أبي عبد الله سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي

تاريخ الولادة46 هـ
تاريخ الوفاة95 هـ
العمر49 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةواسط - العراق
أماكن الإقامة
  • أصبهان - إيران
  • فارس - إيران
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • الكوفة - العراق

نبذة

سعيد بن جبير بن هشام، الإِمَامُ، الحَافِظُ, المُقْرِئُ، المُفَسِّرُ، الشَّهِيْدُ، أبي مُحَمَّدٍ -وَيُقَالُ: أبي عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، الوَالِبِيُّ مَوْلاَهُم الكوفي، أحد الأعلام. رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ -فَأَكْثَرَ وَجَوَّدَ- وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، وَعَائِشَةَ، وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ فِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ"، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ -وَهُوَ مُرْسَلٌ- وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالضَّحَّاكِ بنِ قَيْسٍ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.

الترجمة

سعيد بن جبير
ابن هشام، الإِمَامُ، الحَافِظُ, المُقْرِئُ، المُفَسِّرُ، الشَّهِيْدُ، أبي مُحَمَّدٍ -وَيُقَالُ: أبي عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، الوَالِبِيُّ مَوْلاَهُم الكوفي، أحد الأعلام.
رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ -فَأَكْثَرَ وَجَوَّدَ- وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، وَعَائِشَةَ، وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ فِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ"، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ -وَهُوَ مُرْسَلٌ- وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالضَّحَّاكِ بنِ قَيْسٍ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.
وَرَوَى عَنِ التَّابِعِيْنَ؛ مِثْلِ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ أبي عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ، وَطَائِفَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أبي صَالِحٍ السَّمَّانُ, وَآدَمُ بنُ سُلَيْمَانَ وَالِدُ يَحْيَى، وَأَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَبُكَيْرُ بنُ شِهَابٍ، وَثَابِتُ بنُ عَجْلاَنَ، وَأبي المِقْدَامِ ثَابِتُ بنُ هُرْمُزَ، وَجَعْفَرُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ، وَأبي بِشْرٍ جَعْفَرُ بنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ, وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي عَمْرَةَ، وَحَسَّانُ بنُ أَبِي الأَشْرَسِ, وَحُصَيْنٌ, وَالحَكَمُ، وَحَمَّادٌ, وَخُصَيْفٌ الجَزَرِيُّ، وَذَرٌّ الهَمْدَانِيُّ, وَزَيْدٌ العَمِّيُّ, وَسَالِمٌ الأَفْطَسُ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ، وَسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ, وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَأبي سِنَانٍ ضِرَارُ بنُ مُرَّةَ، وَطَارِقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَأبي سِنَانٍ طَلْحَةُ بنُ نَافِعٍ, وَأبي حَرِيْزٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ, وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي لَيْلَى, وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيُّ, وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ أبي أُمَيَّةَ البصري, وابنه عبد الملك بن سعيدن, وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ, وعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ, وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ, وَعُثْمَانُ بنُ قَيْسٍ, وَعَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، وَعَزْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعِكْرِمَةُ بنُ خَالِدٍ, وَعَلِيُّ بنُ بَذِيْمَةَ، وَعَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ، وَعَمْرُو بنُ عَمْرٍو المَدَنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ, وَعَمْرُو بنُ هَرِمٍ, وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، وَفُضَيْلُ بنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ, وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي بَزَّةَ، وَكَثِيْرُ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ, وَكُلْثُوْمُ بنُ جَبْرٍ، وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ, وَمُجَاهِدٌ -رَفِيْقُهُ- وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ, وَمَسْعُوْدُ بنُ مَالِكٍ، وَمُسْلِمٌ البَطِيْنُ, وَالمُغِيْرَةُ بنُ النُّعْمَانِ, وَمَنْصُوْرُ بنُ حَيَّانَ, وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ, وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو, وَمُوْسَى بنُ أَبِي عَائِشَةَ, وَأبي شِهَابٍ الحَنَّاطُ، الأَكْبَرُ مُوْسَى بنُ نَافِعٍ, وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ, وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَهِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ, وَوَبَرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَوَهْبُ بنُ مَأْنُوْسٍ, وَأبي هُبَيْرَةَ يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، وَيَحْيَى بنُ مَيْمُوْنٍ أبي المُعَلَّى العَطَّارُ، ويعلي بن الحكيم, وَيَعْلَى بنُ مُسْلِمٍ وَأبي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَأبي حَصِيْنٍ الأَسَدِيُّ, وَأبي الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ, وَأبي الصَّهْبَاءِ الكُوْفِيُّ, وَأبي عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ, وَأبي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ, وخلق كثير.
رَوَى ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ دِيْكٌ، كَانَ يَقُوْم مِنَ اللَّيْلِ بِصِيَاحِهِ, فَلَمْ يَصِحْ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي حَتَّى أَصْبَحَ, فَلَمْ يُصَلِّ سَعِيْدٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَشَقَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَهُ قَطَعَ اللهُ صَوْتَهُ؟! فَمَا سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ بَعْدُ. فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ لا تدع على شيء بعدها.
قال أبي الشيخ: قدم سعيد أصهبان زَمَنَ الحَجَّاجِ، وَأَخَذُوا عَنْهُ.
وَعَنْ عُمَرَ بنِ حَبِيْبٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِأَصْبَهَانَ لاَ يُحَدِّثُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الكُوْفَةِ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ. فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: انْشُرْ بَزَّكَ حَيْثُ تُعْرَفُ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بفَارِسٍ, وَكَانَ يَتَحَزَّنُ، يَقُوْلُ: لَيْسَ أَحَدٌ يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ. وَكَانَ يُبْكِيْنَا، ثُمَّ عَسَى أَنْ لاَ يَقُوْمَ حَتَّى نَضْحَكَ.
شُعْبَةُ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِأَصْبَهَانَ، وَكَانَ غُلاَمٌ مَجُوْسِيٌّ يَخْدِمُهُ, وَكَانَ يَأْتِيْهِ بِالمُصْحَفِ فِي غِلاَفِهِ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ: سَمِعْتُ سَعِيْداً يُرَدِّدُ هَذِهِ الآيَةَ فِي الصَّلاَةِ بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّه} [البَقَرَةُ: 281] .
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ اللبان أنبأنا الحداد، وأنبأنا أبي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّبِيْعِ السَّمَّانُ، حَدَّثَنَا أبي عَوَانَةَ, عَنْ إِسْحَاقَ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، قَالَ: دَخَلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ الكَعْبَةَ, فَقَرَأَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ وِقَاءِ بنِ إِيَاسٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعَشَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانُوا يؤخرون العشاء.
قُلْتُ: هَذَا خِلاَفُ السُّنَّةِ، وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ قِرَاءةِ القُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ.
يَزِيْدُ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ.
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ: كان ابن عباس إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَسْتَفْتُوْنَهُ يَقُوْلُ: أَلَيْسَ فِيْكُمُ ابْنُ أُمِّ الدَّهْمَاءِ؟ -يَعْنِي: سَعِيْدَ بنَ جبير.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: لَقَدْ مَاتَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ إلَّا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى عِلْمِهِ.
وَقَالَ ضِرَارُ بنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: التَّوَكُّل عَلَى اللهِ جِمَاعُ الإِيْمَانِ وَكَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَحُسْنَ الظَنِّ بِكَ.
أبي عَوَانَةَ عَنْ هِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فِي رَجَبٍ، فَأَحْرَمَ مِنَ الكُوْفَةِ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالحَجِّ فِي النِّصْفِ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، وَكَانَ يُحْرِمُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ؛ مَرَّةً لِلْحَجِّ وَمَرَّةً للعمرة.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ سعيد بن جبير، قال: إنه الخَشْيَةَ أَنْ تَخْشَى اللهَ حَتَّى تَحُوْلَ خَشْيَتُكَ بينك وبين معصيتك, فلتلك الخَشْيَةُ، وَالذِّكْرُ طَاعَةُ اللهِ، فَمَنْ أَطَاعَ اللهَ, فَقَدْ ذَكَرَهُ, وَمَنْ لَمْ يُطِعْهُ، فَلَيْسَ بِذَاكِرٍ، وَإِنْ أَكْثَرَ التَّسْبِيْحَ وَتِلاَوَةَ القُرْآنِ.
وَرُوِيَ عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: لأَنْ أَنْشُرَ عِلْمِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَذْهَبَ بِهِ إِلَى قَبْرِي.
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَا عَلاَمَةُ هَلاَكِ النَّاسِ؟ قَالَ: إِذَا ذَهَبَ علماؤهم.
وقال عمرو بنُ ذَرٍّ: كَتَبَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ إِلَى أَبِي كِتَاباً أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللهِ، وَقَالَ: إِنَّ بَقَاءَ المُسْلِمِ كُلَّ يَوْمٍ غَنِيْمَةٌ ... , فَذَكَرَ الفَرَائِضَ وَالصَّلَوَاتِ وَمَا يَرْزُقُهُ اللهُ مِنْ ذِكْرِهِ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنِ الفُضَيْلِ بنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَرِيْزٍ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: لاَ تُطْفِئُوا سُرُجَكُم لَيَالِيَ العَشْرِ -تُعْجِبُهُ العِبَادَةُ- وَيَقُوْل: أَيْقِظُوا خَدَمَكُم يَتَسَحَّرُوْنَ لِصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ.
عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ: أَنْبَأَنَا هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: خرجنا مع سعيد بن جبير في جَنَازَةٍ، فَكَانَ يُحَدِّثُنَا فِي الطَّرِيْقِ، وَيُذَكِّرُنَا حَتَّى بَلَغَ, فَلَمَّا جَلَسَ، لَمْ يَزَلْ يُحَدِّثُنَا حَتَّى قُمْنَا فَرَجَعْنَا وَكَانَ كَثِيْرَ الذِّكْرِ للهِ.
وَعَنْ سَعِيْدٍ، قَالَ: وَدِدْتُ النَّاسَ أَخَذُوا مَا عِنْدِي، فَإِنَّهُ مِمَّا يَهُمُّنِي.
أبي بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: أَتَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ -قَادِمٌ- يَعْنِي: خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ- وَلاَ آمَنُهُ عَلَيْكَ، فَأَطِعْنِي، وَاخْرُجْ. فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ فررت حتى استحيت مِنَ اللهِ. قُلْتُ: إِنِّي لأَرَاكَ كَمَا سَمَّتْكَ أُمُّكَ سَعِيْداً. فَقَدِمَ خَالِدٌ مَكَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَخَذَهُ.

أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بنُ شِبْلٍ عَنْ عُثْمَانَ بنِ بُوْذَوَيْه، قَالَ: كُنْتُ مَعَ وَهْبٍ وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ يوم عرفة بنخيل بن عَامِرٍ, فَقَالَ لَهُ وَهْبٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, كَمْ لَكَ مُنْذُ خِفْتَ مِنَ الحَجَّاجِ؟ قَالَ: خَرَجْتُ عَنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَامِلٌ, فَجَاءنِي الذي في بطنها، وخرج وَجْهُهُ. فَقَالَ وَهْبٌ: إِنَّ مَنْ قَبْلَكُم كَانَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُم بَلاَءٌ عَدَّهُ رُخَاءً، وَإِذَا أصابه رخاء عده بلاء.
قَالَ سَالِمُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ: لَمَّا أُتِيَ الحَجَّاجُ بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَنَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ. قَالَ: أَنْتَ شَقِيُّ بنُ كُسَيْرٍ، لأَقْتُلَنَّكَ. قَالَ: فَإِذاً أَنَا كَمَا سَمَّتْنِي أُمِّي. ثُمَّ قَالَ: دَعُوْنِي أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: وَجِّهُوْهُ إلى قبلة النصارى. قال {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] وَقَالَ: إِنِّي أَسْتعِيْذُ مِنْكَ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَرْيَمُ. قَالَ: وَمَا عَاذَتْ بِهِ؟ قَالَ: قَالَتْ: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18] .
رَوَاهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَالِمٍ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَقْتُلْ بَعْدَ سَعِيْدٍ إلَّا رَجُلاً وَاحِداً.
وَعَنْ عُتْبَةَ مَوْلَى الحَجَّاجِ، قَالَ: حَضَرْتُ سَعِيْداً حِيْنَ أَتَى بِهِ الحَجَّاجُ بِوَاسِطَ، فَجَعَلَ الحَجَّاجُ يَقُوْلُ: أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟! أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟! فَيَقُوْلُ: بَلَى. قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ مِنْ خُرُوْجِكَ عَلَيْنَا؟ قَالَ: بَيْعَةٌ كَانَتْ عَلَيَّ يَعْنِي: لابْنِ الأَشْعَثِ- فَغَضِبَ الحَجَّاجُ، وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ: فَبَيْعَةُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ كَانَتْ أَسْبَقُ وَأَوْلَى. وَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَقِيْلَ: لَوْ لَمْ يُوْاجِهْهُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِهَذَا، لاَسْتَحْيَاهُ كَمَا عَفَا عَنِ الشَّعْبِيِّ لَمَّا لاَطَفَهُ فِي الاعْتِذَارِ.
حَامِدُ بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ أبي مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بنُ أَبِي شَدَّادٍ: بَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَائِداً يُسَمَّى المُتَلَمِّسَ بنَ أَحْوَصَ فِي عِشْرِيْنَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُوْنَهُ, إِذَا هُمْ برَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ, فَسَأَلُوْهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: صِفُوْهُ لِي. فَوَصَفُوْهُ فَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ, فَانْطَلقُوا فَوَجَدُوْهُ ساجدًا يناجي بأعلى صوته, فدنوا وسلموا فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَأَتَمَّ بَقِيَّةَ صَلاَتِهِ, ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ, فَقَالُوا: إِنَّا رُسُلُ الحَجَّاجِ إِلَيْكَ, فَأَجِبْهُ. قَالَ: وَلاَ بُدَّ مِنَ الإِجَابَةِ؟ قَالُوا: لابد. فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَامَ مَعَهُم، حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَيْرِ الرَّاهِبِ، فَقَالَ الرَّاهِبُ: يَا مَعْشَرَ الفُرْسَانِ أَصَبْتُمْ صَاحِبَكُم قَالُوا: نَعَمْ فَقَالَ: اصْعَدُوا, فَإِنَّ اللَّبْوَةَ وَالأَسَدَ يَأْوِيَانِ حَوْلَ الدَّيْرِ. فَفَعَلُوا وَأَبَى سَعِيْدٌ أَنْ يَدْخُلَ، فَقَالُوا: مَا نَرَاكَ إلَّا وَأَنْتَ تُرِيْدُ الهَرَبَ مِنَّا. قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ لاَ أَدْخُلُ مَنْزِلَ مُشْرِكٍ أَبَداً. قَالُوا: فَإِنَّا لاَ نَدَعُكَ، فَإِنَّ السِّبَاعَ تَقْتُلُكَ. قَالَ لاَ ضَيْرَ, إِنَّ مَعِيَ رَبِّي يَصْرِفُهَا عَنِّي، وَيَجْعَلُهَا حَرَساً تَحْرُسُنِي. قَالُوا: فَأَنْتَ من لأنبياء؟ قَالَ: مَا أَنَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، وَلَكِنْ عَبْدٌ مِنْ عَبِيْدِ اللهِ مُذْنِبٌ. قَالَ الرَّاهِبُ: فَلْيُعْطِنِي مَا أَثِقُ بِهِ عَلَى طُمَأْنِيْنَةٍ. فَعَرَضُوا عَلَى سَعِيْدٍ أَنْ يُعْطِيَ الرَّاهِبَ مَا يُرِيْدُ قَالَ: إِنِّي أُعْطِي العَظِيْمَ الَّذِي لاَ شَرِيْكَ لَهُ، لاَ أَبْرَحُ مَكَانِي حَتَّى أُصْبِحَ -إِنْ شَاءَ اللهُ- فَرَضِيَ الرَّاهِبُ بِذَلِكَ, فَقَالَ لَهُم: اصْعَدُوا, وَأَوْتِرُوا القِسِّيَّ, لِتُنَفِّرُوا السِّبَاعَ عَنْ هَذَا العَبْدِ الصَّالِحِ، فَإِنَّهُ كَرِهَ الدُّخُوْلَ فِي الصَّوْمَعَةِ لِمَكَانِكُمْ. فَلَمَّا صَعِدُوا, وَأَوْتَرُوا القِسِّيَّ، إِذَا هُمْ بِلَبْوَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ, فَلَمَّا دَنَتْ مِنْ سَعِيْدٍ, تَحَكَّكَتْ بِهِ, وَتَمَسَّحَتْ بِهِ ثُمَّ رَبَضَتْ قَرِيْباً مِنْهُ وَأَقْبَلَ الأَسَدُ يَصْنَعُ كَذَلِكَ. فَلَمَّا رَأَى الرَّاهِبُ ذَلِكَ, وَأَصْبَحُوا, نَزَلَ إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَرَائِعِ دِيْنِهِ، وَسُنَنِ رَسُوْلِهِ، فَفَسَّرَ لَهُ سَعِيْدٌ ذَلِكَ كُلَّهُ, فَأَسْلَمَ, وَأَقْبَلَ القَوْمُ عَلَى سَعِيْدٍ يَعْتَذِرُوْنَ إِلَيْهِ، وَيُقَبِّلُوْنَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ, وَيَأْخُذُوْنَ التُّرَابَ الَّذِي وَطِئَهُ، فَيَقُوْلُوْنَ: يَا سَعِيْدُ حَلَّفَنَا الحَجَّاجُ بِالطَّلاَقِ، وَالعَتَاقِ، إِنْ نَحْنُ رَأَيْنَاكَ لاَ نَدَعُكَ حَتَّى نُشْخِصَكَ إِلَيْهِ، فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ. قَالَ: امْضُوا لأَمْرِكُم, فَإِنِّي لاَئِذٌ بِخَالِقِي, وَلاَ رَادَّ لِقَضَائِهِ. فسارو حَتَّى بَلَغُوا وَاسِطَ, فَقَالَ سَعِيْدٌ: قَدْ تَحَرَّمْتُ بِكُم وَصَحِبْتُكُم, وَلَسْتُ أَشُكُّ أَنَّ أَجَلِي قَدْ حَضَرَ, فَدَعُوْنِي اللَّيْلَةَ آخُذْ أُهْبَةَ المَوْتِ, وَأَسْتَعِدَّ لِمُنْكَرٍ وَنَكِيْرٍ, وَأَذْكُرْ عَذَابَ القَبْرِ, فَإِذَا أَصْبَحْتُم, فَالمِيْعَادُ بَيْنَنَا المَكَانُ الَّذِي تُرِيْدُوْنَ. فَقَالَ بَعْضُهُم: لاَ تُرِيْدُوْنَ أَثَراً بَعْد عَيْنٍ. وَقَالَ بَعْضُهُم: قَدْ بَلَغْتُم أَمْنَكُم, وَاسْتَوْجَبْتُم جَوَائِزَ الأَمِيْرِ, فَلاَ تَعْجَزُوا عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُم: يُعْطِيْكُم، مَا أَعْطَى الرَّاهِبَ, وَيْلَكُم! أَمَا لَكُم عِبْرَةٌ بِالأَسَدِ، وَنَظَرُوا إِلَى سَعِيْدٍ قَدْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ, وَشَعِثَ رَأْسُهُ، وَاغْبَرَّ لَوْنُهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ، وَلَمْ يَشْرَبْ، وَلَمْ يَضْحَكْ، مُنْذُ يَوْمِ لَقُوْهُ وَصَحِبُوْهُ فَقَالُوا: يَا خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ لَيْتَنَا لَمْ نَعْرِفْكَ, وَلَمْ نُسَرَّحْ إِلَيْكَ, الوَيْلُ لَنَا وَيْلاً طَوِيْلاً, كَيْفَ ابْتُلِيْنَا بِكَ اعْذُرْنَا عِنْدَ خَالِقِنَا يَوْمَ الحَشْرِ الأَكْبَرِ, فَإِنَّهُ القَاضِي الأَكْبَرُ, وَالعَدْلُ الَّذِي لاَ يَجُوْرُ. قَالَ: مَا أَعْذَرَنِي لَكُم وَأَرْضَانِي لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِ اللهِ فِيَّ. فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ البُكَاءِ وَالمُجَاوَبَةِ قَالَ كَفِيْلُهُ: أَسْأَلُكَ بِاللهِ لَمَا زَوَّدْتَنَا مِنْ دُعَائِكَ وَكَلاَمِكَ فَإِنَّا لَنْ نَلْقَى مِثْلَكَ أَبَداً فَفَعَلَ ذَلِكَ فَخَلَّوْا سَبِيْلَهُ فَغَسَلَ رَأْسَهُ وَمِدْرَعَتَهُ وَكِسَاءهُ, وَهُم مُحْتَفُوْنَ اللَّيْلَ كُلَّهُ, يُنَادُوْنَ بِالوَيْلِ وَاللَّهْفِ. فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُوْدُ الصُّبْحِ, جَاءهُم سَعِيْدٌ فَقَرَعَ البَابَ, فَنَزَلُوا وَبَكَوْا مَعَهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى الحَجَّاجِ, وَآخَرَ مَعَهُ, فَدَخَلاَ, فَقَالَ الحَجَّاجُ: أَتَيْتُمُوْنِي بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ, وَعَايَنَّا مِنَّا العَجَبَ. فَصَرَفَ بِوَجْهِهِ عَنْهُم, فَقَالَ: أَدْخِلُوْهُ عَلَيَّ. فَخَرَجَ المُتَلَمِّسُ, فَقَالَ لِسَعِيْدٍ: أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ. قَالَ: أَنْتَ شَقِيُّ بنُ كُسَيْرٍ. قَالَ: بل أُمِّي كَانَتْ أَعْلَمَ بِاسْمِي مِنْكَ. قَالَ: شَقِيْتَ أَنْتَ، وَشَقِيَتْ أُمُّكَ. قَالَ: الغَيْبُ يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ. قَالَ: لأُبْدِلَنَّكَ بِالدُّنْيَا نَاراً تَلَظَّى قَالَ: لَوْ علمت أن ذلك بِيَدِكَ لاتَّخَذْتُكَ إِلَهاً. قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، إِمَامُ الهُدَى قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ فِي الجَنَّةِ هُوَ أَمْ فِي النَّارِ قَالَ: لَوْ دَخَلْتُهَا فَرَأَيْتُ أَهْلَهَا, عَرَفْتُ. قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي الخُلَفَاءِ؟ قَالَ: لَسْتُ عَلَيْهِم بِوَكِيْلٍ قَالَ: فَأَيُّهُم أَعْجَبُ إِلَيْكَ قَالَ: أَرْضَاهُم لِخَالِقِي. قَالَ: فَأَيُّهُم أَرْضَى لِلْخَالِقِ؟ قَالَ: عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَهُ. قَالَ: أَبَيْتَ أَنْ تَصْدُقَنِي. قَالَ: إِنِّي لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَكْذِبَكَ. قَالَ: فَمَا بَالُكَ لَمْ تَضْحَكْ؟ قَالَ: لَمْ تَسْتَوِ القُلُوْبُ.

قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ الحَجَّاجُ بِاللُّؤْلُؤِ وَاليَاقُوْتِ وَالزَّبَرْجَدِ، فجمعه بين يَدَيْ سَعِيْدٍ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ جَمَعْتَهُ لِتَفْتَدِيَ بِهِ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ القِيَامَةِ فَصَالِحٌ، وَإِلاَّ فَفَزْعَةٌ وَاحِدَةٌ تُذْهِلُ كُلَّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، وَلاَ خَيْرَ فِي شَيْءٍ جُمِعَ لِلدُّنْيَا إلَّا مَا طَابَ وَزَكَا. ثُمَّ دَعَا الحَجَّاجُ بِالعُوْدِ وَالنَّايِ, فَلَمَّا ضُرِبَ بِالعُوْدِ وَنُفِخَ فِي النَّايِ، بَكَى، فَقَالَ الحَجَّاجُ: مَا يُبْكِيْكَ؟ هُوَ اللَّهْوُ. قَالَ: بَلْ هُوَ الحُزْنُ، أَمَّا النَّفْخُ فَذَكَّرَنِي يَوْمَ نَفْخِ الصُّوْرِ، وَأَمَّا العُوْدُ فَشَجَرَةٌ قُطِعَتْ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ، وَأَمَّا الأَوْتَارُ فَأَمْعَاءُ شَاةٍ يُبْعَثُ بِهَا مَعَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ فَقَالَ الحَجَّاجُ: وَيْلَكَ يَا سَعِيْدُ! قَالَ: الوَيْلُ لِمَنْ زُحْزِحَ عَنِ الجَنَّةِ، وَأُدْخِلَ النَّارُ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ تُرِيْدُ أَنْ أَقْتُلَكَ؟ قَالَ: اخْتَرْ لِنَفْسِكَ يَا حَجَّاجُ، فَوَاللهِ مَا تَقْتُلُنِي قِتْلَةً، إلَّا قَتَلْتُكَ قَتْلَةً فِي الآخِرَةِ. قَالَ: فَتُرِيْدُ أَنْ أعفوا عَنْكَ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ العَفْوُ، فَمِنَ اللهِ، وَأَمَّا أَنْتَ فَلاَ بَرَاءةَ لَكَ وَلاَ عُذْرَ. قَالَ: اذْهبُوا بِهِ، فَاقْتُلُوْهُ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ البَابِ، ضَحِكَ، فَأُخْبِرَ الحَجَّاجُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَ بِرَدِّهِ، فَقَالَ: مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ جُرْأَتِكَ عَلَى اللهِ، وَحِلْمِهِ عَنْكَ! فَأَمَرَ بِالنِّطْعِ، فَبُسِطَ، فقال: اقتلوه. فقال: {إِنّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} [الأنعام: 79] . قَالَ: شُدُّوا بِهِ لِغَيْرِ القِبْلَةِ. قَالَ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] . قَالَ: كُبُّوْهُ لِوَجْهِهِ قَالَ: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] . قَالَ: اذْبَحُوْهُ قَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ وَأُحَاجُّ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ, خُذْهَا مِنِّي حَتَّى تَلْقَانِي يَوْمَ القِيَامَةِ. ثُمَّ دَعَا اللهَ سَعِيْدٌ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُسَلِّطْهُ عَلَى أَحَدٍ يَقْتُلُهُ بَعْدِي. فَذُبِحَ عَلَى النِّطْعِ.
وَبَلَغَنَا: أَنَّ الحجاج عاش بعده خمس عشر لَيْلَةً، وَقَعَتْ فِي بَطْنِهِ الأَكِلَةُ، فَدَعَا بِالطَّبِيْبِ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ دَعَا بِلَحْمٍ مُنْتِنٍ، فَعَلَّقَهُ فِي خَيْطٍ, ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي حَلْقِهِ, فَتَرَكَهُ سَاعَةً ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ وَقَدْ لَزِقَ بِهِ مِنَ الدَّمِ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاجٍ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، غَيْرُ صَحِيْحَةٍ. رَوَاهَا أبي نُعَيْمٍ فِي "الحِلْيَةِ" فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا خَالِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ, أَخْبَرَنِي أبي أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ كِتَابَةً، حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ يَحْيَى.
هَارُوْنُ الحَمَّالُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ كَاتِبِ الحَجَّاجِ قَالَ مَالِكٌ -هُوَ أَخٌ لأَبِي سَلَمَةَ الَّذِي كَانَ عَلَى بَيْتِ المَالِ- قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ لِلْحَجَّاجِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ يَسْتَخِفُّنِي وَيَسْتَحْسِنُ كِتَابَتِي، وَأَدْخُلُ عَلَيْهِ بغير إذن، فدخلت عليه يومًا بعدما قَتَلَ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ له، لها أربع أبيابٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ مِمَّا يَلِي ظَهْرَهُ، فَسَمِعْتُهُ يقول: مالي وَلِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فَخَرَجْتُ رُوَيْداً وَعَلِمْتُ أَنَّهُ إِنْ عَلِمَ بِي قَتَلَنِي فَلَمْ يَنْشَبْ قَلِيْلاً حَتَّى مَاتَ.
أبي حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُمَرَ، بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: دَعَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ حِيْنَ دُعِيَ للقتل, فجعل ابنه يبكي، فقال: ما يُبْكِيْكَ؟! مَا بَقَاءُ أَبِيْكَ بَعْدَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدٍ، قَالَ: قُحِطَ النَّاسُ فِي زَمَانِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوْكِ بَنِي إِسْرَائِيْلَ ثَلاَثَ سِنِيْنَ, فَقَالَ المَلِكُ: لَيُرْسِلَنَّ عَلَيْنَا السَّمَاءَ أَوْ لَنُؤْذِيَنَّهُ. قَالُوا: كَيْفَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تُؤْذِيَهُ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ وَأَنْتَ في الأرض؟! قال: أقتل أوليائه مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَكُوْنُ ذَلِكَ أَذَىً لَهُ. قَالَ فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ السَّمَاءَ.
وَرَوَى أَصْبَغُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ الأَعْرَجِ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَبْكِي بِاللَّيْلِ حَتَّى عَمِشَ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا، يُرَجِّعُ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدٌ: قَرَأْتُ القُرْآنَ فِي رَكْعَتَيْنِ فِي الكَعْبَةِ.
جَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ، عَنْ أَشْعَثَ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ جِهْبِذُ العُلَمَاءِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ, فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ أُمِّي أَنْ أَسْتَرْقِيَ, فَأَعْطَيْتُ الرَّاقِي يَدِي الَّتِي لَمْ تُلْدَغْ، وكرهت أن أحنثها.
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ حَكِيْمٍ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: مَا رَأَيْتُ أَرْعَى لِحُرْمَةِ هَذَا البَيْتِ وَلاَ أَحْرَصَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ لَقَدْ رَأَيْتُ جَارِيَةً ذَاتَ لَيْلَةٍ تَعَلَّقَتْ بَأَسْتَارِ الكَعْبَةِ تَدْعُو وَتَضَرَّعُ وَتَبْكِي حَتَّى مَاتَتْ.إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ.

مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, قَالَ: لَمَّا أَهْبَطَ اللهُ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ، كَانَ فِيْهَا نَسْرٌ وَحُوْتٌ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمَا فَلَمَّا رَأَى النَّسْرُ آدَمَ وَكَانَ يَأْوِي إِلَى الحُوْتِ يَبِيْتُ عِنْدَهُ فَقَالَ: يَا حُوْتُ لَقَدْ أُهْبِطَ اليَوْمَ إِلَى الأَرْضِ شَيْءٌ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ ويبطش بيديه قال لئن كنت صادقًا مالي فِي البَحْرِ مِنْهُ مَنْجَىً وَلاَ لَكَ فِي البَرِّ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَوْ فَارَقَ ذِكْرُ المَوْتِ قَلْبِي لَخِشِيْتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ قَلْبِي.
وَعَنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا جَمْعٌ مِنْ جُمَعِ الآخِرَةِ.
رَوَاهُ ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ عَتِيْقٍ، قَالَ: سَقَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ شَرْبَةً مِنْ عَسَلٍ فِي قَدَحٍ, فَشَرِبَهَا, ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لأُسْأَلَنَّ عَنْهُ. قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: شَرِبْتُهُ, وَأَنَا أَسْتَلِذُّهُ.
وَعَنْ خَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَقْتَلَ سعيد، فلما بان رَأْسُهُ، قَالَ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ لاَ إِلَهَ إلَّا الله ولم يتم الثلاثة.
هَمَّامُ بنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ, عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَآنِي أبي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيُّ فِي يَوْمِ عيد لي ذُؤَابَةٌ، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! إِنَّهُ لاَ صَلاَةَ فِي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ قَبْلَ صَلاَةِ الإِمَامِ، فَإِذَا صَلَّى الإِمَامُ، فَصَلِّ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَأَطِلِ القِرَاءةَ.
شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: حَدِّثْ قَالَ: أُحَدِّثُ وَأَنْتَ هَا هُنَا؟! قَالَ: أَوَلَيْسَ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ أَنْ تُحِدِّثَ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَإِنْ أَصَبْتَ فَذَاكَ وَإِنْ أَخْطَأْتَ عَلَّمْتُكَ.
يَعْقُوْبُ القمي، عن جعفر بن المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رُبَّمَا أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَكَتَبْتُ فِي صَحِيْفَتِي حَتَّى أَمْلأَهَا، وَكَتَبْتُ فِي نَعْلِي حَتَّى أَمْلأَهَا، وَكَتَبْتُ فِي كَفِّي.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ: كان ابن عباس بعدما عَمِيَ إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَسْأَلُوْنَهُ يَقُوْلُ: تَسْأَلُوْنِي وَفِيْكُم ابْنُ أُمِّ دَهْمَاءَ! يَعْنِي: سَعِيْدَ بن جبير.

وَقَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ فِي صَحِيْفَةٍ, وَلَوْ عَلِمَ بِهَا, كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ عَنْ فَرِيْضَةٍ فَقَالَ: ائْتِ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِالحِسَابِ مِنِّي، وَهُوَ يَفْرِضُ فِيْهَا مَا أَفْرِضُ.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا أبي شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ يَقُصُّ لَنَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، بَعْدَ الفَجْرِ وَبَعْدَ العَصْرِ.
قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنِ الصَّعْبِ بنِ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: مَا مَضَتْ عَلَيَّ لَيْلَتَانِ مُنْذُ قُتِلَ الحُسَيْنُ إلَّا أقرأ فيها القُرْآنَ، إلَّا مَرِيْضاً أَوْ مُسَافِراً.
إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي الجَحَّافِ، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِيْنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ لاَ يَدَعُ أَحَداً يَغْتَابُ عِنْدَهُ.
أبي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ يُصَلِّي فِي الطَّاقِ، وَلاَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ وَيَعْتَمُّ، وَيُرْخِي لَهَا طَرَفاً مِنْ وَرَائِهِ شِبْراً.
قُلْتُ: الطَّاقُ، هُوَ المِحْرَابُ.
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ أَهَلَّ مِنَ الكُوْفَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ الَّذِي قَبَضَ عَلَى سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ:وَالِي مَكَّةَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيُّ فَبَعَثَ بِهِ إلى الحجاج, فأخبرنا يزيد، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ, قَالَ: سَمِعَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ صَوْتَ القُيُوْدِ, فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قِيْلَ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، وَأَصْحَابُهُمَا يَطُوْفُوْنَ بِالبَيْتِ. فَقَالَ اقْطَعُوا عَلَيْهِمُ الطَّوَافَ.
وَأَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، أَنْبَأَنَا الرَّبِيْعُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ حِيْنَ جِيْءَ بِهِ إِلَى الحَجَّاجِ فَبَكَى رَجُلٌ فَقَالَ سَعِيْدٌ: مَا يُبْكِيْكَ قَالَ: لِمَا أَصَابَكَ. قَالَ: فَلاَ تَبْكِ كَانَ فِي عِلْمِ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا، ثُمَّ تلا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحَدِيْدُ: 22] .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ: سُئِلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ عَنِ الخِضَابِ بِالوَسِمَةِ، فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: يَكْسُو اللهُ العَبْدَ النُّوْرَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ يُطْفِئُهُ بِالسَّوَادِ.
الحُسَيْنُ بنُ حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ: حَدَّثَنَا وَاصِلُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا أبي بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيْداً بِمَكَّةَ, فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَادِمٌ -يَعْنِي: خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ- وَلَسْتُ آمَنُهُ عَلَيْكَ. قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ فَرَرْتُ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنَ اللهِ.

قُلْتُ: طَالَ اخْتِفَاؤُهُ, فَإِنَّ قِيَامَ القُرَّاءِ عَلَى الحَجَّاجِ كَانَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ، وَمَا ظَفِرُوا بِسَعِيْدٍ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ؛ السَّنَةِ الَّتِي قلع الله فيها الحجاج.
قَالَ أبي بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: فَأَخْبَرَنِي يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: أَتَيْنَا سَعِيْداً، فَإِذَا هُوَ طَيِّبُ النَّفْسِ، وَبِنْتُهُ فِي حَجْرِهِ، فَبَكَتْ وشيعناه إلى الجِسْرِ، فَقَالَ الحَرَسُ لَهُ: أَعْطِنَا كَفِيْلاً، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ تُغْرِقَ نَفْسَكَ قَالَ: فَكُنْتُ فِيْمَنْ كَفَلَ بِهِ. قَالَ أبي بَكْرٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ قَالَ: ائْتُوْنِي بِسَيْفٍ عَرِيْضٍ.
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ ابْنُ جُبَيْرٍ لاَ يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ الحَجَّاجُ إِذَا أَتَى بِالرَّجُلِ -يَعْنِي مِمَّنْ قَامَ عَلَيْهِ- قَالَ لَهُ: أَكَفَرْتَ بِخُرُوْجِكَ عَلَيَّ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ خَلَّى سَبِيْلَهُ فَقَالَ لِسَعِيْدٍ أَكَفَرْتَ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ أَقْتُلُكَ؟ قَالَ: اخْتَرْ أَنْتَ، فَإِنَّ القِصَاصَ أَمَامَكَ.
أبي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَا تَقُوْلُ لِلْحَجَّاجِ؟ قَالَ: لاَ أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالكُفْرِ.
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ, عَنْ جَعْفَرٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: إِنَّ فِي النَّارِ لَرَجُلاً يُنَادِي قَدْرَ أَلْفِ عَامٍ: يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ فَيَقُوْلُ: يَا جِبْرِيْلُ أَخْرِجْ عَبْدِي مِنَ النَّارِ قَالَ فَيَأْتِيْهَا فَيَجِدُهَا مُطَبَقَةً فَيَرْجِعُ فَيَقُوْلُ يَا رَبِّ: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهُمَزَةُ: 8] ، فَيَقُوْلُ: يَا جِبْرِيْلُ ارْجِعْ فَفُكَّهَا, فَأَخْرِجْ عَبْدِي مِنَ النَّارِ فَيَفُكُّهَا، فَيَخْرُجُ مِثْلَ الخِيَالِ فَيَطْرَحُهُ عَلَى سَاحِلِ الجَنَّةِ حَتَّى يُنْبِتَ اللهُ لَهُ شَعْراً وَلَحْماً".

إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَانَ نَبِيُّ اللهِ سُلَيْمَانُ إِذَا قَامَ فِي مُصَلاَّهُ رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ, فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ قَالَتِ: الخُرْنُوْبُ. قَالَ: لأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: لِخَرَابِ هَذَا البَيْتِ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَيْهِم مَوْتِي حَتَّى يَعْلَمَ الإِنْسُ أَنَّ الجِنَّ لاَ تَعْلَمُ الغَيْبَ. قَالَ: فَنَحَتَهَا عَصاً يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا, فَأَكَلَتْهَا الأَرَضَةُ، فَسَقَطَتْ، فَخَرَّ، فحزروا أكلها الأرضة، فوجدوا حَوْلاً, فَتَبَيَّنَتِ الإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُوْنَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المَهِيْنِ -وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا هَكَذَا- فَشَكَرَتِ الجِنُّ الأَرَضَةَ، فَكَانَتْ تَأْتِيْهَا بِالمَاءِ حَيْثُ كَانَتْ.
قَرَأْتُهُ عَلَى إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ،

أَنْبَأَنَا أبي عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أبي نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, حَدَّثَنَا أبي حُذَيْفَةَ مُوْسَى بنُ مَسْعُوْدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ.
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ الفُوِّيُّ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ, أَنْبَأَنَا أبي الحَسَنِ الخِلَعِيُّ, أَنْبَأَنَا شُعَيْبُ بنُ عَبْدِ المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ, حَدَّثَنَا أبي الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مَالِكٍ الجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَكُوْنُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُوْنَ بِهَذَا السَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الحَمَامِ لاَ يَرِيْحُوْنَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ".
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ، أَخْرَجَهُ: أبي دَاوُدَ والنسائي, من طريق عبد الله الرقي.
قَالَ خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ: إِنَّ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ لَمَّا نَدَرَ رَأْسُهُ، هَلَّلَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يُفْصِحُ بِهَا.
يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ التِّنِّيْسِيُّ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ عُمَرَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: لَمَّا أَخَذَ الحَجَّاجُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: مَا أُرَانِي إلَّا مَقْتُوْلاً وَسَأُخْبِرُكُمْ: إِنِّي كُنْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي دَعَوْنَا حِيْنَ وَجَدْنَا حَلاَوَةَ الدُّعَاءِ، ثُمَّ سَأَلْنَا اللهَ الشَّهَادَةَ، فَكِلاَ صَاحِبَيَّ رُزِقَهَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُهَا. قَالَ: فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الإِجَابَةَ عِنْدَ حَلاَوَةِ الدُّعَاءِ.
قُلْتُ: وَلَمَّا عَلِمَ مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، ثَبَتَ لِلْقَتْلِ، وَلَمْ يَكْتَرِثْ، وَلاَ عَامَلَ عَدُوَّهُ بِالتَّقِيَّةِ المُبَاحَةِ لَهُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَمَّا جِيْءَ بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَطَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ, وَأَصْحَابِهِمَا دَخَلْتُ عَلَيْهِمُ السِّجْنَ، فَقُلْتُ: جَاءَ بِكُمْ شُرْطِيٌّ أَوْ جُلَيْوِيْزٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى القَتْلِ، أَفَلاَ كَتَّفْتُمُوْهُ وَأَلْقَيْتُمُوْهُ فِي البَرِّيَّةِ؟! فَقَالَ سَعِيْدٌ: فَمَنْ كَانَ يَسْقِيْهِ المَاءَ إِذَا عَطِشَ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: حَدَّثَنَا أَبِي سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي رَبِيْعَةُ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: وَكَانَ سَعِيْدٌ مِنَ العُبَّادِ العُلَمَاءِ, قَتَلَهُ الحَجَّاجُ, وَجَدَهُ فِي الكَعْبَةِ وَنَاساً فِيْهِم طَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، فَسَارِ بِهِم إِلَى العِرَاقِ فَقَتَلَهُمْ عَنْ غير شيء تعلق عليهم بهإلَّا العِبَادَةَ, فَلَمَّا قُتِلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ, خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيْرٌ حَتَّى رَاعَ الحَجَّاجَ, فَدَعَا طَبِيْباً, قَالَ لَهُ: مَا بَالُ دَمِ هَذَا كَثِيْرٌ؟ قَالَ: إِنْ أَمَّنْتَنِي أَخْبَرْتُكَ فَأَمَّنَهُ، قَالَ: قَتَلْتَهُ وَنَفْسُهُ مَعَهُ.

عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، قَالَ: كَانَ أَعْلَمَهُمْ بِالقُرْآنِ: مُجَاهِدٌ وَأَعْلَمَهُمْ بِالحَجِّ: عَطَاءٌ وأعلمهم بالحلال والحرام: طاوس وَأَعْلَمَهُمْ بِالطَّلاَقِ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ وَأَجْمَعَهُمْ لِهَذِهِ العُلُوْمِ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ.
أبي أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنِي مَسْعُوْدُ بنُ الحَكَمِ, قَالَ: قَالَ: لِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: أَتُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ لأُحِبُّ مُجَالَسَتَهُ وَحَدِيْثَهُ ثُمَّ أَشَارَ نَحْوَ الكُوْفَةِ, وَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ يُشِيْرُوْنَ إِلَيْنَا بِمَا لَيْسَ عِنْدَنَا.
جَرِيْرٌ، عَنْ أَشْعَثَ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ جِهْبِذُ العُلَمَاءِ.
الأَصْبَغُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ عَنْ حَدِيْثٍ فَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُحَدِّثَنِي قَالَ: كَيْفَ تُبَاعُ الحِنْطَةُ?
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَرَاءِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, قَالَ: لَيْسَ فِي أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ. قِيْلَ: وَلاَ طَاوُوْسٌ؟ قَالَ: وَلاَ طَاوُوْسٌ، وَلاَ أَحَدٌ.
وَكَانَ قَتْلُهُ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَاشَ تِسْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً, وَقَدْ مَرَّ قَوْلُهُ لابْنِهِ: مَا بَقَاءُ أَبِيْكَ بَعْدَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ مَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ, أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ, أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أبي طَاهِرٍ المُخَلِّصُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا أبي نَصْرٍ التَّمَّارُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرَّمَ: "اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ".
وَبِهِ إِلَى المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا أبي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ, حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن أبي المغيرة, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَلُوْنَا, فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْأَلُوْنَا عَنْ شَيْءٍ إلَّا وَقَدْ سَأَلْنَا عَنْهُ. فَقَالَ رَجُلٌ: أَفِي الجَنَّةِ غِنَاءٌ؟ قَالَ: فِيْهَا أَكْمَاتٌ مِنْ مِسْكٍ عَلَيْهِنَّ جَوَارٍ يَحْمَدْنَ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- بِأَصْوَاتٍ لَمْ تَسْمَعِ الآذَانُ بِمِثْلِهَا قَطُّ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ كِتَابَةً، أَنَّ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُم, أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا أبي بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شَدَّادٍ حَدَّثَنَا أبي نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حَبِيْبِ عَنْ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَوْحَى اللهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي قَدْ قَتَلْتُ بِيَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا سَبْعِيْنَ أَلْفاً، وإِنِّي قَاتِلٌ بِابْنِ ابْنَتِكَ سبعين ألفًا وسبعين ألفًا".
هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيْفُ الإِسْنَادِ، مُنْكَرُ اللَّفْظِ. وَعَبْدُ اللهِ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَخَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ.

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي

 

 

سعيد بن جُبَير بن هِشَام الْأَسدي الْكُوفِي مولى بني والبة بن الْحَارِث بن بني أَسد كنيته أَبُو عبد الله وَكَانَ فَقِيها عابدا ورعا فَاضلا قَتله الْحجَّاج بن يُوسُف سنة خمس وَتِسْعين وَهُوَ ابْن تسع وَأَرْبَعين سنة قَالَ عَمْرو بن عَليّ قتل فِي آخر سنة أَربع وَتِسْعين وَهُوَ ابْن خمسين سنة إِلَّا نصف سنة
روى عَن ابْن عَبَّاس فِي الْإِيمَان وَالصَّلَاة وَالصَّوْم وَغَيرهَا وَابْن عمر فِي الصَّلَاة وَالْحج وَاللّعان وَغَيرهَا وعبد الله بن مُغفل فِي الذَّبَائِح وَأبي عبد الرحمن السّلمِيّ فِي الْكَفَّارَة
روى عَنهُ يعلى بن مُسلم وآدَم بن سُلَيْمَان مولى خَالِد وَعَمْرو بن مرّة وَأَبُو الزبير فِي الصَّلَاة وَالْحج ومُوسَى بن أبي عَائِشَة وَأَبُو بشر جَعْفَر وعبد الملك بن أبي سُلَيْمَان وحبِيب بن أبي ثَابت وعبد الله بن عِيسَى وَعَمْرو بن سعيد وَمُسلم البطين وعدي بن ثَابت ومسعود بن مَالك وَابْنه عبد الله بن سعيد وَالْحكم بن عتيبة وَسَلَمَة بن كهيل وَعَمْرو بن دِينَار وَأَيوب وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر وَعَمْرو بن هرم وابو إِسْحَاق السبيعِي وعزرة بن عبد الرحمن وَسليمَان الْأَحول وَطَلْحَة بن مصرف وَسماك بن حَرْب وحبِيب بن أبي عمْرَة ويعلى بن حَكِيم وَالْأَعْمَش والمغيرة بن النُّعْمَان وَالقَاسِم بن أبي بزَّة وَمَنْصُور بن حَيَّان.

رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.

 

 

 سعيد بن جبير بن هشام أبو عبد الله: مولى والبة بن الحارث من بني أسد: توفي سنة خمس وتسعين. قال سعيد: سأل رجل ابن عمر عن فريضة فقال: سل سعيد بن جبير فإنه يعلم منها ما أعلم ولكنه أحسب مني. وكان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه يقول: يسألوني وفيهم ابن أم دهماء؟ يعني سعيداً.
وقال خصيف: كان أعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب، وأعلمهم بالحج عطاء، وأعلمهم بالحلال والحرام طاوس، وأعلمهم بالتفسير مجاهد، وأجمعهم لذلك كله سعيد بن جبير.

- طبقات الفقهاء / لأبو اسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.

 

 

 سعيد بن جبير
أحد مشاهير علماء التابعين، الإمام الكبير، الحافظ، المقرئ، المفسر، العالم، العابد.
قرأ القرآن على «ابن عباس» رضي الله عنه.
وكان «سعيد بن جبير» مدرسة وحده في تعليم القرآن، فقد قرأ عليه عدد كبير، في مقدمتهم: «أبي عمرو بن العلاء البصري، إمام البصرة» في القراءات، واللغة، والنحو، ولا
زالت قراءة «أبي عمرو بن العلاء» من القراءات المتواترة يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن.
كما أخذ «سعيد بن جبير» الحديث عن عدد من الصحابة، والتابعين، منهم: «ابن عباس، وعائشة، وأبي موسى الأشعري، والضحاك بن قيس، وأبي سعيد الخدري وآخرون.
وكما كان «سعيد بن جبير» إماما في القراءات، كذلك كان حجة في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد حدث عنه عدد كثير منهم: أبي صالح
السمّان، وآدم بن سليمان، وأيوب السختياني، وثابت بن عجلان، وسليمان الطويل، وسليمان الأعمش، وطلحة بن مصرّف، وآخرون
وقد ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
ومن يقرأ سيرة «سعيد بن جبير» يجده كان رحمه الله تعالى من المتعلقين بقراءة القرآن، يوضح ذلك الأخبار التالية: قال «القاسم بن أبي أيوب»:
سمعت «سعيدا» يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ. وقال «هلال بن يساف»: دخل «سعيد بن جبير» الكعبة» فقرأ «القرآن» في ركعة.
وقال «وقاء بن إياس»: كان «سعيد بن جبير» يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء، وكانوا يؤخرون العشاء. وعن «عبد الملك بن أبي سليمان»: كان «سعيد بن جبير» يختم القرآن في كل ليلتين.
كما كان «سعيد بن جبير» رحمه الله تعالى من الذين يخشون الله حقّ خشيته، ويبكون خوفا من عذابه حتى عدّ من الزهاد: فعن «القاسم الأعرج» قال: كان «سعيد بن جبير» يبكي من الليل حتى عمش.
وروى «الثوري» عن «حماد» قال «سعيد»: قرأت القرآن في ركعتين في الكعبة.
وقال «سعيد بن جبير»: لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد عليّ قلبي . وروى «قيس بن الربيع» عن «الصعب بن عثمان» قال:
قال «سعيد بن جبير» ما مضت عليّ ليلتان منذ قتل «الحسين بن علي» رضي الله عنهما إلا أقرأ فيهما القرآن، إلا مريضا أو مسافرا
وقال «أبي نعيم»: حدثنا إبراهيم بن عبد الله عن «سعيد ابن عبيد» قال:
«كان سعيد بن جبير إذا أتى على هذه الآية: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ رجّع فيها ورددها مرتين أو ثلاثا».
كما كان «سعيد بن جبير» رحمه الله تعالى ينطق بالحكمة ويعلّمها الناس وهناك الكثير من ذلك: قال «ضرار بن مرّة»: قال «سعيد بن جبير»:
«التوكل على الله جماع الإيمان وكان يدعو ويقول: اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك». وقال «عطاء بن دينار»: قال «سعيد بن جبير»: إن الخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك، فتلك الخشية، والذكر: طاعة الله، فمن أطاع الله فقد ذكره، ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن.
وقال «هلال بن حبيب»: قلت: «لسعيد بن جبير»: ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم.
وكان «سعيد بن جبير» يعمل جهد طاقته لنشر العلم بين الناس: فعن «حبيب بن أبي ثابت» قال: قال لي «سعيد بن جبير»: لأن أنشر العلم أحبّ إليّ من أن أذهب إلى قبري.
ونظرا لشدّة إخلاص «سعيد بن جبير» وعمله المستمرّ في تعليم القرآن وشرح معانيه للمسلمين، استحق ثناء المسلمين عليه، يبين ذلك النصوص التالية: فعن «جعفر بن أبي المغيرة» قال: كان «ابن عباس» رضي الله عنهما إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ يعني سعيد بن جبير.
وروى «ابن مهدي» عن «سفيان» قال: لقد مات «سعيد بن جبير» وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه.
وروى «عبد السلام بن حرب» عن «خصيف» قال: كان أعلمهم بالقرآن «مجاهد» وأعلمهم بالحج «عطاء» وأعلمهم بالحلال والحرام «طاوس» وأعلمهم بالطلاق «سعيد بن المسيب» وأعلمهم لهذه العلوم «سعيد بن جبير».
استشهد «سعيد بن جبير» سنة خمس وتسعين من الهجرة، عن سبع وخمسين سنة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وشرحه، وتعليم سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم. رحم الله «سعيد بن جبير» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

 

 

ع: سَعِيدُ بن جبير بن هِشَامٍ الأَسَدِيُّ الْوَالِبِيُّ مَوْلاهُمْ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، [الوفاة: 91 - 100 ه]
أَحَدُ الأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ.
سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، وَغَيْرَهُمْ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَفِيهِ نظر.
قرأ عليه المنهال بن عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ.
وَرَوَى عَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ أبي الْمُغِيرَةِ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُهُ الآخَرُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَمُسْلِمٌ [ص:1101] البطين، وعمرو ابن دينار، وخلق كثير.
قال ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَدْ أَتَاهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ: أَلَيْسَ فِيكُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ؟
وَعَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: جِهْبِذُ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: مَا خَلَّفَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ اللَّوْنِ. خَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ عَلَى الْحَجَّاجِ، ثُمَّ إِنَّهُ اخْتَفَى وَتَنَقَّلَ فِي النَّوَاحِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ وَقَعُوا بِهِ، فَأَحْضَرُوهُ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: يَا شَقِيَّ بْنَ كُسَيْرٍ، يَعْنِي مَا أَنْتَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَمَا قَدِمْتَ الْكُوفَةَ وَلَيْسَ يَؤُمُّ بِهَا إِلا عَرَبِيٌّ فَجَعَلْتُكَ إِمَامًا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: أَمَا وَلَّيْتُكَ الْقَضَاءَ فَضَجَّ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَقَالُوا: لا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ إِلا عَرَبِيٌّ، فَاسْتَقْضَيْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى وَأَمَرْتُهُ أَنْ لا يَقْطَعَ أَمْرًا دُونَكَ؟! قَالَ: بَلَى. قَالَ: أما جعلتك في سماري، وكلهم رؤوس الْعَرَبِ؟! قَالَ: بَلَى. قَالَ: أَمَا أَعْطَيْتُكَ مِائَةَ أَلْفٍ تُفَرِّقُهَا عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ؟! قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَا أَخْرَجَكَ عَلَيَّ؟! قَالَ: بَيْعَةٌ كَانَتْ فِي عُنُقِي لابْنِ الأَشْعَثِ. فَغَضِبَ الْحَجَّاجُ وَقَالَ: أَمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُنُقِكَ مِنْ قَبْلُ! يَا حَرَسِيُّ، اضْرِبْ عُنُقَهُ. فَضَرَبَ عُنُقَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ بِوَاسِطٍ، وَقَبْرُهُ ظَاهِرٌ يُزَارُ.
وَقَالَ مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لا يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ إِذَا أُتِيَ بِالرَّجُلِ قَالَ لَهُ: أَكَفَرْتَ إِذْ خَرَجْتَ عَلَيَّ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، تَرَكَهُ، وَإِنْ قَالَ: لا، قتله، فأتي بسعيد بن جبير، فقال لَهُ: أَكَفَرْتَ إِذْ خَرَجْتَ عَلَيَّ؟ قَالَ: مَا كَفَرْتُ مُنْذُ آمَنْتُ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ أَقْتُلُكَ؟ فَقَالَ: اختَرْ أَنْتَ؛ فَإِنَّ الْقِصَاصَ أَمَامَكَ.
وَقَالَ رَبِيعَةُ الرَّأْيِ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مِنَ الْعُبَّادِ الْعُلَمَاءِ، فَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ، وَجَدَهُ فِي الْكَعْبَةِ وَنَاسًا فِيهِمْ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، فَسَارُوا بِهِمْ إِلَى الْعِرَاقِ، فَقَتَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ إِلا بِالْعِبَادَةِ، فَلَمَّا قتل سَعِيدًا خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيرٌ، حَتَّى رَاعَ الْحَجَّاجَ، فَدَعَا طَبِيبًا، فَقَالَ: مَا بَالُ دَمِهِ كَثِيرًا؟! قَالَ: قَتَلْتَهُ وَنَفْسُهُ مَعَهُ. [ص:1102]
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِيهِ: مَاتَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى علمه.
وَعَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: دَخَلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الْكَعْبَةَ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدٍ: إِنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ جَلِيلَةٌ فِي " الْحِلْيَةِ ".
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، قَالَ: لَدَغَتْ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عقربٌ، فَأَقْسَمَتْ أُمُّهُ عَلَيْهِ لَيَسْتَرْقِيَنَّ، فَنَاوَلَ الرَّقَّاءَ يَدَهُ الَّتِي لَمْ تُلْدَغْ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا فِي رَمَضَانَ، فَيَقْرَأُ لَيْلَةً بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَيْلَةً بِقِرَاءَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
وَقَالَ عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ خَصِيفٍ، قَالَ: أَعْلَمُهُمْ بِالطَّلاقِ سَعِيدُ بْنُ المسيب، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَجِّ عَطَاءٌ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ طَاوُسٌ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالتَّفْسِيرِ مُجَاهِدٌ، وَأَجْمَعُهُمْ لِذَلِكَ كُلِّهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
وقال حماد بن زيد: حدثنا الفضل بن سويد الضَّبِّيُّ قَالَ: كُنْتُ فِي حِجْرِ الْحَجَّاجِ، فَقَدَّمُوا سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَأَخَذَ الْحَجَّاجُ يُعَاتِبُهُ كَمَا يُعَاتِبُ الرَّجُلُ وَلَدَهُ، فَانْفَلَتَتْ مِنْ سَعِيدٍ كَلِمَةً فَقَالَ: إِنَّهُ عَزَمَ عَلَيَّ؛ يَعْنِي ابْنَ الأَشْعَثِ.
وَيُرْوَى أَنَّ الْحَجَّاجَ رُؤِيَ فِي النَّوْمِ، فَقِيلَ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: قتلني بكل قتيل قتلته قتلة، وَقَتَلَنِي بِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ سَبْعِينَ قَتْلَةً.
رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ كَانَ يَغُوصُ، ثُمَّ يُفِيقُ وَيَقُولُ: مَالِي وَمَالُكَ يَا سَعِيدُ بْنَ جُبَيْرٍ.
قُلْتُ: صَحَّ أَنَّهُ قَالَ لابْنِهِ: مَا يُبْكِيكَ، مَا بَقَاءُ أَبِيكَ بَعْدَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً! وَذَلِكَ حِينَ دُعِيَ لِيُقْتَلَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. رَوَاهَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ.

تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام - لشمس الدين أبو عبد الله بن قَايْماز الذهبي.

 

 

سعيد بن جُبَير بن هِشَام الْأَسدي الْوَالِبِي أَبُو مُحَمَّد أَو أَبُو عبد الله الْكُوفِي
كَانَ ابْن عَبَّاس إِذا أَتَاهُ أهل الْكُوفَة يستفتونه يَقُول أَلَيْسَ فِيكُم ابْن أم الدهماء يعنيه
وَقَالَ عَمْرو بن مَيْمُون عَن أَبِيه لقد مَاتَ سعيد بن جُبَير وَمَا على ظهر الأَرْض أحد إِلَّا وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى علمه
قَتله الْحجَّاج لَعنه الله فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين هُوَ ابْن تسع وَأَرْبَعين سنة

طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.

 

 

سعيد بن جبير الأسدي، بالولاء، الكوفي، أبو عبد الله:
تابعيّ، كان أعلمهم على الإطلاق. وهو حبشي الأصل، من موالي بني والبة بن الحارث من بني أسد. أخذ العلم عن عبد الله بن عباس وابن عمر. ثم كان ابن عباس، إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه، قال: أتسألونني وفيكم ابن أم دهماء؟ يعني سعيدا. ولما خرج عبد الرحمن ابن محمد بن الأشعث، على عبد الملك بن مروان، كان سعيد معه إلى أن قتل عبد الرحمن، فذهب سعيد إلى مكة، فقبض عليه واليها (خالد القسري) وأرسله إلى الحجاج، فقتله بواسط. قال الإمام أحمد بن حنبل: قتل الحجاج سعيدا وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مفتقر إلى علمه. وفي آخر ترجمته، في وفيات الأعيان، أنه كان يلعب بالشطرنج استدبارا.

-الاعلام للزركلي-

 

 

سعيد بن جبير: بن هشام  الاسدي الكوفي(ت95)، أبي عمر ويقال أبي عبد الله، احد اعلام التابعين وسادتهم في الفقه والورع،ثقة حجة، سأل رجل بن عمر عن فريضة؛ فقال سل سعيد بن جبير فانه يعلم منها ما اعلم، ولكنه احسب مني. وكان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه يقول :يسألوني وفيهم ابن أم الدهماء، يعني سعيداً، قتله الحجاج بن يوسف الثقفي. ينظر: طبقات الفقهاء 1/82،وفيات الأعيان 2/37؛ حلية الاو لياء3/272

 

 

له ترجمة في كتاب مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - محمد بن حبان، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ).