عبد الله بن محمد بن عامر بن شرف الدين القاهري الشافعي الشهير بالشبراوي الشيخ الامام العالم العلامة والفاضل الهمام البحر الفهامة الناظم الناثر الأوحد المفنن أبو محمد جمال الدين ولد سنة احدى وتسعين وألف وجده عامر مترجم في خلاصة الأثر للمحبي وأخذ عن جملة من العلماء الأعلام كالعلامة محمد بن عبد الله الخرشي المالكي أجازه سنة وفاته وهي عدد خرش وعن أبي مفلح خليل بن إبراهيم اللقاني والشهاب أحمد بن محمد الخليفي والامام محمد بن عبد الباقي الزرقاني والشهاب أحمد بن غانم النفراوي والجمال منصور المنوقي والعلم صالح بن حسن البهوتي الحنبلي وعيد بن علي النمرسي والجمال عبد الله بن سالم البصري وغيرهم وبرع ورؤس في العلم حتى صار شيخ الجامع الأزهر وتقدم على أقرانه وله مؤلفات نافعة منها ديوان شعره المسمى بمنائح الألطاف ومنه قوله
يفديك يا بدر صب ما ذكرت له ... إلا على قدم شوقاً اليك وثب
لا تخش مني سلواً في هواك فقد ... تبت يدا عاذلي يا بدر فيك وتب
وقوله
لا تعذلوني في اشتغالي به ... ليس علي من هام فيه جناح
فإنني سلطان أهل الهوى ... وذاك سلطان جميع الملاح
وقوله
بالروح أفدي حبيباً كان يمنحني ... وصاله حين كان الحب مستترا
وحين ماجت بودي أدمع هملتدرى بعشقي له فاعتز واقتدراوقت درى
وله غير ذلك من الآثار والنظام والنثار وكان ذا جاه عريض وحرمة وافرة وكانت وفاته سنة اثنين وسبعين ومائة وألف ودفن بتربة المجاورينرحمه الله تعالى وإيانا.
الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل. سلك الدرر في أعيان القرن
عبد الله بن محمّد بن عامر الشبراوي:
فقيه مصري، له نظم. تولى مشيخة الأزهر.
من كتبه " شرح الصدر في غزوة بدر - ط " و " ديوان شعر " سماه " منائح الألطاف في مدائح الأشراف - ط " و " عنوان البيان - ط " نصائح وحكم و " الإتحاف بحب الأشراف - ط " ومنه نسخ " بخطه " في خزانة الرباط، من كتب الكتاني، و " ثبت - خ " في خزانة الرباط (المجموع 1282 كتاني) .
-الاعلام للزركلي-
الشيخ عبد الله الشبراوي
هو الحجة العلامة، والإمام الفهامة أبو محمد جمال الدين عبد الله بن محمد بن عامر بن شرف الدين الشبراوي الشافعي.
ولد عام 1092هـ = 1681م، وكان من أهل بيت علم وتقوى، فاجتمعت له الوراثة الصالحة، والبيئة العلمية المناسبة، فنمت موهبته وأينعت دوحة معارفه وتفتحت من أطيب الثمرات في عصره الذي هو بداية لفجر عصر النهضة.
يقول عنه الجبرتي: هو الإمام الفقيه المحدث الأصولي المتكلم الماهر الشاعر الأديب…خرج من بيت العلم والجلالة، فجده عامر بن شرف الدين المعروف بالحفظ والذكاء.
التحق الشيخ الشبراوي بالأزهر، وظل يجد ويجتهد ويحفظ ويبحث، ويترقى في الأحوال والأطوار ، ويفيد، ويملي، ويدرس على أيدى أساتذة عظماء كان الشيخ الخرشي من أبرزهم حيث هيأ لتلميذه الشبراوي بيئة علمية طيبة جعلته ينال إجازته وهو دون العاشرة من عمره، وظل الشيخ على نهجه حتى صار إماماً في الفقه، والحديث، والتوحيد والأصول، وبرع في الأدب والشعر.
وكان الأديب الشاعر الشيخ حسن البدري من أساتذته المرموقين، وقد ترك الشيخ البدري ديوانين من الشعر، وأرجوزة في التصوف في ألف وخمسمائة بيت وقد تتلمذ الشيخ الشبراوي على يديه في علم الحديث، وتأثر به وبأدبه.
وتلقى الفقه عن العلامة الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الشافعي المكي، وغيره من العلماء أمثال الشيخ خليل اللقاني، والشيخ محمد الزرقاني، والشيخ أحمد النفراوي، والشيخ عبد الله بن سالم البصري، كما أخذ عن العلامة شمس الدين الشرنبابلي المتوفى عام 1102هـ، وعن تلميذه الشيخ العلامة عبد ربه الديري، وعن الشهاب أحمد بن محمد الخليفي، والجمال الشيخ منصور المنوفي، والشيخ صالح البهوتي الحنبلي، والشيخ النمرسي، والشيخ المغربي.
أصبح الشيخ الشبراوي من أعظم علماء الأزهر بعلمه وأخلاقه العالية، وأصبحت له مكانته عند رجال الدولة الذين لا يردون له طلباً، ولا يتأخرون في قبول شفاعة منه.
والتف التلاميذ من حوله فوجههم، وعلمهم، وأخذ بأيديهم في أمور كثيرة، وساعدهم على الخروج من محن عسيرة، فكان عالماً والداً مؤدباً، أعطاهم مثلما أخذ على أيدي العظماء من أساتذته.
واشتهر الشيخ الشبراوي بحبه وميله إلى كل طريف مقبول، فاقتني التحف النادرة، وجمع الكثير من الكتب النفيسة ذات الخط الحسن والتجليد الفاخر، وجمع الطرائف المستملحة، واتخذ لنفسه بيتاً كبيراً على بركة الأزبكية يلائم مركزه ويناسب مكانته.
ونبغ من تلاميذ الشيخ الشبراوي العديد والعديد كالعلامة الشيخ على بن شمس الدين الشافعي الشهير بالخضري؛ الذى أجازه الشيخ الشبراوي برواية الكتب الستة، والشيخ الإمام إبراهيم بن محمد عبد السلام الرئيس المكي الشافعي، والوالي عبد الله باشا ابن مصطفى باشا الكوبري، الذي منحه الخليفة العثماني السلطان محمود ولاية مصر، وقد أجازه الشيخ الشبراوي عام 1142هـ، وقال في إجازته: (وقد استخرت الله تعالى وأجزته بما قرأه علي من ذلك وسمعه مني، وبباقي تلك الكتب، وبجميع ما تجوز لي وعني روايته مما قرأته على الأشياخ، أو سمعته منهم، أو رويته عنهم بإجازة خاصة، أو عامة بشرطه المعتبر عند أهل الأثر).
وقد ولي الشبراوي مشيخة الأزهر عام 1137هـ = 1724م، وكان أول مشايخ الأزهرعلى المذهب الشافعي.
ونال الشبراوي شهرة عظيمة وأصبحت له مكانة سامية عند الولاة، ورجال الدولة
وكان الشيخ رقيق الحس ذا مشاعر فياضة لم يستطع إخفاءها مع هيبته، وجلال علمه، وعلو منصبه، فكان يكتب الغزل الرقيق، ومقطوعات الشعر الغنائي ومن ذلك قوله:
وحقك أنت المنى والطلب وأنت المراد وأنت الأرب
ولى فيك يا هاجري صبوة تحير في وصفها كل صب
أمولاي بالله رفقــاً بــــــمــن بذل الغرام إليك انتسب
أشاهد فيك الجمال البديع فيأخذني عند ذاك الطرب
ويعجبني منك حسن القوام ولين الكلام وفرط الأدب
وكان الشيخ مولعاً بحب مصر لدرجة جعلته يتغنى باسمها، ولا يترك مجالاً إلا وذكر فيه شيئاً عن مصر، وكان لا يتحمل الغياب عنها، فإذا اضطرته الظروف إلى البعد ظلالحنين يجذبه إلى أن يعود.
وله مؤلفات عديدة وفريدة تثبت جميعها غزارة علمه وتنوع ثقافته، فقد ألف الشيخ في علوم الأدب والتاريخ والنحو والبلاغة والحديث.
ومن مؤلفاته:
- مفاتح الألطاف في مدائح الأشراف (دیوان شعري).
- الاتحاف بحب الأشراف.
- الاستغاثة الشبراوية.
- نزهة الأبصار في رقائق الأشعار.
- نظم بحور الشعر وأجزائها.
- عروس الآداب وفرحة الألباب في تقويم الأخلاق، ونصائح الحكام، وتراجم الشعراء.
- شرح الصدر في غزوة بدر.
- شرح الرسالة الوضعية العضوية (وهي رسالة من تأليف القاضي عضد الدينعبد الرحمن بن أحمد المتوفى عام 765هـ).
- عنوان البيان وبستان الأذهان في الأدب والأخلاق والوصايا والنصائح.
- منظومة في علم النحو، وهي منظومة لامية.
- العقد الفريد في استنباط العقائد من كلمة التوحيد.
- عنوان البيان في البلاغة.
قال الجبرتي عن الشيخ الشبراوي: (لم يزل يترقى في الأحوال والأطوار، ويفيد ويجلي الدرس حتى صار أعظم الأعاظم، ذا جاه ومال ومنزلة عند رجال الدولة والأمراء ونفدت كلمته، وقبلت شفاعته وصار لأهل العلم في مدته رفعة ومهابة عند الخاص والعام، وأقبلت عليه الأمراء وهادوه بأنفس ما عندهم.
وقد لمسنا كيف سعى إليه الوالي العثماني عبد الله باشا، وكيف تتلمذ له، وكيف طلب إجازته، وحينما حدثت تعديلات مالية من جانب السلطان العثماني بها إجحاف ببعض المستحقين لأموال الأوقاف من خزانة الدولة، قال القاضي: أمر السلطان لا يخالف، وتجب إطاعته.
وكان الولاة يعرفون قدره، ويقدرون علمه، ويتحدثون بفضله، لذا فقد اقترح عليه الوالي علي باشا الحكيم أن يؤلف كتاباً في غزوة بدر، فكتب الشيخ كتابه (شرح الصدر في غزوة بدر) الذي تناول في نهايته تاريخ مصر، وولاتها حتى تاريخه.
وكان الشيخ ذا ثروة طائلة ينفق منها بسخاء على المساكين والمحتاجين والمقربين ولم يتأخر مرة عن إجابة مسألة أو مساعدة محتاج وكان كريم النفس رحب الصدر واسع الأفق، ذا عقل ثاقب في الأمور، وتجلى ذلك حين تولى أحمد باشا - المعروف بكور وزير - ولاية مصر، وكان مولعاً بالعلوم الحديثة وخاصة الرياضيات، وكان الشيخ الشبراوي على صلة وثيقة به ويدخل عليه في أي وقت، كما كان يتناول معه الطعام، فحدث الوالي الشيخ الشبراوي بحبه للرياضيات واهتمامه بها، وأن علماء الأزهر لا يهتمون بالعلوم الحديثة فأخبره الشيخ الشبراوي بالشيخ حسن بن إبراهيم الجبرتي، وبأنه بارع في الرياضيات والتقى الوالي بالشيخ الجبرتي، ودهش لعلمه الواسع في العلوم الحديثة وأقسم أن يقبل يده، ونفّذ ما أقسم عليه تكريماً لعلم الجبرتي ومكانته، وظل الجبرتي يتردد على الوالي مرتين أسبوعياً، وواصله الوالي بالبر والإكرام ولازم المطالعة عليه مدة ولايته، وكان يقول: لو لم أغتنم من مصر إلا معرفتي بالأستاذ الجبرتي لكفاني.
وكان الإمام الشبراوي دائم القول للشيخ الجبرتي: سترك الله كما سترتنا عند هذا الوالي.
توفي الشيخ الشبراوي صبيحة يوم الخميس السادس من ذى الحجة عام 1171هـ = 1757م عن عمر يناهز ثمانين عاماً، وصلى عليه بالجامع الأزهر في مشهد عظيم، ودفن بقرافة المجاورين
انظر كامل الترجمة في كتاب شيوخ الأزهر تأليف أشرف فوزي صالح ج1/ص34-39