ولد الشيخ سالم بو حاجب بمدينة بنبلة من ولاية المنستير سنة 1827م/ 1244هـ، وبها نشأ نشأة بسيطة تحت خمائل الزيتون بين أهله حيث تعلم القرآن ومبادئ اللغة .وسرعان ما بدت عيه علامات الفطنة والذكاء وبعد النظر والتطلع إلى ما هو أفضل .وكان والده من حفظة القرآن، وهو من أسرة عريقة تنتمي إلى عرش سيدي مهذب من عروش صفاقس وتحديدا منطقة الصخيرة، وسيدي مهذب نسبه شريف وشجرة نسبه ترفعه إلى إدريس الأكبر أي من سلالة أهل البيت.
درس الشيخ سالم على شيوخ عصره من الأعلام الكبار من أمثال الشيخ العالم "محمد بن ملوكة" بزاوية خارج الباب القرجاني، فأخذ علوم العربية عن الشيخ "محمد بن عاشور" ولازمه في الجامع وفي زاوية جده خارج باب منارة .كما درس على الشيخ العلامة "محمد معاوية" وأخذ العلوم الشرعية عن الشيخ المفتي "محمد الخضار" والشيخ العلامة " محمد بلخوجة" و العلامة" محمد النيفر" قاضي الجماعة. فاتجهت إليه الأنظار وصار حديث المنتديات العلمية والأسر الكبيرة لما تميز به من حدة الذكاء والنباهة والحرص على أخذ العلوم، مع الجرأة الكبيرة والشجاعة الفريدة في مراجعة الشيوخ ومناقشاتهم، وسرعان ما اعترف له الجميع بعلو المكانة، وسمو العلم والبراعة في دقة الأبحاث وصواب الرأي وبلاغة الحكمة وسداد الفكر .
تولى الشيخ سالم بوحاجب عديد الخطط العلمية والشرعية إلى جانب المهام السياسية التي كلف بها خاصة من قبل الوزير الأكبر خير الدين التونسي ومنها التدريس بالجامع الأعظم ثم إنه تولى الفتوى بعد أن رفض ذلك مرارا كثيرة ولم يقبل إلا بعدما أقسم الملك " محمد الهادي "باي بأن لا يضع خاتمه على تسمية رجل آخر وهو تماما ما حدث للإمام سحنون مع الأمير الأغلبي…
ثم تولى كذلك خطة كبير أهل الشورى المالكية سنة 1919 أما خطة الإفتاء فقد تولاها سنة 1905 ، وقد اشتهر بأختامه التي كان يلقيها في النصف الأخير من شهر رمضان المعظم إثر صلاة العصر من كل يوم بجامع "سبحان الله" وبالمدرسة" المستنصرية".وكان يحضر بعض هذه الدروس ملك البلاد وكل هذه الأختام مكتوبة.وله أيضا خطب منبرية مكتوبة أيضا، واعتنى بطبعها شيخ الصحافة التونسية المرحوم "عبد الرحمان الصنادلي" مدير جريدة الزهرة ولا يزال كثير من الخطباء يقتبسون منها.
المصدر: ويكيبيديا، https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%85_%D8%A8%D9%88%D8%AD%D8%A7%D8%AC%D8%A8
شيخنا أبو النجاة سالم بن عمر بو حاجب البنيلي: نسبة لقرية قرب المنستير من ذرية الشيخ شبشوب دفين الساحل وجده الذي ينتهي إليه نسبه هو الشيخ مهذب دفين عمل الصخيرة فهو الأستاذ الأكبر العلم الأشهر الذي أضحى إمام الأئمة الأعلام والحبر الذي قصرت عن استيفاء فضائله الأرقام والبحر الذي لا تكدره الدلاء ولا يدرك ساحله والبر الذي لا تطوى مراحله أمام المنقولات والمعقولات والمبرهن على حدودها وبراهينها والمقولات حلاّل المشكلات المرجوع إليه في المهمات حامل لواء البلاغة والنحو والأدب المطلع على أسرار كلام العرب سارت بأخباره الرفاق ونال من فضله علماء الآفاق إذا تكلم في المجالس أظهر من درر بحره النفائس وإن حرر أصاب شاكلة الصواب وأتى بفصل الخطاب وإن نظم أزرى بعقد الثريا وإن نثر أخجل زهر الروض الباسم المحيا آية الله الباهرة في التحرير والحجة البالغة في التقرير. كان زكي الأخلاق كريم المعاشرة أنيس المحاضرة جميل المذاكرة، نشأ في حجر أبيه ساعياً فيما يعنيه وحفظ القرآن ثمّ جوده على الشيخ ابن رئيس ودخل جامع الزيتونة فأسهر جفونه واقتطف من أزاهر العلم أصوله وفنونه وأخذ عن أعلام مهتدين من أئمة الدين كأحمد عاشور قاضي باردو وابن ملوكة والخضار وابن طاهر وابن سلامة والشاذلي بن صالح ومحمد النيفر الأكبر وإبراهيم الرياحي ومحمد معاوية وكان غالب تحصيله على أبي الحسن العفيف وشيخي الإِسلام محمَّد بن الخوجة ومحمد بيرم الرابع وعمه مصطفى فامتلأ بالعلم وطابه وكثر لديه طلابه وانتصب للتدريس وأتى بكل نفيس وأفاد وأجاد وألحق الأحفاد بالأجداد ونجب عليه كثير من علماء الدين الذين صاروا من أكابر المدرسين وأعاظم النابغين انحصر جامع الزيتونة في تلامذته وتلامذة تلامذته فلا تجد طالباً إلا وله عليه شيخوخة إما مباشرة أو بواسطة فالزيتونيون عيال عليه ومرجعهم في العلم إليه فمن الفضلاء الأعلام الذين أخذوا عنه الشاذلي ابن القاضي ومحمد القصار ومحمد النجار وحسين بن أحمد ومحمود بيرم وابن أخيه أحمد وأحمد بن الخوجة ومحمد جعيط ومحمد بن يوسف ومحمد السنوسي وإسماعيل الصفائحي وجماعة من هذا النمط الذين لا يشق لهم غبار وظهروا ظهور الشمس في رابعة النهار. قرأت عليه الأشموني على الخلاصة وأوائل الموطأ وأوائل البخاري، ختم الكثير من الكتب العالية كالبخاري والموطأ والعضد على أصلي ابن الحاجب والمغني والمزهر والمطول وصحيح مسلم بشرح الإِمام أبي عبد الله محمَّد المازري المسمى بالمعلم ومدح بقصائد فرائد عند ختمها، جالس الأمراء والوزراء والعلماء والأدباء واجتمع بأعلام من أهل المشرق والمغرب واعترفوا له بالعلم والفضل كالشيخ محمَّد عبده والشيخ عبد الحي الكتاني والشيخ محمَّد يحيى الولاتي الشنجيطي. رحل لتركيا وفرنسا وإيطاليا في مهمات وأقام بإيطاليا نحواً من ست سنين بمعية صديقه أمير الأمراء حسين وزير المعارف وله في ذلك رحلة وكان العضد المتين والمرشد المعين لأمير الأمراء الوزير الأكبر خير الدين صاحب المزايا الخالدة المجيدة والمشاريع النافعة الحميدة وذكر بعضها في التتمة. من تآليفه أنه شارك في تحرير أقرب المسالك في معرفة أحوال الممالك وشرح على ألفية ابن عاصم الأصولية وتقريرات على البخاري ابتدأها من كتاب العلم وأضاف إليها أختامه الرمضانية وهي نحو السنين ختماً جامعة لغرر من المسائل مع ما فيها من التوفيق بين الشريعة المطهرة والتمدن العصري وله رسائل في كثير من الفنون وشعره كله عيون لو جمع لكان ديواناً وله ديوان خطب غاية في الإجادة خطبها في جامع سبحان الله فامتلأ المنبر بها نوراً واهتز سروراً وله تقارير على الأشموني على الخلاصة، تولى الخطط النبيهة شرعية وإدارية منها التدريس بجامع الزيتونة ثم الفتيا سنة 1323 هـ ثم كبير أهل الشورى المالكية سنة 1337 هـ. مولده سنة 1243 هـ ولما قرب الأجل المحتوم نظم أبياتاً وهي آخر منظوم:
ابني لا تأسوا لفقد أبيكم ... فرضاه يكفل بالمنى المستقبله
ما مات من أبقى رجالاً مثلكم ... فحياتكم لحياته كالتكمله
أوصيكمو بالاتحاد وإن تروا ... إخوانكم في البر مني مبدله
وأوصى بكتب بيتين على قبره وهما:
إلهي لا تقطع عن العبد ما به ... تعود من إحسانك المتجدد
بإرشاده في خدمة العلم يرتجي ... لدى الحتف في تاريخه مرشد
ومرشد اسمه الأول وفيه تاريخ ولادته لأنه توفي بعد التاريخ المذكور وهو سنة 1337 هـ[1918 م] بست سنين فيكون عمره تسعاً وتسعين سنة وتوفي عالي الكعب آمن السرب في ذي الحجة سنة 1342 هـ[1923 م] شهد جنازته الأمير والمأمور والخاصة والجمهور دفن والتأسف عليه بالغ غايته والتلهف نهايته وترك أبناء من رجال الكمال منهم ابنه المفضال العلم الحري بالتكريم والتبجيل أمير الأمراء أبو المودة خليل وزير القلم ثم أسندت إليه الصدارة فهو الآن وزيرها الأكبر وعلمها الأشهر ورثاه بعض تلامذته بقصائد منها قصيدة فريدة جادت بها قريحة أخينا العلامة الألمعي الفهّامة ذي الرأي الصائب والفكر الثاقب القاضي بعين دراهم الشيخ أبي عبد الله محمَّد بو شارب بها أبيات ومستهلها:
عمر الفتى إن طال فهو قصير ... وسروره إن جل فهو حقير
وحياته تحكي المنام وإنما ... ريب المنون لحلمها تعبير
فيم الوقوف مع الظواهر وهي في ... نظر البصير إلى الفناء تصير
ومنها:
أمعلمي ما قد جهلت ومثقلي ... منناً ينوء يحملهن ثبير
مهلاً فُديت فإن بين جوانحي ... قلباً يكاد إذا نأيت يطير
من ذا أعاطيه العزاء وكل من ... فوق التراب إلى العزاء فقير
لكنهم ألفوا السكون على الأسى ... ثقة بأنك في غد مسرور
سر آمناً تقفوك ألوية الثنا ... سيرً مداه جنة وحرير
وكواعب ما إن ظمئن وأكؤوس ... ما إن صرفن مزاجها كافور
من كف أمثلة الجمال كأنهم ... بين الحدائق لؤلؤ منثور
ومقاعد للصدق يخفق حولها ... نور وملك فوق ذاك كبير
هذا الجزاء وذا مقال مؤرخ ... مالت لإنسك في الجنان الحور
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية_ لمحمد مخلوف
سالم بن عمر بو حاجب النبيلي:
فاضل مالكي، من أهل تونس. تولى التدريس بجامع الزيتونة ثم الفتيا سنة 1323هـ ثم عُين كبيرا لأهل الشورى المالكية. له (شرح على ألفية ابن عاصم) في الأصول، و (ديوان خطب) ورسائل، وتقريرات على البخاري. واشترك مع خير الدين باشا التونسي في تحرير كتابه (أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك) وله نظم جيد .
-الاعلام للزركلي-
بو حاجب (1244 - 1342 هـ) (1828 - 1924 م)
سالم بن عمر بو حاجب البنبلي من ذرية الشيخ شبشوب دفين الساحل، وجده الذي ينتمي إليه نسبه هو الشيخ مهذب دفين الصخيرة، ولقب بو حاجب أتاه من أحد أجداده الذي ضرب على حاجبه في إحدى المعارك.
كان من أعلام عصره فهو فقيه محقق، لغوي أديب شاعر، له اليد الطولى في المعقولات ملمّ بطرف من التاريخ والجغرافيا والرياضيات، واسع الأفق، غزير الذكاء، ناقد مصيب، ومصلح إسلامي.
ولد ببنبلة ونشأ فيها نشأة قروية، فتعاطى أعمال الفلاحة من خدمة للأرض ورعي للغنم، وفيها حفظ القرآن، ثم التحق بجامع الزيتونة، وأخذ عن أعلامه كالمشايخ إبراهيم الرياحي، وأحمد بن الطاهر اللطيف، وأحمد عاشور قاضي باردو، والشاذلي بن صالح، وعلي العفيف، وشيخ الإسلام محمد بيرم الرابع، ومحمد الخضار، وشيخ الإسلام محمد بن الخوجة، ومحمد بن سلامة، ومحمد بن عاشور المشهور بحمدة لازمه في جامع الزيتونة وفي زاوية جده خارج باب المنارة، ومحمد معاوية، ومحمد ملوكة، ومحمد النيفر الأكبر، ومصطفى بيرم عم محمد بيرم الرابع، وكان دخوله جامع الزيتونة في أواخر سنة 1258/ 1852.
عانى في مبتدأ أمره مضض الفقر، لكنه لم يعقه عن بلوغ غرضه من الارتواء من مناهل المعرفة بصادق عزمه وقوة ارادته وذكائه العجيب وحافظته القوية اللاقطة، وتروى عنه في هذا الصدد غرائب، منها أنه كان يذهب كل يوم من تونس إلى باردو ليطلع على قاموس الفيروزابادي ببيت الباشا بقصر باردو، وفي رواية بقصر الوزير مصطفى آغا حتى كاد يستظهره، وهذا الرصيد اللغوي صاحبه إلى آخر حياته، وأضاف إلى هذا عنايته برواية الشعر، واشتهر وهو ما يزال طالبا بجسارته على مناقشة الشيوخ ومراجعتهم بما يدل على سداد تفكير وقوة حجة وبراعة نقد وتمكن من الموضوع، فذاع صيته في الوسط العلمي بالنبوغ والمكانة العلمية السامية كل هذا كان داعيا لعناية الشيخ محمد بيرم الرابع به فاستدعاه إلى منزله، وصار له جليسا صفيا يتذاكر معه في الأدب، ويساجله الشعر، وفتح له أبواب مكتبته الثرية النفيسة.
وبعد تخرجه درّس متطوعا، ثم اجتاز بنجاح مناظرة التدريس من الطبقة الثانية سنة 1275/ 1859 ثم الطبقة الأولى سنة 1281/ 1864 فكانت مدة تدريسه أكثر من ستين سنة فأخذت عنه أجيال متعاقبة من مشاهيرهم أحمد بيرم شيخ الإسلام الحنفي، والقاضي الحنفي إسماعيل الصفائحي دفين استانبول، وحسين بن أحمد القمار، والشاذلي بن القاضي، ومحمد بيرم الخامس، ومحمد جعيط، ومحمد بن الخوجة، وعبد العزيز الثعالبي، ومحمد السنوسي صاحب التآليف العديدة، والإمام المعمر فخر علماء تونس محمد الطاهر بن عاشور، ومحمد العزيز جعيط، ومحمد القصار، ومحمد مخلوف مؤلف «شجرة النور الزكية» ومحمد النجار، ومحمد بن يوسف شيخ الإسلام الحنفي، وغيرهم كثيرون مما يطول تعداده ويضيق عنه الحصر.
وتدخل شيخه محمود قابادو لتوليته مشيخة المدرسة المرجانية، وانتخبه شيخه شيخ الإسلام محمد بيرم الرابع لكتابة المجلس البلدي عند تأسيسه سنة 1275/ 1859 وفيه تعرف برئيس المجلس الجنرال حسين الذي اقترحه على خير الدين ليكون محررا لتقارير اللجنة الادارية المشتركة الخاصة بمراقبة المالية التونسية سنة 1276/ 1860 وتمت علاقات الصداقة والمودة بينه وبين هذين الرجلين، وأصبحا يكنان له تقديرا واعجابا وهو يبادلهما مثل ذلك في اخلاص ووفاء، لا عن تزلف وتملق المرءوس برئيسه، ومثل هذه الصلات بالمرموقين من رجال الدولة فتحت له باب الاشتراك في العمل السياسي والاداري فانتخب عضوا في المجلس الأكبر سنة 1277/ 1861 وسافر سنة 1288/ 1872 إلى استانبول ضمن البعثة السياسية برئاسة خير الدين لتمتين العلائق وتنظيمها بين تونس والدولة العثمانية، وكان هو المتولي للمفاوضات في تنظيم العلاقات من الناحية الدينية مع شيخ الإسلام.
وسافر إلى إيطاليا التي أقام بها ست سنوات مع صديقه الوزير الجنرال حسين للخصام مع ورثة قابض مالية الدولة التونسية اليهودي اللص نسيّم شمّامة، وهناك أجاد اللغة الايطالية ويروى عنه أنه كثيرا ما يقول كلمة قراتسي الايطالية (أحسنت) في دروسه، ومنها سافر إلى باريس بمناسبة انعقاد المعرض العالمي بها، وهذه الرحلات وسعت أفق تفكيره، وجعلته عارفا بزمانه وبمقومات الحضارة الغربية وتخلف العالم الإسلامي في ركود مما دعاه إلى الإصلاح والدعوة إلى إدخال النظم والآراء التي لا يعارضها الإسلام.
وفتح بدروسه آفاقا جديدة، فكان معرضا عن المناقشات اللفظية العقيمة، مستقل الفكرة في بحثه، ولوعا بمناقشة الآراء وابتكار الأنظار، وله قوة التحليل وبراعة النقد والاحتجاج، فكانت دروسه رياضا مونقة يقبل عليها المستفيدون بنهم ولذة عقلية، وكان من أول الناعين على متأخري الفقهاء التمسك بظواهر النصوص، وإهمال تحقيق المناط، ومن الداعين إلى تحقيق النظر لإبراز مقاصد الشريعة وتطبيقها على الأحوال الحاضرة، وداعيا إلى إصلاح التعليم الديني لتخريج الاكفاء للقيام بهاته المهمة، فلذلك أبدى تحمّسا وانحيازا لإدخال العلوم الرياضية والطبيعية في برنامج التعليم بجامع الزيتونة، ولهذه الغاية أيد تأسيس الجمعية الخلدونية وبهذا يتبين أنه كان في طليعة المصلحين الإسلاميين، وفي زورتي الشيخ محمد عبده إلى تونس كان من المؤيدين له وأعجب كلّ منهما بصحابه، واستحكمت بينهما صلات التعاون في العمل إلى آخر حياته.
ولم يقتصر على نشر مبادئه الإصلاحية بواسطة الدروس فقط بل
توسل بالخطابة الدينية فكان أول مصلح بطريقة الخطابة الدينية، وكان خطيبا في جامع سبحان الله من ربض باب سويقة، وكان يمتاز بشجاعة أدبية نادرة، قيل إنه أول من نقل في دروسه عن ابن القيم في وقت كان الرأي السائد عنه أنه من المبتدعة هو وشيخه ابن تيمية ان لم يقع الارتقاء بهما إلى درجة الكفر.
وإلى جانب ضلاعته من العلوم الشرعية كان ضليعا من اللغة العربية مستحضرا لشواهدها عارفا بعبقريتها وأسرار تركيبها، عارفا بعوائد العرب وأنسابهم غزير الاطلاع على الأدب الجاهلي حتى كان محل اعجاب من كبار علماء اللغة كأحمد فارس الشدياق عند إقامته بتونس.
ولميوله الاصلاحية وآرائه التحريرية، ولسعة مداركه ومعارفه كان محل إكبار واحترام من الزيتونيين ومن الرعيل الأول من خريجي المدرسة الصادقية مثل الاستاذ البشير صفر وغيره من ذوي العزائم الصادقة العاملين على نفع بلادهم بجعلها على صلة بالعلوم الحديثة والتفكير الحديث، ووجدوا فيه خير معين ونصير لما له من صيت ذائع ونفوذ قوي في أوساط المتعلمين.
وله شعر سهل ممتنع، فوق نسق شعر العلماء، ولا يسمو إلى شعر الأدباء المختصين المتفرغين لحوك القريض.
ولمكانته العلمية والأدبية كان الزعيم الموجه للحركات الأدبية والسياسية والصحفية والاصلاحية أواخر القرن التاسع عشر وبداية هذا القرن.
وإلى جانب هذا كله كان مائلا إلى الظرف والنكتة وخفة الروح بعيدا عن الجهامة والعبوسة.
ولي خطة الفتوى سنة 1323/ 1905 ثم خطة باش مفتي سنة 1337/ 1919.
توفي بالمرسى من الضواحي الشمالية لمدينة تونس، ودفن بمقبرة الزلاج.
مؤلفاته:
تقارير على شرح الأشموني على الخلاصة الألفية لابن مالك.
تقارير على شرح صحيح البخاري ابتداها من كتاب العلم، وأضاف إليها اختامه الرمضانية بجامع سبحان الله والمدرسة المنتصرية، ومواضيع هامة من الموطأ، وهي نحو الستين ختما جامعة لغرر من المسائل، مع ما فيها من التوفيق بين الشريعة والتمدن العصري.
ديوان خطب جمع فيه خطبه المنبرية بجامع سبحان الله ط. تونس سنة 1331/ 1913.
ديون شعر.
رحلة.
شرح على الفية ابن عاصم في الأصول
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثاني - صفحة 77 - للكاتب محمد محفوظ