أحمد بن عمر بن محمد صفي الدين
المزجد أبي السرور
تاريخ الولادة | 847 هـ |
تاريخ الوفاة | 930 هـ |
العمر | 83 سنة |
مكان الولادة | زبيد - اليمن |
مكان الوفاة | زبيد - اليمن |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
فِي فجر يَوْم الْأَحَد شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة توفّي الشَّيْخ إِمَام شيخ الْإِسْلَام الْعَلامَة ذُو التصانيف المفيدة والفتاوي السديدة الْمجمع على جلالته وتحريه وورعه اقضى قَضَاهُ الْمُسلمين أوحد عباد الله الصَّالِحين صفي الدّين أَبُو السرُورالقَاضِي أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن القَاضِي يُوسُف بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حسان بن الْملك سيف بن ذِي يزن المدحجي السيفي الْمرَادِي شهَاب الدّين الشهير بالمزجد بميم مَضْمُومَة ثمَّ زاء مَفْتُوحَة ثمَّ جِيم مُشَدّدَة مَفْتُوحَة ودال مُهْملَة آخر الْحُرُوف الشَّافِعِي الزبيدِيّ ببلدة زبيد وَصلي عَلَيْهِ بجامعها الْكَبِير وَدفن بِبَاب سِهَام وقبره قبلي تربة الشَّيْخ عَليّ افلح وَلم يخلف بعده مثله رَحمَه الله تَعَالَى ونفعنا بسره وسر علومه ورثاه جمَاعَة من أكَابِر الْعلمَاء والأدباء من تلامذته ومعاصريه وَعظم الأسف عَلَيْهِ وَكَانَ من الْعلمَاء الْمَشْهُورين وَبَقِيَّة الْفُقَهَاء الْمَذْكُورين وَاحِد الْمُحَقِّقين المعتمدين المرجوع إِلَيْهِم فِي النَّوَازِل المعضلة والحوادث المشكلة وَكَانَ على الْغَايَة من التَّمَكُّن فِي مَرَاتِب الْعُلُوم الإسلامية من الْأُصُول وَالْفُرُوع وعلوم الْأَدَب
وَذكروا لَهُ كرامات وَهُوَ الَّذِي افتى بحلية البن والقهوة
ولد رَحمَه الله تَعَالَى سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِجِهَة قَرْيَة الزبيدية وَنَشَأ بهَا وَحفظ جَامع المختصرات ثمَّ اشْتغل فِيهَا على أبي الْقَاسِم ابْن مُحَمَّد بن مريفد ثمَّ انْتقل إِلَى بَيت الْفَقِيه بن عجيل فَأخذ فِيهَا على شيخ الْإِسْلَام إِبْرَاهِيم بن أبي الْقَاسِم جغمان والطاهر بن أَحْمد بن عمر جغمان وَأخذ أَيْضا عَن القَاضِي عبد الله بن الطّيب النَّاشِرِيّ وَقَالَ تِلْمِيذه شمس الدّين النَّاشِرِيّ لقد سَمِعت شَيخنَا شهَاب الدّين الْمشَار إِلَيْهِ يَقُول مَا دخلتني هَيْبَة من أحد قطّ كَمَا كَانَت تدخلني بَين يَدي إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور انْتهى ثمَّ ارتحل إِلَى زبيد واشتغل فِيهَا بالفقه على الْعَلامَة أبي حَفْص عمر الْفَتى وَنجم الدّين يُوسُف الْمقري بن يُونُس الجباي وَبِهِمَا تخرج وانتفع وَأخذ الْأُصُول عَن السفيكي والجبائي والْحَدِيث عَن الْحَافِظ يحيى العامري وَعَن الصّديق الطّيب المطيب والحساب والفرائض عَن موفق الدّين النَّاشِرِيّ والعلامة الْحُسَيْن الصباحي بتعز وَغَيرهم وبرع فِي عُلُوم كَثِيرَة وتميز فِي الْفِقْه حَتَّى كَانَ فِيهِ أوحد وقته
وَمن مصنفاته الْمَشْهُورَة فِي الْفِقْه الْعباب وَالْمُحِيط بمعظم نُصُوص الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب وَهُوَ كاسمه وكما وَصفه جَامعه رَحمَه الله إِذْ قَالَ شعر ... إِلَّا أَن الْعباب أجل سفر ... من الْكتب الْقَدِيمَة والجديده
كتاب قد تعبت عَلَيْهِ دهراً ... وخضت لجمعه كتبا عديده
وَقربت القصي لطالبيه ... وَقد كَانَت مسافته بعيده
وغصت على الخبايا فِي الزوايا ... فها هِيَ فِيهِ بارزة عتيده
وَكم قد رضت فِيهِ جِيَاد فكري ... وَمَرَّتْ لي بِهِ مدد مديده
إِلَى أَن بلغ الرَّحْمَن مِنْهُ ... مرادي من مواهبه المديده
فدونك كنز علم لست تلقى ... مدى الْأَزْمَان فِي الدُّنْيَا مديده
وثق بِجَمِيعِ مَا فِيهِ فَانِي ... منحت الْعلم فِيهِ مستفيده
إلهي اجْعَلْهُ لي ذخْرا وضاعف ... ثوابي من عطاياك الحميده
وجد بقبوله وَاجعَل جزائي ... رضاك وجنة الْخلد المشيده
بجاه مُحَمَّد خير البرايا ... وتنقذهم عَن الكرب الشديده
وصل مُسلما أبدا عَلَيْهِ ... وَعم جَمِيع عترته السعيده ...
وَهُوَ على أسلوب الرَّوْض جمع فِي مسَائِل الرَّوْض ومسائل التَّجْرِيد وَهُوَ كتاب عَظِيم جَامع لأكْثر أَقْوَال الإِمَام الشَّافِعِي وَأَصْحَابه وأبحاث الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم على الْغَايَة من جزالة اللَّفْظ وَحسن التَّقْسِيم وَلَقَد اشْتهر هَذَا الْكتاب فِي الْآفَاق وَوَقع على حسنه ونفاسته الاجماع والاتفاق وَكثر اعتناء النَّاس بِشَأْنِهِ وانتفاع الطّلبَة بِهِ واغتباطهم ببيانه واعتناء غير وَاحِد من عُلَمَاء الْإِسْلَام بشرحه كالعارف شيخ الْإِسْلَام أبي الْحسن الْبكْرِيّ فانه شَرحه بشرحين صَغِير وكبير كتب الصَّغِير أَولا وَجعله أصلا وميز فِيهِ الْمَتْن من الشَّرْح بخطوط سود ثمَّ كتب على الْحَوَاشِي زيادات كَثِيرَة وميزها عَن الشَّرْح الأول وَذكر أَن مَا دونهَا شرح صَغِير وَأَنَّهَا مَعَ الشَّرْح الصَّغِير شرح كَبِير
قَالُوا وَخط الشَّارِح على غَايَة من الصعوبة بِحَيْثُ عجز أَكثر أَصْحَابه عَن اسْتِخْرَاج خطه وَاسْتمرّ الشَّرْح فِي المسودة لتِلْك الصعوبة ثمَّ تصدى بعض الطّلبَة لتبييض الشرحين الْمَذْكُورين فبيض حَتَّى وصل إِلَى نَحْو ثلث الشَّرْح وانْتهى ذَلِك إِلَى نَحْو من تسعين جُزْءا وَكَذَا شَرحه شيخ الْإِسْلَام أَحْمد بن حجر الهيتمي رَحمَه الله تَعَالَى إِلَّا أَنه لم يتم بل قَارب ثلث الْكتاب فِيمَا أَظن نعم عيب عَلَيْهِ فِيهِ قَوْله خلافًا لِلشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِع مُتعَدِّدَة وَقد تقرر أَن الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى الْآن فِي مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي هُوَ مَا اتّفق عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ فَإِن اخْتلفَا فالنووي لِأَنَّهُ متعقب رُبمَا ظهر لَهُ مَا خَفِي على الأول الا مَا اتّفق الْمُتَأَخّرُونَ قاطبة على أَنه سَهْو أَو غلط وَمَا عداهُ لَا عِبْرَة بِمن خَالف فِيهِ
نبه على ذَلِك خَاتِمَة الْمُتَأَخِّرين شهَاب الدّين أَحْمد بن حجر الهيتمي رَحمَه الله تَعَالَى وَذكر أَن هَذَا هُوَ مَا أَخذه عَن مشايخه وهم عَن مشايخهم وَهَكَذَا انْتهى وَالله أعلم وَهُوَ فِي مُجَلد ضخم
وَمِنْهَا تَجْرِيد الزَّوَائِد وتقريب الفرائد فِي مجلدين جمع فِيهِ الْفُرُوع الزَّائِدَة على الرَّوْضَة غَالِبا وَكتاب تحفة الطلاب ومنظومة الارشاد فِي خَمْسَة آلَاف وَثَمَانمِائَة وَأَرْبَعين بَيْتا وَزَاد على الارشاد كثيرا من الْمسَائِل والقيود ونظم أَوَائِله إِلَى الرَّهْن فِي مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ مكث نَحْو خمس عشرَة سنة ثمَّ شرع فِي تتمته فكمله فِي أقل من سنة وفتاوى جمعهَا وَلَده القَاضِي الْعَلامَة بركَة الْمُسلمين حُسَيْن بن أَحْمد المزجد ثمَّ جمعهَا ابْن النَّقِيب وَزَاد فِيهَا من تفقهاته مَا لَا غنى عَنهُ وَله غير ذَلِك وتفقه بِهِ خلائق كَثِيرُونَ مِنْهُم أَبُو الْعَبَّاس الطبنداوي وَشَيخ الْإِسْلَام ابْن زِيَاد والحافظ الديبع والعلامة مُحَمَّد بن عمر بحرق وَصَالح النماري وَغَيرهم من أكَابِر الْأَعْيَان وَاخْتِلَاف أَجنَاس الطّلبَة من جِهَات شَتَّى وَله شعر حسن وَمِنْه فِي الْحصن الْحصين
إِذا مَا خفت من نوب الفنا ... فلازم عدَّة الْحصن الْحصين
وثق بِجَمِيعِ مَا فِيهَا لتظفر ... سَرِيعا بالتخلص عَن يَقِين
فقد جربتها فَوجدت فِيهَا ... أَمَان الْخَائِفِينَ من الْمنون
وفيهَا برْء دَاء لَا يداوى ... تفريج عَن الْقلب الحزين
وَمِنْه ... لَا تصْحَب الْمَرْء إِلَّا فِي استكانته ... تَلقاهُ سهلاً أديباً لين الْعود
واحذره ان كَانَت الايام دولته ... لَعَلَّ يوليك خلقا غير مَحْمُود
فَإِنَّهُ فِي مهاو من تغطرسه ... لَا يرعوي لَك أَن عادى وَأَن عودي
وَقل لأيامه اللَّاتِي قد انصرمت ... بِاللَّه عودي علينا مرّة عودي ...
وَمِنْه ... قلت للفقر أَيْن أَنْت مُقيم ... قَالَ لي فِي محابر الْعلمَاء
إِن بيني وَبينهمْ لاخاء ... وعزيز عَليّ قطع الاخاء ...
وَكَانَ ينظم فِي الْيَوْم الْوَاحِد نَحْو ثَمَانِينَ بَيْتا مَعَ الْقُيُود والاحترازات وَله مرثية عَظِيمَة فِي شَيْخه عمر الْفَتى
قَالَ حفيده شيخ الْإِسْلَام قَاضِي قُضَاة الْأَنَام أَبُو الْفَتْح ابْن حُسَيْن المزجد رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ جدي رَحمَه الله تَعَالَى شرح جَامع المختصرات للنسائي فِي سِتّ مجلدات ثمَّ لما رَآهُ لم يسْتَوْف مَا حواه الْجَامِع الْمَذْكُور من الْجمع وَالْخلاف القاه فِي المَاء فاعدمه وَالله الْمُسْتَعَان
قَالَ عَلامَة الْعَصْر ومفتيه أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن النَّاشِرِيّ أبقاه الله تَعَالَى كَانَ القَاضِي الْمشَار إِلَيْهِ إِذا سئم من الْقِرَاءَة والمطالعة استدعى بمقامات الحريري فيطالع فِيهَا ويسميها طبق الْحَلْوَى وَولي قَضَاء عدن ثمَّ قَضَاء زبيد وباشر ذَلِك بعفة وديانة وطالت مدَّته فِيهَا
وَحكي أَنه لما جَاءَ زبيد وأتى إِلَيْهِ بمعلومها قَالَ جِئْنَا من عدن إِلَى عدم وَكَأَنَّهُ وَالله أعلم كَانَ غير رَاض بِهَذِهِ الْمرتبَة لما فِيهَا من الْخطر الْعَظِيم وَذَلِكَ لكَمَال ورعه واحتياطه فِي دينه واستحقاره لزهرة الدُّنْيَا ومنصبها وَكَانَ على جَانب عَظِيم من الدّين حَتَّى قَالَ بَعضهم فِي عصره لَو جَازَ أَن يبْعَث الله نَبيا فِي عصرنا لَكَانَ أَحْمد المزجد هُوَ ذَلِك النَّبِي
قَالَ النماري وَلما دخلت عَلَيْهِ وشرعت فِي قِرَاءَة الْعباب لَدَيْهِ أخذتني من دهشته الهيبة وَالْعَظَمَة مَا مَنَعَنِي اسْتِيفَاء مَا كنت آلفه من الانبساط فِي حَال الْقِرَاءَة ففهم ذَلِك مني وَأخذ يباسطني بِذكر بلدي وَأَن مِنْهَا الشَّاعِر الْفُلَانِيّ الَّذِي قَالَ فِي قصيدته مَا هُوَ كَيْت وَكَيْت حَتَّى زَالَ عني ذَلِك الدهش وثابت إِلَيّ نَفسِي
قلت والهيبة من عَلَامَات الْأَوْلِيَاء وَلَا يعزب عَنْك مَا مر قَرِيبا من أَنه أَي المزجد قَالَ مَا دخلتني هَيْبَة قطّ كَمَا كَانَت تدخلني بَين يَدي الْفَقِيه ابراهيم يَعْنِي شَيْخه ابراهيم بن أبي الْقَاسِم جغمان وَبِذَلِك يعلم أَنه من وَفقه الله ليعظم شَيْخه قيض الله لَهُ من يعظمه من الآخذين عَنهُ وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ملازماً للعزلة وَالْعِبَادَة وتلاوة الْقُرْآن وَالدَّفْع بِالَّتِي هِيَ أحسن وَيشْهد لَهُ بذلك قَوْله من قصيدة ... فلازم كسر بَيْتك فَهُوَ ادّعى ... لبعدك عَن قَبِيح الاعتياد
وسامح أهل عصرك واعف عَنْهُم ... وعش مستأنساً بالانفراد
وَقل أقرضتكم عرضي جَمِيعًا ... وَقد ابرأتكم يَوْم الْمعَاد
لكم حق عَليّ وَلَا أرى لي ... حقوقاً عنْدكُمْ هَذَا اعتقادي
لِأَنِّي عبد سوء ذُو عُيُوب ... يصاح عَليّ فِي سوق الكساد ...
وَقَالَ النماري شَيخنَا الْمَذْكُور أوقاته مرتبَة يَجْعَل أَوَاخِر اللَّيْل وَأول النَّهَار لدرس الْقُرْآن ثمَّ يشْتَغل بِمَا لَهُ من أوراد ثمَّ بالتفسير ثمَّ بالفقه ثمَّ يخرج إِلَى الحكم إِلَى وَقت الظّهْر ثمَّ يقيل ثمَّ يشْتَغل بالاحياء للغزالي وَنَحْوه من كتب الرَّقَائِق وَفِي آخر النَّهَار ينظر فِي التَّارِيخ إِلَى أَن يخرج لمجلس الحكم بعد صَلَاة الْعَصْر لِأَنَّهُ كَانَ يجلس للْحكم فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ
قَالَ الشَّيْخ جَار الله بن فَهد انْتفع بِهِ النَّاس وَأخذ عَنهُ الطّلبَة وَاسْتمرّ على عَظمته ووجاهته حَتَّى مَاتَ فِي دولة الأروام رَحمَه الله تَعَالَى انْتهى
وَحكى تِلْمِيذه العَبْد الصَّالح الْعَلامَة المفنن مُحَمَّد بحرق قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام فِي ثغر عدن وَقت السحر وَبِيَدِهِ الْكَرِيمَة كتاب يطالع فِيهِ قَالَ فَقلت لَهُ أَلَك اطلَاع يَا رَسُول الله على تصانيف امتك فَقَالَ نعم فَقلت مَا تَقول فِي عقيدة احياء عُلُوم الدّين قَالَ لابأس بهَا فَقلت هَل لَك اطلَاع على تصانيفهم الْفِقْهِيَّة قَالَ نعم وَلم أر أجزل عبارَة عَن إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَمَا رَأَيْت مثل مَجْمُوع لأبي السرُور الَّذِي ضمنه الرَّوْض وَزَاد عَلَيْهِ بَاقِي مسَائِل الْمَذْهَب فَوَقع ببالي أَن الْمَجْمُوع الْمَذْكُور هُوَ الْعباب انْتهى
وَكَانَ بَينه وَبَين سَيِّدي الشَّيْخ القطب شمس الشموس أَبُو بكر بن عبد الله العيدروس اتِّحَاد كلي وَلكُل مِنْهُمَا إِلَى الآخر ميل قلبِي وَكَانَت بَينهمَا محبَّة ومكاتبات ومواصلات ومراسلات ومدح هُوَ العيدروس بقصيدة سبقت فِي تَرْجَمته وَفِيه أَيْضا يَقُول العيدروس نفع الله بِهِ ... سَلام كوبل عَم ساجمه ... تفتح عَن نور الكمام مباسمه
سَلام يفوق الْمسك فِي نشر عطره ... ويزرى بذوق الشهد فيَّ طاعمه
على السَّيِّد الحبر الْعَلِيم شهابنا ... نواوي الْعلَا مفتي الزَّمَان وحاكمه
لَهُ فِي سلوك الدّين أوضح مَنْهَج ... لَهُ من فنون الْعلم أوفى مقاسمه
لكل زمَان عَالم يقْتَدى بِهِ ... وَهَذَا زمَان لَا شكّ أَنْت عالمه
بمجلسه تجلى الْعُلُوم ويهتدي ... بِهِ كل حبر لَيْت من هُوَ ملازمه
يفك عويص المشكلات دراية ... بديهته تبدي خَفِي مكارمه ...
وَفِيه يَقُول أَيْضا من قصيدة لَهُ أُخْرَى شعر ... شهَاب الْعلَا غوث الملا هُوَ أَحْمد ... وقاضي قُضَاة الْوَقْت فِي مُدَّة الْعَصْر
فَيوم لَهُ فِي الْعلم وَالْفضل والحجى ... يزِيد على أَعمار سبع من النسْر
وَفِي الْعلم يم لم يزل متلاطماً ... يجل عَن الاحصاء وَالْعد والحصر ...
ومناقبه كَثِيرَة وترجمته طَوِيلَة وَقد أفردها بالتصنيف حفيده القَاضِي أَبُو الْفَتْح بن الْحُسَيْن المزجد فِي جُزْء لطيف سَمَّاهُ منية الأحباب فِي مَنَاقِب صَاحب الْعباب
وَإِذا تَأَمَّلت مَا أسلفناه عَنهُ من الْأَخْبَار الجميلة وَالسير الحميدة علمت أَنه من الْعلمَاء الاخيار الابرار وَلَا يُنَافِي ذَلِك مَا كَانَ متلبساً بِهِ من الْقَضَاء وَنَحْوه فقد ابتلى بِمثل ذَلِك غير وَاحِد من الْعلمَاء الصلحاء كشيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ وَشَيخ الْإِسْلَام زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ وحسبك أَن العيدروس نفع الله بِهِ وَصفه بِهَذِهِ الْأَوْصَاف الجليلة والنعوت الجميلة وَإِذا وَقع من مثل هَذَا الرجل فِيهِ مثل هَذَا القَوْل فقد أغْنى ثناءه عَن كل وصف وَالشَّهَادَة مِنْهُ خير من شَهَادَة ألف ألف وَكَانَ لصَاحب التَّرْجَمَة أَرْبَعَة أَوْلَاد عَليّ وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَعبد الرَّحْمَن وكل مِنْهُم افتى فِي حَيَاة أَبِيه وَمَات مِنْهُم اثْنَان فِي حَيَاة ابيهما وهما عبد الرَّحْمَن وَحسن ورثاهما وحزن عَلَيْهِمَا فوفاة حسن سنة تسع وَتِسْعمِائَة ووفاة عبد الرَّحْمَن سنة احدى عشر وَتِسْعمِائَة
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.
القاضي الإمام صفيّ الدين أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الرحمن ابن القاضي الكبير نجم الدين يوسف بن محمد بن علي بن محمد بن حسان المزجَّد -بفتح الجيم- السَّيفي الزَّبيدي، صاحب "العباب".
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.
أحمد بن عمر بن محمد السيفيّ المرادي المذحجي الزبيدي، صفيّ الدين المعروف بالمزجد: قاض، من فقهاء الشافعية بتهامة اليمن. مولده ووفاته في زبيد. ولي قضاء عدن ثم قضاء بلده. له (العباب، المحيط بمعظم نصوص الشافعيّ والأصحاب - خ) كبير في الفقه، قال فيه صاحب العقيق اليماني: (أجمع علماء مصر والشام واليمن أُنه لم يصنف مثله في حسن ترتيبه وتهذيبه وجمعه، أقام في تهذيبه عشر سنين) وله في فقه الشافعية أيضا (تجريد الزوائد وتقريب الفوائد - خ) مجلدان .
-الاعلام للزركلي-
أحمد بن عمر المزجد الزبيدي: أحمد بن عمر، الشيخ الإمام، العالم العلامة قاضي القضاة القاضي صفي الدين المزجد الزبيدي الشافعي صاحب العباب كما قال القاضي جمال الدين محمد بن عمر الحضرمي: رأيت في النوم ليلة العشرين من شهر صفر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة في وقت السحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين يديه كتاب يطالع فيه، فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك اطلاع على تصنيف أمتك. قال: نعم. فقلت له: فما تقول في عقيدة إحياء علوم الدين. قال: لا بأس به. قلت: فهل لك اطلاع على تصانيفهم الفقهية؟. فقال: نعم، ولم أر أجزل عبارة من إمام الحرمين، وما رأيت مثل مجموع لابن أبي السرور ضمنه الروض، وزاد عليه باقي مسائل المذهب. قال: فوقع حينئذ ببالي أن المجموع هو العباب تصنيف شيخنا القاضي صفي الدين المزجد. انتهى. قال الشيخ عبد القادر الفاكهي المكي: إلا أن المزجد بحر علم ... خضم والجواهر في عبابه ... ومذهبنا المهذب فيه ضمنا ... فوائد اليتيمة في كتابه ... وله أيضاً: إلا أن العباب عزيز مثل ... ولا يلقى لمبدعه نظير ... ففاخر يا ولوع به وباهي ... ففيه الروض، والدر النضير ... كذا التنبيه والإرشاد جمعا ... وحسبك بحر علمهما الغزير .... ولم لا والذي أنشاه قاض ... تقي لا يميل ولا يجور ... له في حكمه آيات عدل ... وشاهده لرقته الضمير ... وقال العلامة وحيد الدين الزبيدي: جزى ربنا عنا الذي هو أهله ... شهاب الدنا، والدين أعني أبا الحسن .... بتصنيفه هذا العباب الذي له ... تقلد ذو الحلم الجسيم من المنن ... غنينا به عن كل أصل وفرعه ... وروض وإرشاد، وشرحهما معا ... فيا طالباً العلم حسبك درسه ... إذا شئت تدعى عالم الشام واليمن .. وشرح العباب الشيخ شهاب الدين ابن حجر المكي، وسيدي علي بن عراق، والظاهر أن المزجد من أهل هذه الطبقة، فإن الشيخ علي ابن سيدي محمد بن عراق لما قدم الشام سنة سبع وأربعين وتسعمائة اجتمع به ابن طولون، وأخبره أنه كتب شرحاً على العباب، وأنه أرسل من مكة إلى مؤلفه استدعاء بالإجازة نظماً، فأجابه إلى ذلك، وقرأهما علي انتهى.
- الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة -