الطاهر بن الحسين بن عبد الرحمن الأهدل جمال الدين

تاريخ الولادة914 هـ
تاريخ الوفاة998 هـ
العمر84 سنة
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • زبيد - اليمن

نبذة

وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَتِسْعين توفّي الْوَلِيّ السعيد الشريف الْعَلامَة ذُو الْولَايَة والإمامة الْحَافِظ الضَّابِط مُسْند الدُّنْيَا مَالك أزمة الشّرف الْعليا مُحدث الديار اليمنية وفقيهها باجماع الْبَريَّة الطَّاهِر بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن الأهدل جمال الدّين بركَة الْمُسلمين مُفِيد الطالبين وَصلي عَلَيْهِ بِمَسْجِد الأشاعر بعد صَلَاة الْعَصْر وَدفن بمقبرة أَهله بِبَاب سِهَام قَرِيبا من مشْهد الشَّيْخ الصياد

الترجمة

وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشر شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَتِسْعين توفّي الْوَلِيّ السعيد الشريف الْعَلامَة ذُو الْولَايَة والإمامة الْحَافِظ الضَّابِط مُسْند الدُّنْيَا مَالك أزمة الشّرف الْعليا مُحدث الديار اليمنية وفقيهها باجماع الْبَريَّة الطَّاهِر بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن الأهدل جمال الدّين بركَة الْمُسلمين مُفِيد الطالبين وَصلي عَلَيْهِ بِمَسْجِد الأشاعر بعد صَلَاة الْعَصْر وَدفن بمقبرة أَهله بِبَاب سِهَام قَرِيبا من مشْهد الشَّيْخ الصياد
ولد سنة أَربع عشرَة وَتِسْعمِائَة بقرية المراوغة وَبهَا نَشأ وَتعلم الْقُرْآن وَقَرَأَ على إِمَام جَامعهَا الشَّيْخ الصَّالح الْفَاضِل الْعَلامَة فَخر الدّين أبي بكر الْمعلم عُلُوم النَّحْو والحساب وَالْفِقْه وَغير ذَلِك وَبِه تخرج ثمَّ انْتقل إِلَى مَدِينَة زبيد ولازم شيخ الْإِسْلَام وعلامة الانام الْحَافِظ أَبَا الضياء عبد الرَّحْمَن بن عَليّ الديبع الشَّيْبَانِيّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ وانتفع بِهِ انتفاعاً رقى بِهِ إِلَى دَرَجَة الْكَمَال وساد على الْأَمْثَال وَله مَشَايِخ كَثِيرَة فِي الحَدِيث وَغَيره مِنْهُم الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام أَبُو الْعَبَّاس الطبنداوي ومولانا عَلامَة الدَّهْر وَوَاحِد الْعَصْر الشَّيْخ وحيد الدّين عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد وَالسَّيِّد الشريف الْعَلامَة عبد المحسن بن السَّيِّد الأهدل وَالشَّيْخ إِمَام الْمُحَقِّقين وأستاذ الْمُحدثين شيخ الطَّرِيقَة وَإِمَام الْحَقِيقَة وجيه الدّين بركَة الْمُسلمين عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الْعلوِي وَقَرَأَ على الْأُسْتَاذ مفتي الْمُسلمين مُحَقّق عصره الْمولى برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن أبي الْقَاسِم مطير وَأَجَازَ لَهُ وَأخذ على الْعَلامَة الْفَقِيه الفهامة الشَّيْخ شرف الدّين أبي الْقَاسِم بن الطَّاهِر بن جغمان وَأَجَازَ لَهُ أَيْضا وعَلى جمَاعَة آخَرين من آل جغمان وَغَيرهم وكل مِمَّن تقدم ذكره أَيْضا أجَاز لَهُ وارتحل إِلَى مَكَّة المشرفة وجاور فِيهَا وَاجْتمعَ فِيهَا بِجَمَاعَة من الْعلمَاء مثل شيخ الْإِسْلَام أبي الْحسن الْبكْرِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَالشَّيْخ الْحَافِظ الْأُسْتَاذ أبي السعادات الْمَالِكِي وَأخذ عَلَيْهِ وَغير هَؤُلَاءِ من الْمَشَايِخ ثمَّ أَنه أنفرد بعد شَيْخه ابْن الديبع برئاسة تدريس الحَدِيث واتحد بسؤدد هَذَا الْعلم وَأخذ عَلَيْهِ خلق كثير ورحل إِلَيْهِ للأخذ عَنهُ من كل جِهَة من الأقطار
أَخذ عَنهُ جمع كثير من الْبَلَد وَغَيرهَا فَمنهمْ الْعَلامَة الْحَافِظ الْفَقِيه الفهامة شَيخنَا محيي الدّين عبد الْقَادِر أبي الْفَتْح الْبَزَّاز الشَّافِعِي وَالسَّيِّد الْعَلامَة الْفَقِيه الأصولي الْمُحدث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الحفيظ بن عمر الْبَزَّاز الشَّافِعِي وَالشَّيْخ الْعَلامَة الْأُسْتَاذ المفنن مفتي الْمُسلمين الصّديق ابْن الشَّيْخ مُحَمَّد الْخَاص الْحَنَفِيّ وَالشَّيْخ الْفَقِيه الأديب النبيه مفتي الْحَنَفِيَّة مُحَمَّد بن أَحْمد الصَّابُونِي وَالشَّيْخ الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل مفتي الْإِسْلَام شَيخنَا برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن جغمان وَشَيخنَا الْفَقِيه ابْن الْفَقِيه الْعَلامَة الْمُفْتِي مُحَمَّد بن الْوَلِيّ المقرب عبد الرَّحْمَن بن الْفَقِيه شيخ الْإِسْلَام أَحْمد بن مُوسَى الضجاعي وَالْقَاضِي الْعَلامَة الأديب الفهامة الرئيس النفيس أَمِين الدّين بن القَاضِي عبد الْعَلِيم الْأَحْمَر الشَّافِعِي كَاتب الخزانة السُّلْطَانِيَّة بالمملكة اليمانية وَالشَّيْخ الْفَقِيه الأديب الْعَالم الْأُسْتَاذ الصُّوفِي عبد الله بن مُحَمَّد المشرع وَخلق كثير من الطّلبَة وَتخرج بِهِ ابْن ابْنه الْعَلامَة السَّيِّد الشريف الْحُسَيْن بن أبي بكر بن الطَّاهِر وَهُوَ من النجباء أبقاه الله وَهُوَ بِحَمْد الله تَعَالَى مُسْتَمر إِلَى الْآن على قِرَاءَة البُخَارِيّ بِمَسْجِد جده عبد الرَّحْمَن بن حُسَيْن الأهدل على سَيِّدي الشَّيْخ الْعَلامَة الصّديق الْخَاص مُدَّة شهر رَجَب وَشهر رَمَضَان كل سنة على مَا كَانَ زمَان السَّيِّد الطَّاهِر الْمَذْكُور من الْفُقَهَاء الْمُحدثين الْحفاظ وَفقه الله وأدام النَّفْع بِهِ وَحفظ بِهِ هَذَا الْبَيْت فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو من قديم الزَّمَان من ثَلَاثَة أَقسَام فَقِيه ومحدث ومحدث وَقد ذكر صاحبنا الأديب الْفَاضِل حُسَيْن بن عبد الْبَاقِي الزَّاهِر الزبيدِيّ هَذِه الْأَقْسَام فِي قصيدته الَّتِي امتدح بهَا سَيِّدي الشَّيْخ القطب الرباني عَليّ بن عمر الأهدل حِين زار ضريحه سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وأولها ... مَا لَاحَ برق الْقَلِيل ... إِلَّا وأجرى مقل
وشاقني لحيرة ... على الْكَثِيب الأهبل ...
والأبيات الْمشَار إِلَيْهَا قَوْله ... فَهُوَ أَبُو الاباء ... خير منجب ومنسل
وَهُوَ أَبُو الأشبال ... حَيا قَبره كل ولي
أَوْلَاده الزهر بهم ... يدْفع كل معضل
فهم فريقان وجمعهم ... وَمن الْفرق خلي
أما مُحدث فَقِيه ... أَو مُحدث ولي
كم فيهم من قطب ... كم فيهم من بدل ...
وَهِي طَوِيلَة وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ المترجم لَهُ أوحد عصره علما وصلاحاً وَمَعْرِفَة تَامَّة ذَا حفظ واتقان وَضبط وَمَعْرِفَة بأسماء الرِّجَال وَجَمِيع علم الحَدِيث عمي آخر عمره بعد أَن حصل بِخَطِّهِ كتبا كَثِيرَة وصنف وَاخْتصرَ شرح دُعَاء أبي حَرْبَة تصنيف جده حُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن اختصاراً حسنا نَافِعًا فِي نَحْو خمس وَعشْرين كراساً خلصه مِمَّا كَانَ فِيهِ من الانكارات على أهل الله الصُّوفِيَّة وَسَماهُ مطَالب أهل الْقرْيَة فِي شرح دُعَاء الْوَلِيّ أبي حَرْبَة وقرض على الْكتاب الْمَذْكُور الْعَلامَة برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن أبي الْقَاسِم مطير وَقَالَ مُخَاطبا للمؤلف ... أَحْسَنت فِي طي مَا طَالَتْ مسافته ... طي السّجل فَلم ينقص بل زادا
جَزَاك ذُو الْعَرْش خيرات شملن أَبَا ... وأصلهم ثمَّ أَوْلَادًا وأحفادا ...
وَكتب عَلَيْهِ عمر بن عبد الْوَهَّاب النَّاشِرِيّ ... تَأَمَّلت مِصْبَاح المطالب مرّة ... فهان مُحِيط الْكَشْف فِي نقطة الْقرب
مدارك عرفان هَمت بمعارف ... على عارفيها مثل مهمل السحب
فشكراً لمن أَتَاك ذوقاً وَحِكْمَة ... وَفصل خطاب يفصل الْأَمر فِي الْخطب ...
ورثاه صاحبنا الأديب حُسَيْن الزَّاهِر بقصيدة على رُوِيَ بَيت الرسَالَة القشيرية ... أما الْخيام فَإِنَّهَا كخيامهم ... وَأرى نسَاء الْحَيّ غير نسائها ...
وَأول المرثية ... مَا للنفوس تتيه فِي غلوائها ... لم يثنها التقريع عَن أهوائها ...
وَهِي طَوِيلَة أعَاد الله علينا من بركته وبركة تبلغه وعَلى الْمُسلمين أَجْمَعِينَ ورحمه رَحْمَة الْأَبْرَار وَكتب إِلَيْهِ صاحبنا الْفَقِيه أَحْمد بن مُحَمَّد أَبَا جَابر يطْلب مِنْهُ الْإِجَازَة فِي علم الحَدِيث خُصُوصا صَحِيح البُخَارِيّ وَذَلِكَ بعد أَن قَرَأَ عَلَيْهِ نبذة من أَوله بِهَذِهِ الأبيات ... يَا ناثر الدّرّ على مسمعي ... بِحَضْرَة الانجاب فِي مجمع
وحافظ الْعَصْر ونحريره ... الْفَاضِل الجهبذ واللوذعي
السَّيِّد الطَّاهِر زاكي الورى ... نجل الْحُسَيْن الأروع الأورع
اسْمَع مقَالا راق فِي اللَّفْظ ... وَالْمعْنَى وشاق الأنجب الألمعي
الجابري لزائر مستمسكاً ... بِهَذِهِ الْآثَار والأربع
فقد قرا الْجَامِع مستأنساً ... بسوحك المخضر والممرع
وقصده الْمُعظم من فَضلكُمْ ... اجازة تحلو على المسمع
بِمَا لكم فِي ذَاك من مُسْند ... عَن كل حبر مفصح مصقع ...                                                                                                                                        .. وَمَا رويتم مُسْندًا عَالِيا ... عَن الإِمَام الْحَافِظ الديبع
وَمَا اخذتم عَنهُ من نثره ... ونظمه المعجب والمبدع
أبقاك رب الْعرض فِي نعْمَة ... دائمة فِي جَانب أرفع
مَا غنت الورقاء فِي رَوْضَة ... ولعلع الرَّعْد على لعلع ...
فَأَجَابَهُ باجازة بِخَط الْعَلامَة الْفَقِيه عبد الله بن مُحَمَّد المشرع أجل تلامذته قَالَ الْفَقِيه أَحْمد أَنْشدني شَيخنَا الطَّاهِر مُسْند البُخَارِيّ ومسند مُسلم فِي هَذِه الأبيات حَال قراءتي عَلَيْهِ البُخَارِيّ ... لنا مُسْند عَال سَمَاعا وَنسبه ... إِلَى الْحَافِظ الحبر البُخَارِيّ يَسْتَعْدِي
فجامعه يرويهِ عَن الزين شَيخنَا ... عَن الْعلوِي البُخَارِيّ أخي الرشد
عَن العرولي وَهُوَ مُوسَى فَتى مَرْوِيّ ... عَن الْمسند الْحجاز أَحْمد ذِي السعد
عَن ابْن الزبيدِيّ عَن أبي الْوَقْت شَيْخه ... عَن الداوودي عَن ابْن حمويه الْفَرد
عَن المنسد الحبر الْفربرِي وَهُوَ عَن ... إِمَام الورى الثبت البُخَارِيّ ذِي النَّقْد
وَمُسلم يرويهِ عَن الزين شَيخنَا ... عَن الْجَزرِي شمس الْهدى صَالح الْقَصْد
عَن المتقن الْعدْل الشهابي ذَاك عَن ... إِمَام الْهدى الشَّمْس ابْن قماح الْمهْدي
عَن الوَاسِطِيّ إِبْرَاهِيم الثبت وَهُوَ عَن ... أبي الْفَتْح مَنْصُور الفراوي عَن الجهدي
عَن الْفَارِسِي المرتضى عبد غَافِر ... عَن ابْن الجلودي اضمم لَهُ الْجِيم تستهدي
عَن ابْن لِسُفْيَان الْفَقِيه الَّذِي رَوَاهُ ... عَن مُسلم فاحفظه إِن كنت ذَا جهد ...
وَقد كنت طلبت من الْفَقِيه أَحْمد رَحمَه الله أَن يُخْبِرنِي بِهَذَا السَّنَد فَامْتنعَ عَليّ تأدباً معي ثمَّ أجازني وَللَّه الْحَمد وَطلب مني أَن أجيزه بسندي إِلَى جَامع الصَّحِيح فَفعلت وكتبت لَهُ ذَلِك مَعَ الْإِجَازَة بِلبْس الْخِرْقَة وَالْإِجَازَة بمصنفاتي ومصنفات وَالِدي وَسَائِر رواياتي وَلَا بَأْس أَن أذكر هُنَا اسنادي الْمُتَّصِل إِلَى الإِمَام البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَرَضي عَنهُ ونفعنا بِهِ فِي الدَّاريْنِ آمين
تتميما للفائدة فَأَقُول أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام الْمسند المعمر عبد الْمُعْطِي بن حسن بن الشَّيْخ الإِمَام عبد الله أَبَا كثير قَالَ أَخْبرنِي بِهِ شيخ الْإِسْلَام مُجَدد الدّين خَاتِمَة الْعلمَاء والمسند ابْن أَبُو يحيى زين الدّين زَكَرِيَّا بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي قَالَ أخبرنَا بِهِ حَافظ الْعَصْر وعلامة الدَّهْر أَبُو الْفضل شهَاب الدّين أَحْمد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي قَالَ أخبرنَا بِهِ النَّجْم أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحِيم بن عبد الْوَهَّاب الْحَمَوِيّ الْمصْرِيّ قَالَ أخبرنَا بِهِ الصّلاح أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الزفتاوي الْمصْرِيّ قَالَ أخبرنَا بِهِ الشَّيْخ الْمسند المعمر مُلْحق الأحفاد بالأجداد أَبُو الْعَبَّاس شهَاب الدّين أَحْمد بن أبي طَالب الحجار قَالَ أخبرنَا بِهِ أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي بكر بن روزويه القلانسي قَالَ أخبرنَا بِهِ أَبُو الْوَقْت عبد الأول بن عِيسَى السبحري الْهَرَوِيّ قَالَ أخبرنَا بِهِ أَبُو الْحسن عبد الرَّحْمَن بن المظفر الداوودي قَالَ أخبرنَا بِهِ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد بن حمويه السَّرخسِيّ قَالَ أخبرنَا بِهِ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف الْفربرِي قَالَ أخبرنَا بِهِ مُؤَلفه الْحَافِظ الْحجَّة إِمَام الْمُحدثين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ سَمَاعا عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ مرّة بفربر وَمرَّة ببخارى فَذكره وَلما وفقني الله تَعَالَى وَله الْحَمد من بَين أهل زماني لخدمة هَذَا الْكتاب الشريف الَّذِي مَا لَهُ فِي فَضله ثَانِي فقريء بِحَمْد الله تَعَالَى على يَدي مرَارًا عديدة فِي أَوْقَات مباركة ومجالس سعيدة واتخذت ذَلِك دأبي على مر الشُّهُور والسنين وَبلغ عدد الْقِرَاءَة إِلَى تَارِيخ الْآن فَوق الْأَرْبَعين وشاع ذَلِك فِي التهائم والنجود وسارت بِذكرِهِ الرفاق والوفود حَتَّى قَالَ بَعضهم من قصيدة امتدحني بهَا ... كل مسلسل يروي صِحَاح حَدِيثه ... وَعَلِيهِ كم صَحِيح بخاري ...
وَقَالَ الآخر ... هَذَا البُخَارِيّ لم يزل تاليه فِي ... بَدْء وَختم فِي مقامك شادي
يرويهِ عَنْك عَن الَّذين رويته ... عَنْهُم بِصِحَّة مُقْتَضى الاسناد
فاشكر آله الْعَرْش جلّ ثَنَاؤُهُ ... لقد اصطفاك فَأَنت أَي مُرَاد ...
وانشد فضلاء الْعَصْر فِي ذَلِك القصائد البديعة والخطب البليغة وَمن ذَلِك قصيدة الأديب الْفَاضِل النَّاظِم الناثر الْعَلامَة حُسَيْن بن عبد الْبَاقِي الزَّاهِر الزبيدِيّ وأرسلها إِلَى الْهِنْد من زبيد المحروسة كَانَ الله لَهُ آمين ... كأس الحَدِيث عَن الأحباب معسول ... أطلق مسلسلة فالشمل مشمول ...                                            .. وهات عَن سَاكِني الجرعاء لي خَبرا ... اسناده مَا لقلبي عَنهُ تَحْويل
عمري لقد لذ فِي سَمْعِي مكرره ... وكل شَيْء على التّكْرَار مملول
شَبَّبَ لسمعي بِنَاء عَن مواصلتي ... وارفع حَدِيثك عَنهُ فَهُوَ مَوْصُول
فطالما وصل العذال من طرق ... اسناد عذل لسمعي وَهُوَ مَعْلُول
قَالُوا نرى الْحبّ قد أوهاك قلت لَهُم ... ذَاك الضعْف عِنْد حبيب الْقلب مَقْبُول
يَا فارغي الْقلب لي عَن لومكم شغل ... هَل يَسْتَوِي فارغ منا ومشغول
لساكني الجرع من وَادي العقيق جرى ... من مطلب الْعين كنز كُله لولو
وشهب دمعي حمراً فِي الخدود جرت ... وطرف طرفِي بِقَيْد النَّجْم مشكول
لَكِن مسانيد أخباري سترفعها ... نصا حسان صحيحات مَرَاسِيل
سأمتطي فِي الفلا هوجاً مشرفة ... فِيهَا على الأين ارقال وتبغيل
خَفِيفَة الرّوح لَكِن فِي مسامعها ... وقر إِذا قَالَ حادي عيسنا قيلوا
لم تكتحل بمنام فِي فراسخها ... حَتَّى يلوح لَهَا من طيبَة ميل
يَا لهف نَفسِي ضَاعَ الْعُمر فِي لعب ... وَلَيْسَ عِنْدِي إِلَّا القال والقيل
وواعظ الشيب فَوق الرَّأْس قَالَ افق ... إِلَى مَتى أَنْت باللذات مَشْغُول
إِلَى م يَا نفس لَا تلوي الْعَنَان عَن ... الْعِصْيَان غَرَّك من ذِي الْبَطْش تهيل
لوذي بِبَاب رَسُول الله واعتذري ... فالعذر عِنْد رَسُول الله مَقْبُول
جاه الرَّسُول عَظِيم عِنْد خالقه ... بِهِ تهون على الْخلق التهاويل
أعْطى مقَاما شريفاً دونه وقفت ... رسل الآله وروح الْقُدس جِبْرِيل
روح من الْفَيْض منشاه يقوم بِهِ ... من مُطلق النُّور تَقْوِيم وتشكيل
مَا كَانَ فِي ملاء إِلَّا ولاح بِهِ ... لمظهر الْحق بَين الْخلق تَعْدِيل
فكم تنقل من صلب إِلَى رحم ... حَتَّى انْتهى لابيه الطول والطول
وَكم لقس وشق مَعَ سطيح بِهِ ... بشائر وتخاويف وَتَأْويل
وَانْشَقَّ ايوان كسْرَى عِنْد مولده ... وانحط عَن رَأسه تَاج واكليل
وناره خمدت من بعد مَا عبدت ... لَهَا قُرُون وجيل بعده جيل
ونكس الله أصنام الطغام لَدَى ... الْبَيْت الْحَرَام وعرش الشّرك مثلول
وباءت اللات والعزى بذلتها ... ونالها بعد ذَاك الْعِزّ تذليل
رد الآله بِهِ عَن بَيته فرقا ... وافته يقدمهَا فِي سَيرهَا الْفِيل
فَلَا وَرَبك مَا بروا وَلَا ثبتوا ... وصرعتهم على الأَرْض الأبابيل ...                                                                                                                                   .. وَكم لَهُ معجزات كالشموس سنا ... بهَا لاشراق وَجه الْحق تهليل
لَا حد يحصرها لَا عد يضبطها ... وَلَيْسَ يجهلها إِلَّا المجاهيل
مَا مس بالكف ذَا دَاء أضرّ بِهِ ... إِلَّا وزند يَمِين الدَّاء مشلول
وَمن يسير سقى جَيْشًا واطعمه ... وفاض من بعد مشروب ومأكول
وَالْعود أَوْرَق والعرجون فِي يَده ... مهند من سيوف الله مسلول
والبدر شقّ لَهُ نِصْفَيْنِ أَي بمنى ... وَأشْهد النَّاس طه وَهُوَ مجذول
بِهِ شرائع كل الرُّسُل قد نسخت ... وَمَا لشرعته نسخ وتبديل
لذاك لَو عَاشَ مُوسَى لم يَسعهُ سوى ... اتِّبَاعه عَنهُ هَذَا القَوْل مَنْقُول
بِخَاتم الرُّسُل صرنا أمة وسطا ... لنا على الْأُمَم الماضين تَفْضِيل
وَفِي الْقِيَامَة من نور الْوضُوء لنا ... دون الورى غرر زهر وتحجيل
كتَابنَا احكمت آيَاته فَكَذَا ... لِسَان كل بليغ عَنهُ مسلول
هُوَ الْقَدِيم فَلَا يبْلى محاسنه ... من الجديدين دع مَا قَالَ ضليلي
أَخْبَار من قبلنَا فِيهِ محررة ... وَفِيه وللدين تَفْرِيع وتأصيل
بِهِ الرَّسُول تحدى كل ذِي لسن ... وَهل تقوم مَعَ الْحق الأباطيل
هَل بعث أَحْمد إِلَّا رَحْمَة شملت ... وظلها أبدا فِيهِ لنا طول
لنا عَن البوق والناقوس أَي غنى ... إِذْ جَاءَ آذان وتكبير وتهليل
ومزق الله جَيش الْمُلْحِدِينَ بِهِ ... وكل من حجَّة الْإِسْلَام مجذول
بِسَيْفِهِ دمر الْأَعْدَاء فَلم يقهم ... من نسج دَاوُد فِي الهيجاء سرابيل
وَقد أمد بصحب كَالنُّجُومِ هم ... السّعر المغاوير وَالصَّيْد البهاليل
هم الليوث العبوس الشوس لَيْسَ لَهُم ... سوى القنا السمر أَو بيض الظياغيل
وبالمليك والرغب الْعَظِيم على ... شهير وللريح فِي الْأَعْدَاء تنكيل
يَا سَيِّدي يَا رَسُول الله خُذ بيَدي ... فلي عَلَيْك غَدا فِي الْحَشْر تعويل
يَا أصدق الناطقين الصَّادِقين لَدَى ... قَول وَفعل وَيَا من قيله القيل
يَا من علا ورقى السَّبع الطباق إِلَى ... مقَام قرب تناءى عَنهُ جِبْرِيل
كقاب قوسين أدناه وَكَلمه ... مَوْلَاهُ فِي حَيْثُ لَا أَيْن وتمثيل
وَهَذِه رُتْبَة مَا نالها ملك ... أَو مُرْسل حبله بِاللَّه مَوْصُول
هَذَا حَدِيثك يَا فتح الْجواد قرأناه ... ومسك الختام الْيَوْم تَكْمِيل
الفاظه كربيع زَاهِر أنق ... زاه بهتان مَاء المزن مطلول ...                                                                                                                                            .. بِهِ المعاجم تزهو والجوامع فِي ... عُقُود أَبْوَابهَا مِنْهُ قناديل
وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ غنية لَك يَا ... من سر فكرته كالسين مصقول
فَهُوَ الإِمَام أَمِير الْمُؤمنِينَ أَمِين ... الْمُصْطَفى عَنهُ هَذَا الْعلم مَحْمُول
الْحَافِظ الثِّقَة الْعدْل الْخَبِير بِإِجْمَاع ... الثِّقَات صَدُوق القَوْل مَقْبُول
فانظمه يَا رب مَعَ خير الورى فَلهُ ... قلب بسنته الْبَيْضَاء مَشْغُول
وَقد سمعناه من لفظ الْخَبِير بِهِ ... قِرَاءَة زانها فِي الْجمع ترتيل
حَتَّى ختمناه يَا ختم الْمقَام فسل ... حسن الختام لنا فالفضل مبذول
وَاشْفَعْ لنا ولقارئنا ومقرئنا ... والسامعين ففيك الْخَيْر مأمول
وَشَيخنَا القطب محيي الدّين من لَهُ ... بِمَا يروم فللانسان تأميل
القادري ابْن شيخ العيدروس فلي ... عقيدة ووداد فِيهِ مأمول
ولي فؤاد على حسن الْوَلَاء لَك قد ... طويته وعَلى الاخلاص مجبول
صلي عَلَيْك صَلَاة الله يَا أملي ... بوصله لي بهَا فِي الْحَشْر توصيل
قد قيدتني ذُنُوبِي عَنْك واظماى ... اليك وَالْقلب بالأشواق مغلول
وَإِن وَردت عَلَيْك الْحَوْض خُذ بيَدي ... فورده العذب ذَاك الْيَوْم منهول
وَتَحْت ظلّ اللِّوَاء الْمَعْقُود قل لي قل ... وَاشْفَعْ فَإنَّك عِنْد الله مَقْبُول
وهاك من مدحي لامية شرفت ... بمجد مدحك فِي لاماتها طول
تطفلت فلهَا يَا ابْن الْكِرَام على ... أَبْيَات بَانَتْ سعاد الْيَوْم تطفيل
خلعت لِابْنِ زُهَيْر خلعة فغدا ... لَهُ بهَا من عَظِيم الجاه تجليل
فَهَل أرى روض حَالي زاهراً بك فِي ... دَار النَّعيم وشملي ثمَّ مشمول
صلى وَسلم رَبِّي دَائِما أبدا ... عَلَيْك مَا سرحت قوداء شمليل
والآل والصحب والاتباع أجمعهم ... وَمن بهديهم المرضي مَشْغُول
تمت فَخذ ملحاً من طي عدتهَا ... وَالْحَمْد لله تتميم وتكميل ...
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.