محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد السيواسي السكندري كمال الدين

ابن الهمام

تاريخ الولادة790 هـ
تاريخ الوفاة861 هـ
العمر71 سنة
مكان الولادةالإسكندرية - مصر
مكان الوفاةالقاهرة - مصر
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • سيواس - تركيا
  • حلب - سوريا
  • القدس - فلسطين
  • الإسكندرية - مصر
  • القاهرة - مصر

نبذة

مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن عبد الحميد بن مَسْعُود الْكَمَال ابْن الْهمام السيواسي الأَصْل ثمَّ القاهري الحنفي: ولد سنة 790 تسعين وَسَبْعمائة وَقدم الْقَاهِرَة صَغِيرا وَحفظ عدَّة من المختصرات وعرضها على شُيُوخ عصره ثمَّ شرع فِي الطلب فَقَرَأَ على بعض أهل بَلَده بعد أَن عَاد إليها ثمَّ رَجَعَ الى الْقَاهِرَة.

الترجمة

مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن عبد الحميد بن مَسْعُود الْكَمَال ابْن الْهمام السيواسي الأَصْل ثمَّ القاهري الحنفي
ولد سنة 790 تسعين وَسَبْعمائة وَقدم الْقَاهِرَة صَغِيرا وَحفظ عدَّة من المختصرات وعرضها على شُيُوخ عصره ثمَّ شرع فِي الطلب فَقَرَأَ على بعض أهل بَلَده بعد أَن عَاد إليها ثمَّ رَجَعَ الى الْقَاهِرَة فَقَرَأَ على الْعِزّ ابْن عبد السَّلَام والبساطي والشمني والجلال الهندي والولي العراقى والعز ابْن جمَاعَة وسافر إِلَى الْقُدس وَقَرَأَ على علمائه وَسمع من جمَاعَة كالحافظ بن حجر وَغَيره وَلم يكثر من علم الرِّوَايَة وتبحر فِي غَيره من الْعُلُوم وفَاق الأقران وأشير إِلَيْهِ بِالْفَضْلِ التَّام حَتَّى قَالَ بَعضهم فِي حَقه لَو طلبت حجج الدَّين مَا كَانَ فِي بلدنا من يقوم بهَا غَيره
وَكَانَ دَقِيق الذِّهْن عميق الْفِكر يدقق المباحث حَتَّى يحير شُيُوخه فضلا عَن من عداهم بِحَيْثُ كَانَ يشكك عَلَيْهِم فِي الِاصْطِلَاح وَنَحْوه حَتَّى لَا يَدْرُونَ مَا يَقُولُونَ
وَقَالَ يحيى بن الْعَطَّار لم يزل يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْجمال المفرط مَعَ الصيانة وَفِي حسن النِّعْمَة مَعَ الدّيانَة وَفِي الفصاحة واستقامة الْبَحْث مَعَ الْأَدَب وَبِالْجُمْلَةِ فقد تفرد ي عصره بِعُلُومِهِ وطار صيته واشتهر ذكره وأذعن لَهُ الأكابر عَن الأصاغر وفضله كثير من شُيُوخه على أنفسهم وَقد درس بمدارس وَقَررهُ الأشرف برسباي فِي مدرسته وَألبسهُ الخلعة وَلما عورض فِي ذَلِك قَالَ بعد بعض دروسه فِيهَا أنه قد عزل نَفسه مِنْهَا وخلع طياسانه وَرمى بِهِ وَبلغ ذَلِك السطان فشق عَلَيْهِ واستعطفه فَلم يجب وانقبض وانجمع عَن النَّاس مَعَ الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ والنهي عَن الْمُنكر والإغلاظ على الْمُلُوك فَمن دونهم وصنف التصانيف النافعة كشرح الْهِدَايَة فِي الْفِقْه والتحرير فِي أصُول الْفِقْه والمسايرة فِي أصُول الدَّين وجزء فِي حَدِيث كلمتان خفيفتان ي اللِّسَان وَقد تخرج بِهِ جمَاعَة صَارُوا رُؤَسَاء فِي حيانه كالشمني والزين قَاسم وَسيف الدَّين وَابْن حضر والمناوي وَالْجمال بن هِشَام وَكَانَ إماما فِي الْأُصُول وَالتَّفْسِير وَالْفِقْه والفرائض والحساب والتصوف والنحو وَالصرْف والمعانى وَالْبَيَان والبديع والمنطق والجدل والدب والموسيقا حَتَّى قَالَ السخاوي فِي حَقه إنه عَالم أهل الأَرْض ومحقق أولي الْعَصْر وَمَات فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع رَمَضَان سنة 861 إِحْدَى وَسِتِّينَ وثمان مائَة بِمصْر وَحضر السُّلْطَان فَمن دونه وتأسف النَّاس على فَقده وَلم يخلف بعده مثله

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني

 

 

محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد كمال الدين الشهير بابن الهمام السكندري السيواسي كان والده قاضيا بسيواس من بلاد الروم ثم قدم القاهرة وولى خلافة الحكم بها عن القاضى الحنفي ثم ولي القضاء بالاسكندرية وتزوج بها بنت القاضي المالكي فولد له الكمال محمد سنة ثمان وثمانين وسبعمائة فاشتغل بعد ما ترعرع على أبيه وعلى علماء بلده ثم قرأ الهداية على سراج الدين الشهير بقارى الهداية وكان إمامًا نظاراً فارسا في البحث فروعاً أصولياً محدثاً مفسراً حافظاً نحوياً كلامياً منطقياً جدلياً وله تصانيف مقبولة معتبرة منها شرح الهداية المسمى بفتح القدير والتحرير في الأصول وغير ذلك مات سنة إحدى وستين وثمانمائة وأخذ عنه شمس الدين محمد الشهير بابن أمير حاج الحلبى ومحمد بن محمد ابن الشحنة وسيف الدين بن عمر قطلوبغا وغيرهم.

(قال الجامع) قد طالعت من تصانيفه فتح القدير من الابتداء إلى كتاب الوكالة وهو مبلغ تأليفه وتحرير الأصول والمسايرة في العقائد وزاد الفقير مختصر في مسائل الصلاة ورسالة في إعراب سبحان الله وبحمده وكلها مشتملة على فوائد فلما توجد في غيرها وقد سلك في أكثر تصانيفه لاسيما في فتح التقدير مسلك الإنصاف متجنباً عن التعصب المذهبى والاعتساف إلا ما شاء الله وقد أطال السيوطي في ترجمته في البغية وقل ولد سنة تسعين وسبعمائة وتفقه بالسراج قاري الهداية ولازمه في الأصول وغيره وانتفع به وبالمحب ابن الشحنة لمقدم القاهرة سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ولازمه ورجع معه إلى حلب وأقام عنده إلى أن مات وأخذ العربية عن الجمال الحميدى والأصول وغيره عن البساطي والحديث عن أبي زرعة العراقي وسمع الحديث على الجمال الحنبلى والشمس الشامي وأجاز له المراغى وابن ظهيرة وتقدم على أقرانه وبرع في العلوم وتصدى لنشر العلم فانتفع به خلق كثير.
(وكان علامة في الفقه والأصول والنحو والصرف والمعاني والبيان والتصوف والويسيقي محققاً جدلياً نظاراً وكان له نصيب وافر مما لأرباب الأحوال من الكشف والكرامات وكان تجرد أولا بالكلية فقال له أهل الطريق ارجع فإن للناس حاجة بعلمك وكان يأتيه الوارد كما يأتى الصوفية لكنه يقلع عنه بسرعة لأجل مخالطة الناس أخبرني بعض الصوفية من أصحابه أنه كان عنده في بيته الذى بمصر فأتاه الوارد فقام مسرعا وأخذ بيدي يجرنى وهو يعدو في مشيته وما زلت أجرى معه إلى أن وقف على المراكب فقال ما لكم واقفين هاهنا قالوا أوقفنا الريح وما هو باختيارنا فقال هو الذي يوقفكم فقالو نعم ثم أقلع عنه الوارد فقال لي لعلي شققت عليا فقلت أي والله انقطع قلبي من الجري فقال لا تأخذ علي فإني أشعر بشيء مما فعلته وكان يلازم لبس الطيلسان كما هو سنة الفقهاء وكان يرخيه كثيراً على وجه، وكان يخفف صلاته كما هو شأن الأبدال وكان أفتى برهة من عمره ثم ترك الإفتاء جملة وولى من الوظائف تدريس الفقه بالمنصورية والأشرفية والشيخونية مات يوم الجمعة سابع رمضان سنة إحدى وستين وثمانمائة انتهى ملخصاً

. الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي...

 

 

الكمال بن همام الدين :محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود الكمال بن همام الدين بن حميد الدين بن سعد الدين السيواسي الأصل ثم القاهري الحنفي الماضي أبيه وولي جده كجد أبيه قاضي سيواس ويعرف بابن الهمام، ولد سنة تسعين وسبعمائة - ظناً كما قرأته بخطه وقال المقريزي في عقوده سنة ثمان أو تسع وثمانين  بالإسكندرية ومات أبيه وكان قاضي اسكندرية وهو ابن عشر أو نحوها فنشأ في كفالة جدته لأمه وكانت مغربية خيرة تحفظ كثيراً من القرآن وقدم صحبتها القاهرة فأكمل بها القرآن عند الشهاب الهيثمي وكان يصفه بالذكاء المفرط والعقل التام والسكون وتلاه تجويداً على الزراتيتي وباسكندرية على الزيدن عبد الرحمن الفكيري، وحفظ القدوري والمنار والمفصل للزمخشري وألفية النحو، ثم عاد صحبتها أيضاً إلى اسكندرية فأخذ بها النحو عن قاضيها الجمال يوسف الحميدي الحنفي ،وقرأ في الهداية على الزين السكندري وعاد إلى القاهرة أيضاً وقرأ على يحيى العجيسي بلدي جدته،وأخذ الفقه عن السراج قارئ الهداية قرأها بتمامها عليه في سنتي ثماني عشرة والتي تليها وبه انتفع وكان يحاققه ويضايقه بحيث كان يحرج منه مع وصف الكمال له بالتحقيق في كل فن قال ولكنه أقبل بآخرة على الفقه والحديث والتفسير وترك ما عداها، مات في يوم الجمعة سابع رمضان سنة إحدى وستين وثمانمائة.

الضوء اللامع لأهل القرن السابع للسخاوي 8/127.

 


مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن عبد الحميد بن مَسْعُود الْكَمَال بن همام الدّين بن حميد الدّين بن سعد الدّين السيواسي الأَصْل ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَولي جده كجد أَبِيه قَاضِي سيواس وَيعرف بِابْن الْهمام. ولد سنة تسعين وَسَبْعمائة ظنا كَمَا قرأته بِخَطِّهِ وَقَالَ المقريزي فِي عقوده سنة ثَمَان أَو تسع وَثَمَانِينَ باسكندرية وَمَات أَبوهُ وَكَانَ قَاضِي اشكندرية وَهُوَ ابْن عشر أَو نَحْوهَا فَنَشَأَ فِي كَفَالَة جدته لأمه وَكَانَت مغربية خيرة تحفظ كثيرا من الْقُرْآن وَقدم صحبتهَا الْقَاهِرَة فأكمل بهَا الْقُرْآن عِنْد الشهَاب الهيثمي وَكَانَ فقيهه يصفه بالذكاء المفرط وَالْعقل التَّام والسكون وتلاه تجويدا على الزراتيتي وباسكندرية على الزيدن عبد الرَّحْمَن الفكيري وَحفظ الْقَدُورِيّ والمنار والمفصل للزمخشري وألفية النَّحْو ثمَّ عَاد صحبتهَا أَيْضا إِلَى اسكندرية فَأخذ بهَا النَّحْو عَن قاضيها الْجمال يُوسُف الْحميدِي الْحَنَفِيّ وَقَرَأَ فِي الْهِدَايَة على الزين السكندري وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة أَيْضا وَقَرَأَ على يحيى العجيسي بلدي جدته وَكَانَ الْكَمَال يَقُول إِنَّه لم يكن عِنْده كَبِير فَائِدَة بل أنكر أَن يكون قَرَأَ وَإِنَّمَا حضر عِنْده مَعَ رَفِيق لَهُ وَبِمَا قَالَ العجيسي لَهُ بعد أَن كبر ألم نربك فِينَا وليدا وَفِي الْمنطق على الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والبساطي وَعنهُ أَخذ أصُول الدّين وَقَرَأَ عَلَيْهِ شرح هِدَايَة الْحِكْمَة لملازادة وَكَذَا أَخذ عَن همام الدّين شيخ الجمالية والكمال الشمني وَالشَّمْس البوصيري وَاجْتمعَ بِكُل من حفيد ابْن مَرْزُوق وَابْن الفنري حِين رجوعهما من الْحَج وَبحث مَعَ كل مِنْهُمَا بِمَا أبهر بِهِ من حضر وَرُبمَا كَانَ يحضر عِنْد الْبَدْر الأقصرائي فِي التَّفْسِير ويدقق المباحث مَعَه بِحَيْثُ لَا يجد الْبَدْر لَهُ مخلصا وَأخذ شرح الْمطَالع عَن الْجلَال الْهِنْدِيّ وَشرح المواقف عَن القطب الأبرقوهي وَقَالَ إِنَّه لم يكن فِي شُيُوخه أذكى مِنْهُ وأقليدس عَن ابْن المجدي والدواوين السَّبع أشعار الْعَرَب عَن الْعَيْنِيّ وَكَانَ أحد المقررين عِنْده فِي محدثي المؤيدية وغالب شرح ألفية الْعِرَاقِيّ عَن ولد مُؤَلفه الْوَلِيّ ورام أَولا التدقيق فِي الْبَحْث بِحَيْثُ يشكك فِي الِاصْطِلَاح فَلم يُوَافقهُ الْوَلِيّ على الْخَوْض فِي ذَلِك وَتردد للعز بن جمَاعَة فِي الْعُلُوم الَّتِي كَانَت تقْرَأ عَلَيْهِ وَكَانَ لوفور ذكائه إِذا استشعر الشَّيْخ بمجيئه قطع الْقِرَاءَة وَلذَا كَانَ الْكَمَال يرجح الْبِسَاطِيّ عَلَيْهِ وَيَقُول أَنه أعرف بشرح الْمطَالع والعضد والحاشية مِنْهُ، وَأخذ الْفِقْه عَن السراج قَارِئ الْهِدَايَة قَرَأَهَا بِتَمَامِهَا عَلَيْهِ فِي سنتي ثَمَانِي عشرَة وَالَّتِي تَلِيهَا وَبِه انْتفع وَكَانَ يحاققه ويضايقه بِحَيْثُ كَانَ يحرج مِنْهُ مَعَ وصف الْكَمَال لَهُ بالتحقيق فِي كل فن قَالَ وَلكنه أقبل بِأخرَة على الْفِقْه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَترك مَا عَداهَا وَكتب لَهُ السراج أَنه أَفَادَ أَكثر مِمَّا اسْتَفَادَ بِقِرَاءَة السراج لَهَا حَسْبَمَا كتبته من خطّ صَاحب التَّرْجَمَة على مَشَايِخ عِظَام من جُمْلَتهمْ الْعَلَاء السيرامي عَن السَّيِّد الإِمَام جلال الدّين شارحها عَن الْعَلَاء عبد الْعَزِيز البُخَارِيّ صَاحب الْكَشْف وَالتَّحْقِيق عَن حَافظ الدّين الْكَبِير عَن الْكرْدِي عَنهُ والزين التفهني ونزله طَالبا عِنْده بالصرغتمشية بِغَيْر سُؤال، وسافر صبته إِلَى الْقُدس فَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ هُنَاكَ فِي الْكَشَّاف وَيسمع فِي الْهِدَايَة بل رام استنابته فِي الْقَضَاء فَامْتنعَ الْكَمَال بعد أَن أُجِيب لما اشْتَرَطَهُ أَولا من الحكم فِيمَا جرت الْعَادة بِالتَّعْيِينِ فِيهِ بِدُونِ تعْيين والإعفاء من حُضُور عُقُود الْمجَالِس وَاسْتمرّ التفهني فِي الإلحاح عَلَيْهِ إِلَى أَن قَالَ لَهُ: لست أحب أحدا من الشُّيُوخ وَغَيرهم يتَقَدَّم عَليّ لكوني لست قَاصِر البنان وَاللِّسَان عَن أحد مِنْهُم فَمن ثمَّ لم يعاود التفهني الْكَلَام مَعَه فِي ذَلِك. هَذَا مَعَ شدَّة تواضعه مَعَ الْفُقَرَاء حَتَّى أَنه جَاءَ مرّة لمجلس الْعَلَاء البُخَارِيّ وَهُوَ غاص بهم فَجَلَسَ فِي جَانب الْحلقَة فَقَامَ إِلَيْهِ الْعَلَاء وَقَالَ لَهُ: تعال إِلَى جَانِبي فَلَيْسَ هَذَا بتواضع فَإنَّك تعلم أَن كلا مِنْهُم يعْتَقد تقدمك وإجلالك إِنَّمَا التَّوَاضُع أَن تجْلِس تَحت ابْن عبيد الله فِي مجْلِس الْأَشْرَف، وَلما قدم الْمُحب أَبُو الْوَلِيد بن الشّحْنَة الْقَاهِرَة قَرَأَ عَلَيْهِ قِطْعَة من الشَّرْح الصَّغِير شرح منار حَافظ الدّين النَّسَفِيّ للكاكي ولازمه واستصحبه مَعَه فِي سنة أَربع عشرَة إِلَى حلب فَأَقَامَ عِنْده بهَا يَسِيرا. وَمَات الْمُحب عَن قرب بعد أَن أوصى لَهُ بِنَفَقَة اسْتَعَانَ بهَا فِي رُجُوعه وَكَانَ يثني على علم الْمُحب وَالْتمس مِنْهُ بعض أَصْحَابه وَهُوَ بِالشَّام حِين اجتيازه بهَا قَاصِدا الْقَاهِرَة الإنشاد بِبَعْض الختوم لطراوة نغمته فَفعل وَحصل لَهُ بِسَبَب ذَلِك دَرَاهِم وتسلك فِي طَرِيق الْقَوْم بالأدكاوي والخوافي وسافر مَعَه إِلَى الْقُدس ودعا لَهُ أَن يكون من الْعلمَاء العاملين والعباد الصاحين.
وَصَحب نصر الله وقتا وَأقَام مَعَه بالمنصورية وَسكن الجمالية مُدَّة وَلذَا كثرت مخالطته للكمال الشمني وَكَانَ يتَوَجَّه مِنْهَا غَالِبا فَيشْهد الْجَمَاعَة بالبرقوقية قصدا للاسترواح بِالْمَشْيِ وَنَحْوه، وَسمع على الْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ والشمسين الشَّامي والبوصيري وتغرى برمش التركماني والشهاب الوَاسِطِيّ وَشَيخنَا وَوَصفه بالعالم الْعَلامَة الْفَاضِل حفظه الله وَرفع دَرَجَته، وَلم يكثر من الرِّوَايَة، وَأَجَازَ لَهُ الزين المراغي والحمال بن ظهيرة بذلك، وَحدث بهَا سَمعهَا مِنْهُ الْفُضَلَاء وتزايد تَعْظِيمه لي وثناؤه عَليّ كَمَا بَينته فِي مَكَان آخر، وَكَذَا أجَاز لَهُ شَيْخه التفهني والكلوتاتي والزين الزَّرْكَشِيّ وحسين البوصيري وَالْجمال عبد الله بن الْبَدْر البهنسي والتاج مُحَمَّد بن مُوسَى الْحَنَفِيّ والقبابي التدمري وَالشَّمْس بن الْمصْرِيّ وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن الطَّحَّان وَعَائِشَة الكنانية وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي فِي آخَرين باستدعاء الزين رضوَان الْمُسْتَمْلِي وَغَيره. وَلم يبرح عَن الِاشْتِغَال بالمعقول وَالْمَنْقُول حَتَّى فاق فِي زمن يسير وأشير إِلَيْهِ بِالْفَضْلِ التَّام والفطرة السمتقيمة بِحَيْثُ قَالَ الْبُرْهَان الأبناسي أحد رفقائه حِين رام بَعضهم الْمَشْي فِي الاستيحاش بَينهمَا: لَو طلبت حجج الدّين مَا كَانَ فِي بلدنا من يقوم بهَا غَيره. قَالَ وَشَيخنَا الْبِسَاطِيّ وَإِن كَانَ أعلم فالكمال أحفظ مِنْهُ وَأطلق لِسَانا هَذَا مَعَ وجود الأكابر إِذْ ذَاك، بل أَعلَى من هَذَا أَن الْبِسَاطِيّ لما رام المناظرة مَعَ الْعَلَاء البُخَارِيّ بِسَبَب ابْن الفارض وَنَحْوه قيل لَهُ من يحكم بَيْنكُمَا إِذا تناظرتما فَقَالَ ابْن الْهمام لِأَنَّهُ يصلح أَن يكون حكم الْعلمَاء بل حضر إِلَيْهِ الْبِسَاطِيّ بنسخة من تائية ابْن الفارض ذَات هوامش عريضة وتباعد بَين سطورها وَالْتمس مِنْهُ الْكِتَابَة عَلَيْهَا بِمَا يخلق لَهُ من غير نظر فِي كَلَام أحد. وَسُئِلَ مرّة عَن من قَرَأَ عَلَيْهِ فعد القاياتي والونائي وَمن شَاءَ الله من جماعته ثمَّ قَالَ وَابْن الْهمام وَهُوَ يصلح أَن يكون شَيخا لهَؤُلَاء. وَقَالَ يحيى بن الْعَطَّار: لم يزل يضْرب بِهِ الْمثل فِي الْجمال الْمُفْرد مَعَ الصيانة وَفِي حسن النغمة مَعَ الدّيانَة وَفِي الفصاحة واستقامة الْبَحْث مَعَ الْأَدَب. قلت وَفِي التقلل فِي أوليته مَعَ الشهامة وَفِي الرياضة وَالْكَرم مَعَ كَون جدته مغربية وَاسْتمرّ يترقى فِي درج الْكَمَال حَتَّى صَار عَالما مفننا عَلامَة متقنا درس وَأفْتى وَأفَاد وَعَكَفَ النَّاس عَلَيْهِ واشتهر أمره وَعظم ذكره وَأول مَا ولي من الْوَظَائِف الْكِبَار تدريس الْفِقْه بقبة المنصورية وقف الصَّالح عِنْد رَغْبَة الصَّدْر بن العجمي لَهُ عَنهُ ف يكائنته وَعمل حِينَئِذٍ أجلاسا بِحُضُور شُيُوخه شَيخنَا والبساطي وقارئ الْهِدَايَة والبدر الأقصرائي وَخلق من غَيرهم وَامْتنع من الْجُلُوس صدر الْمجْلس أدبا بعد إلحاح الْحَاضِرين عَلَيْهِ فِي ذَلِك بل جلس مَكَان الْقَارئ تكلم فِيهِ على قَوْله تَعَالَى يُؤْتِي الْحِكْمَة من يَشَاء وَقَالَ الْكَلَام على هَذِه الْآيَة كَمَا يجِئ لَا كَمَا يجب أبان فِيهِ عَن يَد طولى وَتمكن زَائِد فِي الْعُلُوم بِحَيْثُ أقرّ النَّاس بسعة علمه وأذعنوا لَهُ وَبحث مَعَ صَاحب الْهِدَايَة وَشرع شَيخنَا يصف علم الْمدرس وتفننه على الغادة فِي الإشراة بذلك إِلَى الِانْتِهَاء فَقَالَ الْبِسَاطِيّ دَعوه يتَكَلَّم ويتلذذ بمقاله فَإِنَّهُ يَقُول مَا لَا نَظِير لَهُ، وَقَررهُ الْأَشْرَف برسباي شَيخا فِي مدرسته بعد صرف الْعَلَاء عَليّ بن مُوسَى الرُّومِي عَنْهَا واستدعائه بِهِ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشري ربيع الآخر سنة تسع وَعشْرين وَلَا شُعُور عِنْده بذلك وسؤاله لَهُ عَن سنه لكَون بَعضهم قَالَ لَهُ أَنه شَاب وَقَوله لَهُ بعد تَكْرِير السُّؤَال إِنَّه دون الْأَرْبَعين فألبسه الخلعة وَرجع وَقد تزايدت بذلك رفعته فباشرها بشهامة وصرامة إِلَى أَن كَانَ فِي ثَالِث عشري شعْبَان سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ فَأَعْرض عَنْهَا لكَونه عين تِلْمِيذه الشَّمْس الأمشاطي لتصوف فِيهَا وعارضه جَوْهَر الخازندار بِغَيْرِهِ فَغَضب وَقَالَ بعد أَن حضر التصوف وَقت الْعَصْر على الْعَادة وخلع طيلسانه وَرمى بِهِ: اشْهَدُوا على أنني عزلت نَفسِي من هَذِه المشيخة وخلعتها كَمَا خلعت طيلساني هَذَا، وتحول فِي الْحَال لبيت فِي بَاب القرافة وَبلغ ذَلِك السُّلْطَان فشق عَلَيْهِ وراسله يستعطف خاطره مَعَ أَمِير آخور جقمق الَّذِي صَار سُلْطَانا وَغَيره من الْأَعْيَان فَلم يجب، وانتقل لطرا بالعدوية فسكنها وانجمع عَن النَّاس، وخشي جَوْهَر غضب السُّلْطَان عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ فبادر للاجتماع بِهِ لتلافي الْأَمر فَمَا أمكنه فَجَلَسَ بزاوية هُنَاكَ كَانَت عَادَة الشَّيْخ الصَّلَاة فِيهَا حَتَّى جَاءَ فَقَامَ إِلَيْهِ حاسر الرَّأْس ذليلا فَقبل قدمه مُصَرحًا بالاعتذار وَالِاسْتِغْفَار فَأَجَابَهُ بأنني لم أتركها بسببك بل لله تَعَالَى، وَحِينَئِذٍ قرر الأميني الأقصرائي فِيهَا بعد تصميمه على عدم الْقبُول حَتَّى تحقق رضى الْكَمَال بِهِ وَلم يحصل الانفكاك عَن من عينه ثمَّ لم يلبث أَن أعرض عَن تدريس المنصورية أَيْضا لتلميذه السيفي وَاسْتمرّ تَارَة فِي طرا وَتارَة فِي مصر إيثارا للعزلة وحبا للانفراد مَعَ المداومة على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وإغاثة الملهوفين والإغلاظ على الْمُلُوك فَمن دونهم وَلَكِن كَاد أمره أَن يقف حَتَّى اسْتَعَانَ بالولوي السفطي وَابْن الْبَارِزِيّ فِي تَقْرِيره فِي مشيخة الشيخونية بعد موت باكير فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَأَرْبَعين فباشرها بِحرْمَة وافرة وَعمر أوقافها وزار معاليمها وَلم يحاب أحدا وَلَو عظم وَلَا وقف فِيمَا لَا يحسن فِي الشَّرْع لرسالة وَلَا غَيرهَا كَمَا بسطته مَعَ بَيَان تصانيفه الَّتِي مِنْهَا شرح الْهِدَايَة وَلم يكمل بل انْتهى فِيهِ إِلَى الْوكَالَة، والتحرير فِي أصُول الْفِقْه والمسايرة فِي أصُول الدّين فِي جُزْء مُفْرد، وَمن تصانيفه جُزْء فِي الْجَواب عَمَّا سُئِلَ عَنهُ فِي حَدِيث كلمتان خفيفتان افتتحه بقوله: دخلت على ارمأة بِوَرَقَة ذكرت أَن رجلا دَفعهَا إِلَيْهَا يسْأَل الْجَواب عَمَّا فِيهَا فَنَظَرت فَإِذا فِيهَا سُؤال عَن إِعْرَاب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلمتان خفيفتان هَل كلمتان مُبْتَدأ وَسُبْحَان الله الْخَبَر أَو قلبه. وَهل قَول من عين سُبْحَانَ الله للابتداء لتعريفه صَحِيح أم لَا وَهل قَول من رده للُزُوم سُبْحَانَ الله النصب صَحِيح أم لَا وَهل الحَدِيث مِمَّا تعدد فِيهِ الْخَبَر أم لَا. فَكتب العَبْد الضَّعِيف على قلَّة البضاعة وَطول التّرْك وعجلة الْكِتَابَة فِي الْوَقْت مَا نَصه وَذكر الْجَواب، وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة عَارِفًا بأصول الديانَات وَالتَّفْسِير وَالْفِقْه وأصوله والفرائض والحساب والتصوف والنحو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والبديع والمنطق والجدل وَالْأَدب والموسيقى وَجل علم النَّقْل وَالْعقل متفاوت الْمرتبَة فِي ذَلِك مَعَ قلَّة علمه فِي الحَدِيث عَالم أهل الأَرْض ومحقق أولى الْعَصْر حجَّة أعجوبة ذَا حجج باهرة واختيارات كَثِيرَة وترجيحات قَوِيَّة بل كَانَ يُصَرح بِأَنَّهُ لَوْلَا الْعَوَارِض الْبَدَنِيَّة من طول الضعْف والأسقام وتراكمهما فِي طول المدد لبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد فكم استخرج من مجمع الْبَحْرين درا وَكم ضم إِلَيْهَا مِمَّا استخرجه من الْكَنْز شذرة إِلَى أُخْرَى وَكم وصل طَالبا للهداية بإيضاحها وتبيينها وَكم أنار لمنغمر فِي ظلمات الْجَهْل بمنار الْأُصُول وبراهينها فَلَا تدْرك دقة نظره وَلَيْسَت فكر قويمة لإِنْسَان كفكره وَقد تخرج بِهِ جمَاعَة صَارُوا رُؤَسَاء فِي حَيَاته، فَمن الْحَنَفِيَّة التقي الشَّمْس والزين قَاسم وَسيف الدّين، وَمن الشَّافِعِيَّة ابْن خضر والمناوي والوروري. وَمن الْمَالِكِيَّة عبَادَة وطاهر والقرافي. وَمن الْحَنَابِلَة الْجمال بن هِشَام وَهُوَ أنظر من رَأَيْنَاهُ من أهل الْفُنُون وَمن أجمعهم للعلوم وَأَحْسَنهمْ كلَاما فِي الْأَشْيَاء الدقيقة وأجلدهم على ذَلِك مَعَ الْغَايَة فِي الاتقان وَالرُّجُوع إِلَى الْحق فِي المباحث وَلَو على لِسَان آحَاد الطّلبَة كل ذَلِك مَعَ ملاحة الترسل وَحسن اللِّقَاء والسمت والبشر وَالْبزَّة وَنور الشيبة وَكَثْرَة الفكاهة والتودد والإنصاف وتعظيم الْعلمَاء والإجلال للتقي بن تَيْمِية وَعدم الْخَوْض فِيمَا يُخَالف ذَلِك وعلو الهمة وَطيب الحَدِيث ورقة الصَّوْت وطراوة النغمة جدا بِحَيْثُ يطرب إِذا أنْشد أَو قَرَأَ وَله فِي ذَلِك أَعمال وإجادته للمتكلم بالفارسي والتركي إِلَّا أَنه بأولهما أمهر وسلامة الصَّدْر وَسُرْعَة الانفعال والتغير والمحبة فِي الصاحلين وَكَثْرَة الِاعْتِقَاد فيهم والتعهد لَهُم والانجماع عَن التَّرَدُّد لبني الدُّنْيَا حَتَّى الظَّاهِر جقمق مَعَ مزِيد اخْتِصَاصه بِهِ وَلكنه كَانَ يراسله هُوَ وَمن دونه فِيمَا يسْأَل فِيهِ بل طلع إِلَيْهِ بعد إحسانه إِلَيْهِ عِنْد توجهه لِلْحَجِّ فوادعه ومحاسنه كَثِيرَة، وَقد حج غير مرّة وجاور بالحرمين مُدَّة وَشرب مَاء زَمْزَم كَمَا قَالَه فِي شَرحه للهداية للاستقامة والوفاة على حَقِيقَة الْإِسْلَام مَعهَا انْتهى. وَنشر فيهمَا أَيْضا علما جما وَعَاد فِي رَمَضَان سنة سِتِّينَ وَهُوَ متوعك فسر الْمُسلمُونَ بقدومه وَعَكَفَ عَلَيْهِ من شَاءَ الله من طلبته وَغَيرهم أَيَّامًا من الْأُسْبُوع إِلَى أَن مَاتَ فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَصلي عَلَيْهِ عصره بسبيل المؤمني فِي مشْهد حافل شهده السُّلْطَان فَمن دونه قودم للصَّلَاة عَلَيْهِ قَاضِي مذْهبه ابْن الديري وَكَانَ الشَّيْخ يجله كَمَا أَنه كَانَ يجل شَيخنَا وينقل عَنهُ فِي تصانيفه كشرح الْهِدَايَة ويروي عَنهُ فِي حَيَاته ويفتخر بانتسابه إِلَيْهِ، وَدفن بالقرافة فِي تربة ابْن عَطاء الله وَلم يخلف بعده فِي مَجْمُوعه مثله رَحمَه الله وإيانا. وَمن كَلِمَاته إِذا صدقت الْمحبَّة ارْتَفَعت شُرُوط التَّكْلِيف وَكَذَا من نظمه أول قصيدة كتبتها عَنهُ:
(إِذا مَا كتبت تهوي خفض عَيْش ... وَأَن ترقى مدراج للكمال)
(فدع ذكر الحميا والمحيا ... وآثار التواصل والمطال)
(وَأَن تهدى بزهر وسط روض ... وأخبار المهاة أَو الغزال)
(وَكن حبسا على مدح المفدى ... رَسُول الله عين ذَوي الْمَعَالِي)
(فَإِن لَدَيْهِ مَا يُرْجَى ويهوى ... جميل الذّكر مَعَ جزل النوال)
وَقَالَ المقريزي فِي عقوده أَنه برع فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والعربية وشارك فِي فنون وتجرد وسلك ثمَّ ولي تدريس الأشرفية مُدَّة وَتركهَا تنزها عَنْهَا، وَشرح الْهِدَايَة والبديع وَغير ذَلِك انْتهى.

ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.

 

 

محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد ابن مسعود، السيواسي ثم الإسكندري، كمال الدين، المعروف بابن الهمام:
إمام، من علماء الحنفية. عارف بأصول الديانات والتفسير والفرائض والفقه والحساب واللغة والموسيقى والمنطق. أصله من سيواس. ولد بالإسكندرية، ونبغ في القاهرة. وأقام بحلب مدة.
وجاور بالحرمين. ثم كان شيخ الشيوخ بالخانقاه الشيخونية بمصر. وكان معظما عند الملوك وأرباب الدولة. توفي بالقاهرة.
من كتبه (فتح القدير - ط) في شرح الهداية، ثماني مجلدات في فقه الحنفية، و (التحرير - ط) في أصول الفقه و (المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة - ط) و (زاد الفقير - ط) مختصر في فروع الحنفية .

-الاعلام للزركلي-