أبو الضياء عبد الرحمن بن عبد الكريم بن إبراهيم الغيثي المقصري
ابن زياد
تاريخ الولادة | 900 هـ |
تاريخ الوفاة | 975 هـ |
العمر | 75 سنة |
مكان الولادة | زبيد - اليمن |
مكان الوفاة | زبيد - اليمن |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
وَفِي لَيْلَة الْأَحَد بعد صَلَاة الْمغرب حادي عشر رَجَب الْفَرد الْحَرَام سنة خمس وَسبعين توفّي شيخ الْإِسْلَام مفتي الْأَنَام علم الْأَئِمَّة الْأَعْلَام مُحَرر الْمَذْهَب وطراز الْمَذْهَب أستاذ الْمُحَقِّقين سراج الظلمَة نَاصِر السّنة المحمدية بالحجيج السّنيَّة والبراهين المضيئة أَبُو الضياء عبد الرَّحْمَن ابْن عبد الْكَرِيم بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن زِيَاد الغيثي المقصري نِسْبَة إِلَى المقاصرة بطن من بطُون عك بن عدنان الزبيدِيّ بَلَدا ومولدا ومنشأ الشَّافِعِي مذهبا الْأَشْعَرِيّ مُعْتَقدًا الْحكمِي خرقَة اليافعي تصوفاً وَفِي ذَلِك يَقُول رَحمَه الله ... أَنا شَافِعِيّ فِي الْفُرُوع ويافعي ... فِي التصوف أشعري .. وبذا أدين الله القاه بِهِ ... أَرْجُو بِهِ الرضْوَان فِي الدُّنْيَا وغد ... وَصلى عَلَيْهِ وَلَده مفتي الْمُسلمين مُفِيد الطالبين الشَّيْخ الإِمَام عبد السَّلَام بعد صَلَاة الصُّبْح بالجامع المظفري بزبيد ثمَّ حمل على رُؤُوس الجم الْغَفِير وانسكب عَلَيْهِ الدمع الغزير وَدفن إِلَى جنب وَالِده بمقبرة بَاب القرتب من مَدِينَة زبيد وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم لم تَرَ الْأَعْين مثله رَحمَه الله وَرَضي عَنهُ آمين آمين وَخَلفه بعده على الافتآء والتدريس وَلَده الْمَذْكُور وَقدمه فِي ذَلِك الْجُمْهُور وَأفْتى ودرس إِلَى أَن ناخ بِبَاب مَوْلَاهُ وعرس
كَانَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور شَافِعِيّ الزَّمَان انْتَشَر ذكر فَضله فِي الْآفَاق قصدته الفتاوي من شاسع لبلاد وَضربت إِلَيْهِ آباط الْإِبِل من كَا نَاد للأخذ عَنهُ والاقتباس مِنْهُ ولد رَحمَه الله فِي شهر رَجَب الْحَرَام سنة تِسْعمائَة رَأس الْقرن حفظ الْقُرْآن عَن ظهر الْغَيْب على وَالِده ثمَّ الْإِرْشَاد فِي الْفِقْه والعلامة مُحَمَّد وأخيه أَحْمد ابْني مُوسَى الصنجاعي وَشَيخ الْإِسْلَام أَحْمد المزجد وتلميذه شيخ الْإِسْلَام أبي الْعَبَّاس أَحْمد ابْن الطّيب الطبنداوي وَبِه تخرج وانتفع واذن لَهُ فِي التدريس والإفتاء فدرس وافتى فِي حَيَاته وَصحح لَهُ اجوبته واخذ فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالسير على الإِمَام الْحَافِظ الضَّابِط وجيه الدّين بن الديبع وعَلى الْفَقِيه مُوسَى بن عبد اللَّطِيف المشرع وَأخذ فِي الْفَرَائِض على الشَّيْخ الْعَلامَة فَرد زَمَانه وَشَيخ شُيُوخ أَوَانه الصّديق الْغَرِيب الْحَنَفِيّ وَأخذ فِي الْأُصُول على الْفَقِيه الزَّاهِد الْعَارِف بِاللَّه المفتن جمال الدّين يحيى قتيب والعربية عَن الْفَقِيه الصَّالح الْفَاضِل المقرء مُحَمَّد مفضل اللحياني وجد واجتهد إِلَى أن رأى النَّفْع وَوجد وطالع الكتب مختصرها ومبسوطها حَتَّى صر عينا من أَعْيَان الزَّمَان يشار إِلَيْهِ بالبنان وتعقد عَلَيْهِ الخناصر وتلمذ لَهُ الأكابر
وَفِي سنة اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة حج إِلَى بَيت الله الْحَرَام وزار قبر النَّبِي عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَاجْتمعَ بفضلاء الْحَرَمَيْنِ ودرس فِي الْحَرَمَيْنِ بِمحضر م أَعْيَان البلدتين الشريفتين كمفتي الْحجاز شيخ الْإِسْلَام عبد الْعَزِيز الزمزمي وَأَمْثَاله وَكَانَ يَقُول شربت من زَمْزَم لثلاث لأرجع إِلَى بلدي وَاجْتمعَ بوالدي واشتغل بالافتاء وليرضى الله عني فَوجدت خَصْلَتَيْنِ رجعت إِلَى بلدي وَاجْتمعت بوالدي وَعمر بعد ذَلِك زَمَانا طَويلا واشتغل بالإفتاء من سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة بعد وَفَاة شَيْخه أبي الْعَبَّاس الطبنداوي وَكَانَ يَقُول أَرْجُو ان ألْقى الثَّالِثَة وَمَا ذَلِك على الله بعزيز
وَلما مَاتَ شَيْخه الْمَذْكُور تصدر للتدريس والإفتاء اسْتِقْلَالا وصنف ودرس الْفِقْه بالجامع الْكَبِير بزبيد بمدرسة الوهابية والأشرفية والوثاقية من مدارس زبيد وَله تدريس الحَدِيث بِجَامِع الباشا مصطفى النشار بزبيد أَيْضا وَكَانَ من الْفقر على جَانب عَظِيم بِحَيْثُ لَا يملك إِلَّا شَيْئا يَسِيرا من الْكتب وَكَانَ غَالب أوقاته كَمَا كَانَ يخبر عَن نَفسه انه يصبح وَلَيْسَ عِنْده قوت يَوْمه وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا يتْرك التدريس وَيسْعَى بعد تَمام الدَّرْس فِي تَحْصِيل قوت يَوْمه وَأخْبر رَضِي الله عَنهُ أنارأته وضعت لَيْلَة وَلم يكن عِنْده مِمَّا يعْمل لذات النّفاس ولولدها حَتَّى عجز عَن الْمِصْبَاح فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَبَاتُوا كَذَلِك وَكَانَ تدريسه عَن تَحْقِيق ومباحثه فِي نِهَايَة التدقيق لَا يقْعد للتدريس حَتَّى يطالع الْكتب المبسوطة كالوسيط وَالْخَادِم والكوكب الْوَقَّاد وحاشية السمهودي وَالرَّوْضَة وَقد يقْعد أَيَّامًا يعْتَذر عَن التدريس لعدم المطالعة وطريقته انه يجمع الدرسة على درس وَاحِد من أول النَّهَار إِلَى مُضِيّ ربعه يذكر الدَّلِيل وَالْعلَّة وَمَا تفهمه الْعبارَة ومايرد ليه وَمن وَافق وَمن خَالف فِي المصنفات والفتاوي والنكت والحواشي وتحضر فِي التدريس الْكتب المبسوطة تورد عَلَيْهِ الطّلبَة الابحاث والاشكالات فَمَا رأى من