أبو الحسن علي بن محمَّد بن خلف المعافري: المعروف بأبي الحسن القابسي الفقيه النظار الأصولي المتكلم الإِمام في علم الحديث وفنونه وأسانيده، كان عليه الاعتماد، مؤلفاً مجيداً ثقة صالحاً وكان أعمى لا يرى شيئاً وهو مع ذلك من أصح الناس كتباً وأجودهم ضبطاً وتقييداً يضبط كتبه بين يديه ثقات أصحابه والذي ضبط له البخاري سماعه من أبي زيد المروزي بمكة أبو محمَّد الأصيلي، سمع من رجال إفريقية كالأبياني وأبي الحسن بن مسرور الحجام وأبي عبد الله بن مسرور درّاس بن إسماعيل، ورحل سنة 352 هـ فحج وسمع من حمزة بن محمَّد الكناني الحافظ والقاضي التستري وأبي زيد المروزي وأبي أحمد محمَّد بن أحمد الجرجاني، روى عنهما البخاري وهما عن الإِمام الفربري عن البخاري وهو أول مَن أدخل رواية البخاري إفريقية وسنده وسند أبي ذر الهروي وسند مَن أخذ عنهما مذكور في أوائل فتح الباري على البخاري انظره إن شئت. وروى سنن النسائي عن حمزة بن محمَّد المذكور عن مؤلفها، تفقه عليه أبو عمران الفاسي وأبو عمرو الداني وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو عبد الله المالكي وأبو علي حسن بن خلدون وعتيق السوسي وأبو حفص العطار وابن الأجدابي وابن محرز وحاتم الطرابلسي وخلق، وسمع منه ابن أبي صفرة وغيره، وله تآليف بديعة منها كتاب الممهد في الفقه وأحكام الديانة والمنقذ من شبهة التأويل والمنبه للفطن من غوائل الفتن والرسالة المعظمة لأحوال المتقين وكتاب المعلمين وكتاب الاعتقادات ومنسك وكتاب الذكر والدعاء وكشف المقالة في التوحيد والملخص في الموطأ كتاب جليل وكتاب في رتبة العلم وفضله وأحوال أهله وكتاب أجمية الحصون والناصرية في الرد على البكرية وكتاب حسن الظن بالله وكتاب في تزكية الشهود وتجريحها ورسالة في الورع، مولده سنة 324 هـ وتوفي بالقيروان سنة 403 هـ[1012م] ودفن بباب تونس ورثاه الشعراء بنحو مائة مرثية، ترجمته خصت بالتأليف.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
علي بن خلف المعافري المعروف بأبي الحسن القابسي، من كبار الفقهاء المحدثين، قرأ في القيروان، ثم رحل إلى المشرق، وسمع من علية رواة الحديث، وهو أول من أدخل " صحيح البخاري " إلى إفريقية، وقد تلقى عن عبد الله بن أبي زيد القيرواني، وألف كثيرًا في الفقه والحديث مثل " ملخصه لكتاب الموطأ " وغيره، أما أصحابه وتلاميذه فيعدون بالمئات من أفارقة ومغاربة وأندلسيين. ولا ننسى أنه كان في أوائل من أظهروا آراء أبي الحسن الأشعري ومذهبه في العقائد، ولقد سعى إلى نشر هذه الآراء في البلاد الإفريقية، وأيدها برسالة في مناصرة الأشعرية، وتوفي القابسي في سنة 403 هـ.
الكتاب: الإمام المازري - حَسن حُسني بن صالح الصُّمادحي التجيبي. -بتصرف-.
علي بن محمد بن خلف أبي الحسن المعروف بابن القابسي : مات سنة ثلاث وأربعمائة.
- طبقات الفقهاء / لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.
الْقَابِسِيّ
الْحَافِظ الْمُحدث الْفَقِيه الإِمَام عَلامَة الْمغرب أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن خلف الْمعَافِرِي الْقَرَوِي
ولد سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة
وَكَانَ حَافِظًا للْحَدِيث والعلل بَصيرًا بِالرِّجَالِ عَارِفًا بالأصلين رَأْسا فِي الْفِقْه ضريراً زاهداً ورعاً لَهُ تصانيف بديعة توفّي فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة
طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.
الإِمَامُ الحَافِظُ الفَقِيْه، العَلاَّمَةُ عَالِمُ المَغْرِب، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَف المَعَافِرِيُّ القَرَوِيُّ القَابسِيُّ المَالِكِيُّ، صَاحِب "الملخَّص".
حج، وَسَمِعَ مِن: حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكتَّانِي الحَافِظ، وَأَبِي زَيْدٍ المَرْوَزِيّ، وَابنِ مسرورٍ الدّبَّاغ بِإِفْرِيْقِيَةَ، درَّاس بن إِسْمَاعِيْلَ، وَطَائِفَة.
وَكَانَ عَارِفاً بِالعِلل والرِّجَال، وَالفِقْهِ وَالأُصُوْلِ وَالكَلاَمِ، مُصَنِّفاً يَقِظاً دَيِّنًا تَقِيّاً، وَكَانَ ضَرِيْراً، وَهُوَ مِنْ أَصحِّ العُلَمَاء كُتُباً، كتب لَهُ ثِقَاتُ أَصْحَابِهِ، وَضَبَطَ لَهُ بِمَكَّةَ "صَحِيْح البُخَارِيِّ"، وحرَّرَه وَأَتْقَنَهُ رفيقُه الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَصِيلِي.
قَالَ حَاتِمٌ الأطرابُلُسي: كَانَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسِي زَاهِداً وَرِعاً يَقِظاً، لَمْ أَرَ بِالقَيْرَوَان إلَّا مُعْتَرِفاً بِفَضْلِهِ. تفقَّه عَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ القَابِسِي، وَأَبُو القَاسِمِ الَّلبيدِي، وَعَتِيْقٌ السُّوسِي، وَغَيْرُهُم.
ألَّف توَالِيف بَدِيْعَة ككتَاب "الممهّد" فِي الفِقْه، وَكِتَاب "أَحكَام الدّيَانَات"، وَ"المُنْقِذ مِنْ شُبَه التَّأْوِيْل"، وَكِتَاب "المنبّه للْفَطِنِ"، وَكِتَاب "مُلَخَّص المُوَطَّأ"، وَكِتَاب "المنَاسك"، وَكِتَاب "الاعْتِقَادَات"، وَغَيْر ذَلِكَ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وتوفِّي فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ بِمدينَة القَيْرَوَان، وَبَات عِنْد قَبْره خلقٌ مِنَ النَّاس، وضُربت الأَخبيَةُ، وَرثَتْه الشُّعَرَاءُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَقَدْ أَخَذَ القِرَاءةَ عَرضاً بِمِصْرَ عَنْ أَبِي الفَتْح بنِ بُدْهُن، وَأَقرأَ النَّاسَ بِالقَيْرَوَان دَهْراً، ثُمَّ قطع الإِقْرَاءَ لمَّا بلغه أَن بَعْضَ أَصْحَابه أَقرأَ الوَالِي، ثُمَّ أَعمل نَفَسه فِي درس الفِقْه وَالحَدِيْث حَتَّى بَرَعَ فِيْهِمَا، وَصَارَ إِمَامَ العصرِ، أَثْنَى عَلَيْهِ بِأَكْثَر مِنْ هَذَا أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي، وَقَالَ: كتبنَا عَنْهُ شَيْئاً كَثِيْراً، وَبَقِيَ فِي الرّحلَة خَمْسَ سِنِيْنَ، وردَّ سَنَة سبعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سَعْد الأَنْصَارِيّ الفَقِيْهُ شَيْخُ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ الحَطَّاب الرَّازِيّ الإِسكندرَانِيّ.
وَقِيْلَ لَهُ: القَابسِيّ؛ لأَنْ عَمّه كَانَ يشدُّ عِمَامَته شِدَّةً قابسية، فاشتهر لذلك بالقابسي.
أَخْبَرَنَا قَاضِي دِمَشْق علمُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المِصْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَاهِي، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ حَسَن اللُّغَوِيّ، أَخْبَرَنَا خَلَفُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عتَّاب، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ القَابسِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُور، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سُحْنُوْن بنُ سَعِيْد، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا مَالِكٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قُسَيْط، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَان، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ أَنْ نَسْتَمْتِعَ بجُلُود المَيْتَةِ إِذَا دُبِغَت.
وَمَاتَ مَعَ القَابسِي: ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ الأصولي، وأحمد بن فراس المَكِّيّ باختلافٍ فِيْهِ، وَأَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الحسن الصوصري صَاحِبُ المَحَامِلِيّ، وَشَيْخُ الحَنَابِلَة أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ حَامِد الورَّاق وَاسمُه حسن، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو عَبْدِ اللهِ الحليمِي الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ البُخَارِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذَبَاري رَاوِي "سُنَن أَبِي دَاوُدَ"، وَالحَافِظُ أَبُو الوَلِيْدِ بنِ الفَرَضِيّ القُرْطُبِيّ، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّة أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الخُوَارِزْمِيّ مُفْتِي العِرَاق، وَشَاعِرُ الأَنْدَلُس يُوْسُفُ بنُ هَارُوْنَ الرَّمَادِيّ، وَمَلِكُ التّركُ أَيلك خَان، وَكَانَ خَيِّرًا عَادلاً ديِّنًا، فتملَّك بعده أخوه طغان خان.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.
علي بن محمد بن خلف المعافري القيرواني، أبو الحسن ابن القابسي:
عالم المالكية بإفريقية في عصره. كان حافظا للحديث وعلله ورجاله، فقيها أصوليا من أهل القيروان. نسبته إلى " المعافرين " من قرى قابس، خليت قبل القرن التاسع للهجرة. رحل إلى المشرق (سنة 352) وعاد إلى القيروان (357) وتولى الفتيا مكرها. وتوفي بها.
وكان أعمى (أو عمي في كبره) ويؤيد الرواية الثانية خبر أورده عنه صاحب معالم الإيمان (3: 174) وخطّ يمكن أن يكون خطه، على نسخة من موطأ الإمام مالك، مكتوبة على الرق، في جامع القيروان، جاء في صفحتها الأولى: " لعلي بن محمد بن خلف نفعه الله به آمين "
له تصانيف، منها " الممهد " كبير جدا، في الفقه وأحكام الديانات، و " المنقذ من شبه التأويل " و " ملخص الموطأ - خ " و " الرسالة المقصلة لأحوال المعلمين والمتعلمين - ط " و " المنبه للفطن عن غوائل الفتن " و " رتب العلم وأحوال أهله " و " رسالة تزكية الشهود وتجريحهم " و " الرسالة الناصرة " في الرد على الفكرية، و " رسالة الذكر والدعاء " و " مناسك " .
-الاعلام للزركلي-
أبو الحسن، علي بن محمد بن خلف، المعافريُّ، القرويُّ، المعروف بابن القابسي.
كان إمامًا في علم الحديث ومتونه وأسانيده، وجميعِ ما يتعلق به.
وكان للناس فيه اعتقاد كثير، وصنف في الحديث كتاب "المخلص" جمعَ فيه ما اتصل إسناده من حديث مالكِ بن أنس - رضي الله عنه - في كتاب "المؤطأ" رواية أبي عبد اللَّه، عبدِ الرحمن بن القاسم المصري، وهو - على صغر حجمه - جيدٌ في بابه.
كانت ولادته سنة 324، وحج سنة 353، وسمع كتاب البخاري بمكة من أبي زيد، ذكر الحافظ السلفي في "معجم السفر": أن شخصًا قال في مجلس القابسي وهو بالقيروان، ما أقصر المتنبي في معنى قوله:
يُراد من القلبِ نسيانُكم ... وتأَبى الطَّباعُ على الناقِلِ
فقال له: يا مسكين! أين أنت من قوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30].
توفي في سنة 403، وبات عند قبره من الناس خلق كثير، وضُربت الأخبية، وأقبل الشعراء بالمراثي - رحمه الله -. وقابس: مدينة بأفريقية بالقرب من المَهْدِيَّة.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.
القابسي (324 - 403 هـ) (926 - 1012 م).
علي بن محمد بن خلف المعافري ابن القابسي، أبو الحسن وأحيانا تحذف ابن قبل القابسي، والمعافري نسبة إلى قرية المعافرين من قرى قابس، دثرت قبل القرن التاسع هـ على ما يستفاد من كلام ابن ناجي.
وقال غيره كالقاضي عياض ومتابعيه إنه لم يكن قابسيا وإنما كان له عم يشد عمامته مثل شد القابسيين فسمي القابسي بذلك. ولا يخفى ضعف هذا التفسير، والصحيح أن النسبتين إشارة إلى القرية والبلد اللذين أصله منهما، وهو قيرواني، وهو ابن خالة ابن أبي زيد القيرواني مثل محرز بن خلف على ما يبدو.
كان مقرئا محدثا فقيها أصوليا أشعريا زاهدا متقللا من الدنيا. كان حافظا للحديث ورجاله منقطع القرين. وكان ضريرا، وقيل عمي في كبره.
أخذ قراءة القرآن عرضا وسماعا على أبي الفتح بن يدهن وعليه اعتماده، وسمع الفقه من جماعة كأبي العباس الأبياني، وأبي الحسن بن مسرور الدباغ، وأبي عبد الله بن مسرور العسال، وأبي محمد بن مسرور الحجام، ودراس بن إسماعيل الفاسي نزيل القيروان، وغيرهم.
ورحل إلى الحج وعمره اثنتان وخمسون سنة في سنة 376/ 986 فسمع بمصر ومكة من حمزة الكناني، روى عنه سنن النسائي، ومن أبي زيد المروزي، وأبي أحمد محمد بن زيد الجرجاني روى عنهما صحيح البخاري وهما عن الفربري عن البخاري، وهو أول من أدخل رواية صحيح البخاري إفريقية وروى عن أبي الحسن بن حيويه النيسابوري، والذي ضبط له صحيح البخاري سماعا على أبي زيد المروزي بمكة هو أبو محمد الأصيلي بخط يده. لبث بالمشرق خمس سنوات. وكان مع عماه من أصح الناس كتبا وأجودها ضبطا، يضبط كتبه بين يديه ثقات أصحابه.
أقرأ الناس القرآن مدة بالقيروان ثم انصرف عن الإقراء لأنه بلغه أن أحد أصحابه استقرأه الأمير فقرأ عليه.
قال أبو عمرو الداني: «أقرأ الناس بالقيروان دهرا ثم انقطع عن الإقراء لما بلغه أن بعض أصحابه استقرأه السلطان فقرأ عليه، فشغل نفسه بالحديث والفقه إلى أن رأس فيها وبرع».
تفقه به أبو عمران الفاسي، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله المالكي، وأبو علي حسن بن خلدون، وعتيق السوسي، وعمر العطار، وابن الأجدابي، وابن محرز، وروى عنه من الأندلسيين: أبو عمرو الداني المقرئ، وحاتم بن محمد الطرابلسي، والمهلب بن أبي صفرة، وغيرهم.
ولما جلس للناس وعزم عليه في الفتوى تأبّى وسد بابه دون الناس فقال لهم أبو القاسم بن شبلون: كسروا عليه بابه لأنه قد وجب عليه فرض الفتيا هو أعلم من بقي بالقيروان، فلما رأى ذلك خرج عليهم ينشد:
لعمر أبيك ما نسب المعلّى … إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرّت … وصوّح نبتها رعي الهشيم
ثم بكى حتى أبكى الناس، وقال: أنا الهشيم ثلاثا، والله لو أن في الدنيا خضراء ما دعيت أنا.
وكان يفضل كتاب ابن المواز في الفقه على سائر الأمهات، وقال: إن صاحبه قصد بناء فروع أصحاب المذهب على أصولهم، وغيره إنما قصد لجمع الروايات، ونقل مقصود السماعات - كذا نقله القاضي عياض. وبالعكس كان يؤاخذ العالم المصري أبا إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان القرطي (بضم القاف وكسر الطاء بعدها ياء النسبة، ت 355/ 965) بأن كتبه فيها غرائب من قول مالك وأقوال شاذة عن قوم لم يشتهروا بصحبته ليست مما رواه ثقات أصحابه واستقر من مذهبه، كذا ذكره القاضي عياض، وأورد له الوشريسي في «المعيار» مجموعة من فتاويه وكذلك البرزلي.
ومن مواقفه في تغيير المنكر والذب عن دين الله بصفته شيخ فقهاء القيروان يبدو بوضوح في قضية ابن أخي حاضنة باديس، فقد كان بالمهدية نصراني ابن أخ لحاضنة باديس بن المنصور الصنهاجي، افتض هذا النصراني صبية شريفة، فلما سمعت بذلك العامة رجعوا إليه فقتلوه، وبلغ ذلك باديس فعظم ذلك عليه وأرسل قائدا بعسكر إلى المهدية، وقال لهم: اقتلوا من هو قدّ السيف إلى فوق وبلغ ذلك القابسي، فدخل المحراب، وأقبل على الدعاء، فلما وصل القائد إلى قصر مسور قرب المهدية بات فيه، فقام بالليل وهو سكران يمشي على السطح فمشى في الهواء وسقط على رأسه وانتثر دماغه، وجاءت البرد إلى باديس بذلك، وأعلم بدعاء الشيخ أبي الحسن، فرعب لذلك وقال لأبي العرب وكبار رجاله تمشون إلى الشيخ، فلما ضربوا عليه بابه وأعلم بهم قال: تمضون للجوامع حتى يأتيكم العلماء، ولم يدخلهم داره، ووجه إلى أصحابه أبي بكر بن عبد الرحمن، والخواص، وابن سفيان وأبي عبد الله المالكي، ومكي الفارسي، وابن الأجدابي، والربعي، وابن سمحان وغيرهم وأملى عليهم رسالة طويلة.
مؤلفاته:
أحكام المتعلمين والمعلمين وسمي الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين وهي التي حققها ونشرها د.
أحمد فؤاد الأهواني (القاهرة 1955 ط 2/) ضمن كتابه التربية في الإسلام، والتعليم في رأي القابسي.
أحكام الديانة.
الرسالة التي أملاها بمناسبة حادثة اعتداء النصراني ابن أخي حاضنة باديس على عرض صبية شريفة.
رسالة تزكية الشهود.
رسالة في أبي الحسن الأشعري «أحسن الثناء عليه وذكر فضله وإمامته» كذا في «تبيين كذب المفتري» ص 122 للحافظ أبي القاسم بن عساكر.
رسالة كشف المقالة.
الرسالة المعظمة لأحوال المتقين.
رسالة سماها الناصرة.
رسالة في الورع.
كتاب أحمية الحصون.
كتاب الاعتقادات سماها النافعة.
كتاب الذكر والدعاء وما فيه للسائل مكتفى.
كتاب رتب العلم وأحوال أهله.
الرسالة الناصرية في الرد على البكرية (أتباع عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله البكري الصقلي القيرواني الفقيه الصوفي المتوفى تقريبا سنة 350/ 990 وفي بعض مؤلفاته الصوفية آراء رد عليها علماء القيروان). وفي بعض المصادر الرد على الفكرية، وهو تحريف.
كتاب الملخص لمسند موطأ مالك بن أنس رواية ابن القاسم جمع فيه ما اتصل إسناده من حديث مالك في الموطأ من رواية ابن القاسم، وهو 520 حديثا، ذكر صاحب تثقيف اللسان أنه بكسر الخاء وكذلك سماه صاحبه. جمع فيه أحاديث الموطأ لأبي عمران موسى بن محمد بن عبد الله الأندلسي (رحلة العياشي 2/ 206) قال القاضي عياض في «الغنية» ص 113 (ط. تونس): وترجمة الكتاب تدل على الوجهين. فإذا كانت الترجمة «الملخص لمسند الموطأ» فهو بالكسر. قال ابن مكي في «تقويم (كذا) والصواب:
تثقيف اللسان» كذا سماه مؤلفه، وكذا في أكثر النسخ، وإن كان من مسند الموطأ فالفتح.
وهذا الكتاب ما يزال باقيا مخطوطا، توجد منه نسخة بالقرويين رقم 1391، ونسخة بالمكتبة الحمزاوية بتافيلالت رقم 192 (ينظر فهرس ابن عطية، ص 60 تعليق) وفي «هدية العارفين» «الملخص في تلخيص القبس» لأبي بكر المعافري في «شرح الموطأ».وأبو بكر المعافري هو القاضي أبو بكر بن العربي المتوفى بعد القابسي بأكثر من قرن، وفيها القروي الأندلسي وأعجب لهذا التخليط.
كتاب «الممهد في الفقه» بلغ فيه إلى ستين جزءا، ومات ولم يكمله، وهو كتاب كثير الفائدة مبوب على أبواب الفقه، جمع فيه الحديث والأثر والفقه، أجازه لجماعة منهم أبو عمرو الداني المقرئ.
كتاب المنقذ من شبه التأويل.
المنبه للفطن من غوائل المحن
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الرابع - من صفحة 45 الى صفحة 49 - للكاتب محمد محفوظ