أبي حفص عمر بن محمد بن معيبد السراج
الفتى عمر
تاريخ الولادة | 801 هـ |
تاريخ الوفاة | 887 هـ |
العمر | 86 سنة |
مكان الولادة | زبيد - اليمن |
مكان الوفاة | اليمن - اليمن |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
عمر بن مُحَمَّد بن معيبد السراج أَبُو حَفْص الْأَشْعَرِيّ نسبا واعتقادا الزبيدِيّ بَلَدا ومولدا الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بالفتى من الفتوة وَهُوَ لقب أَبِيه، ولد فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بزبيد وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وكتبا وَأول اشْتِغَاله على بلديه الْفَقِيه مُحَمَّد بن صَالح وَكَانَ كثير الدُّعَاء لَهُ وَهُوَ مِمَّن عرف بإجابة الدعْوَة بِحَيْثُ ظَهرت فِيهِ بركته وَثَمَرَة دُعَائِهِ ثمَّ قَرَأَ على الْكَمَال مُوسَى بن مُحَمَّد الضجاعي الْمِنْهَاج وَسمع عَلَيْهِ أَشْيَاء من كتب الْفِقْه إِلَى أَن تميز ثمَّ انْتقل فِي سنة سِتّ وَعشْرين إِلَى الشّرف بن الْمقري بِبَلَد ابْن عجيل الْيَمَانِيّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْإِرْشَاد وَشَرحه بل وسمعهما أَيْضا ونظم ذَلِك كَمَا سَيَأْتِي مَعَ جَوَاب الشَّيْخ لَهُ ولازمه أتم مُلَازمَة دهرا طَويلا إِلَى أَن خرج فِي حَيَاته إِلَى بِلَاد أَصْحَاب شَرْقي زبيد على نَحْو يَوْم مِنْهَا فَمَكثَ بِبَعْض قراها وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض أهل تِلْكَ الْجِهَة مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى قَرْيَة من قراها أَيْضا وتعرف بالمشراح فَتزَوج امْرَأَة من فقهائها وقطنها عاكفا على الأشغال والتصنيف كل ذَلِك فِي حَيَاة شَيْخه وقصده الطّلبَة من الْأَمَاكِن النائية فَلَمَّا استولى عَليّ بن طَاهِر على الْيمن وَملك زبيد وَقرر الْفُقَهَاء فِي الْأَوْقَاف قدم عَلَيْهِ صَاحب التَّرْجَمَة فَأكْرمه ورتب لَهُ فِي الْوَقْف مَا يَكْفِيهِ وَعِيَاله، واستنابه الشَّمْس يُوسُف الْمقري فِي تدريس النظامية ثمَّ عينت لَهُ الهكارية اسْتِقْلَالا وباشر ذَلِك فَانْتَفع بِهِ الطّلبَة وتفقه عَلَيْهِ من لَا يُحْصى من بِلَاد شَتَّى وَكَثُرت تلامذته وَقصد بالفتاوى من الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة ثمَّ قَلّدهُ ابْن طَاهِر أَمر الْأَوْقَاف وصرفها لمستحقيها وَالْإِذْن فِي النِّيَابَة لمن لَا يحسن الْمُبَاشرَة وأشرك مَعَه فِي تقليدها غَيره مِمَّن كَانَ يتستر بِهِ فِي نِسْبَة مَا لم يكن لَهُ فِيهِ اخْتِيَار فتغيرت لذَلِك قُلُوب الْخَاصَّة على الشَّيْخ بعد أَن كَانَ مشكورا