أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي أبي طاهر عماد الدين

صدر الدين

تاريخ الولادة478 هـ
تاريخ الوفاة576 هـ
العمر98 سنة
مكان الولادةأصفهان - إيران
مكان الوفاةالإسكندرية - مصر
أماكن الإقامة
  • أزبيجان - أذربيجان
  • أصبهان - إيران
  • أصفهان - إيران
  • الدينور - إيران
  • الري - إيران
  • خراسان - إيران
  • زنجان - إيران
  • فارس - إيران
  • قزوين - إيران
  • نهاوند - إيران
  • همذان - إيران
  • الحجاز - الحجاز
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • البصرة - العراق
  • الكوفة - العراق
  • بغداد - العراق
  • ساوة - العراق
  • بلاد الشام - بلاد الشام
  • نصيبين - تركيا
  • الرحبة - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • صور - لبنان
  • الإسكندرية - مصر
  • مصر - مصر

نبذة

أحمد بن محمد بن سلفة (بكسر السين وفتح اللام) الأصبهاني، صدر الدين، أبو طاهر السّلفي: حافظ مكثر، من أهل أصبهان. رحل في طلب الحديث، وكتب تعاليق وأمالي كثيرة، وبنى له الأمير العادل (وزير الظافر العبيدي) مدرسة في الإسكندرية، سنة 546 هـ فأقام إلى أن توفي فيها

الترجمة

أحمد بن محمد بن سلفة (بكسر السين وفتح اللام) الأصبهاني، صدر الدين، أبو طاهر السّلفي:
حافظ مكثر، من أهل أصبهان. رحل في طلب الحديث، وكتب تعاليق وأمالي كثيرة، وبنى له الأمير العادل (وزير الظافر العبيدي) مدرسة في الإسكندرية، سنة 546 هـ فأقام إلى أن توفي فيها. له (معجم مشيخة أصبهان) و (معجم شيوخ بغداد - خ) و (معجم السفر - خ) نشرت منه نسخة كثيرة النقص باسم (أخبار وتراجم أندلسية) وله (الفضائل الباهرة في مصر والقاهرة - خ) في الخزانة الحميدية بالأستانة، الرقم (363 تاريخ) كما في (المختار من المخطوطات العربية في الأستانة، ص 50 وفي خزانة الرباط (1046 د) رسالة في ترجمته. وللمعاصر محمد محمود زيتون، الاسكندري، كتاب (الحافظ السلفي أشهر علماء الزمان - ط) في سيرته .

-الاعلام للزركلي-

 

 

 

 

الحافظ السلفي
الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد إبراهيم سلفة الأصبهاني الملقب صدر الدين؛ أحد الحفاظ المكثرين، رحل في طلب الحديث ولقي أعيان المشايخ وكان شافعي المذهب، ورد بغداد، واشتغل بها على الكيا أبي الحسن علي الهراسي في الفقه وعلى الخطيب أبي زكيريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي باللغة. وروى عن أبي محمد جعفر بن السراج وغيره من الأئمة الأمائل، وجاب البلاد وطاف الآفاق، ودخل ثغر الإسكندرية سنة إجدى عشرة وخمسمائة في ذي القعدة، وكان قدومه إليه في البحر من مدينة صور، وأقام به، وقصده الناس من الأماكن البيعيدة، وسمعوا عليه وانتفعوا به، ولم يكن في آخر عمره في عصره مثله، وبنى له العادل أبو الحسن علي بن السلار، وزير الظافر العبيدي صاحب مصر، في سنة ست وأربعين وخمسمائة مدرسة بالثغر المذكور وفوضها إليه، وهي معروفة به إلى الآن، وأدركت جماعة من أصحابه بالشام والديار المصرية، وسمعت عليهم وأجازوني. وكان قد كتب الكثير، ونقلت من خطة فوائد جمة، ومن جملة ما نقلت من خطه لأبي عبد الله محمد بن عبد الجبار الأندلسي من قصيدة:
لولا اشتغالي بالأمير ومدحه ... لأطلت في ذاك الغزال تغزلي
لكن أوصاف الجلال عذبن لي ... فتركت أوصاف الجمال بمعزل ونقلت من خطه أيضا لبثينة صاحبة جميل ترثيه :
وإن سلوي عن جميل لساعة ... من الدهر ما حانت ولا حان حينها
سواء علينا يا جميل بن معمر ... إذا مت بأساء الحياة ولينها وكان كثيراً ما ينشد:
قالوا نفوس الدار سكانها ... وأنتم عندي نفوس النفوس وأماليه وتعاليقه كثيرة، والاختصار بالمختصر أولى.
وكانت ولادته سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة تقريباً بأصبهان، وتوفي ضحوة نهار الجمعة - وقيل: ليلة الجمعة - خامس شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة بثغر الإسكندرية، ودفن في وعلة، وهي مقبرة داخل السور عند الباب الخضر فيها جماعة من الصالحين كالطرطوشي وغيره.

ووعلة: بفتح الواو وسكون العين المهملة وبعدها لام ثم هاء، ويقال: إن هذه المقبرة منسوبة إلى عبد الرحمن بن وعلة السبئي المصري، صاحب ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقيل غير ذلك، رحمه الله تعالى.
قلت: وجدت العلماء المحدثين بالديار المصرية، من جملتهم: الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري ، محدث مصر في زمانه، يقولون في مولد الحافظ السفلي هذه المقالة. ثم وجدت في كتاب زهر الرياض المفصح عن المقاصد والأغراض، تأليف الشيخ جمال الدين أبي القاسم عبد الرحمن ابن أبي الفضل عبد المجيد بن إسماعيل بن حفص الصفراوي الإسكندري، أن الحافظ أبا طاهر السفلي المذكور وهو شيخه - كان يقول: مولدي بالتخمين، لا باليقين، سنة ثمان وسبعين، فيكون مبلغ عمره على مقتضى ذلك ثمانياً وتسعين سنة،
هذا آخر كلام الصفراوي المذكور. ورأيت في تاريخ الحافظ محب الدين محمد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي ما يدل على صحة ما قاله الصفراوي، فإنه قال: قال عبد الغني المقدسي: سألت الحافظ السفلي عن مولده، فقال: أنا أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وكان لي من العمر حدود عشر سنين.
قلت: ولو كان مولده على ما يقوله أهل مصر أنه في سنة اثنتين وسبعين ما كان يقول أذكر قتل الملك في سنة خمس وثمانين وأربعمائة، فانه على مايقولون قد كان عمره ثلاث عشرة سنة، أو أربع عشرة سنة، ولم تجر العادة أن من يكون في هذا السن يقول: أنا أذكر القضية الفلانية، وإنما يقول ذلك من يكون عمره تقديراً أربع سنين أو خمس سنين أو ستاً، فقد ظهر بهذا أن قول الصفراوي أقرب إلى الصحة، وهو تلميذه، وقد سمع منه أنه قال: مولدي في سنة ثمان وسبعين، وليس الصفراوي ممن يشك في قوله، ولا يرتاد في صحته، مع أننا ماعلمنا أن أحداً منذ ثلثمائة سنة إلى الآن بلغ المائة فضلاً عن أنه زاد عيها، سوى القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، فإنه عاش مائة سنة وسنتين - كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى -.
ونسبته إلى جده إبراهيم سلفة - بكسر السين المهملة وفتح اللام والفاء وفي آخره الهاء - وهو لفظ عجمي، ومعناه بالعربي ثلاث شفاه، لأن شفته الواحدة كانت مشقوقة، فصارت مثل شفتين غير الأخرى الأصلية، والأصل فيه سلبه بالباء، فأبدلت بالفاء.

 

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي
 

ونقلت من خطه:
وحذار ثم حذار من واد شطا ... فيه تقصر سيرها الأظعان
فهناك تقتنص البزاة حمائم ... وكذا الأسود تصيدها الغزلان

 

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

 

 

 

معمّر الحفاظ عماد الدين أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سِلْفَة الأصفهاني الشافعي السلفي، العلاَّمة مسند الدنيا، المتوفى بالإسكندرية في ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة، عن ست ومائة سنة.
ولد بمحلة جَرْوَاآن من محلات أصفهان ورحل وهو ابن سبع عشرة، فأدرك أبا الخطاب بن النظر ببغداد واشتغل بها على الكِيَا أبي الحسن في الفقه وعلى الخطيب التبريزي باللغة وروى عن ابن السَّرَّاج وغيره من الأئمة وعمل معجماً لشيوخ بغداد وجمع فيه الجمّ الغفير وفوائد، ثم حجَّ فسمع بالكوفة والحرمين والبصرة والجبل وأذربيجان وخراسان وفارس والشام، ممن لا يحصى وحدَّث بدمشق، ثم خرج إلى مصر فأكثر وأتقن في المذهب وبرع في الأدب وجوَّد القراءات بروايات. ودخل ثغر الإسكندرية سنة 511 حافياً فقيراً لطلب العلم والحديث. وتمكّن بها وصارت له وجاهة وقصده الناس من الأماكن البعيدة وانتفعوا به ولم يكن في آخر عمره في عصره مثله. وبنى له العادل ابن السلاَّر الوزير مدرسة بالثغر وفوضها إليه. وقد مكث نيفاً وثمانين سنة يسمع عليه وهذه مزيّة ما حصلت لأحد غالباً وهو مشتغل بالنسخ والإفادة وتحصيل الكتب.
روى عنه القاضي عياض ومحمد بن طاهر المقدسي وسبطه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي. وقرئ عليه الحديث ليلة الخامس من شهر ربيع الآخر إلى أن غربت الشمس وهو يرد على القارئ التصحيف الخفي فلما صلى الصبح في أول وقتها قضى نحبه فجأة وقد جاوز المائة بلا ريب وإنما النزاع في مقدار الزيادة وقد أفرد الذهبي أخباره في جزء.
والسِّلَفي: بكسر السين، معرّب سِلْفَة وهو لقب جده إبراهيم لأن شفته الواحدة مشقوقة مثل شفتين. ذكره ابن خلكان وغيره.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة. 

 

 

 

السلَفِي الْحَافِظ الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام أَبُو طَاهِر عماد الدّين أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْأَصْبَهَانِيّ
وسلفة لقب جده أَحْمد وَمَعْنَاهُ الغليظ الشّفة
كَانَ لَا يحرر عَام مولده وَقَالَ كتبُوا عني بأصبهان فِي أول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَأَنا ابْن سبع عشرَة سنة أَو نَحْوهَا
وَأول سَمَاعه سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ سمع من الْقَاسِم الثَّقَفِيّ وخلائق بعدة مَدَائِن
وَكَانَ حَافِظًا ناقداً متقناً ثبتاً دينا خيرا انْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد
وروى عَنهُ الْحفاظ فِي حَيَاته وَله مُعْجم شُيُوخ أَصْبَهَان ومعجم شُيُوخ بَغْدَاد ومعجم شُيُوخ السّفر وَله تصانيف
وَكَانَ أوحد زَمَانه فِي علم الحَدِيث وأعلمهم بقوانين الرِّوَايَة
توفّي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس ربيع الآخر سنة سِتّ وَسبعين وَخَمْسمِائة وَله مائَة وست سِنِين

طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.

 

 

 

أَحْمد بن مُحَمَّد [472 ظنا - 576] )
ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، الْحَافِظ الأوحد أَبُو الطَّاهِر الْأَصْبَهَانِيّ السلَفِي: بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة، وَفتح اللَّام، وَبعدهَا فَاء.
نزيل الْإسْكَنْدَريَّة.

كَانَ رَحمَه الله أوحد، جَامعا بَين علم الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأَدب، بديع الْفَضِيلَة، قديم الرحلة والطلب.
لَقِي أكَابِر النَّاس، وَهُوَ حدث مستعد للاقتباس، فَمَلَأ من أحاسن علم الرِّوَايَة حقائبه، وامتاز مَعَ ذَلِك بدراية أصفت مشاربه، وَله فِي شُيُوخه معاجم ثَلَاثَة، تشعر بِأَنَّهُ كَانَ شَيخا جَلِيلًا، فَاضلا، قد أدْرك أهل الْجَلالَة؛ يَقُول فِي أول أَحدهَا: عزمت على أَن أجمع كتابا أضمنه معرفَة روايتي، وَمِقْدَار عنايتي، لأخلد فِيهِ ذكر من لقِيت من الْفُقَهَاء، وَأخذت عَنهُ من الْعلمَاء، وقرأت عَلَيْهِ من الْقُرَّاء، وَاخْتلفت إِلَيْهِ من الأدباء فِي علم الْفَرَائِض، والحساب، وَالْإِعْرَاب، ضروب الْآدَاب.
وَقَالَ: هَذَا التصنيف يخْتَص ب: " شُيُوخ بَغْدَاد " على الِانْفِرَاد، ولأصبهان: مُعْجم " ثَان، وللسفر " مُعْجم " أوفر، وللإجازة من كل بلد كتاب مُفْرد.
وَأخذ الْفِقْه عَن: الإِمَام إِلْكيَا، وَمِمَّا يدل على تميزه فِيهِ إِذْ ذَاك أَنه ذكر الشريف أَبَا طَالب الزَّيْنَبِي إِمَام أَصْحَاب أبي حنيفَة بِبَغْدَاد، وَقَالَ: تَكَلَّمت أَنا مَعَه فِي مَسْأَلَة خلافية فِي دَار الْخلَافَة، وذنب على كَلَامي إِلْكيَا الإِمَام أَبُو الْحسن الطَّبَرِيّ.

-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح-

 

 

 

 

أبو طاهر السِّلفي، وهو أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن إبراهيم الأصبهاني الجَرْوَاآني (وهي محلة كبيرة بأصبهان، يقال لها أيضاً: كرواآن)، ويلقَّب جده أحمد سِلْفة، وهو الغليظ الشفة، وأصله بالفارسية سلَبَة، وكثيراً ما يمزجون الباء بالفاء، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الإمام العلامة المحدث الحافظ المفتي، شيخُ الإسلام، شرف المُعمَّرين، ولد سنة خمس -أو أربع- وسبعين وأربع مئة، ارتحلَ وله أقلُّ مِن عِشرينَ سنةً، تفقه بالكيا الهراسيّ (نقل ابنُ عبد الملك المراكشي في السفر الخامس من كتاب "الذيل والتكملة لكتابَي الموصول والصلة" في ترجمة محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى الخزرجي (1151)، وهو صاحب الكيا الهراسي كانت عنده مصنفاته، قال: سئل عن معنى الكيا الهراس، فقال: معنى الكيا: الحبر، وكان لأبيه عَبيد يعملون الهريسة فنُسب إلى ذلك. وقال ابن خلكان في "وفيات الأعيان" 3/ 289: لا أعلم لأي معنى قيل له: الكيا، وفي اللغة العجمية، الكيا: هو الكبير القدر المقدّم بين الناس، وهو بكسر الكاف وفتح الياء المثناة من تحتها وبعدها ألف.) ويوسف بن علي الزنجاني وأبي بكر الشاشي، وأخذ الأدب عن أبي زكريا يحيى ابن علي التبريزي والقراءات على أبي طاهر بن سوار وأبي منصور الخياط، وأبي الخطاب بن الجراح. واستمرت رحلته ثمانية عشر عاماً يكتب الحديث والفقه والأدب والشعر، وارتحل إليه خلق كثير جداً كالسلطان صلاح الدين وإخوته وأمراؤُه بعد أن قضى على دولة العبيدية في مصر، فسمِعُوا منه، وسَمِعَ منه أيضاً شيخاه محمد بن طاهر المقدسي وسعْد الخير الأندلسي الأنصاري، وحدَّث عنه أئمةٌ كبار، قال الحافظ الذهبي: وكان مكباً على الكِتابة والاشتغال والرواية، ولا راحة له غالباً إلا في ذلك، وقد بلغ عدد شيوخه الأصبهانيين ست مئة نفس، ومشيخته البغدادية خمسة وثلاثون جزءاً، وكان جيد الضبط، جمع بين علوّ الإسناد وغلوِّ الانتقاد، كان أوحد زمانه في علمِ الحديث وأعرفهم بقوانين الرواية، وقال السمعاني: السِّلَفي ثقة، وَرعٌ، متقن، متثبت، فَهْمٌ، حافظٌ، له حظٌّ مِن العربية، كثيرُ الحديث، حسنُ الفهم والبصيرة فيه. توفي سنة ست وسبعين وخمس مئة.

وهو من الرواة الواردة أسماؤهم في أسانيد الحافظ ابن حجر في روايات "السنن"

من مقدمة المحقق: شعَيب الأرنؤوط- لكتاب سنن أبي داود - أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني

 

 

 

أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إِبراهِيم، الحافظ الكبير أبي طاهر بن أبي أحمد بن سِلَفة الأصبهاني، الجَرْواني، ولد بعد السبعين والأربعمائة (470ه) وكان إماماً، مُقرئاً، مجوداً، ومحدثاً، حافظاً، جَهْبَذاً، وفقيهاً متقناً، ونَحْوياً ماهراً، انتهى إليه عُلُو الإسناد فِي البلاد رحل إلى بغداد، والبصرة، والكوفة، ودمشق، واتقن مذهب الشافعي، وتوفي في الإسكندرية ليلة الجمعة الخامس من شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة(576ه

 

 

 

 

 

أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سلفة الْحَافِظ الْكَبِير أَبُو ظَاهر بن أبي أَحْمد السلَفِي الْأَصْبَهَانِيّ الجراوآني

وجروآن بِفَتْح الْجِيم وَإِسْكَان الرَّاء ثمَّ الْوَاو ثمَّ الْألف الممدودة ثمَّ النُّون محلّة بأصبهان
وسلفة فِيمَا ذكر شَيخنَا الذَّهَبِيّ لقب لِأَحْمَد وَفِيمَا كنت أحفظه اسْم لوالد إِبْرَاهِيم وَلَعَلَّ الأثبت مَا ذكر شَيخنَا

كَانَ حَافِظًا جَلِيلًا وإماما كَبِيرا وَاسع الرحلة دينا ورعا حجَّة ثبتا فقهيا لغويا انْتهى إِلَيْهِ علو الْإِسْنَاد مَعَ الْحِفْظ والإتقان
قيل مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة تخمينا لَا يَقِينا
وَقيل سنة خمس وَسبعين
وَقيل سنة ثَمَان وَسبعين وَهُوَ قَول سَاقِط فَإِن السلَفِي جَاوز الْمِائَة بِلَا ريب
وَقد طلب الحَدِيث وَكتب الْأَجْزَاء وَقَرَأَ بالروايات فِي سنة تسعين وَبعدهَا
وَحكى عَن نَفسه إِنَّه حدث سنة اثنيتن وَتِسْعين وَمَا فِي وَجهه شَعْرَة وَأَنه كَانَ ابْن سبع عشرَة سنة أَو نَحْوهَا
وَقَالَ الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ سمعته يَقُول أَنا أذكر قتل نظام الْملك فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَكَانَ عمري نَحْو عشر سِنِين وَقد كتبُوا عني فِي أول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَنا ابْن سبع عشرَة سنة أَو أَكثر أَو أقل وَلَيْسَ فِي وَجْهي شَعْرَة كالبخاري يَعْنِي لما كتبُوا عَنهُ
وَأول سَماع السلَفِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ سمع من الْقَاسِم بن الْفضل الثَّقَفِيّ وَسمع من عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف السمسار وَسَعِيد بن مُحَمَّد الْجَوْهَرِي وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الْمَدِينِيّ وَالْفضل بن عَليّ الْحَنَفِيّ ومكي بن مَنْصُور بن عَلان الكرجي وَمعمر بن أَحْمد اللنباني
وَعمل معجما حافلا لشيوخه الأصبهانيين ثمَّ رَحل فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين إِلَى بَغْدَاد وَأدْركَ نصرا ابْن البطر
قَالَ فِيمَا يَحْكِي عَن نَفسه دَخَلتهَا فِي رَابِع شهر شَوَّال فَلم يكن لي همة سَاعَة دُخُولهَا إِلَّا الْمُضِيّ إِلَى ابْن البطر فَدخلت عَلَيْهِ شَيخا عسرا فَقلت قد وصلت من أَصْبَهَان لِأَجلِك
فَقَالَ اقْرَأ
جعل بدل الرَّاء غينا
فَقَرَأت عَلَيْهِ وَأَنا متك لأجل دَمًا مل بِي
فَقَالَ أبْصر ذَا الْكَلْب
فاعتذرت إِلَيْهِ بالدماميل وبكيت من كَلَامه وقرأت سَبْعَة عشر حَدِيثا وَخرجت
ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ نَحوا من خَمْسَة وَعشْرين جُزْءا وَلم يكن بِذَاكَ
وَسمع بِبَغْدَاد أَيْضا من أبي بكر الطريثيثي وَأبي عبد الله بن البسرى وثابت بن بنْدَار والموجودين بهَا إِذْ ذَاك
وَعمل معجما لشيوخها
ثمَّ حج وَسمع فِي طَرِيقه بِالْكُوفَةِ من أبي الْبَقَاء المعمر بن مُحَمَّد الحبال
وبمكة من الْحُسَيْن بن عَليّ الطَّبَرِيّ
وبالمدينة من أبي الْفرج الْقزْوِينِي
وَعَاد إِلَى بَغْدَاد فتفقه بهَا واشتغل بِالْعَرَبِيَّةِ
ثمَّ رَحل إِلَى الْبَصْرَة سنة خَمْسمِائَة فَسمع من مُحَمَّد بن جَعْفَر العسكري وَجَمَاعَة
وبزنجان من أبي بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن زنجوية
وبهمذان من أبي غَالب أَحْمد بن مُحَمَّد الْمُزَكي وَطَائِفَة

وجال فِي الْجبَال ومذنها
وَسمع بِالريِّ والدينور وقزوين وساوة ونهاوند
وَكَذَلِكَ طَاف بِلَاد أذربيجان إِلَى دربند فَسمع بأماكن وَعَاد إِلَى الجزيرة من ثغر آمد
وَسمع بخلاط ونصيبين والرحبة
وَقدم دمشق سنة تسع وَخَمْسمِائة بِعلم جم فَأَقَامَ بهَا عَاميْنِ وَسمع بهَا من أبي طَاهِر الحنائي وَأبي الْحسن ابْن الموازيني وَخلق
ثمَّ مضى إِلَى صور وَركب مِنْهَا الْبَحْر الْأَخْضَر إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة واستوطنها إِلَى الْمَوْت
لم يخرج مِنْهَا إِلَّا مرّة فِي سنة سبع عشرَة إِلَى مصر فَسمع من أبي صَادِق الْمَدِينِيّ والموجودين بهَا وَعَاد وَجمع معجما ثَالِثا لشيوخه فِيمَا عدا بَغْدَاد وأصبهان
سمع مِنْهُ بِبَغْدَاد من شُيُوخه ورفاقه أَبُو عَليّ البرداني وهزارسب بن عوض وَأَبُو عَامر الْعَبدَرِي وَعبد الْملك بن يُوسُف وَسعد الْخَيْر الأندلسي
وروى عَنهُ شيخة الْحَافِظ مُحَمَّد بن طَاهِر وسبطة أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن مكي وَبَينهمَا فِي الْمَوْت مائَة وَأَرْبع وَأَرْبَعُونَ سنة
وروى عَنهُ أَيْضا الْحَافِظ سعد الْخَيْر وَعلي بن إِبْرَاهِيم السَّرقسْطِي

وَأَبُو الْعِزّ مُحَمَّد بن عَليّ الملقاباذي وَالطّيب بن مُحَمَّد الْمروزِي
وَقد روى عَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة عَنهُ الْحَافِظ أَبُو سعد ابْن السَّمْعَانِيّ وَمَات ابْن السَّمْعَانِيّ قبله بِأَرْبَع عشرَة سنة
وروى عَنهُ أَيْضا الصائن هبة الله بن عَسَاكِر وَيحيى بن سعدون الْقُرْطُبِيّ
وروى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ جمَاعَة مَاتُوا قبله مِنْهُم القَاضِي عِيَاض
وَحدث عَنهُ أُمَم مِنْهُم حَمَّاد الْحَرَّانِي والحفاظ عَليّ بن الْمفضل وَعبد الْغَنِيّ وَعبد الْقَادِر الرهاوي والفقيه بهاء الدّين بن الجميزي والسبط وخلائق آخِرهم أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحسن السفاقسي ابْن أُخْت الْحَافِظ عَليّ ابْن الْمفضل الْمُتَوفَّى سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة روى عَن السلَفِي المسلسل بالأولية حضورا وَلم يكن عِنْده سواهُ
قَالَ شَيخنَا الذَّهَبِيّ لَا أعلم أحدا فِي الدُّنْيَا حدث نيفا وَثَمَانِينَ سنة سوى السلَفِي
تفقه السلَفِي على إِلْكيَا أبي الْحسن الطَّبَرِيّ وفخر الْإِسْلَام الشَّاشِي ويوسف ابْن عَليّ الزنجاني
وَأخذ الْأَدَب عَن أبي زَكَرِيَّا التبريزي وَغَيره
وَقَرَأَ الْقُرْآن بالروايات

ذكره ابْن عَسَاكِر فَقَالَ سمع من لَا يُحْصى وَحدث بِدِمَشْق فَسمع مِنْهُ أَصْحَابنَا وَلم أظفر بِالسَّمَاعِ مِنْهُ
وَسمعت بقرأءته من شُيُوخ عدَّة
ثمَّ خرج إِلَى مصر واستوطن الْإسْكَنْدَريَّة وَتزَوج بهَا امْرَأَة ذَات يسَار
وحصلت لَهُ ثروة بعد فقر وتصوف
وَصَارَت لَهُ بالإسكندرية وجاهة
وَبنى لَهُ الْعَادِل عَليّ بن إِسْحَاق ابْن السلار أَمِير مصر مدرسة بالإسكندرية
وحَدثني عَنهُ أخي وَأَجَازَ لي
انْتهى
وَابْن السلار وَزِير الْخَلِيفَة الظافر العبيدي صَاحب مصر وَهَذِه عَادَة وزراء العبيديين يسمون بالملوك
وَكَانَ ابْن السلار هَذَا سنيا شافعيا ولي ثغر الْإسْكَنْدَريَّة مُدَّة قبل الوزراء وَبنى الْمدرسَة إِذْ ذَاك
وَقَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ هُوَ ثِقَة ورع متقن مُثبت حَافظ فهم لَهُ حَظّ من الْعَرَبيَّة كثير الحَدِيث حسن الْفَهم والبصيرة فِيهِ
وَقَالَ الْحَافِظ عبد الْقَادِر الرهاوي سَمِعت من يَحْكِي عَن الْحَافِظ ابْن نَاصِر أَنه قَالَ عَن السلَفِي كَانَ بِبَغْدَاد كَأَنَّهُ شعلة نَار فِي تَحْصِيل الحَدِيث
قَالَ عبد الْقَادِر وَكَانَ لَهُ عِنْد مُلُوك مصر الجاه والكلمة النافذة مَعَ مُخَالفَته لَهُم فِي الْمَذْهَب وَكَانَ لَا تبدو مِنْهُ جفوة لأحد وَيجْلس للْحَدِيث فَلَا يشرب مَاء وَلَا يبصق وَلَا يتورك وَلَا يبدوا لَهُ قدم وَقد جَاوز الْمِائَة

بَلغنِي أَن سُلْطَان مصر حضر عِنْده للسماع فَجعل يتحدث مَعَ أَخِيه فزبرهما وَقَالَ أيش هَذَا نَحن نَقْرَأ الحَدِيث وأنتما تتحدثان
قَالَ وَبَلغنِي أَنه فِي مُدَّة مقَامه بالإسكندرية وَهِي أَربع وَسِتُّونَ سنة مَا خرج إِلَى بُسْتَان وَلَا فُرْجَة غير مرّة وَاحِدَة بل كَانَ عَامَّة دهره ملازما مدرسته وَمَا كُنَّا نكاد ندخل عَلَيْهِ إِلَّا نرَاهُ مطالعا فِي شَيْء
وَكَانَ حَلِيمًا متحملا كفاء الغرباء
وَقد سَمِعت بعض فضلاء همذان يَقُول السلَفِي أحفظ الْحفاظ
قَالَ عبد الْقَادِر وَكَانَ آمرا بِالْمَعْرُوفِ ناهيا عَن الْمُنكر أَزَال من جواره مُنكرَات كَثِيرَة
وَجَاء جمَاعَة من المقرئين بالألحان فأرادوا أَن يقرءوا فَمَنعهُمْ من ذَلِك وَقَالَ هَذِه الْقِرَاءَة بِدعَة بل اقْرَءُوا ترتيلا
فقرءوا كَمَا أَمرهم
قلت الْقِرَاءَة بالألحان جَائِزَة مَا لم يفرط بِحَيْثُ يزِيد حرفا أَو ينقص حرفا
وَقَالَ ابْن نقطة فِي السلَفِي كَانَ حَافِظًا ثِقَة جوالا فِي الْآفَاق سآلا عَن أَحْوَال الرِّجَال شجاعا
سمع الذهلي والمؤتمن السَّاجِي وَأَبا عَليّ البرداني وَأَبا الْغَنَائِم النَّرْسِي وخميسا الْحَوْزِيِّ

وحَدثني عَنهُ عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ الْحَافِظ قَالَ لما أَرَادوا قِرَاءَة سنَن النَّسَائِيّ على السلَفِي أَتَوْهُ بنسخة سعد الْخَيْر وَهِي مصححة قد سَمعهَا من الدوني فَقَالَ اسْمِي فِيهَا
فَقَالُوا لَا
فاجتذبها من يَد القارىء بغيظ وَقَالَ لَا أحدث إِلَّا من أصل فِيهِ اسْمِي وَلم يحدث بِالْكتاب
وَقَالَ لي عبد الْعَظِيم إِن أَبَا الْحسن الْمَقْدِسِي قَالَ حفظت أَسمَاء وكنى وَجئْت إِلَى السلفى وذاكراته بهَا فَجعل يذكرهَا من حفظه وَمَا قَالَ لي أَحْسَنت
وَقَالَ مَا هَذَا شَيْء مليح أَنا شيخ كَبِير فِي هَذِه الْبَلدة هَذِه السنين لَا يذاكرني أحد وحفظي هَكَذَا
انْتهى
ويحكى عَن السلَفِي أَنه كَانَ إِذا اشْتَدَّ الطلق بِامْرَأَة جَاءَ أَهلهَا إِلَيْهِ فَكتب لَهُم ورقة تعلق عَلَيْهَا فتخلص بِإِذن الله تَعَالَى وَلَا يعلم مَا يكْتب فِيهَا ثمَّ كشف عَن ذَلِك فَإِذا هُوَ يكْتب فِيهَا اللَّهُمَّ إِنَّهُم ظنُّوا بِنَا خيرا فَلَا تخيبنا وَلَا تكذب ظنهم
وَكَانَ السلَفِي مغرى بِجمع الْكتب حصل مِنْهَا الْكثير وَكتب بِخَطِّهِ لَا سِيمَا من الْأَجْزَاء مَا لَا يعد كَثْرَة

توفّي صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة الْخَامِس من شهر ربيع الآخر سنة سِتّ وَسبعين وَخَمْسمِائة فَجْأَة وَله مائَة وست سِنِين على مَا يظْهر
وَلم يزل يقْرَأ عَلَيْهِ الحَدِيث إِلَى أَن غربت الشَّمْس من لَيْلَة وَفَاته وَهُوَ يرد على القارىء اللّحن الْخَفي وَصلى يَوْم الْجُمُعَة الصُّبْح عِنْد انفجار الْفجْر وَتُوفِّي عقيبة فَجْأَة
وَمن شعره رَحمَه الله تَعَالَى
قَالَ أَبُو شامة سَمِعت الإِمَام علم الدّين السخاوي يَقُول سَمِعت أَبَا طَاهِر السلَفِي يَوْمًا ينشد لنَفسِهِ شعرًا قَالَه قَدِيما وَهُوَ
(أَنا من أهل الحَدِيث ... وهم خير فِئَة)
(جزت تسعين وَأَرْجُو ... أَن أجوزن الْمِائَة)
فَقيل لَهُ قد حقق الله رجاءك
فَعلمت أَنه قد جَاوز الْمِائَة وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَخَمْسمِائة
كتبت إِلَى زَيْنَب بنت الْكَمَال وَأحمد بن عَليّ الْجَزرِي وَفَاطِمَة بنت أبي عمر عَن مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي عَن السلَفِي رَحمَه الله
(لَيْسَ حسن الحَدِيث قرب رجال ... عِنْد أَرْبَاب علمه النقاد)
(بل علو الحَدِيث عِنْد أولى الإتقان ... وَالْحِفْظ صِحَة الْإِسْنَاد)
(فَإِذا مَا تجمعَا فِي حَدِيث ... فاغتنمه فَذَاك أقْصَى المُرَاد)

وَبِالْإِسْنَادِ قَالَ
(ضل المجسم والمعطل مثله ... عَن مَنْهَج الْحق الْمُبين ضلالا)
(وأتى أماثلهم بنكر لارعوا ... من معشر قد حاولوا الإشكالا)
(وغدوا يقيسون الْأُمُور برأيهم ... ويدلسون على الورى الأقوالا)
(فالأولون تعدوا الْحق الَّذِي ... قد حد فِي وصف الْإِلَه تَعَالَى)
(وتصوروه صُورَة من جنسنا ... جسما وَلَيْسَ الله عز مِثَالا)
(وَالْآخرُونَ فعطلوا مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن ... أقبح بالمقال مقَالا)
(وأبوا حَدِيث الْمُصْطَفى أَن يقبلُوا ... ورأوه حَشْوًا لَا يُفِيد منالا)
وَبِالْإِسْنَادِ أَيْضا
(غرضي من الدُّنْيَا صديق ... لي صَدُوق فِي المقه)
(يرْعَى الْجَمِيل وعينه ... عَن كل عيب مطرقه)
(وَإِذا تغير من تغير ... كنت مِنْهُ على ثقه)
ذكر استفتاء وَقع فِي زمَان الْحَافِظ أبي طَاهِر
وَمن نبأ هَذِه الْفتيا أَن الْيَهُود قبحهم الله رفعوا قصَّة إِلَى السُّلْطَان صَلَاح الدّين

رَحمَه الله أنهوا فِيهَا أَن عَادَتهم لم تزل بِحمْل أُمُورهم على مَا يرَاهُ مقدم شريعتهم فهم يتحاكمون إِلَيْهِ ويتوارثون على حسب شرعهم من غير أَن يعترضهم فِي ذَلِك معترض وَإِن كَانَ فِي الْوَرَثَة صَغِير أَو غَائِب كَانَ المحتاط على نصِيبه مقدمهم وسؤالهم حمل الْأَمر على الْعَادة
فَكتب السُّلْطَان مَا نَصه ليذكر السَّادة الْأَئِمَّة وفقهم الله مَا عِنْدهم على مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا
فَكتب أَبُو طَاهِر بن عَوْف الإسكندري وَجَمَاعَة مالكية مَا عِنْدهم
وَكتب الْحَافِظ أَبُو طَاهِر السلَفِي مَا نَصه الحكم بَين أهل الذِّمَّة إِلَى حاكمهم إِذا كَانَ مرضيا بِاتِّفَاق مِنْهُم كلهم وَلَيْسَ لحَاكم الْمُسلمين النّظر فِي ذَلِك إِلَّا إِذا أَتَاهُ الْفَرِيقَانِ وَهُوَ إِذا مُخَيّر كَمَا فِي التَّنْزِيل {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} وَأما مَال الْغَائِب والطفل فَهُوَ مَرْدُود إِلَى حاكمهم وَلَيْسَ لحَاكم الْمُسلمين فِيهِ نظر إِلَّا بعد جرحه بِبَيِّنَة عَلَيْهِ وجباية ظَاهِرَة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
وَكتبه أَحْمد بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ
قلت وَقد ذكر الإِمَام الشَّيْخ الْوَالِد رَحمَه الله هَذِه الْفتيا فِي كِتَابه الْمُسَمّى كشف الْغُمَّة فِي مِيرَاث أهل الذِّمَّة وَحكى خطوط الْجَمَاعَة كلهم وَذكر أَنه وقف عَلَيْهِ أحضرهُ لَهُ بعض الْيَهُود ليستفتيه فِي هَذَا الْمَعْنى

قَالَ الْوَالِد فَإِن كَانُوا زوروه فهم عريقون فِي التزوير وَإِلَّا فنتكلم عَلَيْهِ
ثمَّ تكلم على كَلَام وَاحِد وَاحِد إِلَى أَن انْتهى إِلَى السلَفِي فَقَالَ وَأما السلَفِي فَهُوَ مُحدث جليل وحافظ كَبِير وَمَاله وللفتوى وَمَا رَأَيْت لَهُ قطّ فَتْوَى غير هَذِه وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يكْتب فَإِن لكل عمل رجَالًا
وَقَوله يتَخَيَّر الْحَاكِم فِي الحكم بَينهم هُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَلَعَلَّه لما كَانَ مُقيما بالإسكندرية وَلَيْسَ فِيهَا إِذْ ذَاك إِلَّا مَذْهَب مَالك وَنَظره فِي الْفِقْه قَلِيل أَو مَفْقُود اعْتقد أَن الرَّاجِح عِنْد الشَّافِعِيَّة التَّخْيِير كالمالكية وَالصَّحِيح عِنْد الشَّافِعِيَّة وجوب الحكم لقَوْله تَعَالَى {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله}
وَقَوله فِي مَال الْغَائِب والطفل لَعَلَّه تَقْيِيد وَحسن ظن بِمن قَالَه من الْمَالِكِيَّة أما الشَّافِعِيَّة الَّذين هُوَ متمذهب بمذهبهم فَلم يقل بِهِ أحد مِنْهُم
انْتهى وَسبب تصنيف الْوَالِد رَحمَه الله هَذَا الْكتاب أَنه وَردت عَلَيْهِ فتيا فِي ذمى مَاتَ عَن زَوْجَة وَثَلَاث بَنَات هَل لوكيل بَيت المَال أَن يَدعِي بِمَا يقي عَن ثمن الزَّوْجَة وثلثي الْبَنَات فيأ لبيت مَال الْمُسلمين وَيحكم القَاضِي بذلك
فَكتب أَن لَهُ ذَلِك وصنف فِيهِ الْكتاب الْمَذْكُور
وَذكر فِيهِ أَن الاستفتاء رفع إِلَى الشَّيْخ زين الدّين بن الكتناني على صُورَة أُخْرَى وَهِي ذمِّي مَاتَ وَخلف وَرَثَة يستوعبون مِيرَاثه على مُقْتَضى شرعهم فَأَرَادَ وَكيل بَيت المَال التَّعَرُّض لَهُم فَكتب ابْن الكتناني لَيْسَ لوكيل بَيت المَال التَّعَرُّض وَالْحَالة هَذِه

قَالَ الشَّيْخ الإِمَام فَإِن كَانَ مُسْتَند ابْن الكتناني الرَّد أَو تَوْرِيث ذَوي الْأَرْحَام فَهُوَ لم يذكر لَهُ فِي السُّؤَال تعْيين الْوَرَثَة بل قَالُوا على مُقْتَضى شريعتهم وحاروا أَن يَكُونُوا يرَوْنَ تَوْرِيث ورثته واستيعابهم مِمَّن يجمع الْمُسلمُونَ على عدم توريثهم
وَإِن كَانَ مُسْتَنده فَسَاد بَيت المَال فالمتأخرون إِنَّمَا قَالُوا ذَلِك فِي الرَّد وَذَوي الْأَرْحَام وَهُوَ لم يسْأَل عَن ذَلِك بل أطلق السَّائِل سُؤَاله فَشَمَلَ ذَلِك وَغَيره
وَإِن كَانَ مُسْتَنده تقريرهم على مُقْتَضى شرعهم فَلَيْسَ لَهُ سلف من الشَّافِعِيَّة يَقُول بِهِ
قَالَ فَجَوَابه خطأ على كل تَقْدِير يفْرض
قَالَ وَحَضَرت إِلَى فتيا عَلَيْهَا خطوط أَرْبَعَة من الشاميين بِالْحملِ على مُقْتَضى مواريثهم
قَالَ وَهُوَ إِطْلَاق لَا يُمكن حمله على وَجه من وُجُوه الصَّوَاب إِلَّا بِأَن يُرَاد إِذا خلف وَرَثَة مستوعبين بِمُقْتَضى شَرِيعَة الْإِسْلَام وَلم يترافعوا إِلَيْنَا فَلَا نتعرض لَهُم فِي قسمتهم وَإِطْلَاق تِلْكَ الْفَتَاوَى وَإِرَادَة هَذِه الصُّورَة الْخَاصَّة خطأ وتجهيل وإغراء بِالْجَهْلِ

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي

 

 

 

 

الحافظ أَبو طاهر، أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم سلفة الأصبهاني، أحد الحفاظ المكثرين.
رحل في طلب الحديث، ولقي أعيان المشايخ، وكان شافعي المذهب، ورد بغداد، واشتغل بها على الكيا أبي الحسن علي الهرَّاسي في الفقه، وعلى الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي باللغة، وروى عن أبي محمد جعفر بن السراج وغيره من الأئمة الأماثل، وجاب البلاد، وطاف الآفاق، ودخل ثغر الإسكندرية سنة 511 في ذي القعدة، وكان قدومه إليه في البحر من مدينة صور، وأقام به، وقصده الناس من الأماكن البعيدة، وسمعوا عليه، وانتفعوا به، ولم يكن في آخر عمره مثله.
وبنى له العادل أَبو الحسن، عليُّ بن السلار وزيرُ الظافر العبيدي صاحبِ مصر في سنة 546 مدرسةً بالثغر المذكور، وفوضها إليه، وهي معروفة به إلى الآن.
قال ابن خلكان: وأدركت جماعة من أصحابه بالشام والديار المصرية، وسمعت عليهم، وأجازوني، وأماليه وتعاليقه كثيرة؛ والاختصار بالمختصر أولى.
وكانت ولادته سنة 472 تقريبًا بأصبهان، وتوفي ضحوة نهار الجمعة، وقيل: ليلة الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة 576 بثغر الإسكندرية، ودفن في وعلة، وهي مقبرة داخل السور عندا الباب الأخضر، فيها جماعة من الصالحين؛ كالطرطوشي، وغيره.
قلت: وجدت العلماء المحدِّثين بالديار المصرية، من جملتهم الحافظُ زكي الدين أَبو محمد، عبد العظيم بن عبد القوي المنذري محدثُ مصرَ في زمانه يقولون في مولد الحافظ السلفي هذه المقالة، ثم وجدت في كتاب "زهر الرياض المفصح عن المقاصد والأغراض" تأليف الشيخ جمال الدين أبي القاسم، عبدِ الرحمن بن أبي الفضل، عبد المجيد بن إسماعيل بن حفص الصفراوي الاسكندري: أن الحافظ أبا طاهر السلفيَّ المذكور، وهو شيخه، كان يقول: مولدي بالتخمين - لا باليقين - سنة 478، فيكون مبلغ عمره على مقتضى ذلك ثمانيا وتسعين سنة. هذا آخر ما قاله الصفراوي المذكور.
ورأيت في تاريخ الحافظ محب الدين محمد بن محمود، المعروف بابن النجار البغدادي، ما يدل على صحة ما قاله الصفراوي، وهو تلميذه، مع أننا ما علمنا أن أحدًا منذ ثلاث مئة سنة إلى الآن بلغ المئة، فضلًا عن أنه زاد عليها، سوى القاضي أبي الطيب، طاهرِ بنِ عبد الله الطبري؛ فإنه عاش مئة سنة وسنتين، ونسبته إلى جده إبراهيم.
سِلَفَةَ - بكسر السين المهملة وفتح اللام والفاء وفي آخره الهاء -، وهو لفظ عجمي، ومعناه بالعربي: ثلاث شفاه؛ لأن شفته الواحدة كانت مشقوقة، فصارت مثل شفتين غير الأخرى الأصلية، والأصل فيه سلبه - بالباء -، فابدلت بالفاء.

التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.