أحمد بن الطيب ابن شمس الدين الطبنداوي البكري الصديقي

شهاب الدين أبو العباس

تاريخ الولادة870 هـ
تاريخ الوفاة948 هـ
العمر78 سنة
أماكن الإقامة
  • زبيد - اليمن

نبذة

وَفِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين توفّي أَحْمد بن الطّيب ابْن شمس الدّين الطبنداوي الْبكْرِيّ الصديقي الشَّافِعِي شهَاب الدّين شيخ الْإِسْلَام الحبر الإِمَام الْعَارِف بِاللَّه القانت الأواه وَاضح المحجة وَالسّنَنبلغ غَايَة من الْعلم مَا ارْتقى إِلَيْهَا أهل ذَلِك الزَّمن كَانَ مَعَ أهل عصره بِمَنْزِلَة الشَّمْس مَعَ النُّجُوم وتميز عَلَيْهِم فِي معرفَة الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم شَدِيد الصلب فِي الدّين والصداع بِالْحَقِّ لَا يخَاف فِي الله لومة لائم

الترجمة

سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة (948) هـ
وَفِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين توفّي أَحْمد بن الطّيب ابْن شمس الدّين الطبنداوي الْبكْرِيّ الصديقي الشَّافِعِي شهَاب الدّين شيخ الْإِسْلَام الحبر الإِمَام الْعَارِف بِاللَّه القانت الأواه وَاضح المحجة وَالسّنَن بلغ غَايَة من الْعلم مَا ارْتقى إِلَيْهَا أهل ذَلِك الزَّمن كَانَ مَعَ أهل عصره بِمَنْزِلَة الشَّمْس مَعَ النُّجُوم وتميز عَلَيْهِم فِي معرفَة الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم شَدِيد الصلب فِي الدّين والصداع بِالْحَقِّ لَا يخَاف فِي الله لومة لائم مولده بعد السّبْعين وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا تفقه بِالنورِ السمهوري وَالْقَاضِي أَحْمد المزجد والكمال الرداد وَالْجمال القماط والعلامة شيخ الْإِسْلَام مُحَمَّد بن عبد السَّلَام النَّاشِرِيّ وَأحمد بن الطَّاهِر جغمان وَغَيرهم وَأخذ عَنهُ خلق كثير مِنْهُم شيخ الاسلام ابْن زِيَاد والحافظ شهَاب الدّين أَحْمد الخزجي والغريب الأكسع وَعبد الْملك بن النَّقِيب وَعبد الرَّحْمَن البَجلِيّ وَصَلَاح النماري وَغَيرهم وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الْفَتْوَى والتدريس بِمَدِينَة زبيد وللى التدريس فِي كثير من مساجدها وَأقَام بذلك أتم قيام وانتفع بِهِ الْخَاص وَالْعَام وَله فتاوي مَشْهُورَة عَلَيْهَا الِاعْتِمَاد بِيَزِيد وَشرح التَّنْبِيه فِي أَربع مجلدات
قَالَ الْفَقِيه الْعَلامَة مفتي الْوَقْت العَبْد الصَّالح شهَاب الدّين أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن النَّاشِرِيّ كَانَ أَبُو الْعَبَّاس يَعْنِي المترجم لَهُ يَقُول لشَيْخِنَا ابْن زِيَادَة تِلْمِيذه أَنْتُم نفعكم أَحْمد الزجد بلحظه وَنحن بلحظه وَلَفظه انْتهى
وَله على الْعباب حَاشِيَة علقها على نسخته وأفردها بعض تلامذته فِي كراريس وَهِي مَوْجُودَة مفيدة قَالَ الشَّيْخ صَالح النمراوي وَمن عَجِيب مَا سمعته مِنْهُ أَنه قَالَ طالعت جَمِيع الايضاح شرح الْحَاوِي للْقَاضِي الطّيب النَّاشِرِيّ فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَهُوَ مجلدان ضخمان قَالَ وعلقت من كل بَاب فَائِدَة وَهَذَا خرق عَادَة وَقَالَ الْخَولَانِيّ سمعته يَقُول كَانَت الفوئاد الَّتِي كتبتها تِلْكَ اللَّيْلَة ثَلَاثَة كراريس انْتهى
وَكَانَ يَقُول قراءتي للارشاد سبع مَرَّات وَمَا صَحَّ لي إِلَّا فِي الْمرة السَّابِعَة مَعَ أَنه كَانَ يحفظه وَكَانَ رَحمَه الله مفرطا فِي الذكاء صافي الخاطر نقي الذِّهْن المعياً مُسَددًا فِي فتواه وبحوثه شَدِيد الِاعْتِقَاد فِي أهل الله من المتصوفين
حكى الْعَلامَة الْحَافِظ جمال الدين مُحَمَّد بن الْمَعْرُوف أَفْلح مُحدث الديار اليمنية قَالَ كنت أَيَّام قراءتي عَلَيْهِ اخْرُج مَعَه فِي الاسبوع يَوْمًا نزور السَّبْعَة الْمَشْهُورين الْمُسلمين بالأعلية جمع على غير قِيَاس لأَنهم يُرِيدُونَ جمع عَليّ فَكَمَا وصل إِلَى قبر وَاحِد مِنْهُم قَرَأَ مَا شَاءَ الله تَعَالَى واهدى ذَلِك إِلَى روح صَاحب الْقَبْر ثمَّ يَأْمُرنِي أَن آتيه باناء من مَاء فَيَضَع من تُرَاب الْقَبْر فِيهِ وَيشْرب ثمَّ يَأْمُرنِي أَن افْعَل مثله وَيَقُول لي هُوَ ترياق مجرب وَهُوَ مِمَّن أفتى بحلية القهوة وَله فِي حلهَا وإباحتهخا فتاوي مُتعَدِّدَة قَالَ فِي بَعْضهَا وَأما القهوة فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا روحنة يسيرَة وتقوية قَليلَة
قَالَ وَقد سَمِعت شيخ الْإِسْلَام الْمجمع على تجديده للقرن التَّاسِع زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ أَنه كتب إِلَيْهِ بعض الْمَالِكِيَّة بِتَحْرِيم شرب القهوة وساعده من لَا بَصِيرَة لَهُ على ذَلِك وَمنع النَّاس من شربهَا فانتشر الْخَبَر إِلَى مصر والقاهرة فَكتب المولعون بهَا سوؤالا إِلَيْهِ فَكَانَ جَوَابه إِن قَالَ احضروا الي جمَاعَة من المتعاطين لَهَا فَسَأَلَهُمْ عَن عَملهَا فَذكرُوا لَهُ أَنَّهَا لَا عمل فِيهَا سوى مَا قدمْنَاهُ من التَّقْوَى فَأَرَادَ الاختبار فأحضر قشر البن ثمَّ أَمر بطبخه ثمَّ أمرهَا بشربها ثمَّ فاتحهم فِي الْكَلَام فراجعهم فِيهِ سَاعَة زمنية لَا تغيراً وَلَا طَربا فَاحِشا بل وجد مِنْهُم انبساطاً قَلِيلا فَلم يُؤثر ثمَّ زَاد فَلم يُؤثر فصنف فِي حلهَا مصنفاً قَاطعا بِالْحلِّ قلت لله دره لم يقدم على التَّحْرِيم بِمُجَرَّد مَا نقل إِلَيْهِ بل اختبرها فَلَمَّا لم ير فِيهَا شَيْئا من أَسبَاب التَّحْرِيم فَأفْتى بحلها رَحمَه الله وَقد افتيت قَدِيما بحلها واستدللت على ذَلِك بِدَلِيل اجْمَعْ عَلَيْهِ الْأَصْحَاب وَهُوَ ان الشَّيْء إِنَّمَا يحرم تنَاوله وَأكله وشربه إِمَّا لاضراره كالسم أَو لإسكاره كَالْخمرِ والنبيذ مَعَ نجاسبته أَو لنجاسته كالبول وَالْغَائِط أَو لتحذيره وتخييله لِلْعَقْلِ كالبنج والحشيش وَنَحْوهمَا أَو لاستقذاره كالمخاط والبزاق الْمُنْفَصِل من الْآدَمِيّ فَإِنَّهُ يحرم بلعه بعد اخراجه من الْأنف والفم كَمَا يحرم تعاطيه من غَيره مُطلقًا سَوَاء تنَاوله بعد انْفِصَاله أَو قبله لاستقذاره وَلَيْسَ فِي القهوة شَيْء من ذَلِك لِأَنَّهَا لَيست بمضرة وَلَا مسكرة وَلَا نَجِسَة وَلَا مخدرة وَلَا مخيلة وَلَا مستقذرة وَهَذِه أَسبَاب التَّحْرِيم فانتفاء أَسبَابه
قَالَ وَقد كنت كتبت هَذَا الْجَواب قَدِيما وَأَنا بَاقٍ عَلَيْهِ مُقَدّر لَهُ قإن قيل إِن بعض النَّاس يضرّهُ شرب القهوة أَو الْإِكْثَار مِنْهَا فَالْجَوَاب أَن نقُول إِنَّهَا مُحرمَة فِي حَقه فَقَط لِأَن حجَّة الْإِسْلَام مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْغَزالِيّ الطوسي حبر هَذِه الْأمة رَضِي الله عَنهُ ونفع بِهِ وبعلومه قَالَ فِي كتب مُتعَدِّدَة إِن الشَّيْء الْمجمع على حلّه كالعسل قد يحرم فِي حق من غلبت عَلَيْهِ الْحَرَارَة وَشهد عُلَمَاء الطِّبّ بأنهيضره فَكَذَلِك القهوة من بَاب أولى نقُول بتحريمها حَيْثُ أضرت بعض النَّاس لَكِن فِي حَقه فَقَط ثمَّ قَالَ فَيَنْبَغِي أنيقال فِي حق من تعينه القهوة على التِّلَاوَة أَو مطالعة الْعلم أَن تعاطيها مُبَاح وَمن شعر صَاحب التَّرْجَمَة رَحمَه الله تَعَالَى ... شهِدت بِأَن رَبِّي ذُو اقتدار ... على كل الْأُمُور بِغَيْر شكّ
وَذُو لطف وَذُو علم مُحِيط ... تَعَالَى الله عَن كَيفَ ودرك
فَاسْأَلْهُ يلاطفني سَرِيعا ... ويفرج كربتي ويزيل ضنكي ...
وَمِنْه ... أَلا قل للحسود والمعاند أقل ... عناك فالاحسان زَائِد                                                   .. يزِيد عَدَاوَة وَيزِيد رَبِّي ... فزدني كي يزِيد لي العوائد ...
وَمِنْه بجودك الجم رب قصدي ... أنزلت يَا مُنْتَهى الْمَقَاصِد
مَعَ اعترافي بِضعْف رَأْي ... وفبح فعلي الَّذِي أكابد
فَقُمْ بحالي بِحَسب فضل ... وقك عني عرى الشدائد
واصلح الشَّأْن رَبِّي جمعا ... وَلَا تَكِلنِي إِلَى العوائد ...
وَمِنْه ... يارب جدلى الَّذِي ترضاه يَا أملي ... واصلح بِفَضْلِك جوداً فَاسد الْخلَل
وقم بحالي فِي الدَّاريْنِ مرحمة ... وَلَا تَكِلنِي إِلَى علم وَلَا عمل ...
وَأَخْبرنِي سَيِّدي الْفَقِيه عمر بن زيد قَالَ سَمِعت شَيخنَا الشيخبدر الدّين الْمصْرِيّ يَقُول اجْتمعت بالعلامة الطبنداوي فِي زبيد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وأنشدني من لَفظه ... ومذ كنت مَا اهديت للحب خَاتمًا ... ومسكاً وكافوراً ولابست عينه
وَلَا الْقَلَم المبري أخْشَى عَدَاوَة ... تكون مذى الْأَيَّام ببيني وَبَينه ...
قلت وَلَا أعلم لهَذِهِ الْخِصَال أصلا من الْكتاب وَالسّنة وَسمعت سَيِّدي الْوَالِد يَقُول لَيْسَ لَهَا تَأْثِير قلت وَلَا بَأْس باجتنابها مَعَ عدم اعتقادها
وَرَأَيْت بِخَط الْفَقِيه أَحْمد بن الْفَقِيه مُحَمَّد أَبَا جَابر قَالَ وجدت بِخَط الْعَلامَة أبي الْعَبَّاس الطبنداوي ان من قَرَأَ الْفَاتِحَة اربعمائة وَتِسْعين مرّة فضيت حَاجته كائنة مَا كَانَت مجرب مجرب
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.