عِنْد الْخَاص وَالْعَام ملاحظا بِعَين التبجيل والإعظام ونسبوه إِلَى الْغَفْلَة وَعدم الْكَفَاءَة فِي ذَلِك، وَاسْتمرّ الْأَمر فِي تزايد إِلَى أَن توفّي ابْن طَاهِر وَاسْتولى بعده ابْن أَخِيه عبد الْوَهَّاب بن دَاوُد فقلد ذَلِك غَيره وَرجع صَاحب التَّرْجَمَة لما كَانَ عَلَيْهِ من التدريس والإفتاء والتأليف غير منفك عَن مُبَاشرَة وظائف التدريس بِنَفسِهِ إِلَّا لعذر من مرض وَغَيره بل لما ضعف عَن الْمَشْي صَار يركب، وَقَررهُ عبد الْوَهَّاب بعد ابْن عطيف فِي تدريس مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا فَلم تطل مدَّته فِيهَا. وَمن تصانيفه مهمات الْمُهِمَّات اختصر فِيهَا الْمُهِمَّات للأسنوي اختصارا حسنا اقْتصر فِيهِ على مَا يتَعَلَّق بالروضة خَاصَّة مَعَ مباحثات مَعَ الأسنوي واستدراك كثير وَكَانَ قد شرع فِيهِ من حَيَاة شَيْخه وَقُرِئَ عَلَيْهِ غير مرّة ونقحه وحرره حَتَّى صَار فِي نِهَايَة الإفادة والنكيتات الواردات على مَوَاضِع من الْمُهِمَّات والإبريز فِي تَصْحِيح الْوَجِيز الَّذِي قَالَ أَنه لم يسْبق لمثله والإلهام لما فِي الرَّوْضَة لشيخه من الأوهام، وَكَانَ يرجح مُخْتَصر الرَّوْضَة للأصفوني عَلَيْهِ لعدم تقيده فِيهِ بِلَفْظ الأَصْل الَّذِي قد يُؤَدِّي لتباين ظَاهر بِخِلَاف الأصفوني فَهُوَ متقيد بِلَفْظ الأَصْل وَلكنه يرجح الرَّوْض من حَيْثُ التَّقْسِيم وأفراد زَوَائِد الْأَنْوَار على الرَّوْضَة وَسَماهُ أنوار الْأَنْوَار وَكَذَا فعل فِي جَوَاهِر الْقَمُولِيّ وشرحي الْمِنْهَاج والعمدة والعجالة كِلَاهُمَا لِابْنِ الملقن وَكَانَ يَقُول: من حصلها مَعَ الرَّوْضَة اسْتغنى عَن تِلْكَ الْكتب سمى أَولهَا جَوَاهِر الْجَوَاهِر وَهُوَ فِي نَحْو ثَلَاثَة وَأَرْبَعين كراسة وَثَانِيها تقريب الْمُحْتَاج فِي زَوَائِد شرح ابْن النَّحْوِيّ للمنهاج وَثَالِثهَا الصفاوة فِي زَوَائِد العجالة وبمكة من تصانيفه الْكثير. وَقد انْتفع بِهِ فِي الْفِقْه أهل الْيمن طبقَة بعد أُخْرَى حَتَّى أَن غَالب فُقَهَاء الْيمن من تلامذته وَأَصْحَابه وارتحل النَّاس إِلَيْهِ فِيهِ وَمَا لقِيت أحدا من أَصْحَابه إِلَّا وَيذكر عَنهُ فِي الْفِقْه أمرا عجبا وَأَنه فِي تفهيم الْأَشْيَاء الدقيقة وتقريبها إِلَى الأفهام لَا يلْحق وَأما الْإِرْشَاد وَشَرحه فَهُوَ الْمُنْفَرد بمعرفتهما مَعَ غَيرهمَا من تصانيف مؤلفهما حَتَّى تلقى الْإِرْشَاد عَنهُ من لَا يُحْصى كَثْرَة بِحَيْثُ كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ غير وَاحِد فِي الْمجْلس الْوَاحِد من مَكَان وَاحِد وَكَانَ يقْصد من الْمُحَقِّقين بالسؤال عَمَّا يقف عَلَيْهِم مِنْهَا وَكَذَا كَانَ يعرف الرَّوْضَة كَمَا يَنْبَغِي لِأَنَّهَا أقرأها غير مرّة مَعَ مُرَاجعَة مختصرة للمهمات وَأَصله وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ الأذكياء من الطّلبَة يرجحون فقهه على سَائِر الْمَشْهُورين فِي عصره وَصَارَ فَقِيه الْيمن قاطبة كل ذَلِك مَعَ النِّهَايَة فِي الذكاء والذهن الثاقب والاقتدار على رَشِيق الْعبارَات مَعَ حبسة فِي كَلَامه بِحَيْثُ لَا يفهمهُ إِلَّا من مارسه، هَذَا مَعَ لطافة الطَّبْع ونظم لَكِن على طَريقَة الْفُقَهَاء وَكَونه فِي حسن الْخلق بِالْمحل الْأَعْلَى ومزيد الشَّفَقَة على سَائِر النَّاس وانقياده للْمَرْأَة وَالصَّغِير والمسكين وسعيه فِي إِزَالَة ضَرُورَة من يَقْصِدهُ فِي ذَلِك بِكُل طَرِيق. مَاتَ فِي صفر سنة سبع وَثَمَانِينَ وارتجت النواحي لمَوْته، وَخلف من الْأَوْلَاد عبد الله ومحمدا وَكَانَ لَهُ ابْن نجيب اسْمه عبد الرَّحْمَن مَاتَ قبله وأظلمت الْبِلَاد كَمَا كتبه لي بعض طلبته مِمَّن أَخذ عني لفقد السراج ونال الْعباد من التأسف لفراقه ضد مَا كَانُوا فِيهِ من الابتهاج لِأَن النَّاس كَانُوا يفزعون إِلَيْهِ فِي كل معضلة من ظلم ظَالِم أَو قهر حَاكم أَو عناد مخاصم فَلَا يقصر عَن نفعهم جهده قَالَ: وَفِي آخر مرّة صَار من أهل الْمعرفَة بِاللَّه والنور يذكر من يلقاه بِالآخِرَة ويحقر عِنْده الدُّنْيَا ويسليه عَنْهَا وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا فَاتَهُ مِنْهَا وَلم يمسك طول عمره ميزانا وَلَا مكيالا وَلَا تعاطى بيعا وَلَا شِرَاء وَلَا ملك دَارا وَلَا عقارا وَجَمِيع أَهله وخدمه أُمَرَاء عَلَيْهِ يرجع إِلَى قَوْلهم فِي أَمر الدُّنْيَا والمعيشة دون غَيره وَهَذَا حَال الزهاد فِي الدُّنْيَا بل كَانَ تَارِكًا لاختياره مَعَ اخْتِيَار طلبته فِي الْقِرَاءَة ومقدارها وإجابته كل من سَأَلَهُ فِي الْقِرَاءَة مراعيا لجبر خاطرهم رَحمَه الله وإيانا ونفعنا بِهِ، وَكتب لشيخه فِي أَبْيَات مِنْهَا:
(ثمَّ على من اقتفاهم فِي الْأَثر ... وَبعده فقد قَرَأت الْمُخْتَصر)
(أعنى بِهِ الْإِرْشَاد فرع الْحَاوِي ... مَعَ شَرحه عمدتي الفتاوي)
(قِرَاءَة بالبحث وَالتَّحْقِيق ... محكمَة بالفحص والتدقيق)
(ثمَّ سَمِعت مرّة هذَيْن ... مَعَ الْفَقِيه الْفَاضِل الْحُسَيْن)
(على الإِمَام شَيخنَا المُصَنّف ... الْفَاضِل الصَّدْر البليغ الشّرف)
(شيخ الشُّيُوخ الْمُفْهم العلامه ... اللوذعي المصقع الفهامه)
(أبي الذَّبِيح إِسْمَاعِيل بن الْمقري ... الشاوري الشغدري الْمقري)
(لَا بَرحت أفكاره تجول ... فِي كل مَا لَا تُدْرِكهُ الْعُقُول)
(فكم بِهِ من معضل قد اتَّضَح ... وحاسد معاند قد افتضح)
(لَا زَالَ بالأقلام وَاللِّسَان ... مدمر المزور الْبُهْتَان)
(يصدع بِالْحَقِّ وَبِالْقُرْآنِ ... معتصما بِاللَّه وَالْإِيمَان)
(مناصرا فِي الله لِلْإِسْلَامِ ... يذب عَنهُ وَله يحامي)
(من لم يسلم كل مَا أَقُول ... فَهُوَ حسود وَبِه جهول)
إِلَى أَن قَالَ:
(وَبعدهَا أجَاز لي الروايه ... بشرطها عِنْد أولي الدرايه)
(فِي كل مَا صنفه أَو قَالَه ... نثرا ونظما وَجَمِيع مَاله)
(أجَازه فِيهِ كروض الطَّالِب ... وَغَيره من حسن المناقب)
فَأَجَابَهُ شَيْخه بقوله:
(هَذَا صَحِيح كَانَ مَا قد ذكرا ... من أَنه قرا عَليّ مَا قرا)
(وَمَا حَكَاهُ من سَماع قد جرى ... قِرَاءَة أوسعها تدبرا)
(بفطنة أغْنى بهَا من حضرا ... عَن أَن يُطِيل الْبَحْث فِيمَا قد قرا)
(حقق مَعْنَاهُ بهَا وحررا ... وَصَارَ فِيهِ الْيَوْم أدرى من درى)
(أجزته أَن يروي المختصرا ... وَشَرحه وَالرَّوْض ثمَّ مَا جرى)
(بِهِ من الْعلم لساني فِي الورى ... أَو جَازَ أَن أرويه أَو أنشرا)
(علما بِهِ امتاز بِهِ واستأثرا ... بِهِ من التَّقْوَى وَفضل ظهرا فِي أَبْيَات)
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.
عمر بن مجد السّراج أبوحفص اليماني الزبيدي الشافعي
وَيعرف بالفتى من الفتوة وَهُوَ لقب أَبِيه ولد سنة 801 وَاحِدَة وثمان مائو بزبيد وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ على الْفَقِيه مُحَمَّد بن صَالح والشرف بن المقرى ولازمه أتم دهرا مُلَازمَة طَويلا ثمَّ انْتقل إلى بِلَاد أصَاب فَمَكثَ بِبَعْض قراها وارتحل إليه الطّلبَة واشتغل بالتدريس والتصنيف وقصده الطّلبَة من الأماكن الْبَعِيدَة كل ذَلِك فِي حَيَاة شَيْخه وَلما استولى علي بن طَاهِر على الْيمن أكْرم صَاحب التَّرْجَمَة ورتب لَهُ من الْوَقْف مَا يَكْفِيهِ ثمَّ قَلّدهُ أَمر الأوقاف وصرفها لمستحقها والإذن فِي النِّيَابَة لمن لَا يحسن الْمُبَاشرَة وَله تصانيف مِنْهَا مهمات الْمُهِمَّات اختصر فِيهَا مهمات الأسنوي والابريز فِي تَصْحِيح الْوَجِيز والالهمام لما فِي الرَّوْض من الأوهام مُصَنف شَيْخه ابْن الْمقري وأفرد زَوَائِد الأنوار على الرَّوْضَة وَسَماهُ أنوار الأنوار وَكَذَا فعل فِي جَوَاهِر القمولى وَشرح الْمِنْهَاج لِابْنِ الملقن وَقد انْتفع بِهِ فِي الْفِقْه أهل الْيمن طبقَة بعد طبقَة حَتَّى صَار غالبهم من تلامذته وَمَات فِي صفر سنة 887 سبع وَثَمَانِينَ وثمان مائَة وارتجت النواحي لمَوْته
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني