سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي الكوفي أبي محمد

الأعمش

تاريخ الولادة61 هـ
تاريخ الوفاة148 هـ
العمر87 سنة
مكان الولادةطبرستان - إيران
مكان الوفاةالكوفة - العراق
أماكن الإقامة
  • الكوفة - العراق

نبذة

الإمام الأعمش من أعلام السلف وعلمائهم وأئمتهم الإمام الأعمش رحمه الله الذي رفعه الله بالعلم، حتى لقد كان السلاطين أحقر الناس في مجلسه، وقد عرف عنه الدعابة، ومع ذلك كان من أعبد الناس.

الترجمة

الإمام الأعمش
من أعلام السلف وعلمائهم وأئمتهم الإمام الأعمش رحمه الله الذي رفعه الله بالعلم، حتى لقد كان السلاطين أحقر الناس في مجلسه، وقد عرف عنه الدعابة، ومع ذلك كان من أعبد الناس.

بين يدي ترجمة الأعمش رحمه الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: فمع علم جديد من أعلام السلف، وهو من علماء الكوفة ومن صغار التابعين، اسمه سليمان بن مهران الملقب بـ الأعمش، له علم وفضل وملح ونوادر، إمام في القرآن والحديث، لقب بالمصحف لصدقه، وكانوا يصححون مصاحفهم من حفظه، فقد كانت المصاحف تكتب باليد، لكنهم كانوا يصححون مصاحفهم المكتوبة من قراءته.
كان فقيراً من الدنيا ولكنه كان مليئاً من العلم.
قال عيسى بن يونس: ما رأينا الأغنياء والسلاطين في مجلس قط أحقر منهم في مجلس الأعمش، وهو محتاج إلى درهم.
قال أبو نعيم في وصفه: ومنهم الإمام المقرئ الراوي المفتي، كان كثير العمل قصير الأمل، مع ربه راهباً ناسكاً، ومع عباده داعباً ضاحكاً، يعني: إشارة إلى كثرة مزاحه.
سليمان بن مهران الأعمش تتلمذ عليه الأكابر، كـ شعبة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وكان أعلم الناس بحديث عبد الله بن مسعود.
فهو من صغار التابعين، وتتلمذ عليه أئمة كبار أتباع التابعين.
وكان أعلم الناس بحديث عبد الله بن مسعود، رأى أنس بن مالك، ولكنه لم يرو عنه إلا بواسطة، وكانت له عجائب ونوادر وملح سنذكر شيئاً منها في غضون الترجمة، فرحمه الله وسائر الأئمة الأعلام والعلماء الكرام.

نسب الأعمش رحمه الله ومولده وصفته
اسمه: سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم أبو محمد الكوفي الأعمش، وكاهل هو: ابن أسد بن خزيمة، أصله من نواحي الري.
فقيل: ولد بقرية أمه من أعمال طبرستان في إحدى وستين، وقدموا به إلى الكوفة طفلاً، وقيل: حملاً.
صفته: عن ابن عيينة قال: رأيت الأعمش لبس فرواً مقلوباً، وثياباً تسيل خيوطه على رجليه، ثم قال: أرأيتم لولا أني تعلمت العلم من كان يأتيني؟ لو كنت بقالاً كان يقذرني الناس أن يشتروا مني.
فانظروا إلى شرف العلم، وكيف أن العلم يرفع العبد المملوك حتى يجلسه مجالس الملوك، كما ورد في الصحيح: أن عمر بن الخطاب لقى نافع بن الحارث بعسفان، وعسفان ما بين مكة والمدينة، وهي أقرب إلى مكة، وكان قد استخلفه عمر على أهل الوادي، فلما لقيه قال: (من استخلفت على أهل الوادي؟ قال: ابن أبزى.
قال: من ابن أبزى؟ قال: رجل من موالينا -والمولى يطلق على العبد، ويطلق على العبد الذي أعتق - فقال: رجل من موالينا، فقال عمر رضي الله عنه: استخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض، فقال عمر رضي الله عنه: ألا إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين).
وعن أبي بكر بن عياش قال: رأيت الأعمش يلبس قميصاً مقلوباً فيقول: الناس مجانين، يلبسون الخشن مقابل جلودهم.
وعن أبي هشام قال: سمعت عمي يقول: قال عيسى بن موسى لـ ابن أبي ليلى: اجمع الفقهاء.
كان عيسى بن موسى أميراً، فأمر ابن أبي ليلى أن يجمع الفقهاء فجمعهم، فجاء الأعمش في جبة فرو وقد ربط وسطه بشريط فأبطئوا، فقام الأعمش فقال: إن أردتم أن تعطونا شيئاً وإلا فخلوا سبيلنا، فقال: يا ابن أبي ليلى! قلت لك تأتي بالفقهاء تجيء بهذا؟ قال: هذا سيدنا الأعمش.

 

ثناء العلماء على الأعمش رحمه الله
قال أحمد بن عبد الله العجلي: الأعمش ثبت، وكان محدث الكوفة في زمانه.
ويقال: إنه كان له أربعة آلاف حديث، ولم يكن له كتاب، أي: كان ضبطه ضبط صدر وليس ضبط كتاب.
قال: وكان يقرأ القرآن وهو رأس فيه، وكان فصيحاً.
وقال عيسى بن يونس: لم نر نحن مثل الأعمش، وما رأيت الأغنياء عند أحد أحقر منهم عنده مع فقره وحاجته.
قال الذهبي: كان عزيز النفس قنوعاً، وله رزق على بيت المال في الشهر خمسة دنانير، قررت له في آخر عمره.
وعن ابن عيينة قال: سبق الأعمش الناس بأربع: كأن أقرأهم للقرآن، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض، وذكر خصلة أخرى.
وقال أحمد: أبو إسحاق والأعمش رجلا أهل الكوفة، يعني: في زمنهم.
وأبو إسحاق هو السبيعي.
وقال محمد بن سعد: وكان الأعمش صاحب قرآن وفرائض وعلم بالحديث، قرأ عليه طلحة بن مصرف القرآن، وكان يقرئ الناس، ثم ترك ذاك في آخر عمره، وكان يقرأ القرآن في كل شعبان على الناس في كل يوم شيئاً معلوماً حين كبر وضعف، ويحضرون مصاحفهم فيعرضونها ويصلحونها على قراءته.
وعن عيسى بن يونس قال: ما رأينا في زماننا مثل الأعمش، ولا الطبقة الذين كانوا قبلنا، وما رأينا الأغنياء والسلاطين في مجلس قط أحقر منهم في مجلس الأعمش، وهو محتاج إلى درهم.
وكان القاسم بن عبد الرحمن يقول: ليس أحد أعلم بحديث عبد الله من الأعمش.
وذلك لأن عبد الله بن مسعود سكن الكوفة، وكان الأعمش من علماء الكوفة، فكان أعلم الناس بحديث عبد الله بن مسعود.
وعن ضرار بن صرد قال: ما كان هذا العلم إلا في العرب وأشراف الملوك.
فقال له رجل من جلسائه: وأي نبل كان في الأعمش؟ قال شريك: أما لو رأيت الأعمش ومعه لحم يحمله وسفيان الثوري عن يمينه وشريك عن يساره، وكلاهما ينازعه حمل اللحم لعلمت أن ثم نبلاً كثيراً.
وعن إسحاق بن راشد قال: قال لي الزهري: وبالعراق أحد يحدث؟ قلت: نعم.
قلت له: هل لك أن آتيك بحديث بعضهم؟ فقال لي: نعم.
فجئته بحديث سليمان الأعمش، فجعل ينظر فيها ويقول: ما ظننت أن بالعراق من يحدث مثل هذا؟ قال: قلت: وأزيدك؟ هو من مواليهم.
وقال علي بن المديني: حفظ العلم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ستة، فلأهل مكة عمرو بن دينار، ولأهل المدينة ابن شهاب الزهري، ولأهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي وسليمان بن مهران، ولأهل البصرة يحيى بن أبي كثير وقتادة.
وقال شعبة: ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش.
وقال عبد الله بن داود الخريبي: سمعت شعبة إذا ذكر الأعمش قال: المصحف، المصحف.
وقال عمر بن علي: كان الأعمش يسمى المصحف من صدقه.
وقال محمد بن عمار الموصلي: ليس في المحدثين أثبت من الأعمش ومنصور بن المعتمر، ومنصور أفضل من الأعمش إلا أن الأعمش أعرف بالمسند وأكثر مسنداً منه.

الأعمش والتدليس
قال الذهبي: الأعمش أبو محمد أحد الأئمة الثقات، عداده في صغار التابعين، ما نقموا عليه إلا التدليس.
والتدليس يعني: إخفاء عيب في الحديث، والتدليس على أقسام.
تدليس الشيوخ: وهو أن المشهور بالاسم يذكر بالكنية أو ينسب إلى اسم غير مشهور به حتى يوعر الطريق إلى معرفته.
وهناك تدليس الإسناد وهو: أن يسقط شيخاً ضعيفاً بين ثقتين ويكون هذا الشيخ الذي أسقط هو شيخه الأقرب.
وهناك تدليس آخر يسمى تدليس التسوية وهو: أن يسقط ضعيفاً بين ثقتين ولا يكون هذا الضعيف شيخه الأقرب.
وتدليس التسوية أسوأ أنواع التدليس؛ لأنه يصرح بالتحديث من شيخه فيقول: حدثنا فلان فيكون فلان ثقة، ثم يسقط ضعيفاً في بقية السند فيقول: عن فلان، فيكون الذي أسقط ضعيفاً، والعنعنة أو الأنأنة صيغة توهم السماع وليس فيها تصريح بالسماع؛ ولذلك كان شعبة يقول: كفيتكم تدليس الأعمش، يعني: كان ينظر إلى فمه فإذا قال: حدثنا كتب، وإذا قال عن فلان لم يكتب.
فالحاصل: أن التدليس ليس كذباً، وإنما المدلس يسقط ضعيفاً في السند فيخفي عيباً فيه، ولا يكون الدافع للتدليس هنا دائماً هو الغش أو توعير الطريق إلى معرفة السند، ولكن أحياناً يكون للتجمل، كأن يروي شخص عن شيخ أحاديث كثيرة جداً، فيذكره مرة بالاسم ومرة بالكنية من أجل أن يجمل الحديث، ويكون هذا الشيخ ثقة ليس ضعيفاً، أو أنه يريد أن يوهم أن السند مرتفع، فيسقط شيخه لتقليل عدد الرواة، وعلى هذا لا يكون الدافع للتدليس هو الغش، وقد وقع في التدليس جماعة من كبار الأئمة؛ كـ الأعمش وكـ سفيان الثوري، إذ كان يدلس عن الضعفاء، وكذلك سفيان بن عيينة، ولكن لم يكن يدلس إلا عن ثقة.
قال الإمام الشافعي في الرسالة: من دلس لنا مرة فقد كشف عن عورته في الرواية، فلا نقبل منه إلا التصريح بالسماع.
يعني: الذي ثبت تدليسه لا يقبل منه شيء إلا أن يقول: حدثنا أو أخبرنا، فإذا عنعن أو أنأن في الحديث، كأن يقول: أن فلان أو عن فلان قال كذا، فلا يقبل منه.
قال الذهبي: قال جرير بن عبد الحميد: سمعت مغيرة يقول: أهلك أهل الكوفة أبو إسحاق وأعيمشكم هذا.
كأنه عنى الرواية عمن جاء، وإلا فـ الأعمش عدل صادق ثبت صاحب سنة وقرآن، ويحسن الظن بمن يحدثه ويروي عنه، ولا يمكننا أن نقطع عليه بأنه علم ضعف ذلك الذي يدلسه، فإن هذا حرام.
وقال الذهبي في خاتمة ترجمته في الميزان: وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به، فمتى قال: (حدثنا) فلا كلام، ومتى قال: (عن) تطرق إليه احتمال التدليس، إلا في شيوخ له أكثر عنهم، كـ إبراهيم -يعني: النخعي - وابن أبي وائل وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال.
وقال ابن المديني: الأعمش كان كثير الوهم في أحاديث هؤلاء الضعفاء.

 

عبادة الأعمش رحمه الله تعالى
قال وكيع بن الجراح: كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
وعندما تسمعون عن مزاحه تتعجبون كيف حرصه على العبادة بهذه الطريقة.
وقال عبد الله الخريبي: ما خلف الأعمش أعبد منه.
وعن عبد الرزاق قال: أخبرني بعض أصحابنا: أن الأعمش قام من النوم لحاجة فلم يصب ماءً، فوضع يده على الجدار فتيمم ثم نام، فقيل له في ذلك؟ قال: أخاف أن أموت على غير وضوء.
وعن إبراهيم بن عرعرة قال: سمعت يحيى القطان إذا ذكر الأعمش قال: كان من النساك، وكان محافظاً على الصلاة في الجماعة وعلى الصف الأول، وهو علامة الإسلام، وكان يحيى - يعني: القطان - يلتمس الحائط حتى يقوم في الصف الأول.
وعن أبي نعيم قال: قال عبد السلام: كان الأعمش إذا حدث يتخشع ويعظم العلم.

 

شيوخ الأعمش رحمه الله وتلاميذه
شيوخه: قال الحافظ: روى عن أنس ولم يثبت له منه سماع.
يعني: أنه رآه، ولكنه لم يسمع منه، وإنما روى عنه بواسطة، وعبد الله بن أوفى يقال: مرسل، وزيد بن وهب وأبي وائل وأبي عمرو الشيباني وقيس بن أبي حازم وإسماعيل بن رجاء وأبي صخرة جامع بن شداد وأبي ظبيان بن جندب وخيثمة بن عبد الرحمن الجعفي وسعيد بن عبيدة وأبي حازم الأشجعي وسليمان بن مسهر وطلحة بن مصرف وأبي سفيان طلحة بن نافع وعامر الشعبي وإبراهيم النخعي وعبد الله بن مرة وعبد العزيز بن رفيع وعبد الملك بن عمير وعدي بن ثابت وعمارة بن عمير وعمارة بن القعقاع ومجاهد بن جبر وأبي الضحى ومنذر الثوري وهلال بن يساف وخلق كثير.
قال الحافظ: وعنه -أي: روى عنه- الحكم بن عتيبة وزبيد اليامي وأبو إسحاق السبيعي وهو من شيوخه، وسليمان التيمي وسهيل بن أبي صالح وهو من أقرانه، ومحمد بن واسع وشعبة والسفيانان وإبراهيم بن طهمان وجرير بن حازم وأبو إسحاق الفزاري وإسرائيل وزائدة وأبو بكر بن عياش وشيبان النحوي وعبد الله بن إدريس وابن المبارك وابن نمير والخريبي وعيسى بن يونس وفضيل بن عياض ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي وهشيم وأبو شهاب الحناط وخلائق من أواخرهم أبو نعيم وعبيد الله بن موسى.

ملح من أخبار الأعمش رحمه الله
قال الذهبي: وكان مع جلالته في العلم والفضل صاحب مزاح.
قيل: إنه جاءه أصحاب الحديث يوماً فخرج فقال: لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم.
وسأله داود الحائك: ما تقول يا أبا محمد! في الصلاة خلف الحائك؟ فقال: لا بأس بها على غير وضوء.
قيل: فما تقول في شهادة الحائك؟ قال: تقبل مع عدلين.
وقيل: إن الأعمش كان له ولد مغفل، فقال: اذهب فاشتر لنا حبلاً للغسيل.
فقال: يا أبت! طول كم؟ قال: عشرة أذرع، قال: في عرض كم؟ قال: في عرض مصيبتي فيك.

 

درر من أقوال الأعمش رحمه الله
عن حفص بن غياث قال: سمعت الأعمش يقول: يوشك إن احتبس علي الموت إن وجدته بالثمن اشتريته.
وعن الحسن بن صالح عن الأعمش قال: إنا كنا لنشهد الجنازة فلا ندري من نعزي من حزن القوم.
يعني: من حزن الجميع لا يعرف أهل الميت.
وعن منصور بن أبي الأسود قال: سألت الأعمش عن قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام:129] ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمر عليهم شرارهم.
قال حميد: سمعت أبي يقول: سمعت الأعمش يقول: لا تنثروا اللؤلؤ تحت أظلاف الخنازير، يعني: لا تبذلوا العلم لمن لا يستحقه.
وقيل لـ حفص بن أبي حفص الأبار: رأيت الأعمش؟ قال: نعم، وسمعته يقول: إن الله يرفع بالعلم أو بالقرآن أقواماً ويضع به آخرين، وأنا ممن يرفعني الله به، لولا ذلك لكان على عنقي دم صحن أطوف به في سكك الكوفة.
ومر أنه كان يقول: لو كنت بقالاً لقذرني الناس -يعني: ما أتوه- ومع ذلك كان يذهب إليه الأكابر؛ لما عنده من العلم، وكان الأغنياء أحقر الناس حين يكونون في مجلسه، وهو محتاج إلى درهم.

 

وفاة الأعمش رحمه الله
عن أبي بكر بن عياش قال: دخلت على الأعمش في مرضه الذي توفي فيه، فقلت: أدعو لك الطبيب؟ قال: ما أصنع به؟ لو كانت نفسي معي لطرحتها في الحش، إذا أنا مت فلا تؤذنن بي أحداً، واذهب بي واطرحني في لحدي.
قال الذهبي: يقال: مات الأعمش في ربيع الأول سنة (148هـ) بالكوفة.

من أعلام السلف - أحمد فريد.

 

 

الأعمش
سليمان بن مهران, الإِمَامُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, شَيْخُ المُقْرِئِيْنَ وَالمُحَدِّثِيْنَ, أبي مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ, الكَاهِلِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ, الحَافِظُ. أَصْلُه: مَنْ نَوَاحِي الرَّيِّ. فَقِيْلَ: وُلدَ بِقَرْيَةِ أُمِّهِ مِنْ أَعْمَالِ طَبَرِسْتَانَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ, وَقَدِمُوا بِهِ إِلَى الكُوْفَةِ طِفْلاً. وَقِيْلَ: حِمْلاً.
قَدْ رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَحَكَى عَنْهُ. وَرَوَى: عَنْهُ, وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى عَلَى مَعْنَى التَّدلِيسِ, فَإِنَّ الرَّجُلَ مَعَ إِمَامَتِه كَانَ مُدَلِّساً, وَرَوَى، عَنْ أَبِي وَائِلٍ, وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَمُجَاهِدٍ, وَأَبِي ظَبْيَانَ, وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وزر ابن حُبَيْشٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَكُمَيْلِ بنِ زِيَادٍ, وَالمَعْرُوْرِ بنِ سُوَيْدٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ, وَتَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ الهمدانيو وَعُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ, وَقَيْسِ بنِ أَبِي حازم, ومحمد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ النَّخَعِيِّ, وَهِلاَلِ بنِ يِسَافٍ, وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ سَلْمَانَ, وَأَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَجَاءٍ, وَثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ, وَأَبِي بِشْرٍ, وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ, وَالحَكَمِ, وَذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَزِيَادِ بنِ الحُصَيْنِ, وَسَعِيْدِ بنِ عُبَيْدَةَ, وَالشَّعْبِيِّ, وَالمِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو, وَأَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ, وَأَبِي السَّفْرِ الهَمْدَانِيِّ, وَعَمْرِو بنِ مُرَّةَ, وَيَحْيَى بنِ, وَثَّابٍ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ, وَغَيْرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ, وَأبي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ, وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ, وَعَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ, وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ, وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ, وَسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ, وَأَبَانُ بنُ تَغْلِبَ, وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ -وَهُمْ كُلُّهُم مِنْ أَقْرَانِهِ- وَأبي حَنِيْفَةَ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَشُعْبَةُ, وَمَعْمَرٌ, وَسُفْيَانُ, وَشَيْبَانُ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَزَائِدَةُ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأبي مُعَاوِيَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَوَكِيْعٌ, وَأبي أُسَامَةَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَأَحْمَدُ بنُ بَشِيْرٍ, وَإِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَقُ, وَسَعْدُ بنُ الصَّلْتِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ, وَعَثَّامُ بنُ عَلِيٍّ, وَيَحْيَى بنُ سعيد
الأموي, ويحيى بن سعيد القطان, ويونس ابن بُكَيْرٍ, وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ, وَالخُرَيْبِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى, وَأبي نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. آخِرُهُم وَفَاةً: يَحْيَى بنُ هَاشِمٍ السِّمْسَارُ, أَحَدُ التَّلْفَى. وَقَدْ قرأ القران على: يحيى بن وثاب, مقرىء العِرَاقِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ تَلاَ عَلَى أَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ, وَذَلِكَ مُمْكِنٌ. قَرَأَ عَلَيْهِ: حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ, وَزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ. وَقَرَأَ الكَسَائِيُّ عَلَى زَائِدَةَ بِحُرُوْفِ الأَعْمَشِ. قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَلْفٍ وَثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ. قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ الأَعْمَشُ أَقْرَأَهُم لِكِتَابِ اللهِ, وَأَحْفَظَهُم لِلْحَدِيْثِ, وَأَعْلَمَهُم بِالفَرَائِضِ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: هُوَ عَلاَّمَةُ الإِسْلاَمِ. قَالَ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: كَانَ الأَعْمَشُ قَرِيْباً مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً لَمْ تَفُتْهُ التَّكْبِيْرَةُ الأُوْلَى.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ الخُرَيْبِيُّ: مَا خَلَّفَ الأَعْمَشُ أَعَبْدَ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ الأَعْمَشَ لَبِسَ فَرْواً مَقْلُوْباً, وَبتّاً تَسِيْلُ خُيُوطُه عَلَى رِجْلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتُم لَوْلاَ أَنِّي تَعَلَّمْتُ العِلْمَ, مَنْ كَانَ يَأْتِيْنِي لَوْ كُنْتُ بَقَّالاً؟ كَانَ يَقْدِرُ النَّاسُ أَنْ يَشتَرُوا مِنِّي.
قَالَ أبي نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَانُوا يَقْرَؤُوْنَ عَلَى يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ فَلَمَّا مَاتَ, أَحْدَقُوا بِي.
وَقَالَ أبي أُسَامَةَ: قَالَ الأَعْمَشُ: مَا أَطَفتُم بِأَحَدٍ إلَّا حَمَلْتُمُوْهُ عَلَى الكَذِبِ.
الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: اسْتَعَانَ بِي مَالِكُ بنُ الحَارِثِ فِي حَاجَةٍ, فَجِئْتُ فِي قَبَاءٍ مُخَرَّقٍ, فَقَالَ لِي: لَوْ لَبِسْتَ ثَوْباً غَيْرَه؟ فَقُلْتُ: امْشِ, فَإِنَّمَا حَاجَتُكَ بِيَدِ اللهِ. قَالَ فَجَعَلَ يَقُوْلُ فِي المَسْجِدِ: مَا صِرتُ مَعَ سُلَيْمَانَ إلَّا غُلاَماً.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: سُئِلَ الأَعْمَشُ، عَنْ حَدِيْثٍ, فَامْتَنَعَ, فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى اسْتَخْرَجُوْه مِنْهُ, فَلَمَّا حَدَّثَ بِهِ, ضَرَبَ مَثَلاً, فَقَالَ: جَاءَ قَفَّافٌ1 بِدَرَاهِمَ إِلَى صَيْرَفِيٍّ يُرِيهِ إِيَّاهَا, فَلَمَّا ذَهَبَ يَزِنُهَا, وَجَدَهَا تَنْقُصُ سَبْعِيْنَ, فَقَالَ:
عَجِبْتُ عَجِيْبَةً مِنْ ذِئْبِ سُوْءٍ ... أَصَابَ فَرِيْسَةً مِنْ لَيْثِ غَابِ
فَقَفَّ بِكَفِّهِ سَبْعِيْنَ مِنْهَا ... تَنَقَّاهَا منَ السُّوْدِ الصِّلاَبِ
فَإِنْ أُخْدَعْ فَقَدْ يُخْدَعْ وَيُؤْخَذْ ... عَتِيْقُ الطَّيْرِ من جو السحاب
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ, قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ الأَعْمَشَ, وَعَلَيْهِ فَرْوٌ غَلِيْظٌ وَخُفَّانِ -أَظُنُّه قَالَ: غَلِيْظَانِ -كَأَنَّهُ إِنْسَانٌ سَائِلٌ فَقَالَ يَوْماً: لَوْلاَ القُرْآنُ, وَهَذَا العِلْمُ عِنْدِي, لَكُنْتُ مِنْ بَقَّالِي الكُوْفَةِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ حَبَابَةَ, حَدَّثَنَا أبي القَاسِمِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ, حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُوْسَى, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُجَاهِدٍ فَلَمَّا خَرَجتُ مِنْ عِنْدِه تَبِعَنِي بَعْضُ أَصْحَابِه فَقَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِداً يَقُوْلُ: لَوْ كَانَتْ بِي قُوَّةٌ لاَخْتَلَفْتُ إِلَى هَذَا يَعْنِي الأَعْمَشَ.
وَبِهِ إِلَى البَغَوِيِّ, حَدَّثَنِي أبي سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: انْظُرُوا, لاَ تَنثُرُوا هذه الدنانير على الكنائس.
وَسَمِعْتُه يَقُوْلُ: لاَ تَنثُرُوا اللُّؤْلُؤَ تَحْتَ أَظلاَفِ الخنَازِيْرِ.
وَبِهِ حَدَّثَنِي زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, حَدَّثَنَا أبي سُفْيَانَ الحِمْيَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ حُسَيْنٍ قَالَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ إِلَى بَعْضِ السَّوَادِ, فَأَتَاهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوْهُ، عَنِ الحَدِيْثِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ لَوْ حَدَّثْتَ هَؤُلاَءِ المَسَاكِيْنَ فَقَالَ: مَنْ يُعَلِّقُ الدُّرَّ عَلَى الخَنَازِيْرِ?!.
حَدَّثَنَا أبي سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى إِيَاسِ بنِ مُعَاوِيَةَ بِوَاسِطَ, فَذَكَرَ حَدِيْثاً, فَقُلْتُ: مَنْ ذَكَرَ هَذَا؟ فَضَرَبَ لِي مَثَلَ رَجُلٍ مِنَ الخَوَارِجِ, فَقُلْتُ: أَتَضرِبُ لِي هَذَا المَثَلَ, تُرِيْدُ أَنْ أَكنسَ الطَّرِيْقَ بِثَوْبِي, فَلاَ أَمُرُّ بِبَعرَةٍ, وَلاَ خُنْفُسٍ إلَّا حَمَلْتُهَا?!.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ أَبِي رِبْعِيٍّ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: العَمَالِقَةُ حَرُوْرِيَّةُ بَنِي إِسْرَائِيْلَ.
حَدَّثَنِي زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ: دَخَلَ عَلَيَّ إِبْرَاهِيْمُ يَعُوْدُنِي, وَكَانَ يُمَازِحُنِي, فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ, فَتعرفُ فِي مَنْزِلَةٍ, أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيْمٌ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَيْرٍ, سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ الأَحْمَرَ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَتَبتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَلفَ حَدِيْثٍ.
حَدَّثَنِي أبي سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ, قَالَ لِيَ الأَعْمَشُ: أَمَا تَعجَبُ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبْجَرَ, قَالَ: جَاءنِي رَجُلٌ, فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَمرَضْ, وَأَنَا أَشتَهِي أَنْ أَمرَضَ؟ قَالَ فَقُلْتُ: احْمَدِ اللهَ عَلَى العَافِيَةِ. قَالَ: أَنَا أَشتَهِي أَنْ أَمرَضَ. قَالَ: كُلْ سَمَكاً مَالِحاً, وَاشرَبْ نَبِيذاً مَرِيْساً,

وَاقْعُدْ فِي الشَّمْسِ, وَاسْتَمرِضِ اللهَ. فَجَعَلَ الأَعْمَشُ يَضْحَكُ, وَيَقُوْلُ: كَأَنَّمَا قَالَ لَهُ: وَاسْتَشفِ اللهَ -عز وجل.
حَدَّثَنِي أبي سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا أبي خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ -يَعْنِي: لَمْ يُصَلِّ- تَوَرَّكَه الشَّيْطَانُ, فَبَالَ فِي أُذُنِه. وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ قَدْ سَلَحَ فِي حَلْقِيَ اللَّيْلَةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَسعُلُ.
حَدَّثَنِي صَالِحٌ, حَدَّثَنِي عَلِيٌّ, سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ عَلَى الأَعْمَشِ, فَكَلَّمُوْهُ فِيْهِ وَنَحْنُ قُعُوْدٌ, ثُمَّ خَرَجَ الأَعْمَشُ, وَتَرَكَه فِي البَيْتِ. فَلَمَّا ذَهَبَ, قَالَ الأَعْمَشُ: قُلْتُ لَهُ: شَقِيْقٌ. فَقَالَ: قُلْ: أبي وَائِلٍ. قَالَ: وَقَالَ: زَوِّدْنِي مِنْ حَدِيْثِكَ حَتَّى آتِيَ بِهِ المَدِيْنَةَ. قَالَ: قُلْتُ: صَارَ حَدِيْثِي طَعَاماً. وَكُنْتُ آتِي شَقِيْقَ بنَ سَلَمَةَ, وَبَنُوْ عَمِّه يَلْعَبُوْنَ بِالنَّردِ وَالشَّطرَنْجِ, فَيَقُوْلُ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ, وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ, وَهُم لاَ يَدرُوْنَ فِيْمَ نَحْنُ؟.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الكُوْفِيُّ, أَخْبَرَنَا أبي بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, قَالَ: كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا حَدَّثَ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ, قَالَ: قَدْ جَاءكُم السَّيلُ. يَقُوْلُ أبي بَكْرٍ: وَأَنَا مِثْلُ الأَعْمَشِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الأَعْمَشُ, قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: مَنْ تَأْتِي اليَوْمَ? قُلْتُ: أَبَا وَائِلٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ يُعَدُّ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ. فَقَالَ لِي أبي وَائِلٍ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَنَا؟ فَاعْتَذَرْتُ إِلَيْهِ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا هُوَ بِأَبغَضَ إِلَيَّ أَنْ تَأْتِيَنِي. فَقُلْتُ لَهُ: كَمْ أَكْثَرُ مَنْ كُنْتَ تَرَى عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ? قَالَ: ثَلاَثَةٌ, أَرْبَعَةٌ, اثْنَيْنِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ, أَخْبَرَنَا أبي بَكْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: خَرَجَ مَالِكٌ إِلَى مُتَنَزَّهٍ لَهُ, فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ, فَرَفَعَ رَأْسَه, فَقَالَ: لَئِنْ لَمْ تَكُفَّ, لأُوْذِيَنَّكَ. قَالَ فَأَمْسَكَ المَطَرَ. فَقِيْلَ: لَهُ أَيَّ شَيْءٍ أَرَدْتَ أَنْ تَصْنَعَ قَالَ: أَنْ لاَ أَدَعَ مَنْ يُوَحِّدُهُ إلَّا قَتَلْتهُ فعلمت أن الله يحفظ عبده المؤمن.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ, أَخْبَرَنَا أبي بَكْرٍ قَالَ لِي سُفْيَانُ التَّمَّارُ: أَتَتْنِي أُمُّ الأَعْمَشِ بِهِ فَأَسلَمَتْه إِلَيَّ وَهُوَ غُلاَمٌ فَذَكَرتُ ذَلِكَ لِلأَعْمَشِ فَقَالَ وَيلَ أُمِّه مَا أَكْبَرَهُ.
ابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي "مُعْجَمِهِ": سَمِعْتُ الدَّقِيْقِيَّ, سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ سُلَيْمَانَ, سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: تَزَوَّجَ جِنِّيٌّ إِلَيْنَا, فَقُلْنَا: إِيشْ تَشتَهُوْنَ مِنَ الطَّعَامِ؟ قَالَ الأَرزُ. فَأَتَيْنَا بِالأَرزِ, فَجَعَلتُ أَرَى اللُّقَمَ تُرفَعُ, وَلاَ أَرَى أَحَداً. قُلْتُ: فِيْكُم هَذِهِ الأَهْوَاءُ? قَالَ: نَعَمْ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ, حَدَّثَنَا أبي خَالِدٍ, ذَكَرَ الأَعْمَشُ -يَعْنِي حَدِيْثَ: "ذَاكَ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ" -فَقَالَ: مَا أَرَى عَيْنِي عَمشَتْ إلَّا مِنْ كَثْرَةِ مَا يَبُولُ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيَّ, وَمَا أَظُنَّه فَعَلَ هَذَا قَطُّ.
قُلْتُ: يُرِيْدُ أَنَّ الأَعْمَشَ كَانَ صَاحِبَ لَيْلٍ وَتَعَبُّدٍ.
حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, سَمِعْتُ هُشَيماً يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بِالكُوْفَةِ أَحَداً أَقرَأَ لِكِتَابِ اللهِ وَلاَ أَجْوَدَ حَدِيْثاً مِنَ الأَعْمَشِ, وَلاَ أَفهَمَ وَلاَ أَسرَعَ إِجَابَةً لِمَا يُسْأَلُ عَنْهُ مِنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ, سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَرْعَرَةَ, سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ إِذَا ذَكَرَ الأَعْمَشَ, قَالَ: كَانَ مِنَ النُّسَّاكِ, وَكَانَ مُحَافِظاً عَلَى الصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ, وَعَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ, وَهُوَ عَلاَّمَةُ الإِسْلاَمِ. وَكَانَ يَحْيَى يَلتَمِسُ الحَائِطَ حَتَّى يَقُوْمَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ, أَخْبَرَنَا عَفَّانُ, أَخْبَرَنَا أبي عَوَانَةَ, قَالَ: جَاءَ رَقَبَةُ إِلَى الأَعْمَشِ, فَسَأَلَهُ، عَنْ شَيْءٍ, فَكَلَحَ فِي وَجْهِه. فَقَالَ لَهُ رَقَبَةُ: أَمَا وَاللهِ مَا عَلِمتُكَ لَدَائِمُ القُطُوبِ, سَرِيْعُ المِلاَلِ, مُسْتَخِفٌّ بِحَقِّ الزُّوَّارِ, لَكَأَنَّمَا تُسعطُ الخردل إذا سئلت الحكمة.
وَبِهِ قَالَ أبي عَوَانَةَ: كَانَتْ لِلأَعْمَشِ عِنْدِي بِضَاعَةٌ, فَكُنْتُ آتِيْهِ, فَأَقُوْلُ: قَدْ رَبِحتَ كَذَا, وَرَبِحتَ كَذَا وَمَا حَرَّكْتُهَا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ, أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ سَمِعْتُ القَاسِمَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مِنَ الأَعْمَشِ. ثُمَّ قَالَ نُعَيْمٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَحلِفُ أَنْ لاَ يُحَدِّثَنِي, وَيَقُوْلُ: لاَ أُحَدِّثُ قَوْماً وَهَذَا التُّركِيُّ فِيْهِم. وَسَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ: كُنَّا نُرَقِّعُهَا عِنْدَ الأَعْمَشِ, وَلَمْ يَكُنْ فِيْنَا أَحْفَظَ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. وَسَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ إلَّا ستْرٌ.
حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ, قَالَ: قَالَ أبي نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ لأَبِي مُعَاوِيَةَ: أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ رَبَطتَ رَأْسَ كَبشِكَ قُلْتُ: يَعْنِي وَعَى عَنْهُ عِلْماً جَمّاً.
حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ كُنْتُ إِذَا خَلَوتُ بِأَبِي إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا بِحَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ غَضّاً لَيْسَ عَلَيْهِ غُبَارٌ.
حَدَّثَنَا أبي سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, أَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ قَالَ: سَأَلْتُ الأَعْمَشَ عَنْ حَدِيْثٍ, فَقَالَ: لاَ أُجِيْبُكَ إِلَى الأَضْحَى. فَقُلْتُ: لاَ آتِيْكَ إِلَى الأَضْحَى.
فَمَكَثتُ حَتَّى حَانَ وَقْتِي وَوَقْتُه, ثُمَّ أَتَيْتُ المَسْجِدَ, فَلَمْ أُكَلِّمْه, وَجَلَستُ نَاحِيَةً وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ, وَابْنُه يَكْتُبُ فِي الأَرْضِ سَلُوْهُ عَنْ كَذَا سَلُوْهُ عَنْ كَذَا. فَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ, لَمْ يُسَلِّمْ, فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْزُقَ, خَرَجَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! مَا هَذَا الَّذِي حَدَثَ فِي مَجْلِسِكَ؟! فَقَالَ: ابْنُ إِدْرِيْسَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَسَلَّمَ عَلَيَّ سَلاَماً لَمْ يَكُنْ لِيُسَلِّمَه عَلَيَّ قَبْلَ ذَلِكَ, وَسَاءلَنِي مُسَاءلَةً لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُنِي عَنْهَا, وَكَانَ يُعجِبُه أَنْ يَكُوْنَ لِلْعَربِيِّ مَرَارَةٌ.
حَدَّثَنَا أبي سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا أبي خَالِدٍ: كُنَّا عِنْدَ الأَعْمَشِ, فَسَأَلُوْهُ عَنْ حَدِيْثٍ, فَقَالَ لابْنِ المُخْتَارِ: تَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ? فَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ, وَقَالَ: مَا أَرَى أَحَداً يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, فَحَدِّثْ بِهِ.
حَدَّثَنِي أبي سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا أبي خَالِدٍ الأَحْمَرُ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: مَا ظَنُّكُم بِرَجُلٍ أَعْوَرَ, عَلَيْهِ قَبَاءٌ وَمَلحَفَةٌ مُوَرَّدَةٌ, جَالِساً مَعَ الشُّرَطِ -يَعْنِي: إِبْرَاهِيْمَ.
حَدَّثَنِي أبي سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الجُعْفِيُّ، عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ قَالَ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ أَيَّامَ زَيْدٍ: لَوْ خَرَجتَ؟ قَالَ: وَيلَكُم! وَاللهِ مَا أَعْرِفُ أَحَداً أَجعَلُ عِرضِي دُوْنَه, فَكَيْفَ أَجعَلُ دِيْنِي دُوْنَه.
حَدَّثَنِي أبي سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: كُنْتُ آتِي مُجَاهِداً, فَيَقُوْلُ: لَوْ كُنْت أُطِيْقُ المَشْيَ لَجِئْتُكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ, أَخْبَرَنَا أبي بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, أَخْبَرَنَا مُغِيْرَةُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيْمُ اخْتَلَفْتُ إِلَى الأَعْمَشِ فِي الفَرَائِضِ.
حدثني ابن زنجوبة, أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: إِنِّي لأَسَمَعُ الحَدِيْثَ فَأَنظُرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فَآخُذُه وَأَدَعُ سَائِرَه.
قَالَ وَكِيْعٌ: جَاؤُوا إِلَى الأَعْمَشِ يَوْماً. فَخَرَجَ وَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ فِي مَنْزِلِي مَنْ هُوَ أَبغَضُ إِلَيَّ مِنْكُم مَا خَرَجتُ إِلَيْكُم قِيْلَ: إِنَّ أَبَا دَاوُدَ الحَائِكَ سَأَلَ الأَعْمَشَ: مَا تَقُوْلُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي الصَّلاَةِ خَلْفَ الحَائِكِ? فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ: وَمَا تَقُوْلُ فِي شَهَادَتِه? قَالَ: يُقْبَلُ مَعَ عَدْلَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: الأَعْمَشُ ثِقَةٌ, ثَبْتٌ, كَانَ مُحَدِّثَ الكُوْفَةِ فِي زَمَانِهِ يُقَالَ: إِنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ قال: وكان يقرىء القُرْآنَ وَهُوَ رَأْسٌ فِيْهِ وَكَانَ فَصِيْحاً وَكَانَ أبيه من سبي الديلم وكان عسرا سيىء الخُلُقِ وَكَانَ لاَ يَلحَنُ حَرفاً, وَكَانَ عَالِماً بِالفَرَائِضِ وَكَانَ فِيْهِ تَشَيُّعٌ وَلَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهِ سِوَى ثَلاَثَةٍ طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ, وَأَفَضْلَ وَأَبَانُ بنُ تَغْلِبَ, وَأبي عُبَيْدَةَ بن معن.

قُلْتُ: مُرَادُ العِجْلِيِّ أَنَّهُم خَتَمُوا عَلَيْهِ تَلْقِيْناً, وَإِلاَّ فَقَدْ خَتَمَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ, وَغَيْرُه عَرَضاً.
قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَشِ, وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ عِنْدَ أَحَدٍ أَحقَرَ مِنْهُم عِنْدَه مَعَ فَقرِه وَحَاجَتِه.
قُلْتُ: كَانَ عَزِيْزَ النَّفسِ, قَنُوعاً, وَلَهُ رِزقٌ عَلَى بَيْتِ المَالِ فِي الشَّهْرِ خَمْسَةُ دَنَانِيْرَ قُرِّرَتْ لَهُ فِي أَوَاخِرِ عُمُرِه.
وَكَانَ وَالِدُ وَكِيْعٍ -وَهُوَ الجرَّاحُ بنُ مَلِيْحٍ- عَلَى بَيْتِ المَالِ, فَلَمَّا أَتَاهُ وَكِيْعٌ لِيَأْخُذَ قَالَ لَهُ: ائْتِنِي مِنْ أَبِيْكِ بِعَطَائِي حَتَّى أُحَدِّثَكَ بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَلِيُّ بنُ عَثَّامِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ أَلاَ تَمُوْتُ فَنُحَدِّثَ عَنْكَ؟ فَقَالَ: كَمْ مِنْ حُبٍّ1 أَصْبَهَانِيٍّ, قَدِ انْكَسَرَ عَلَى رَأْسِهِ كِيزَانٌ كَثِيْرَةٌ.
وَوَرَدَ: أَنَّ الأَعْمَشَ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: زَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَأَنَّهُ عَرضَ عَلَى: أَبِي عَالِيَةَ الرِّيَاحِيِّ, وَعَلَى مُجَاهِدٍ, وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ, وَأَبِي حَصِيْنٍ, وَلَهُ قِرَاءةٌ شَاذَّةٌ, لَيْسَ طَرِيْقُهَا بِالمَشْهُوْرِ.
قَالَ أبي بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ الأَعْمَشُ يَعرِضُ القُرْآنَ, فَيُمسِكُوْنَ عَلَيْهِ المصاحف, فلا يخطىء فِي حَرفٍ. التَّبُوْذَكِيُّ: عَنْ أَبِي عَوَانَةَ, قَالَ: أَعْطَيْتُ امْرَأَةَ الأَعْمَشِ خِمَاراً, فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ, أخذت بيده, فأخرجته إلي, فَقُلْتُ: لَهُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَقضِهَا, فَلاَ تَغضَبْ عَلَيَّ. قَالَ: لَيْسَ قَلْبِي فِي يَدِي. قُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ. قَالَ: لاَ أَفْعَلُ. عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ أَهْلِ الكُوْفَةِ, فَفِي حَدِيْثِ الأَعْمَشِ اضْطِرَابٌ كَثِيْرٌ.
إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ الشُّهرَةُ لَصَلَّيْتُ الفَجْرَ, ثُمَّ تَسَحَّرتُ.
قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَرْسَلَ الأَمِيْرُ عِيْسَى بنُ مُوْسَى إِلَى الأَعْمَشِ بألف درهم وَصَحِيْفَةٍ, لِيَكتُبَ فِيْهَا حَدِيْثاً. فَكَتَبَ فِيْهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ, وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ, وَوَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ: يَا ابْنَ الفَاعِلَةِ! ظَنَنْتَ أَنِّي لاَ أُحْسِنُ كِتَابَ اللهِ؟ فبعث إليه: أظننت أني أبيع الحديث؟.
قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَتَى الأَعْمَشَ أَضْيَافٌ, فَأَخرَجَ إِلَيْهِم رَغِيْفَيْنِ, فَأَكَلُوْهُمَا. فَدَخَلَ, فَأَخرَجَ لَهُم نِصْفَ حَبلِ قَتٍّ, فَوَضَعَهُ عَلَى الخِوَانِ, وَقَالَ: أَكَلتُم قُوتَ عِيَالِي, فَهَذَا قُوتُ شَاتِي, فَكُلُوْهُ.
وَخَرَجنَا فِي جِنَازَةٍ, وَرَجُل يَقُودُه, فَلَمَّا رَجَعنَا عَدَلَ بِهِ, فَلَمَّا أَصْحَرَ قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ? أَنْتَ فِي جَبَّانَةِ كَذَا, وَلاَ أَرُدُّكَ حَتَّى تَملأَ أَلوَاحِي حَدِيْثاً قَالَ: اكْتُبْ. فَلَمَّا مَلأَ الأَلوَاحَ رَدَّهُ, فَلَمَّا دَخَلَ الكُوْفَةَ دَفعَ أَلوَاحَه لإِنْسَانٍ, فَلَمَّا أَنِ انْتَهَى الأَعْمَشُ إِلَى بَابِه تَعَلَّق بِهِ وَقَالَ: خُذُوا الأَلوَاحَ مِنَ الفَاسِقِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ فَاتَ, فَلَمَّا أَيِسَ مِنْهُ قَالَ: كُلُّ مَا حَدَّثْتُك بِهِ كَذِبٌ. قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِاللهِ مِنْ أَنْ تَكذِبَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: قُلْتُ: لِلأَعْمَشِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَخْذِ شَعرِكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ فُضُولِ الحَجَّامِيْنَ قلت: فأنا أجيئك بحجام لا يكلمك حَتَّى تَفرَغَ فَأَتَيْتُ جُنَيْداً الحَجَّامَ, وَكَانَ مُحَدِّثاً فَأَوصَيتُه فَقَالَ: نَعَمْ, فَلَمَّا أَخَذَ نِصْفَ شَعرِه قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَيْفَ حَدِيْثُ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ فِي المُسْتَحَاضَةِ فَصَاحَ صَيْحَةً وَقَامَ يَعدُو وَبَقِيَ نِصْفُ شَعرِه بَعْدَ شَهْرٍ غَيْرَ مَجزُوزٍ سَمِعَهَا عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ مِنْهُ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ, فَإِذَا بِجُنْدِيٍّ, فَسَخَّرَه لِيَخُوضَ بِهِ نَهْراً. فَلَمَّا رَكِبَ الأَعْمَشَ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزخرف: 13] ، فَلَمَّا تَوسَّطَ بِهِ الأَعْمَشُ قَالَ: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِين} [المُؤْمِنُوْنَ: 29] . ثُمَّ رَمَى بِهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بن محمد اللبان، أنبأنا أبي علي المقرىء، أنبأنا أبي نعيم, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ حَدَّثَنَا الأَبَّارُ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ الحُبَابِ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ, قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الأَعْمَشِ, فَقُلْتُ: لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ قِرَاءتِي؟ قَالَ: مَا قَرَأَ عَلَيَّ عِلجٌ أَقرَأُ مِنْكَ.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخُزَزِ الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ نَبِيْلٌ كَبِيْرُ اللِّحْيَةِ إِلَى الأَعْمَشِ فَسَأَلَهُ، عَنْ مَسْأَلَةٍ خَفِيْفَةٍ فِي الصَّلاَةِ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا الأَعْمَشُ فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ لِحْيَتُه تَحْتملُ حِفْظَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ حَدِيْثٍ وَمَسَألتُه مَسْأَلَةُ صِبْيَانِ الكُتَّابِ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا سَألُوْهُ، عَنْ حَدِيْثٍ فَلَمْ يَحْفَظْهُ, جَلَسَ فِي الشَّمْسِ, فَيَعْرُكُ بِيَدَيْه عَيْنَيْهِ, فَلاَ يَزَالُ حتى يذكره.

إِبْرَاهِيْمُ بنُ رُسْتُمَ الأَصْبَهَانِيُّ: حَدَّثَنَا أبي عِصْمَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: آيَةُ التَّقَبُّلِ الوَسوسَةُ؛ لأَنَّ أَهْلَ الكِتَابَيْنِ لاَ يَدرُوْنَ مَا الوَسوسَةُ, وَذَلِكَ لأَنَّ أَعْمَالَهم لاَ تَصعدُ إِلَى السَّمَاءِ.
عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: رَأَيْتُ الأَعْمَشَ يَلْبَسُ قَمِيْصاً مَقْلُوْباً, وَيَقُوْلُ: النَّاسُ مَجَانِيْنُ يَجعلُوْنَ الخَشِنَ مُقَابلَ جُلُوْدِهم.
وَقِيْلَ: إِنَّ الأَعْمَشَ كَانَ لَهُ وَلدٌ مُغفَّلٌ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَاشترِ لَنَا حَبلاً لِلْغَسِيْلِ فَقَالَ: يَا أَبَةِ طُوْلُ كَمْ? قَالَ: عَشْرَةُ أَذرُعٍ قَالَ: فِي عَرضِ كَمْ? قَالَ فِي عَرضِ مُصِيْبَتِي فِيْكَ.
ذِكْرُ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ:
أَخْبَرَنَا بِيْبَرْسُ العُقَيْلِيُّ وَأَيُّوْبُ الأَسَدِيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الصُّوْفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ المُقَرِّبِ، أَنْبَأَنَا طِرَادٌ النَّقِيْبُ، أَنْبَأَنَا عَلِيٌّ العِيْسَوِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ. قَالَ: رَأَيْتُ أَنَساً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بَالَ فَغَسَلَ ذَكَرَهُ غَسلاً شَدِيْداً ثُمَّ تَوَضَّأَ, وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَصَلَّى بِنَا, وَحَدَّثَنَا فِي بَيْتِهِ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ, بَيَّنَ فِيْهِ الأَعْمَشُ أَنَّ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُم فِي مَنْزِلِهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، أَنْبَأَنَا أبي المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أبي عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أبي نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ, حَدَّثَنَا حَبِيْبٌ القَزَّازُ, حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي, حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَه مِنَ الرُّكُوْعِ رَفَعَ صُلبَه حَتَّى يستوي بطنه. هذا حديث صحيح الإسناد.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ, حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقِيْلَ لَهُ: أَبشِرْ بِالجَنَّةِ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَلاَ تَدْرُوْنَ فَلَعَلَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِمَا لاَ يَعْنِيْهِ أَوْ بخل بما لا ينفعه".
غَرِيْبٌ, يُعَدُّ فِي أَفرَادِ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ؛ شَيْخِ البُخَارِيِّ.
وَبِهِ قَالَ أبي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أبي جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَرِّمِيُّ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ يُوْنُسَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَانَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ يَمُرُّ بِي طَرَفَيِ النَّهَارِ فَأَقُوْلُ: لاَ أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيْثاً خَدَمْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الحَجَّاجِ حَتَّى وَلاَّكَ? ثُمَّ نَدِمتُ فَصِرتُ أَرْوِي، عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا محمد بن محمد أبي جعفر البغدادي المقرىء, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَيُّوْبَ القِرَبِيُّ, حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ أَسَدٍ "ح" وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ مِخْرَاقٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُوْسَى, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَمَرَّ عَلَى شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ فَضَرَبَهَا بِعَصَا كَانَتْ فِي يَدِهِ فَتَنَاثَرَ الوَرَقُ فَقَالَ: "إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَلاَ إِلَهَ إلَّا الله والله أكبر يُسَاقِطْنَ الذُّنُوْبَ كَمَا تُسَاقِطُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا".
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ, وَرُوَاتُه ثِقَاتٌ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَاضِي, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ, حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ "ح". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحسن, حدثنا أحمد ابن يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ قَالاَ: حَدَّثَنَا أبي شِهَابٍ عَبْدُ رَبِّهِ الحَنَّاطُ, حَدَّثَنَا الأعمش، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْلٌ لِلْمَالِكِ مِنَ المَمْلُوْكِ, وَوَيْلٌ لِلْمَمْلُوْكِ مِنَ المَالِكِ, وَوَيْلٌ لِلشَّدِيْدِ مِنَ الضَّعِيْفِ, وَوَيْلٌ لِلضَّعِيْفِ مِنَ الشَّدِيْدِ, وَوَيْلٌ لِلْغَنِيِّ مِنَ الفَقِيْرِ, وَوَيْلٌ لِلْفَقِيْرِ مِنَ الغَنِيِّ".
وَبِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بن عبد الله, حدثنا الحسين ابن حفص,
حَدَّثَنَا أبي مُسْلِمٍ قَائِدُ الأَعْمَشِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا جِبْرِيْلُ هَلْ تَرَى رَبَّكَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَه تِسْعِيْنَ حِجَاباً مِنْ نَارٍ -أَوْ نُوْرٍ- لَوْ دَنَوْتُ مِنْ أَدْنَاهَا, لاَحْتَرَقْتُ".
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ, وَأبي مُسْلِمٍ: لَيْسَ بِمُعتَمَدٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, قَالاَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ الصَّبَّاحِ, حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخَوَارِجُ كِلاَبُ النَّارِ"  هَذَا رَوَاهُ: النَّاسُ، عن إسحاق الأَزْرَقِ، عَنِ الأَعْمَشِ.
وَقَدْ طَلَبَ الأَعْمَشُ وَكَتَبَ العِلْمَ بِالكُوْفَةِ, قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى بِأَعوَامٍ, وَهُوَ مَعَهُ بِبَلَدِه, فَمَا أُبْعِدُ أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مِنْهُ.
قَرَأْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ السَّبعَةَ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ النَّحَّاسِ, أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أبي المَكَارِمِ فَذَكَرَهَا وَمِنْ أَعْلَى رِوَايَتِه:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ وَالمُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ إِذْناً قَالُوا، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أبي بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ الآجُرِّيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أبي نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ليس المِسْكِيْنُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ, وَلاَ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ, وَلَكِنَّ المِسْكِيْنَ الَّذِي لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ, ولم يفطن بمكانه فيعطى" 1.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ السُّهْرَوَرْدِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ صَرْمَا وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، أَنْبَأَنَا أبي الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن مَعِيْنٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً عَثْرَتَه أَقَالَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ" 2 أَخْرَجَهُ أبي دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا أبي الغَنَائِمِ بنُ مَحَاسِنَ، أَنْبَأَنَا جَدِّي لأُمِّي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَصْرٍ القَاضِي سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ الدُّوْشَابِيُّ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ، أَنْبَأَنَا إسماعيل ابن مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ، عَنْ قَبِيْصَةَ بنِ جَابِرٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ لاَ أُوتَى بِمُحِلٍّ وَلاَ مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا".
كَتبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى الجَزَائِرِيُّ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَاتٍ، أَنْبَأَنَا أبي القَاسِمِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُسَيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أبي القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بن جعفر المقرىء, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ حَدَّثَنَا إِدْرِيْسُ بنُ عَلِيٍّ, حَدَّثَنَا السِّنْدِيُّ بنُ عَبْدَوَيْه حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ علي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ "يَا عَلِيُّ! إِنَّهُ لاَ يُحِبُّكَ إلَّا مُؤْمِنٌ, وَلاَ يُبْغِضُكَ إلَّا منافق".
 

 

وَهَذَا وَقَعَ أَعْلَى مِنْ هَذَا بِخَمْسِ دَرَجَاتٍ فِي "جُزْءِ الذُّهْلِيِّ", وَغَيْرِه.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ, حَدَّثَنَا أبي يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ: سَمِعْتُ أَنَساً يَقْرَأُ: "إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَصْوَبُ قِيْلاً" فَقِيْلَ: لَهُ يَا أَبَا حَمْزَةَ "وَأَقْوَمُ قِيْلاً" فَقَالَ: أَقْوَمُ وَأَصْوَبُ وَاحِدٌ.
وَيُقَالُ: إِنَّ الأَعْمَشَ كَانَ رُبَّمَا خَرَجَ إِلَيْهِم وَعَلَى كَتِفِه مِئزَرُ العَجِينِ. وَإِنَّهُ لَبِسَ مَرَّةً فَرْواً مَقْلُوْباً فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! لَوْ لَبِستَهَا وَصُوْفَهَا إِلَى دَاخِلٍ, كَانَ أَدْفَأَ لَكَ! قَالَ: كُنْتُ أَشَرتَ على الكبش بهذه المشورة.
قَالُوا: مَاتَ الأَعْمَشُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, بِالكُوْفَةِ. وَمَاتَ مَعَهُ فِيْهَا: شَيْخُ المَدِيْنَةِ: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ, وَشَيْخُ مِصْرَ: عَمْرُو بنُ الحَارِثِ الفَقِيْهُ, وَشَيْخُ حِمْصَ: مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيُّ, وَشَيْخُ وَاسِطَ: العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ, وَقَاضِي الكُوْفَةِ وَمُفْتِيْهَا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى.
قَرَأْتُ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا سَالِمُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أبي سَعِيْدٍ بنُ خُشَيْشٍ، أَنْبَأَنَا أبي عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُنَادِي, حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي إِلَى الأَعْمَشِ نَسْمَعُ مِنْهُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَعَلَيْهِ فَروَةٌ مَقْلُوْبَةٌ قَدْ أَدخَلَ رَأْسَه فِيْهَا فَقَالَ: لَنَا تَعَلَّمتُمُ السَّمتَ تَعَلَّمتُمُ الكَلاَمَ أَمَا وَاللهِ مَا كَانَ الَّذِيْنَ مَضَوْا هَكَذَا وَأَجَافَ البَابَ أَوْ قَالَ: يَا جَارِيَةُ أَجِيْفِي البَابَ, ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: هَلْ تَدرُوْنَ مَا قَالَتِ الأُذُنُ؟ قَالَتْ: لَوْلاَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ أُقْمَعَ بالجواب, لطلت كما يكول الكِسَاءُ. قَالَ حَفْصٌ: فَكَم مِنْ كَلِمَةٍ أَغَاظَنِي صَاحِبُهَا, مَنَعَنِي أَنْ أُجِيْبَه قَوْلُ الأَعْمَشِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ القَاضِي، أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَنْبَأَنَا العَتِيْقِيُّ، أَنْبَأَنَا أبي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَدِيٍّ, حَدَّثَنَا أبي عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ, سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ: لَوْ أَدْرَكتُ عَلِيّاً قَاتَلتُ مَعَهُ قَالَ: لاَ وَلاَ أَسْأَلُ عَنْهُ لاَ أُقَاتلُ مَعَ أَحَدٍ أَجعَلُ عِرضِي دُوْنَه فَكَيْفَ دِيْنِي دُوْنَه?!.
قَالَ أبي الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: قَدْ رَأَى أَنَساً إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. وَرَأَى أَبَا بَكْرَةَ الثَّقَفِيَّ, وَأَخَذَ لَهُ بِركَابِه, فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنَّمَا أَكرَمتَ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ. قُلْتُ: لَمْ يَصِحَّ هَذَا.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: رأيت أنسًا, وما منعني أن أسمع منهإلَّا استغنائي بأصحابي.

وَقَالَ القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَرَأَى الأَعْمَشَ: هَذَا الشَّيْخُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: سَبَقَ الأَعْمَشُ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ: كَانَ أَقرَأَهُم لِلْقُرْآنِ, وَأَحْفَظَهُم لِلْحَدِيْثِ, وَأَعْلَمَهُم بِالفَرَائِضِ, وَذَكَرَ خَصلَةً أُخْرَى.
قَالَ هُشَيْمٌ: مَا رَأَيْتُ بِالكُوْفَةِ أَحَداً كَانَ أَقْرَأَ مِنَ الأَعْمَشِ.
وَقَالَ زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: مَا أَدْرَكتُ أَحَداً أَعقَلَ مِنَ الأَعْمَشِ وَمُغِيْرَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أبي إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشُ رَجُلا أَهْلِ الكُوْفَةِ.
قَالَ أبي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: عِنْدَ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ: نَحْوٌ مِنْ خَمْسِ مائَةِ حَدِيْثٍ, أَخْطَأَ فِيْهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَحَادِيْثَ.
وَكَانَ عِنْدَ وَكِيْعٍ عَنْهُ ثَمَانُ مائَةٍ. وَسُفْيَانُ أَعْلَمُهُم بِالأَعْمَشِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ التَّيْمِيُّ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: كُنَّا نُسَمِّي الأَعْمَشَ سَيِّدَ المُحَدِّثِيْنَ, كُنَّا نَجِيْءُ إِلَيْهِ إِذَا فَرَغْنَا مِنَ الدَّوَرَانِ, فَيَقُوْلُ: عِنْدَ مَنْ كُنْتُم؟ فَنَقُوْلُ: عِنْدَ فُلاَنٍ. فَيَقُوْلُ: طَبْلٌ مُخَرَّقٌ. وَيقُوْلُ: عِنْدَ مَنْ كُنْتُم؟ فَنَقُوْلُ: عِنْدَ فُلاَنٍ. فَيَقُوْلُ: طَيْرٌ طَيَّارٌ وَنَقُوْلُ: عِنْدَ فُلاَنٍ فَيَقُوْلُ: دُفٌّ وَكَانَ يُخْرِجُ إِلَيْنَا شَيْئاً فَنَأكُلُه فَقُلْنَا يَوْماً: لاَ يُخْرِجُ شَيْئاً إلَّا أَكَلتُمُوْهُ فَأَخرَجَ شَيْئاً فَأَكَلنَاهُ وَأَخْرَجَ فَأَكَلنَاهُ فَدَخَلَ فَأَخرَجَ فتيتاً فَشَرِبنَاهُ فَدَخَلَ وَأَخْرَجَ إِجَانَةً وَقَتّاً وَقَالَ: فَعَلَ الله بِكُم وَفَعَلَ أَكَلتُم قُوْتِي وَقُوْتَ المَرْأَةِ, وَشَرِبتُم فتيتَهَا هَذَا عَلَفُ الشَّاةِ قَالَ: فَمَكَثنَا ثَلاَثِيْنَ يَوْماً لاَ نَكْتُبُ عَنْهُ فَزَعاً مِنْهُ حَتَّى كَلَّمْنَا إِنْسَاناً عَطَّاراً كَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ حَتَّى كلَّمَه لَنَا.
قَالَ أبي خَالِدٍ الأَحْمَرُ: سُئِلَ الأَعْمَشُ عَنْ حَدِيْثٍ, فَقَالَ لابْنِ المُخْتَارِ: تَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ؟ فَغمَّضَ عَيْنَيْهِ, وَقَالَ: لاَ أَرَى أَحَداً يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, فَحَدَّثَ بِهِ.
رَوَى الكَوْسَجُ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ, قَالَ: الأَعْمَشُ ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ.
رَوَى شَرِيْكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: لَمْ يَكُنْ إِبْرَاهِيْمُ يُسنِدُ الحَدِيْثَ لأَحَدٍ إلَّا لِي, لأَنَّهُ كَانَ يُعجَبُ بِي.
قَالَ أبي عَوَانَةَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ: مَاتَ الأعمش سنة سبع وأربعين ومائة. وَقَالَ وَكِيْعٌ, وَالجُمْهُوْرُ: سَنَةَ ثَمَانٍ. زَادَ أبي نُعَيْمٍ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وثمانين سنة.

سير أعلام النبلاء - لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي

 

 سليمان الأعمش
شيخ القراء والمحدثين، الحافظ، الثقة، العالم بالفرائض: هو سليمان بن مهران، الأسدي، الكوفي.
ولد «سليمان الأعمش» بقرية «أمة» من أعمال «طبرستان» سنة إحدى وستين هـ. وقدم به والداه إلى الكوفة طفلا.
قال «أحمد بن عبد الله العجلي»: الأعمش ثقة ثبت. كان محدث الكوفة في زمانه، وكان يقرئ القرآن وهو رأس فيه، وكان فصيحا، وكان لا يلحن حرفا، وكان عالما بالفرائض.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن.
كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
قال «الذهبي»: ورد أن «الأعمش» قرأ القرآن على «زيد بن وهب، وزر بن حبيش، وإبراهيم النخعي»، وأنه عرض القرآن على «أبي العالية الرياحي، وعلى مجاهد، وعاصم بن بهدلة، وأبي حصين».
قال «الأعمش»: قرأت القرآن على «يحيى بن وثاب»، وقرأ يحيى على «علقمة» وقرأ هو على «عبد الله بن مسعود» وقرأ «عبد الله بن مسعود» على رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وقد روى «الأعمش» عن كثيرين من خيرة علماء عصره منهم: «زيد ابن وهب، وأبي عمرو الشيباني، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم كثير.
كما روى عن «الأعمش» عدد كثير، لأن الناس كانوا يأتون اليه من كل فجّ للأخذ عنه. فمن هؤلاء: «الحكيم بن عيينة، وطلحة بن مصرّف، وحبيب ابن أبي ثابت، وصفوان بن سليم، وسهيل بن أبي صالح، وأبان بن تغلب» وآخرون.
وكان «الأعمش» رحمه الله تعالى من الزهاد، وهناك أكثر من دليل على ذلك ولكنني أكتفي بذكر ما يلي: قال «ابن عيينة»: رأيت «الأعمش» لبس فروا مقلوبا، تسيل خيوطه على رجليه، ثم قال: أرأيتم لولا أني تعلمت العلم، من كان يأتيني لو كنت بقّالا؟.
وكان «الأعمش» رحمه الله تعالى من الثقات. فعن «ابن معين» قال:
الأعمش ثقة، وقال «النسائي»: الأعمش ثقة ثبت. وقال «عبد الله بن محمد»: حدثنا «زياد بن أيوب» قال: سمعت «هشيما» يقول: «ما رأيت بالكوفة أحدا أقرأ لكتاب الله ولا أجود من «الأعمش».
وقال «إبراهيم بن عرعرة»: سمعت «يحيى بن القطان» إذا ذكر الأعمش يقول: كان من النسّاك، وكان محافظا على الصلاة في الجماعة، وعلى الصف الاول . قال: «منصور بن الأسود»: سألت «الأعمش» عن قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ . قال:سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمّر عليهم شرارهم.
وقال «قبيصة» حدثنا «سفيان الثوري» عن «الأعمش» في معنى قوله تعالى: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُور قال: معنى ذلك: مثل زاد الراعي.
وقال «وكيع» كان «الأعمش» قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الاولى، واختلفت إليه قريبا من ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة
ونظرا لأن حياة «الأعمش» كانت مليئة بتعليم القرآن، وسنّة سيد الأنام كما كان من العباد الذين لم تغرهم الدنيا بزخارفها، فقد استحق ثناء الناس عليه، وهذه بعض الأدلة على ذلك: قال «يحيى القطان»: كان «الأعمش» علّامة الإسلام.
وقال «سفيان بن عاصم»: سمعت «القاسم أبا عبد الرحمن» يقول:
«ما أحد أعلم بحديث «ابن مسعود» من «الأعمش».
وقال «ابن عيينة»: سبق «الأعمش» الناس بأربع: كان أقرأهم للقرآن، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض، وذكر خصلة أخرى .
وقد ذكر «الذهبي» وغيره أن «الأعمش» رأى «أنس بن مالك» رضي الله عنه وروى عنه الحديث، وقد اقتبست من مروياته ما يلي: قال «الفضل بن موسى»: حدثنا «الأعمش» عن «أنس بن مالك» قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلّم في سفر، فمرّ على شجرة يابسة فضربها بعصا كانت في يده، فتناثر الورق، فقال: «إنّ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، يساقطن الذنوب كما تساقط هذه الشجرة ورقها».
وقال «أبي نعيم»: حدثنا «الأعمش» عن «أبي صالح» عن «أبي هريرة» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ليس المسكين الذي تردّه التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس، ولم يفطن بمكانه فيعطى».
وقال «يحيى بن معين»: حدثنا «حفص بن غياث» عن «الأعمش» عن «أبي صالح» عن «أبي هريرة» رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى عليه وسلّم: «من أقال مسلما عثرته، أقاله الله يوم القيامة».
توفي «الأعمش» بالكوفة سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة سيّد الأنام، رحم الله «الأعمش» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

 

 

سُلَيْمَان بن مهْرَان الْكَاهِلِي من بني كَاهِل أَبُو مُحَمَّد الْأَعْمَش الْكُوفِي يُقَال أَصله من طبرستان من قَرْيَة يُقَال لَهَا ذناوند جَاءَ بِهِ أَبوهُ حميلا إِلَى الْكُوفَة فَاشْتَرَاهُ رجل من بني كَاهِل من بني أسيد فَأعْتقهُ وَكَانَ مولى لبني أَسد وَكَانَ نازلا فِي بني أَسد قَالَ عَمْرو بن عَليّ ولد عمر بن عبد العزيز سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ مقتل الْحُسَيْن وَولد مَعَه الْأَعْمَش وَمَات سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة
روى عَن أبي سُفْيَان وَأبي صَالح فِي الْإِيمَان وَغَيره وَإِسْمَاعِيل بن رَجَاء وعدي بن ثَابت فِي الْإِيمَان وَغَيره وعبد الله بن مرّة وَأبي وَائِل وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وابي ظبْيَان بن جُنْدُب وَسليمَان بن مسْهر وَأبي حَازِم وَزيد بن وهب وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَزِيَاد بن الْحصين أبي جهمة وَعَمْرو بن مرّة فِي الزَّكَاة والمعرور بن سُوَيْد وَأبي إِسْحَاق السبيعِي وَأبي الضَّحَّاك مُسلم بن صبيح فِي الْوضُوء وَالزَّكَاة وَغَيرهَا وَالْحكم بن عُيَيْنَة فِي الْوضُوء وَأبي زر ابْن مَسْعُود وَمُجاهد فِي الصَّلَاة وثابت بن عبيد وَمُنْذِر الثَّوْريّ أبي يعلى وَسَالم بن أبي الْجَعْد وَالْمُسَيب بن رَافع فِي الصَّلَاة وَعمارَة بن عُمَيْر وَعبيد بن أبي الْحسن وحبِيب بن أبي ثَابت وَتَمِيم بن سَلمَة فِي الصَّلَاة وَسعد بن عُبَيْدَة ومسعود بن مَالك وخيثمة بن عبد الرحمن فِي الزَّكَاة والصلة وعبد العزيز بن رفيع فِي الْإِيمَان ومُوسَى بن عبد الله بن يزِيد فِي الزَّكَاة وَالْعلم وَعمارَة بن الْقَعْقَاع فِي الزَّكَاة والزهد وَمُسلم البطين فِي الصَّوْم وَسَلَمَة بن كهيل فِي الصَّوْم وَالْمُخْتَار بن صَيْفِي فِي الْجِهَاد وَأبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ سعد بن إِيَاس فِي الْجِهَاد وَيحيى بن عبيد أبي عمر البهراني فِي الْأَشْرِبَة وَأبي يحيى مولى آل جعدة فِي الْأَطْعِمَة وَمَالك بن الْحَارِث فِي الْفَضَائِل وَالشعْبِيّ فِي الصِّلَة وَسَعِيد بن جُبَير
روى عَنهُ أَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن حَازِم وَأَبُو مُعَاوِيَة شَيبَان بن عبد الرحمن وخفص بن غياث وَعِيسَى بن يُونُس وَجَرِير وَشعْبَة وَعلي بن مسْهر وعبد الله بن نمير ووكيع وَأَبُو خَالِد الْأَحْمَر وَالثَّوْري وعبثر بن الْقَاسِم وعبد الله بن إِدْرِيس وَأَبَان بن تغلب وعمار بن رُزَيْق وَأَبُو أُسَامَة وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة فِي الْوضُوء وَإِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا وعبد الواحد بن زِيَاد وهشيم وزائدة ومفضل بن مهلهل فِي الصَّلَاة وَمُحَمّد بن فُضَيْل وَمَرْيَم بن سُفْيَان وَعَبدَة بن سُلَيْمَان وَأَبُو الْأَحْوَص فِي الزَّكَاة وَيحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة فِي الْوضُوء وَأَبُو عوَانَة وَيزِيد بن عبد العزيز وَمُحَمّد بن بشر وأسباط بن مُحَمَّد وَجَرِير بن حَازِم ويعيى بن حميد وَقُطْبَة بن عبد العزيز وَأَبُو عُبَيْدَة بن معن وَأَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَيحيى بن عبد الملك بن أبي غنية وَحميد بن عبد الرحمن وَسليمَان بن قرم وَيحيى بن عِيسَى.

رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.

 

 

سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش الْأَسدي الْكَاهِلِي مَوْلَاهُم أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي
أحد الْأَعْلَام
رأى أنسا وَأَبا بكرَة
وروى عَن عبد الله بن أبي أوفى وَزيد بن وهب وَأبي وَائِل وزر بن حُبَيْش وَمُجاهد وَخلق
وَعنهُ أَبُو حنيفَة وَأَبُو إِسْحَاق السبيعِي وَشعْبَة والسفيانان وخلائق
قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ حفظ الْعلم على أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْكُوفَةِ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي وَالْأَعْمَش
وَقَالَ الْعجلِيّ كَانَ ثِقَة ثبتاً فِي الحَدِيث وَكَانَ مُحدث أهل الْكُوفَة فِي زَمَانه
وَقَالَ وَكِيع كَانَ الْأَعْمَش قَرِيبا من سبعين سنة لم تفته التَّكْبِيرَة الأولى
مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة وَهُوَ ابْن ثَمَان وَثَمَانِينَ سنة

طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.

 

الأعمش: سليمان بن مهران الاسدي الكاهلي بالولاء , أبي محمد الكوفي الثقة, الحافظ الملقب بالأعمش تابعي مشهور أصله من بلاد الري ومنشأه ووفاته في الكوفة ,كان عالما بالقران والحديث والفرائض, رأسه من العلم النافع والعمل الصالح توفي سنه( 148 هجري)وهو ابن ثمان وثمانين سنة . ينظر: تقريب التهذيب لابن حجر  1/ 392 

 

 

سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو محمد، الملقب بالاعمش:
تابعي، مشهور. أصله من بلاد الريّ، ومنشأه ووفاته في الكوفة. كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض، يروي نحو 1300 حديث، قال الذهبي: كان رأسا في العلم النافع والعمل الصالح. وقال السخاوي: قيل: لم ير السلاطين والملوك والأغنياء في مجلس أحقر منهم في مجلس الأعمش مع شدة حاجته وفقره .

-الاعلام للزركلي-

 

 

أَبو محمد، سليمان بنُ مِهرانَ مولى بني كاهلٍ، من ولد أسدٍ، المعروفُ بالأعمش الكوفيُّ.
الإمام المشهور، كان ثقة عالمًا فاضلًا، وكان أبوه من دنباوند، وقدم الكوفة، وامرأته حاملٌ بالأعمش، فولدته بها.
قال السمعاني: وهو لا يعرف بهذه النسبة، بل يعرف بالكوفي، وكان يقارن بالزهري في الحجاز، ورأى أنسَ بنَ مالك، وكلمه، لكن لم يرزق السماع عليه، وما يرويه عن أنس فهو إرسال أخذه عن أصحاب أنس.
وروى عن: عبد الله بن أبي أوفى حديثًا واحدًا، ولقي كبار التابعين، وروى عنه: سفيانُ الثوري، وشعبةُ بنُ الحجاج، وحفصُ بن غياث، وخلق كثيرٌ من جلة العلماء.
وكان لطيف الخلق، مزَّاحًا، جاءه أصحاب الحديث يومًا ليسمعوا عليه، فخرج إليهم، وقال: لولا أن في منزلي من هو أبغضُ إليَّ منكم، ما خرجتُ إليكم. وقال له داود بن عمر الحائك: ما تقول في الصلاة خلف الحائك؟ فقال: لا بأس بها على غير وضوء، فقال له: ما تقول في شهادة الحائك؟ فقال: تقبل مع عدلين.
ويقال: إن الإمام أبا حنيفة - رحمه الله - عاده يومًا في مرضه، فطوَّل القعودَ عنده، فلما عزم على القيام، قال له: ما كأني إلا ثقلت عليك، فقال: والله! إنك لثقيلٌ عليّ وأنت في بيتك. وعاده أيضًا جماعة، فأطالوا الجلوس عنده، فضجر منهم، فأخذ وسادته وقام، وقال: شفى الله مريضَكم بالعافية. وقيل عنده يومًا: قال - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن قيام الليل، بال الشيطان في أذنه"، فقال: ما عمشت عيني إلا من بول الشيطان في أذني. وكانت له نوادر كثيرة.
وقال أَبو معاوية الضرير: بعث هشامُ بنُ عبد الملك إلى الأعمش أن: اكتبْ لي مناقبَ عثمان، ومساوىء علي بن أبي طالب، فأخذ الأعمشُ القرطاس في فم شاة، فلاكَتْها، وقال لرسوله: قل له: هذا جوابك، فقال له الرسول: إنه قد آلى أن يقتلني إن لم آتِه بجوابك، وتحمل عليه بإخوانه، فقالوا له: يا أبا محمد! نَجِّه من القتل، فلما ألحوا عليه، كتب له: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أما بعد: يا أمير المؤمنين! فلو كانت لعثمان مناقبُ أهل الأرض، ما نفعتك، ولو كانت لعلي - رضي الله عنه - مساوىء أهل الأرض، ما ضرتك، فعليك بخوَيِّصة نفسك، والسلام.
مولده سنة 60 للهجرة، وتوفي سنة 148 في شهر ربيع الأول، قال زائدة بن قدامة: تبعتُ الأعمشَ يومًا، فأتى المقابرَ، فدخل في قبر محفورٍ، فاضطجعَ فيه، ثم خرج منه وهو ينفضُ التراب عن رأسه، ويقول: واضيقَ مسكناه!