أبو عبد الله محمد بن إبراهيم فتاتة التونسي: الشيخ العارف المستجمع للعلوم والمعارف فريد عصره وأوانه الممتاز بالفضل على أقرانه، أخذ عن تاج العارفين البكري وابنه أبي بكر وأبي الفضل المسراتي ومحمد براو وغيرهم وعنه أبناؤه أحمد وإبراهيم وحموده وسعيد الشريف وعبد القادر الجبالي والوزير السراج ومحمد زيتونة والخضراوي ومن لا يعد كثرة ووجد بخط يده لما وقع الفتح العثماني كان من رأي أمير تونس في ذلك الوقت أن يبني حصناً عظيماً بقلاع حلق الوادي وأذن بالاستعانة بحجارة الحنايا ولم يمكن التوصل لهدمها إلا بالألغام وقيل في وصفها بعد ذلك:
تمتع من بقايا للحنايا ... بأبدع منظر تصبو إليه
تأمل صنع أرسمها البواقي ... وقد مد الفناء لها يديه
كسطر بعض أحرفه وقوف ... وبعض لاح مضروباً عليه
وكان يقول الشعر ويجيده من ذلك قوله يصف روضاً حله متنزهاً ومعه مغن يعرف بالحمائم موريا:
وروض حللناه كان نواره ... قلائد در في نحور النواعم
إذا ما شدت أطياره في غصونه ... ومالت سواقيه كبيض الصوارم
وجدت لذيذ الخمر في طعم مائه ... وشنفت سمعاً من غناء الحمائم
وفي سنة 1088 هـ كانت الفتنة المشهورة في مدة محمد باي وأخيه علي وعمهما وتسبب عنها القبض على صاحب الترجمة وسجنه مع رفيقه مفتي الحنفية أبي المحاسن يوسف درغوث وقتل هناك ونجا صاحب الترجمة لفراره ليلاً من بين العسس واختفائه بدار تلميذه الشيخ سعيد الشريف ثم فرج الله عنه وتولى الفتيا سنة 1090هـ وزانها بعلمه وعمله ثم امتحن بقتل ابنه حمودة على نحو ما شرحناه في التتمة الآتية وكان قتله سنة 1109هـ وقد كان من أعلام العلماء. أخذ عن والده وغيره، وعنه الشيخ محمد زيتونة وغيره وصاحب الترجمة هو الذي كمل شرح الدرة لأبي زيد الأخضري، وتوفي سنة 1115هـ.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
فتاتة (0000 - 1115 هـ) (0000 - 1704 م).
محمد بن إبراهيم فتاتة الفقيه المشارك في علوم والناظم للشعر الجيد.
ولد بمدينة تونس، وتفقه فيها على عدة مشايخ منهم تاج العارفين البكري، ومحمد براو وأبو الفضل المصراتي، وبعد تخرجه تصدر للتدريس بجامع الزيتونة، فأقرأ مختصر خليل والمغني لابن هشام، واستفاد منه الكثيرون في علمي المعقول والمنقول منهم محمد بوراس، وقاسم عبّان (بالباء الموحدة من أسفل بعد العين) القيروانيان، وأخذ عنه أبناؤه إبراهيم وأحمد وحمودة، وسعيد الشريف، وعبد القادر الجبالي، ومحمد الخضراوي، ومحمد زيتونة، والوزير السراج، وغيرهم كثيرون.
تولّى منصب الفتوى على مذهب الإمام مالك مدة إحدى وثلاثين سنة وزانها بعلمه وبفضله وربما كان يفتي من مجموع الفتاوى التي جمعها لشيخه أبي الفضل المصراتي ومن غيرها من فتاوى علماء العصر.
وفي سنة 1088/ 1677 كانت الفتنة المشهورة بين محمد باي وعلي باي المراديين وتسبب عنها إلقاء القبض على صاحب الترجمة وسجنه مع رفيقه مفتي الحنفية أبي المحاسن يوسف درغوث الذي قتل في السجن، ونجا صاحب الترجمة لفراره ليلا من بين العسس، واختفائه بدار تلميذه سعيد الشريف، وبقي بها مختفيا إلى أن أمنه محمد باي، وأعاده إلى خطته، وندم على ما صنع بصاحبه.
وامتحن بقتل ابنه حمودة الذي قتل سنة 1109/ 1698.
له إكمال شرح «الدرة البيضاء» في الحساب والفرائض للشيخ عبد الرحمن الأخضري الجزائري، واعتذر في الإكمال المذكور بقوله: «وأين الرقعة من الثوب؟ » تضمن أواخر المحاصات إلى تمام الكتاب ويوجد مع أصله شرح الأخضري صاحب «الدرة البيضاء» في المكتبة الوطنية بتونس وأصله من المكتبة العبدلية 2 نسختان.
قال حسين خوجة: «ولم يسمح العصر بمثله لتضلعه في علم النوازل، وتحقيقها وتدقيقها وكان - رحمه الله - مرضي الأخلاق، حسن الملاقاة، مليح الصورة، عفيفا ظريفا، استكمل الفضائل كلها» إلى أن قال: «وكان ينشد الشعر الرائق وفضائله ليس لها حد».
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الرابع - من صفحة 15 الى صفحة 16 - للكاتب محمد محفوظ