محمود بن نسيب أفندي
تاريخ الولادة | 1234 هـ |
تاريخ الوفاة | 1305 هـ |
العمر | 71 سنة |
مكان الولادة | دمشق - سوريا |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
السيد محمود بن المرحوم السيد نسيب أفندي مفتي دمشق الشام
إمام تصدر في محراب العلم والإمامة، وهمام تسنم صهوة جموع الفضل فملك زمامه، رفع للعلوم أرفع راية، وجمع بين الرواية والدراية، فأصبح وهو كاسر الوسادة، بين الأئمة والسادة، يشنف المسامع بفرائد كلامه، ويشرح الخواطر بما تسطره أنامل أقلامه، فلا ريب أنه عين الزمان ويمينه، لو حلف الدهر ليأتين بمثله حنثت يمينه، فما من فضل إلا وهو في ذاته موجود، ولا من مرغوب إلا وهو له مطلوب ومقصود، قد أجمع كل ناطق بلسان وعارف بحسن واستحسان، على فضله الذي اقتضى لذكره التخليد، فالعالم عرفه بعلمه والجاهل اعتقده بالتقليد، وهو من منذ لاح هلاله في أوجه، لا زال بحر فضله آخذاً في مده وموجه، بزغ من أفق دمشق وبها برع، وترقى إلى أن بلغ فوق ما يتعلق به الطمع.
وكان قد ولد سنة أربع وثلاثين ومائتين وألف في دمشق الشام، ونشأ في كنف والده السيد الهمام، وأحسن القراءة والكتابة وهو ابن اثني عشر، ثم جد في طلب العلوم على السادة الغرر، حتى برع وفاق أقرانه، وفضل أترابه وأخدانه، وتخرج على مشايخ عصره الأفاضل، حتى احتوى على أنواع الفضائل، وأتقن علم الفقه والتفسير والكلام والحديث والأصول والعربية والمنطق والبيان والفرائض والحساب والعروض والحكمة، وله مطالعة قوية في كلام السادة الصوفية، وعلا شأنه في الآداب وفاق، وطار صيته في الأقطار والآفاق. وعين في أيام شبابه نائباً في محكمة البزورية، ثم في محكمة السنانية، ثم في محكمة الباب الكبرى، ثم في سنة ست وستين صار عضواً في مجلس إيالة دمشق الشام الكبير عقب وفاة والده، وفي سنة تسع وستين عين مديراً لأوقاف إبالة الشام، وبعد مرور سنة أحيلت لعهدته رياسة مجلس الزراعة، وفي سنة تسع وستين صار ناظراً للويركو، ثم ذهب من دمشق مع عارف باشا واليها الأسبق إلى خربوت حين عين كتخدا الإيالة هناك، ثم عاد إلى الشام وأعيد لعضوية المجلس الكبير. ثم في سنة ثلاث وسبعين أضيفت له مأمورية الدفتر الخاقاني في إيالة الشام، علاوة على كونه عضواً في المجلس المذكور، وفي سنة سبع وسبعين عين في هيأة المجلس الذي أسسه المرحوم فؤاد باشا حين وقعت الشام في ورطة الفتنة التي وقعت من رعاع دمشق وقراها، ومن الفرقة الدرزية، وحرقوا محلة النصارى، ووقع ما وقع من السفك والنهب وكان في ذلك الوقت حضرة الأمير السيد عبد القادر الجزائري قد بذل في حماية النصارى جهده، وأوسع لهم عطاءه ورفده، وذلك كان منه رحمة بأهل الشام، لما يعلم أن ما وقع منهم موجب للمجازاة والملام. وكان هذا الأمير له رعاية بالمترجم المرقوم وحسن تودد، فحينما حضر فؤاد باشا إلى الشام غب الواقعة، خفض رؤوسها وأذل نفوسها، وشتت شملها، وأثقل حملها، بيد أن الأمير المرقوم كان حينئذ عين الشام وهامها، وسيدها وهمامها، لا تعتمد الوزارة والقناصل إلا عليه ولا تجنح في مهماتها إلا إليه، فرتبته هي المرفوعة، وكلمته هي المسموعة، فحينما أزمعت الوزارة على نفي الأعيان، وإيقاع كثير من الناس في حضيض الذل والهوان، ضم حضرة الأمير حضرة المترجم إليه وشهد به لتخليصه أنه كان للحماية والوقاية ممن يعتمد عليه، فعلا قدره وحسن في الحكومة ذكره، واستثنى من التكاليف والنوائب، ولاحظته عين العناية في نوال المآرب، فأدامت له الرعاية إجلاله، ولم يزل عضواً في مجلس الإيالة، واضطره الأمر إلى أن قال في أهل بلده ووطنه ما لا يقال، مما هو موجب للملام الشديد، والاعتراض الذي ما عليه من مزيد، وربما يعتذر عنه بأن ذلك كان منه وسيلة للخلاص، مما وقع لغيره من الخواص، ونص ما قاله وهو فيه معذور، ولا يبعد أن يقال أنه عليه مقهور ومجبور:
أشرقت بالعدل أنوار الشآم ... مذ فؤاد الملك والاها نظام
أشرقت من بعد ما قد أظلمت ... برهة لا ينجلي عنها ظلام
مدة يسطو بها قوم على ... معشر الذمة ظلماً واحتكام
لا يرى أمر بمعروف ولا ... نهيهم عن منكر أدى ملام
غير قوم أقعدتهم قلة ... عن أداء الفرض في هذا المقام
بادروا بالردع لكن لم يفد ... في حمى جمع النصارى بالتمام
واستقام البغي فينا سبعة ... يا لها من سبعة سود قتام
لا أزال الله عن مملكة ... ظل سلطان ولا حد الحسام
كان فينا حاكم بل بم يكن ... حيث أعطى موضع الفصد الصيام
إن للأحكام وقعاً باهراً ... حكمة الحكام إبراء السقام
كم جرعنا للحق سيفاً قسور ... عادل مولى غيور ذو اهتمام
شمس أفق الوكلا سيدهم ... فرقد في الوزرا بل تاج هام
ملك عثمان به مفتخر ... بل ملوك الأرض من سام وحام
عدل القطر الشآمي عدله ... وصحا من بغيهم قوم نيام
رأيه القداح في أهل الشقا ... جالب فيه القضا حط وسام
علمه في الكون لو قسمه ... لن ترى في الخلق وحشياً يذام
عزمه في الصخر لو أنفذه ... ذاب ذاك الصخر وانهل انسجام
حلمه في الأرض لو وزعه ... لن ترى فيها هياجاً واضطرام
وعده بالخير حقاً ناجز ... أي ومن زين بالطوق الحمام
انصف المظلوم من ظالمه ... ويلكم من غدركم أهل الشآم
يا أهيل الشام ماذا غركم ... إذ غدرتم ملة حازوا زمام
يا وحوشاً صادفت في غابها ... آمناً واستقبلته بالسهام
ويحكم ما خفتم سلطانكم ... إن مولاكم عزيز ذو انتقام
خنتم قول الرسول المصطفى ... في حديث صح من أحلى الكلام
إن من أجرى دماهم لم يرح ... ريح طوبى حبذا تلك المشام
حرم الأعراض مع أموالهم ... والدما عهداً إلى يوم القيام
إذ لهم من كل حق مالنا ... وعليهم ما على أهل السلام
بئسما خنتم به قرآنكم ... بئسما عاملتموهم يا لئام
أي قرآن محل فعلكم ... أي برهان على وزر حرام
فتككم بالآل محفوظ لكم ... وهو منقول لنا من ألف عام
أي علم زانكم بين الورى ... أي فضل كنتم فيه أمام
جبنكم أصغره طود حرا ... عقلكم أكبره أوهى المشام
حلمكم ذاك الحماري الذي ... شاع بالأمثال ضرباً بالأنام
أي إقدام لكم يوم الوغى ... أي إقدام لكم عند الصدام
أي آراء لكم محمودة ... إنكم أطيش من فرخ النعام
ما لكم من خصلة محمودة ... غير وضع النقص في القوم الكرام
أحسن الحالات عندي لكم ... إن توافوا جحفلاً ورد الحمام
أيد الله على إقليمكم ... ذا المشير الناظر السامي المقام
إذ قوام الدين والدنيا معاً ... بانبعاث الرسل أو عدل الإمام
بئس مصر قد خلت من حاكم ... جور سلطان ولا عدل عوام
وقد علمت أنه لولا ضرورة المقام، لكثر المتصدون للرد وإبطال هذا الكلام، ولكن كان مقصود الناظم الخلاص، مما دهى غيره ولات حين مناص، غير أنه نهج منهج الغلو، وتنازل عن منازل الرفعة والعلو، وهجا أهل الشام من قديم وحديث، وطيب وخبيث، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل ذلك، ولا سلك بأهل الشام هذه المسالك، بل مدحها وأهلها، وأوصى بها وأجلها، وهب أنه أذنب بعض أهل الشام، فلا ينبغي تقبيح الخاص والعام، بل الفاعل بالذم أحرى، وقال الله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " ومن طالع صحيح البخاري وكتب التاريخ المعتمدة، وجد أن قصة الحسين ليست لأهل الشام مستندة، على أن يزيد الملعون لم يكن من أهل الشام، وليس له بها من قرابة ولا نسب، وإضافة هذه القصة لأهل الشام خالية عن المعرفة وموجبة للعجب، ولكن طوبى لمن عقل لسانه وكفه، وأطلق بالخير بنانه وكفه، ولو سكت الكليم لرأى العجائب، ولو صمت يوسف لعصم النوائب، وليت شعري من في الشام الآن ممن كان في ذلك الزمان، ما بقي بها إلا مهاجر أو غريب، وإنكار ذلك أمر غريب. ويكفي للعاقل أن يتخلص من المكروه بجميل أحواله، بدون أن يلقي أخاه في أوحاله، فعلى كل حال لم يكن المترجم ممدوحاً بذلك، بل سلك أوعر المناهج والمسالك، والملام إنما يكون على ذوي المضرة والباس، لا على جميع الناس. فكيف يجوز أن يؤخذ زيد بجريمة غيره، وأن يعامل بالقبيح على معروفه وخيره:
ليس الفتى كل الفتى ... إلا الفتى في أدبه
وبعض أخلاق الفتى ... أولى به من نسبه
ولولا أن أهل الشام الآن من شيعة آل البيت، لقوبلت هذه القصيدة بكيت وكيت، ولكن الحب يدعو إلى الصبر، وإن تحمل الإنسان ما يوغر الصدر، على أن القبيح لا يقابل بالقبيح، وإلا فما فضل المليح على القبيح، وما هي إلا زلة عالم، وجهت على قائلها لسان اللائم. هذا وإنه في سنة أربع وثمانين في أيام ولاية المرحوم راشد باشا قد فصل إفتاء الشام عن المرحوم أمين أفندي الجندي، ووجه إلى المترجم، وفي سنة تسع وتسعين أضيفت له أيضاً مديرية معارف الولاية الجليلة، وأول رتبة وجهت إليه باية إزمير المجردة، سنة اثنتين وسبعين، وفي سنة إحدى وتسعين بدلت برتبة البلاد الخمس، مع الوسام المجيدي، من الطبقة الثالثة، وفي سنة ست وتسعين رفعت درجة لكي تكون موصلة لباية الحرمين الشريفين، وأعطي النيشان العثماني من الطبقة الثالثة أيضاً، ثم وجهت عليه رتبة الحرمين الشريفين سنة تسع وتسعين. ثم في سنة ألف وثلاثمائة وجهت عليه باية استانبول مع النيشان المجيدي من الطبقة الثانية، مع أنه في اصطلاحهم من مقتضى الباية المذكورة أنها لا تعطى لمن يكون خارج الآستانة، وارتفع قدره ومقامه، وشاع ذكره واحترامه، وتعاظم جاهه وإن كان به بخيلا، وزاد إقباله عند الناس وإن كان لا يعد من سواه إلا ذميماً قليلا.
ومن تآليفه تفسير القرآن الكريم بالحروف المهملة سماه درر الأسرار، وكتاب في اللغة سماه دليل الكمل إلى الكلام المهمل ومنظوم غريب الفتاوى، والفتاوى المحمودية نثراً في أربع مجلدات، ونظم الجامع الصغير للإمام محمد في ثلاثة آلاف بيت، ونظم مرقاة الأصول لملا خسرو، والنور اللامع في أصول الجامع، والقواعد الفقهية، والطريقة الواضحة إلى البينة الراجحة، والتفاوض في التناقض، ورفع المجانة في حكم الغسل في الإجانة ورفع الستور عن المهاياة في الأجور، ورفع الغشاوة عن أخذ الأجرة على التلاوة، ورسالة في مصطلح صاحب الهداية، وتنبيه الخواص، ورسالة في خلل المحاضر والسجلات، وجامع الأسانيد، والأحاديث المتواترة، ورسالة في بيان المرصد والكدك ومشد المسكة والحكر ونحوها، ورسالة في الماس والزمرد والياقوت، وأرجوزة لطيفة في فن الفراسة، ومجموعة صغيرة في مسائل فقهية، وله ديوان شعر بديع، قد أجاد فيه أنواع البديع، فمن نظمه مادحاً حضرة العارف بالله الأمير السيد عبد القادر الجزائري قوله:
هذا بريد اليمن والتوفيق ... وافاكم في محفل التصديق
وافى يترجم عن بشير خلفه ... في موكب التشويف والتشويق
يا سادتي يا آل طه مقولي ... في مدحكم عار عن التشديق
ومتى أحاول مدحةً لسواكم ... ألقاه مكتسباً من التمطيق
حيث المديح إلى علاكم والسوى ... جزؤ من التطبيق والتلفيق
لكنه في الغير يسهل مأخذا ... ويجول طرفي فيه كل طريق
وأرى يراعي صار سهماً صائدا ... خشن المعاني عند كل فريق
وإذا يغص يوماً لدر مديحكم ... ويلاه كم يحتار في التطريق
ويعود صفراً من مآمل أمها ... من بعد روم الدر والتعميق
فأعض إصبع نادم حرصاً على ... ما فاته متتابع التصفيق
وأقول علك يا يراعي واهن ... أو قد نسيت مسالك التدقيق
قد كنت لي نعم المسامر في الدجى ... ما هكذا شرط الإخاء صديقي
غواص تيار المعاني مخرجا ... من معدن الألفاظ كل رقيق
فأجابني مهلاً فهذا مركع ... لا مرتع لسوابق المطيق
هذا الهمام الشهم شمس الغرب من ... حجبت بها المداح عن تحديق
هذا الذي أعي الفرنج فرنده ... والرمح بالتحليق والتخريق
هذا الذي أسراه قد شهت له ... منهم لدى التطويل والتوثيق
هذا الذي إن قابلوه قلوبهم ... تقضي من التصفيق والتخفيق
هذا الذي حاز العلوم مع التقى ... وكذا السخا زهداً مع التوفيق
هذا الذي شكرت شمائله الورى ... طراً سوى البطريق والزنديق
إن كنت تطمع في انحصار خصاله ... فلقد وقفت مواقف التضييق
فعجبت من قلم يهذب ربه ... إذ قال قولة ناصح وشفيق
وأجبته يا ذا اليراع مسلم ... ما قد نقلت ومحكم التنسيق
أنا لم أرم عرض المديح لسيد ... كلت بحضرته يد التنميق
لكنني أبغى الوفود مهنئاً ... لقدوم مولود غدا تمليقي
وتفاؤلاً بالصدق منه تيمنا ... وتبركاً سماه باسم عتيق
أهلاً بمن وافى أمانا للملا ... من فتنة التحريق والتغريق
إذ قد روينا في الحديث مصححا ... أن الأمان بكم على التحقيق
تاريخ حمد في جمادى عامنا ... لقبت عبد الله بالتصديق
يا أيها المفضال يا غوث الورى ... يا كعبة الراجي لكل مضيق
كم أشرقت في الغرب أقمار لكم ... والآن قد بزغت من التشريق
فلذاك محمود يزف عروسة ... غصت قوافيها من التدقيق
تمشي على استحيا رضيعة يومها ... وافت حماكم خشيه التعويق
ترجو مسامحة القصور لسنها ... لولاه كم أبدت من التعشيق
لا زلت بدراً والكواكب حوله ... منظومة التدوير والتحليق
ثم كتب في إمضائه بخط يده: عبودية الداعي لكم بطول البقا وسمو الارتقا، مدى الأيام، محمود الحراني غفر الله له ولوالديه آمين.
ومن مشايخ المترجم الشيخ عبد الرحمن الكزبري والشيخ سعيد الحلبي والشيخ حامد العطار والسيد محمد عابدين والشيخ نجيب القلعي ووالده نسيب أفندي، وغيرهم من المشايخ العظام والقادة الكرام، فأتقن وحقق وتضلع في العلوم ودقق، وكان كثير المذاكرة حسن المحاضرة، ذا نطق فصيح وذكاء راجح مليح، وحافظة جيدة سامية، وتقريرات نحو الصواب وامية.
وقبل موته بنحو أربع سنين لازم داره، وجعل مطالعة العلوم وتحقيق المسائل مركزه ومداره، وكنت لا أجتمع معه في جمعية، إلا ويذاكرني في مشكل المسائل خصوصاً في الاصطلاحات الصوفية، ولم يزل صيته يعلو وقدره يسمو، إلى أن دعاه داعي المنون إلى حضرة من أمره بين الكاف والنون، وذلك منتصف ليلة الاثنين تاسع شهر محرم الحرام سنة خمس وثلاثمائة وألف، وصلى عليه في جامع بني أمية ما ملأ الجامع مع اتساعه من علماء ووزراء وفضلاء وغيرهم، ثم ساروا به في موكب عظيم إلى تربة الفراديس المعروفة بمقبرة الدحداح.
وفي تلك الليلة اجتمع من أعيان البلدة وصدورها جملة في دار الشيخ سليم أفندي العطار، وسطروا عرض وحضر إلى الوالي وكان غائباً في مدينة صيدا، وقدموه له في توجيه الإفتاء إلى أخيه أسعد أفندي، وكتب بموجبه مضبطة في مجلس إدارة الولاية، ثم في ثاني يوم كتب عرض محضر آخر وختم في بأختام جماعة آخرين بطلب توجبه الإفتاء إلى حضرة محمد أفندي المنيني، وقدم كذلك إلى الوالي، فأرسل الوالي الأوراق جميعاً إلى باب المشيخة مع كتابة منه خاصة سرية تجنح لتقديم منيني أفندي على أسعد أفندي، ثم إنه كثر بين الناس القيل والقال، وتفرقت الكلمة واتسع على الناس المجال، إلى أن مضى أيام، فجاء الأمر من المشيخة بتوجيه الإفتاء على محمد أفندي المنيني الهمام، فانقطع الخصام والجدال، ولم يكن إلا ما أراد ذو الجلال. ومن جملة من رثى المترجم المرقوم منير زاده محمد صالح أفندي فقال:
كل نفس ذائقة الموت حتما ... وإلى الله ترجع الناس حتما
ومنها:
كيف لا تبكي العالمون دماء ... لفقيد قد أورث الخلق غما
سيد القطر واحد العصر فضلا ... مع حسن الأعمال قد فاق علما
فهو محمود طاب حياً وميتاً ... وغدا الاسم فيه طبق المسمى
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.