الوزير السرّاج (نحو 1070 - 1149 هـ) (1659 - 1736 م)
محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن مصطفى الوزير المشهور بالسّراج، الأندلسي أصلا، التونسي ميلادا ومنشأ، الأديب الشاعر المؤرّخ.
ولد بتونس، وأخذ العلم عن مشايخ جامع الزيتونة، ومشايخ المدارس الموجودة بتونس، ومن مشايخه سعيد الشريف، ومحمد فتاتة، ومحمد الحجّيج الأندلسي، وعلي الغمّاد، ومحمد الغمّاد، وأحمد برناز، ومصطفى البايلي، وإبراهيم الجمل الصفاقسي، ومحمد بن عاشور، ومحمد الغماري، ومحمد الخضراوي، ومحمد الصغيّر داود، وغيرهم.
وبعد تمام تخرّجه درّس في عدّة مدارس حتى اشتهر أمره في ميدان العلم والأدب، ولما تولى حسين بن علي (مؤسّس دولة البايات) قرّبه إليه، واختاره لوظائف متعددة منها التدريس بجامع الزيتونة، والقيام على مرتبات المدرّسين به وصرفها إليهم، ثم هو يدعوه إلى مرافقته في بعض أسفاره ويستدعي العلماء للاستماع إلى ما أتمّ من كتاب «الحلل السندسية» ويميّزه على غيره من الشعراء، فكلّفه بكتابة النص الذي نقشه على خاتمه ليختم به رسائله وأوامره، وتقوى العلاقات بين الأديب والأمير فتقع بينهما مراسلة وديّة كلما سافر أحدهما إلى بعض النواحي، هذا ما رجّحه واستنبطه د/محمد الحبيب الهيلة.
نتيجة لهذه العلاقة قد أفاض حسين بن علي على المترجم العطايا والصلات ما أثلج صدره، وجعل عيشه رغدا، وأطلق لسانه بالمدح وتخليد المآثر.
مؤلفاته:
1) الحلل السندسية في الأخبار التونسية، وهو كتاب أرّخ فيه للعهد التركي إلى عهد الأمير حسين بن علي باي إلى قيام علي باشا ضد عمّه حسين بن علي، وأتمّه سنة 1144، ورتّبه على ثمانية أبواب؛ الأول في التاريخ العام، والثاني في أخبار العرب، والثالث في إفريقية، والرابع في قرطاجنة، والخامس في تونس، والسادس في ملوكهم، والسابع في الأمراء الذين تولّوها تحت آل عثمان، والثامن استطرادات وأخبار مفصّلة (ينظر تاريخ آداب اللغة العربية).
ألّف الكتاب برغبة من الأمير حسين بن علي، ولمّا أتمّ الجزء الأول استدعاه الأمير إلى قراءته في جمع من العلماء، فأعجب به الملك والحاضرون، وأغدق عليه الأمير الصلات الجزيلة.
أتمّ تأليف الجزء الأول سنة 1117 والجزء الثاني كتبه سنة 1138، والكتاب يشتمل على أربعة أجزاء، والجزء الرابع والأخير مفقود، وقد تناول في هذا الجزء تاريخ تونس من سنة 1137 إلى سنة 1147 وهي نفس الفترة العصيبة التي احتدّ فيها الخلاف بين حسين علي وعلي باشا، ويبدو أنه ذكر تفاصيل هذه المحنة، ومن الطبيعي أن يكون ميله مع مخدومه الأمير حسين بن علي، فليس غريبا بعد ذلك أن يكره علي باشا الإبقاء على كتاب يسجّل مخازي ثورته على عمّه فأحرق هذا الجزء، ولم يبق منه عينا ولا أثرا، وهو ما أثبته الوزير الشيخ حمودة بن عبد العزيز في مقدمة التاريخ الباشي، وذكر الشيخ محمد مخلوف في «شجرة النور الزكية» ناقلا عن الشيخ محمد بن عثمان السنوسي في كتابه الاستطلاعات الباريزية (ص 125) «وقد اتفق لي أن تذاكرت مع أحد مشاهير علماء باريس في التواريخ العربية المحضة المختصة بالمملكة التونسية، وذكرت له كتاب «الحلل السندسية» للوزير السرّاج، وأنه لا توجد منه نسخة كاملة عندنا لوقوع إحراق جزئه الأخير فأطلعني على ديوان كتب مكتبة المونيك في الباقيرة من ألمانيا فإذا فيه نسخة مؤرّخة سنة 1136 تامّة مؤلفة من أربعة مجلدات».
وهذا غير صحيح ولا أساس له إذ لا يوجد بها إلا الجزء الأول، طبع الجزء الأول منه بالمط/الرسمية التونسية سنة 1870/ 1287 - 1871، ولم تطبع منه إلا الأبواب الأربعة الأولى، وجزء من الجزء الخامس، وقد حقّقه د/محمد الحبيب الهيلة ونشرته الدار التونسية للنشر سنة 1970 وطبعت الجزء الأول في أربعة أقسام، والقسم الأول من الجزء الثاني، ونشرته دار الكتب الشرقية سنة 1973 (نشرت الكتاب كاملا بأجزائه الثلاثة دار الغرب الإسلامي، ببيروت لبنان 1985 بتحقيق الدكتور محمد الحبيب الهيلة).
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الخامس - من صفحة 138 الى صفحة 140 - للكاتب محمد محفوظ