صَوَاب قَرَّرَهُ وَمَا لَا فَلَا وَيطول الْمجْلس بالمشاطرة بَين تلامذته فِي الابحاث عَن الْقَوَاعِد وعبارات الْأَصْحَاب وَرُبمَا كَانَ يجلس من أَوله إِلَى آخِره على مَسْأَلَة وَاحِدَة وَرُبمَا قَامَ الشَّيْخ من مَجْلِسه وأشكال الْمَسْأَلَة مَا ارْتَفع فيحله فِي مجْلِس آخر لِأَنَّهُ كَانَ وقافا عِنْد الاشكالات وَرُبمَا تمر ايام فِي تَحْقِيق مَسْأَلَة وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة تدريس الْمَذْهَب لَا كتاب لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول رَحمَه الله أَنا ادرس الْمَذْهَب لَا كتاب
وَكَانَ تدريسه فِي الْأُسْبُوع السبت والأحد وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَله درس فِي الحَدِيث بمنزله بعد صَلَاة الْعَصْر جَمِيع الْأُسْبُوع لم يتْرك غير عصر الْجُمُعَة وَختم عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْمجْلس كتب عديدة من التفاسير والْحَدِيث وَالسير وَغير ذَلِك وَفِي شهر رَجَب وَشَعْبَان ورمضان يقْرَأ عَلَيْهِ صَحِيح البُخَارِيّ بالجامع المظفري بزبيد بِحَضْرَة الجم الْغَفِير من الْعلمَاء والطلبة وَغَيرهم بِأَيْدِيهِم النّسخ العديدة نَحْو الْأَرْبَعين نُسْخَة وَبَين يَدَيْهِ هُوَ فتح الْبَارِي وَقد اخبر رَضِي الله عَنهُ انه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْعينِ الشحمية والسكينة وَالرَّحْمَة مَا لم ير فِي مجْلِس غَيره وَيكون ختم هَذَا الدَّرْس صبح الْيَوْم التَّاسِع وَالْعِشْرين من رَمَضَان ويحضر الْخَتْم جمع عَظِيم من الْخَاص وَالْعَام وأمير الْبَلَد وقضاة الشَّرْع وأجناس مُخْتَلفَة من بوادي زبيد وَيكون جمعا حفيلاً مشهود الْخَيْر وَالْبركَة وينشد فِيهِ القصائد المبتكرة وَتظهر بركَة الْمجْلس على من حضر وَكَانَ يبتدي مجْلِس الدَّرْس بِالْفَاتِحَةِ وَآيَة الْكُرْسِيّ وَيس وتارك وَالْإِخْلَاص والمعوذتين وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالدُّعَاء وَقصد للْفَتْوَى المشكلة من الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَأَرْض الْهِنْد والحبشة وحضرموت وَقد يقْصد لَهَا من الْبَلَد الَّتِي هِيَ زبيد فَلَا يعجل بالكتب عَلَيْهَا ويمهل فِيهَا مُدَّة كلَاما أَو على نظيرها يَطْلُبهُ وَلَا يكْتب عَلَيْهَا حَتَّى يقف عَلَيْهِ ويبحث فِيهَا مَعَ أَصْحَابه وَغَيرهم من أهل الْمَذْهَب وَيَأْمُرهُمْ بالتفتيش وَالِاجْتِهَاد وَيَأْخُذ مَا عِنْد كل وَاحِد وينازله على فهمه ويبحث مَعَه فَيرد مَا يرد وَيقبل مَا يقبل ويدأب فِي ذَلِك ويدأب الطّلبَة وَإِذا كَانَت الْمَسْأَلَة مشكلة جدا أَو مهمة جمع عَلَيْهَا كَلَام الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين وَكتب عَلَيْهَا مؤلفاً وَكلما ذَكرْنَاهُ عَنهُ من هَذَا الِاجْتِهَاد والتوقف والمهل والفحص والبحث والمناظرة والمنازلة وَالْقَبُول وَالرَّدّ من الْوَرع وَالِاحْتِيَاط فِي الدّين وَحصل بَينه وَبَين جمَاعَة من أهل عصره مخالفات ومشاحنات فِي مسَائِل ولشيخ الْإِسْلَام ابْن حجر الهيتمي مفتي مَكَّة وَغَيره وكل مِنْهُم ألف وَبرهن على مَا يَقُول وَهُوَ يؤلف وَيرد عَلَيْهِم فِي مؤلفاته وفتاواه ينْقل عبابات الْأَصْحَاب برمتها وألفاظها ويعيب على من يحذف مِنْهَا أَو يلخصها حَتَّى بلغت مؤلفاته فِي ذَلِك نيفاً وَثَلَاثِينَ مؤلفاً
وَفِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة نزل فِي عَيْنَيْهِ مَاء فَكف بَصَره فاحتسب وَرَضي وَقَالَ مرحبة بموهبة الله وجاءه قداح فَقَالَ لَهُ أنقشك ويصطلح بَصرك وَقَالَ بعض أهل اثروة وَأَنا أنْفق عَلَيْك وعَلى عِيَالك مُدَّة ذَلِك فَامْتنعَ وَقَالَ شَيْء البسنيه الله بِهِ لَا أتسبب فِي ابطاله وَمَعَ ذَلِك لم يفقد شَيْئا من أَحْوَاله وَكَانَ على مادته فِي التصنيف والافتاء والتصنيف يَأْمر وَلَده بالفتش وَيُشِير إِلَى المظنات وَيقْرَأ عَلَيْهِ فيقرر الحكم وأستمر على تدريسه على عَادَته فِي الْجَامِع وَغَيره من الْمدَارِس الَّتِي ذَكرنَاهَا قبل وَإِذا ورد عَلَيْهِ سُؤال قرئَ عَلَيْهِ فيتأمله ثمَّ يَأْمر بفتش المظان وأسماعه إِيَّاهَا فَينزل السُّؤَال على ذَلِك ثمَّ يَأْمر بالكتب وَألف مؤلفاته وَهُوَ على حَالَة الْعَمى وَله فتاوي مؤسصسة على التَّحْقِيق
قَالَ تِلْمِيذه الْعَلامَة القَاضِي عمر بن عبد الْوَهَّاب النَّاشِرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قرأتها عَلَيْهِ جَمِيعهَا بِحَضْرَة الْجُمْلَة من مَشَايِخ الْعلم وَغَيرهَا من الطّلبَة وامرني ان اتتبع مَا شَذَّ مِنْهَا وَلم يدْخل فِي الْفَتَاوَى وقرأتها عَلَيْهِ وصححتها لَدَيْهِ قَالَ وَله مؤلفات قَرَأت عَلَيْهِ بَعْضهَا انْتهى
قلت اما مصنفاته فَتَحْرِير الْمقَال فِي حكم من خبر بِرُؤْيَة هِلَال شَوَّال وَحَاصِله وجوب الافطار على من اخبر بِرُؤْيَة شَوَّال إِذا اعْتقد صدق الْمخبر وَحصل بَينه وَبَين الْعَلامَة إِسْمَاعِيل الْعلوِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مُنَازعَة والف الْعلوِي كتابا فِي عدم الْجَوَاز لَكِن وَافق ابْن زِيَاد أهل الْيمن وَمَكَّة ومصر وَغَيرهم
وَمن مؤلفاته إِثْبَات سنة رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الإحرامك وَالرُّكُوع والاعتدال وَالْقِيَام من الرَّكْعَتَيْنِ وَكتاب فتح المبي فِي أَحْكَام تبرع الْمَدِين والمقالة الناصة على صِحَة مَا فِي الْفَتْح والذيل وَالْخُلَاصَة وَهَذِه الثَّلَاثَة التآليف بِسَبَب مَا وَقع بَينه وَبَين ابْن حجر لم يُوَافق ابْن زِيَاد بل صنف كتابا آخر فِي عدم بطلَان تبرع الْمَدِين فَعِنْدَ ذَلِك رد عَلَيْهِ وجيه الدّين بِكُل من الثَّلَاثَة الْكتب وَله كتاب النخبة فِي الاخوة والصحبة وَكتاب فتح الْكَرِيم الْوَاحِد فِي انكار تَأْخِير الصَّلَاة على ائمة الْمَسَاجِد والادلة الْوَاضِحَة فِي الْجَهْر بالبسملة وانها من الْفَاتِحَة وَهُوَ كتاب حافل مُشْتَمل على مَنَاقِب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة والتقليد واحكام رخص الشَّرِيعَة وَذَلِكَ مِمَّا لَا غناء للفقيه عَن تَحْصِيله وَكتاب إِقَامَة الْبُرْهَان على كمية الترا وَيْح فِي رَمَضَان وكاب الرَّد على من اوهم ان ترك الرَّمْي للْعُذْر يسْقط الدَّم وَكتاب تَجْدِيد الْأَئِمَّة الْإِسْلَام من تَغْيِير بِنَاء الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْجَوَاب الْمُحَرر فِي أَحْكَام الْمسْقط المحذر وبغية المشتاق فِي تَصْدِيق مدي الانفاق وكشف الْغُمَّة عَن حكم الْمَقْبُوض عَمَّا فِي الذِّمَّة وَكَون الْملك فِيهِ مَوْقُوفا عِنْد الْأَئِمَّة ومزيل العنا فِي أَحْكَام الْغِنَا والأجوبة المرضية عَن الأسئلة المكية وَالْجَوَاب المتين عَن السُّؤَال الْوَارِد من الْبَلَد الْأمين وَحل الْمَعْقُود فِي أحجكام الْمَفْقُود وَفصل الْخطاب فِي حكم الادعاء باتصال الثَّوَاب وإيضاح النُّصُوص المفصحة بِبُطْلَان تَزْوِيج الْوَلِيّ الْوَاقِع على غير الْحَظ والمصلحة وايراد النقول الذهبية عَن ذَوي التَّحْقِيق فِي أَنْت طَالِق على صِحَة الْبَرَاءَة عَن صقيع الْمُعَارضَة لَا التَّعْلِيق وإسعاف المستفتي عَن قَول الرجل لامْرَأَته أَنْت أُخْتِي وسمط اللآل فِي كتب الْأَعْمَال وافصاح الدّلَالَة فِي ان الْعَدَالَة الْمَانِعَة عَن الشَّهَادَة بِجَامِع الْعَدَالَة وكشف النقاب عَن أَحْكَام الْمِحْرَاب وَله رِسَالَة فِي القات والكفته والقهوة والبن وَجَمِيع المخدرات الْمُبَاحَة والمكروهة وَالْحرَام وَغير ذَلِك من المؤلفات العديدة والفتاوي لالمفيدة
قَالَ الْعَلامَة مفتي الْعَصْر أَحْمد بن النَّاشِرِيّ أبقاه الله تَعَالَى قَالَ الْعَلامَة مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم جغمان مؤلفات ابْن زِيَاد أَكثر تَحْقِيقا من كتب ابْن حجر الهيتمي
وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا كَانَ إِلَّا نووي الزَّمَان وَوَاحِد هَذَا الشَّأْن ملازماً لبيته ومسجده لَا يخرج إِلَّا لصلاته وتدريس مُنْقَطِعًا عَن النَّاس محبوباً إِلَيْهِم تزدحم النَّاس على تَقْبِيل يَده بعد صَلَاة الْجُمُعَة والتمسح بِهِ والتماس بركته وتقصده الْعلمَاء والكبراء والامراء والوزراء والفقراء والأغنياء إِلَى منزله للتبرك بِهِ وبدعائه وَكَانَ مسموع الْكَلِمَة لَا ترد شَفَاعَته وَكَانَ سريع الدمعة مجاب الدعْوَة حسن العقيدة فِي أهل الله الصُّوفِيَّة وصالحيهم اذا اجْتمع بِأحد مِنْهُم التمس منهادعاء والمؤاخاة ويعتقد بالمجاذيب إِلَى الله تَعَالَى ويذاكر أهل التصوف فِي كَلَام الْقَوْم فيستفيدون مِنْهُ ويعتقد بمحيي الدّين ابْن عَرَبِيّ ويثني عَلَيْهِ وعى كَلَامه وَيفتح عَلَيْهِ فِيهِ بذوق عَظِيم وَمَا جالسه أحد إِلَّا واستفاد مِنْهُ وَتعلم وتأدب واتعظ وَكَانَ شَدِيد التَّأْلِيف بَين الطّلبَة يؤدبهم بِلِسَانِهِ وحاله ويزهدهم فِي الدِّينَا وَيكرهُ لَهُم الِاشْتِغَال بهَا ويزجرهم عَن مجالسة الْجُهَّال وَأهل الْأَهْوَاء وَلَا يرضى لَهُم الترشيح لوظائف الْأَحْكَام وَيَأْمُرهُمْ بالتحلي بحلية الْكَمَال ويحثهم على الِاشْتِغَال بِالْعلمِ ومطالعة الْكتب المبسوطة وَلَا يرضى لَهُم بالاقتصار على المختصرات ويستعين يهم على المشكلات المدلهمة والفتاوي المعضلية المهمة وكل ذَلِك بِسَبَب الألفة لقُلُوبِهِمْ وَإِلَّا فهم لَا يُنكرُونَ استغناءه عَنْهُم ورسوخ الْعلم فِي قلبه وَقد بشر بِهِ بعض الصَّالِحين قبل مولده
أخبر وَالِده عبد الْكَرِيم رَحمَه الله أَنه دخل مَسْجِدا بزبيد يُقَال لَهُ مَسْجِد الزيالع قَالَ قصدت ذَلِك الْمَسْجِد الْمَذْكُور يتأملني من ورائي فَقَالَ لي يَا فَقِيه تقرا فِي الْعلم فَقلت لَا فَقَالَ لَو قَرَأت لَكُنْت منصفا فقما بلغ وَلَده وَهُوَ كانيحكي بِهَذِهِ الْحِكَايَة وَيَقُول كَأَنَّهُ رأى عبد الرَّحْمَن فِي صلبي
قلت وَلَا يبعد ذَلِك على أهل الله تعلى فقد أذكرتني هَذِه الْحِكَايَة مَا نقلته عَن خطّ الْحَافِظ الْمسند أَمَام الحَدِيث النَّبَوِيّ بزبيد أقضى الْقُضَاة مجد الدّين الشِّيرَازِيّ صَاحب الْقَامُوس أَحْمد بن عبد اللَّطِيف الشرجي وَصُورَة ذَلِك حكى لي حفظه الله وأبقاه وَالْإِشَارَة بذلك إِلَى الْمجد الْمَذْكُور إِنَّه دخل فِي بعض السنين مَدِينَة قُم فَسمِعت بِأَن كتبا تعرض للْبيع فَذَهَبت إِلَى بَيت صَاحبهَا فَأَدْخلنِي وأحضر الْكتب بَين يَدي ومددت يَدي إِلَى كتاب مِنْهَا وفتحته فَإِذا هُوَ بِخَط أبي فَقلت هَذَا خطّ وَالِدي فَقَالَ مَا أسم والدك فَقلت يَعْقُوب ابْن ابراهيم الفيروزابادي قَالَ فَقَامَ الرجل إِلَيّ وَقبل راسي وَقَالَ صدقت كَأَن جَاءَنِي والدك فِي بعض السنين إِلَى غَار من مغارات هَذَا الْجَبَل وَأَنا مُنْقَطع إِلَى الله فِيهِ لِلْعِبَادَةِ فَأَقَامَ عِنْدِي أَيَّامًا وَنسخ لي هَذَا الْكتاب فِيهِ وَكَانَ يخدمني ويتعبد معي فاتفق فِي بعض الْأَيَّام أَن قلت لَهُ يَا شيخ يَعْقُوب مَا ترى ننزل إِلَى الْمَدِينَة فَتدخل الْحمام ونتنظف فَقَالَ الْأَمر إِلَيْك فِي ذَلِك فنزلنا فَلَمَّا دَخَلنَا الْحمام قلت لَهُ هَات ظهرك لأحكه فَامْتنعَ عَليّ وَقَالَ أولى بخدمتك فلازمته على ذَلِك وَهُوَ يتمنع فَرَأَيْت الْحِيلَة فِي ذَلِك إِن قلت لَهُ لتصل بركَة يَدي إِلَى ظهرك فهنالك أَعْطَانِي ظَهره فَسمِعت حسك فِي ظَهره فَقلت لَهُ يَا يَعْقُوب فِي ظهرك أَوْلَاد فَقَالَ مَا يدْريك قلت أحسست بهم قَالَ كم هم قلت أَرْبَعَة قَالَ سمهم فَقلت على الْفَوْر مُحَمَّد ويوسف وَعلي وَحسن قَالَ ثمَّ فارقني وفارقته فَمن ظانت مِنْهُم قَالَ شَيخنَا مجد الدّين أَنا مُحَمَّد قَالَ هَل لَك أخوة قلت نعم كَمَا ذكرت يُوسُف وَعلي وَحسن قَالَ وَكلهمْ فِي الْحَيَاة قلت لَا توفّي عَليّ وَحسن فَقَالَ الْحَمد لله فتعجبت من كشفه وَمن غَرِيب الأتفاق قَالَ وأسم هَذَا الرجل أَيْضا مجد الدّين وَهُوَ من عباد الله الصَّالِحين
قلت وَقَرِيب من هَذَا أن الشيخ أَبَا بكر العيدروس قدس الله روحه قَالَ لابن أخيه وَهُوَ جدي عبد الله بن شيخ بن الشَّيْخ عبد الله العيدروس تمن فَقَالَ مَا أُرِيد إِلَّا الْبركَة وَالدُّعَاء لي بذرية صَالِحَة فَقَالَ لَهُ يَا عبد الله سيلد لَك من الْأَوْلَاد الذُّكُور فلَان وَفُلَان وَفُلَان وَسَمَّاهُمْ أَبُو بكر وَشَيخ وحسين وَكَانَ إِذْ ذَاك جدي لم يتَزَوَّج بعد ثمَّ خرج إِلَى حَضرمَوْت بعد وَفَاة عَمه الْمشَار إِلَيْهِ وتزوجبها أمْرَأَة فَولدت لَهُ أَوْلَادًا كَمَا ذكر وَسَمَّاهُمْ بِتِلْكَ الْأَسْمَاء الَّتِي سماهم بهَا الشَّيْخ ثمَّ ولد لَهُ بعد الثَّلَاثَة ولد سَمَّاهُ مُحَمَّد أَخْبرنِي بِهَذِهِ الْحِكَايَة الثِّقَة سَالم بن عَليّ أَبَا موجه رَحمَه الله وَقد سَمعتهَا من سَيِّدي الْوَالِد قدس الله روحه بِلَفْظ قريب من هَذَا
وَذكر سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله فِي كتاب العقد النَّبَوِيّ والسر المصطفوي أَن جده الْأَعْلَى وَهُوَ الشَّيْخ الْكَبِير وَالْوَلِيّ الشهير علوي بن الشَّيْخ القطب الْفَقِيه مُحَمَّد بن عَليّ أَرَادَ أَن يتْرك التَّزْوِيج إيثاراً للأنقطاع فِي الْعِبَادَة فَهَتَفَ بِهِ هَاتِف من ظَهره نَحن فِي ظهرك ذُرِّيَّة صَالِحَة تزوج وأخرجنا وَإِلَّا خرجنَا من ظهرك فَتزَوج بعد ذَلِك وَولد لَهُ أَوْلَاد تَنَاسَلُوا بذرية طيبَة مباركة صَالِحَة حَتَّى كَانَ مِنْهُم من لَا يُحْصى من الْمَشَايِخ الكاملين وَالْعُلَمَاء العاملين الَّذين شهرتهم نغني عَن الْأَطْنَاب فِي مدحتهم فَكَأَنَّمَا عناه الْقَائِل بقوله ... فَهُوَ أَبُو الْآبَاء ... خير منجب ومنسل .. وَهُوَ أَبُو الأشبال ... حَيا قَبره كل ولي أَوْلَاد الزهر بهم ... يدْفع كل معضل
كم فيهم من قطب ... كم فيهم من بدل
كم كم مُحدث فَقِيه ... ومحدث ولي ...
وكأنما عَنى الآخر ذُريَّته بقوله ... من تلق مِنْهُم تقل لاقيت سيدهم ... مثل النُّجُوم الَّتِي يسري بهَا الساري ...
شدت إِلَيْهِم الرّحال من أَطْرَاف الْبِلَاد وغنى بذكرهم الحداة فِي كل سمر وناد طبق ذكرهم طباق الأَرْض وَعم نفعهم الْمَشَارِق والمغارب بالطول وَالْعرض وَلَو لم يكن مِنْهُم إِلَّا الاستاذ الْكَامِل القطب الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن السقاف وحفيده الْأُسْتَاذ الْمُحَقق القطب الْغَوْث عبد الله العيدروس الَّذين عقم الزَّمَان أَن يَجِيء بأمثالهم وَلَا سمحت الدهور بأشكالهم أعَاد الله علينا من بركاتهم فِي الدَّاريْنِ آمين آمين آمين
قلت وَكَانَ الشَّيْخ علوي الدّين هَذَا من آيَات الله الْكُبْرَى وَهُوَ من أمثال الشَّيْخ وَمن مناقبه أَنه كَانَ يعرف الشقي من السعيد ويحيي وَيُمِيت بِإِذن الله تَعَالَى وَيَقُول للشَّيْء كن فَيكون بِإِذن الله تَعَالَى إِلَى غير ذَلِك من الكرامات الْعَظِيمَة واولخوارق الَّتِي لَا يُشَارِكهُ فِيهَا غَيره نفع الله بِهِ وَأعَاد علينا من بركاته آمين
ولبعضهم يمدح رِسَالَة الْعَلامَة الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد صَاحب التَّرْجَمَة ... إِلَّا إِنِّي وقفت على الرسَالَة ... وَمَا حوت الرسَالَة من مقَالَة
فألقيت الْمقَال مقَال حق ... وَتَحْقِيق لمن صدق أنتحاله
على أَن المُصَنّف بَحر علم ... لَهُ الْعلمَاء تشهد بالجلاله
فَمَا قَالَ الإِمَام فَتى زَمَانه ... فَإِن الْحق فِيهِ لَا محاله
على تخريجهم فَافْهَم كَلَامي ... فَإِن الْعلم لَا يخفى رِجَاله
وَلَوْلَا أَن للمكي فضل ... سعت كتبا يَدَاهُ بِهِ وَقَالَهُ
كتاب فِي المناقب فِيهِ عدل ... وإنصاف يدل على الكمالة .. لَكُنْت لما رَأَيْت لسوء ظَنِّي ... بجهلي مَا عرفت من الْعَدَالَة
وَلَا أرْضى لَهُ ينشي خلافًا ... لمن فِي الْعلم قد وَجب أمتثاله
وَلَكِنِّي سَأَلت الله رَبِّي ... يمن عَليّ فضلا بالجماله ... -النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.
(ابن زياد) (900 - 975 ه = 1494 - 1568 م) عبد الرحمن بن عبد الكريم بن إبراهيم، ابن زياد الغيثي المقصري - نسبة إلى المقاصرة من بطون عك بن عدنان - أبو الضياء: فقيه شافعيّ، من أهل زبيد، مولدا ووفاة. تفقه وأفتى واشتهر.
وكف بصره سنة 964 هـ فاستمر على عادته في التدريس والإفتاء والتصنيف. له (الفتاوي) ونحو ثلاثين رسالة (مخطوطة) في تحقيق بعض الأبحاث الفقهية، من معاملات وعبادات .
-الاعلام للزركلي-