شيخنا أبو محمَّد بلحسن ابن الشيخ المفتي محمَّد النجار: العلامة النظار الفهّامة الذي لا يشق له غبار الكريم النجار فرد الدنيا في العلوم كلها الجامع لمنطوقها ومفهومها المالك لمجهولها ومعلومها واحد الدهر في التحصيل والذكاء وثقوب الفكر. نشأ في كفالة والده في أطيب وصف وأحسن رصف، أخذ عنه وبه تهذب وانتفع به وتأدب وأجازه كما أجازه الشيخ محمَّد الطيب النيفر والشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ المهدي الوزاني والشيخ أحمد بن محمَّد الخياط الفاسي بما في فهارسهم وبالجملة فإنه أخذ عن أساتذة أعلام حتى انتظم في سلك العلماء أيّ انتظام وامتلأ بالعلم وطابه وتصدى للتدريس فأكثر عليه طلابه وأتى في إقرائه الكتب العالية بالعجب العجاب بما يدل على أنه أخذ في الفنون بلب اللباب مع حسن التأدية والتفسير وسعة الملكة ولطف التقرير، إليه الإشارة في الفصاحة وجزالة الألفاظ وسلاستها وبلاغة المعاني ونفاستها جميل المعاشرة عظيم المذاكرة ولم يزل يرتع في رياض الفضائل ويطبق أصول المسائل على الدلائل حتى عمّ نفعه واشتهر وذاع وملأ الأسماع والبقاع، تخرّج بين يديه أساتذة فحول جهابذة أجازني بما حوته فهرسته، تولى التدريس من الرتبة الأولى ورواية الحديث بجامع الحرمل ثم حنت إليه الرتب السامية وخطبته وتعطشت إليه المناصب العالية وطلبته لفضائله المنتشرة الظاهرة حتى زفت إليه الفتيا عروساً فاخرة في ذي الحجة سنة 1342 هـ فحضرته الآن في الشهباء فارس ميدانها فضلاً وناظر إنسانها علماً وذكاءً ونبلاً مذكور بكل لسان ممدوح لكل إنسان حفظه الله وشكره.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية_ لمحمد مخلوف