أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الفيومي: الفقيه الثقة الفاضل الإِمام العمدة العالم الكامل شيخ الأزهر. تفقه بالشيخ الخرشي وأخذ عن الزرقاني والشبراملسي وأحمد البشبيشي ويحيى الشاوي وعبد الرحمن الأجهوري وإبراهيم البرماوي وغالبهم أجازه، له شرح على العزية في مجلدين. مولده سنة 1062هـ وتوفي سنة 1137هـ.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومى
هو الإمام، المحدث العلامة والبحر الفهامة سادس شيوخ الجامع الأزهر، الإمام الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي المالكي
ولد الشيخ الفيومي بمدينة الفيوم عام 1062 هـ1652م، ونشأ في بلدته حتى مطلع شبابه ثم قصد القاهرة ليلحق بالجامع الأزهر
وتلقى العلم على أيدى شيوخ عظماء كان من أبرزهم الشيخ الخرشي أول شيوخ الجامع الأزهر، وكان الشيخ الفيومي كثير القراءة طويل البحث حتى عرف بعلمه، وذاعت شهرته وملأت الآفاق.
كان من رجال الحديث المعروفين بعلمهم وسعة اطلاعهم، وقد أخذ علم الحديث على أيدي علماء أجلاء كيحيى الشهاوي، وعبد القادر الواطى، وعبد الرحمن الأجهوري والشيخ البرماوي أحد مشايخ الجامع الأزهر والذي ترك بصماته العلمية على الشيخ الفيومي، كما أخذ الحديث عن الشيخ محمد الشرنبابلي وغيرهم.
وتعلم الشيخ أيضاً على أيدي الشيوخ الشوامخ الشبراملسي، والزرقاني، والشهاب أحمد البشبيشى، والغرقاوي، والجزايرلي.
واحتل الشيخ الفيومي مكانة مرموقة بين أقرانه من علماء عصره لأنه كان متبحراً في علوم اللغة وعلوم الحديث وعلم الصرف الذى ألف فيه شرحاً قيماً لكتاب (المقدمة العزية للجماعة الأزهرية في فن الصرف) وهذه المقدمة كانت من تأليف أبي الحسن علي بن محمد الشاذلي المالكي المتوفى عام939هـ، وقد قام بشرحها العديد من العلماء قبل الشيخ الفيومي، ولكن شرحه لها جاء في جزئين كبيرين، وكان شرحاً مفصلاً واضحاً دقيقاً وافياً، لم يصل إلى مستواه من شرحها قبله، ولم يدركه من جاء بعده.
وكان الشيخ الفيومي ذا موهبة فذة في فن التدريس، وقد ترك بصمات واضحة، وآثاراً عميقة في نفوس تلاميذه متأثراً في ذلك بأستاذه الشيخ الخرشي الذي أعطاه علماً غزيراً، وتجربة كبيرة ثرية.
واختص لنفسه طريقة في الدرس، حيث كان يقوم بتلخيص دروس أستاذه الخرشي ثم يعيد إلقاءها على طلبته، وطلبة أستاذه، فأعطاه ذلك خبرة واسعة ومدارك رحبة.
وقد تولى الشيخ مشيخة الأزهر بإجماع العلماء والشيوخ عام1133هـ = 1720م، وذلك عقب وفاة الشيخ شنن وقد نهل من علم الشيخ الفيومي الكثيرون من طلبة العلم، وتربوا على يديه، وحملوا مشاعل النور من بعده منهم: الفقيه الزاهد الشيخ محمد بن عيسى يوسف الدمياطي الشافعي حيث درس على يدي الشيخ الفيومي علوم المنطق والفلسفة، وتأثر الدمياطي بأستاذه وبمنهجه فألف حاشية على الأخضري في المنطق، وحاشية ثانية على السنوسية، كما تلقى الدمياطي الفقه المالكي على الشيخ الفيومي.
ومن أبرز تلاميذ الشيخ الفيومي أيضاً الشيخ الصالح العلامة علي الفيومي المالكي شيخ رواق أهل بلاده، وكان ذا باع طويل في علم الكلام، والشيخ على بن أحمد بن مكرم الله الصعيدي العدوي المالكي، علم العلماء وإمام المحققين وعمدة المشايخ في عصره، وله مؤلفات عديدة قيمة، وانتهج أسلوب أستاذه وألف شرحاً للمقدمة العزية كما ألف حاشية على الأخضري.
وكان الشيخ الفيومي عالماً ورعاً، وقف بجوار تلاميذه وساندهم كما علمهم، وخرج من تحت يديه علماء المالكية الأفذاذ المشهود لهم بالعلم الواسع والبحث الغزير إلى جانب التقوى والزهد، وكان أستاذهم مثلاً أعلى وقدوة في كل ما قاموا به ووصلوا إليه.
وقد كان التدريس بالأزهر من أولى اهتمامات الشيخ الفيومي، فكان يوليه عنايته، ويعطيه الجزء الأكبر من وقته وعلمه ورعايته واهتمامه فكان بحق- كما أجمع على ذلك علماء عصره ومن جاءوا بعده - خير أستاذ لخير تلاميذ، وكانوا خير تلاميذ لخير أستاذ.
وقد توفي الشيخ وهو في سن الخامسة والسابعين عام 1137هـ /1724م وكان آخر من ولي مشيخة الأزهر من المالكية بعد أن استمرت فيهم ما يقرب من نصف قرن.
شيوخ الأزهر تأليف أشرف فوزي صالح ج1/ص29.