده الشيخ حسن البيطار، قرأ عليه من كتب النحو والصرف والفقه والحديث والتفسير والتوحيد والمنطق والمعانى والبيان والبديع.
2 - الشيخ أحمد الحلواني، حفظ علي يديه القرآن الكريم ومنظومة الشاطبية في القراءات السبع، وقرأ عليه القرآن الكريم بالقراءات السبع من الشاطبية.
3 - الشيخ عبد الرحمن الكزبري.
4 - الشيخ سعيد الحلببي.
5 - الشيخ سليم العطار.
6 - الشيخ عبد الغنى الميداني.
7 - الشيخ عبد القادر الخطيب.
8 - الشيخ محمَّالفاسي
وفاته:
توفي ليلة الثلاثاء في 17/ 7/ 1315هـ السابع عشر من شهر رجب الحرام عام خمسة عشر وثلاثمائة وألف من الهجرة.

إمتاَعُ الفُضَلاء بتَراجِم القرّاء فِيما بَعدَ القَرن الثامِن الهِجري- للساعاتي

 

 

عبد الغني البيطار

قارئ ، صوفي . عبد الغني بن حسن بن إبراهيم بن حسن بن محمد ، البيطار .

ولد سنة 1240ه ، ونشأ في حجر والده ، حفظ القرآن الكريم مع الشاطبية على شیخ القراء الشيخ أحمد الحلواني بالروايات السبع على غاية الإتقان ، ثم قرأ على والده مدة في كتب النحو والصرف والفقه والحديث والتفسير والتوحيد والمنطق والمعاني والبيان والبديع . وحضر الكتب العظيمة كالتحفة لابن حجر ، والبخاري بطرفيه رواية ودراية ، وإحياء علوم الدين ، والمواهب اللدنية ، والمختصر للسعد وغير ذلك .

وأخذ عن شيوخ أجلاء فقرأ على الشيخ عبد الرحمن الكزبري ، والشيخ سعيد الحلبي ، والشيخ سليم العطار ، والشيخ عبد الغني الميداني ، والشيخ عبد القادر الخطيب ، وغيرهم .

أخذ الطريقة الشاذلية عن الشيخ محمد الفاسي واشتغل بها كثيرا : ودأب على مطالعة كتب القوم ، وطالع الفتوحات المكية مع الفهم من ابتدائها حتى نهايتها .

زاهد ، مستقیم ، يحب العزلة عن سوى الأخيار ، كثير المذاكرة ، جميل المحاضرة ، لطيف العبارة ، لا يتكلم في المجالس إلا في المسائل العلمية .

 توفي ليلة الثلاثاء 17 رجب عام 1315ه ، ودفن في مقبرة ( باب الله ) في الميدان .

من كتاب تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري لمحمد مطيع الحافظ ونزار أباظة.

يوجد له ترجمة أوسع في الكتاب. 

 

 

أخي وشقيقي الشيخ عبد الغني بن المرحوم الشيخ حسن بن الشيخ إبراهيم بن الشيخ حسن بن الشيخ محمد البيطار
العالم الذي هو بكل وصف جميل متخلق، والعامل الذي هو بكل خلق كريم متحقق، روضة الفضل التي أشرقت أنوارها، ودوحة المجد التي أينعت ثمارها، وسماء العلم الذي تنورقت مشارقه ومغاربه، وأمطرت بالمعارف والعوارف سحائبه، سلك منذ نشأ منهج العلم والعمل، وملك من الكمالات ما يتعلق به الأمل، وقادته يد المعالي إلى الفضائل، وألبسته حلل المآثر وكسته أعلى الشمائل.
ولد سنة أربعين ومائتين وألف، ونشأ في حجر والده، ثم بعد قراءة القرآن الشريف حفظه مع الشاطبية على شيخ القراء في الديار الشامية الشيخ أحمد الحلواني، بالروايات السبع مع غاية الإتقان والتجويد، ثم قرأ على والده مدة من كتب النحو والصرف والفقه والحديث والتفسير والتوحيد والمنطق والمعاني والبيان والبديع، وحضر الكتب العظيمة كالتحفة لابن حجر والبخاري بطرفيه رواية ودراية والإحياء للغزالي وللخطيب التفسير والمختصر للسعد والمواهب اللدنية وغير ذلك.
وقرأ أيضاً على الشيخ عبد الرحمن الكزبري والشيخ سعيد الحلبي وعلى الشيخ سليم العطار وعلى الشيخ عبد الغني الميداني وعلى الشيخ عبد القادر الخطيب وعلى غيرهم من العلماء الأعلام والسادات العظام؛ وأخذ طريق السادة الشاذلية على المرشد الكامل السيد محمد المغربي الفاسي واشتغل به كثيراً، ودأب على مطالعة كتب القوم إلى أن طالع الفتوحات المكية مع الفهم من ابتدائها إلى انتهائها، مع ترك الانهماك على الدنيا، والزهد فيما يؤدي إلى تحصيلها، وليس له شغل سوى الإفادة والاستفادة وما يوجب له التقدم الأخروي، متباعداً عن الشهوات النفسانية، كثير التحرز مما يوجب الملام عند الله، مستقيم لأطوار، يحب العزلة عن سوى الكمل الأخيار، كثير المذاكرة، جميل المحاضرة، لطيف العبارة خصوصاً في علم الإشارة، إن حضر في جمعية لا يتكلم غالباً إلا في المسائل العلمية.
قد اجتمعت معه حينما كنت مشتغلاً بترجمته، وذكر شمائله وحليته، فسألني وإن كنت لا أصلح للسؤال، وأعلم أنه مستو على درجة الكمال، عن قول السيد أحمد بن إدريس: لو أطال الله عمر رجل من زمن أبينا آدم إلى قيام الساعة وهو يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، ورجل قال لا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله، مرة واحدة، في القيمة يسبق ذاك! ما المقصود من هذه العبارة، هل هي على ظاهرها أم سلك فيها مسلك الحقيقة والإشارة؟ فطال بيننا الكلام، في هذا المقام، إلى أن قال لي: إن بعض الناس وقع من هذه العبارة في التباس، فبعضهم أنكرها وبعضهم توقف في المقصود منها وأمرني أن أكتب عليها ما يزيل حجاب الاعتراض عنها، فامتثلت أمره، وأجللت بالقبول قدره، وقلت مستعيناً بالله معتمداً على فضله وعلاه، مستمداً من فيضه العميم، أنه رؤوف رحيم: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جازى عباده عن ذكرهم بذكره، ورغبهم في السؤال والدعاء بأمره، فأطمع المطيع والعاصي والداني والقاصي، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وخيرة الأصفياء، وعلى آله والتابعين، وأصحابه السابقين الأولين، ما ذكر الله ذاكر وشكره على قبوله شاكر. أما بعد فيقول سيدي الشيخ الإمام أحمد بن إدريس المغربي الحسني نسباً الإدريسي من ذرية سيدنا إدريس بن عبد الله قدس الله روحه ونور مرقده وضريحه: لو أطال الله عمر رجل من زمن أبينا آدم إلى قيام الساعة وهو يقول " أي بلسانه مع تصديق جنابه لكثرة الأجر والثواب والخلاص من سوء العذاب " لا إله إلا الله محمد رسول الله بدون أن يكون مستغرق القلب بالله، متخلياً عن شهود ما سواه، بل قلبه مشغول بالأمور الدنيوية، وفكره محصور بالأحوال الدنية، قد استولى على قلبه الحجاب، على سبيل الاستيعاب، فلم يبق مع ذلك لديه مطمع لتجلي الحقائق فيه، لعدم نورانيته بتراكم ظلم الحجب على عين بصيرته، لم يطلب من ذكره مع الحجاب سوى الأجر والثواب، قد غفل عن السير في مناهج الوصول، وظن أن حالته هي المنى والمأمول، مع أن أهل الله ما ألقوا نفوسهم في المهالك، وسلكوا أصعب المسالك، وفعلوا الفرائض والنوافل وذكروا الله في البكر والأصائل، إلا ليكشف لهم الحجاب ويشهدهم بعين قلوبهم رب الأرباب، فيتمتعون بوصال المحبوب، ويحوزون على المنى والمرغوب، فهذا السائر الكامل الذي لم يكن سيره طلباً لثواب، ولا رهبة من عقاب، بل كان سيره في مقامات السائرين إلى رب العالمين. وهذه المقامات ثلاثة: مقام الإسلام ومقام الإيمان ومقام الإحسان، وإنما انحصرت مقامات السائرين إلى الله تعالى في هذه الثلاثة، لأن الإنسان لما كان من مبدأ ظهوره في النشأة الدنيوية الحسية إلى أن يبلغ مبلغ التمييز والعقل، إنما كان الغالب عليه أحكام الطبع والجهل بمبدئه ومعاده، عاملاً بحكم طبعه وهواه ومراده، فعندما عقل وأحس بالمبدأ والمعاد وأخذ في السير من طبعه إلى ربه بحكم شرعه، إما أن يكون في مبدأ هذا السير مع غلبة حكم الطبع وغلبة اقتضاء النفس الملهمة فجورها، فهو في مقام الإسلام، وهذا مقام الذي قال لا إله إلا الله محمد رسول الله من زمن سيدنا آدم على الفرض إلى يوم القيامة. وإما أن يكون في وسطع وذلك بظهور أحكام الروح الروحانية على أحكام الطبع والنفس حتى تصير مقتضيات الأمور الحسية والإرادات الطبيعية والجهالات النفسية، مقهورة تحت روحانيته، ومقتضاها من الإرادات العقلية والإدراكات العلمية، فهو في مقام الإيمان الذي هو مقام قبول الروح لما غاب عن الحس، وهو مقام غربة النفس. وإما أن يكون في آخر سيره من نفسه إلى ربه فهو في مقام الإحسان، وذلك بأن يخلص من الاعتدال، لاستغنائه بالشهود عن الاستدلال، ولخلاصه من شتات الأسفار، بالحصول في محل القرار، فاتحدت العين بالعين، وزال الأين من البين، فحينئذ أفناه التوحيد عن توحيده، وجرده الوجود عن تجريده، فانطمست عين تكثيره في تفريده، وأشرقت شمس واحديته في تعديده، قد وحد الحق ذاته عنه، وأوصل بصفة البقاء إليه بعد الفناء لطيفة منه، فصح فيه قول من قال:
توحيده إياه توحيده ... فهو الواحد الموحد لنفسه

تعالت واحديته سبحانه ... عن التوحيد بالتوحيد في قدسه
وهذا هو المراد بقول سيدي أحمد بن إدريس: ورجل أي آخر قال لا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله مرة واحدة في القيمة يسق ذاك لأنه قالها في حضرة الشهود حين انمحت الذات بالذات، والصفات بالصفات، وغابت العين بالعين وزال التعبير بالاثنين، حينئذ ما قالها إلا الله، ولا نطق بها سواه، وصح له أنه نطق بالكلمة الكريمة في كل لمحة ونفس، لأن ذلك وما فوقه لم يخرج عن كونه من الوسع الإلهي الذي هو عبارة عن التجلي بجميع المظاهر الوجودية والوجوبية والإمكانية والصورية والمعنوية والحكمية والأثرية والعينية والعلمية والفرضية والقولية والفعلية والحسية والتنزيهية والتشبيهية فكان عين جميع ذلك من وجه واحد من كل الوجوه، وكان غير ذلك جميعه من وجه واحد من كل الوجوه، فهو الواسع الذي قبل الضدين وتجلى بالوصفين، وكان عين الشيء وخلافه وتقيد فهو مقيد وانطلق فهو منطلق، وتقيد في الانطلاق وانطلق في التقييد فصدقت عليه جميع الاعتقادات، ووقعت عليه جميع العبارات، كلت الألسن عن حصر ما هو عليه، وانحسرت العقول السليمة عن الوصول إليه، أحاط الكون عدماً ووجوداً، ولم يحط الكون به، ووسع الأشياء كلها علماً وعيناً وذاتاً وصفات ولم يسعه شيء. أما قوله في الحديث القدسي ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن، فهذا الوسع عند المحققين إنما هو عبارة عن قبول القلب للألوهية من حيثه لنفسه على أنه الله، وهذا المعنى لا يتسع له شيء من المخلوقات سوى قلب الإنسان الكامل لأنه مظهر الذات، وما سواه فمظاهر الأفعال والأسماء والصفات، والإنسان الكامل ولو عرف أنه هو الله وتحقق بما تحقق به من الأسماء والصفات، فإنه لا يبلغ غاية الكنه الذاتي ولا يستوفيه بوجه من الوجوه، ولهذا قال الصديق الأكبر: العجز عن درك الإدراك إدراك، وقال سيد المقربين وخاتم المرسلين: لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك وقال تعالى " وما قدروا الله حق قدره " يعني المقربين والكمل المحققين من الأنبياء والمرسلين من دونهم من الأنبياء والصديقين وسائر عباد الله المؤمنين والكافرين، بل هو فرق ما عرفوه وقدره فوق ما قدروه ووراء ما دروه.

فائدة
في معنى " لا إله إلا الله " ليكون السالك عند قولها ملاحظاً لذلك، أي لا مستغن عن كل ما سواه ومفتقر إليه كل ما عداه، إلا الله تعالى، ولا شك عند العقلاء جميعاً أن الوجود الواحد الحق مستغن عن كل ما سواه من صور العالم ومقاديرها، وتعينات أرواحهم ونفوسهم، وأشباحهم وجميع أحوالهم، لأنه الوجود المطلق حتى عن قيد الإطلاق، وجميع العوالم مفتقرة إليه لتظهر به وتتعين فيما هي متعينة به، وهذا معنى وحدة الوجود وهو معنى الكلمة الطيبة.

