عبد القاهر بن طاهر بن محمد التميمي أبي منصور البغدادي

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة429 هـ
مكان الولادةبغداد - العراق
مكان الوفاةاسفرايين - إيران
أماكن الإقامة
  • خراسان - إيران
  • نيسابور - إيران
  • بغداد - العراق

نبذة

إِمَام عَظِيم الْقدر جليل الْمحل كثير الْعلم حبر لَا يساجل فِي الْفِقْه وأصوله والفرائض والحساب وَعلم الْكَلَام اشْتهر اسْمه وَبعد صيته وَحمل عَنهُ الْعلم أَكثر أهل خُرَاسَان سمع أَبَا عَمْرو بن نجيد وَأَبا عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مطر وَأَبا بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبا أَحْمد بن عدي وَغَيرهم روى عَنهُ الْبَيْهَقِيّ والقشيري وَعبد الْغفار بن مُحَمَّد بن شيرويه وَغَيرهم وَكَانَ يدرس فِي سَبْعَة عشر فَنًّا وَله حشمة وافرة

الترجمة

عبد القاهر بن طَاهِر بن مُحَمَّد التَّمِيمِي الإِمَام الْكَبِير الْأُسْتَاذ أَبُي مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ

إِمَام عَظِيم الْقدر جليل الْمحل كثير الْعلم حبر لَا يساجل فِي الْفِقْه وأصوله والفرائض والحساب وَعلم الْكَلَام
اشْتهر اسْمه وَبعد صيته وَحمل عَنهُ الْعلم أَكثر أهل خُرَاسَان

سمع أَبَا عَمْرو بن نجيد وَأَبا عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مطر وَأَبا بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبا أَحْمد بن عدي وَغَيرهم
روى عَنهُ الْبَيْهَقِيّ والقشيري وَعبد الْغفار بن مُحَمَّد بن شيرويه وَغَيرهم
وَكَانَ يدرس فِي سَبْعَة عشر فَنًّا وَله حشمة وافرة
وَقَالَ جِبْرِيل قَالَ شيخ الْإِسْلَام أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي كَانَ من أَئِمَّة الْأُصُول وصدور الْإِسْلَام بِإِجْمَاع أهل الْفضل والتحصيل بديع التَّرْتِيب غَرِيب التَّأْلِيف والتهذيب ترَاهُ الجلة صَدرا مقدما وَتَدْعُوهُ الْأَئِمَّة إِمَامًا مفخما وَمن خراب نيسابور اضطرار مثله إِلَى مفارقتها
قلت فَارق نيسابور بِسَبَب فتْنَة وَقعت بهَا من التركمان

وَقَالَ عبد الغافر الْفَارِسِي هُوَ الْأُسْتَاذ الإِمَام الْكَامِل ذُو الْفُنُون الْفَقِيه الأصولي الأديب الشَّاعِر النَّحْوِيّ الماهر فِي علم الْحساب الْعَارِف بالعروض ورد نيسابور مَعَ أَبِيه أبي عبد الله طَاهِر وَكَانَ ذَا مَال وثروة ومروءة وأنفقه على أهل الْعلم والْحَدِيث حَتَّى افْتقر صنف فِي الْعُلُوم وأربى على أقرانه فِي الْفُنُون ودرس فِي سَبْعَة عشر نوعا من الْعُلُوم وَكَانَ قد درس على الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق وَأَقْعَدَهُ بعده للإملاء مَكَانَهُ وأملى سِنِين وَاخْتلف إِلَيْهِ الْأَئِمَّة وقرأوا عَلَيْهِ مثل نَاصِر الْمروزِي وَأبي الْقَاسِم الْقشيرِي وَغَيرهمَا
قَالَ وَخرج من نيسابور فِي أَيَّام التركمانية وفتنتهم إِلَى أسفراين فَمَاتَ بهَا
وَقَالَ الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ فِي كتاب الرياض المونقة كَانَ يَعْنِي أَبَا مَنْصُور الإسفرايني يسير فِي الرَّد على الْمُخَالفين سير الْآجَال فِي الآمال وَكَانَ عَلامَة الْعَالم فِي الْحساب والمقدرات وَالْكَلَام وَالْفِقْه والفرائض وأصول الْفِقْه وَلَو لم يكن لَهُ إِلَّا كتاب التكملة فِي الْحساب لكفاه
وَقَالَ أَبُو عَليّ الْحسن بن نصر المرندي الْفَقِيه وحَدثني أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن عبد الله الْفَقِيه قَالَ لما حصل أَبُو مَنْصُور بأسفراين ابتهج النَّاس بمقدمه إِلَى الْحَد الَّذِي لَا يُوصف فَلم يبْق بهَا إِلَّا يَسِيرا حَتَّى مَاتَ وَاتفقَ أهل الْعلم على دَفنه إِلَى جَانب الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق فقبراهما متجاوران تجاور تلاصق كَأَنَّهُمَا نجمان جَمعهمَا مطلع وكوكبان ضمهما برج مُرْتَفع

مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَوَقع فِي تَارِيخ ابْن النجار سنة سبع وَعشْرين وَهُوَ تَصْحِيف من النَّاسِخ أَو وهم من المُصَنّف
وَمن شعره
(يَا من عدى ثمَّ اعْتدى ثمَّ اقْتَرَف ... ثمَّ انْتهى ثمَّ ارعوى ثمَّ اعْترف)
(أبشر بقول الله فِي آيَاته ... إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف)
قلت فِي اسْتِعْمَال مثل الْأُسْتَاذ أبي مَنْصُور مثل هَذَا الاقتباس فِي شعره فَائِدَة فَإِنَّهُ قدوة فِي الْعلم وَالدّين وَبَعض أهل الْعلم ينْهَى عَن مثل ذَلِك وَرُبمَا شدد فِيهِ وجنح إِلَى تَحْرِيمه وَالصَّوَاب الْجَوَاز ثمَّ الْأَحْسَن تَركه تأدبا مَعَ الْكتاب الْعَزِيز وَنَظِيره ضرب الْأَمْثَال من الْقُرْآن وتنزيله فِي النكت الأدبية وَهَذَا فن لَا تسمح نفس الأديب بِتَرْكِهِ واللائق بالتقوى أَن يتْرك وَأكْثر النَّاس رَأَيْت تشددا فِي ذَلِك الْمَالِكِيَّة وَمَعَ هَذَا فقد فعله كثير من فقهائهم حَتَّى رَأَيْت فِي كتاب المدارك فِي أَصْحَاب مَالك للْقَاضِي عِيَاض فِي تَرْجَمَة ابْن الْعَطَّار وَهُوَ من قدماء أَصْحَابهم أَنه سُئِلَ عَن مَسْأَلَة من سُجُود السَّهْو فَأفْتى بِالسُّجُود فَقَالَ السَّائِل إِن أصبغ لم ير عَليّ سجودا فَقَالَ {لَا تطعه واسجد واقترب} وعد القَاضِي عِيَاض ذَلِك من ملحه ونوادره
وَمِمَّا أنْشدهُ ابْن السَّمْعَانِيّ فِي التحبير فِي تَرْجَمَة الْعَبَّاس بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بعباسة
(لَا تعترض فِيمَا قضى ... واشكر لَعَلَّك ترتضى)
(اصبر على مر القضا ... إِن كنت تعبد من قضى)
وَمِنْه
(يَا فاتحا لي كل بَاب مرتج ... إِنِّي لعفو مِنْك عني مرتج)

(فَامْنُنْ عَليّ بِمَا يُفِيد سعادتي ... فسعادتي طَوْعًا مَتى تَأمر تجي)
وَمن تصانيفه كتاب التَّفْسِير وَكتاب فضائح الْمُعْتَزلَة وَكتاب الْفرق بَين الْفرق وَكتاب التَّحْصِيل فِي أصُول الْفِقْه وَكتاب تَفْضِيل الْفَقِير الصابر على الْغنى الشاكر وَكتاب فضائح الكرامية وَكتاب تَأْوِيل متشابه الْأَخْبَار وَكتاب الْملَل والنحل مُخْتَصر لَيْسَ فِي هَذَا النَّوْع مثله وَكتاب نفي خلق الْقُرْآن وَكتاب الصِّفَات وَكتاب الْإِيمَان وأصوله وَكتاب بُلُوغ المدى عَن أصُول الْهدى وَكتاب إبِْطَال القَوْل بالتولد وَكتاب الْعِمَاد فِي مَوَارِيث الْعباد لَيْسَ فِي الْفَرَائِض والحساب لَهُ نَظِير وَكتاب التكملة فِي الْحساب وَهُوَ الَّذِي أثنى عَلَيْهِ الإِمَام فَخر الدّين فِي كتاب الرياض المونقة وَكتاب شرح مِفْتَاح ابْن الْقَاص وَهُوَ الَّذِي نقل عَنهُ الرَّافِعِيّ فِي آخر بَاب الرّجْعَة وَغَيره وَكتاب نقض مَا عمله أَبُو عبد الله الْجِرْجَانِيّ فِي تَرْجِيح مَذْهَب أبي حنيفَة وَكتاب أَحْكَام الْوَطْء التَّام وَهُوَ الْمَعْرُوف بالتقاء الختانين فِي أَرْبَعَة أَجزَاء
قَالَ ابْن الصّلاح وَرَأَيْت لَهُ كتابا فِي معنى لفظتي التصوف والصوفي جمع فِيهِ من أَقْوَال الصُّوفِيَّة ألف قَول مرتبَة على حُرُوف المعجم
وَجَمِيع تصانيفه بَالِغَة فِي الْحسن أقْصَى الغايات
وَمن الرِّوَايَة عَنهُ
أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْبَزْدَوِيّ الْمُقِيم أَبوهُ بالضيائية قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع بقاسيون أخبرنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد الْمَقْدِسِي سَمَاعا عَلَيْهِ أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الْوَاحِد بن أبي المطهر أخبرنَا الْقَاسِم بن الْفضل الصيدلاني إجَازَة أخبرنَا أَبُو سعد إِسْمَاعِيل بن الْحَافِظ أبي صَالح أَحْمد بن عبد الْملك النَّيْسَابُورِي أخبرنَا الشَّيْخ أَبُو الرَّجَاء خلف بن عمر بن عبد الْعَزِيز الْفَارِسِي ثمَّ النَّيْسَابُورِي أخبرنَا الشَّيْخ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور عبد القاهر بن طَاهِر الْبَغْدَادِيّ أخبرنَا أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مطر أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن عَليّ الذهلي حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي حَدثنَا هشيم بن بشير عَن سيار عَن يزِيد الْفَقِير عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ أحد قبلي كَانَ كل نَبِي يبْعَث إِلَى قومه خَاصَّة وَبعثت إِلَى كل أَحْمَر وأسود وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد قبلي وَجعلت لي الأَرْض طيبَة ومسجدا وَطهُورًا فأيما رجل أَدْرَكته الصَّلَاة صلى حَيْثُ كَانَ ونصرت بِالرُّعْبِ بَين يَدي مسيرَة شهر وَأعْطيت الشَّفَاعَة)
رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن سِنَان وَعَن سعيد بن النَّضر
وَرَوَاهُ مُسلم عَن يحيى بن يحيى وَأبي بكر بن أبي شيبَة
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة بِتَمَامِهِ وَفِي الصَّلَاة بِبَعْضِه عَن الْحسن بن إِسْمَاعِيل بن سُلَيْمَان خمستهم عَن هشيم بن بشير بِهِ أنشدنا الْوَالِد رَحمَه الله مرّة من لَفظه للأستاذ أبي مَنْصُور مَا كتب بِهِ إِلَيّ أَحْمد بن أبي طَالب من دمشق أَن مُحَمَّد بن مَحْمُود بن الْحسن الْحَافِظ كتب إِلَيْهِ من مَدِينَة السَّلَام قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن حَامِد الضَّرِير الْمقري بأصبهان أَن أَبَا نصر أَحْمد بن عمر الْغَازِي أخبرهُ قَالَ أَنْشدني أَبُو سعيد مَسْعُود بن نَاصِر والسجزي قَالَ أنشدنا الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور لنَفسِهِ
(طلبت من الحبيب زَكَاة حسن ... على صغر من الْقد الْبَهِي)
(فَقَالَ وَهل على مثلى زَكَاة ... على قَول الْعِرَاقِيّ الكمي)
(فَقلت الشَّافِعِي لنا إِمَام ... وَقد فرض الزَّكَاة على الصَّبِي)
ثمَّ ذيل عَلَيْهَا الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى وَرَضي عَنهُ فَقَالَ
(فَقَالَ اذْهَبْ إِذا فاقبض زكاتي ... بقول الشَّافِعِي من الْوَلِيّ)
(فَقلت لَهُ فديتك من فَقِيه ... أيطلب بِالزَّكَاةِ سوى الملي)
(نِصَاب الْحسن عنْدك ذُو اتساع ... بلحظك والقوام السمهري)
فَإِن
(أَعطيتنَا طَوْعًا وَإِلَّا ... أخذناه بقول الشَّافِعِي)
أخبرنَا أَحْمد بن أبي طَالب قَالَ كتب إِلَيّ مُحَمَّد بن مَحْمُود قَالَ أَنبأَنَا القَاضِي أَبُو الْفَتْح الوَاسِطِيّ قَالَ كتب إِلَيّ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عَليّ الهمذاني قَالَ

أنشدنا أسعد بن مَسْعُود بن عَليّ الْعُتْبِي الْكَاتِب قَالَ أَنْشدني أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ لنَفسِهِ
(يَا سائلي عَن قصتي ... دَعْنِي أمت فِي غصتي)
(المَال فِي أَيدي الورى ... واليأس مِنْهُ حصتي)
وَمن الْفَوَائِد عَنهُ
قَالَ فِي شرح الْمِفْتَاح فِي التَّسْمِيَة المسنونة فِي الْوضُوء إِنَّهَا بِسم الله وَبِاللَّهِ وعَلى مِلَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد غسل الْكَفَّيْنِ
وَحكى أَن من أَصْحَابنَا من قَالَ لَا تشْتَرط الطَّهَارَة فِي الصَّلَاة على الْجِنَازَة
وَقَالَ فِي الْإِقَامَة من سنتها الإدراج وَلَا يبرح من موقفه حَتَّى يَقُول قد قَامَت الصَّلَاة
قلت وَظَاهره أَن يتَحَوَّل حِينَئِذٍ وَظَاهر كَلَام الْأَصْحَاب أَنه لَا يتَحَوَّل حَتَّى يتممها
وَقَالَ فِي كتاب الْوَطْء التَّام من لف ذكره بحريرة وأولجه فِي فرج وَلم ينزل لَا غسل عَلَيْهِ وَلَا حد على الْأَصَح إِن كَانَ فِي حرَام وَلَا يفْسد بِهِ شَيْء من الْعِبَادَات وَعَن أبي حَامِد الْمَرْوذِيّ إِيجَاب ذَلِك
انْتهى

وَفِي مَسْأَلَة الْغسْل وُجُوه شهيرة أَصَحهَا وجوب الْغسْل وَثَالِثهَا الْفرق بَين الْخِرْقَة الخشنة والناعمة
قَالَ النَّوَوِيّ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة قَالَ صَاحب الْبَحْر وتجري هَذِه الْأَوْجه فِي إِفْسَاد الْحَج بِهِ وَيَنْبَغِي أَن تجْرِي فِي جَمِيع الْأَحْكَام
انْتهى
قلت وَقَوله وَيَنْبَغِي أَن تجْرِي فِي جَمِيع الْأَحْكَام هُوَ من كَلَام النَّوَوِيّ وَلَيْسَ من كَلَام صَاحب الْبَحْر وَفِيه على عُمُومه نظر إِذْ يلْزمه أَن يحل الْإِيلَاج فِي خرقَة فِي فرج أَجْنَبِيَّة وَلَا أعتقد أحدا يَقُول بِهِ وَإِن اخْتلف فِي وجوب الْحَد وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يجْرِي الْخلاف فِي جَمِيع الْعِبَادَات هَل تفْسد بِهِ وَبِه صرح الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور كَمَا رَأينَا وَلم يرد النَّوَوِيّ إِن شَاءَ الله سواهُ
إِذا قَالَ الْمَرِيض أوصيت لزيد بِمَا يخص فلَانا أحد وراثي من ثلثى لَو لم أوص فَهَل تصح هَذِه مَسْأَلَة مليحة يحْتَمل أَن يُقَال بِالصِّحَّةِ لِأَن لَهُ أَن يُوصي بِكَمَال الثُّلُث وَبَعضه موزعا على كل الْوَرَثَة وَإِذا كَانَ لَهُ أَن يُوصي بِتَمَامِهِ فَلهُ مَعَ كل وَارِث ثلث مَا يَرِثهُ فَلهُ أَن يَضَعهُ فِي وَاحِد معِين مِنْهُم
وَيحْتَمل أَن يُقَال لَا يَصح بل لَيْسَ لَهُ إِلَّا أَن يُوصي بِالْقدرِ الْمُطلق لَهُ من الثُّلُث فَمَا دونه مقسوما بَين ورثته على مِقْدَار مواريثهم
وَهَذِه الْمَسْأَلَة وَقعت فِي زمَان الْأُسْتَاذ أبي مَنْصُور وَذكرهَا القَاضِي الْحُسَيْن فِي فَتَاوِيهِ وبالاحتمال الثَّانِي أفتى أَبُو مَنْصُور

وَذَلِكَ أَن وَاحِدًا ترك ابْنا وبنتا وَأوصى بِثلث مَاله بعد نصيب الْبِنْت بِحَيْثُ لَا ينقص عَلَيْهَا شَيْء وَأَرَادَ أَن يَجْعَل الْمُوصي بِهِ ثلث مَا يخص الابْن وَهُوَ أقل من أصل الثُّلُث وَأَن يحْسب على الابْن وَحده بِحَيْثُ لَا يدْخل نقص على الْبِنْت فَاخْتلف على الابْن فُقَهَاء ذَلِك الْوَقْت فِي الْفتيا هَل يدْخل النَّقْص عَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَو يخص بِهِ الابْن كَمَا أوصى بِهِ الْمَيِّت فَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور بل يدْخل عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَتَكون الْمَسْأَلَة من تِسْعَة
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي

 

عبد القاهر:
ابن طاهر، العَلاَّمَةُ البَارِعُ، المُتَفَنِّنُ الأُسْتَاذُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ خُرَاسَان، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ البَدِيْعَةِ، وَأَحَدُ أَعلاَمِ الشافعية.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بن نُجَيْد، وَأَبِي عَمْرٍو مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ مَطَر، وَبِشْرِ بن أَحْمَدَ، وَطَبَقَتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِي، وَخَلْقٌ.
وَكَانَ أَكبَر تَلاَمِذَةِ إِبِي إِسْحَاق الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَكَانَ يُدَرِّس فِي سَبْعَةَ عَشَرَ فَنّاً، وَيُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، وَكَانَ رَئِيْساً مُحْتَشِماً مُثرياً، لَهُ كِتَاب التَّكملَة فِي الحسَاب.
قَالَ أَبُو عثْمَان الصَّابُوْنِيّ: كَانَ الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُوْرٍ مِنْ أئمة الأصول، وَصُدُور الإِسْلاَمِ بِإِجمَاعِ أَهْلِ الفَضْل، بَدِيْعَ التَّرتيب، غَرِيْبَ التَأْلِيْفِ، إِمَاماً مُقَدَّماً مُفَخّماً، وَمن خرَاب نَيْسَابُوْر خُرُوْجُه مِنْهَا.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا حصل بِإِسْفَرَايِيْن، ابتهجُوا بِمَقْدَمَه إِلَى الغَايَة.
قُلْتُ: وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ، وَكُنْتُ أَفردْتُ لَهُ تَرْجَمَةً لَمْ أَظْفر السَّاعَةَ بِهَا.
مَاتَ بِإِسْفَرَايِيْن فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَقَدْ شَاخَ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي النَّظَر وَالعَقْلِيَّات.

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.

 

عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله البغدادي التميمي الأسفراييني، ابو منصور:
عالم متفنن، من أئمة الأصول. كان صدر الإسلام في عصره. ولد ونشأ في بغداد، ورحل إلى خراسان فاستقر في نيسابور. وفارقها على أثر فتنة التركمال (قال السبكي: ومن حسرات نيسابور اضطرار مثله إلى مفارقتها!) ومات في اسفرائين. كان يدرس في سبعة عشر فنّا. وكان ذا ثروة. من تصانيفه " أصول الدين - ط " و " الناسخ والمنسوخ - خ " و " تفسير أسماء الله الحسنى - خ " و " فضائح القدرية " و " التكملة، في الحساب - خ " و " تأويل المتشابهات في الأخبار والآيات - خ " و " تفسير القرآن " و " فضائح المعتزلة " و " الفاخر في الأوائل والأواخر " و " معيار النظر " و " الإيمان وأصوله " و " الملل والنحل - خ " و " التحصيل " في أصول الفقه، و " الفرق بين الفرق - ط " و " بلوغ المدى في أصول الهدى " و " نفي خلق القرآن " و " الصفات ".

-الاعلام للزركلي-

 

عبد القاهر بن طَاهِر [000 - 429]
ابْن مُحَمَّد التَّمِيمِي، الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ ثمَّ النَّيْسَابُورِي.
كَانَ كشيخه الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ فِي نصْرَة طَرِيقه الْفُقَهَاء، وَالشَّافِعِيّ فِي أصُول الْفِقْه فِي الْأَغْلَب، وهما من الْمُتَكَلِّمين الناصرين لقَوْل الشَّافِعِي رَحمَه الله، لَا يجوز نسخ الْكتاب بِالسنةِ، مَعَ أَن أَكثر أضرابهما الْمُتَكَلِّمين من الشَّافِعِيَّة جبنوا عَن نصْرَة الْمَذْهَب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، حَتَّى إِن الإِمَام أَبَا بكر ابْن فورك نقض كتابا صنفه الشَّيْخ سهل الصعلوكي فِي نصْرَة مَذْهَب الإِمَام فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو مَنْصُور فِي كِتَابه " الْأُصُول الْخَمْسَة عشر ": إِن الصَّحِيح عِنْده أَن أول الْوَاجِبَات على الْمُكَلف النّظر وَالِاسْتِدْلَال، وفيهَا غلو عَن أبي الْحُسَيْن الْقَزاز.
قَالَ: قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور: عِنْدِي أَن أول مَا يجب على الْإِنْسَان هُوَ الْإِقْرَار بكلمه الشَّهَادَتَيْنِ، وَقبُول الْإِسْلَام، وَالْعَمَل بِهِ، فَإِذا أَتَى بذلك حِينَئِذٍ يشرع فِي النّظر وَالِاسْتِدْلَال.
قَالَ: وَهَذَا طَريقَة السّلف.
قَالَ الشَّيْخ: وَرَأَيْت لَهُ كتابا فِي " معنى لفظتي التصوف والصوفي "، جمع فِيهِ من أَقْوَال الصُّوفِيَّة زهاء ألف قَول مرتبَة على حُرُوف المعجم، وَمن قَوْله فِيهِ: التصوف مجانية الْأَجَانِب من كل جَانب، التصوف غيث بِلَا عيث.
