سويسي (1296 - 1360 هـ) (1878 - 1941 م)
صالح بن عمر سويسي الشريف القيرواني، الاديب الشاعر، والقصاص، المصلح.
ولد بالقيروان ونشأ بتونس حيث ارتحلت إليها أسرته وعلى رأسها والده في سنة 1296/ 1876، واستظهر فيها القرآن بالكتاب، ثم عاد إلى القيروان صحبة والدته، وبقي والده بتونس لقضاء مآرب له فمكث نحو سنة، ثم عزم على الرحيل فمات فجأة ليلة سفره في شهر رمضان عام 1307/ 1887.
ولم يزاول تعلمه بغير الكتاب إلا أنه كان شديد الولوع بالمطالعة، يطالع ما ظفرت به يده من صحف ومجلات شرقية وكتب ودواوين شعر، وتأثر بمدرسة الشيخ محمد عبده الاصلاحية وبتلامذته، ونظم الشعر ذا النزعة الاجتماعية والنزعة الاصلاحية الدينية، ونشرت له الصحف التونسية كالزهرة والنهضة والحاضرة والتونسي والصواب شعره وخواطره وآراءه، وبعث بانتاجه إلى مجلة «الاسلام» المصرية، ومجلة «الفنون» وغرضه - كما قال - هو إيقاظ بني وطنه خصوصا والمسلمين عموما إلى السير على ما كان عليه السلف الصالح وسلوك الناشئة سبيل الرشاد، لكن مقصده هذا النبيل لم يخل من تألب الحساد والمبغضين عليه فحاكوا ضده الدسائس، وزعموا أن له يدا في السياسة والانتقاد على الدولة، وحرروا هذه الدعاوي إلى الكتابة العامة، وجاء إعلام إلى المراقب المدني بالقيروان بتوجهه إلى القسم الأول بالوزارة الكبرى فتوجه إليه سنة 1315/ 1895، ولما مثل بين يدي الوزير الأكبر سئل عما بلغ مسامع الوزارة فأجاب بما ظهر فيه براءته مما نسب إليه، ولم يلق أعداؤه السلاح فاستمروا على حبك الدسائس وكتابة التقارير ضده إلى أن نجحت مساعيهم فنفي إلى بلدة توزر لمدة ثلاثة أشهر، فتوجه إلى توزر صحبة زوجته وخالته سنة 1317/ 1898، وأكرم وفادته أهل توزر، وخصصوا له دارا للسكنى بغير كراء، واتصل بالعالم الاديب قاضي توزر الشيخ يوسف بن عون، وانفتح بينهما سوق الأدب والمساجلات الشعرية.
وهو قصاص يعتبر أبا القصة في تونس والمغرب العربي، ومن كتابها الأوائل في العالم العربي، وله في بعض كتاباته ملامح القصة مثل «اليتيم والنعش» و «منارات تضيء» و «بيوت في الظلام» و «الصخر يمشي» و «خصومة بين مدينة وادارة» الخ. فهو يثير مشاكل اجتماعية وسياسية يمكن تعميمها فتشمل العالم الاسلامي كله.
وشعره سهل لا تعقيد فيه على ما فيه من ضعف الصياغة أحيانا، وخياله قريب الغور، ونثره لم يتخلص من المحسنات البديعية من جناس وسجع الخ، ولا يخلو من بعض الأخطاء النحوية.
قال المرحوم الاستاذ الشيخ محمد الفاضل بن عاشور «وكان متصلا بالشيخ المصلح محمد النخلي القيرواني المدرس بجامع الزيتونة، فهو يقبل على مجالس الشيخ في لهفة، ويطلب منه أن يعقد مجالس للدرس لا ينقطع عن شهودها حتى أصبحت دعوة الشيخ محمد عبده متعة روحه وذكر الشيخ الدخلي لمقامه منها سلواه وعدة ضميره الاصلاحي ففاض شعره ونثره بهذا الوجدان الذي أصبح مسيطرا على نتاجه ومؤثرا على نتاج الادباء من حوله ومن بعده».
ولما بلغ من العمر اثنتين وعشرين سنة نشرت له جريدة «الحاضرة» في سنة 1338/ 1900 أولى قصائده ثم راسل الصحف الاخرى كجريدة «الصواب» وغيرها.
مؤلفاته:
الأناشيد المكتبية، ط تونس سنة 1344/ 1926.
تشطير رباعيات الخيام، مخطوط.
دليل القيروان، ط تونس 1329/ 1911.
ديوان شعر مخطوط.
رسائل الحياة قال عنها المرحوم زين العابدين السنوسي: «مجموعة نثرية من أبدع ما خط في الممالحة» مخطوط.
زفرات ضمير، فيه 14 مقالة في نحو 86 ص، ط تونس 1329/ 1911.
السرور القابل في زيارة تونس ونابل، رحلة ألفها في سنة 1313/ 1893 دوّن فيها مشاهداته وانطباعاته عن زيارته لمدينتي تونس ونابل، مخطوطة.
قراءات الزمان في زيارة باجة وزغوان، وهي رحلة ألفها سنة 1319/ 1900، مخطوطة.
مقامات منشورة بآخر الهيفاء وسراج الليل وعددها 8.
منجم التبر في الشعر والنثر، ألفه سنة 1319/ 1900 جمع فيه الكثير من نظمه ونثره، ويبدو أن مساجلاته الشعرية مع الشيخ يوسف بن عون أوحت إليه بتأليف هذا الكتاب، مط السعادة مصر 1324/ 1906.
النثر البديع في الصلاة على الشفيع، ألفه بعد خمود نار أعدائه وانكفاف دسائسهم، ط على نفقة محمد الحبيب باي بالمط. التونسية سنة 1341/ 1923.
فجائع اليتامى والبائسين، تونس 1911.
الهيفاء وسراج الليل، وهي رواية قصصية في فصول أراد منها تلخيص نظراته الإصلاحية وما يعرفه عن هذه الحركة، وبسط فلسفته في الحياة ونظرته للمجتمع.
وبطله (سراج الليل) في اليمامة بالجزيرة العربية، وأمه (الهيفاء) تركية مثقفة لها اطلاع على الحركات الفكرية في العالم الإسلامي، وأبوه متوفّ وشاءت أمه أن يرتحل إلى مصر ليكرع من موارد العلم وفي طريقهما إلى مصر مرا بلبنان، وأستاذه ومرشده في مصر هو محمد رشيد المصري، وربما كان المقصود به هو الشيخ محمد رشيد رضا.
وهي أول رواية ظهرت بتونس على ما فيها من نقص كضعف العقدة الروائية.
وعند ما صدرت هذه الرواية نوهت بها الصحف التونسية، ونشرت بمجلة خير الدين بالعددين 6 و 7 لصاحبها محمد الجعايبي، وقد طبعت (الهيفاء وسراج الليل) للمرة الثانية بمطبعة الدار التونسية للنشر سنة 1399/ 1978.
وبعد مدة طويلة من نشر المؤلف لها في مجلة خير الدين نشرها ثانية بجريدة القيروان في حلقات ابتداء من العدد 15 - 20 جمادي الأولى 1319/ 10 جانفي 1921 تحت عنوان (شؤون عامة) مع تنقيحات أدخلت بالأصل المنشور بمجلة خير الدين، فحذف المقدمة وعوضها بغيرها، وجعل القيروان محط القاصدين لطلب العلم وليست مصر
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الثالث - صفحة 91 - للكاتب محمد محفوظ