ظالم بن عمرو أو عمر بن سفيان أبي الأسود الدؤلي

أبي الأسود الدؤلي ظالم

تاريخ الولادة-16 هـ
تاريخ الوفاة69 هـ
العمر85 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةالبصرة - العراق
أماكن الإقامة
  • البصرة - العراق

نبذة

ظَالِم بن عَمْرو بن سُفْيَان، وَيُقَال ابْن عمر، أَبُو الْأسود الدؤلي. علامة العصر والاوان في اللغة، والنحو، والقراءات، أول من وضع علم النحو، وأول من ابتكر نقط المصاحف، قاضي البصرة، الثقة. روى عَن أبي ذَر وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَعمْرَان بن حُصَيْن. وروى عَنهُ يحيى بن يعمر وَابْنه أَبُو حَرْب. وكان فيمن صحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ وكان من المشهورين بصحبته ومحبته ومحبة أهل بيته، مات في الطاعون الجارف سنة تسع وستين.

الترجمة

أبي الأسود الدؤلي
علامة العصر والاوان في اللغة، والنحو، والقراءات، أول من وضع علم النحو، وأول من ابتكر نقط المصاحف، قاضي البصرة، الثقة.
ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن.كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
قال «ابن فارس»: «الدؤل» بضم الدال، وفتح الهمزة: قبيل من كنانة اهـ. وقال «أبي اليقظان» «الدّول» بضم الدال، وسكون الواو، من «بكر بن وائل» وعددهم كثير اهـ. وقد أسلم «أبي الأسود» في حياة النبي صلى الله عليه وسلّم، ولكنه لم ير الرسول عليه الصلاة والسلام، لهذا اعتبره المؤرخون من المخضرمين.قال «أبي عمرو الداني» ت 444 هـ: قرأ «أبي الأسود» القرآن على
«عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب» رضي الله عنهما، كما قرأ على «أبي الأسود» عدد كثير، منهم: «ولده حرب، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وحمران بن أعين». وأخذ «أبي الأسود» الحديث عن «عمر، وعلي، وأبي بن كعب، وأبي ذر والزبير بن العوام» وآخرين.كما حدث عنه: ابنه حرب، ويحيى بن يعمر، وابن بريدة، وآخرون.
وأخذ عن «أبي الأسود» النحو: «عنبسة ميمون الأقرن» ثم أخذه عن «ميمون» «عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي» وأخذ عنه «عيسى بن عمر» وأخذه عنه «الخليل بن أحمد» وأخذه عنه «سيبويه» وأخذه عنه «سعيد الأخفش» (2) وذكر المؤرخون أن «أبا الأسود» أول من نقط المصاحف، وسبب ذلك أنه سمع قارئا يقرأ قول الله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ بخفض لام «ورسوله» فقال: ما ظننت أن أمر الناس قد صار الى هذا، فذهب الى «زياد» وقال له: أريد كاتبا فطنا، فأتى به فقال له «أبي الأسود» خذ «المصحف» ومدادا يخالف لونه لون المصحف، وانظر إليّ وأنا أقرأ القرآن، فإذا فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه، وإذا رأيتني قد ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت فانقط نقطة تحت الحرف، فإذا أتبعت شيئا من ذلك غنة أي تنوينا، فاجعل مكان النقطة نقطتين، وهكذا حتى أتى على القرآن كله، ولهذا اعتبر «أبي الأسود» أول من ابتكر نقط المصاحف. وقال «محمد بن سلام الجمحي»: أبي الأسود هو أول من وضع باب الفاعل
والمفعول، والمضاف، وحرف النصب، والرفع، والجرّ، والجزم، الخ، ثم أخذ ذلك عنه «يحيى بن يعمر».
وقال «المبرّد»: حدثنا «المازني»: قال: السبب الذي جعل «أبا الأسود» يضع أبياب النحو، أن بنت أبي الأسود قالت له: «ما أشدّ الحر»؟
برفع الدال، فقال: الحصباء بالرمضاء، قالت: إنما تعجبت من شدته فقال: أو قد لحن الناس؟ فأخبر بذلك «عليا» رضي الله عنه فأعطاه أصولا بنى عليها، فقال «علي» رضي الله
عنه: «ما أحسن هذا النحو الذي نحوت» فمن ثم سمّى النحو نحوا.
ولقد بلغ «أبي الأسود» القمة في المجد، وكانت له المكانة المرموقة بين العلماء، يقول عنه «الجاحظ»: أبي الأسود مقدم في طبقات الناس، كان معدودا في: الفقهاء، والشعراء، والمحدثين، والفرسان، والنحاة، والحاضري الجواب ... الخ توفي «أبي الأسود» سنة تسع وستين من الهجرة، بعد حياة حافلة في نشر العلم، والقرآن، وتعليمهما. رحم الله «أبا الأسود» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ


 

ظَالِم بن عَمْرو بن سُفْيَان أَبُو الْأسود الدؤلي وَيُقَال عَمْرو بن ظَالِم وَقيل ظَالِم بن عَمْرو بن جندل بن سُفْيَان شهد مَعَ عَليّ صفّين وَولي الْبَصْرَة لِابْنِ عَبَّاس وَمَات بهَا وَقد آمن وَهُوَ أول من تكلم عَن النَّحْو
روى عَن أبي ذَر فِي الْإِيمَان وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي الزَّكَاة وَعمْرَان بن حُصَيْن فِي الْقدر
روى عَنهُ يحيى بن يعمر وَابْنه أَبُو حَرْب.

رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.

 

 

أَخْبَار أبي الْأسود الدؤَلِي:
ظَالِم بن عَمْرو بن سُفْيَان وَيُقَال ابْن عمر

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كَانَ لَا يخرج شَيْئا مِمَّا أَخذه عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام، انَا من أَصْحَابه، ثمَّ انْتقل رَأْي زِيَاد فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَلم ينْتَقل رَأْي أبي الْأسود، وَبَقِي مَا بَينه وَبَين زِيَاد على حَاله.
فَلَمَّا ولي زِيَاد الْعرَاق بعث إِلَيْهِ، يَقُول لَهُ: اعْمَلْ شَيْئا تكون فِيهِ إِمَامًا، تُعرب بِهِ كتاب الله تَعَالَى، وَينْتَفع النَّاس بِهِ.
فاستعفاه من ذَلِك، حَتَّى سمع قَارِئًا يقْرَأ: (إنَّ الله بَرِيءٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَرَسُولِه) . فَقَالَ: مَا ظَنَنْت أَمر النَّاس صَار إِلَى هَذَا.

فَرجع إِلَى زِيَاد، فَقَالَ: أَنا أفعل مَا أَمر بِهِ الْأَمِير، فليتبعني كَاتبا لقناً يفعل مَا أَقُول.
فأُتي بكاتب من عبد الْقَيْس، فَلم يرضه، فأُتي بآخر - قَالَ الْمبرد: أَحْسبهُ مِنْهُم - فَقَالَ لَهُ أَبُو الْأسود: إِذا رَأَيْتنِي قد فتحت فمي بالحرف فانقط فَوْقه نقطة، وَإِذا رَأَيْتنِي قد ضممت فمي فانقط نقطة بَين يَدي الْحَرْف، وَإِن كسرت فَاجْعَلْ النقطة تَحت الْحَرْف، فَإِن اتبعت شَيْئا من ذَلِك غُنَّةً فَاجْعَلْ مَكَان النقطة نقطتين.
فَهَذِهِ نقطة أبي الْأسود.
وَيُقَال: إنَّ ابْنَته قَالَت لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَت، مَا أشدُّ الحرَّ. وَكَانَ يَوْمًا حاراً.
فَقَالَ: مَا نَحن فِيهِ.
فَقَالَت: إِنَّمَا أردْت أَن الْحر شَدِيد.
فَقَالَ: قولي مَا أشدَّ الحرَّ.
ويروى أَنه قَالَ لَهَا مَكَان قَوْله: " مَا نَحن فِيهِ ": إِذا كَانَت الصقعاء من فَوْقك والرمضاء من تَحْتك.

وَرُوِيَ أَيْضا أَن ابْنَته قَالَت لَهُ: مَا أحسنُ السَّمَاء.
فَقَالَ: أَي بنية، المجرة. وَيُقَال: نجومها.
فَقَالَت: لم أرد أَي شَيْء مِنْهَا أحسنُ، إِنَّمَا تعجبت.
فَقَالَ: قولي إِذا: مَا أحسنَ السَّمَاء.
وَكَانَ ينزل فِي الْبَصْرَة، فِي بني قُشَيْر، فَكَانَ يُرجم بِاللَّيْلِ، لرأيه فِي عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام، فيُصبح فيشتكي، فَيَقُولُونَ لَهُ: الله يرجمك.
فَيَقُول: لَو رجمني الله لأصابني، وَأَنْتُم ترجمونني وَلَا تصيبون.
وَقَالَ:
أَلا منْ يشْترِي دَارا بِرُخْصٍ ... كَرَاهَةَ بَعْضِ جِيرَتِها تُباعُ
وَفِيهِمْ يَقُول:

يقولُ الأرْذلُونَ بَنو قُشيْرٍ ... طوال الدَهْرِ لَا يُنسى
أُحِبُّ مُحَمَّدًا حُبًّا شَدِيداً ... وعبَّاساً وحَمْزة والْوصِيَّا
فإِنْ يَكُ حُبُّهُم رُشْداً أُصِبْهُ ... وَلَيْسَ بِمُخْطِئٍ إنْ كَانَ غَياً
وَكَانَت مَعَه امْرَأَة مِنْهُم، فَأصْبح، فَقَالَ لَهُم:
أرَيْتَ امْرَءاً كُنْتُ لَمْ أَبْلُهُ ... أتانِي فَقَالَ اتَّخِذْنِي خلِيلا

فَصَاحَبْتُهُ ثمَّ صافَيْتُهُ ... فَلَمْ أَسْتَفِدْ مِنْ نَدَاهُ فَتِيلاَ
وأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ ... وَلاَ ذَاكِرِ اللهَ إلاَّ قليلاَ
أَلَسْتُ خَلِيقاً بإِبْعَادِهِ ... وأُتْبِعُ ذَلِكَ هَجْراً طَوِيلاَ
فَقَالُوا: بلَى.
فَقَالَ: اشْهَدُوا أَن فُلَانَة - يَعْنِي الْمَرْأَة - طَالِق.
قَالَ الْهَيْثَم بن عدي: أول بَاب أَلفه أَبُو الْأسود فِي النَّحْو بَاب التَّعجُّب.
عمره خمس وَثَمَانُونَ سنة.

وتُوفي فِي طاعون الجارف بِالْبَصْرَةِ، سنة تسع وَسِتِّينَ.
وَفِي بعض الْكتب أَنه تُوفي فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز، هُوَ وَأَبُو طفيل عَامر بن وَاثِلَة.

قَالَ: وهما آخر من بَقِي من شيعَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام.
وَمن شعره:
أَمِنْتُ علَى السِّرِّ امْرَءاً غيرَ حَازِمٍ ... وَلَكِنَّهُ فِي النُّصْحِ غيرُ مُرِيبِ
أَذاعَ بِهِ فِي النَّاسِ حتَّى كَأَنَّهُ ... لعلياءِ نارٍ أُوقِدَتْ بثقوبِ
وَمَا كُلُّ ذِي لُبٍّ بِمُعْطِيك نُصْحهُ ... ولاَ كُلُّ مُؤْتٍ نُصْحهُ بِلِبيبِ
ولكنْ إذَا مَا استجمعا عِنْد واحِدٍ ... فَحَقَّ لَهُ من طَاعَة بنصيبِ
وَله أَيْضا:
زَعَمَ الأمِيرُ أَبُو المُغِيرَةِ أنَّنِي ... شيخٌ كَبِيرٌ قَدْ دَنَوْتُ مِن الْبِلَى
أأَبَا المُغِيرَةِ رُبَّ أَمْرٍ مُعْضِلٍ ... فَرَّجْتُهُ بالنُّكْرِ مِنِّي والدَّهَا

وأنشده ابْن جني " أَبَا الْمُغيرَة " بطرح الْهمزَة.
وَهُوَ الْقَائِل وَقد أدام لبس جُبَّة، لمن قَالَ لَهُ: أما تملها: " رُبَّ مملول لَا يُسْتَطَاع فِرَاقه ".

فَبعث إِلَيْهِ بجباب، فَقَالَ:
كساكَ وَلم تَسْتَكْسِهِ فشكَرْتَهُ ... أَخٌ لَكَ يُعْطِيكَ الجَزِيلَ وَنَاصِرُ
وإِنَّ أَحَقَّ الناسِ إنْ كنتَ شاكِراً ... بِشُكْرِكَ مَن آساكَ والعِرْضُ وافِرُ

وَقيل لَهُ: لَو علقت عَلَيْك تَمِيمَة، فَقَالَ:
أَفْنَى الشَّباب الَّذِي أفْنَيْت جِدَّتَه ... كَرُّ الجدِيديْن مِنْ آتِ ومُنْطلِقِ
لَمْ يتْرُكَا لِيَ فِي طُولِ اخْتِلافِهِمَا ... شَيْئاً أخَافُ عَلْيهِ لَذْعَةَ الْحَدَقِ
وقرأت عَن ابْن الْأَنْبَارِي: دخل أَبُو الْأسود على زِيَاد، فَقَالَ لَهُ: كَيفَ حبك لعَلي عَلَيْهِ السَّلَام؟ فَقَالَ: يزْدَاد شدَّة كَمَا يزْدَاد بغضك لَهُ وحبك لمعاوية شدَّة، وَالله مَا أردْت بحبي لعَلي إِلَّا الله وَمَا عِنْده، وَمَا أردْت بحبك لمعاوية إِلَّا الدُّنْيَا وزخرفها، وَهِي زائلة عَنْك عَن قَلِيل، وَمثلك ومثلي فِي هَذَا قَول الْجعْفِيّ:
خلِيلانِ مُخْتَلِفٌ شأْنُنا ... أُرِيدُ العَلاَءَ وَيَبْغِي السِّمنْ
إذَا مَا رأى وَضَحاً فِي الإنَاءِ ... سَمِعْتَ لَهُ زَهْزَماً كالمُغْنّ

وَقَالَ:
غَضِب الأمِيرُ لِأَن صَدقْتُ وَرُبَّما ... غَضِب الأميرُ على الْكَرِيم المُسْلِم
أأَبَا المُغِيرةِ رُبَّ يَوْم لم يكُنْ ... أهْلُ الْبراءةِ عِنْدكُمْ كالْمُجْرِمِ
اللهُ يعلمُ أنَّ حُبَي صادِقٌ ... لِبنِي النَّبِيِّ ولِلْقَتِيلِ المُحْرِمِ
قَالَ: زهزم صَوت فِيهِ تطريب، يُقَال: بعير مزهزم وناقة مزهزمة، إِذا صوَّتا تصويتاً فِيهِ تطريب.
وَقَالَ بعض المُحْدَثين، يذمُّ رجلا:

لَوْ تَلَبَّسْتَ مِن سَوَادِ أَبِي الأَسْ ... وَدِ لَوْنًا يُكْنَى أَبَا السَّوْدَاءِ
وَتَخَلَّلْتَ بِالْخَلِيلِ وَأَضْحَى ... سِيبَوَيْه لَدَيْكَ عَبْدَ سِبَاءِ
وَتَلَفَّفْتَ فِي كِسَاءِ الْكِسَائِي ... وَتَفَرَّيْتَ فَرْوَةَ الْفَرَّاءِ
لأَبَى اللهُ أَنْ يَرَاكَ ذَوُو الأَلْ ... بَابِ إِلاَّ فِي صُورَةِ الأَغْبِيَاءِ
* * *
أَخْبَار نَحْويي الْكُوفَة:
كَانَ آخر من قَامَ بمذهبهم:

تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم-لأبو المحاسن المفضل التنوخي المعري

 

 

أبو الأسود الدؤلي
وكان أبو الأسود فيمن صحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ وكان من المشهورين بصحبته ومحبته ومحبة أهل بيته، وفي ذلك يقول:
يقول الأرذلون بنو قُشيْرٍ ... طوال الدهر لا تنسى عليا!
فقلت لهم: فكيف يكون تركي ... من الأعمال ما يحصى عليا
أحب محمدا حُبّاً شديداً ... وعباسا وحمزة والوصيَّا
فإن يك حبهم رشداً أصبه ... وفيهم أسوة إن كان غيّا
فكم رشداً أصبت وحزت مجداً ... تقاصر دونه هام الثريا
وكان ينزل البصرة في بني قشير، وكانوا يرجمونه بالليل لمحبته عليّاً رضي الله عنه وأهل بيته؛ فإذا ذكر رجمهم له، قالوا: إن الله يرجمك؛ فيقول لهم: تكذبون، ولو رجمني الله أصابني، ولكنكم ترجمون فلا تصيبون.
وروى أن سبب وضع علي رضي الله عنه لهذا العلم أنه سمع أعرابياً يقرأ: "لا يأكُلُه إلا الخاطئين" فوضع النحو.
ويروى أيضاً أنه قدم أعرابي في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: من يقرئني شيئاً مما أنزل الله على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقرأه رجل سورة براءة، فقال:] أن الله بريءٌ من المشركين ورسولِه [بالجر، فقال الأعرابي: أو قد برئ الله من رسوله! إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه! فبلغ عمر رضي الله عنه مقالة الأعرابي، فدعاه فقال: يا أعرابي، أتبرأ من رسول الله! فقال: يا أمير المؤمنين، إني قدمت المدينة، ولا علم لي بالقرآن، فسألت من يقرئني، فأقرأني هذا

سورة براءة، فقال:] أن الله بريءٌ من المشركين ورسولِه [، فقلت: أو قد برئ الله تعالى من رسوله! إن يكن برئ من رسوله، فأنا أبرأ منه. فقال له عمر رضي الله عنه: ليس هكذا يا أعرابي، فقال: كيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال:] أن الله بريءٌ من المشركين ورسولُهُ [فقال الأعرابي: وأنا والله أبرأ ممن برئ الله ورسوله منه. فأمر عمر رضي الله عنه ألا يقرئ القرآن إلا عالمٌ باللغة، وأمر أبا الأسود أن يضع النحو.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى وغيره: أخذ أبو الأسود النحو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وروى أيضاً أن زياد بن أبيه بعث إلى أبي الأسود، وقال له: يا أبا الأسود، إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسن العرب، فلو وضعت شيئاً يصلح به الناس كلامهم، ويعرب كتاب الله تعالى! فأبى أبا الأسود، وكره إجابة زياد إلى ما سأل، فوجه زياد رجلاً وقال له: اقعد على طريق أبي الأسود؛ فإذا مر بك فاقرأ شيئاً من القرآن، وتعمّد اللحن فيه. فقعد الرجل على طريق أبي الأسود، فلما مر به رفع صوته فقرأ:] أن الله بريء من المشركين ورسوله [بالجر، فاستعظم أبو الأسود ذلك، وقال: عز وجه الله أن يبرأ من رسوله! ورجع من حاله، إلى زياد، وقال: يا هذا، قد أجبتك إلى ما سألت، ورأيت أن أبدأ بإعراب القرآن، فابعث إليَّ ثلاثين رجلاً؛ فأحضرهم زياد، فاختار منهم أبو الأسود عشرة، ثم لم يزل يختارهم حتى اختار منهم رجلاً من عبد القيس، فقال: خذ المصحف وصبغاً يخالف لون المداد، فإذا فتحت شفتيَّ فانقط واحدة فوق الحرف، وإذا ضممتهما فاجعل النقطة إلى جانب الخرف، وإذا كسرتهما فاجعل النقطة في أسفله، فإن أتبعت شيئاً من هذه الحركات غنَّةً فانقط نقطتين.
فابتدأ بالمصحف حتى أتى على آخره، ثم وضع المختصر المنسوب إليه بعد ذلك.

وروى عاصم قال: جاء أبو الأسود الدؤلي إلى زياد وهو أمير بالبصرة؛ فقال: إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم، وفسدت ألسنتها، أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون به كلامهم؟ فقال له زياد: لا تفعل، قال: فجاء رجل إلى زياد، فقال: أصلح الله الأمير! "تُوفِّي أبانا وترك بنوناً"، فقال له زياد: "تُوُفِّيَ أبانا وترك بنونا! "، ادع لي أبا الأسود؛ فلما جاءه قال له: ضع للناس ما كنت نهيتك عنه؛ ففعل.
ويروى أيضاً، أن أبا الأسود الدؤلي قالت له ابنته: ما أحسنُ السماءِ! فقال لها: نجومها، فقالت: إني لم أرد هذا، وإنما تعجبت من حسنها؛ فقال لها: إذن فقولي: ما أحسنَ السماءَ! فحينئذ وضع النحو؛ وأول ما رسم منه باب التعجب.
وحكى أبو حاتم السجستاني، قال: ولد أبو الأسود في الجاهلية، وأخذ النحو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وروى أبو سلمة موسى بن إسماعيل، عن أبيه، قال: كان أبو الأسود أول من وضع النحو بالبصرة.
وزعم قوم أن أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج.
وزعم آخرون أو أول من وضع النحو نصر بن عاصم.
فأما زعم من زعم أن أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ونصر بن عاصم فليس بصحيح؛ لأن عبد الرحمن بن هرمز، أخذ النحو عن أبي الأسود، وكذلك أيضاً نصر بن عاصم أخذه عن أبي الأسود، ويقال عن ميمون الأقرن.
والصحيح أن أول من وضع النحو علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لأن الروايات كلها تسند إلى أبي الأسود، وأبو الأسود يسند إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ فإن رويَ عن أبي الأسود أنه سئل فقيل له: من أين لك هذا النحو؟ فقال: لفقت حدوده من علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ويحكى عن يحيى بن معين رضي الله عنه أنه قال: مات أبو الأسود الدؤلي رضي الله عنه في الطاعون الجارف سنة تسع وستين. قال يحيى: ويقال: إنه مات قبل الطاعون؛ وذلك في خلافة أبي خبيب عبد الله بن الزبير.
وأخذ عن أبي الأسود الدؤلي عنبسة الفيل، وميمون الأقرن، ونصر بن عاصم، وعبد الرحمن بن هرمز، ويحية بن يعمر.
نزهة الألباء في طبقات الأدباء - لأبو البركات، كمال الدين الأنباري.

 

 

ظالم بن عمرو
ظالم بْن عمرو بْن سفيان بْن جندل بن يعمر بْن حلبس بْن نفاثة بْن عدي بْن الديل بْن بكر بْن عبد مناة بْن كنانة، الكناني الديلي أَبُو الأسود، وهو مشهور بكنيته.
ذكره ابن شاهين في الصحابة.
وروى بِإِسْنَادِهِ عن الْقَاسِم بْن يَزِيدَ، عن سفيان، عن بكير بْن عطاء الليثي، عن أَبِي الأسود الديلي، قال: أتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو واقف بعرفة، فأتاه نفر من أهل نجد، فقالوا: يا رَسُول اللَّهِ، كيف الحج، فأمر رجلًا فنادى: الحج يَوْم عرفة، من جاء قبل صلاة الصبح ليلة جمع، فقد تم حجه.
هكذا أورده، وهو خطأ، رواه شعبة، عن بكير، عن عبد الرحمن بْن يعمر الديلي، ورواه غير واحد عن سفيان، كذلك، وهو الصواب، ولا مدخل لأبي الأسود فيه.
وروى عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عَبْد اللَّهِ بْن عثمان بْن خثيم: أن مُحَمَّد بْن خلف، أخبره: أن أبا الأسود أتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبايع الناس يَوْم الفتح، وهذا أيضًا خطأ، رواه أَبُو عاصم، عن ابن جريج، عن ابن خثيم، عن مُحَمَّدِ بْنِ الأسود بْن خلف، أن أباه الأسود حضر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبايع، فسقط عَلَى الراوي الهاء في الكتابة من أباه، فجعله أبا الأسود.
وليس لأبي الأسود الديلي صحبة، وهو تابعي مشهور، وكان من أصحاب علي، فاستعمله عَلَى البصرة، وهو أول من وضع النحو، وله شعر حسن، وجواب حاضر، وأخباره مشهورة، وكلامه كثير الحكم والأمثال.
أخرجه أَبُو موسى.

أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.

 

 

عمرو بن ظالم بن سفيان: يقال هو اسم أبي الأسود الدئلي، والمشهور ظالم بن عمرو، وقد تقدم.

الإصابة في تمييز الصحابة - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني.

 

 

ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلي الكناني: واضع علم النحو. كان معدودا من الفقهاء والأعيان والأمراء والشعراء والفرسان والحاضري الجواب، من التابعين. رسم له علي بن أبي طالب شيئا من أصول النحو، فكتب فيه أبو الأسود. وأخذه عنه جماعة. وفي صبح الأعشى أن أبا الأسود وضع الحركات والتنوين لا غير. سكن البصرة في خلافة عمر، وولي إمارتها في أيام علي، استخلفه عليها عبد الله بن عباس لما شخص إلى الحجاز. ولم يزل في الإمارة إلى أن قتل عليّ. وكان قد شهد معه (صفين) . ولما تم الأمر لمعاوية قصده فبالغ معاوية في إكرامه. وهو - في أكثر الأقوال - أول من نقط المصحف. وله شعر جيد، في (ديوان - ط) صغير، أشهره أبيات يقول فيها: (لاتنه عن خلق وتأتي مثله) مات بالبصرة. ول أبي أَحمد عَبْد العَزِيز بن يحيى الجلودي، كتاب (أخبار أبي الأسود) وللدكتور فتحي عبد الفتاح الدجني (أَبو الأَسْود الدُّؤَلي ونشأة النحو العربيّ - ط) في الكويت .

-الاعلام للزركلي-