الحسين بن علي الطبري

تاريخ الولادة418 هـ
تاريخ الوفاة498 هـ
العمر80 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةمكة المكرمة - الحجاز
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز

نبذة

صَاحب الْعدة الْمَوْضُوعَة شرحا على إبانة الفوراني إِمَام كَبِير تفقه على نَاصِر الْعمريّ بخراسان وعَلى القَاضِي أبي الطّيب بِبَغْدَاد صَغِيرا ولازم بعده الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وبرع وَصَارَ من عُظَمَاء أَصْحَابه ودرس بالنظامية بعد أبي الْقَاسِم الدبوسي مُنْفَردا ثمَّ اشْترك فِيهَا مَعَ أبي مُحَمَّد الفامي فَكَانَ يدرس كل مِنْهُمَا يَوْمًا إِلَى أَن قدم الْغَزالِيّ فعزلا جَمِيعًا بِهِ إِلَى أَن ترك الْغَزالِيّ تدريسها فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة فأعيد صَاحب الْعدة إِلَى التدريس

الترجمة

 الْحُسَيْن بن عَليّ الطَّبَرِيّ

صَاحب الْعدة الْمَوْضُوعَة شرحا على إبانة الفوراني
إِمَام كَبِير تفقه على نَاصِر الْعمريّ بخراسان
وعَلى القَاضِي أبي الطّيب بِبَغْدَاد صَغِيرا ولازم بعده الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وبرع وَصَارَ من عُظَمَاء أَصْحَابه
ودرس بالنظامية بعد أبي الْقَاسِم الدبوسي مُنْفَردا ثمَّ اشْترك فِيهَا مَعَ أبي مُحَمَّد الفامي فَكَانَ يدرس كل مِنْهُمَا يَوْمًا إِلَى أَن قدم الْغَزالِيّ فعزلا جَمِيعًا بِهِ إِلَى أَن ترك الْغَزالِيّ تدريسها فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة فأعيد صَاحب الْعدة إِلَى التدريس
وَكَانَ إِمَامًا كَبِيرا أشعري العقيدة جرت بَينه وَبَين الْحَنَابِلَة الْقَائِلين بالحرف وَالصَّوْت خطوب
وَسمع الحَدِيث من القَاضِي أبي الطّيب وَالشَّيْخ أبي إِسْحَاق وَغَيرهمَا
وَسمع صَحِيح مُسلم من عبد الغافر الْفَارِسِي
روى عَنهُ إِسْمَاعِيل الْحَافِظ والسلفي وَآخَرُونَ
وجاور بِمَكَّة وَصَارَ لَهُ بهَا أعقاب وَأَوْلَاد
وَالْأَقْرَب أَنه توفّي سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة لَا أَدْرِي بِمَكَّة أم بأصبهان

وَهَذَا الَّذِي ذكرته فِي تَرْجَمته ملخص من اخْتِلَاف كثير وَقع نبهت عَلَيْهِ فِي الطَّبَقَات الْوُسْطَى واقتصرت هُنَا على مَا وَقع لي أَنه الصَّوَاب

وَمن الْمسَائِل والغرائب عَنهُ
مَسْأَلَة تعمد الْكَذِب هَل هُوَ من الصَّغَائِر أَو الْكَبَائِر حَتَّى ترد الشَّهَادَة بالمرة الْوَاحِدَة مِنْهُ هَذِه الْمَسْأَلَة قد استبهم عَليّ وَجه النَّقْل فِيهَا فقضية مَا وجدته فِي أَكثر الْكتب أَي كتب الْمُتَقَدِّمين من أَصْحَابنَا يشْهد لكَونه كَبِيرَة وَقَضِيَّة مَا وجدته فِي أَكثر كتب الْمُتَأَخِّرين يشْهد لكَونه صَغِيرَة وَالنَّفس إِلَى الأول أميل لِكَثْرَة الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي التحذير مِنْهُ
وَقد جمعت فِي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِيهِ مَجْلِسا جَامعا وَقد لخص الْكَلَام بكذب فِيهِ ضَرَر وَأما مَا لَا ضَرَر فِيهِ وَفِيه غَرَض صَحِيح فَلَا يخفى لِخُرُوجِهِ عَن الْمعْصِيَة مُطلقًا
وَأما مَا لَا غَرَض فِيهِ صَحِيح وَلَا ضَرَر فقد يُقَال إِنَّه صَغِيرَة وَلكنه مسْقط للمروءة فَترد بِهِ الشَّهَادَة من هَذَا الْوَجْه وَقد يُقَال بل مَا فِيهِ ضَرَر كَبِيرَة وَمَا لَا ضَرَر فِيهِ مَوضِع النّظر فِي أَنه كَبِيرَة أم صَغِيرَة
وَبِالْجُمْلَةِ الْكَلَام فِي الْكَذِب من حَيْثُ هُوَ كذب ذكر الرَّافِعِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات أَن صَاحب الْعدة عد من الصَّغَائِر الْكَذِب الَّذِي لَا حد فِيهِ وَلَا ضَرَر وَسكت عَلَيْهِ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ فِي بَاب الرَّهْن وَفِي الْبَاب الرَّابِع فِي النزاع وَلَو زعم كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنه مَا رهن نصِيبه وَأَن شَرِيكه رهن وَشهد عَلَيْهِ فَوَجْهَانِ وَيُقَال قَولَانِ أَحدهمَا وَبِه قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد أَنه لَا تقبل شَهَادَة وَاحِد مِنْهُمَا لِأَن الْمُدَّعِي يزْعم أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا كَاذِب ظَالِم بالجحود وَطعن الْمَشْهُود لَهُ فِي الشَّاهِد يمْنَع قبُول شَهَادَته

وَالثَّانِي تقبل وَبِه قَالَ الْأَكْثَرُونَ لِأَنَّهُمَا رُبمَا نسيا وَإِن تعمدا فالكذبة الْوَاحِدَة لَا توجب الْفسق وَلِهَذَا لَو تخاصم رجلَانِ فِي شَيْء ثمَّ شَهدا فِي حَادِثَة تقبل شَهَادَتهمَا وَإِن كَانَ أَحدهمَا كَاذِبًا فِي ذَلِك التخاصم
انْتهى
وَقَالَ فِي كتاب الشَّهَادَات بعد كَلَامه الْمُتَقَدّم فِيمَن يمدح النَّاس ويطري إِذا كَانَ كذبا مَحْضا
عَامَّة الْأَصْحَاب وَهُوَ ظَاهر كَلَام الشَّافِعِي أَنه كَسَائِر أَنْوَاع الْكَذِب حَتَّى إِذا أَكثر مِنْهُ ردَّتْ شَهَادَته كَمَا إِذا أَكثر الْكَذِب فِي غير الشّعْر
وَعَن الْقفال والصيدلاني لَا يلْتَحق بِالْكَذِبِ لِأَن الْكَاذِب يرى الْكَذِب صدقا ويروجه وَلَيْسَ غَرَض الشَّاعِر أَن يصدق فِي شعره وَإِنَّمَا هُوَ صناعَة وعَلى هَذَا فَلَا فرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير وَهَذَا حسن بَالغ
انْتهى
وَلست على ثِقَة بِأَن قَوْله حَتَّى إِذا أَكثر مِنْهُ ردَّتْ شَهَادَته إِلَى آخِره من منقوله عَن عَامَّة الْأَصْحَاب بل قد يكون زِيَادَة من عِنْده فرعها على قَول الْأَكْثَرين أَنه كَسَائِر أَنْوَاع الْكَذِب فَلَمَّا كَانَ فِي ذهنه مَعَ ذَلِك أَن سَائِر أَنْوَاع الْكَذِب يفرق بَين قَلِيله وَكَثِيره ذكر هَذِه الزِّيَادَة
كَذَا أَحسب
وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر فرع
لَو كذب عَن قصد ردَّتْ شَهَادَته وَإِن لم يكن فِيمَا يَقُوله من الْكَذِب ضَرَر على غَيره من نميمة أَو بهتان لِأَن الْكَذِب حرَام بِكُل حَال
قَالَ الْقفال إِلَّا أَن يَقُول ذَلِك على مَذْهَب الْكتاب وَالشعرَاء وَفِي الْمُبَالغَة فِي الْكَلَام مثل أَن يشبه الرجل فِي الشجَاعَة بالأسد وَلَعَلَّه من أجبن النَّاس وبالبدر حسنا
وَإِنَّمَا يعد تنزيلنا للْكَلَام وَهُوَ بِمَنْزِلَة لَغْو الْيَمين لَا حكم لَهُ
وَقد روى مُوسَى بن شيبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبطل شَهَادَة رجل من كذبة كذبهَا
وَهَذَا مُرْسل
انْتهى لفظ الْبَحْر

وَبِه تبين أَيْضا أَن قَول الرَّافِعِيّ وعَلى هَذَا لَا فرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير بحث مِنْهُ وَلَيْسَ هُوَ من كَلَام الْقفال والصيدلاني لِأَن الْقفال أطلق القَوْل وَلم يبين تعميمه وَقد يفرق مَعَ ذَلِك بَين الْقَلِيل وَالْكثير فَلْينْظر من هَذَا مَسْأَلَة إِدْخَال المجانين وَالصغَار الْمَسْجِد
ذكر الرَّافِعِيّ عَن صَاحب الْعدة ساكتا عَلَيْهِ أَنه عد من صغَار الذُّنُوب إِدْخَال الصغار والمجانين والنجاسات الْمَسْجِد
فَأَما النَّجَاسَات فَوَاضِح كَونه مَعْصِيّة وَأما إِدْخَال الصغار والمجانين فَلَعَلَّ المُرَاد إدخالهم مَعَ الْغَفْلَة عَنْهُم بِحَيْثُ لَا يُؤمن أذاهم فِي الْمَسْجِد وَإِلَّا فمجرد إدخالهم لَا يظْهر تَحْرِيمه
عد فِي الْعدة أَيْضا التغوط فِي طَرِيق الْمُسلمين وكشف الْعَوْرَة فِي الْحمام من صغائر الذُّنُوب كَمَا نَقله عَنهُ الرَّافِعِيّ ساكتا عَلَيْهِ فرع من بَاب صول الْفَحْل
قَالَ صَاحب الْعدة فِيهَا فِي الْبَاب الثَّانِي من أَبْوَاب ثَلَاثَة عقدهَا فِي الضمانات وَهُوَ بَاب صول الْفَحْل مَا نَصه فَإِن قطع يَد رجل عِنْد الْقَصْد فَلَمَّا تولى تبعه وَقَتله كَانَ لوَلِيِّه الْقصاص فِي النَّفس لِأَنَّهُ حِين ولى عَنهُ لم يكن لَهُ أَن يقْتله ولورثة الْمَقْصُود أَن يرجِعوا فِي تَركه القاصد بِنصْف الدِّيَة لِأَن الْقصاص سقط عَنهُ بهلاكه
وَهُوَ صَحِيح وَالضَّمِير فِي قَوْله قطع عَائِد على القاصد وَفِي تبعه عَائِد على الْمَقْصُود
إِلَى أَن قَالَ الصَّائِل قطع يَد رجل صيالا ثمَّ تولى فَتَبِعَهُ الْمَقْطُوع الْمَقْصُود فَقتله فورثه الْمَقْتُول وَهُوَ الصَّائِل ترجع على وَرَثَة الْمَقْطُوع وَهُوَ المصول عَلَيْهِ ابْتِدَاء بِالْقصاصِ وَترجع وَرَثَة الْمَقْطُوع إِذا قتل قصاصا على وَرَثَة الْمَقْتُول بِنصْف الدِّيَة ليد مُورثهم المقطوعة ظلما بالصيال
فَهَذَا صَحِيح وَقد نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الْأُم فَقَالَ قبل مَا جَاءَ فِي الرجل يقتل ابْنه من جراح الْعمد مَا نَصه وَلَو شهدُوا أَنه أقبل إِلَيْهِ فِي صحراء بسلاح فَضَربهُ فَقطع يَدي الَّذِي ارْتَدَّ ثمَّ ولى عَنهُ فأدركه فذبحه أقدته مِنْهُ وضمنت الْمَقْتُول دِيَة يَدي الْقَاتِل اهـ
وَالْمَسْأَلَة من مشهورات المنصوصات وَقد وَقع فِيهَا شَيْء عَجِيب وَذَلِكَ أَن صَاحب الْبَيَان فهم أَن الْمَقْطُوع هُوَ الْمَقْتُول وَهُوَ الصَّائِل فَاعْترضَ باعتراض صَحِيح لَو كَانَ الْأَمر على مَا فهمه وَتَبعهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ رحمهمَا الله وَهَذِه عبارَة الْبَيَان وَإِن قَصده فَقطع يَده فولى عَنهُ ثمَّ تبعه فَقتله كَانَ لوَلِيِّه الْقصاص فِي النَّفس لِأَنَّهُ لما ولى عَنهُ لم يكن لَهُ قَتله
قَالَ فِي الْعدة ولورثة الْمَقْصُود أَن يرجِعوا فِي تَرِكَة القاصد بِنصْف الدِّيَة لِأَن الْقصاص سقط عَنهُ بهلاكه وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَب أَنهم لَا يرجعُونَ بِشَيْء كَمَا لَو اقْتصّ مِنْهُ فَقطع يَده ثمَّ قَتله فَلِأَن النَّفس لَا تنقص بِنُقْصَان الْيَد وَلِهَذَا لَو قتل رجل لَهُ يدان رجلا لَيْسَ لَهُ إِلَّا يَد وَاحِدَة قتل بِهِ وَلَا شَيْء لوَرَثَة الْقَاتِل اهـ لَفظه
والاعتراض ناشىء عَن فهمه أَن الْمَقْطُوع يَده هُوَ الصَّائِل وَتَبعهُ الرَّافِعِيّ وَاقْتصر على عزو الْمَسْأَلَة إِلَى الْبَيَان وَصرح بِأَن الْمَقْطُوع يَده هُوَ الصَّائِل فَقَالَ وَفِي الْبَيَان أَنه لَو قطع يَد الصَّائِل فِي الدّفع إِلَى آخر كَلَام الْبَيَان وَسكت عَلَيْهِ وَتَبعهُ النَّوَوِيّ وهما معذوران وَلَو نظرا النَّص لقالا وَلَو قطع يَد المصول عَلَيْهِ وتعلما أَن اعْتِرَاض العمراني فِي الْبَيَان ناشىء عَن تَصْوِير الْمَسْأَلَة على غير وَجههَا

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي

 

الإِمَامُ، مُفْتِي مَكَّة وَمُحَدِّثُهَا، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الطَّبَرِيّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ بآمُلَ، سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ "صَحِيْح مُسْلِم" مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ الفَارِسِيّ، وَرَوَاهُ مَرَّاتٍ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي حَفْصٍ بنِ مَسْرُوْر، وَأَبِي عُثْمَانَ الصَّابونِي، وَنَاصِر العُمَرِيّ -وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ- وَكَرِيْمَةَ المَرْوَزِيَّة، وَلَهُ أَعقَابٌ بِمَكَّةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيُّ، ورزين العبدري، والقاضي أبو بكر بن العربي، ووجيه الشحامي، وأحمند بنُ مُحَمَّدٍ العَبَّاسِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَخَلْق.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الشَّافعيَّةِ، وَيُدعَى بِإِمَامِ الحَرَمَيْنِ، تَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَة بِمَكَّةَ.
تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ، فِي شَعْبَانَ، سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.