أبي زيد محمد بن أحمد بن عبد الله المروزي

تاريخ الولادة301 هـ
تاريخ الوفاة371 هـ
العمر70 سنة
مكان الوفاةمرو - تركمانستان
أماكن الإقامة
  • نيسابور - إيران
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • بغداد - العراق
  • مرو - تركمانستان

نبذة

أبو زيد المروزي: الشَّيْخُ الإِمَامُ المُفْتِي القُدْوَةُ الزَّاهِدُ, شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ, أبو زيد محمد ابن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ, رَاوِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" عَنِ الفِرَبْرِي. وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المنكَدِري، وَأَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيِّ، وَعُمَرَ بنِ عَلَّّك, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيِّ, وَطَائِفَةٍ. وأَكثرَ التِّرْحَال, وَرَوَى الصَّحِيْحَ فِي أَمَاكنَ. حدَّث عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ, وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ, وَالهَيْثَمُ بنُ أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ الصَّبَّاغُ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ السِّمْسَارِ, وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المَحَامِلِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيُّ، وَآخرُوْنَ.

الترجمة

أبو زيد المروزي:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُفْتِي القُدْوَةُ الزَّاهِدُ, شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ, أبو زيد محمد ابن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ, رَاوِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" عَنِ الفِرَبْرِي.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المنكَدِري، وَأَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيِّ، وَعُمَرَ بنِ عَلَّّك, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيِّ, وَطَائِفَةٍ.
وأَكثرَ التِّرْحَال, وَرَوَى الصَّحِيْحَ فِي أَمَاكنَ.
حدَّث عَنْهُ: الحَاكِمُ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ, وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ, وَالهَيْثَمُ بنُ أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ الصَّبَّاغُ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ السِّمْسَارِ, وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المَحَامِلِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَقَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَحدَ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَمِنْ أَحفظِ النَّاسِ لِلمَذْهَبِ, وَأَحسَنِهِمْ نظراً، وَأَزهَدِهِمْ فِي الدُّنْيَا, سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ البَزَّازَ يَقُوْلُ: عَادَلْتُ الفَقِيْهَ أَبَا زَيْدٍ مِنْ نَيْسَابُوْرَ إِلَى مَكَّةَ, فَمَا أَعْلَمُ أنَّ المَلاَئِكَةَ كَتَبتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةً.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: حدَّث أَبُو زَيْدٍ بِبَغْدَادَ, ثُمَّ جَاوَرَ بِمَكَّةَ، وحدَّث هُنَاكَ بِ "الصَّحِيْحِ", وَهُوَ أَجلُّ مَنْ رَوَاهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ: وَمِنْهُم أَبُو زَيْدٍ المَرْوَزِيُّ, صَاحبُ أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ. مَاتَ بِمَرْوَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. وَكَانَ حَافِظاً لِلمَذْهَبِ, حسنَ النَّظَرِ, مَشْهُوْراً بِالزُّهْدِ. وَعَنْهُ أَخذَ أَبُو بَكْرٍ القفَّال المَرْوَزِيُّ, وَفُقَهَاءُ مَرْوَ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى, أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ, سَمِعْتُ خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيَّ, سَمِعْتُ أَبَا سهلٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ المَرْوَزِيَّ, سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا زَيْدٍ المَرْوَزِيَّ يَقُوْلُ: كُنْتُ نَائِماً بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمقَامِ, فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا أَبَا زيدٍ, إِلَى مَتَى تدرسُ كِتَابَ الشَّافِعِيِّ، وَلاَ تدرُسُ كِتَابِي, فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَمَا كِتَابُكَ؟ قَالَ: جَامِعُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ -يَعْنِي: البُخَارِيِّ.
سُئِلَ أَبُو زَيْدٍ: مَتَى لَقِيْتَ الفِرَبْرِيَّ؟ قَالَ: سَنَةَ ثمَانِيَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ بِمَرْوَ أَصْحَابَ عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ, وَأَكثَرَ عَنِ المُنْكَدِريّ.
وأرَّخ الحَاكِمُ وَفَاتَهُ كَمَا مَضَى.
وَلَهُ وُجُوهٌ تُسْتَغْرَبُ فِي المَذْهَبِ.
جَاورَ بِمَكَّةَ سَبْعَةَ أَعوامٍ، وَكَانَ فَقيراً يُقَاسِي البردَ وَيَتَكَتَّمُ وَيقنعُ بِاليسيرِ. أَقبلَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فِي آخِرِ أَيَّامِهِ, فَسقطَتْ أَسنَانُهُ, فَكَانَ لاَ يتمكَّن مِنَ المَضْغِ, فَقَالَ: لاَ بَارَكَ اللهُ فِي نِعْمَةٍ أَقبلَتْ حَيْثُ لاَ نَابَ، وَلاَ نصَابَ, وَعملَ في ذلك أبياتًا.

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي

 

مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الفاشاني
من قَرْيَة فاشان إِحْدَى قرى مرو بفاء مَفْتُوحَة ثمَّ ألف ثمَّ شين مُعْجمَة ثمَّ ألف ثمَّ نون
هُوَ الشَّيْخ الإِمَام الْجَلِيل شيخ الْإِسْلَام أَبُو زيد المروزي الْمُنْقَطع القرين فَلَيْسَ من يساجله والمنقطع القرين يتْركهُ مصفرا أنامله والمنقطع إِلَى رب الْعَالمين فَلَا يعامر سواهُ وَلَا يعامله فَرد الْأمة فى عصره وَوَاحِد الزَّمَان بِاتِّفَاق أهل مصره وَغير مصره أَبُو زيد فى الْعلم وَعَمْرو وَبكر وخَالِد وَشَيخ كل صادر من المريدين ووارد أحد الْأَفْرَاد علما وورعا وَوَاحِد الْآحَاد إفرادا وجمعا
مولده سنة إِحْدَى وثلاثمائة
حدث عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الفربرى وَعمر بن علك المروزى وَمُحَمّد بن عبد الله السعدى وأبى الْعَبَّاس الدغولى وَأحمد بن مُحَمَّد المنكدرى وَغَيرهم روى عَنهُ الْهَيْثَم بن أَحْمد الصّباغ وَعبد الْوَاحِد بن مشماس وَعبد الْوَهَّاب الميدانى وَأَبُو عبد الله الْحَاكِم وَأَبُو عبد الرَّحْمَن السلمى وَغَيرهم من النيسابوريين
وَأَبُو الْحسن الدارقطنى كَذَا قَالَ الذهبى مَعَ تقدمه وَلم يتَقَدَّم لَا مولدا وَلَا وَفَاة نعم هُوَ أَكثر الروَاة عَنهُ وَأَبُو بكر البرقانى وَمُحَمّد بن أَحْمد المحاملى وَغَيرهم من البغداديين والفقيه أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْأصيلِيّ وَآخَرُونَ
وَكَانَ مِمَّن أجمع النَّاس على زهده وورعه وَكَثْرَة علمه وجلالته فى الْعلم وَالدّين قَالَ الْحَاكِم كَانَ أحد أَئِمَّة الْمُسلمين وَمن أحفظ النَّاس لمَذْهَب الشافعى وَأَحْسَنهمْ نظرا وأزهدهم فى الدُّنْيَا سَمِعت أَبَا بكر الْبَزَّار يَقُول عادلت الْفَقِيه أَبَا زيد من نيسابور إِلَى مَكَّة فَمَا أعلم أَن الْمَلَائِكَة كتبت عَلَيْهِ خَطِيئَة
وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ أحد أَئِمَّة الْمُسلمين حَافِظًا لمَذْهَب الشافعى حسن النّظر مَشْهُورا بالزهد والورع
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق كَانَ حَافِظًا للْمَذْهَب حسن النّظر مَشْهُورا بالزهد وَحدث بالجامع الصَّحِيح للبخارى
قَالَ الْحَاكِم وهى من أجل الرِّوَايَات لجلالة أَبى زيد
وَقَالَ الْخَطِيب أَبُو زيد أجل من روى ذَلِك الْكتاب
قلت وَعَجِبت من إغفال الْحَاكِم سَماع صَحِيح البخارى مِنْهُ إِن كَانَ أغفله ثمَّ عجبت من إغفال النَّاس أَخذه عَن الْحَاكِم إِن كَانَ لم يغفله
وَقد جاور أَبُو زيد بِمَكَّة على علو السن مُدَّة حَتَّى كَاد يعرفهُ ركن الْحطيم ويألفه مقَام إِبْرَاهِيم ويشكر سَعْيه الصَّفَا وَيذكر محامده إخْوَان الصَّفَا ينشر الْعلم ويشيعه ويطوى اللَّيْل وَلَا يضيعه حَتَّى تضوع مِنْهُ مسكا بطن نعْمَان وترفع بحلوله قدرا مَا هُنَالك من الْأَركان
قَالَ الْحَاكِم سَمِعت أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الْفَقِيه يَقُول سَمِعت أَبَا زيد المروزى يَقُول لما عزمت على الرُّجُوع إِلَى خُرَاسَان من مَكَّة تقسم قلبى بذلك وَكنت أَقُول مَتى يمكننى هَذَا والمسافة بعيدَة وَالْمَشَقَّة لَا أحتملها وَقد طعنت فى السن فَرَأَيْت فى الْمَنَام كَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد فى صحن الْمَسْجِد الْحَرَام وَعَن يَمِينه شَاب فَقلت يَا رَسُول الله قد عزمت على الرُّجُوع إِلَى خُرَاسَان والمسافة بعيدَة فَالْتَفت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الشَّاب وَقَالَ (يَا روح الله آصحبه إِلَى وَطنه)
وَقَالَ أَبُو زيد فَأريت أَنه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَانْصَرَفت إِلَى مرو وَلم أحس بشئ من مشقة السّفر هَذَا أَو نَحوه فإنى لم أراجع الْمَكْتُوب عندى من لفظ أَبى الْحسن انْتهى كَلَام الْحَاكِم
وَفِيه كَمَا أرى أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد وَحَكَاهُ كَذَلِك عَن الْحَاكِم الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر فى كتاب تَبْيِين كذب المفترى وَابْن الصّلاح فى الطَّبَقَات وَأَبُو الْحسن تقدم فى الأحمدين وَتَقَدَّمت عَنهُ هَذِه الْحِكَايَة وَتقدم قَول الْحَاكِم أخبرنى الثِّقَة أَنه أَحْمد بن مُحَمَّد فَلَا تتوهمن أَنه اثْنَان وَإِنَّمَا هُوَ وَاحِد فى اسْمه اخْتِلَاف وَذكر الْحَاكِم تَرْجَمته فى موضِعين فليضبط ذَلِك وَمِمَّا يذكر من ورع الشَّيْخ أَبى زيد قَالَ القاضى الْحُسَيْن فى التعليقة قَالَ الشَّيْخ الْقفال سَأَلت الشَّيْخ أَبَا زيد لم جوز الشافعى صَلَاة النَّفْل فى السّفر رَاكِبًا وماشيا غير مُسْتَقْبل
فَقَالَ إِن للنَّاس أورادا كَثِيرَة وَرُبمَا يحْتَاج الْمَرْء إِلَى الْخُرُوج إِلَى السّفر فى معاشه ومكاسبه فَلَو قُلْنَا إِنَّه لَا تجوز لَهُ النَّافِلَة فى السّفر لَأَدَّى ذَلِك إِلَى أَن يشْتَغل بالأوراد وَيَنْقَطِع عَن معايشه
وَقَالَ أَيْضا سَأَلت أَبَا عبد الله الخضرى عَن هَذَا فَقَالَ رُبمَا كَانَ للْإنْسَان أوراد كَثِيرَة وَخرج إِلَى السّفر فى بعض حَوَائِجه لأمر معاشه فَلَو قُلْنَا لَا تجوز لَهُ النَّافِلَة فى السّفر لَأَدَّى ذَلِك إِلَى تَركه الأوراد واشتغاله بمعاشه
قَالَ الْقفال انْظُرُوا إِلَى فضل مَا بَينهمَا فَإِن أَبَا زيد كَانَ رجلا زاهدا فَقدم أَمر الدّين على الدُّنْيَا فى الْجَواب وَكَانَ الخضرى مَشْغُولًا بالدنيا وَصلَاته كَصَلَاة الْفُقَهَاء فَقدم أَمر الدُّنْيَا
قلت ثمَّ مَا كَانَ ورع الشَّيْخ أَبى زيد بِحَيْثُ يُخرجهُ إِلَى الْحَد الذى ينتهى إِلَيْهِ أهل الوسوسة من عوام المتورعين الَّذين إِذا أعْطوا يَسِيرا من الدّيانَة مَعَ الْجَهْل تنطعوا فى الجزئيات يدل على ذَلِك أَن أَصْحَابنَا يَقُولُونَ فِيمَا إِذا تنجس الْخُف بخرزه بِشعر الْخِنْزِير ثمَّ غسل سبعا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ أَنه يطهر ظَاهره دون بَاطِنه وَهُوَ مَوضِع الدروز
وَقَالَ الرافعى فى أَوَاخِر بَاب الْأَطْعِمَة وَيُقَال إِن الشَّيْخ أَبَا زيد كَانَ يصلى مَعَ الْخُف النَّوَافِل دون الْفَرَائِض فَرَاجعه الْقفال فِيهِ فَقَالَ إِن الْأَمر إِذا ضَاقَ اتَّسع

قَالَ الرافعى أَشَارَ بِهِ إِلَى كَثْرَة النَّوَافِل
قَالَ النووى بل الظَّاهِر أَنه أَشَارَ إِلَى أَن هَذَا الْقدر مِمَّا تعم بِهِ الْبلوى ويتعذر أَو يشق الِاحْتِرَاز مِنْهُ فعفى عَنهُ مُطلقًا وَإِنَّمَا كَانَ لَا يصلى فِيهِ الْفَرِيضَة احْتِيَاطًا لَهَا وَإِلَّا فَمُقْتَضى قَوْله الْعَفو فيهمَا وَلَا فرق بَين الْفَرْض وَالنَّفْل فى اجْتِنَاب النَّجَاسَة وَيدل على صِحَة مَا تأولته أَن الْقفال قَالَ سَأَلت أَبَا زيد عَن جَوَاز الصَّلَاة فى الْخُف يخرز بِشعر الْخِنْزِير فَقَالَ الْأَمر إِذا ضَاقَ اتَّسع
قَالَ الْقفال مُرَاده أَن بِالنَّاسِ حَاجَة إِلَى الخرز بِهِ فللضرورة جَوَّزنَا ذَلِك
قلت لم يَتَّضِح لى مُخَالفَة كَلَام النووى للرافعى بل قَول الرافعى إِن أَبَا زيد أَشَارَ بِهِ إِلَى كَثْرَة النَّوَافِل مَعْنَاهُ مَا ذكره النووى من أَن كثرتها اقْتَضَت أَلا يحْتَاط لَهَا كَمَا يحْتَاط للفريضة من أجل الْمَشَقَّة
وَذكر ابْن الرّفْعَة فى بَاب مسح الْخُف أَن أَبَا زيد فى كَلَامه هَذَا مُتبع للشافعى
قَالَ فَإِن الخطابى حَكَاهُ عَنهُ عِنْد الْكَلَام فى الذُّبَاب يَقع فى المَاء الْقَلِيل أَن مبْنى الشَّرِيعَة على أَن الْأَمر إِذا ضَاقَ اتَّسع
قَالَ ابْن الرّفْعَة على أَنه يُمكن أَن يُعلل ذَلِك بِأَن الدَّاخِل من مَوَاضِع الخرز قد انسد بالخيط فَصَارَ فى حكم الْبُطُون والنجاسة فى الْبَاطِن لَا تمنع الصِّحَّة بِدَلِيل أَن ظَاهر نَص الشافعى صِحَة الصَّلَاة فى جلد الْميتَة المدبوغ وَإِن قُلْنَا الدّباغ لَا يطهر بَاطِنه وَنَصه على أَنه لَو سقى سَيْفه شَيْئا نجسا طهر بإفاضة المَاء على ظَاهره ولأجله وَالله أعلم قَالَ بعض أَصْحَابنَا إِذا حمل قَارُورَة فِيهَا نَجَاسَة بعد تصميم رَأسهَا فى صلَاته تصح انْتهى
قلت وَحَاصِله محاولة أَنه مَعْفُو عَنهُ وَأَنه صَار بَاطِنا لَا يعْطى حكم النَّجَاسَة
وَقد يُقَال لَو كَانَ كَذَلِك لصلى فِيهِ الْفَرْض وَالنَّفْل جَمِيعًا
وَيُجَاب بِأَن القَوْل بِأَنَّهُ لَا تمْتَنع الصِّحَّة لَيْسَ قَطْعِيا بل هُوَ مظنون فاحتيط فِيهِ للْفَرض مَا لم يحتط للنفل

توفى الشَّيْخ أَبُو زيد بمرو فى يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشر رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وثلاثمائة
ذكر نخب وفوائد ومسائل عَن الشَّيْخ أَبى زيد
نقل الشَّيْخ أَبُو على قبيل كتاب الصَّلَاة من شرح الْفُرُوع أَن بعض أَصْحَابنَا قَالَ إِن الطّواف وَإِن كَانَ نفلا يلْزم بِالشُّرُوعِ فِيهِ ثمَّ ذكر مَا حَاصله أَن الشَّيْخ أَبَا زيد مُوَافق على ذَلِك وَهَذَا غَرِيب
ذكر إِمَام الْحَرَمَيْنِ فى آخر النِّهَايَة فى الْفُرُوع المنثورة أَن الحليمى كتب إِلَى الشَّيْخ أَبى زيد يستفتيه فِيمَن اشْترى جَارِيَة فَأَتَت بِولد فَادّعى أَنَّهَا وَلدته بعد الشِّرَاء وَقَالَ البَائِع بل قبله
فَأَجَابَهُ أَبُو زيد بِأَن القَوْل قَول البَائِع لِأَن الأَصْل ثُبُوت ملكه فى الْحمل وَالْأَصْل عدم البيع فى وَقت الْولادَة
قَالَ الإِمَام هَكَذَا حَكَاهُ الشَّيْخ أَبُو على وَلم يزدْ عَلَيْهِ
قَالَ وَكَذَا حَكَاهُ الإِمَام وَلم يزدْ عَلَيْهِ وَلم أر من تكلم عَلَيْهِ وَفِيه نظر
وَصُورَة الْمَسْأَلَة أَن يكون الْحمل مَوْجُودا عِنْد البَائِع ثمَّ يُوجد الْوَلَد عِنْد الْمُشْتَرى ويشك أَكَانَت وِلَادَته قبل البيع أَو بعده والذى ينبغى أَن يُقَال إِنَّه إِن كَانَ فى يَد الْمُشْتَرى فَهُوَ لَهُ وَلَا يرفع يَده بِمُجَرَّد وجود الْحمل فى يَد البَائِع وَيشْهد لهَذَا قَول الْأَصْحَاب فى بَاب الْكِتَابَة فِيمَن زوج أمته من عَبده ثمَّ كَاتب العَبْد ثمَّ بَاعَ مِنْهُ زَوجته وَأَتَتْ بِولد فَقَالَ السَّيِّد ولدت قبل الْكِتَابَة فَهُوَ لى وَقَالَ الْمكَاتب بل بعد الْكِتَابَة وَالشِّرَاء وَقد يُكَاتب على أَن الْمكَاتب يصدق بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ يدعى ملك الْوَلَد وَيَده مقرة عَلَيْهِ وَالْيَد تدل على الْملك

فَائِدَة أُخْرَى
نقل صَاحب الْبَيَان فى بَاب سترالعورة فى فَاقِد الستْرَة إِذا صلى عُريَانا أَن الشَّيْخ أَبَا زيد قَالَ إِن كَانَ فى الْحَضَر ففى الْإِعَادَة قَولَانِ وَإِن كَانَ فى السّفر لم تلْزمهُ الْإِعَادَة قولا وَاحِدًا
وَقَالَ سَائِر أَصْحَابنَا لَا تلْزمهُ الْإِعَادَة قولا وَاحِدًا فى سفر وَلَا فى حضر لِأَن العرى عذر عَام وَرُبمَا اتَّصل ودام وَقد يعْدم ذَلِك فى الْحَضَر كَمَا يعدمه فى السّفر فَلَو ألزمناه الْإِعَادَة لشق ذَلِك هَذَا كَلَام الْبَيَان
وَالْقَوْل بالتفرقة فى لُزُوم الْإِعَادَة بَين الْحَضَر وَالسّفر شهير حَكَاهُ أَيْضا ابْن يُونُس فى شرح التَّنْبِيه وَلم يذكرهُ الرافعى وَإِنَّمَا أطلق فى آخر بَاب التَّيَمُّم حِكَايَة وَجْهَيْن أظهرهمَا عدم لُزُوم الْإِعَادَة وَالْمَسْأَلَة عِنْده تبعا للْإِمَام والغزالى فى بَاب التَّيَمُّم فى فصل الْقَضَاء وَعند صَاحب الْمُهَذّب وَأَتْبَاعه فى ستر الْعَوْرَة وَلَعَلَّه أنسب ثمَّ اخْتِلَاف الِاصْطِلَاح فى وَضعهَا رُبمَا طرق بعض التَّقْصِير فى شرحها لمن يقْتَصر نظره على أحد المكانين

 

طبقات الشافعية الكبرى للإمام السبكي

 

محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزي أبي زيد: صاحب أبي إسحاق: مات بمرو في رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وكان حافظاً للمذهب حسن النظر مشهوراً بالزهد. قال أبو بكر البزار: عادلت الفقيه أبا زيد من نيسابور إلى مكة فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه - يعني خطية - وعنه أخذ أبو بكر القفال المروزي وفقهاء مرو.

 - طبقات الفقهاء / لأبو اسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.

 


مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد، أبي زيد المروزي الفقيه:
سمع: محمد بن عبد الله السعدي، وجماعة من أصحاب علي بن حجر، وأكثر عَن أَبِي بكر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر المنكدري.
وكان أحد أئمة المسلمين، حافظا لمذهب الشافعي، حسن النظر مشهورا بالزهد والورع، ورد بغداد وحدث بها فسمع منه وروى عنه: أبي الحسن الدارقطني، ومحمد بن أحمد بن القاسم المحاملي. وخرج أبي زيد إلى مكة فجاور بها، وحدث هناك بكتاب صحيح البخاري عن محمد بن يوسف الفربري. وأبي زيد أجل من روى ذلك الكتاب.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يعقوب عَنْ محمد بن عبد الله بن نعيم النيسأبيري قال سمعت أبا بكر البزّار يقول: عادلت الفقيه أبا زيد من نيسأبير إلى مكة، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة.
قَالَ ابن نعيم: توفي أبي زيد الفقيه بمرو يوم الخميس الثالث عشر من رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ــ تاريخ بغداد وذيوله للخطيب البغدادي ــ.

أبو زيد، محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ اللَّه بنِ محمدٍ، المروزيُّ، الفاشاني، الفقيهُ، الشافعيُّ - رحمه الله -.
كان من الأئمة الأجلاء، حافظًا للمذهب، دخل بغداد، وحدث بها، وسمع منه الحافظ أبو الحسن الدارقطني، ومحمد بن أحمد بن القاسم المحاملي، ثم خرج إلى مكة، وجاور بها سنين؛ وحدث هناك بصحيح البخاري عن محمد بن يوسف الفربري.
قال الخطيب: وأبو زيد أجلُّ من رَوى هذا الكتاب، قال أبو بكر البزار: عادلت الفقيهَ أبا زيد من نيسابور إلى مكة، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه - يعني: خطيئة -.
وقال أبو زيد: رأيت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في المنام - وأنا بمكة -، وكأنه يقول لجبريل - عليه السلام -: يا روح اللَّه! اصحبه إلى وطنه.
توفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمئة بمرو - رحمه الله تعالى -.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

أبي زيد محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد – ولد سنة: 301 ه ، ت سنة: 371 ه بمرو – من شيوخه: أبي إسحاق المروزي ، ومحمد بن عبد الله السعدي – من تلاميذه: أبي بكر القفال المروزي ، وأبي عبد الله الحاكم – ينظر: تهذيب الأسماء واللغات – 2 / 234 ، 235 . طبقات الشافعية الكبرى – 3 / 71 ، 72 .

 

 

مُحَمَّد بن أَحْمد بْن عبد الله بن مُحَمَّد، أَبُو زيد الْمروزِي.
أستاذ الْقفال الْمروزِي.
ذكره الْحَاكِم أَبُو عبد الله النَّيْسَابُورِي، فَذكر أَنه كَانَ أحد أَئِمَّة الْمُسلمين، وَمن أحفظ النَّاس لمَذْهَب الشَّافِعِي، وَأَحْسَنهمْ نظرا، وأزهدهم فِي الدُّنْيَا.
قدم نيسابور غير مرّة؛ مِنْهَا: ليتوجه إِلَى غَزْو الرّوم، وَمِنْهَا وَهِي الْخَامِسَة: مُتَوَجها إِلَى الْحَج فِي شعْبَان، سنة خمس وَخمسين وَثَلَاث مئة، وَحدث بنيسابور هَذِه الْمرة، وَأقَام بِمَكَّة سبع سِنِين، ثمَّ انْصَرف وَحدث بِمَكَّة وببغداد ب " الْجَامِع الصَّحِيح " للْبُخَارِيّ، عَن الْفربرِي، عَنهُ، وَهِي من أجل الرِّوَايَات، لجلالة أبي زيد رَحمَه الله.
سمع بمرو من أَصْحَاب عَليّ بن حجر، وَعلي بن خشرم، وأقرانهم، واكثر عَن أبي بكر المنكدري.
توفّي بمرو فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَلَاث مئة.
قَالَ الْحَاكِم: سَمِعت أَبَا الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الْفَقِيه - هُوَ الحاكمي وَالله أعلم - يَقُول: سَمِعت أَبَا زيد الْمروزِي يَقُول: لما عزمت على الرُّجُوع إِلَى خُرَاسَان من مكه تقسى قلبِي بذلك، وَقلت: مَتى يكون هَذَا، الْمسَافَة بعيدَة، وَالْمَشَقَّة لَا أحتملها، فقد طعنت فِي السن {فَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، وَعَن يَمِينه شَاب، فَقلت: يَا رَسُول الله} قد عزمت على الرُّجُوع إِلَى خُرَاسَان، والمسافة بعيدَة؟ فَالْتَفت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الشَّاب، فَقَالَ: يَا روح الله! تصحبه إِلَى وَطنه.

قَالَ أَبُو زيد: فَأريت أَنه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، فَانْصَرَفت إِلَى مرو، وَلم أحس بِشَيْء من مشقة السّفر.
هَذَا أَو نَحوه، فَإِنِّي لم أرجع إِلَى الْمَكْتُوب عِنْدِي من لفظ أبي الْحسن.
قلت: قد روينَاهُ بِإِسْنَاد عَن الْحَاكِم على لفظ آخر.

-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح-