عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي أبي الفضل جلال الدين

ابن الكتب

تاريخ الولادة849 هـ
تاريخ الوفاة911 هـ
العمر62 سنة
مكان الولادةالقاهرة - مصر
مكان الوفاةالقرافة - مصر
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • المغرب - المغرب
  • الهند - الهند
  • اليمن - اليمن
  • بلاد الشام - بلاد الشام
  • الفيوم - مصر
  • القاهرة - مصر
  • القرافة - مصر
  • المحلة - مصر
  • دمياط - مصر
  • نهر النيل - مصر
  • تكرور - موريتانيا

نبذة

عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي سابق الدين بكر بن عثمان بن محمد بن خضر بن أيوب بن محمد ابن الشيخ همام الدين، الشيخ العلامة، الإمام، المحقق، المدقق، المسند، الحافظ شيخ الإسلام جلال الدين أبي الفضل ابن العلامة كمال الدين الأسيوطي، الخضيري، الشافعي  ، والسيوطي : نسبة الى أسيوط وهي بليدة بديار مصر من الريف الأعلى بالصعيد ، ولد سنة (849ه)

الترجمة

عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي سابق الدين بكر بن عثمان بن محمد بن خضر بن أيوب بن محمد ابن الشيخ همام الدين، الشيخ العلامة، الإمام، المحقق، المدقق، المسند، الحافظ شيخ الإسلام جلال الدين أبي الفضل ابن العلامة كمال الدين الأسيوطي، الخضيري، الشافعي  ، والسيوطي : نسبة الى أسيوط وهي بليدة بديار مصر من الريف الأعلى بالصعيد ، ولد سنة (849ه) ، روى عن : محيي الدين الكافيجي ، والشمس محمد بن موسى الحنفي ، وغيرهما ، وروى عنه : شمس الدين الداودي ، ومحمد بن محمد بن العجيمي ، وغيرهما ، كان إماما حافظا مؤرخا أديبا ، من مؤلفاته : "الاتقان في علوم القرآن" ، و"إتمام الدراية لقراء النقاية" ، وغيرهما ، توفي سنة (911ه) . ينظر : الضوء اللامع ، للسخاوي : 4/65 ؛ والكواكب السائرة ، للغزي : 2/12 .

-الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة .

 

 

جلال الدين السّيوطي- ت 911
هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن الهمام الجلال الأسيوطي الأصل الشافعي.
وهو من خيرة العلماء الأفاضل المجتهدين، ومن المصنفين المكثرين، ولد في أول ليلة مستهلّ رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ونشأ يتيما فحفظ القرآن، والعمدة، والمنهاج الفرعي، وألفية النحوي. أخذ السيوطي العلم عن خيرة علماء عصره، وأخذ من كل فنّ، وسافر إلى «الفيوم» ودمياط، والمحلة الكبرى، وغير ذلك، وأجاز له أكابر علماء عصره من سائر الأمصار، وبرز في جميع الفنون، وفاق الأقران، واشتهر ذكره، وبعد صيته، وصنف التصانيف المفيدة النافعة فقد استفاد بمصنفاته من عاصره، ومن جاء بعده إلى عصرنا الحاضر، وعملت حوله الرسائل العلمية في الماجستير والدكتوراة. وجلال الدين السيوطي كتب لنفسه ترجمة في مؤلفه: «حسن المحاضرة» في تاريخ مصر والقاهرة، أثناء حديثه عن الكلام على من كان بمصر من الأئمة المجتهدين فقال: «وإنما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء بالمحدثين قبلي، فقل أن ألّف أحد منهم تاريخا إلا ذكر ترجمته فيه، وممن وقع له ذلك «الإمام عبد الغافر الفارسي» في تاريخ نيسأبير، «وياقوت الحموي» في معجم الأدباء، ولسان الدين امير الخطيب في تاريخ غرناطة، والحافظ تقي الدين الفاسيّ في تاريخ مكة، والحافظ أبي الفضل بن حجر في قضاة مصر، وأبي شامة في «الروضتين»، وهو أروعهم وأزهرهم- فأقول: أي السيوطي- أما جدي الأعلى همّام الدين، فكان من أهل الحقيقة ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرئاسة، منهم من ولّي الحكم ببلده، ومنهم من ولّي الحسبة بها، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون، ومنهم من كان متموّلا، ولا أعلم منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا والدي. وأما نسبتنا بالخضيري فلا أعلم ما تكون هذه النسبة إلا الخضيرية، محلة ببغداد، وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه الله يذكره أن جدّه الأعلى كان أعجميا، أو من الشرق، فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة.
وكان مولدي مستهلّ رجب بعد المغرب ليلة الأحد سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وحملت في حياة ابي إلى الشيخ «محمد المجذوب» رجل كان من الأولياء، بجوار المشهد النفيسي، ونشأت يتيما فحفظت القرآن ولي دون ثمان سنين، ثم حفظت «العمدة» ومنهاج الفقه، والأصول وألفية ابن مالك، وشرعت في الاشتغال بالعلم من مستهلّ سنة أربع وستين وثمانمائة.
فأخذت الفقه، والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضيّ زمانه الشيخ «شهاب الدين الشارمساحيّ» الذي كان يقول: إنه بلغ السدّ العالية، وجاوز المائة بكثير، قرأت عليه من شرحه على المجموع.
وأجزت بتدريس العربية من مستهل سنة ست وستين، وقد ألفت في هذه السنة فكان أول شيء ألفته شرح الاستعاذة والبسملة، وأوقفت عليه شيخنا «علم الدين البلقيني» فكتب عليه تقريظا، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولده فقرأت عليه من أوّل التدريب لوالده إلى «الوكالة» وسمعت عليه من أول «الحاوي الصغير» إلى «العدد»، ومن أول «المنهاج» إلى «الزكاة»، ومن أول «التنبيه» إلى قريب من «الزكاة»، وقطعة من «الروضة»، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي، ومن إحياء الموات إلى «الوصايا» أو نحوها، وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين، وثمانمائة، وحضر تصديري.
فلما توفي سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام «شرف الدين المناوي» وسمعت دروسا من شرح البهجة ومن حاشيته عليها، ومن تفسير البيضاوي.
ولزمت في الحديث، والعربية شيخنا الإمام العلامة «تقي الدين الشبلي» الحنفي، فواظبته اربع سنين، وكتب لي تقريظا على شرح ألفية ابن مالك، وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي، وشهد لي غير مرّة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه ... ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات، رحمه الله تعالى.
ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود «محيي الدين الكافيجي» اربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون من التفسير، والأصول، والعربية والمعاني، وغير ذلك، وكتب لي إجازة عظيمة.
وحضرت عند الشيخ «سيف الدين الحنفي» دروسا عديدة في «الكشّاف والتوضيح» وحاشيته عليه، وتلخيص المفتاح، والعضد. وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين وثمانمائة، وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاثمائة كتاب، سوى ما غسلته، ورجعت عنه. وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام، والحجاز، واليمن، والهند، والمغرب، والتكرور.
وأفتيت من مستهلّ سنة إحدى وسبعين، وعقدت إملاء الحديث من مستهلّ سنة اثنتين وسبعين.
ورزقت التبحّر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع على طريقة العرب البلغاء لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة.
ودون هذه السبعة في المعرفة أصول الفقه، والجدل، والتصريف. ودونها الإنشاء، والترسّل والفرائض. ودونها القراءات، ولم آخذها عن شيخ. وأما علم الحساب فهو أعسر شيء عليّ، وأبعده عن ذهني، وإذا نظرت إلى مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلا أحمله.
وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله تعالى، أقول ذلك تحدثا بنعمة الله عليّ لا فخرا.
وأما مشايخي في الرواية سماعا وإجازة فكثير، وعدّتهم نحو مائة وخمسين» اه.
وأما كتبه فقد أحصى السيوطي منها نحو من ثلاثمائة في التفسير وتعلقاته والقراءات، والحديث وتعلقاته، والفقه وتعلقاته، وفن العربية وتعلقاته، وفن الأصول، والبيان، وفن التاريخ والأدب، والأجزاء المفردة، ما بين كبير في مجلد أو مجلدات، وصغير في كراريس، وقد ذكر تلميذه «الداودي المالكي» أنها أنافت على خمسمائة مؤلف. وقال «ابن إياس» في تاريخه [حوادث سنة 911 هـ] إنها بلغت ستمائة مؤلف.
وظل السيوطي طوال حياته شغوفا بالدرس، مشتغلا بالعلم، يتلقاه عن شيوخه أو يبذله لتلاميذه، أو يذيعه فتيا، أو يحرره في الكتب والأسفار.
وكان رحمه الله تعالى في حياته الخاصة على أحسن ما يكون عليه العلماء، ورجال الفضل، عفيفا، كريما، غنيّ النفس، متباعدا عن ذوي الجاه والسلطان، قانعا برزقه، وكان الأمراء والوزراء يأتون لزيارته ويعرضون عليه عطاياهم فيردها، وظل كذلك حتى توفاه الله تعالى في يوم الخميس تاسع شهر جمادى الأولى سنة أحد عشر وتسعمائة هـ.
رحم الله السيوطي رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

