محمد بن المنكدر بن عبد الله التيمي

ابن المنكدر أبي عبد الله

تاريخ الولادة54 هـ
تاريخ الوفاة130 هـ
العمر76 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز

نبذة

أبو عبد الله محمَّد بن المنكدر بن عبد الله بن الهذلي التميمي القرشي المدني: الإِمام الصدوق الثبت روى عن أبيه وجابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس وأبي أيوب وأبي هريرة وعائشة وخلق كثير رضي الله عنهم وعنه الزهري والسفيانان ومالك وخلق، قال ابن عيينة: كان من معادن الصدق يجتمع إليه الصالحون

الترجمة

مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بن عبد الله بن الهدير التَّيْمِيّ
روى عَن أَبِيه وَجَابِر وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَأبي أَيُّوب وَأبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَخلق
وَعنهُ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالزهْرِيّ وَشعْبَة والسفيانان
قَالَ ابْن عُيَيْنَة كَانَ من معادن الصدْق ويجتمع إِلَيْهِ الصالحون مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ وَقيل إِحْدَى وَثَلَاثِينَ

طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.

 

 

مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِربن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهُدَيْر بْنِ عَبْدِ العزَّى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْم بْنِ مُرَّة، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللهِ.فَوَلَدَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: عُمَرَ وَعَبْدَ الْمَلِكِ وَالْمُنْكَدِرَ وَعَبْدَ اللَّهِ وَيُوسُفَ وَإِبْرَاهِيمَ وَدَاوُدَ لِأُمِّ وَلَدٍ.أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: "دَخَلَ الْمُنْكَدِرُعَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: "إِنِّي قَدْ أصابتني حَاجَةٌ فَأَعِينِينِي" فَقَالَتْ "مَا عِنْدِي شَيْءٌ، لَوْ كانت عندي عشرة آلاف لبعثت بها إِلَيْكَ". فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدَهَا جَاءَتْهَا عَشَرَةُ آلَافٍ مِنْ عِنْدِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، فَقَالَتْ مَا أَوْشَكَ مَا ابْتُلِيتُ! قَالَ: "ثُمَّ أرسَلَتْ فِي إِثْرِهِ، فَدَفَعَتها إِلَيْهِ، فَدَخَلَ السُّوقَ فَاشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ ثَلَاثَةً، فَكَانُوا عُبَّاد الْمَدِينَةِ مُحَمَّدًا وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، بَنِي الْمُنْكَدِرِ".أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو السَّرِيِّ سَهْلُ بْنُ مَحْمُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: "تعبَّد مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وهو غلام، وكانوا أهل بَيْتِ عِبَادَةٍ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَقُولُ لَهُ: لَا تَمْزَحْ مَعَ الصِّبْيَانِ".قَالَ: "وَقِيلَ لَهُ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ".قِيلَ: "فَمَا بَقِيَ مِمَّا يُسْتَلَذُّ؟ قَالَ: "الْإِفْضَالُ{ الإحسان إليهم} عَلَى الْإِخْوَانِ".
قَالَ: "وَصَلَّى عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ بَقَرَةُ، كَانَ يَرْهَق{ يكذب ويسفه أي كان سفيهاً كذباً }، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: "تُصَلِّي عَلَى بَقَرَةَ؟ قَالَ فَقَالَ: "إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِي أَنِّي أَرَى أَنَّ رَحْمَتَهُ تَعْجَزُ عَنْ بَقَرَةَ، أَوْ قَالَ: "عَنْ أَحَدٍ".أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: "كَانَ مُحَمَّدُ ابن الْمُنْكَدِرِ وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَبُو حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيم، وَيَزِيدُ بْنُ خُصَيفة، أَهْلُ عِبَادَةٍ وَصَلَاةٍ، وَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَيَتَحَدَّثُونَ وَلَا يَفْتَرِقُونَ حَتَّى يَتَكَلَّمَ كُلُّ رجل منهم بكلمات، ويدعون بِدَعَوَاتٍ، وَكَانُوا يَتَرَافَقُونَ وَيُوَافُونُ الْمَوْسِمَ كُلَّ عَامٍ وَمَعَهُمْ أَبُو صَخْرٍ الْأَيْلِيُّ-وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ- فَيَلْقَوْنَ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ فَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ ويُذكرهم أَمْرَ الْآخِرَةِ، فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْمَوْسِمُ ثُمَّ لَا يَلْتَقُونَ مَعَهُ إلاَّ فِي كُلِّ موسمٍ".أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: "كَانَ يَضَعُ خدَّه عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَقُولُ لِأُمِّهِ يَا أُمَّه قَوْمِي ضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي".
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: بَاتَ عُمَرُ، يصلي وبت أغمز{ أدلك }رِجْلَيْ أُمِّي وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ.أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: "كَانَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ رُبَّمَا قَامَ اللَّيْلَ يُصَلِّي وَيَقُولُ: كَمْ مِنْ عَيْنٍ الْآنَ سَاهِرَةٍ فِي رِزْقِي". قَالَ: "وَكَانَ لَهُ جَارٌ مُبْتَلًى، قَالَ: فَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مِنَ اللَّيْلِ يَصِيحُ"، قَالَ: "فَكَانَ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْحَمْدِ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ"، فَقَالَ: "يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْبَلَاءِ وَأَرْفَعُ صَوْتِي بِالنِّعْمَةِ"أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقة، قَالَ: "قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ تَحُجُّ وَعَلَيْكَ دَيْنٌ؟ قَالَ: الحج أقضى للدين".
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بن محمد بن محمد بن الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "أَنِّي ضَرِيتُ {ألححت فيه} بِالدُّعَاءِ".
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "أَوْدَعَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِائَةَ دِينَارٍ، وخرج إلى الثغر وقال محمد اليماني إِنِ احْتَجْنَا إِلَيْهَا اسْتَنْفَقْنَاهَا حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيْنَا؟قَالَ: نَعَمْ".قَالَ: "فَاسْتَنْفَقَهَا مُحَمَّدٌ، وَقَدِمَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُرِيدُ الِانْطِلَاقَ إِلَى الْيَمَنِ وَلَيْسَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: لَهُ مَتَى تُرِيدُ الِانْطِلَاقَ؟ فَقَالَ: غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَبَاتَ فِيهِ حَتَّى أَسْحَرَ يَدْعُو اللَّهَ فِي هَذِهِ الدَّنَانِيرِ. يَأْتِيهِ بِهَا كَيْفَ شَاءَ، وَمِنْ حَيْثُ شَاءَ، فَأَتَى بِهَا آتٍ وَهُوَ سَاجِدٌ فِي صُرَّةٍ فَوَضَعَهَا فِي نَعْلِهِ، ثُمَّ أَلْمَسَهَا يَدَهُ، فَإِذَا صُرَّةٌ فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ دَفَعَهَا إِلَى صَاحِبِهَا".قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: "فْأَصْحَابُنَا يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ الَّذِيَ وَضَعَهَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرٍ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا".
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ حَدَّثَنِي الحُرّ بْنُ يَزِيدَ الحذَّاء، قَالَ: "كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فَبَيْنَا صَفْوَانُ بْنُ سُليم يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ شَطْرَ اللَّيْلِ إِلَى أَنْ أَتَاهُ آتٍ فَوَضَعَ عَلَى نَعْلِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا، فَأَخَذَهَا وَحَمِدَ اللَّهَ وَانْصَرَفَ صَفْوَانُ إلى بيته فقال لمولاته سَلاَّمة: إن  أَخِي مُحَمَّدًا أَمْسَى مَضِيقًا اذْهَبِي إِلَيْهِ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ فَإِنَّهُ يَكْفِينَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهَا خَمْسَةً، أَوْ أَرْبَعَةً"، فَقَالَتْ: السَّاعَةَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، إِنَّكِ تَجِدِينَهُ السَّاعَةَ فِي مِحْرَابِهِ يَسْأَلُ اللَّهَ، يَقُولُ ائْتِنِي بِهَا مِنْ حَيْثُ شِئْتَ، وَكَيْفَ شِئْتَ، وأنىَّ شِئْتَ، قَالَ، فَتَخْرُجُ بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا أَوْ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا فَأَتَتْهُ بِهَا، فَوَقَفَتْ تَسْمَعُ"، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ [ائْتِنِي] بِهَا مِنْ حَيْثُ شِئْتَ، وأنىَّ شِئْتَ، وَكَيْفَ شِئْتَ، من ساعتي هذه يا إلهي! قالت: فدققت الباب عليه، فدفعتها إليه، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ".
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ: "كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يَحُجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَيَحُجُّ مَعَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ مَكَّةَ، إِذْ قَالَ لِغُلَامٍ لَهُ: اذْهَبْ فَاشْتَرِ لَنَا كَذَا" فَقَالَ الْغُلَامُ: "وَاللَّهِ مَا أَصْبَحَ عِنْدَنَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ دِرْهَمٌ فَمَا فَوْقَهُ". قَالَ: "اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِهِ"، قَالَ: "مِنْ أَيْنَ؟ " قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ! ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ وَلَبَّى أَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ قَدْ حَجَّ تِلْكَ السَّنَةِ فَسَمِعَ أَصْوَاتَهُمْ"، فَقَالَ: "مَا هَؤُلَاءِ؟ " فَقِيلَ لَهُ: "مُحَمَّدُ بْنُ منكدر وَأَصْحَابُهُ حَجُّوا وَمُحَمَّدٌ يَحْتَمِلُ مَؤُونَتَهُمْ، وَيَحْمِلُهُمْ وَيَكْلَفُ لهم". فقال: "ما بدّ أن يُعان محمد على هذا الَّذِي يَصْنَعُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ سَاعَتِهِ فَدَفَعَهَا مُحَمَّدٌ إِلَى غُلَامِهِ وَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ، أَلَمْ أَقُلْ لَكَ اشْتَرِ لَنَا مَا أَمَرْتُكَ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِهَذَا. وَقَدْ أَتَانَا اللَّهُ بِمَا تَرَى، فَاذْهَبْ فَاشْتَرِ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ".أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حدثني مُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ،عَنْ أَبِيهِ، قال: "أمحلنا{ انقطع عنا المطر، وأجدبت الأرض} بالمدينة إمحالاً شديداً، وتوالت سنون. قَالَ مُحَمَّدٌ: "فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ شَطْرِ اللَّيْلِ، وَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ سَحَابٌ، وَأَنَا في مقدَّم المسجدوَرَجُلٌ أَمَامِي مُتَقَنِّعٌ بِرِدَاءٍ عَلَيْهِ، فَأَسْمَعُهُ يُلِحُّ فِي الدُّعَاءِ إِلَى أَنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَقْسِمُ عَلَيْكَ أَيْ رَبِّ قَسَمًا وَيُرَدِّدُهُ قَالَ: فَمَا زَالَ يُرَدِّدُ هَذَا الْقَسَمَ أَيْ رَبِّ مِنْ سَاعَتِي هَذِهِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ نَشِبْنَا

{لبثنا} حَتَّى رَأَيْنَا السَّحَابَ يَتَأَلَّفُ وَمَا رَأَيْنَا ذَلِكَ فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً { وهي القطعة الرقيقة من الغيم} وَلَا شَيْئًا، ثُمَّ مَطَرَتْ فسحَّت{ صبت المطر بشدة واستمرار} فَكَانَتِ السَّمَاءُ عُزَالَى{ والمراد أن المطر اندفق من السماء بغزارة كتدفقه من فم القرابة }، وَأَوْدَعَتْ مَطَرًا [مَا] رَأَيْتُهُ قَطُّ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ لَا هَدْمَ فِيهِ وَلَا غَرَق، وَلَا بَلَاءَ فِيهِ وَلَا مَحَق{ المحق هو ذهاب الشيء كله. } قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنَ الصُّبْحِ وَتَقَنَّعَ الرَّجُلُ مُنْصَرِفًا وَتَبِعْتُهُ حَتَّى جَاءَ زُقَاقَ اللبَّادين فَدَخَلَ فِي مَشْرُبَةٍ{ الغرفة} لَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَصْبَحْتُ سَأَلْتُ، عَنْهُ قَالُوا: هَذَا زِيَادٌ النَّجَّارُ، هَذَا رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ فِرَاشٌ، إِنَّمَا هُوَ يُكَابِدُ اللَّيْلَ صَلَاةً وَدُعَاءً، وَهُوَ مِنَ الدَّعائين ، وَكُلُّ عَمَلٍ عَمَلُهُ أَخْفَاهُ جَهَدَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: "رُبَّ ذِي طِمْرَيْنِ{الطمر الثوب البالي} خَفِيّ لو أَقْسَمَ على الله لأبَرَّه".
قال محمد: "فرأيتني بعد ذلك أخالقه{ أعاشره على أخلاقه }، فَكَرِهَ بَعْضَ مَا ذَكَرْتُ لَهُ"، وَقَالَ: "اطْوِ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّمَا جَزَاؤُهُ عِنْدَ الَّذِي عَمِلْنَاهُ لَهُ" قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: "فَمَا ذَكَرْتُهُ بَعْدَ أَنْ نَهَانِي بِاسْمِهِ، وَقُلْتُ: رَجُلٌ كَذَا لِيَرْغَبَ رَاغِبٌ فِي الدُّعَاءِ وَيَعْلَمَ أَنَّ فِي النَّاسِ صَالِحِينَ".أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: "أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ فِي ثَوْبَيْنِ مُوَرَّدَيْنِ وَثَوْبَيْنِ بِزَعْفَرَانٍ لَيْسَا نَظِيفَيْنِ".أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُقَاتِلٍ الْقُشَيْرِيُّ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمة بْنِ قَعْنَبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: "رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُصَلِّي وَأَزْرَارُ قَمِيصِهِ مَحْلُولَةٌ".
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: "سَمِعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقيقة، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بن يربوع وَرَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الّْهدَير وَهُوَ عَمُّهُ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ".
وَكَانَ ثِقَةً وَرِعًا عَابِدًا، قَلِيلَ الْحَدِيثِ، يُكْثِرُ الْإِسْنَادَ عن جابر بن عبد الله ومات  محمد بن المنكدر سَنَةَ ثَلَاثِينَ، أَوْ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ.

ـ الطبقات الكبرى لابن سعد البصري البغدادي ـ


 

مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى بن عَامر بن الْحَارِث بن حَارِثَة بن سعد بن تيم بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب الْقرشِي التَّيْمِيّ الْمدنِي يكنى أَبَا بكر وَيُقَال أَبُو عبد الله كَانَ من سَادَات الْقُرَّاء لَا يَتَمَالَك الْبكاء إِذا قَرَأَ حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم أخوة ثَلَاثَة أَبُو بكر وَمُحَمّد وَعمر مَاتَ فِي ولَايَة مَرْوَان بن مُحَمَّد سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة وَقد نَيف على السّبْعين وَكَانَ يصفر لحيته وَرَأسه بِالْحِنَّاءِ
روى عَن حمْرَان فِي الْوضُوء وعبد الله بن حنين فِي الصَّلَاة وَأنس بن مَالك فِي الصَّلَاة وَجَابِر بن عبد الله فِي الصَّلَاة وَالنِّكَاح وَغَيرهَا ومسعود بن الحكم فِي الْجَنَائِز ومعاذ بن عبد الرحمن التَّيْمِيّ فِي الْحَج وَأبي شُعْبَة الْعِرَاقِيّ فِي حق الْمَمْلُوك وَأبي أُمَامَة بن سهل فِي الذَّبَائِح وعامر بن سعد فِي الطِّبّ وَسَعِيد بن الْمسيب فِي الْفَضَائِل وَعُرْوَة بن الزبير فِي الرِّفْق
روى عَنهُ عُثْمَان بن حَكِيم وجعفر بن مُحَمَّد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وورقاء بن عمر وَشعْبَة وَابْن جريج وَمَالك بن أنس فِي الْحَج وَأَبُو حَازِم سَلمَة وَأَيوب وَالثَّوْري وَالزهْرِيّ وَسُهيْل وَسَعِيد بن أبي هِلَال وروح بن الْقَاسِم ويوسف بن الْمَاجشون وَهِشَام بن عُرْوَة وعبد العزيز بن أبي سَلمَة وَمعمر وعبد الكريم وَسعد بن إِبْرَاهِيم فِي الْفِتَن.

رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.

محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير التيمي، أبي عبد الله، احد الأعلام، تابعي، ثقة، إمام،زاهد،عابد،حجة،كان في غاية الإتقان والحفظ،روى عن عائشة وأبي هريرة وأبي قتادة وأبي أيوب وآخرين، وروى عنه الجماعة، توفي سنة(130أو131). ينظر: الوافي بالوفيات 1/617، تقريب التهذيب2/67 

له ترجمة في كتاب مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - محمد بن حبان، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ).

 

 

محمّد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير (بالتصغير) بن عبد العزى القرشي التيمي (من بني تيم بن مرة) المدني:
زاهد، من رجال الحديث. من أهل المدينة. أدرك بعض الصحابة وروى عنهم.
له نحو مئتى حديث. قال ابن عيينة: ابن المنكدر من معادن الصدق .

-الاعلام للزركلي-