الصُّوفِي هُوَ الَّذِي لَا يطْمع فِيمَن يطْمع، الصُّوفِي من لَا يُبَالِي أَن يكون ملوماً إِذا لم يكن مليماً، الصُّوفِي مفهم ملهم، عَن دَعْوَاهُ مفحم.
وَقَالَ أَبُو خلف الطَّبَرِيّ: نفي الشَّرِيك فِي مَسْأَلَة المشركة هُوَ اخْتِيَار أستاذي أبي مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ.
وَله كتاب فِي " نقض مَا عمله أَبُو عبد الله الْجِرْجَانِيّ " فِي " تَرْجِيح مَذْهَب أبي حنيفَة "، وكل وَاحِد مِنْهُمَا لم يخل كَلَامه عَن ادِّعَاء مَا لَيْسَ لَهُ، والتشنيع بِمَا لم يؤته، مَعَ وهم كثير أَتَيَاهُ، وَالله أعلم.
قَرَأت مِنْهُ فِي الْفَصْل الَّذِي ينْقض فِيهِ على الْجِرْجَانِيّ دَعْوَاهُ تقدمهم فِي علم الْفَرَائِض، وَأَن غَيرهم لَهُم تبع: أبسط الْكتب فِيهَا كتب أبي الْعَبَّاس ابْن سُرَيج، وَقد بَين فِيهَا كل مَا أَخطَأ فِيهِ أَيُّوب بن سُلَيْمَان الْخُزَاعِيّ، وكل مَا أَخطَأ فِيهِ الْخصاف من مسَائِل الْفَرَائِض، وَمن مسَائِل الدّور والوصايا، وأبسط من هَذَا كُله كتاب مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي الْفَرَائِض، وَمَا صنف فِيهَا أتقن وَأحكم مِنْهُ، وَحَجمه يزِيد على خمسين جُزْءا، وَقد صنف فِيهِ من أهل عصرنا أَبُو عمر الدَّارمِيّ. كَذَا قَالَ.
قَالَ الشَّيْخ: لَعَلَّه أَبُو عَمْرو الْعجلِيّ، فتصحف.
قَالَ: وَهُوَ الَّذِي لم تخرج الْعرَاق مثله فِي الْفَرَائِض والدور والحساب والجبر والمقابلة وفنون المقدرات، كِتَابه الَّذِي خرج مسَائِله فِيهِ على أصُول الشَّافِعِي، وتلاه فِي التصنيف شَيْخَانِ من أَصْحَاب الشَّافِعِي (رَضِي الله عَنْهُم) ، أَحدهمَا: شيخ المقدرات فِي الْعرَاق وَفَارِس ونواحيها، وَهُوَ أَبُو الْحُسَيْن ابْن اللبان، وَالْآخر: إِمَام وقتنا فِي عُلُوم الْكَلَام وَالْفِقْه وَالْأُصُول والمقدرات كلهَا، هُوَ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الإِسْفِرَايِينِيّ الَّذِي عينه فراره، وَفِي كل الْعُلُوم مُتَفَرِّقَة ناره.
قَالَ: وتلاه فِي التصنيف فِي الْفَرَائِض والدور والوصايا وَالْعين وَالدّين وأنواع المقدرات عبد القاهر بن طَاهِر بن مُحَمَّد، وَكتابه فِي " الْفَرَائِض " يزِيد على ألف ورقة، وَكتابه فِي " الدّور والوصايا " يزِيد على ثَلَاث مئة بَاب، سوى كتبه فِي الْفِقْه وَالْكَلَام وأصول الْفِقْه، وأنواع الْعُلُوم، على الْخُصُوص. والعموم.
ثمَّ حكى أَنه أشكل على أَصْحَاب أبي حنيفَة فِي تِلْكَ الْأَيَّام مسَائِل دورية فِي كتبهمْ، فَمَا حلهَا لَهُم إِلَّا هُوَ، وَالله أعلم.
قَالَ الشَّيْخ: الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور هَذَا يخبط كثيرا فِي نقُوله وَمَا يحيكه خبط عشواء، فَمَا أَدْرِي من أَيْن يُؤْتى؟

-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح-