زين الدين زكريا بن محمد بن أحمد السنيكي الأنصاري

شيخ الإسلام أبو يحيى

تاريخ الولادة826 هـ
تاريخ الوفاة926 هـ
العمر100 سنة
مكان الولادةالشرقية - مصر
مكان الوفاةالقاهرة - مصر
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • الشرقية - مصر
  • القاهرة - مصر
  • قايتباي- الإسكندرية - مصر

نبذة

زكريا الأنصاري هو شيخ الإِسلام قاضي القضاة زين الدين الحافظ زكريا محمَّد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السُّنَّيكي الأزهري الشافعي. ولد عام 826 هـ ستة وعشرين وثمانمائة من الهجرة بسُنَّيْكَه من الشرقية ونشأ بها.

الترجمة

زَكَرِيَّا بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن زَكَرِيَّا الأنصاري القاهري الأزهري القاضي الشافعي
ولد سنة 826 سِتّ وَعشْرين وثمان مائَة فحفظ الْقُرْآن وعمدة الأحكام وَبَعض مُخْتَصر التبريزي في الْفِقْه ثمَّ تحوّل إلى الْقَاهِرَة فِي سنة 841 فقطن الأزهر وأكمل حفظ الْمُخْتَصر الْمَذْكُور وَحفظ الْمِنْهَاج الفرعي وألفية النَّحْو والشاطبيتين وَبَعض الْمِنْهَاج الأصلي وَبَعض ألفية الحَدِيث وَمن التسهيل إِلَى كَاد وأتمه من بعد ثمَّ جدّ في الطلب وَأخذ عَن جمَاعَة مِنْهُم البلقينى والقاياتى والشرف السبكى وَابْن حجر والزين رضوَان وَغَيرهم وَقَرَأَ في جَمِيع الْفُنُون وَأذن لَهُ شُيُوخه بالإفتاء والتدريس وتصدر وَأفْتى وأقرأ وصنف التصانيف مِنْهَا فتح الْوَهَّاب شرح الْآدَاب وَغَايَة الْوُصُول فِي شرح الْفُصُول وَشرح الرَّوْض مُخْتَصر الرَّوْضَة لِابْنِ المقري وَله حَاشِيَة على شرح الْبَهْجَة للولي العراقي وَشرح لشذور الذَّهَب وَله شُرُوح ومختصرات في كل فن من الْفُنُون انْتفع النَّاس بهَا وتنافسوا فِيهَا ودرّس في أمكنة معتددة وَزَاد فِي الترقي وَحسن الطلاقة والتلقي مَعَ كَثْرَة حاسديه وَارْتَفَعت دَرَجَته عِنْد السُّلْطَان قايتباى وَكثر توسل النَّاس بِهِ إِلَيْهِ وَكَانَ السُّلْطَان يلهج بتوليه الْقَضَاء مَعَ علمه بِعَدَمِ قبُوله لَهُ فِي سلطنة خشقدم ثمَّ ولاه الْقَضَاء قايتباى وصمم عَلَيْهِ فأذعن بعد مَجِيء أكَابِر الدولة إِلَيْهِ فباشره بعفة ونزاهة ثمَّ عزل سنة 906 ثمَّ عرض عَلَيْهِ بعد ذَلِك فَأَعْرض عَنهُ لكف بَصَره وانجمع فِي مَحَله واشتهرت مصنفاته وَكَثُرت تلامذته وَألْحق الأحفاد بالأجداد وَعمر حَتَّى جَاوز الْمِائَة أَو قاربها وَمَات في يَوْم الْجُمُعَة رَابِع ذي الْحجَّة سنة 926 وحزن النَّاس عَلَيْهِ كثيراً لمزيد محاسنة ورثاه جمَاعَة من تلامذته فَمن ذَلِك قَول عبد اللَّطِيف

(قضى زَكَرِيَّا نحبه فتفجرت ... عَلَيْهِ عُيُون النيل يَوْم حمامه)
(ليعلم أَن الدَّهْر رَاح أَمَامه ... وَمَا الدَّهْر يبْقى بعد فقد امامه)
(سفى الله قبراضمه غوث صيب ... عَلَيْهِ مدى الأيام صبح غمامه)

