محمد سيف الدين الحنفي
ابن الحوندار محمد
تاريخ الولادة | 798 هـ |
تاريخ الوفاة | 881 هـ |
العمر | 83 سنة |
مكان الوفاة | مصر - مصر |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مُحَمَّد سيف الدّين الْحَنَفِيّ شَقِيق الَّذِي قبله وَيعرف قَدِيما بِابْن الحوندار. / ولد تَقْرِيبًا سنة ثَمَان وَتِسْعين أَو الَّتِي بعْدهَا وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وعمدة النَّسَفِيّ فِي أصُول الدّين وعمدة الْأَحْكَام وتقريب الْأَسَانِيد كِلَاهُمَا فِي الْمُتُون والشاطبيتين والقدوري وَالْمجْمَع وَالْهِدَايَة ثلاثتها فِي الْفِقْه والسراجية فِي الْفَرَائِض والمنار والمنهاج والمغنى ثلاثتها فِي أصُول الْفِقْه وألفية ابْن ملك والشافية لِابْنِ الْحَاجِب فِي الصّرْف وَالْعرُوض لَهُ وَغَيرهَا وَعرض بَعْضهَا على الْجلَال البُلْقِينِيّ والكمال بن العديم وَالشَّمْس الْمدنِي الْمَالِكِي والعز الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ فِي آخَرين وَأخذ الْفِقْه وأصوله عَن التفهني وَكَذَا الْعَرَبيَّة والفرائض وَغَيرهمَا ولازم ابْن الْهمام فِي الْفِقْه والأصلين والعربية وَغَيرهَا حَتَّى كَانَ جلّ انتفاعه بِهِ بل حضر مَعَه على السراج قارى الْهِدَايَة فِي الْفِقْه وأصوله وَغَيرهمَا وَقَرَأَ شرح ألفية الْعِرَاقِيّ على الْمُحب بن نصر الله الْحَنْبَلِيّ وَأذن لَهُ فِي إقرائه وَكَذَا أذن لَهُ التفهني فِي الإقراء ثمَّ ابْن الْهمام بل كَانَ فِيمَا بَلغنِي يصفه بِأَنَّهُ مُحَقّق الديار المصرية ويرجحه على سَائِر الْجَمَاعَة وَاجْتمعَ بالأدكاوي ودعا لَهُ وَحكى لي أَنه رَآهُ فِي الْمَنَام وَالْتمس مِنْهُ الدُّعَاء لَهُ بِنَزْع حب الدُّنْيَا فبادر لمدحه وَالثنَاء عَلَيْهِ بِكَلِمَات كَانَ من جُمْلَتهَا أَنْت السَّيْف الأمدي وَالسيف الْأَبْهَرِيّ وَنَحْو ذَلِك بِحَيْثُ صَار فِي خجل وَيُشِير إِلَى قطع الْكَلَام فِيهِ والتنصل من الرقي بِهِ لهَذَا الْحَد فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ إِذا أَرَادَ الله أمرا كَانَ، قَالَ السَّيْف وَمن العجيب أنني بعد ذَلِك لما أكثرت من الانجماع ولزمت الْعُزْلَة قَالَ لي شَيْخي ابْن الْهمام وَالله لَو دخلت مَكَانا وطينت عَلَيْهِ لظهرت، وَكَذَا بَلغنِي عَنهُ أَن وَالِده كَانَ من جمَاعَة بني وفا وَأَنه استبطأ ثَمَرَة صحبتهم ومحبتهم فاتفق اجتماعه بعد ترعرعه مَعَ وَالِده عِنْد أبي الْفَتْح أَو غَيره من آل بَيتهمْ فَقَالَ ذَاك الشَّيْخ مُخَاطبا لِأَبِيهِ هَذَا وَأَشَارَ لصَاحب التَّرْجَمَة هُوَ الثَّمَرَة أَو كَمَا قَالَ وَلأَجل هَذَا ارْتبط السَّيْف بالانتماء لَهُم وَاحِدًا بعد وَاحِد حَتَّى مَاتَ وَسمع على الزيون التفهني والقمني وَالزَّرْكَشِيّ وَأمه فِي آخَرين وَكَانَ كثير الِاغْتِبَاط بِسَمَاع المقروء على أمه حسن الإصغاء لَهُ كثير الْبكاء، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة سبع عشرَة وَأول مَا ولي تدريس الْفِقْه بقبة الصَّالح برغبة ابْن الْهمام لَهُ عَنهُ ثمَّ بالناصرية والأشرفية الْقَدِيمَة والأقبغاوية المجاوية للأزهر برغبة الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ لَهُ عَنْهَا ثمَّ التَّفْسِير بقبة المنصورية برغبة أبي الْفضل المغربي بل استنابه ابْن الْهمام فِي مشيخة الشيخونية فِي بعض حجاته وَولي مشيخة الْجَامِع الَّذِي بالحبانية للزين الاستادار بإلزام ابْن الْهمام لَهُ بقبوله ثمَّ تَركه محتجا بِأَنَّهُ سَأَلَهُ أَن يكون لصوفيته نَظِير مَا عمله لمدرسته الْمُجَاورَة لبيته فَلم يُوَافقهُ هَذَا مَعَ عدم تعاطيه من معلومها فِي تِلْكَ الْمدَّة شَيْئا وَكَذَا سُئِلَ فِي مشيخة تربة قانباي الجركسي قبل شَيخنَا الشمني فَامْتنعَ، وَعرض عَلَيْهِ فِي سنة سبعين تدريس الحَدِيث بالعينية البدرية حِين تَجْدِيد حفيده لذَلِك وَغَيره فِيهَا فَامْتنعَ مَعَ الإلحاح عَلَيْهِ كَمَا امْتنع من الْكِتَابَة على الْفَتْوَى ورعا مَعَ مشافهة الظَّاهِر خشقدم فِي كائنة وَقعت أَيَّام قَضَاء الْبُرْهَان بن الديري التمس مِنْهُ وَمن الشمني الصعُود إِلَيْهِ مَعَ الأقصرائي ليسمع كَلَامهم فِيهَا وَاعْتذر من عدم الْكِتَابَة بِكَوْنِهِ لم يُؤذن لَهُ فِيهَا من أحد من شُيُوخه وصمم على ذَلِك، وَقد تصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ الْفُضَلَاء من كل مَذْهَب وهرع النَّاس للأخذ عَنهُ وَكَثُرت تلامذته وصاروا رُؤَسَاء فِي حَيَاته وَبَلغنِي أَن رَفِيقه الزين قَاسم قَرَأَ بَين يَدَيْهِ فِي درس الْفِقْه بوقف الصَّالح وَكنت أَنا وَأخي مِمَّن حضر دروسه فِي الْكَشَّاف وَغَيره وَكتب على كل من التَّوْضِيح لِابْنِ هِشَام وَشرح الْبَيْضَاوِيّ للأسنوي وَشرح التَّنْقِيح للقرافي وَشرح الْمنَار وَشرح العقائد وَشرح الطوالع للدَّار حَدِيثي وَغَيرهَا حَوَاشِي متقنة بديعة الْمِثَال لَو جردت كَانَت كافلة بإيضاحها وَقد جرد مِنْهَا أَولهَا لكنه لم يكمل. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ إِمَام عَلامَة فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَالتَّفْسِير وأصول الدّين وَغَيرهَا بديع التَّحْقِيق بعيد النّظر والمطالعة متأن فِي تَقْرِيره مَعَ سلوكه طَرِيق السّلف ومداومته على الْعِبَادَة والتهجد وَالْجَمَاعَة وشهود مشْهد اللَّيْث والانجماع عَن النَّاس والانقباض عَن بني الدُّنْيَا وَعدم التَّرَدُّد إِلَيْهِم جملَة والسكون وَترك الْخَوْض فِيمَا لَا يعنيه وذكرى بالجميل غيبَة وحضورا وإكرامي الزَّائِد حَتَّى أَنه تألم بِسَبَب كائنة الكاملية وَكَانَ مِمَّن كلم السُّلْطَان فِي الثَّنَاء عَليّ وَلم يكن يمِيل إِلَّا لأهل التَّقْوَى وَالْأَدب وَمن ثمَّ امْتنع من إجَابَتِي حِين توسل بِي عِنْده ابْن الشّحْنَة الصَّغِير فِي الْقِرَاءَة عَلَيْهِ وَبَالغ معي فِي الِاعْتِذَار والتلطف وإبداء مَا يقبل أقل مِنْهُ من مثله وَصَارَ ذَلِك معدودا فِي مناقبه وَقد قصد الْأَشْرَف قايتباي الِاجْتِمَاع بِهِ وأحس بذلك فبادر وَصعد إِلَيْهِ فَأكْرمه وَأمر لَهُ بثلثمائة دِينَار واستغرب النَّاس هَذَا الصَّنِيع ثمَّ لما سمع أَن الشَّيْخ عزم على تَزْوِيج ابْنَته أَمر بِأَن يكون العقد بِحَضْرَتِهِ قصدا لإكرامه فَفعل وَلم يحضر الشَّيْخ وَلما مَاتَ الْبُرْهَان بن الديري اسْتَقر بِهِ عوضه فِي مشيخة المؤيدية بعد تمنع ثمَّ بعد الكافياجي فِي الشيخونية وَأعْطى المؤيدية للتاج بن الديري وَلم يلبث أَن ابْتَدَأَ بِهِ الضعْف فَأَقَامَ مديدة إِلَى أَن مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ رَابِع عشرى ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بسبيل المؤمني وشهده السُّلْطَان ثمَّ دفن بتربة جد أمه لأمها الْفَخر القاياتي بِالْقربِ من مقَام الإِمَام الشَّافِعِي من القرافة رَحمَه الله وإيانا.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.