عائدة
لا بد للمريد السالك إن كان مراده الوصول، إلى مراتب أهل الحصول، من الاشتغال بالذكر دائماً بأي نوع كان من الأذكار، وأعلاها الاسم الأعظم وهو قولك الله الله لا يزيد عليه شيئاً، لأن الله ما وصف بالكثرة شيئاً إلى الذكر، وما أمر بالكثرة من شيء إلا من الذكر، فقال " والذاكرين الله كثيراً والذاكرات " وما أتى الذكر قط إلا بالاسم " الله " خاصة معرى عن التقييد فقال: " اذكروا الله ذكراً كثيراً " وما قال بكذا وقال: " ولذكر الله أكبر " ولم يقل بكذا وقال: " واذكروا الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول: الله الله " فما قيده بأمر زائد على هذا اللفظ لأنه ذكر الخاصة من عباده الذين يحفظ الله بهم عالم الدنيا وكل دار يكونون فيها، فإذا لم يبق في الدنيا منهم أحد لم يبق للدنيا سبق حافظ يحفظها الله من أجله، فتزول وتخرب. وكم من قائل الله الله باق في ذلك الوقت لكن ما هو ذاكر بالاستحضار الذي يستحضره أهل الله، فلهذا لم يعتبر اللفظ دون الاستحضار، فعلم من ذلك أن المريد لا ينتفع بأي ذكر كان إلا مع استحضار المعنى. والأدب الذي ذكره أهل الله في رسائل السلوك من التقوى والطاعة والعبادة والعمل بما في الكتاب والسنة وغير ذلك من المجاهدات.

وصل
اعلم أن الطرق شتى، ولكل طريق مرشدون يدلون الناس على الطريق الموصل إلى الله ليسلكوه، ومن المعلوم أن المرشد لا بد أن يكون على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم من كونه يخاطب الناس على قدر أحوالهم، فيخاطب المبتدي بما لا يخاطب به السالك. ويخاطب مريد السلوك بما لا يخاطب به مريد البركة والثواب، وله أساليب متعددة في دعاية الخلق إلى الله، لأن أكثر النفوس لها ميل إلى الدنيا والراحة من تكلف مشقات العبادة، ولا تهوى أن تعمل عملاً إلا بجائزة يسهل عندها القيام بالعمل، وإن الشيخ أحمد بن إدريس كان من كبار السادة المرشدين، والقادة الداعين إلى الله والمنشدين، فأتى لهم بهذه الصيغة التي تقتضي زيادتها الأخيرة زيادة ثواب لقائلها مرة، على من يقولها طول عمره من غير هذه الزيادة.
وليس مقصوده اقتصار القائل على مرة في تحصيل مراده، بل مراده أن يقول للناس في ترغيبهم إذا كان قولها مرة لها من الثواب ذلك فما بالك بالذي يلازم عليها آناء الليل وأطراف النهار، فحينئذ يلازم الإنسان على تلاوتها والحجب تتمزق شيئاً بعد شيق حتى يقع الشهود القلبي، فإذا حصل الشهود استغنى عن الذكر بمشاهدة المذكور، فلو ذكر العبد ربه في تلك الحضرة كان غير عارف بالأدب كما أن من كان بين يدي السلطان لا يناسبه تكرار اسمه جهراً على التوالي، بل ربما نسبوه إلى الجنون وأخرجوه من حضر السلطان لقلة أدبه، وكيف يكون منه ذلك وقد فني عن شهود السوى بحصوله في مقام الشهود، وقد ارتقى بفنائه عنه إلى مقام الوجود، فأي شيء له حينئذ وجود مع الله حتى ينفيه بتوحيده؟ ومن المعلوم أن النفي فرع الثبوت، وقد شهد هذا الكامل حينئذ أن الوجود لله وحده لا شريك له، وأن ما سواه ما شم رائحة الوجود أصلاً.
مهم
نقل أهل الشرع أنه لو قال إنسان لا إله إلا الله ألف مرة من غير أن يكررها وإنسان آخر قالها ألف مرة بالفعل هل يكونان متساويان؟ فأجأبيا بأن كلاً منهما حصل العدد غير أن الذي قال ذلك مرة واحدة حصل له هذا العدد من غير مضاعفة، والذي كررها العدد المعلوم حصل له العدد مضاعفاً، وأمر المضاعفة شيء موكول علمه إلى الله عز وجل، فلا يمكن إدخاله تحت حصر مخصوص، وقد علمت أن أهل الله لا يسألون عن ثواب ولا عن عقاب، بل مرادهم الوصول إلى حضرة الحكيم الوهاب، فرضي الله عنهم ورضوا عنه، ومن عليهم بما طلبوه جوداً وكرماً منه. نسأل الله أن يمن علينا بالمرام، وأن ينعم من فضله بحسن المبدأ والختام. وإلى هنا كان انتهاء الكلام بإذن الملك العلام، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى آله وأصحابه والتابعين إلى يوم الدين. حررت غرة محرم الحرام سنة خمس وثلاثمائة وألف، وتوفي هذا الأستاذ والأخ الملاذ، ليلة الثلاثا مساء سابع عشر رجب الفرد عام خمسة عشر وثلاثمائة وألف ودفن في تربة باب الله رحمه الله تعالى.

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.