 

 

(849 - 911 هـ = 1445 - 1505 م) عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي، جلال الدين: إمام حافظ مؤرخ أديب. له نحو 600 مصنف، منها الكتاب الكبير، والرسالة الصغيرة. نشأ في القاهرة يتيما (مات والده وعمره خمس سنوات) ولما بلغ أربعين سنة اعتزل الناس، وخلا بنفسه في روضة المقياس، على النيل، منزويا عن أصحابه جميعا، كأنه لا يعرف أحدا منهم، فألف أكثر كتبه. وكان الأغنياء والأمراء يزورونه ويعرضون عليه الأموال والهدايا فيردها. وطلبه السلطان مرارا فلم يحضر إليه، وأرسل إليه هدايا فردها. وبقي على ذلك إلى أن توفي وقرأت في كتاب (المنح البادية - خ) أنه كان يلقب بابن الكتب، لأن أباه طلب من أمه أن تأتيه بكتاب، ففاجأها المخاض، فولدته وهي بين الكتب! من كتبه (الإتقان في علوم القرآن - ط) و (إتمام الدراية لقراء النقاية - ط) كلاهما له، في علوم مختلفة، و (الأحاديث المنيفة - خ) ، و (الأرج في الفرج - ط) و (الاذدكار في ما عقده الشعراء من الآثار - خ) و (إسعاف المبطإ في رجال الموطأ - ط) و (الأشباه والنظائر - ط) في العربية، و (الأشباه والنظائر - ط) في فروع الشافعية، و (الاقتراح - ط) في أصول النحو، و (الإكليل في استنباط التنزيل - ط) و (الألفاظ المعربة - خ) و (الألفية في مصطلح الحديث - ط) و (الألفية في النحو - ط) واسمها (الفريدة) وله شرح عليها، و (إنباه الأذكياء لحياة الأنبياء - ط) رسالة، و (بديعية وشرحها - خ) عندي و (بغية الوعاة، في طبقات اللغويين والنحاة - ط) و (التاج في إعراب مشكل المنهاج - خ) و (تاريخ أسيوط) وكان أبوه من سكانها، و (تاريخ الخلفاء - ط) و (التحبير لعلم التفسير - خ) و (تحفة المجالس ونزهة المجالس - ط) و (تحفة الناسك - خ) و (تدريب الراويّ - ط) في شرح تقريب النواوي، و (ترجمان القرآن - ط) و (تفسير الجلالين - ط) و (تنوير الحوالك في شرح موطأ الإمام مالك - ط) و (الجامع الصغير - ط) في الحديث، و (جمع الجوامع، ويعرف بالجامع الكبير - خ) ستة أجزاء، كتب سنة 973 في خزانة القرويين وفي الظاهرية، و (الحاوي للفتاوي - ط) و (حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة - ط) و (الخصائص والمعجزات النبويّة - ط) و (درّ السحابة، في من دخل مصر من الصحابة - خ) و (الدر المنثور في التفسير بالمأثور - ط) ستة أجزاء، و (الدر النثير في تلخيص نهاية ابن الأثير - ط) و (الدراري في أبناء السراري - خ) و (الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة - ط) و (الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج - ط) و (ديوان الحيوان - ط) اختصره من حياة الحيوان للدميري، وقد ترجم إلى اللاتينية، و (رشف الزلال - ط) ويعرف بمقامة النساء، و (زهر الربى - ط) في شرح سنن النسائي، و (زيادات الجامع الصغير - ط) مرتبة على الحروف، و (السبل الجلية في الآباء العلية - ط) و (شرح شواهد المغني - ط) سماه (فتح القريب) و (الشماريخ في علم التاريخ - ط) رسالة، و (صون المنطق والكلام، عن فن المنطق والكلام - ط) و (طبقات الحفاظ - ط) و (طبقات المفسرين - ط) و (عقود الجمان في المعاني والبيان - ط) أرجوزة، و (عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد - خ) و (قطف الثمر في موافقات عمر - خ) و (كوكب الروضة - خ) في ذكر جزيرة الروضة التي كان من سكانها (وفيها منزلي بمصر) رأيت منه نسختين إحداهما في الخزانة الخالدية بالقدس، في مجلد ضخم، والثانية في خزانة الرباط (135 ق) و (مقامات - خ) 24 رسالة في مباحث مختلفة، بخزانة الرباط (د 296) و (اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة - ط) و (لب اللباب في تحرير الأنساب - ط) و (لباب النقول في أسباب النزول - ط) و (ما رواه الأساطين في عدم المجئ إلى السلاطين - خ) و (متشابه القرآن - ط) و (مجموعان) مخطوطان، يشتملان على 43 رسالة - ذكر أسماءها حبيب الزيات في (خزائن الكتب) - و (المحاضرات والمحاورات - خ) و (المذهب في ما وقع في القرآن من المعرب - خ) و (المزهر- ط) في اللغة، و (مسالك الحنفا في والدي المصطفى - ط) و (المستطرف من أخبار الجواري - ط) و (مشتهى العقول في منتهى النقول - ط) و (مصباح الزجاجة - ط) في شرح سنن ابن ماجة، و (مفحمات الأقران في مبهمات القرآن - ط) و (مقامات - ط) في الأدب، و (المقامة السندسية في النسبة المصطفوية - ط) و (مناقب أبي حنيفة - ط) و (مناقب مالك - ط) و (مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا - ط) و (المنجم في المعجم - خ) ترجم به أشياخه، و (نزهة الجلساء في أشعار النساء - خ) في الظاهرية، و (النفحة المسكية والتحفة المكية - خ) في عدة علوم، و (نواهد الأبكار - خ) حاشية على البيضاوي، و (همع الهوامع - ط) في النحو، و (الوسائل إلى معرفة الأوائل - خ) وغير ذلك  .

-الاعلام للزركلي-

 

 

جلال الدين، عبد الرحمن السيوطيُّ.
قال في "البدر الطالع" في ترجمته: الإمام الكبير، صاحب التصانيف، أجاز له أكابر علماء عصره من سائر الأمصار، وبرز في جميع الفنون، وفاق الأقران، واشتهر ذكره، وبَعُدَ صيتُه، وتصانيفُه من الفنون مقبولة، قد سارت في الأقطار مسيرَ النهار، ولكن لم يسلَمْ من حاسد لفضله، وجاحد لمناقبه؛ فإن السخاوي في "الضوء اللامع" - وهو من أقرانه - ترجمه ترجمة مظلمة، غالبها ثَلْبٌ فظيع، وسَبٌّ شنيع، وانتقاصٌ وغمط لمناقبه، تصريحًا وتلويحًا.
ولا جرم، فذلك دأبه في جميع الفضلاء من أقرانه، وقد تنافس هو وصاحب الترجمة منافسة أوجبتْ تأليفَ صاحب الترجمة لرسالة سماها: "الكاوي لدماغ السخاوي" فليْعرفِ المطلعُ على ترجمة هذا الفاضل في: "الضوء اللامع": أنها صدرت من خصم له غير مقبول عليه، انتهى. ثم نقل العبارةَ من السخاوي في ذمه، وقال: أقول: لا يخفى على المصنف ما في هذا المنقول من التحامل على هذا الإمام، فإن ما اعترف به من صعوبة علم الحساب عليه لا يدل على ما ذكره من عدم الذكاء؛ فإن هذا الفن لا يفتح فيه على ذكي إلا نادرًا؛ كما نشاهده الآن في أهل عصرنا، وكذلك سكوته عند قول القائل له: نجمع لك أهلَ كل فن من فنون الاجتهاد؛ فإن هذا الكلام خارج عن الإنصاف؛ لأن رب الفنون الكثيرة لا يبلغ في تحقيق كل واحد منها ما يبلغه من هو مشتغل به على انفراده، وهذا معلوم لكل أحد، وكذلك قوله: إنه نسخ كذا وأخذ كذا ليس بعيب؛ فإن هذا ما زال دأبَ المصنفين، يأتي الآخِر، فيأخذ مِنْ كتب مَنْ قبله، فيختصر، أو يوضح، أو يعترض، أو نحو ذلك من الأغراض التي هي الباعثة على التصانيف، ومن ذلك الذي يعمد إلى فن قد صنف فيه من قبله، فلا يأخذ من كلامه، وقوله: إنه رأى بعضها في ورقة، لا يخالف ما حكاه صاحب الترجمة من ذكر عدد مصنفاته، فإنه لم يقل: إنها زادت على ثلاث مئة مجلد، بل قال: إنها زادت على ثلاث مئة كتاب، وهذا الاسم يصدق على الورقة فما فوقها.
وقوله: إنه كثير التصحيف والتحريف، دعوى مجردةٌ عاطلة عن البرهان، فهذه مؤلفاته على ظهر البسيطة محررة أحسنَ تحرير، ومتقنة أبلغَ إتقان، وعلى كل حال، فهو غير مقبول عليه؛ لما عرفت من قول أئمة الجرح والتعديل بعدم قبول قول الأقران في بعضهم بعضًا مع ظهور أدنى منافسة، فكيف بمثل المنافسة بين هذين الرجلين التي أفضت إلى تأليف بعضهم في بعض؟! فإنَّ أقلَّ من هذا يوجب عدم القبول.
والسخاوي - رحمه الله - وإن كان إمامًا غيرَ مدفوع، لكنه كثيرُ التحامل على أكابر أقرانه، كما يعرف ذلك من طالعَ كتابه "الضوء اللامع"؛ فإنه لا يقيم لهم وزنًا، بل لا يسلم غالبُهم من الحطِّ منه عليه، وإنما يعظم مشايخه وتلامذته ومن لم يعرفه ممن مات في أول القرن التاسع قبل مولده، أو مَنْ كان في غير مصره، أو يرجو خيره، أو يخاف شره، أو ما نقله من أقوال مَنْ ذكره من العلماء مما يؤذن بالحطِّ على صاحب الترجمة، فسبب ذلك دعواه الاجتهاد كما صرح به، وما زال هذا دأب الناس مع من بلغ إلى تلك الرتبة، ولكن قد عَرَّفناك في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية: أنها جرت عادة الله سبحانه كما يدل عليه الاستقراء برفع شأن من عودي بسبب علمه وتصريحه بالحق، وانتشار محاسنه بعد موته، وارتفاع ذكره، وانتفاع الناس بعلمه. وهذا كان أمر صاحب الترجمة؛ فإن مؤلفاته انتشرت في الأقطار، وسارت بها الركبان إلى الأنجاد والأغوار، ورفع الله له من الذكر الحسن والثناء الجميل ما لم يكن لأحد من معاصريه، والعاقبةُ للمتقين، تجاوز الله عنهما جميعًا وعنا بفضله وكرمه. ولد السيوطي في سنة 849، وتوفي سنة 911، انتهى. - رحمه الله تعالى رحمة واسعة -.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

عبد الرحمن بن أبى بكر بن محمد بن سابق الخصيرى
السيوطى جلال الدين.
الإمام الحافظ، المؤلف.
مولده سنة 849 وله تصانيف لا تحصى كثرة، تناهز الألف.
توفى سنة 911.

ترجم السيوطى لنفسه في كتابه: «حسن المحاضرة 1/ 335 - 344 فقال: أما جدى الأعلى همام الدين؛ فكان من أهل الحقيقة، ومن مشايخ الطريقة، وسياتى ذكره فى قسم الصوفية، ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرياسة؛ منهم من ولى الحكم ببلده، ومنهم من ولى الحسبة بها، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون وبنى مدرسة بأسيوط، ووقف عليها أوقافا، ومنهم من كان متمولا، ولا أعرف منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا والدى. . وأما نسبتنا بالخضيرى، فلا أعلم ما تكون إليه هذه النسبة إلا الحضيرية، محلة ببغداد؛ وقد حدثنى من أثق به أنه سمع والدى رحمه الله تعالى يذكر أن جده الأعلى كان أعجميا أو من الشرق؛ فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة، وكان مولدى بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة. وحملت في حلة أبى إلى الشيخ محمد المجذوب، رجل كان من كبار الأولياء بجوار المشهد النفيسى، فبرك على ونشأت يتيما، فحفظت القرآن ولى دون ثمان سنين ثم حفظت العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك؛ وشرعت في الاشتغال بالعلم، من مستهل سنة أربع وستين فأخذت الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة-فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساحى الذى كان يقال إنه بلغ السن العالية، وجاوز المائة بكثير، والله أعلم بذلك؛ قرأت عليه في شرحه على المجموع، وأجزت بتدريس العربية في مستهل سنة ست وستين. وقد ألفت في هذه السنة، فكان أول شئ ألفته شرح الاستعاذة والبسملة، وأوقفت عليه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقينى، فكتب عليه تقربطا، ولازمته في الفقه إلى أن مات؛ فلازمت ولده، فقرأت عليه من أول التدريب لوالده إلى الوكالة، وسمعت عليه من أول الحاوى الصغير إلى العدد، ومن أول المنهاج إلى الزكاة، ومن أول التنبيه إلى قريب من باب الزكاة، وقطعة من الروضة من باب القضاء. وقطعة من تكملة شرح المنهاج لزركشى؛ ومن إحياء الموات إلى الوصايا أو نحوها وأحازنى بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين، وحضر تصديرى. فلما توفى سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوى، فقرأت عليه قطعة من المنهاج، وسمعت عليه في التقسيم إلا مجالس فاتتنى وسمعت دروسا من شرح البهجة ومن حاشية عليها، ومن تفسير البيضاوى. ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلامة تقى الدين الشبلى الحنفى. فواظبته أربع سنين، وكتب لى تقريظا على شرح ألفية ابن مالك وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي، وشهد لى-غير مرة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه، ورجع إلى قولى مجردا في حديث؛ فإنه أورد في حشيته على الشفاء حديث أبى الجمرا في الإسراء، وعزله إلى تخريج ابن ماجه، فاحتجت إلى إيراده بسنده، فكشفت ابن ماجه في مظنته، فلم أجده، فمررت على الكتاب كله، فلم أجده، فاتهمت نظرى، فمررت مرة ثانية فلم أجده، فعدت ثالثة فلم أجده؛ ورأيته في معجم الصحابة لابن قانع، فجئت إلى الشيخ وأخبرته، فمجرد ما سمع منى ذلك أخذ نسخته. وأخذ القلم فضرب على لفظ ابن ماجه، وألحق ابن قانع في الحاشية، فاعظمت ذلك وهبته لعظم منزلة الشيخ في قلبى. واحتقارى في نفسى، فقلت: ألا تصبرون لعلكم تراجعون! فقال: لا: إنما قلدت في قولى ابن ماجه البرهان الحلبى، ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات. . . ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود محيى الدين الكافيجى أربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون من التفسير والأصول العربية والمعانى وغير ذلك، وكتب لى إجازة عظيمة. وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفى دروسا عديدة في الكشاف والتوضيح وحاشيته عليه، وتلخيص المفتاح والعضد. وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين، وبلغت مؤلفانى إلى الآن ثلاثمائة كتاب سوى ما رجعت عنه. وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتكرور. ولما حججت شربت من ماء زمزم، لأمور؛ منها أن أصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقينى، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ بن حجر. وأفتيت من مستهل سنة إحدى وسبعين. وعقدت إملاء الحديث في مستهل سنة اثنتين وسبعين، ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعانى، والبيان، والبديع، على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة، والذى أعتقده أن الذى وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والنقول التى اطلعت عليها فيها، لم يصل إليه، ولا وقف عليه أحد من أشياخى؛ فضلا عمن هو دونهم، وأما الفقه فلا أقول ذلك فيه؛ بل شيخى فيه أوسع نظرا، وأطول باعا؛ ودون هذه السبعة في المعرفة: أصول الفقه والجدل والتصريف، ودونها الإنشاء والتوسل والفرائض، ودونها القراءات، ولم آخذها عن شيخ، ودونها الطب، وأما علم الحساب فهو أعسر شئ على، وأبعده عن ذهنى؛ وإذا نظرت في مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلا أحمله. وقد كملت عندى الآن آلات الجهاد بحمد الله تعالى؛ أقول ذلك تحدثا بنعمة الله تعالى لا فخرا؛ وأى شئ في الدنيا حتى يطلب تحصيلها بالفخر، وقد أزف الرحيل، وبدأ الشيب، وذهب أطيب العمر ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنفا بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسية، ومداركها ونقوضها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل الله. لا بحوالى ولا بقوتى، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. . . وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت شيئا في علم المنطق، ثم ألقى الله كراهته في قلبى وسمعت أن ابن الصلاح أفتى بتجريمه فتركته لذلك، فعوضنى الله تعالى عنه علم الحديث الذى هو أشرف العلوم! ! . وأما مشايخى في الرواية سماعا وإجازة فكثير، أوردتهم في المعجم الذى جمعتهم فيه، وعدتهم نحو مائة وخمسين؛ ولم أكثر من سماع الرواية لاشتغالى بما هو أهم ولهو قراءة الدراية. . الخ. راجع ترجمته أيضا في الكواكب السائرة 1/ 226، وشذرات الذهب 7/ 51، والضوء اللامع 4/ 65.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ‍)

 

 

وَفِي يَوْم الْجُمُعَة وَقت الْعَصْر تَاسِع عشر جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى عشرَة توفّي الشَّيْخ الْعَلامَة الْحَافِظ أَبُو الْفضل جلال الدّين عبد الرَّحْمَن أبن كَمَال الدّين أَبُو بكر بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن خضر بن أَيُّوب بن مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ الْهمام الخضيري السُّيُوطِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع الأفاريقي تَحت القلعة وَدفن بشرقي بَاب القرافة وَمرض ثَلَاثَة أَيَّام والخضيري نِسْبَة إِلَى محلّة الخضيرية بِبَغْدَاد وَوجد بِخَطِّهِ رَحمَه الله أَنه سمع مِمَّن يَثِق بِهِ أَنه سمع وَالِده يذكر أَن جده الْأَعْلَى كَانَ أعجمياً أَو من الْمشرق فَلَا يبعد أَن النِّسْبَة إِلَى الْمحلة الْمَذْكُورَة وَأمه أم ولد تركية
وَكَانَ مولده بعد الْمغرب لَيْلَة الْأَحَد مستهل رَجَب سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ يلقب بِابْن الْكتب لِأَن أَبَاهُ كَانَ من أهل الْعلم وَاحْتَاجَ إِلَى مطالعة كتاب فَأمر أمه أَن تَأتيه بِالْكتاب من بَين كتبه فَذَهَبت لتأتي بِهِ فَجَاءَهَا الْمَخَاض وَهِي بَين الْكتب فَوَضَعته
ثمَّ سَمَّاهُ وَالِده بعد الْأُسْبُوع عبد الرَّحْمَن ولقبه جلال الدّين وكناه شَيْخه قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْكِنَانِي لما عرض عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ مَا كنيتك فَقَالَ لَا كنيه لي فَقَالَ أَبُو الْفضل وَكتبه بِخَطِّهِ وَتُوفِّي وَالِده لَيْلَة الأثنين خَامِس صفر سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَجعل الشَّيْخ جمال كَمَال الدّين ابْن الْهمام وَصِيّا عَلَيْهِ فلحظه بنظره ودعايته وَختم الْقُرْآن وسنه دون ثَمَان سِنِين ثمَّ حفظ عُمْدَة الْأَحْكَام ومنهاج النَّوَوِيّ والفية ابْن مَالك ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ وعرضها وَهُوَ دون الْبلُوغ على مَشَايِخ عصره واحضره وَالِده وعمره ثَلَاث سِنِين مجْلِس شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر مرّة وَاحِدَة وَحضر وَهُوَ صَغِير مجْلِس الشَّيْخ الْمُحدث زين الدّين رضوَان الْعُتْبِي ودرس الشَّيْخ سراج الدّين عمر الوردي ثمَّ اشْتغل بِالْعلمِ على عدَّة مَشَايِخ وَحج سنة تسعٍ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَشرب من مَاء زَمْزَم لأمور منهاا أَن يصل فِي الْفِقْه إِلَى رُتْبَة الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ وَفِي الحَدِيث إِلَى رُتْبَة الْحَافِظ ابْن حجر ووصلت مصنفاته نَحْو الستمائة مصنفاً سوى مَا رَجَعَ عَنهُ وغسله وَولي المشيخة فِي مَوَاضِع مُتعَدِّدَة من الْقَاهِرَة ثمَّ أَنه زهد فِي جَمِيع ذَلِك وَانْقطع إِلَى الله بالروضة وَكَانَت لَهُ كرامات وَعظم غالبها بعد وَفَاته

وَحكى الشَّيْخ الْعَلامَة زَكَرِيَّا بن الشَّيْخ الْعَلامَة مُحَمَّد الْمحلي الشَّافِعِي انه عرض لَهُ مُهِمّ فِي بعض أوقاته قَالَ فَسَأَلته أَن يكْتب إِلَى بعض تلامذته بِالْوَصِيَّةِ عَليّ فَامْتنعَ وأطلعني على ورقة بِخَطِّهِ وفيهَا أَنه اجْتمع بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْيَقَظَة مَرَّات تزيد على سبعين مرّة وَقَالَ لَهُ كلَاما حَاصله أَن من كَانَ بِهَذِهِ المثابة لَا يحْتَاج إِلَى مدد وأعانه من أحد رَحمَه الله
وَحكي عَنهُ أَنه قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت لَهُ كتابا شرعت فِي تأليفه فِي الحَدِيث وَهُوَ جمع الْجَوَامِع فَقلت لَهُ أَقرَأ عَلَيْكُم شَيْئا مِنْهُ فَقَالَ لي هَات يَا شيخ الحَدِيث قَالَ هَذِه الْبُشْرَى عِنْدِي أعظم من الدُّنْيَا بحذافيرها
وَمن تصانيفه الدّرّ المنثور فِي التَّفْسِير بالمأثور اثْنَي عشر مجلداً وتناسق الدّرّ فِي تناسب السُّور وحاشية على الْبَيْضَاوِيّ الى الأسراء والأزهار الفائحة على الْفَاتِحَة والمعاني الدقيقة فِي إِدْرَاك الْحَقِيقَة واتمام النِّعْمَة فِي اخْتِصَاص الْإِسْلَام بِهَذِهِ الْأمة والديباج على صَحِيح مُسلم ابْن الْحجَّاج وكشف الغطا فِي شرح الموطا وتنوير الحوالك على موطأ مَالك والبدور السافرة عَن أُمُور الْآخِرَة ونتيجة الْفِكر فِي الْجَهْر بِالذكر وتزيين الآرائك فِي إرْسَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الملائك ومسالك الحنفا فِي إِسْلَام وَالِدي الْمُصْطَفى وَنشر العلمين المنيفين فِي إحْيَاء الْأَبَوَيْنِ الشريفين وذم الْقَضَاء وذم زِيَارَة الْأُمَرَاء والتنفيس عَن ترك الافتاء والتدريس وَالْأَحَادِيث الحسان فِي فضل الطيلسان وطي اللِّسَان عَن ذمّ الطيلسان والتضلع فِي معنى المتقنع وَعين الأصابة فِي مَا استدركته عَائِشَة على الصَّحَابَة والاحتفال بالأطفال وَمَا رَوَاهُ الأساطين فِي عدم الْمَجِيء إِلَى السلاطين والأوج فِي خبر عوج والوديك فِي الديك والطرثوث فِي فَوَائِد البرغوث وَله مُخْتَصر نِهَايَة ابْن الْأَثِير والينبوع فِيمَا زَاد على الرَّوْضَة من الْفُرُوع ومختصر الْخَادِم ومختصر الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة وَشرح الرَّوْض لِابْنِ الْمقري وَشرح التَّنْبِيه مُخْتَصر والبهجة المرضية فِي شرح الألفية ممزوج والمسائل الوفية فِي نكت الحاجبتين والألفية على منوال التَّحْرِير للشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ على الْكتب الثَّلَاثَة فِي الْفِقْه جَامع لكل مَا يرد على عبارتها وَمَا ناقضوه فِي غَيرهَا من مصنفاتهم مَعَ مَا أمكن من الْجَواب
وَمن تصانيفه السَّيْف الصَّقِيل فِي نكت شرح الألفية لِابْنِ عقيل وَالْفَتْح الْقَرِيب على مغنى اللبيب وَجمع الْجَوَامِع فِي الْعَرَبيَّة وَشَرحه همع الهوامع والمرقاة الْعلية فِي شرح الْأَسْمَاء النَّبَوِيَّة وَشرح الشاطبية ممزوج ونظم جمع الْجَوَامِع فِي الْأُصُول وَشَرحه والطب النَّبَوِيّ وطبقات الْحفاظ وطبقات الشَّافِعِيَّة وطبقات النُّحَاة وانموذج اللبيب فِي خَصَائِص الحبيب والحجج المبينة فِي التَّفْضِيل بَين مَكَّة وَالْمَدينَة والإكليل فِي استنباط التَّنْزِيل وَفتح الآله فِي التَّفْصِيل بَين الطّواف وَالصَّلَاة والبارع فِي اقطاع الشَّارِع وكشف الصبابة فِي مَسْأَلَة الِاسْتِنَابَة وَحسن الْمَقْصد فِي عمل المولد وتشنيف الْأَركان فِي لَيْسَ فِي الامكان ابدع مِمَّا كَانَ وفجر الدياجي فِي الأحاجي ونزهة الجلساء فِي أشعار النِّسَاء وَشرح الصُّدُور بشرح أَحْوَال الْقُبُور وَله تَعْلِيق لطيف على البُخَارِيّ وَله غير ذَلِك لَكِن كثيرا من مؤلفاته هَذِه الْمَذْكُورَة صَغِيرَة وَبَعضهَا فِي كراس وكراسين وَمن شعره مضمناً لمصراع من الْبردَة وَهُوَ مِمَّا كتب بِهِ إِلَى الْحَافِظ السخاوي متحاملا ومعرضا بِهِ ... قل السخاوي أَن تعروك مشكلة ... علمي كبحر من الأمواج ملتطم
والحافظ الديمي غيث الزَّمَان فَخذ ... غرفاً من الْبَحْر أورشفا من الديم ...
قَالَ بعض الْفُضَلَاء وَالْحق إِن كلا من الثَّلَاثَة كَانَ فَردا فِي فنه مَعَ الْمُشَاركَة فِي غَيره فالسخاوي تفرد بِمَعْرِفَة علل الحَدِيث والديمي بأسماء الرِّجَال والسيوطي بِحِفْظ الْمَتْن وَالله أعلم وَكَانَ بَينه وَبَين الْحَافِظ السخاوي منافرة كَمَا يكون بَين الأكابر
ذكر الْجلَال السُّيُوطِيّ فِي المقامة السندسية لَهُ عِنْد الْكَلَام على أَحيَاء أَبَوي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ وَهل تستبعد على من انجى الله بِهِ الثقلَيْن أَن يُنجي بِهِ الْأَبَوَيْنِ فَإِن استبعد هُوَ ذَلِك فَلَيْسَتْ الشدَّة عِنْدِي بأرجح من الرخَاء وَأَن استكثر ذَلِك فانه لبخيل حَيْثُ شح لأجمل الْأَمريْنِ وَهُوَ السخاء شعر ... شيخ السخاوي بالانجاء يذكرهُ ... عَن وَالِدي سيد الْأَبْنَاء والأمم
إِن عز إِن يبلغ الْبَحْر الخضم روى ... بالتيه يَسْتَقِي من وابل الديم ...
وَله أَيْضا فِيمَا يسن قبُوله من الْأَشْيَاء ... عَن الْمُصْطَفى سبع يسن قبُولهَا ... إِذا مَا بهَا قد أتحف الْمَرْء خلان
فحلو وألبان ودهن وسَادَة ... ورزق لمحتاج وَطيب وَرَيْحَان ...
وَله أَيْضا فِي من كَانَ يُفْتِي من الصَّحَابَة زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... وَقد كَانَ فِي عصر النَّبِي جمَاعَة ... يقومُونَ بالافتاء قومة قَانِت
فَأَرْبَعَة أهل الْخلَافَة مِنْهُم ... معَاذ أبي وَابْن عَوْف ابْن ثَابت ...
واسيوط مَدِينَة فِي غربي النّيل من نواحي الصَّعِيد فِي مستوى كَثِيرَة الْخيرَات اعجوبة المنتزهات وعجائب عماراتها وسورها مِمَّا لَا يذكر وَلما صورت الدُّنْيَا للرشيد لم يستحسن غير كورة اسيوط لِكَثْرَة مَا بهَا من الْخيرَات والمنتزهات وَمن عجائبها أَن بهَا يكش ألف فدان ينشر مَاؤُهَا فِي جَمِيعهَا لِاسْتِوَاء سطح أرْضهَا ويسير المَاء فِي أقطارها قَالَه الْقزْوِينِي                                                                                                                                                      -النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.

 

 

عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن خَلِيل ابْن نصر بن الْخضر بن الْهمام الْجلَال بن الْكَمَال بن نَاصِر الدّين السُّيُوطِيّ الأَصْل الطولوني الشَّافِعِي / الْآتِي أَبوهُ وَيعرف بِابن الأسيوطي. ولد فِي أول لَيْلَة مستهل رَجَب سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَأمه أمة تركية، وَنَشَأ يَتِيما فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي وَبَعض الْأَصْلِيّ وألفية النَّحْو وَعرض فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَأخذ عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن مُوسَى الْحَنَفِيّ إِمَام الشيخونية فِي النَّحْو وَعَن الْفَخر عُثْمَان المقسي والشموس البامي وَابْن الفالاتي وَابْن يُوسُف أحد فضلاء الشيخونية والبرهانين العجلوني وَفِيمَا قيل النعماني بَعضهم فِي الْفِقْه وَبَعْضهمْ فِي النَّحْو ثمَّ ترقى حَتَّى قَرَأَ فِي بعض الْمُتُون الْفِقْهِيَّة على الْعلم البُلْقِينِيّ وَحضر عِنْد الشّرف الْمَنَاوِيّ يَسِيرا جدا ولمح لَهُ بالأدب حَيْثُ قَالَ لَهُ وَقد تألم من جُلُوسه فَوق ملا على كُنَّا وَنحن صغَار لَا نجلس إِلَّا خلف الْحلقَة، فل كَلِمَات من هَذَا النمط وَحِينَئِذٍ انْقَطع وَأخذ عَن كل من السَّيْف والشمني والكافياجي الحنفيين شَيْئا من فنون وفيهَا زعم عَن الشهَاب الشارمساحي بعض شَرحه لمجموع الكلائي وَعَن الْعِزّ الميقاتي رِسَالَة لَهُ فِي الْمِيقَات وَعَن مُحَمَّد بن ابراهيم الشرواني الرُّومِي الطَّبِيب بِالْقَاهِرَةِ مختصرين فِي الطِّبّ لِابْنِ جمَاعَة وَعَن الْعِزّ الْحَنْبَلِيّ دروسا فِي الْأُصُول من جمع الْجَوَامِع انْتهى. ولازمني دهرا وَكتب إِلَى فِي نثر طَوِيل: وَقد تطفلنا على شُمُول سخائه وأنخنا ركاب شدتنا برحاب رخائه، بل مدحني بِغَيْر ذَلِك من نظم ونثركما بَينته فِي مَوضِع آخر، وَكَذَا تردد يَسِيرا جدا للزين قَاسم الْحَنَفِيّ والبقاعي وتدرب بالشهاب المنصوري وَغَيره فِي النّظم وَسمع على بقايا من المسندين كالقمصي والحجازي والشاوي والملتوني ونشوان وَهَاجَر، وَأَجَازَ لَهُ من حلب جمَاعَة مِنْهُم ابْن مقبل خَاتِمَة من أجَاز لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَلم يمعن الطّلب فِي كل مَا أَشرت إِلَيْهِ، ثمَّ سَافر إِلَى الفيوم ودمياط والمحلة وَنَحْوهَا فَكتب عَن جمَاعَة مِمَّن ينظم كالمحيوي بن السَّفِيه والْعَلَاء بن الجندي الْحَنَفِيّ، ثمَّ إِلَى مَكَّة من الْبَحْر فِي ربيع الآخر سنة تسع وَسِتِّينَ فَأخذ قَلِيلا عَن الحيوي عبد الْقَادِر الْمَالِكِي واستمد من صاحبنا النَّجْم بن فَهد فِي آخَرين وَأذن لَهُ غير وَاحِد فِي الافادة والتدريس وساعده الْعلم البُلْقِينِيّ حَتَّى بَاشر تصدير الْفِقْه بالجامع الشيخوني المتلقي لَهُ عَن أَبِيه وَحضر مَعَه اجلاسه فِيهِ، ثمَّ انجمع وتمشيخ وخاض فِي فنون خُصُوصا هَذَا الشَّأْن واختلس حِين كَانَ يتَرَدَّد إِلَى مِمَّا عملته كثيرا كالخصال الْمُوجبَة للظلال والأسماء النَّبَوِيَّة وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَوْت الْأَبْنَاء وَمَا لَا أحصره، بل أَخذ من كتب المحمودية وَغَيرهَا كثيرا من التصانيف الْمُتَقَدّمَة الَّتِي لَا عهد لكثير من العصريين بهَا فِي فنون فَغير فِيهَا يَسِيرا وَقدم وَأخر ونسبها لنَفسِهِ وهول فِي مقدماتها بِمَا يتَوَهَّم مِنْهُ الْجَاهِل شَيْئا مِمَّا لَا يُوفي بِبَعْضِه، وَأول مَا أبرز جُزْءا لَهُ فِي تَحْرِيم الْمنطق جرده من مُصَنف لِابْنِ تَيْمِية واستعان بِي فِي أَكْثَره فَقَامَ عَلَيْهِ الْفُضَلَاء بِحَيْثُ كَفه الْعلم البُلْقِينِيّ عَنهُ وَأخذ مَا كَانَ اسْتَكْتَبَهُ بِهِ فِي المسئلة وَلَوْلَا تلطفي بِالْجَمَاعَة كالابناسي وَابْن الفالاتي وَابْن قَاسم لَكَانَ مَا لَا خير فِيهِ، وَكَذَا درس جمعا من الْعَوام بِجَامِع ابْن طولون بل صَار يملي على بَعضهم مِمَّن لَا يحسن شَيْئا بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك وَسِيلَة لمساعدة وَصِيّه شهَاب الدّين بن الضباح حَيْثُ رباه عِنْد برسباي أستادار الصُّحْبَة فَلَزِمَ إينال الْأَشْقَر رَأس نوبَة النوب حَتَّى قَرَّرَهُ فِي تدريس الحَدِيث بالشيخونية بعد وَفَاة الْفَخر عُثْمَان المقسي مَعَ تَركه ولدا وَكَذَا اسْتَقر فِي الأسماع بهَا وَلَيْسَ بموافق شَرط الْوَاقِف فيهمَا وَفِي مشيخة التصوف بتربة برقوق نَائِب الشَّام الَّتِي بِبَاب القرافة بعناية بلديه أبي الطّيب السُّيُوطِيّ وَغير ذَلِك، كل هَذَا مَعَ أَنه لم يصل وَلَا كَاد وَلذَا قيل إِنَّه تزبب قبل أَن يتحصرم، وَأطلق لِسَانه وقلمه فِي شُيُوخه فَمن فَوْقهم بِحَيْثُ قَالَ عَن القَاضِي الْعَضُد إِنَّه لَا يكون ضعنة فِي نعل ابْن الصّلاح، وعزر على ذَلِك من بعض نواب الْحَنَابِلَة بِحَضْرَة فاضيهم، وَنقص السَّيِّد والرضي فِي النَّحْو بِمَا لم يبد مُسْتَندا فِيهِ مَقْبُولًا بِحَيْثُ أَنه أظهر لبَعض الغرباء الرُّجُوع عَنهُ فانه لما اجْتمعَا قَالَ لَهُ قلت إِن السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ قَالَ إِن الْحَرْف لَا معنى لَهُ أصلا لَا فِي نَفسه وَلَا فِي غَيره وَهَذَا كَلَام السَّيِّد نَاطِق بتكذيبك فِيمَا نسبته إِلَيْهِ فأوجدنا مستندك فِيمَا زعمته فَقَالَ انني لم أر لَهُ كلَاما ولكنني لما كنت بِمَكَّة تجاريت مَعَ بعض الْفُضَلَاء الْكَلَام فِي الْمَسْأَلَة فَنقل لي مَا حكيته وقلدته فِيهِ فَقَالَ هَذَا عَجِيب مِمَّن يتَصَدَّى للتصنيف كَيفَ يُقَلّد فِي مثل هَذَا مَعَ هَذَا الْأُسْتَاذ انْتهى. وَقَالَ ان من قَرَأَ الرضى وَنَحْوه لم يترق إِلَى دَرَجَة أَن يُسمى مشاركا فِي النَّحْو. وَلَا زَالَ يسترسل حَتَّى قَالَ إِنَّه رزق التبحر فِي سَبْعَة عُلُوم التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه والنحو والمعاني وَالْبَيَان والبديع قَالَ وَالَّذِي أعتقده أَن الَّذِي وصلت إِلَيْهِ من هَذِه الْعُلُوم السِّتَّة سوى الْفِقْه والنقول الَّتِي اطَّلَعت عَلَيْهَا وفيهَا لم يصل إِلَيْهِ وَلَا وقف عَلَيْهِ أحد من أشياخي فضلا عَن من دونهم، قَالَ وَدون هَذِه السَّبْعَة فِي الْمعرفَة أصُول الْفِقْه والجدل وَالصرْف ودونها الانشاء والترسل والفرائض ودونها الْقرَاءَات وَلم آخذها عَن شيخ ودونها الطِّبّ وَأما الْحساب فأعسر شَيْء عَليّ وأبعده عَن ذهني وَإِذا نظرت فِي مسئلة تتَعَلَّق بِهِ فَكَأَنَّمَا أحاول جبلا أحملهُ، قَالَ وَقد كملت عِنْدِي آلَات الِاجْتِهَاد بِحَمْد الله إِلَى أَن قَالَ وَلَو شِئْت أَن أكتب فِي كل مسئلة تصنيفا بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسية ومداركها ونقوضها وأجوبتها والمقارنة بَين اخْتِلَاف الْمذَاهب فِيهَا لقدرت على ذَلِك، وَقَالَ إِن الْعلمَاء الْمَوْجُودين يرتبون لَهُ من الأسئلة ألوفا فَيكْتب عَلَيْهَا أجوبة على طَريقَة الِاجْتِهَاد وَأَنه يرتب لَهُم من الاسئلة بِعَدَد الْعشْر فَلَا ينهضوا، وأفرد مصنفا فِي تيسير الِاجْتِهَاد لتقرير دَعْوَاهُ فِي نَفسه وَمَا أحسن قَول بعض الاستاذين فِي الْحساب مَا اعْترف بِهِ عَن نَفسه مِمَّا يُوهم بِهِ أَنه مُصَنف أدل دَلِيل على بلادته وَبعد فهمه لتصريح أَئِمَّة الْفَنّ بِأَنَّهُ فن ذكاء وَنَحْو ذَلِك وَكَذَا قَول بَعضهم دَعْوَاهُ الِاجْتِهَاد ليستر خطأه وَنَحْو هَذَا قَوْله وَقد اجْتمع مَعَه بعض الْفُضَلَاء ورام التَّكَلُّم مَعَه فِي مسئلة لَيْسَ فِي الامكان إِن بضاعتي فِي علم الْكَلَام مزجاة، وَقَول آخر لَهُ أعلمني عَن آلَات الِاجْتِهَاد أما بَقِي أحد يعرفهَا فَقَالَ لَهُ نعم بَقِي من لَهُ مُشَاركَة فِيهَا لَا على وَجه الِاجْتِمَاع فِي وَاحِد بل مفرقا فَقَالَ لَهُ فاذكرهم لي وَنحن نجمعهم لَك ونتكلم مَعَهم فان اعْترف كل وَاحِد مِنْهُم لَك بِعِلْمِهِ وتميزك فِيهِ أمكن ان نوافقك فِي دعواك فَسكت وَلم يبد شَيْئا، وَذكر أَن تصانيفيه زَادَت على ثلثمِائة كتاب رَأَيْت مِنْهَا مَا هُوَ فِي ورقة وَأما مَا هُوَ دون كراسة فكثير وَسمي مِنْهَا شرح الشاطبية وألفية فِي الْقرَاءَات الْعشْر مَعَ اعترافه بِأَنَّهُ لَا شيخ لَهُ فِيهَا، وفيهَا مِمَّا اختلسه من تصانيف شَيخنَا لباب النقول فِي أَسبَاب النُّزُول وَعين الاصابة فِي معرفَة الصَّحَابَة والنكت البديعات على الموضوعات والمدرج إِلَى المدرج وَتَذْكِرَة المؤتسي بِمن حدث وَنسي وتحفة النابه بتلخيص الْمُتَشَابه وَمَا رَوَاهُ الواعون فِي أَخْبَار الطَّاعُون والأساس فِي مَنَاقِب بني الْعَبَّاس وجزء فِي أَسمَاء المدلسين وكشف النقاب عَن الألقاب وَنشر العبير فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الشَّرْح الْكَبِير فَكل هَذِه تصانيف شَيخنَا وليته إِذْ اختلس لم يمسخها وَلَو نسخهَا على وَجههَا لَكَانَ أَنْفَع وفيهَا مِمَّا هُوَ لغيره الْكثير، هَذَا إِن كَانَت المسميات مَوْجُودَة كلهَا وَإِلَّا فَهُوَ كثير المجازفة جَاءَنِي مرّة وَزعم انه قَرَأَ مُسْند الشَّافِعِي على القمصي فِي يَوْم فَلم يلبث أَن جَاءَ القمصي وَأَخْبرنِي مُتَبَرعا بِمَا تضمن كذبه حَيْثُ بَقِي مِنْهُ جانبا وَكَذَا حكى عَن الْكَمَال أخي الْجلَال الْمحلي مناما كذبه الْكَمَال فِيهِ وَقَالَ لي الْبَدْر قَاضِي الْحَنَابِلَة لم أره يقْرَأ على شَيْخي فِي جمع الْجَوَامِع مَعَ شدَّة حرصي على ملازمته نعم كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ فِيهِ خير الدّين الريشي النَّقِيب فَقلت فَلَعَلَّهُ كَانَ يحضر مَعَه فَقَالَ لم أر ذَلِك، وَقَالَ انه عمل النفحة المسكية والتحفة المكية فِي كراسة وَهُوَ بِمَكَّة على نمط عنوان الشّرف لِابْنِ الْمقري فِي يَوْم وَاحِد وَإنَّهُ عمل ألفية فِي الحَدِيث فائقة ألفية الْعِرَاقِيّ إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يطول شَرحه كَقَوْلِه مِمَّا يصدق ان آفَة الْكَذِب النسْيَان فِي مَوضِع أَنه حفظ بعض الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَفِي آخر أَنه حفظ جَمِيعه وَأَنه بعد موت شَيخنَا انْقَطع الاملاء حَتَّى أَحْيَاهُ وزعمه أَن الْمُبْتَدِئ بتقريره فِي الشيخونية هُوَ الكافياجي مَعَ قَوْله لي غير مرّة وَالله لَو لم يُقرر النَّاظر التركي أَو كنت مُنْفَردا بِالْأَمر مَا قَدمته لعلمي بانفراد غَيره بِالِاسْتِحْقَاقِ. كل ذَلِك مَعَ كَثْرَة مَا يَقع لَهُ من التحريف والتصحيف وَمَا ينشأ عَن عدم فهم المُرَاد لكَونه لم يزاحم الْفُضَلَاء فِي دروسهم وَلَا جلس بَينهم فِي مسائهم وتعريسهم بل استبد بِأَخْذِهِ من بطُون الدفاتر والكتب وَاعْتمد مَا لَا يرتضيه من الاتقان صحب، وَقد قَامَ عَلَيْهِ النَّاس كَافَّة لما ادّعى الِاجْتِهَاد وصنف هُوَ اللَّفْظ الْجَوْهَرِي فِي رد خباط الْجَوْجَرِيّ وَالْكر فِي خباط عبد الْبر وَغَضب الْجَبَّار على ابْن الْأَبَّار وَالْقَوْل الْمُجْمل فِي الرَّد على المهمل وَقبل ذَلِك مقَام إِبْرَاهِيم أَسَاءَ فِيهِ الْأَدَب على عَالم الْحجاز مِمَّا يسْتَحق التَّعْزِير عَلَيْهَا وَبَعضهَا أفحش من بعض، وَلم أر مِنْهَا سوى أَولهَا وَهُوَ مُشْتَمل على ازدراء كثير للجوجري ومزيد دَعْوَى يسْتَدلّ بِبَعْضِه على حمقه بل جنه وَأما الرَّابِع فَهُوَ رد على من قَرَأَ قَول القَاضِي عِيَاض فِي آخر الشفا: ويخصنا بخصيصي بالتثنية بعد أَن كتب إِلَيْهِ ورقة فِيهَا اساءة وغلظة لَا تلِيق بمخاطبة طلبة الْعلم بِحَيْثُ كَانَ ذَلِك حَامِلا لَهُ على الاستفتاء عَلَيْهِ وَكتب بموافقته فِيمَا قَرَّرَهُ الْأمين الاقصرائي والعبادي والبامي والزين قَاسم الْحَنَفِيّ وَالْفَخْر الديمي وكاتبه وأفرد الْقَارئ جُزْءا سَمَّاهُ الْمفصل فِي الرَّد على الْمُغَفَّل بل أفرد بعض طلبة الْجَوْجَرِيّ شَيْئا فِي الِانْتِصَار لَهُ وَغَضب الْجَوْجَرِيّ مِمَّن توجه لذَلِك لما تضمن من التنويه بِذكر الْمُعْتَرض، وَكَذَا راسل الْكَمَال بن أبي شرِيف وملا على الْكرْمَانِي بِمَا لَا يَلِيق وَأرْسل إِلَيْهِ الْخَطِيب الوزيري بولده للروضة ليعرض عَلَيْهِ فَرده مُعَللا ذَلِك بِأَنَّهُ لَا يستكمل أَبَاهُ للوصف بِكَذَا وَكَذَا وَكِتَابَة دون هَذَا لَا ترضيه، وَلما تكلم بعض الطّلبَة فِي تَكْفِير ابْن عَرَبِيّ قَالَ انه يُؤذن من الله بِحَرب وَمَا عَسى أَن يفعل فِيهِ الْحَاكِم وان الَّذِي يرَاهُ مِمَّا لَا يُوَافقهُ عَلَيْهِ المعتقد وَلَا المنتقد اعْتِقَاده وَتَحْرِيم النّظر فِي كتبه ثمَّ نقل عَنهُ انه قَالَ يحرم النّظر فِي كَلَامي.
وَهُوَ مِمَّن أَخذ هَذَا الْمَذْهَب عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن عمر المغربي النَّازِل بِالْقربِ من مدرسة قراقجا الحسني فقد تردد إِلَيْهِ دهرا إِلَى غير هَذَا. وَلَو شرحت أمره لَكَانَ خُرُوجًا عَن الْحَد.
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ سريع الْكِتَابَة لم أزل أعرفهُ بالهوس ومزيد الترفع حَتَّى على أمه بِحَيْثُ كَانَت تزيد فِي التشكي مِنْهُ، وَلَا زَالَ أمره فِي تزايد من ذَلِك فَالله تَعَالَى يلهمه رشده وَقد ساعده الْخَلِيفَة حَتَّى اسْتَقر فِي مشيخة البيبرسية بعد الْجلَال الْبكْرِيّ وخمد من ثمَّ بل جمد بِحَيْثُ رام ستر نَفسه بقوله تركت الاقراء والافتاء وَأَقْبَلت على الله، وَزعم قبل ذَلِك انه رأى مناما يَقْتَضِي ذمّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ وَأمره خَلِيفَته الصّديق ر بحبسه سنة ليراجع الاقراء والافتاء حَيْثُ الْتِزَامه تَركهمَا وانه اسْتغْفر وَترك هَذَا الِالْتِزَام بِحَيْثُ لوجئ إِلَيْهِ بِفُتْيَا وَهُوَ مشرف على الْغَرق لأخذها ليكتب عَلَيْهَا ثمَّ لم يلبث أَن قَالَ مَا تقدم، وفارقه المحيوي بن مغيزل لما رأى مِنْهُ الْجفَاء الزَّائِد بعد كَونه الْقَائِم بالتنويه بِهِ وَذكر عَنهُ من الحقد والأوصاف والتعاظم مَا يصدقهُ فِيهِ الْحَال وَمن ذَلِك إِنَّه توسل عِنْ الامام البرهاني الكركي فِي تَعْيِينه لحجة كَانَت تَحت نظره فَأَجَابَهُ وزاده من عِنْده ضعف الأَصْل وَحضر إِلَيْهِ مَعَ الْعلم سُلَيْمَان الخليفتي لقبض ذَلِك فَمَا قَالَ لَهُ جزيت خيرا وَلَا أبدي كلمة مؤذنة بشكره، وَنقل لَهُ مرّة عَن السنباطي بعد مَوته مَا يُؤذن بجفاء مِنْهُ فَقَالَ فَلم لم تعلمني بِهَذَا الا بعد مَوته فَقَالَ لتعلم بواطن الرِّجَال هَذَا مَعَ مزِيد احسانه إِلَيْهِ سِيمَا فِي زمن الغلاء وَقطع خبز الشيخونية وطعامها بِحَيْثُ كَانَ يُعْطِيهِ فِي كل أُسْبُوع دِينَارا حَسْبَمَا صرح بِهِ عَن نَفسه، وَكَذَا فَارقه بعض بني الأتراك مِمَّن شفعه فِيهِ بعد أَن كَانَ حنفيا وَمَعَ كَونه مبتدئا لمزيد احسانه إِلَيْهِ واقباله عَلَيْهِ بل فَارق المغربي الَّذِي كَانَ يزْعم انه الْغَايَة فِي الْولَايَة وَالْفَتْح الْقُرْبَى، وَمن هوسه قَوْله لبَعض ملازميه إِذا صَار الينا الْقَضَاء قَررنَا لَك كَذَا وَكَذَا بل تصير أَنْت الْكل ثمَّ لما كَانَ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين قَامَ عَلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو النجا بن الشَّيْخ خلف وَأظْهر نَقصه وَخَطأَهُ وانقمع مِنْهُ وذل إِلَى الْغَايَة ومدح الامام الكركي أَبَا النجا بِأَبْيَات حَسْبَمَا كتبت ذَلِك كُله فِي الْحَوَادِث وَقبل ذَلِك كتب مؤلفا سَمَّاهُ الكاوي فِي الرَّد على السخاوي خَالف فِيهِ الثَّابِت فِي الصَّحِيح مَعَ كوني لم أَتكَلّم فِي المسئلة إِلَّا قبل بل مذهبي فِيهِ ترك التَّكَلُّم اثباتا ونفيا فسبحان قَاسم الْعُقُول.

ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع.