أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي

تاريخ الولادة-14 هـ
تاريخ الوفاة73 هـ
العمر87 سنة
مكان الولادةمكة المكرمة - الحجاز
مكان الوفاةمكة المكرمة - الحجاز
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز

نبذة

عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، أبو عبد الرحمن: صحابي، من أعز بيوتات قريش في الجاهلية. كان جريئا جهيرا. نشأ في الإسلام، وهاجر إلى المدينة مع أيبه، وشهد فتح مكة. ومولده ووفاته فيها. أفتى الناس في الإسلام ستين سنة. ولما قتل عثمان عرض عليه نفر أن يبايعوه بالخلافة فأبى. وغزا إفريقية مرتين: الأولى مع ابن أَبي سَرْح، والثانية مع معاوية بن حديج سنة 34 هـ وكف بصره في آخر حياته. وهو آخر من توفي بمكة من الصحابة.

الترجمة

أبو عبد الرحمن عبد الله ابن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: الرجل الصالح بشهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أسلم صغيراً وهو أحد العبادلة الأربعة: ابن عباس وابن عمرو بن العاص وابن الزبير واحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبو هريرة وابن عباس وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهم كان واسع العلم متين الدين أخذ عنه عالم كثير منهم ابنه سالم ومولاه نافع ومولاه عبد الله بن دينار وزيد بن أسلم، مات بمكة سنة 73 هـ[692م].

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية

 

 

عبد الله بن عمر بن الخطّاب
مفتي الأمة- وشيخ الإسلام- والإمام القدوة- الفصيح العفيف- صاحب الجود والحياء- والزهد والورع.
ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات، وقال: وردت الرواية عنه في حروف القرآن.
أسلم «عبد الله بن عمر» وهو صغير، ثم هاجر مع أبيه قبل البلوغ، واستصغر يوم «أحد» فأول غزواته «الخندق». وهو ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلّم تحت الشجرة.
روى «ابن عمر» علما كثيرا نافعا عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وعن أبيه وأبي بكر- وعثمان- وعلي- وبلال- وصهيب- وزيد بن ثابت- وابن مسعود- وعائشة- وأخته حفصة.
كما روى عنه عدد كثير أذكر منهم: آدم بن علي- وأسلم مولى أبيه- وأبا ذؤيب- وأنس بن سيرين- وبشر بن حرب- وبكر المزني- وبلال بن عبد الله- وثابت البناني- وحبيب بن أبي مليكة- وآخرين.
وكان «ابن عمر» رضي الله عنهما: ربعة كأنه بدر- يخضب بالصفرة- إزاره إلى نصف الساق.
كان النبي صلى الله عليه وسلّم يحبه حبا جما، وقد بشره بالجنة: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: كنت شاهد النبي صلى الله عليه وسلّم في حائط نخل، فاستأذن «أبي بكر» فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «ائذنوا له وبشروه بالجنة» ثم «عمر» كذلك، ثم «عثمان» فقال: «بشروه بالجنة على بلوى تصيبه» فدخل يبكي ويضحك، فقال: «عبد الله بن عمر» فأنا يا نبي الله؟
قال: «أنت مع أبيك».
وكان «ابن عمر» رضي الله عنهما من الشبان الذين نشئوا في طاعة الله يدل على ذلك الآثار الآتية: فعن «ابن مسعود» رضي الله عنه أنه قال: «إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا «عبد الله بن عمر».
وعن «جابر» رضي الله عنه أنه قال: «ما منا أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به إلا «ابن عمر».
وقالت «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها: «ما رأيت أحدا ألزم للأمر الأول من «ابن عمر».
وقال «طاوس»: ما رأيت أورع من «ابن عمر».
كما كان رضي الله عنه زاهدا في الدنيا، يوضح ذلك ما يلي: قيل ل «نافع»: ما كان يصنع «ابن عمر» في منزله؟ قال: لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة- والمصحف فيما بينهما.
وكان «ابن عمر» رضي الله عنهما يتمثل دائما قول الله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وهناك أكثر من دليل على ذلك: فعن «نافع» مولى «ابن عمر» قال: «كان ابن عمر إذا اشتدّ عجبه بشيء من ماله قرّبه لربّه عز وجلّ، قال «نافع»: وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمّر أحدهم فيلزم المسجد، فإذا رآه «ابن عمر» على تلك الحالة الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول «ابن عمر»: فمن خدعنا بالله عز وجلّ تخدّعنا له.
قال «نافع»: فلقد رأيتنا ذات عشية وراح «ابن عمر» على نجيب له قد أخذه بمال عظيم، فلما أعجبه سيره أناخه مكانه ثم نزل عنه، فقال: يا نافع، انزعوا زمامه، ورحله، وحللوه، وأشعروه، وأدخلوه في «البدن».
وعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: لما نزلت: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ دعا «ابن عمر» جارية له فأعتقها، وقال: والله إن كنت لأحبك في الدنيا، اذهبي فأنت حرة لوجه الله عز وجل.
وعن «نافع» قال: كان «ابن عمر» لا يعجبه شيء من ماله إلا خرج منه لله عز وجلّ، قال: وكان ربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين ألفا، قال: وأعطاه «ابن عمر» مرتين ثلاثين ألفا، فقال: يا نافع، إني أخاف أن تفتنني دراهم «ابن عمر» اذهب فأنت حرّ.
ولقد فاق «ابن عمر» أهل زمانه في الجود- والسخاء، يوضح ذلك ما يلي:
فعن «نافع» مولى «ابن عمر» قال: «أتى ابن عمر ببضعة وعشرين ألفا فما قام حتى أعطاها» اهـ.
وعن «نافع» أنه قال: «ما مات «ابن عمر» حتى أعتق ألف إنسان، أو زاد» اهـ.
وعن «نافع» قال: «بعث معاوية إلى «ابن عمر» بمائة ألف فما حال عليه الحول وعنده منها شيء» اهـ.
وعن «نافع» أنه قال: «إن كان «ابن عمر» ليفرق في المجلس ثلاثين ألفا، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم» اهـ.
كما كان «لابن عمر» رضي الله عنهما المكانة العلمية والمنزلة السامية: فعن «مالك» رحمه الله أنه قال: «كان إمام الناس عندنا بعد «زيد بن ثابت» «عبد الله بن عمر» مكث ستين سنة يفتي الناس» اهـ.
مات «ابن عمر» سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وكان عمره سبعا وثمانين سنة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

 

 

عبد الله بن عمر بن الْخطاب بن نفَيْل بن عبد العزى بن رَبَاح بن عبد الله بن فرط بن رزاح بن عدي بن كَعْب الْعَدوي كنيته أَبُو عبد الرحمن عرض على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَهُوَ أبن أَربع عشرَة سنة فَلم يجزه وَلم يره بلغ وَعرض عَلَيْهِ يَوْم الخَنْدَق وَهُوَ ابْن خمس عشرَة فَأَجَازَهُ وَكَانَ يَوْم أحد سنة ثَلَاث فَكَانَ مولد ابْن عمر قبل الْوَحْي بِسنة اعتزل فِي الْفِتَن عَن النَّاس وَمَات سنة ثَلَاث وَسبعين بِمَكَّة وَهُوَ ابْن سبع وَثَمَانِينَ وَدفن فِيهَا بفخ
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن أَبِيه عمر فِي الْإِيمَان وَالْوُضُوء وَالطَّلَاق وَحَفْصَة فِي الصَّلَاة وَالْحج والفضائل وعامر بن ربيعَة فِي الْجَنَائِز وَإِحْدَى نسْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحَج وَعَائِشَة فِي الْعتْق وَزيد بن ثَابت فِي الْبيُوع وَرَافِع بن خديج فِي الْبيُوع وَعَن نَاس لم يسمهم فِي الْأَشْرِبَة وَأبي لبَابَة فِي ذكر الْجِنّ وَزيد بن الْخطاب وَأم الْمُؤمنِينَ غير مُسَمَّاة فِي الْفِتَن قَالَ عَمْرو بن عَليّ مَاتَ سنة أَربع وَسبعين بِمَكَّة وَدفن بفخ وَهُوَ ابْن أَربع وَثَمَانِينَ
روى عَنهُ يحيى بن يعمر وَحميد بن عبد الرحمن وَسعد بن عُبَيْدَة وَمُحَمّد بن زيد بن عبد الله بن عمر وَعِكْرِمَة بن خَالِد وَسَلام بن عبد الله بن عمر وَنَافِع وعبيد الله بن دِينَار فِي الْإِيمَان وَالْوُضُوء وَغَيرهَا وَمصْعَب بن سعد فِي الْوضُوء وواسع بن حبَان وبلال بن عبد الله بن عمر فِي الصَّلَاة وَصدقَة بن يسَار وَعون بن عبد الله بن عتبَة وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرحمن وَحَفْص بن عَاصِم وَسَعِيد بن يسَار وَطَاوُس وَحميد بن عبد الرحمن وعبد الله بن شَقِيق وَأَبُو مجلز وعبيد الله بن عبد الله بن عُثْمَان وَأنس بن سِيرِين وَعقبَة بن حُرَيْث وَعُرْوَة بن الزبير وعبد الله بن عبد الله بن عمر وَالْحكم بن ميناء وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَسَعِيد بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ فِي الْجَنَائِز وَسَعِيد بن الْمسيب وَأَبُو صَالح وَابْن أبي مليكَة وَأَبُو حَمْزَة فِي الزَّكَاة وَعَمْرو بن دِينَار فِي الصَّوْم وَالْحج والبيوع ومُوسَى بن طَلْحَة وجبلة بن سحيم فِي الصَّوْم وَغَيره وَسَعِيد بن عَمْرو بن سعيد فِي الصَّوْم وَزِيَاد بن جُبَير ومحارب بن دثار وَعبيد بن جريج وَمُحَمّد بن الْمُنْتَشِر فِي الْحَج وَزيد بن جُبَير فِي الْحَج ووبرة بن عبد الرحمن وَعلي الأودي فِي الْحَج ويحنس مولى الزبير وَيُونُس بن جُبَير وَأَبُو الزبير وعبد الرحمن بن أَيمن وَسَعِيد بن جُبَير فِي اللّعان وَأَبُو الحكم وَأَبُو نَضرة وعبد الله بن مرّة وزاذان وَبسر بن سعيد وَأسلم مولى عمر وَالشعْبِيّ وثابت الْبنانِيّ وَأَبُو بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر وعبد الله مولى أَسمَاء بنت أبي بكر وَزيد بن أسلم وَمُسلم بن يناق وَمُحَمّد بن عباد بن جَعْفَر وعبد الله بن وَاقد وَأَبُو بكر بن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة وَأَبُو نَوْفَل بن أبي عقرب ذكر ثناءه على عبد الله بن الزبير وعبد الله بن الْحَارِث وَصَفوَان بن مُحرز وعبيد الله بن مقسم وَأَبُو العداس الشَّاعِر.
رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.

 

 

عبد الله بن عمر بن الخطاب
عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخطاب الْقُرَشِيّ العدوي، وأم أخته حفصة: زينب بِنْت مظعون بْن حبيب الجمحية.
أسلم مَعَ أَبِيهِ وهو صغير لم يبلغ الحلم، وَقَدْ قيل: إن إسلامه قبل إسلام أَبِيهِ، ولا يصح، وَإِنما كانت هجرته قبل هجرة أَبِيهِ، فظن بعضُ النَّاس، أن إسلامه قبل إسلامه أَبِيهِ، وأجمعوا عَلَى أَنَّهُ لم يشهد بدرًا، استصغره النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فردَّه، واختلفوا فِي شهوده أحدًا، فقيل: شهدها، وقيل: رده رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ غيره ممن لم يبلغ الحلمُ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: أَيُّ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟، قَالُوا: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، فَخَرَجَ عُمَرُ، وَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ، وَأَنَا غُلَيْمٌ أَعْقِلُ كُلَّ مَا رَأَيْتُ، حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا جَمِيلُ، أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ؟، فَوَاللَّهِ مَا رَاجَعَهُ الْكَلامَ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَخَرَجَ عُمَرُ يَتْبَعُهُ، وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَأَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ ...
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ والصحيح أن أول مشاهدة الخندق، وشهد غزوة مؤتة مَعَ جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب رَضِي اللَّه عَنْهُمْ أجمعين، وشهد اليرموك، وفتح مصر، وَإِفريقية، وكان كَثِير الأتباع لآثار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى إنه ينزل منازله، ويصلي فِي كل مكان صلى فِيهِ، وحتى إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل تحت شجرة، فكان ابْنُ عُمَر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّمَا بِيَدِي قِطْعَةُ إِسْتَبْرَقٍ، وَلا أُشِيرُ بِهَا إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْجَنَّةِ إِلا طَارَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ "، أَوْ " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ "
أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَلَيَّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا الْخُنَيْسِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ، وَوَضَعُوا السُّفْرَةَ لَهُ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ فَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِي، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ سَمُومُهُ، وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَرْعَى هَذِهِ الْغَنَمَ؟، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي أُبَادِرُ أَيَّامِي هَذِهِ الْخَالِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْتَبِرَ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيَكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيَكَ مِنْ لَحْمِهَا مَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ؟، قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا يَفْعَلُ سَيِّدُكَ إِذَا فَقَدَهَا؟، فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ، وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: فَأَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي، يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللَّهُ؟، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلاهُ، فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمِ وَالرَّاعِي، فَأَعْتَقَ الرَّاعِي، وَوَهَبَ مِنْهُ الْغَنَمَ
قال: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو المعالي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر البيهقي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سهل الفقيه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن معقل، حَدَّثَنَا حرملة، حَدَّثَنَا ابْنُ وهب، قَالَ: قَالَ مَالِك: " قَدْ أقام ابْنُ عُمَر بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستين سنة يفتي النَّاس فِي الموسم، وغير ذَلِكَ، قَالَ مَالِك: وكان ابْنُ عُمَر من أئمة المسلمين "
 قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن عَبْد الباقي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الجوهري، وأَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن حيوية، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، قَالَ: أخبرت عَنْ مجالد، عَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَر جيد الحديث، ولم يكن جيد الفقه.
وكان ابْنُ عُمَر شديد الاحتياط، والتوقي لدينه فِي الفتوى، وكل ما تأخذ بِهِ نفسه، حتَّى إنه ترك المنازعة فِي الخلافة مَعَ كثرة ميل أهل الشام إِلَيْه ومحبتهم لَهُ، ولم يقاتل فِي شيء من الفتن، ولم يشهد مَعَ عليّ شيئًا من حروبه، حين أشكلت عَلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ بعد ذَلِكَ يندم عَلَى ترك القتال معه.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو غَانِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو الْمَجْدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَرَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّمِرِ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ رَغْبَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ خَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: " مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنَ الدُّنْيَا، إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ ".
أَخْرَجَهُ أَبُو عُمَرَ، وَزَادَ فِيهِ: مَعَ عَلِيٍّ.
وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: مَا مِنَّا إِلا مَنْ مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَمَالَ بِهَا، مَا خَلا عُمَرَ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.
وقَالَ لَهُ مروان بْن الحكم ليبايع لَهُ بالخلافة، وقَالَ لَهُ: إن أهل الشام يريدونك، قَالَ: فكيف أصنع بأهل العراق؟ قَالَ: نقاتلهم، قَالَ: والله لو أطاعني النَّاس كلهم إلا أهل فدك، فإن قاتلتهم يقتل منهم رَجُل واحد، لم أفعل، فتركه.
وكان بعد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر الحج، وكان كَثِير الصدقة، وربما تصدق فِي المجلس الواحد بثلاثين ألفًا.
قَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، وكان رقيقه قَدْ عرفوا ذَلِكَ مِنْهُ، فربما لزم أحدهم المسجد، فإذا رآه ابْنُ عُمَر عَلَى تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول لَهُ أصحابه: يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول ابْنُ عُمَر: من خدعنا بالله انخدعنا لَهُ.
قَالَ نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية، وراح ابْنُ عُمَر عَلَى نجيب لَهُ قَدْ أخذه بمال، فلما أعجبه سيره أناخه بمكانه، ثُمَّ نزل عَنْهُ، فَقَالَ: يا نافع، انزعوا عَنْهُ زمامه، ورحله وأشعروه وجللوه وأدخلوه فِي البدن.
وقَالَ نافع: دخل ابْنُ عُمَر الكعبة، فسمعته وهو ساجد، يَقُولُ: قَدْ تعلم يا ربي ما يمنعني من مزاحمة قريش عَلَى الدنيا إلا خوفك.
وقَالَ نافع: كَانَ ابْنُ عُمَر إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} بكى حتَّى يغلبه البكاء.
وقَالَ ابْنُ عُمَر: البرّ شيء هين، وجه طلق، وكلام لين.
وروى ابْنُ عُمَر، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكثر.
وروى عَنْ: أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان، وأبي ذر، ومعاذ ابْنُ جبل، ورافع بْن خديج، وأبي هُرَيْرَةَ، وعائشة.
روى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاس، وجابر، والأغر المزني من الصحابة.
وروى عَنْهُ من التابعين بنوه: سالم، وعبد اللَّه، وحمزة، وَأَبُو سَلَمة، وحُميد ابنا عَبْد الرَّحْمَن، ومصعب بْن سعد، وسعيد المسيب، وأسلم مَوْلَى عُمَر، ونافع مولاه، وخلق كَثِير.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَدْرَانَ الْحُلْوَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ قَفَرْجَلٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ، قَالَ: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا مَاتَ، وَهُوَ مُدْمِنُهَا، لَمْ يَشْرَبْ مِنْهَا فِي الآخِرَةِ "
 وَأَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ الْجُهَنِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِبَعْضِ جَسَدِي، وَقَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ، كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَهْلِ الْقُبُورِ "، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إِنَّما هِيَ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ، جَزَاءٌ بِجَزَاءٍ، وَقِصَاصٌ بِقِصَاصٍ، وَلا تَتَبَرَّأْ مِنْ وَلَدِكَ فِي الدُّنْيَا، فَيَتَبَرَّإِ اللَّهُ مِنْكَ فِي الآخِرَةِ، فَيَفْضَحْكَ عَلَى رُءُوسِ الأَشْهَادِ، وَمَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " توفي عَبْد اللَّه بْن عُمَر سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابْنُ الزُّبَيْر بثلاثة أشهر، وكان سبب قتله أن الحجاج أمر رجلًا فسم زج رمح وزحمه فِي الطريق، ووضع الزج فِي ظهر قدامه، وَإِنما فعل الحجاج ذَلِكَ، لأنَّه خطب يومًا وأخر الصلاة، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَر: إن الشمس لا تنتظرك، فَقَالَ لَهُ الحجاج: لقد هممت أن أضرب الَّذِي فِيهِ عيناك، قَالَ: إن تفعل فإنك سفيه مسلط.
وقيل: إن الحجاج حج مَعَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، فأمره عَبْد الملك بْن مروان، أن يقتدي بابن عُمَر، فكان ابْنُ عُمر يتقدم الحجاج فِي المواقف بعرفه وغيرها، فكان ذَلِكَ يشق عَلَى الحجاج، فأمر رجلًا معه حربة مسمومة، فلصق بابن عُمَر عند دفع النَّاس، فوضع الحربة عَلَى ظهر قدمه، فمرض منها أيامًا، فأتاه الحجاج يعوده، فَقَالَ لَهُ: من فعل بك؟ قَالَ: وما تصنع؟ قَالَ: قتلني اللَّه إن لم أقتله، قَالَ: ما أراك فاعلًا، أنت أمرت الذي نخسني بالحرية، فَقَالَ: لا تفعل يا أبا عَبْد الرَّحْمَن، وخرج عَنْهُ، ولبث أيامًا، ومات وصلى عَلَيْهِ الحجاج.
ومات وهو ابْنُ ست وثمانين سنة، وقيل: أربع وثمانين سنة، وقيل: توفي سنة أربع وسبعين، ودفن بالمحصب، وقيل بذي طوي، وقيل: بفج، وقيل: بسرف.
قيل: كَانَ مولده قبل المبعث بسنة، وهذا يستقيم عَلَى قول من يجهل مقام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة بعد المبعث عشر سنين، لأنه توفي سنة ثلاث وسبعين، وعمره أربع وثمانون سنة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، فيكون مولده قبل المبعث بسنة، وأمَّا عَلَى قول من ذهب إِلَى أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُجزه يَوْم أُحد، وكان لَهُ أربع عشرة سنة، وكانت أُحد فِي السنة الثالثة، فيكون لَهُ فِي الهجرة إحدى عشرة سنة، وأمَّا عَلَى قول من يَقُولُ: إن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام بعد المبعث بمكة ثلاث عشرة سنة، وأن عُمَر عَبْد اللَّه أربع وثمانون سنة، فيكون مولده بعد المبعث بسنتين، وأمَّا عَلَى قول من يجعل عمره ستًا وثمانين سنة، فيكون مولده وقت المبعث، والله أعلم

أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.

 

 

عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، قد بلغنا فِي نسبه عِنْدَ ذكر أَبِيهِ. أمه وأم أخته حفصة- زينب بِنْت مظعون بْن حَبِيب الْجُمَحِيّ، أسلم مع أَبِيهِ وَهُوَ صغير لم يبلغ الحلم. وقد قيل: إن إسلامه كَانَ قبل إسلام أَبِيهِ، ولا يصح. وكان عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر ينكر ذَلِكَ.
وأصح من ذَلِكَ قولهم: إن هجرته كانت قبل هجرة أَبِيهِ، واجتمعوا أَنَّهُ لم يشهد بدرا، واختلف فِي شهوده أحدا، والصحيح أن أول مشاهده الخندق.
وقال الْوَاقِدِيّ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر يَوْم بدر ممن لم يحتلم، فاستصغره رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورده، وأجازه يَوْم أحد. ويروى عَنْ نَافِع أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ردّه يوم أحد، لانه كَانَ ابْن أربع عشرة سنة، وأجازه يوم الخندق، وَهُوَ ابْن خمس عشرة.
وقد روي حديث نَافِع على الوجهين جميعا، وشهد الحديبية، وَقَالَ بعض أهل السير: إنه أول من بايع يومئذ، ولا يصح، والصحيح أن من بايع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديبية تحت الشجرة بيعة الرضوان أَبُو سنان  الأسدي. وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَدْرَكَ ابْنُ عُمَرَ الْفَتْحَ، وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً- يَعْنِي فَتْحَ مكة.

وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ من أهل الورع والعلم، وَكَانَ كَثِير الإتباع لآثار رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. شديد التحري والاحتياط والتوقي فِي فتواه، وكل مَا يأخذ بِهِ نفسه، وَكَانَ لا يتخلف عَنِ السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ كَانَ بعد موته مولعا بالحج قبل الفتنة، وفي الفتنة، إِلَى أن مات، ويقولون: إنه كَانَ من أعلم الصحابة بمناسك الحج.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجه حفصة بِنْت عُمَر: إن أخاك عَبْد اللَّهِ رجل صَالِح لو كَانَ يقوم من الليل، فما ترك ابْن عُمَر بعدها قيام الليل.
وكان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لورعه قد أشكلت عَلَيْهِ حروب علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقعد عَنْهُ، وندم على ذَلِكَ حين حضرته الوفاة.
وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ قُسَيْطٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ تِلْكَ الْمَشَاهِدِ، فَقَالَ: كَفَفْتُ يَدِي، فَلَمْ أُقْدِمْ، وَالْمُقَاتِلُ عَلَى الْحَقِّ أَفْضَلُ.
وقال جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ: مَا منا أحد إلا مالت بِهِ الدنيا، ومال بها، مَا خلا عُمَر وابنه عَبْد اللَّهِ.
وقال مَيْمُون بْن مهران: ما رأيت أورع من ابْن عُمَر، ولا أعلم من ابْن عَبَّاس. وروى ابْن وَهْب، عَنْ مَالِك، قَالَ: بلغ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر ستا وثمانين سنة، وأفتى فِي الإسلام ستين سنة، ونشر نَافِع عَنْهُ علما جما.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الدِّيلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحميد ابن صُبَيْحٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ أَبِيهِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَرَوَانَ بْنَ الْحَكَمِ دَخَلَ فِي نفر على عبد الله بن عمر بعد ما قُتِلَ عُثْمَانُ، فَعَرَضُوا عَلَيْهِ أَنْ يُبَايِعُوا لَهُ، قَالَ: وَكَيْفَ لِي بِالنَّاسِ؟ قَالَ: تُقَاتِلُهُمْ وَنُقَاتِلُهُمْ مَعَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ أَهْلُ الأَرْضِ إِلا أَهْلُ فَدَكٍ مَا قَاتَلْتُهُمْ. قَالَ: فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَمَرْوَانُ يَقُولُ:
وَالْمُلْكُ بَعْدُ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا
قال أَبُو عُمَر: مات عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بمكة سنة ثلاث وسبعين، لا يختلفون فِي ذَلِكَ، بعد قتل ابْن الزُّبَيْر بثلاثة أشهر أو نحوها. وقيل: لستة أشهر. وكان أوصى أن يدفن فِي الحل، فلم يقدر على ذَلِكَ من أجل الْحَجَّاج، ودفن بذي طوى فِي مقبرة المهاجرين، وَكَانَ الْحَجَّاج قد أمر رجلا فسم زج رمح، وزحمه فِي الطريق ووضع الزج فِي ظهر قدمه، وذلك أن الْحَجَّاج خطب يوما وأخر الصلاة، فَقَالَ ابْن عُمَر: إن الشمس لا تنتظرك، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاج: لقد هممت أن أضرب الَّذِي فِيهِ عيناك. قَالَ: إن تفعل فإنك سفيه مسلط. وقيل: إنه أخفى قوله ذَلِكَ عَنِ الْحَجَّاج، ولم يسمعه، وَكَانَ يتقدم فِي المواقف بعرفة وغيرها إِلَى المواضع التي كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف بها، فكان ذَلِكَ يعز على الْحَجَّاج، فأمر الْحَجَّاج، رجلا معه حربة يقال: إنها كانت مسمومة، فلما دفع الناس من عرفة لصق بِهِ ذَلِكَ الرجل، فأمر الحربة على قدمه، وهي فِي غرز راحلته، فمرض منها أياما، فدخل عَلَيْهِ الْحَجَّاج يعوده، فَقَالَ لَهُ: من فعل بك يَا أَبَا الرحمن؟ فَقَالَ: مَا تصنع بِهِ؟ قَالَ: قتلني الله إن لم أقتله. قَالَ: مَا أراك فاعلا، أنت الَّذِي أمرت الَّذِي بخسني بالحربة. فَقَالَ: لا تفعل يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ. وخرج عنه. وروى أَنَّهُ قَالَ للحجاج- إذ قَالَ لَهُ: من فعل بك- قَالَ: أنت الَّذِي أمرت بإدخال السلاح فِي الحرم، فلبث أياما، ثُمَّ مات، وصلى عَلَيْهِ الْحَجَّاج.
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مَعْمَرٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحجاج ابن رِشْدِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ سليمان الجعفي، قال: حدثنا أسباط ابن مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا آسَى عَلَى شيء إلا أني لم أقاتل مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ.
وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْوَرْدِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سياه، عن حبيب ابن أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا أَجِدُنِي آسَى عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي مِنَ الدُّنْيَا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية مع عَلِيٍّ.
وَذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ- حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا شَيْئًا، إِلا أَنِّي لَمْ أُقَاتِلِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وقال: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد، حَدَّثَنَا عبد الجبار بْن الْعَبَّاس، عَنْ أَبِي العنبس، عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي الجهم، قَالَ: سمعت ابْن عُمَر يَقُول: مَا آسى على شيء إلا تركي قتال الفئة الباغية مع على.

الاستيعاب في معرفة الأصحاب - أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عاصم النمري القرطبي.

 

 

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، نا أَبُو نُعَيْمٍ، نا مِسْعَرٌ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى , فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَوَاحِدَةً أَوْ رَكْعَةً»

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى»

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ  أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنَ الْفِطْرَةِ تَقْلِيمُ الْأَظَافِيرِ , وَقَصُّ الشَّوَارِبِ , وَحَلْقُ الْعَانَةِ»

حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ»

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، نا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، نا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ , أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ»

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ صَالِحٍ الْوَزَّانُ، نا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، نا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْحَكَمِ الْقَزَّازُ بِالْبَصْرَةِ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، نا أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ , فَلَمَّا صَنَعَ الْمِنْبَرَ حَنَّ الْجِذْعُ»

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ، نا هَوْذَةُ، نا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَيْنِ صَلَاةُ الْفَجْرِ , وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ "

-معجم الصحابة - أبي الحسين عبد الباقي بن قانع البغدادي-

 

 

عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، أبو عبد الرحمن: صحابي، من أعز بيوتات قريش في الجاهلية. كان جريئا جهيرا. نشأ في الإسلام، وهاجر إلى المدينة مع أيبه، وشهد فتح مكة. ومولده ووفاته فيها.
أفتى الناس في الإسلام ستين سنة. ولما قتل عثمان عرض عليه نفر أن يبايعوه بالخلافة فأبى. وغزا إفريقية مرتين: الأولى مع ابن أَبي سَرْح، والثانية مع معاوية بن حديج سنة 34 هـ وكف بصره في آخر حياته. وهو آخر من توفي بمكة من الصحابة.
له في كتب الحديث 2630 حديثا. وفي الإصابة: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: مات ابن عمر، وهو مثل عمر في الفضل، وكان عمر في زمان له فيه نظراء، وعاش ابن عمر في زمان ليس له فيه نظير .

-الاعلام للزركلي-

 

 

عبد الله بن عمر بن الخطاب كنيته أبو عبد الرحمن كان مولده قبل الوحي بسنة لم يشهد بدرا وعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو بن أربع عشرة سنة فلم يجزه ولم يره بلغ ثم عرض عليه يوم الخندق وهو بن خمس عشرة فأجازه وكان من صالحي الصحابة وقرائهم وزهادهم ولم يشتغل في هذه الدنيا بالصفراء ولا بالتمتع بالبيضاء ولا ضم درهما إلى درهم وكان من أكثرهم تتبعا لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم استعمالا لها اعتزل الفتن وقعد في البيت عن الناس إلا أن يخرج حاجا أو معتمرا أو غازيا إلا أن أدركته المنية على حالته تلك بمكة وهو حاج سنة ثلاث وسبعين وبها دفن رضه

مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - محمد بن حبان، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ).