حسن بن محمد العطار

العطار الأزهري المصري

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة1235 هـ
مكان الولادةمصر - مصر
مكان الوفاةالمغرب - المغرب
أماكن الإقامة
  • بلاد الروم - بلاد الروم
  • بلاد الشام - بلاد الشام
  • القاهرة - مصر
  • دمياط - مصر

نبذة

الشيخ حسن بن محمد الشهير بالعطار الأزهري المصري مولدا المغربي محتدا عظيم شأن لا عيب يضاف إليه، سوى أن أهل عصره قد دار أمرهم في علومهم عليه، فهو فرد المعارف والعوارف، وكعبة حرم اللطائف لكل طائف، به جمال محيا العلم قد ازدهى، وإليه كمال الفهم قد انتهى، فلله دره من همام قد ارتقى سماء الفضائل، وانتقى لنفسه أحسن الخصال والشمائل. ولقد انفرد في علم الأدب وأجاد فيما نظم ونثر، وأحاطت به الفنون إحاطة الهالة بالقمر، وكان مقره بالجامع الأزهر، والمقام الأنور

الترجمة

الشيخ حسن بن محمد الشهير بالعطار الأزهري المصري مولدا المغربي محتدا
عظيم شأن لا عيب يضاف إليه، سوى أن أهل عصره قد دار أمرهم في علومهم عليه، فهو فرد المعارف والعوارف، وكعبة حرم اللطائف لكل طائف، به جمال محيا العلم قد ازدهى، وإليه كمال الفهم قد انتهى، فلله دره من همام قد ارتقى سماء الفضائل، وانتقى لنفسه أحسن الخصال والشمائل. ولقد انفرد في علم الأدب وأجاد فيما نظم ونثر، وأحاطت به الفنون إحاطة الهالة بالقمر، وكان مقره بالجامع الأزهر، والمقام الأنور. ولما استولى الفرنسيس على مصر، وجعل زمامها إليه بالقوة والقهر، وسام أهلها كل ضيم وبلية، وكاد أن يجرعهم كؤوس المنية، خرج المترجم فاراً بنفسه إلى دمياط، لما حصل في مصر من الشطط والشياط، وفي عام ألف ومائتين وسبعة عشر، توجه إلى بلاد الروم فاستقام بها مدة واستقر، وفي سنة خمس وعشرين توجه إلى الشام، فدخلها زوال يوم الجمعة ثاني شهر ربيع الأول شهر ولادة سيد الأنام، فتلقاه أهلها بما لاق، وعقدوا على تفوقه وتفرده بالفضائل كلمة الاتفاق، فتعلق به والدي تعلق اللازم بالملزوم، وحضر دروسه في أكثر العلوم والفنون، فكان لوالدي كالروح للجسد، وكان هو يقبل على والدي إقبال الوالد على الولد، لما يرى له من علو الهمة، وسهر الليالي المدلهمة، ولم يزل لمجالسه ملتزما، وفي سلك الملتقطين لدرر نفائسه منتظما، إلى أن خرج من الشام بعد الثلاثين، وكان قد استقام بها نحواً من خمس سنين، فرجع إلى مصر بعد هذه المدة، وكان قد زال عن مصر ما كان بها من شدة، وحينما عزم على السفر استجازه والدي فأجازه، وأنعم عليه بهذه الإجازة، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم.
إن أحسن ما يقدمه السائل في مقاصده، ويلتزمه في مصادره وموارده، حمد الله بأعظم محامده، وشكره على أيمن بره وعوائده، فهو الذي يجيب السائل إذا دعا، ويثيبه على ما إليه من الخير سعى، شرف هذه الأمة باتباع أشرف رسول وكتاب، فانجاب بصبح شريعته من دياجي الجهالات جلباب، ودخل الناس في دين الله افواجاً من كل باب، وقامت بنصره صحابته الأطهار، وأشياعه الأخيار، فباؤوا بحسن المثاب، وخير المآب، ولم تزل هذه الشريعة الغراء المحجة البيضاء واضحة البرهان، مشيدة الأركان، بوراثة العلماء، وجهابذة العظماء، على خدمتها قوامون، قليلاً من الليل ما يهجعون، للأحكام يستخرجونن وللدقائق الجسام يستنبطون، وكلما مضى سلف، أعقبه خلف، وهكذا حتى تقوم الساعة، وتنقضي الدنيا التي هي كساعة، فلله من خصيصة بهذه الأمة اختصت، وامتازت بها عن غيرها وجلت، فعليه من المولى سحب صلاة يتوالى مدرارها، ويتسامى تكرارها، وعلى آله وصحبه، وجنده وحزبه، ما لمع برق، وتدفق ودق، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد فإن الشاب الفاضل، والأديب العالم العامل، الشيخ حسن بن الشيخ إبراهيم البيطار، قد حضر عندي حينما حضرت إلى الشام، جميع دروسي التي قرأتها على التمام، حضور تدقيق ودراية، غير أنه قد حضر تلاوة قليل من الأحاديث الشريفة على طريق الرواية، ثم استجازني بما تجوز لي روايته، وتستند إلي عن شيوخي الأعاظم درايته، فتمنعت قدر الإمكان، واعترفت بأني لست من أهل هذا الشأن، وعندما ألح علي استخرت الله وأجزته، وبمطلوبه ومرغوبه أسعفته، بما تجوز لي روايته وتنسب إلي درايته، عن أشياخي الذين اقتبست أنوارهم، واغتنمت أسرارهم، فهم ولله الحمد عدد كثير كل له قدر خطير، فمنهم العلامة الشيخ محمد الصبان، والفهامة الشيخ أحمد بن يونس، والشيخ عبد الرحمن المغربي، والشيخ محمد الشنواني، والشيخ عبد الله سويدان، وغير هؤلاء من السادة الشافعية، وأما من السادة المالكية: فالإمام الشيخ محمد الأمير، والشيخ محمد عرفه الدسوقي، والشيخ أحمد برغوث، والشيخ البيلي، وغيرهم. وقد يسر الله لي حين سياحتي في الديار الرومية والشامية والحجازية، فرأيت جهابذة فضلاء، وأساتذة نبلاء، قد تسنموا غارب الفضل، واجتنوا ثمار العقل، فأخذت عنهم بعضاً من العلوم، وربحت تجارتي بما استفدته من دقائق المنطوق والمفهوم، وكذلك قد أجزته بما لي من التآليف، التي انتهزت فيها من الدهر فرصة بعد طول تسويف، فهي جملة من الرسائل والحواشي والشروح، التي لا تخلو إذا نظرت بعين الانتقاد عن مطاعن وجروح، فليست مما يستحق أن ينشد في المجالس والمحافل، ويذكر في مجالس الأفاضل، ولكن سأذكر بعضها إزاحة لعلة التشوف، وتبريداً لغليل التطلع والتهلف، فمنها حاشية شرح قواعد الإعراب، وحاشية الأزهرية، وحاشية العصام على الوضعية، وحاشية شرح إيساغوجي، وحاشية النخبة، وحاشية السمرقندية، وحاشية السلم، وحاشيتان على ولدية المرعشي في آداب البحث، وشرح المنظومة الوضعية، وشرح المنظومة التي في آداب البحث، وشرح منظومة التشريح، وشرح نزهة الشيخ داود في الطب، وحاشية شرح أشكال التأسيس في علم الهندسة، وحاشية المغني، أسأل الله أن يتمها. ولنا رسائل عديدة في مسائل متفرقة من علم الحكمة، والكلام وغير ذلك. وقد أجزته بجميع ذلك بشرطه المعتبر، عند أهل النظر، سائلاً من الله أن يصلح أحوالنا، ويبلغنا آمالنا، وأرجوه أن لا ينساني من صالح الدعوات، في سائر الأوقات، والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. كتبه بيده الفقير حسن بن محمد الشهير بالعطار، خادم العلم الشريف بالأزهر، عفا الله عنه بمنه.
انتهى كلام هذا المترجم رفع الله قدره، وجعل أعلى الجنة مقره. ثم إنه لم يزل يترقى مقامه وقدره، ويعظم بين الناس جاهه وفخره، والناس يقصدونه من كل جانب، لما اشتمل عليه من الفضائل والمناقب، إلى أن خطبته المنية، إلى الدار العلية، وذلك في حدود سنة ألف ومائتين وخمس وثلاثين.

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.