الفقي (1310 - 1399 هـ) (1892 - 1979 م).
الصادق بن محمود بن محمد الفقي، شاعر أديب، ولد بصفاقس، وتلقى بها تعلمه الابتدائي، فزاول أولا تعلمه بالكتاب فحفظ القرآن، ثم دخل المكتب العربي الفرنسي المحدث بالمدرسة الحسينية الكائنة بنهج العدول، التحق بها في سنة 1907، وخرج منها سنة 1910 محرزا على الشهادة الابتدائية، وكان مجموع الناجحين في تلك السنة خمسة، ثم زاول تعلمه بالجامع الكبير لمدة سنة فقط، فقرأ على المشايخ:
سعيد قطاطة، والصادق بو عصيدة، والطاهر بوشعالة، والطيب كمون، ومحمود الشرفي، ثم اختار أن يكون معلما بالمدرسة القرآنية الأدبية لمدة عامين، ثم التحق بجامع الزيتونة سنة 1913 بصحبة الصادق عشيش، والصادق قوبعة، ومحمد الشافعي، وقرأ على المشايخ: أحمد النيفر وابنه محمد البشير، وبلحسن النجار، ومحمد الصادق النيفر والطيب بيرم، ومحمد العنابي وغيرهم. وتأثر عظيم التأثر بدروس شيخه محمد الصادق النيفر لأنه كان يمزجها بالتوجيه الوطني فيوقظ المشاعر، مما جعل التلاميذ حريصين على الحضور.
وبعد إحرازه على شهادة التطويع عاد إلى العمل بالمدرسة القرآنية الأدبية، ثم استقال وعمل بلجنة قيس الأراضي وحزر الزرع، ثم استقال وباشر التجارة بسوق الربع مدة قصيرة ثم عاد للمدرسة القرآنية للمرة الثالثة وعمل بها نحو ثلاث سنوات، وفي سنة 1923 دخل في سلك التعليم العمومي الحكومي، وأول ما باشر التعليم في هذا الدور بالمدرسة الفرنسية العربية الكائنة بطريق قرمدة مركز كمون. وفي عام 1945 تأسست مدرسة الفتاة، وهي أول مدرسة ابتدائية قرآنية لتعليم البنات، فاختير مديرا لها لما اشتهر به من مهارة تربوية واستقامة، وأحيل من هذه المدرسة على التقاعد سنة 1959 فانكب في منزله على استظهار القرآن ومطالعة كتب التفسير والحديث.
قال الأستاذ زين العابدين السنوسي عن خصائص شعره:
ويلاحظ الإنسان بسهولة أن أدبه مشبع بعاطفتين عزيزتين، هما:
1 - الروح الوطنية التي تشبع بها أيام مزاولته القراءة بالعاصمة.
2 - ترديده وشدوه بوصف الطبيعة ولطائفها «ما تلهم جنات صفاقس وبدائعها».
وهاتان العاطفتان عاشتا مع شعره إلى النهاية، ويمكن أن يضاف إليهما العاطفة الإسلامية التي تسري قوية في شعره، ومرد عنايته بالطبيعة وتغنيه بها في شعره إلى أثر البيئة التي نشأ فيها فقد نشأ بين نحر البحر في وسط بساتين سيدي منصور الغلام، وقضى بها حياته.
توفي في 12 جمادى الأولى سنة 1399/ 19 أفريل 1979.
له ديوان شعر اسمه الرياض، قدمه للطبع قبل وفاته بنحو شهرين في مطبعة الجنوب الكبرى بصفاقس، ولم يبرز إلى الآن لأن ورثته - فيما يبدو - لم تسمح أنفسهم بدفع المال المطلوب إلى المطبعة، وأنا في خلال هذه المدة كنت أنتظر بشوق صدور الديوان لأن شعره من السهل الممتنع فيه عذوبة ورواء ولأن ناظمه أكنّ له أطيب الذكريات فهو أول من تعلمت عليه العربية لمدة ثلاث سنوات، رحمه الله وأجزل ثوابه
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الرابع - من صفحة 32 الى صفحة 33 - للكاتب محمد محفوظ