محمد بن علي الصبان المصري أبي العرفان

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة1206 هـ
مكان الولادةالقاهرة - مصر
مكان الوفاةالقاهرة - مصر
أماكن الإقامة
  • القاهرة - مصر

نبذة

الشيخ السيد محمد أبي العرفان بن علي الصبان الشافعي الأشعري المصري. الإمام الذي لمعت في أفق الفضل بوارقه، وروى أفئدة الواردين عذب شراب عرفانه ورائقه، لا يدرك بحر وصفه الإغراق، ولا تلحقه حركات الأفكار ولو كان لها في مضمار الفضل السباق، العالم النحرير واللوذعي الشهير.

الترجمة

الشيخ السيد محمد أبي العرفان بن علي الصبان الشافعي الأشعري المصري
الإمام الذي لمعت في أفق الفضل بوارقه، وروى أفئدة الواردين عذب شراب عرفانه ورائقه، لا يدرك بحر وصفه الإغراق، ولا تلحقه حركات الأفكار ولو كان لها في مضمار الفضل السباق، العالم النحرير واللوذعي الشهير.
ولد بمصر وحفظ القرآن والمتون، واجتهد في طلب العلم وحضر أشياخ عصره وجهابذة مصره، فحضر على الشيخ الملوي شرحه الصغير على السلم، وشرح الشيخ عبد السلام على جوهرة التوحيد، وشرح المكودي على الألفية، وشرح الشيخ خالد على قواعد الإعراب، وحضر على الشيخ حسن المدابغي صحيح البخاري بقراءته لكثير منه، وعلى الشيخ محمد العشماوي الشفا للقاضي عياض وجامع الترمذي وسنن بن داوود، وعلى الشيخ أحمد الجوهري شرح أم البراهين لمصنفها بقراءته لكثير منها، وعلى الشيخ السيد البليدي صحيح مسلم وشرح العقائد النسفية للسعد التفتازاني وتفسير البيضاوي وشرح رسالة الوضع للسمرقندي، وعلى الشيخ عبد الله الشبراوي تفسير البيضاوي وتفسير الجلالين وشرح الجوهرة للشيخ عبد السلام، وعلى الشيخ محمد الحفناوي صحيح البخاري والجامع الصغير وشرح المنهج والشنشوري على الرحبية ومعراج النجم الغيطي وشرح الخزرجية لشيخ الإسلام، وعلى الشيخ حسن الجبرتي التصريح على التوضيح والمطول ومتن الجغميني في علم الهيئة وشرح الشريف الحسيني على هداية الحكمة قال: وقد أخذت عنه في الميقات وما يتعلق به، وقرأت فيه رسائل عديدة، وحضرت عليه في كتب مذهب الحنفية كالدر المختار على تنوير الأبصار وشرح ملا مسكين على الكنز، وعلى الشيخ عطية الأجهوري شرح المنهج مرتين بقراءته لأكثره، وشرج جمع الجوامع للمحلى، وشرح التلخيص الصغير للسعد، وشرح الأشموني على الألفية وشرح السلم للشيخ الملوي وشرح الجزرية لشيخ الإسلام والعصام على السمرقندية وشرح أم البراهين للحفصي وشرح الأجرومية لريحان آغا، وعلى الشيخ علي العدوي مختصر السعد على التلخيص وشرح القطب على الشمسية وشرح شيخ الإسلام على ألفية مصطلح الحديث بقراءته لأكثره وشرح ابن عبد الحق على البسملة لشيخ الإسلام ومتن الحكم لابن عطاء الله، رحمهم الله تعالى أجمعين.
قال: وتلقيت طريق القوم وتلقين الذكر على منهج السادة الشاذلية الأستاذ عبد الوهاب العفيفي المرزوقي وقد لازمته المدة الطويلة وانتفعت بمدده ظاهراً وباطناً، قال: وتلقيت طريق ساداتنا آل وفا، سقانا الله من رحيق شرابهم كؤوس الصفا، عن ثمرة رياض خلفهم ونتيجة أنوار شرفهم، مربح الأكابر والأصاغر ومطمح أنظار أولي الأبصار والبصائر، أبي الأنوار محمد السادات بن وفاء، نفحنا الله وإياه بنفحات جده المصطفى، وهو الذي كناني على طريقة أسلافه بأبي العرفان، وكتب لي سنده عن خاله السيد شمس الدين أبي الإشراق، عن عمه السيد أبي الخير عبد الخالق، عن أخيه السيد أبي الإرشاد يوسف، عن والده الشيخ أبي التخصيص عبد الوهاب، عن ولد عمه السيد يحيى أبي اللطف، إلى آخر السند هكذا نقلته من خط المترجم رحمه الله تعالى.
ولم يزل المترجم يخدم العلم ويدأب في تحصيله حتى تمهر في العلوم العقلية والنقلية، وقرأ الكتب المعتبرة في حياة أشياخه، وربى التلاميذ، واشتهر بالتحقيق والتدقيق والمناظرة والجدل، وشاع ذكره وفضله بين العلماء بمصر والشام، وكان خصيصاً بالمرحوم الشيخ حسن الجبرتي والد صاحب التاريخ، اجتمع به من سنة سبعين ومائة وألف، ولم يزل ملازماً له مع الجماعة ليلاً ونهاراً. واكتسب من أخلافه ولطائفه، وكذلك بعد وفاته لم يزل على حبه ومودته مع ولده الشيخ عبد الرحمن الجبرتي، وانضوى إلى أستاذنا السيد أبي الأنوار بن وفا ولازمه ملازمة كلية، وأشرقت عليه أنواره ولاحت عليه مكارمه وأسراره.
ومن تآليفه حاشيه على الاشموني التي سارت بها الركبان، يشهد بدقتها أهل الفضائل والعرفان، وحاشية على شرح العصام على السمرقندية، وحاشية على شرح الملوي على السلم، ورسالة في علم البيان، ورسالة عظيمة في آل البيت ومنظومة في علم العروض وشرحها، ونظم أسماء أهل بدر، وحاشية على آداب البحث، ومنظومة في مصطلح الحديث ستمائة بيت، ومثلثات في اللغة، ورسالة في الهيئة، وحاشية على السعد في المعاني والبيان، ورسالتان على البسملة صغرى وكبرى، ورسالة في مفعل، ومنظومة في ضبط رواة البخاري ومسلم وله في النثر كعب على، وفي الشعر كأس ملي، فمن نظمه في مدح الأستاذ أبي الأنوار بن وفا، ويستعطف خاطره عليه بتقصير وانقطاع وقعا منه قوله:
عبيد جنى ذنباً ورحب الحمى حلا ... فهل من رضا عنه تجود به فضلا
إليك أبا الأنوار قد أبت مخلصاً ... ومن ذا الذي يا سيدي قط مازلا
أعيذك أن يسعى لبابك عائذ ... وتكسوه من أجل ذنب له ذلا
أعيذك أن ترضى حقارة لائذ ... لسالف جرم تاب منه وإن جلا
إذا أنت بالغفران والصفح لم تجد ... فمن منه نرجو العفو والصفو والبذلا
وكيف وأنت الصدر من سادة حووا ... مكارم الأخلاق العلا ما طووا إلا
ومن معشر هم نسل أشرف مرسل ... دعا لجميل الصفح أكرم بهم نسلا
أولئك آل المصطفى وبنو الوفا ... كنوز الصفا مزن العطاء الذي انهلا
وهم بركات الكون شرقاً ومغربا ... وغوث اللهافى والهداة لمن ضلا
بهم عند أستاذ الوجود توسلي ... ومن أم سادات الوفا لم يخب أصلا
هو المقصد الأسنى لمن كان آملا ... هو المنهل الأصفى لمن كان مغتلا
هو الكعبة العظمى لحج أولي النهى ... فمن بيته يدخل يكن آمناً جذلا
أجل بني الدنيا وأبهرهم سنا ... وأبهجهم سمتاً وأشرفهم أصلا
وأمضاهم عزماً وأبسطهم يدا ... وأوفرهم حزماً وأوسعهم عقلا
وأثبتهم قلباً وأكملهم تقى ... وأبلغهم نطقاً وأفضلهم نبلا
غزير المزايا طيب الجسم خير من ... حططنا بوادي حيه الأقدس الرحلا
همام له ألقى الزمان سلاحه ... وأمسى له دون الورى تبعاً كلا
جواد إذا هلت سماء سماحه ... على ما حل أضحى كان لم ير المحلا
لحا الله أوقاتاً ببعدي تصرمت ... أبيت ولي قلب بنار النوى يصلى
وأقوام سوء دينهم رفض دينهم ... وديدنهم شحن الصدود بما يقلى
إذا ما دعوا للخير صموا وإن دعوا ... لسيئة مدوا لسانا يداً رجلا
ولله أيام بها كنت أجتني ... ثمار الرضا والحظ مجتمع شملا
وأنظم في روضات أنسي بوده ... لآلئ مدح بين منثورها تجلى
اسود أشعاري بسؤدد ذكره ... وأرجع مبيض المحيا بما أولى
فيا ليت شعري هل يعود لي الهنا ... وأحظى بآمالي وأطرح الثقلا
ويا واحد الأعصار لا عصره فقط ... ويا ملكاً مثواه في الفلك الأعلا
أأجفى ولي ود مديد المدى ولي ... إليك انتماء ليس يبلى وإن أبلى
أأجفى ولي في ذا الجناب مدائح ... على مدد الزمان آياتها تتلى
وما زهر روض صافحته يد الصبا ... وهادت بريا نثره الوعر والسهلا
وغنت على أفنائه ساجعاته ... فنوناً من الألحان تسترق العقلا
وسطرت الأنداء في ورقاته ... أحاديث في الأشجان عن ورقة ثملى
بأبهج من شعر مدحتك طيه ... وحاشا للفظ أنت معناه أن يعلى
لقد قلت قولي ذا واعلم أنه ... إذا لم يكن حظ يضيع وإن جلا
على أن حظي أن يعود رضاك لي ... وإقبالك الشافي لمن كان معتلا
ولا شافعاً لي غير حلمك سيدي ... وأسلافك السادات أسنى الورى فضلا
سملت وما لاقت عداك سلامة ... وطبت ونال الحاسد الخزي والذلا
ودمت كما ترضى لشانيك غيظه ... وللخل جود من ندى دائم وبلا
على جدك الهادي صلاة إلهه ... وتسليمه ما عين استحسنت شكلا
وآل وصحب ما ترنح بالصبا ... معاطف أغصان وما هيجت خلا
وله قصائد شتى، ومراث وتهنئات بأعياد وغيرها، ومن قوله مهنئاً جناب الشيخ حسن الجبرتي في غلام، سنة أربع وسبعين ومائة وألف:
نهنيك بالنجل السعيد الذي بدا ... من الغيب بالأفراح والسعد والندى
أتاك فغنى بالهنا بلبل الرضا ... وقام على غصن المسرات منشدا
وأشرق من أفق العلا كوكب المنى ... فأمسى ببشراك الزمان مغردا
فطب سيدي نفساً بما ترتجي له ... وقر عيوناً بالذي يكمد العدا
فإن لسان المجد قال مؤرخاً ... نهنيك بالنجل السعيد الذي بدا
وله أيضاً قصائد غراء في مدح الأستاذ أبي الأنوار بن وفا، مذكورة في المدائح الأنوارية، ومن كلامه تهنئته للأجل الشيخ أبي الفوز إبراهيم السندوبي تابع السيد المشار إليه بقدومه من سفره:
بروحي حبيباً في محاسنه بدا ... فخرت له أهل المحاسن سجدا
وراح يثنيه مدام دلاله ... فخلناه من راح الدنان تميدا
ومر بنا في عسكر من جماله ... فقطع أحشاء وفتت أكبدا
مليح أعار النيرين سناهما ... وعلم غصن البان كيف تأودا
وشاكي سلاح يرهب الأسد لحظه ... ويرعب خطي القنا والمهندا
وحلوا إذا ما افتر باسم ثغره ... أرانا عقيقاً حف دراً منضدا
كسا الله خديه من الورد حلة ... وأسكن في فيه الزلال المبردا
نسيم وغصن رقة ورشاقة ... وأما شذا فالروض كلله الندى
فسبحان من سواه للناس فتنة ... وصوره في دولة الحسن مفردا
شغفت به قدماً ولذ هواه لي ... على رغم غمر لامني فيه واعتدى
وفي حبه أنفقت عمري جميعه ... ولم أخش في شرع الصبابة ملحدا
ولم ينسني ذكراه شيء سولا علا ... أبي الفوز إبراهيم شمس ذوي الهدى
إمام له في كل مجد وسؤدد ... مآثر لا تسطيع إنكارها العدا
ومولى أجل الله في الناس قدره ... وتوجه تاج القبول وأيدا
ونابغة دراكة من بيانه ... وآرائه المعروفة السحر والهدى
جواد له بذل الجزيل سجية ... وبحر ندى عن موجه يؤخذ الندى
تسير له قبل الجسوم قلوبنا ... فلا تنثني إلا وعتها انجلى الصدى
يمازج عز المجد منع تواضع ... ولطف به فيه نسيم الصبا أفندي
إليه انتهى جمع الفضائل سالماً ... فأصبح للأقران مولى وسيدا
ولا غرو عن حاز الكمال جميعه ... فمن يتبع السادات يزداد سؤددا
ومن لأبي الأنوار أستاذنا انتمى ... ينال من الآمال ما كان أبعدا
هو السيد السامي على أهل عصره ... هو السند الحامي إذا عدت العدا
هو الجوهر الفرد الذي بوجوده ... تجدد إيوان العلا وتشيدا
هو المقصد الأسنى لمن كان آملاً ... هو المنهل الأصفى لمن كان ذا صدى
هو المورد المقصود من كل وجهة ... هو الشرف النامي على عدد المدى
محط رحال العارفين وقطبهم ... وكعبة أهل الفضل حالاً ومبتدا
همام حباه الله كل حميدة ... فأصبح بين العالمين محمدا
وأورثه مولاه شامخ رتبة ... لآبائه آل الوفا أبحر الندى
مصابيح مصر بل صباح الوجود بل ... حياة الورى أزكى البرية محتدا
كنوز المعاني والحقائق والتقى ... شموس سموات الولاية والهدى
خلاصة آل المصطفى ولبابهم ... وسر بني الزهراء بضعة أحمدا
هم بركات الكون شرقاً ومغربا ... هم ملجأ العاني إذا خطب اعتدى
هم القوم لا ينقاس غيرهم بهم ... ومن ذا بسادات يقايس أعبدا
إذا أطلق السادات كانوا بني الوفا ... فيا حبذا فخراً صميماً وسؤددا
أبا الفوز خذها بالقبول تكرما ... وإن كنت كالمهدي إلى الكنز عسجدا
وقابل بحسن العفو سوء قصورها ... فذنب المحب العفو عنه تأكدا
على خير رسل الله خير صلاته ... وتسليمه ما شارق غاب أو بدا
وآل وأصحاب وكل متابع ... لمنهاجهم ما ناح طير وغردا
وما المخلص الصبان قال مؤرخا ... أبي الفوز بشراه السرور مؤبدا
وله في ديباجة سلام
يا نسيم الصبا تحمل سلامي ... لحبيب به شفاء سقامي
وإليه بلغ تحية صب ... مستهام ما خان عهد الغرام
لم يكن ناسياً وداداً قديما ... لا ولا سامعاً ملام لئام
ذو اشتياق إلى لقاء محب ... فاق نوراً على بدور التمام
وجه مولى حاز المحاسن طراً ... فهو شمس الكمال بين الأنام
وله أيضاً
ترحلتم عنا وشطت دياركم ... وبدلتمونا بالصفا غاية الكدر
وأعدى علينا الشوق جيش خطوبه ... وأصبح حزب الصبر ليس له أثر
فإن تسألوا عنا فإنا لبعدكم ... كجسم بلا روح وعين بلا بصر
ولولا رجاء النفس لقيا حبيبها ... لما بقيت منا معان ولا صور
وله متغزلاً
وحق صبح المحيا مع دجى الشعر ... وجنة الخلد مع راح اللمى العطر
ومقلة بفنون السحر قد كحلت ... وقامة رشحتها خمرة الخفر
وعرف عنبر خال وابتسام فم ... من اليواقيت عن ثغر من الدرر
ما غير البعد عهدي في الغرام ولا ... نسيت وداً مضى في سالف العصر
لي في المحبة شرع غير منتسخ ... ومذهب في التصابي غير مندثر
إن كنت ملت إلى السلوان يا أملي ... فلا تمتعت من خديك بالنظر
كيف السلو وأنت الروح في جسدي ... والعقل في خلدي والنور في بصري
كيف السلو لظبي ما نظرت له ... إلا رأيت شقيق الشمس والقمر
غصن من البان قد رقت شمائله ... ورق في حبه ذو البدر والحضر
بديع سحن يقول الناظرون له ... تبارك الله ما هذا من البشر
إلى محاسنه تصبو العقول وفي ... هواه يحلو مرير السقم والضجر
شاكي السلاح شديد البأس ذو مقل ... تعد أسهمها في أسهم القدر
ريم ولكن تخاف الأسد سطوته ... وكل أهل الهوى منه على خطر
يغزو النفوس بجيش من لواحظه ... وعسكر من جمال غير مقتدر
محاسن حار فيها لب ناظرها ... وفتنة دهشت منها ذوو الفكر
كأنما ذاته في لطفها خلقت ... من نفثة السحر أو من نسمة السحر
يغنيك عن كل ذي حسن محاسنه ... ومن يرى العين يستغني عن الأثر
أفديه من رشأ ما مثله أحد ... عدمت في حبه حلمي ومصطبري
أطال هجري بلا ذنب أتيت به ... وساءني بعد صفو الود بالكدر
أصغى إلى قول أعدائي وشمتهم ... مع أن قول الأعادي غير معتبر
يا أحمد الفعل إلا في تقلبه ... دع التقلب واجبر قلب منكسر
وأحي بالوصل نفساً فيك ميتة ... وأبر بالود جسماً من جفاك بري
يا من هو الآية الكبرى لناظره ... رفقاً بصب غدا من أكبر العبر
تكاد تحرقه نيران مهجته ... لولا سخاء سحاب الجفن بالمطر
إن كان عندك شك أنني دنف ... فسل دموعي وسل سقمي وسل سهري
وله أيضاً
أهابك أن أجيبك لا لعجز ... ولكن المحبة أخرستني
وأحتمل المكاره لا لذل ... ولكن الصبابة أحوجتني
وقدري لست تجهله ولكن ... غرامي باعني لك بيع غبن
فكن يا ابن الأكابر أهل عرف ... ولا تكثر علي من التجني
فلي جسم كساه الشوق سقماً ... ولي قلب علاه كل حزن
ولي في مذهب العشاق حال ... يطول بذكرها شرحي ومتني
وله غير ذلك كثير، وفضله وعلاه شهير، وكان في مبتدأ أمره وعنفوان شبابه وعمره، معانقاً للخمول والإملاق متكلاً على مولاه الرزاق، يستجدي مع العفة، ويستدر من غير كفة، وتنزل أياماً في وظيفة التوقيت بالصلاحية بضريح الإمام الشافعي رضي الله عنه، ثم ترك ذلك.
ولما بنى محمد بك أبي الذهب مسجده تجاه الأزهر تنزل المترجم أيضاً في وظيفة توقيتها وعمر له مكاناً بسطحها سكن فيه بعياله فلما اضمحل أمر وقفه تركه واشترى له منزلاً صغيراً بحارة الشنواني وسكن به، ولما حضر عبد الله أفندي القاضي المعروف بططرزاده وكان متضلعاً من العلوم والمعارف، وسمع بالمترجم والشيخ محمد الجناحي واجتمعا به، أعجب بهما وشهد بفضلهما وأكرمهما، وكذلك سليمان أفندي الرئيس، فعند ذلك راج أمر المترجم وأثرى حاله، وتزين بالملابس وركب البغال، وتعرف أيضاً بإسماعيل كتخدا حسن باشا، وتردد إليه قبل ولايته، فلما أتته الولاية بمصر زاد في إكرامه وأولاه بره ورتب له كفايته في كل يوم بالضربخانة والجزية، وخرجاً من كلاره من لحم وسمن وأرز وخبز وغير ذلك وأعطاه كساوي وفراء، وأقبلت عليه الدنيا، وازداد وجاهة وشهرة، وعمل فرحاً وزوج ابنه سيدي علي فأقبل الناس عليه بالهدايا وسعوا لدعوته، وأنعم عليه الباشا بدراهم لها صورة، وألبس ابنه فروة يوم الزفاف، وكذا أرسل إليه طبلخانته وجاويشيته وسعاته فزفوا العروس وكان ذلك في مبادئ ظهور الطاعون، فتوعك الشيخ المترجم بالسعال وقصبة الرئة، حتى دعاه داعي الأنام، وفجأة الحمام ليلة الثلاثاء من شهر جمادى الأولى سنة ست ومائتين وألف، وصلي عليه بالأزهر وكان محفل جنازته مجمع الأفاضل:
مضت الدهور وما أتين بمثله ... ولئن أتى لعجزن عن نظرائه
ودفن بالبستان رحمه الله تعالى، انتهى من كلام الجبرتي مع بعض تغيير.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.

 


محمد بن علي الصبان، أبو العرفان:
عالم بالعربية والأدب. مصري. مولده ووفاته بالقاهرة.
له (الكافية الشافية في علمي العروض والقافية - ط) منظومة، و (حاشية على شرح الأشموني على الألفية - ط) في النحو، و (إتحاف أهل الإسلام بما يتعلق بالمصطفى وأهل بيته الكرام - خ) و (إسعاف الراغبين - ط) في السيرة النبويّة، و (الرسالة الكبرى - ط) في البسملة، و (أرجوزة في العروض - ط) مع شرحها، و (حاشية على شرح الملوي على السلم - ط) في المنطق، ورسالة في (الاستعارات - خ) و (حاشية على شرح الرسالة العضدية - ط) و (تقرير على مقدمة جمع الجوامع - خ) وكتاب في (علم الهيئة - خ) و (حاشية على شرح العصام على السمرقندية - ط) بلاغة، و (حاشية على السعد - ط) في المعاني والبيان، جزآن، وغير ذلك .
-الاعلام للزركلي-