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني

 

 

(823 - 926 هـ = 1420 - 1520 م) زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي المصري الشافعيّ، أبو يحيى: شيخ الإسلام. قاض مفسر، من حفاظ الحديث. ولد في سنيكة (بشرقية مصر) وتعلم في القاهرة وكف بصره سنة 906 هـ نشأ فقيرا معدما، قيل:كان يجوع في الجامع، فيخرج بالليل يلتقط قشور البطيخ. فيغسلها ويأكلها. ولما ظهر فضله تتابعت إليه الهدايا والعطايا، بحيث كان له قبل دخوله في منصب القضاء كل يوم نحو ثلاثة آلاف درهم، فجمع نفائس الكتب وأفاد القارئين عليه علما ومالا. وولاه السلطان قايتباي الجركسي (826 - 901) قضاء القضاة، فلم يقبله إلا بعد مراجعة وإلحاح. ولما ولي رأى
من السلطان عدولا عن الحق في بعض أعماله، فكتب إليه يزجره عن الظلم، فعزله السلطان، فعاد إلى اشتغاله بالعلم إلى أن توفي. له تصانيف كثيرة، منها (فتح الرحمن - ط) في التفسير، و (تحفة الباري على صحيح البخاري - ط) و (فتح الجليل - خ) تعليق على تفسير البيضاوي، و (شرح إيساغوجي - ط) في المنطق، و (شرح ألفية العراقي - ط) في مصطلح الحديث، و (شرح شذور الذهب) في النحو، و (تحفة نجباء العصر - خ) في التجويد، و (اللؤلؤ النظيم في روم التعلم والتعليم - ط) رسالة، و (الدقائق المحكمة - ط) في القراآت، و (فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام - خ) في خزانة الرباط (961 جلاوي) ، و (تنقيح تحرير اللباب - ط) فقه، و (غاية الوصول - ط) في أصول الفقه، و (لبّ الأصول - ط) اختصره من جمع الجوامع، و (أسنى المطالب في شرح روض الطالب - ط) فقه، أربعة أجزاء، و (الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - ط) فقه، خمسة أجزاء، و (منهج الطلاب - ط) في الفقه، و (الزبدة الرائقة - خ) رسالة في شرح البردة، في خزانة الرباط (1537 كتاني).

-الاعلام للزركلي-

 

 

وَفِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع ذِي الْحجَّة سنة خمس وَعشْرين توفّي الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين زَكَرِيَّا بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ السنيكي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بالقرافة بِالْقربِ من الإِمَام الشَّافِعِي وحزن النَّاس عَلَيْهِ كثيرا لمحاسنه الْكَثِيرَة واوصافه الشهيرة ورثاه جمَاعَة من تلامذته بعدة مراثي مطولات وَكَانَ مولده فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسنيكه من الشرقية وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن عِنْد الفقيهين مُحَمَّد بن ربيع والبرهان الفاقوسي البلبيسي وعمدة الْأَحْكَام وَبَعض مُخْتَصر التبريزى فِي الْفِقْه ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين فقطن جَامع الْأَزْهَر واكمل حفظ الْمُخْتَصر ثمَّ حفظ الْمِنْهَاج الفرعي والألفية النحوية والشاطبية والرائية وَبَعض الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَنَحْو النّصْف من ألفية حَدِيث وَمن التسهيل إِلَى كَاد وَبَعض ذَلِك بعد هَذَا الأوان وَأقَام بعد مجيئة الْقَاهِرَة بهَا يَسِيرا ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده ثمَّ رَجَعَ ودوام الأشتغال وجد فِيهِ فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنْهُم الْفِقْه القاياتي وَالْعلم البُلْقِينِيّ أَخذ عَنْهُمَا بِقِرَاءَة شرح الْبَهْجَة مُلَفقًا بل وَأخذ عَنْهُمَا فِي الْفِقْه غير ذَلِك والشرف السنيكي والشموس الوفاي والحجازي والبدرشي والشهاب ابْن المجدي والبدر النسابة والزين البوشنجي وبل وَعَن شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر والزين رضوَان فِي آخَرين وَحضر دروس الشّرف الْمَنَاوِيّ وَغَيره وأصول فقه القاياتي والمحيوي الكافياجي قَرَأَ عَلَيْهِمَا الْعَضُد مُلَفقًا والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والكمال نزيل زَاوِيَة الشَّيْخ نصر الله قَرَأَ عَلَيْهِ العبري شرح الطوالع للآمدى وَغَيرهم
وَعَن كل مشايخه فِي أصُول الدّين أَخذ النَّحْو بل وَأَخذه أَيْضا عَن ابْن المجدي وَابْن الْهمام والشمني وَالصرْف عَن الْعِزّ عبد السَّلَام والشرواني وَكَذَا عَن مُحَمَّد بن حمد الكيلاني قَرَأَ عَلَيْهِ شرح تصريف الْعزي للتفتاز اني وَطَائِفَة والمعاني وَالْبَيَان والبديع عَن القاياتي أَخذ عَنهُ المطول مَا بَين قِرَاءَة وَسَمَاع وَالشَّمْس البُخَارِيّ الْمَذْكُور فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمُخْتَصر والكافياجي والشرواني وَعَن مَا عداهُ أَخذ الْمنطق وَكَذَا عَن ابْن الْهمام والآمدي والزين جَعْفَر نزيل المؤيدية قَرَأَ عَلَيْهِ شرح الشمسية وغالب حَاشِيَة السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ والتقي الحصني أَخذ عَنهُ ظنا القطبي وحاشيته أَخذ عَن القاياتي فِي اللُّغَة كَذَا أَخذ عَنهُ وَعَن الكافياجي وَشَيخ الْإِسْلَام الْحَافِظ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي فِي التَّفْسِير أَخذ علم الْهَيْئَة والهندسة والميقات والفرائض والحساب والجبر والمقابلة وَغَيرهَا عَن ابْن المجدي وقرا عَلَيْهِ من تصانيفه أشباه الْفَرَائِض والحساب أَيْضا عَن الشَّمْس الْحِجَازِي والبوشنجي كَذَا عَن أبي الْجُود اللَّيْثِيّ الْمَجْمُوع والفصول الْحكمِيَّة عَن الشرواني وجعفر الْمَذْكُور الطِّبّ عَن الشّرف بن الخشاب الْعرُوض عَن السراج الورودي علم الْحَرْف عَن مُحَمَّد بن قرقماز الْحَنَفِيّ التصوف عَن جمَاعَة مِنْهُم أَبُو عبد الله الغمري والشهاب أَحْمد الأذكاوي وَمُحَمّد الغومي وَكِلَاهُمَا من أَصْحَاب أبي إِسْحَاق الأذكاوي عَن السراج عمر البُلْقِينِيّ والزين عبد الرَّحْمَن الخليلي وتلقن مِنْهُم وَمن الْفَقِيه أَحْمد بن الْفَقِيه عَليّ بن مُحَمَّد بن حميد الدمياطي عرف بالزلباني الذّكر تلى بالسبع على كل من النُّور البُلْقِينِيّ أَمَام الْأَزْهَر والزين الرضْوَان والشهاب القلقيلي الكسندراني بعد تدريسه فِي ذَلِك لبَعض طلبتهم وبالثلاث الزَّائِدَة عَلَيْهَا مِمَّا تضمنته مصنفات ابْن الْجَزرِي فِي النشر والتقريب والطيبية على الزين ظَاهر الْمَالِكِي بالعشر لَكِن إِلَى المفلحون فَقَط عَن الزين ابْن عَيَّاش الْمَكِّيّ أَخذ رسوم الْخط وَعَن الزين رضوَان سمع عَلَيْهِ فِي الْبَحْث من شرح الشاطبية للجعبري وَحمل عَنهُ كتبا جمة فِي الْقرَاءَات والْحَدِيث وَغَيرهمَا كجملة من شرح الفية الحَدِيث للعراقي عَن أبن الْهمام أَخذ هَذَا الشَّرْح بِتَمَامِهِ سَمَاعا وَبَعضه قِرَاءَة وَعَن القاياتي بعضه أَخذ عَن شَيخنَا الْكثير مِنْهُ وَمن ابْن الصّلاح وَجَمِيع شرح النخبة لَهُ
وقرا عَلَيْهِ والسيرة النَّبَوِيَّة لِأَبْنِ سيد النَّاس ومعظم السّنَن لِأَبْنِ ماجة وَأَشْيَاء غَيرهَا وَسمع فِي صَحِيح مُسلم عَن الزين الزَّرْكَشِيّ كَذَا سمع على الْعِزّ ابْن الْفُرَات الْبَعْث لِأَبْنِ أبي دَاوُد وَغَيره على سارة ابْنه ابْن جمَاعَة فِي المعجم الْكَبِير للطبراني بقرائتي وعَلى الْبُرْهَان الصَّالِحِي والرشيدي وَكثير مِمَّن تقدم كالزين رضوَان واشتدت عنايته بملازمته لَهُ فِي ذَلِك حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ مُسلم وَالنَّسَائِيّ والبوشنجي والبلقيني وبمكة سنة خمسين حِين حج على الشّرف أبي الْفَتْح المراغي والتقي ابْن فَهد والقاضيين أبي الْيمن النويري وَأبي السعادات أبن ظهيره فِي آخَرين بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا كتب لَهُ أَسَانِيد فِي جُزْء وَأَجَازَ لَهُ فِي ذَلِك بعض من ذكر من جَمِيع شُيُوخه فِي أَخذه عَنهُ أَكثر من بعض كَمَا أَن عمله فِي هَذِه الْعُلُوم أَيْضا يتَفَاوَت وَلم يَنْفَكّ عَن الِاشْتِغَال على طَريقَة جميلَة من التَّوَاضُع وَحسن الْعشْرَة وَالْأَدب والعفة والانجماع عَن بني الدُّنْيَا مَعَ التقلل وَشرف النَّفس ومزيد الْعقل وسعة الْبَاطِن والأحتمال المداراة إِلَى أَن أذن لَهُ غير وَاحِد من شُيُوخه فِي الافتاء والاقراء
وَمِمَّنْ كتب لَهُ شيخ الأسلام أبن حجر وَنَصّ كِتَابَته فِي شَهَادَته على بعض الإجازات لَهُ وأذنت لَهُ أَن يقْرَأ الْقُرْآن على الْوَجْه الَّذِي تَلقاهُ وَيقدر الْفِقْه على النمط الَّذِي نَص عَلَيْهِ الإِمَام وارتضاه قَالَ وَالله المسؤول أَن يَجْعَلنِي وإياه مِمَّن يرجوه ويخشاه إِلَى أَن نَلْقَاهُ وَكَذَا أذن لَهُ فِي إقراء شرح النخبة وَغَيرهَا وتصدى للتدريس فِي حَيَاة غير وَاحِد من شُيُوخه وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء طبقَة بعد طبقَة وَشرح عدَّة كتب مِنْهَا آدَاب الْبَحْث وَسَماهُ فتح الْوَهَّاب شرح الْآدَاب وفصول ابْن الهايم وَسَماهُ غَايَة الْوُصُول إِلَى علم الْفُصُول مزج الْمَتْن فِيهِ وَشَرحه شرحاً آخر سَمَّاهُ مَنْهَج الْوُصُول إِلَى تَخْرِيج الْفُصُول وَهُوَ ابسطها والتحفة القدسية لِابْنِ الهايم فِي الْفَرَائِض أَيْضا سَمَّاهُ التُّحْفَة الانسية لغلق التُّحْفَة القدسية والفية ابْن الهايم أَيْضا الْمُسَمَّاة بالكفاية وَسَماهُ نِهَايَة الْهِدَايَة فِي تَحْرِير الْكِفَايَة وبهجة الْحَاوِي فقه سَمَّاهُ الْغرَر البهية بشرح الْبَهْجَة الوردية وتنقيح اللّبَاب لِابْنِ الْعرَاق ومختصر الرَّوْضَة للمقري الْمُسَمّى روض الطَّالِب سَمَّاهُ اسنى المطالب إِلَى روض الطَّالِب وَكتب على الفية النَّحْو يَسِيرا اقرأه مُعظم ذَلِك
طَار اسْم شرح الْبَهْجَة فِي كثير من الأقطار قصد بالفتاوي وزاحم كثيرا من شُيُوخه فِيهَا وَله تهجد وَتوجه وصبر وَاحْتِمَال وَترك القيل والقال وَله أوراد واعتقاد وتواضع وَعدم تنَازع وَعَمله فِي التودد يزِيد عَن الْحَد ورويته أحسن من بديهته وكتابته أمتن من عِبَارَته وَعدم مسارعته إِلَى الْفَتَاوَى تعد من حَسَنَاته وَاخْتصرَ الْمِنْهَاج الفرعي للنووي وَسَماهُ مَنْهَج الطلاب وَشَرحه شرحاً مُفِيدا
قلت وصنف فِي كثير من الْعُلُوم كالفقه وَالتَّفْسِير والْحَدِيث والنحو واللغة والتصريف والمعاني وَالْبَيَان والبديع والمنطق والطب وَله فِي التصوف البارع الطَّوِيل وصنف فِي الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة والهيئة والهندسة إِلَى غير ذَلِك وترأس بجدارة دهراً وَولي المناصب الجليلة كتدريس مقَام الإِمَام الشَّافِعِي وَلم يكن بِمصْر أرفع منصباً من هَذَا التدريس وَولي تدريس عدَّة مدارس رفيعة وخانقاه صوفية وَغَيرهَا إِلَى أَن رقى إِلَى المنصب الْجَلِيل وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاة بعد امْتنَاع كثير وتعفف زَائِد وَوَقع ذَلِك فِي شهر رَجَب سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة
ثمَّ اسْتمرّ قَاضِيا مُدَّة ولَايَة السُّلْطَان الاشرف قايتباي رَحمَه الله تَعَالَى ثمَّ اسْتمرّ بعد ذَلِك إِلَى أَن كف بَصَره فعزل بالعمى رَحمَه الله تَعَالَى وَلم يزل رَحمَه الله تَعَالَى ملازم التدريس والافتاء والتصنيف وانتفع بِهِ خلائق ودرس تلامذته فِي حَيَاته وافتوا وتولوا المناصب الرفيعة ببركته وبركة الانتساب إِلَيْهِ وَلم يزل كَذَلِك فِي نشر الْعلم وَكَثْرَة الْخَيْر وَالْبر والاحسان إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى
وَقَالَ الشَّيْخ ابْن حجر الهيتمي فِي مُعْجم مشايخه وقدمت شَيخنَا زَكَرِيَّا لِأَنَّهُ أجل من وَقع عَلَيْهِ بَصرِي من الْعلمَاء العاملين وَالْأَئِمَّة الْوَارِثين واعلى من عَنهُ رويت ودريت من الْفُقَهَاء الْحُكَمَاء المسندين فَهُوَ عُمْدَة الْعلمَاء الْأَعْلَام وَحجَّة الله على الانام حَامِل لِوَاء مَذْهَب الشَّافِعِي على كَاهِله ومحرر مشكلاته وَكَاشف عويصاته فِي بكرته وأصائله مُلْحق الاحفاد بالأجداد المتفرد فِي زَمَنه بعلوا الأسناد كَيفَ وَلم يُوجد فِي عصره إِلَّا من أَخذ عَنهُ مشافهة أَو بِوَاسِطَة أَو بوسائط مُتعَدِّدَة بل وَقع لبَعْضهِم انه أَخذ عَنهُ مشافهة تَارَة وَعَن غَيره مِمَّن بَينه وَبَينه نَحْو سبع وسائط تَارَة أُخْرَى وَهَذَا لَا نَظِير لَهُ فِي أحد من عصره فَنعم هَذَا التميز الَّذِي هُوَ عِنْد الْأَئِمَّة أولى واحرى لِأَنَّهُ حَاز بِهِ سَعَة التلامذة والاتباع وَكَثْرَة الآخذين عَنهُ ودوام الأنتفاع أنْتَهى كَلَام أبن الْحجر
وَيقرب عِنْدِي انه المجدد على رَأس الْقرن التَّاسِع لشهرة الأنتفاع بِهِ وبتصانيفه واحتياج غَالب النَّاس إِلَيْهَا فِيمَا يتَعَلَّق بالفقه وتحرير الْمَذْهَب بِخِلَاف غَيره فان مصنفاته وان كَانَت كَثِيرَة فَلَيْسَتْ بِهَذِهِ المثابة على أَن كثيرا مِنْهَا مُجَرّد جمع بِلَا تَحْرِير حَتَّى كَأَنَّهُ كَانَ حَاطِب ليل وَمن أحسن مَا رثي بِهِ قَول بَعضهم شعر

