أبو عبد الله الشيخ محمَّد النخلي القيرواني: العلامة الذي ليس له في عصره ثاني كان نقاداً خبيراً أستاذاً كبيراً ميّالاً لتحقيق المباحث نابغة شعلة في الذكاء وفي المحاضرة آية بالغة مع فصاحة التعبير والإجهار بما في الضمير، ذا همة عاصمية ونفس أبية كان يقول الشعر ويجيده. دخل جامع الزيتونة سنة 1304 هـ فأسهر جفونه واقتطف من أزاهر العلم أصوله وفنونه فبرز على الأقران وحمد الإصدار والإيراد في الرهان. أخذ عن شيوخ جلة منهم عمر ابن الشيخ وسالم بو حاجب ومحمود بن محمود وأحمد بن مراد والطيب النيفر ومصطفى رضوان ومحمد النجار. تصدر للتدريس وتخرج عليه الكثير من الفحول منهم من زان المناصب الشرعية والمحاكم العدلية والخطط التدريسية وبالجملة فإنه أستاذ متضلع وعالم متطلع من أعيان شيوخ الطبقة الأولى قضى جل عمره قراءة وإقراء وختم الكتب العالية في فنون شتى فشاع بذلك ذكره وارتفع قدره. توفي بتونس في رجب سنة 1342 هـ وكانت جنازته مشهودة حين إرادة حمل جسده للقيروان وكذلك بالقيروان ودفن بالجناح الأخضر ورثاه بعض طلبته بقصائد فرائد.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية_ لمحمد مخلوف
النخلي (1285 - 1342 هـ) (1867 - 1924 م)
محمد النخلي القيرواني، من أعلام جامع الزيتونة في عصره، كان هو والشيخ محمد الطاهر بن عاشور يشار إليهما بالرسوخ في العلم، وسعة الاطّلاع، وجودة البيان مع الميل إلى آراء الشيخ محمد عبده، دخل جامع الزيتونة سنة 1304/ 1886 فأخذ على جلّة أعلامه كالمشايخ: عمر بن الشيخ، وسالم بو حاجب، ومحمد الطيب النيفر، ومصطفى رضوان، ومحمد النجار، ومحمود بن محمود، وأحمد بن مراد، وصالح الشريف.
وبعد تخرّجه انتصب للتدريس بجامع الزيتونة، وتدرج، واجتاز المناظرات إلى أن وصل مدرّسا من الطبقة الأولى، وتخرّج عليه كثيرون منهم المصلح الجزائري الشيخ عبد الحميد بن باديس، وكان له عليه تأثير. وفي سنوات التدريس ختم الكتب العالية في علوم شتى، فشاع بذلك ذكره، وارتفع قدره، وكانت له شجاعة أدبية في الجهر بآرائه المخالفة للمتعارف في وسطه، ومنها آراء الشيخ عبده في وقت كان فيه الميل إلى مدرسة الشيخ عبده واعتقاد صحة أقوالها عنوان زندقة وانحراف عن الطريق السوي، ومن جملة ما جاهر به إنكاره لمسخ الصور حتى قال فيه الشيخ محمد بوشارب الهلالي (من قصر هلال):
أنكر المسخ وفي خلقته … شاهد عدل لقوم يعقلون
وكان غير جميل الوجه، وكان حرّ التفكير لا يقدس أقوال القدماء بل ينتقدهم، ويبيّن ما في أقوالهم من زيف ومخالفة للمعقول فقاومه المتزمتون الجامدون الذين يرون الحق فيما قاله الأسلاف، ولا يستطيبون إعمال العقل والخضوع لمقاييسه واتهموه في عقيدته لأن في نظرهم تقرير ما يمليه العقل زندقة وانحراف.
وعدا دروسه بجامع الزيتونة درس بالخلدونية فلسفة الأخلاق، وكان عضوا في الجمعية الزيتونية رفقة الشيخ محمد الخضر حسين قصد العمل على إصلاح التعليم الزيتوني، وكان يقول الشعر ويجيده.
توفي بتونس في رجب وحمل جثمانه إلى القيروان، وكانت جنازته مشهودة قبل حمل جثمانه إلى القيروان وكذلك بالقيروان ودفن بالجناح الأخضر.
له ألفيّة في الجغرافيا
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الخامس - من صفحة 26 الى صفحة 27 - للكاتب محمد محفوظ