عبد الأعلى بن مسهر بن عبد الأعلى الغساني أبي مسهر
تاريخ الولادة | 140 هـ |
تاريخ الوفاة | 218 هـ |
العمر | 78 سنة |
مكان الوفاة | بغداد - العراق |
أماكن الإقامة |
|
- مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري أبو عبد الله "الإمام مالك بن أنس"
- إسماعيل بن عياش بن سليم الحمصي العنسي "أبو عتبة"
- سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي "سفيان بن عيينة"
- سعيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي الدمشقي أبي محمد
- سويد بن عبد العزيز بن نمير أبي محمد السلمي
- يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي البتلهي الدمشقي أبي عبد الرحمن
- أبي زبر عبد الله بن العلاء بن زبر الربعي "ابن زبر"
- سعيد بن بشير الأزدي أبي عبد الرحمن
- أبي سليمان أيوب بن تميم بن سليمان التميمي
- صدقة بن خالد القرشي أبي العباس
- معاوية بن سلام بن أبي سلام الحبشي "أبي سلام الحبشي"
- خالد بن يزيد بن صالح اللخمي المري
- محمد بن مهاجر الشامي الأنصاري "محمد بن مهاجر الشامي الأنصاري"
- محمد بن إسحاق بن جعفر "أبو بكر الصاغاني"
- أحمد بن محمد بن حنبل أبي عبد الله الشيباني البغدادي "الإمام أحمد بن حنبل"
- محمد بن مسلم بن عثمان الرازي أبو عبد الله "ابن وارة"
- محمد بن إدريس بن المنذر بن داود أبي حاتم الحنظلي الرازي "أبي حاتم الرازي"
- عباس بن عبد الله بن أزداذ بنداذ الترقفي أبي محمد "أبي الفضل"
- العباس بن عبد الله بن أبي عيسى الباكسائي أبي محمد "الترقفي"
- يعقوب بن عبيد أبي يوسف النهرتيري
- إسحاق بن سيار بن محمد بن مسلم النصيبي أبي النصر "أبي يعقوب"
- محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري الذهلي أبي عبد الله
- إسحاق بن منصور بن بهرام أبي يعقوب المروزي "الكوسج إسحاق"
- محمد بن إسماعيل بن زياد أبي عبد الله الدولابي "أبي بكر"
- أبي سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو الدمشقي "دحيم عبد الرحمن"
- علي بن عثمان بن محمد النفيلي الحراني أبي محمد "النفيلي الصغير"
- الفضل بن يعقوب البصري أبي العباس "الجزري"
- ميمون بن الأصبغ بن الفرات النصيبي أبي جعفر
- عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري "أبي زرعة الدمشقي"
- أحمد بن أبى الحواري عبد الله بن ميمون الثعلبي الغطفاني الدمشقي أبي الحسين
- عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج الهاشمي الدمشقي أبي بكر "ابن الرواس"
- القاسم بن سلام الخراساني الأنصاري أبي عبيد
- إبراهيم بن أبي داود البرلسي "أبي إسحاق"
- الحسن بن عبد العزيز الوزير أبي على الجذامى "الجروي"
- الحسن بن شجاع بن رجاء أبي علي البلخي
- أبي بكر أحمد بن محمد بن الوليد بن سعد المري
- إسحاق بن إبراهيم بن الضيف الباهلي البصري أبي يعقوب
- أبي عبد الله هارون بن موسى بن شريك التغلبي "الأخفش هارون"
- عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي "الدارمي عبد الله"
- أصبغ صاحب أبي مسهر الدمشقي
- أبي الفضل العباس بن الوليد بن مزيد العذري البيروتي
- رجاء بن عبد الرحيم أبي المضاء القرشي الهروي
- محمد بن يحيى بن موسى أبي عبد الله الإسفرايني "حيويه"
نبذة
الترجمة
أبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر بن عَبْدِ الأَعْلَى بنِ مُسْهِرٍ، الإِمَامُ شَيْخُ الشَّامِ أبي مُسْهِرٍ بنُ أَبِي ذُرَامَةَ الغَسَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الفَقِيْهُ.
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: أَيُّوْبَ بنِ تَمِيْمٍ وَصَدَقَةَ بنِ خَالِدٍ وَسُوَيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ عَنْ تِلاَوَتِهِم عَلَى يَحْيَى الذِّمَارِيِّ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ أَيْضاً عَلَى سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَلاَزمَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ وَسَعِيْدُ بنُ بِشْرٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ سلام، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ وَيَحْيَى بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي المُهَاجِرِ، وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ القَاضِي، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُهَاجِرٍ وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَمَاعَةَ، وَخَالِدِ بنِ يَزِيْدَ المُرِّيِّ، وَعِدَّةٍ. وَأَخَذَ بِمَكَّةَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَخَذَ حَرْفَ نَافِعِ بنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْهُ. وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ، وَدُحَيْمٌ وَسُلَيْمَانُ بنُ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأبي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ، وَلَكِنْ قَلَّ مَا رَوَى عَنْهُ وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ، وَأبي بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ وَأبي مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ وَأبي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ وَأبي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَمُّوْيَه وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَأبي زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ وَهَارُوْنُ بنُ مُوْسَى الأَخْفَشُ المُقْرِئُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الرَّوَّاسِ الهَاشِمِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ دُحَيْمٌ: وُلِدَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أبي مُسْهِرٍ: قَدْ رَأَيْتُ الأَوْزَاعِيَّ وَرَأَيْتُ ابْنَ جَابِرٍ وَجَالَسْتُهُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أبي مُسْهِرٍ رَاوِيَةَ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَكَانَ أُشْخِصَ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى المَأْمُوْنِ بِالرَّقَّةِ فَسَأَلَهُ عَنِ القُرْآنِ فَقَالَ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ وَأَبَى أَنْ يَقُوْلُ: مخلوق. فدعا له
بِالنِّطْعِ وَالسَّيْفِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، قَالَ: مَخْلُوْقٌ فَتَرَكَهُ مِنَ القَتْلِ وَقَالَ: أَمَّا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ ذَاكَ قَبْلَ السَّيْفِ لَقَبِلْتُ مِنْكَ وَلَكِنَّكَ تَخْرُجُ الآنَ فَتَقُوْلُ: قُلْتُ ذَاكَ فَرَقاً مِنَ القَتْلِ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ بِبَغْدَادَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَمَاتَ بَعْدَ قَلِيْلٍ فِي الحَبْسِ فِي غُرَّةِ رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ كَثِيْرٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ.
قَالَ أبي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ: وُلِدَ لِي وَلَدٌ وَالأَوْزَاعِيُّ حَيٌّ وَجَالَسْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ ثِنْتَي عَشْرَة سَنَةً، وَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَحْفَظَ لِحَدِيْثِهِ مِنِّي غَيْرَ أَنِّي نَسِيْتُ، وَسَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُوْلُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لأَكْتُبَ إِلَيْهِ بِحَدِيْثِ أُمِّ حَبِيْبَةَ فِي مَسِّ الفَرْجِ.
قَالَ أبي إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: الذي يُحَدِّثُ بِبَلَدٍ بِهِ "مَنْ هُوَ" أَوْلَى بِالتَّحْدِيثِ مِنْهُ أَحْمَقُ وَإِذَا رَأَيتَنِي أُحَدِّثُ بِبَلَدٍ فِيْهَا مِثْلُ أَبِي مُسْهِرٍ فَيَنْبَغِي لِلِحْيَتِي أَنْ تُحْلَقَ. رَوَى الفَصْلَ الثَّانِي: أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ عَنْ يَحْيَى أَيْضاً.
مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ قَالَ: مُنْذُ خَرَجْتُ مِنَ الأَنْبَارِ إِلَى أَنْ رَجَعْتُ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي مُسْهِرٍ.
أبي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مُنْذُ خَرَجْتُ مِنْ بِلاَدِي أَحَداً أَشْبَهَ بِالمَشْيَخَةِ الَّذِيْنَ أَدْرَكْتُهُم مِنْ أَبِي مُسْهِرٍ.
قَالَ: فَيَّاضُ بنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كُلُّ مَنْ ثَبَّتَ أبي مُسْهِرٍ مِنَ الشَّامِيِّينَ فَهُوَ مُثْبَتٌ.
قَالَ أبي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عِنْدَكُم ثَلاَثَةٌ أَصْحَابُ حَدِيْثٍ: الوَلِيْدُ وَمَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ وَأبي مُسْهِرٍ.
قَالَ أبي دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ أَبَا مُسْهِرٍ مَا كَانَ أثبته! وجعل يطريه.
قَالَ أبي زُرْعَةَ: رَأَيْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَحْضُرُ الجَامِعَ بِأَحْسَنِ هَيْئَةٍ فِي البَيَاضِ وَالسَّاجِ، وَالخُفِّ وَيَعْتَمُّ عَلَى طَوِيْلَةٍ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ عَدَنِيَّةٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ مَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنْهُ مِمَّنْ كَتَبْنَا عَنْهُ هُوَ وَأبي الجَمَاهِرِ.
قَالَ أبي الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ: خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ المَعْرُوْفُ بِأَبِي العَمَيْطَرِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَأُمُّهُ هِيَ نَفِيْسَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَمائَةٍ فَوَلَّى أَبَا مُسْهِرٍ قَضَاءَ دِمَشْقَ كُرْهاً ثُمَّ إِنَّهُ تَنَحَّى عَنِ القَضَاءِ لَمَّا خُلِعَ أبي العَمَيْطَرِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُوْلُ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ مَا شَبَّهْتُكَ فِي الحِفْظِ إلَّا بِجَدِّكَ أَبِي ذُرَامَةَ مَا كَانَ يَسْمَعُ شَيْئاً إلَّا حَفِظَهُ.
وقال أبي الجماهير مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ: مَا رَأَيْتُ بِالشَّامِ مِثْلَ أَبِي مُسْهِرٍ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُوْلُ: لَقَدْ حَرَصْتُ عَلَى عِلْمِ الأَوْزَاعِيِّ حَتَّى كَتَبْتُ عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ ثلاثة عشر كتابًا. حَتَّى لَقِيْتُ أَبَاكَ الوَلِيْدَ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ عِلْماً لَمْ يَكُنْ عِنْدَ القَوْمِ.
قَالَ ابْنُ زَنْجُوْيَةَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُوْلُ: عَرَامَةُ الصَّبِيِّ فِي صِغَرِهِ زيَادَةٌ فِي عَقْلِهِ فِي كِبَرِهِ.
قَالَ ابْنُ دَيْزِيْلَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يُنْشِدُ:
هَبْكَ عُمِّرْتَ مِثْلَ مَا عَاشَ نُوحٌ ... ثُمَّ لاَقَيْتَ كُلَّ ذَاكَ يَسَارَا
هَلْ مِنَ المَوْتِ لاَ أبا لك يد ... أَيُّ حَيٍّ إِلَى سِوَى المَوْتِ صَارَا
مَبْدَأُ مِحْنَةِ الإِمَامِ أَبِي مُسْهِرٍ:
قَالَ عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ النُّفَيْلِيُّ: كُنَّا عَلَى بَابِ أَبِي مُسْهِرٍ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ فَمَرِضَ فَعُدْنَاهُ، وَقُلْنَا: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: فِي عَافِيَةٍ رَاضِياً عَنِ اللهِ سَاخِطاً عَلَى ذِي القَرْنَيْنِ كَيْفَ لَمْ يَجْعَلْ سَدّاً بَيْنَنَا، وَبَيْنَ أَهْلِ العِرَاقِ كَمَا جَعَلَهُ بَيْنَ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَبَيْنَ يَأْجُوْجَ وَمَأْجُوْجَ فَمَا كَانَ بَعْدَ هَذَا إلَّا يَسِيْراً حَتَّى وَافَى المَأْمُوْنُ دِمَشْقَ، وَنَزَلَ بِدَيْرِ مُرَّانَ، وَبنَى القُبَّةَ فَوقَ الجَبَلِ فَكَانَ بِاللَّيْلِ يَأْمُرُ بِجَمْرٍ عظيم فيوقد، وَيُجْعَلُ فِي طُسُوتٍ كِبَارٍ تُدَلَّى مِنْ عِنْدِ القُبَيْبَةِ بِسَلاَسِلَ، وَحِبَالٍ فَتُضِيءُ لَهَا الغُوْطَةُ فَيُبْصِرُهَا بِاللَّيْلِ.
وَكَانَ لأَبِي مُسْهِرٍ حَلْقَةٌ فِي الجَامِعِ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ عِنْدَ حَائِطِ الشَّرْقِيِّ فَبَيْنَا هُوَ لَيْلَةً إِذْ قَدْ دَخَلَ الجَامِعَ ضَوْءٌ عَظِيْمٌ فَقَالَ أبي مُسْهِرٍ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: النَّارُ الَّتِي تُدَلَّى مِنَ الجَبَلِ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ حَتَّى تُضِيءَ لَهُ الغُوْطَةُ فَقَالَ: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 128، 129] وَكَانَ فِي الحَلْقَةِ صَاحِبُ خَبَرٍ لِلْمَأْمُوْنِ فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى المَأْمُوْنِ فَحَقَدَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَهُ أَيْضاً أَنَّهُ كَانَ عَلَى قَضَاءِ أَبِي العميطر.
فلَمَّا رَحَلَ المَأْمُوْنُ أَمَرَ بِحَمْلِ أَبِي مُسْهِرٍ إِلَيْهِ، فَامْتَحَنَهُ بِالرَّقَّةِ فِي القُرْآنِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ المَأْمُوْنُ بَأْساً وَبَلاَءً عَلَى الإسْلاَمِ.
أبي الدَّحْدَاحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ حَامِدٍ النَّيْسَأبيرِيُّ حَدَّثَنِي أبي مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَصْبَغَ، وَكَانَ مَعَ أَبِي مُسْهِرٍ هُوَ وَابْنُ أَبِي النَّجَا، خَرَجَا مَعَهُ يَخْدُمَانِهِ فَحَدَّثَنِي أَصْبَغُ: أَنَّ أَبَا مُسْهِرٍ دَخَلَ عَلَى المَأْمُوْنِ بِالرَّقَّةِ، وَقَدْ ضَرَبَ رَقَبَةَ رَجُلٍ، وَهُوَ مَطْرُوْحٌ فَأَوْقَفَ أَبَا مُسْهِرٍ فِي الحَالِ فَامْتَحَنَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَأَمَرَ بِهِ فَوُضِعَ فِي النِّطْعِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ فَأَجَابَ إِلَى خَلْقِ القُرْآنِ، فَأُخْرِجَ مِنَ النِّطْعِ فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فَأُعِيدَ إِلَى النِّطْعِ فَأَجَابَ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى العِرَاقِ، وَلَمْ يَثِقْ بِقَولِهِ فَمَا حَذِرَ، وَأَقَامَ عِنْدَ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ يَعْنِي: نَائِبَ بَغْدَادَ أَيَّاماً لاَ تَبْلُغُ مائة يوم، ومات رحمه الله.
قَالَ الحَسَنُ بنُ حَامِدٍ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ: أَنَّ أَبَا مُسْهِرٍ أُقِيْمَ بِبَغْدَادَ لِيَقُوْلَ قَوْلاً يُبَرِّئُ فِيْهِ نَفْسَهُ مِنَ المِحْنَةِ، وَيُوقَى المَكْرُوْهَ فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ المَوْقِفِ: جَزَى اللهُ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ خَيْراً عَلَّمَنَا مَا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ، وَعَلِمَ عِلْماً مَا عَلِمَهُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ وَقَالَ: قُلْ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ وَإِلاَّ ضَرَبْتُ عُنُقَكَ، أَلاَ فَهُوَ مَخْلُوْقٌ. قَالَ: فَأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ لَهُ فِي هَذِهِ المَقَالَةِ نَجَاةٌ.
الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: لَمَّا صَارَ المَأْمُوْنُ إِلَى دِمَشْقَ ذَكَرُوا لَهُ أَبَا مُسْهِرٍ، وَوَصَفُوهُ بِالعِلْمِ وَالفِقْهِ فَأَحْضَرَهُ فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟ قَالَ: كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّه} [التَّوْبَةُ: 5] فَقَالَ: أَمَخْلُوْقٌ هُوَ، أَوْ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ؟ قَالَ: مَا يَقُوْلُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: مَخْلُوْقٌ قَالَ: يُخْبِرُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ عَنِ الصَّحَابَةِ، أَوِ التَّابِعِيْنَ؟ قَالَ: بِالنَّظَرِ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! نَحْنُ مَعَ الجُمْهُوْرِ الأَعْظَمِ أَقُوْلُ بِقَوْلِهِم وَالقُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ قَالَ: يَا شَيْخُ! أَخْبِرْنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلِ اخْتَتَنَ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا شَيْئاً. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْهُ أَكَانَ يُشْهِدُ إِذَا زَوَّجَ، أَوْ تَزَوَّجَ؟ قَالَ: وَلاَ أَدْرِي قَالَ: اخْرُجْ قَبَّحَكَ اللهُ وَقَبَّحَ مَنْ قَلَّدَكَ دِيْنَهُ وَجَعَلَكَ قُدْوَةً.
قَالَ أبي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْظَمَ قَدْراً مِنْ أَبِي مُسْهِرٍ كُنْتُ أَرَاهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى المَسْجَدِ اصطف الناس يسلمون عليه، ويقبلون يده.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ البَصْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيَّ وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا مُسْهِرٍ كَانَ مُتَكَبِّراً فِي نَفْسِهِ فَقَالَ: كَانَ مِنْ ثِقَاتِ النَّاسِ رَحِمَ اللهُ أَبَا مُسْهِرٍ، لَقَدْ كَانَ مِنَ الإِسْلاَمِ بِمَكَانٍ حُمِلَ عَلَى المِحْنَةِ فَأَبَى، وَحُمِلَ عَلَى السَّيْفِ فَمَدَّ رَأْسَهُ وَجُرِّدَ السَّيْفُ فَأَبَى، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ مِنْهُ حُمِلَ إِلَى السِّجْنِ فَمَاتَ.
وَقِيْلَ: عَاشَ أبي مُسْهِرٍ تِسْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ الذُّهْلِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يُنشد:
وَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ... مِنَ اللهِ فِي دَارِ المُقَامِ نَصِيبُ
فَإِنْ تُعْجِبِ الدُّنْيَا رِجَالاً فَإِنَّهُ ... مَتَاعٌ قَلِيْلٌ وَالزَّوَالُ قَرِيْبُ
قَالَ أبي حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُ: مَاتَ أبي مُسْهِرٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِبَغْدَادَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ، وأخبرنا عمربن عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدِ الجَلِيْلِ بنِ مَنْدَوَيْه أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ المُظَفَّرِ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أبي الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. حَدَّثَنَا أبي مُسْهِرٍ عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وُضُوْءٌ عَلَى وُضُوْءٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ أَخْبَرُكُمْ مُكْرَمُ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ عَلِيٍّ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ، وَأَرْبَعِ مائَةٍ "ح"، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَابْنُ عَمِّهِ عَبْدُ المُنْعِمِ قَالاَ: أَخْبَرَنَا أبي طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ صَابِرٍ وَإِبْرَاهِيْمُ وَعَبْدُ العَزِيْزِ ابْنَا بَرَكَاتٍ الخُشُوْعِيِّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أبي المَعَالِي بنُ صَابِرٍ أَخْبَرَنَا أبي القَاسِمِ النَّسِيْبُ، وَأبي الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المَوَازِيْنِيِّ، وَأَخُوْهُ أبي الفَضْلِ، وَأبي طَاهِرٍ الحِنَّائِيُّ، وَأبي القَاسِمِ الكِلاَبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ طَاهِرٍ النَّحْوِيُّ قَالُوا كُلُّهُم: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سُلْوَانَ المَازِنِيُّ، أَخْبَرَنَا أبي الفَضْلِ بنُ جَعْفَرٍ المُؤَذِّنُ، أَخْبَرَنَا أبي بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ الهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا أبي مُسْهِرٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا سَلاَّمٍ يُحَدِّثُ عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَالَ فِي يَوْمٍ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ مائَتَي مَرَّةٍ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ".
هَذَا خبر في إِرْسَالٌ وَفِيْهِ انقِطَاعٌ؛ لأَنَّ أَبَا سَلاَّمٍ لَمْ يَلْقَ كَعْباً.
وَفِي تَارِيْخِ أَبِي زُرْعَةَ: قُلْتُ لأبي مسهر: سمع معاوية بن سلام مِنْ جَدِّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ حَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ جده أبا سلام فذكر الحديث موقوفًا.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي
أَبُو مسْهر عبد الْأَعْلَى بن مسْهر بن عبد الْأَعْلَى الغساني الدِّمَشْقِي شيخها ومحدثها
روى عَن مَالك وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز وَخلق
وَعنهُ أَحْمد خَارج الْمسند وَيحيى ودحيم والذهلي وَأَبُو زرْعَة وَخلق
قَالَ ابْن حبَان كَانَ إِمَام أهل الشَّام فِي الْحِفْظ والإتقان وَإِلَيْهِ كَانَ مرجع أهل الشَّام فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل لشيوخهم أشخصه الْمَأْمُون من الرقة إِلَى بَغْدَاد فحبسه حَتَّى مَاتَ فِي غيرَة رَجَب سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ
طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.
عبد الأعلى بن مسْهر بن عبد الأعلى أَبُو مسْهر الغساني من أنفسهم الدِّمَشْقِي
ذكر عَنهُ أَنه قَالَ ولدت سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة وَقَالَ حَاتِم بن اللَّيْث الْجَوْهَرِي رَأَيْت أَبَا مسْهر ببغداذ أَبيض الرَّأْس واللحية وَكَانَ لَا يخضب حبس فِي المحنة حَتَّى مَاتَ بِبَغْدَاد فِي الْحَبْس فِي رَجَب سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ قَالَ مُحَمَّد بن سهل بن عَسْكَر مَا رَأَيْت رجلا كَانَ أعلم بالمغازي وَأَيَّام النَّاس من أبي مسْهر
روى عَن يحيى بن حَمْزَة فِي الْبيُوع والضحايا وَسَعِيد بن عبد العزيز فِي الظُّلم
روى عَنهُ إِسْحَاق بن مَنْصُور وَأَبُو بكر بن إِسْحَاق الصغاني
ذكر من اسْمه عبد الجبار.
رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.
عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقيّ، أبو مسهر:
من حفاظ الحديث. ويقال له ابن أبي دارمة.
كان شيخ الشام، وعالمها بالحديث والمغازي وأيام الناس وأنساب الشاميين. امتحنه المأمون العباسي، وهو في الرقة، وأكرهه على أن يقول القرآن مخلوق. فامتنع، فوضعه في النطع، فمد رأسه. وجرد السيف، فأبي أن يجيب، وقيل: أجاب ولم يرض المأمون بإجابته، فحمل إلى السجن ببغداد، فأقام نحوا من مئة يوم، ومات .
-الاعلام للزركلي-