.. قضى زَكَرِيَّا نحبه فتفجرت ... عَلَيْهِ عُيُون النّيل يَوْم حمامة
إِذْ لتعلم أَن الدَّهْر رَاح امامه ... وَمَا الدَّهْر يبْقى بعد فقد امامه
سقى الله قبراً ضمه مزن صيب ... عَلَيْهِ مدى الايام سح غمامه ...
وَحكي أَن بعض قُضَاة مصر المحروسة كَانَ يُسمى صَالحا وَكَانَت أَحْكَامه غير مرضية وَكَانَ شيخ الْإِسْلَام الْمَذْكُور يكره أَفعاله القبيحة ويتأذى مِنْهُ جدا حَتَّى انه هجاه بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ ... الِاسْم غير الْمُسَمّى ... وَالْحق أَبْلَج وَاضح
أَن كنت تنكر هَذَا
فَانْظُر لسيرة صَالح
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.

 

 

زكريا الأنصاري
هو شيخ الإِسلام قاضي القضاة زين الدين الحافظ زكريا محمَّد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السُّنَّيكي الأزهري الشافعي.
ولد عام 826 هـ ستة وعشرين وثمانمائة من الهجرة بسُنَّيْكَه من الشرقية ونشأ بها.
حياته العلمية:
حفظ القرآن الكريم وعمدة الأحكام وبعض مختصر التبريزي، ثم تحول إلى القاهرة عام 841 هـ إحدى وأربعين وثمانمائة من الهجرة، وكمل حفظ المختصر ثم حفظ المنهاج الأصلي ونحو النصف من ألفية الحديث ومن التسهيل إلى كاد، وأقام بالقاهرة يسيراً ثم رجع إلى بلده وداوم الاشتغال وجد فيه، وأذن له غير واحد من شيوخه في الإفتاء والإقراء منهم شيخ الإِسلام ابن حجر العسقلانى.
تصدى للتدريس في حياة شيوخه وانتفع به الفضلاء طبقة بعد طبقة وشرح عدة كتب وألف مالاً يحصى كثرة، وقصد بالفتاوي وزاحم كثيراً من شيوخه فيها، ورويته أحسن من بديهته، وكتابته أمتن من عبارته،وعدم مسارعته إلى الفتاوى يُعد من حسناته وله الباع الطويل في كل فن.
ولي التدريس في عدة مدارس إلى أن رُقّي إلى منصب قاض القضاة بعد امتناع كثير وذلك في رجب عام 886 هـ ستة وثمانين وثمانمائة من الهجرة، واستمر قاضياً مدة ولاية الأشرف قايتباي ثم بعد ذلك إلى أن كف بصره فعزل بالعمى، ولم يزل ملازم التدريس والإفتاء والتصنيف، قال عنه ابن حجر الهيتمي: ... ملحق الأحفاد بالأجداد المتفرد في زمانه بعلو الإسناد، كيف ولم يوجد في عصره إلا من أخذ عنه مشافهة أو بواسطة أو بوسائط متعددة بل وقع لبعضهم أنه أخذ عنه مشافهة تارة وعن غيره من بينه وبينه نحو سبح وسائط تارة أخرى.
وهذا لا نظير له في أحد من أهل عصره، فنعم هذا التمييز الذي هو عند الأئمة أولى به وأحرى؛ لأنه حارٍّ به سعة التلامذة والأتباع وكثرة الآخذين عنه ودوام الانتفاع اهـ.
شيوخه:
1 - الشيخ المحدث أحمد بن حجر العسقلاني.
2 - شيخ الإِسلام أبو النعيم رضوان بن أحمد العقبي
3 - الشهاب أحمد بن بكر بن يوسف القلقيلي المعروف بالسكندري.
4 - أبو القاسم محمَّد النويري وغيرهم ممن لا يحصى كثرة.
تلاميذه:
1 - ابن حجر الهيتمي.
2 - ناصر الدين محمَّد بن سالم الطبلاوي
مؤلفاته:
1 - فتح الرحمن في التفسير.
2 - تحفة الباري علي صحيح البخاري.
3 - فتح الجليل، تعليق علي تفسير البيضاوي.
4 - شرح إيساغوجي في المنطق.
5 - شرح ألفية العراقي، في مصطلح الحديث.
6 - تحفة شذور الذهب، في النحو.
7 - تحفة نجباء العصر, في التجويد.
8 - اللؤلؤ النظيم في رَوم التعلم والتعليم.
9 - الدقائق المحكمة شرح المقدمة.
10 - فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام.
11 - تنقيح تحرير اللباب في الفقه.
12 - غاية الوصل، في أصول الفقه.
13 - لب الأصول، اختصره من جمع الجوامع.
14 - أسنى المطالب في شرح روض الطالب، في الفقه، أربعة أجزاء.
15 - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية، في الفقه، خمسة أجزاء.
16 - منهج الطلاب، في الفقه.
17 - الزبدة الرائقة، رسالة في شرح البردة.
قلت: وله مؤلفات غير ما ذكر منها:
1 - مختصر تقريب النشر (مطبوع)
2 - المَقْصدِ لتلخيص ما في المرشد في الوقت والابتداء (مطبوع).
وفاته:
توفي رحمه الله تعالى في يوم الجمعة في 4/ 12/ 925 الرابع من شهر ذى الحجة عام خمسة وعشرين وقيل: ستة وعشرين -وتسعمائة من الهجرة بالقاهرة، ودفن بالقرافة بالقرب من مقبرة الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى.
إمتاَعُ الفُضَلاء بتَراجِم القرّاء فِيما بَعدَ القَرن الثامِن الهِجري- للساعاتي

 

 

القاضي الإمام شيخ الإسلام زين الدين زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري [السُّنَيكي] القاهري الأزهري الشافعي، المتوفى بها سنة 928 ثمان وعشرين وتسعمائة وله اثنتان ومائة سنة. ولد بسُنيكة من الناحية الشرقية ونشأ بها فحفظ القرآن وبعضًا من المتون، ثم تحول إلى القاهرة سنة 21 [9] فقطن الأزهر، فداوم [على] الاشتغال وجدَّ فيه سنة 826، فأخذ عن القاياتي والعلم البُلقيني والشرف المناوي والكافيجي وابن الهُمام والشمس محمد البخاري والشّمنِّي والتّقي الحُصني وابن المجدي وابن قرقماس والزين رضوان وابن حجر. وأخذ بمكَّة عن الشرف المراغي والتقي بن فهد. ولم ينفك عن الاشتغال إلى أن أذن له غير واحد في الإفتاء والإقراء، فدرّس وأفاد، فأخذ عنه الفضلاء طبقةً بعد طبقة وصنَّف كتبًا، منها: "فتح الوهاب بشرح الآداب" و"غاية الوصول إلى شرح الفصول" أي فصول ابن الهائم في الفرائض و"الفتحة الإنسية لغلق التحفة القدسية" فيه أيضًا و"نهاية الهداية في تحرير الكفاية" وهي "ألفية ابن الهائم" و"الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" و"تفتيح اللّباب" و"شرح الروض" و"حاشية على شرح البهجة" للولي العراقي و"شرح شذور الذهب" في النحو و"شرح المقدمة الجزرية" و"مختصر قُرَّة العين" و"شرح إيساغوجي" و"شرح المنفرجة" و"الفتح الباقي في شرح ألفية العراقي" و"حاشية تفسير البيضاوي". وهو ممن عظّم ابن عربي وكان رويته أحسن من بديهته وكتابته أمتن من عبارته وكان علَّامة، متواضعًا، عابدًا، درَّس بالظّاهرية وولي قضاء مصر في رجب سنة 886 واجتهد في عِمارَة الأوقاف إلى أن صرف في محرم سنة 906 وأضر ومات روَّح الله روحه.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.