محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري ابن الزملكاني كمال الدين

تاريخ الولادة667 هـ
تاريخ الوفاة727 هـ
العمر60 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةبلبيس - مصر
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • بلبيس - مصر
  • مصر - مصر

نبذة

مُحَمَّد بن علي بن عبد الْوَاحِد الْأنْصَارِيّ الدمشقي ابْن الزملكاني كَمَال الدَّين ولد فِي شهر شَوَّال سنة 667 سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَسمع من الْمُسلم ابْن عَلان وَابْن الواسطي وَابْن القواس وَغَيرهم وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَكَانَ فصيح الْقِرَاءَة سريعها لَهُ خبْرَة بالمتون وتفقه على الشَّيْخ تَاج الدَّين ابْن الفركاج وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن بدر الدَّين بن مَالك قَالَ الأدفوئي هُوَ أحد الْمُتَقَدِّمين فِي الْفَتَاوَى والتدريس والمجالس والمرجوع إِلَيْهِم فِي المناظرة

الترجمة

مُحَمَّد بن علي بن عبد الْوَاحِد الْأنْصَارِيّ الدمشقي ابْن الزملكاني كَمَال الدَّين
ولد فِي شهر شَوَّال سنة 667 سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَسمع من الْمُسلم ابْن عَلان وَابْن الواسطي وَابْن القواس وَغَيرهم وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَكَانَ فصيح الْقِرَاءَة سريعها لَهُ خبْرَة بالمتون وتفقه على الشَّيْخ تَاج الدَّين ابْن الفركاج وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن بدر الدَّين بن مَالك قَالَ الأدفوئي هُوَ أحد الْمُتَقَدِّمين فِي الْفَتَاوَى والتدريس والمجالس والمرجوع إِلَيْهِم فِي المناظرة وَكَانَ ذكى الْفطْرَة نَافِذ الذِّهْن فصيح الْعبارَة وَأطلق عَلَيْهِ الذهبي عَالم الْعَصْر وكبير الشَّافِعِيَّة قَالَ وَكَانَ بَصيرًا بِالْمذهبِ وأصوله قوي الْعَرَبيَّة ذكيا فطنا فَقِيه النَّفس لَهُ الْيَد الْبَيْضَاء فِي النظم والنثر وَكَانَ يضْرب بذكائه الْمثل افتى وَله نَيف وَعشْرين سنة وَتخرج غَالب عُلَمَاء الْعَصْر عَلَيْهِ وَلم يرَوا غَيره فِي كرم نَفسه وعلو همته وتجمله فِي مأكله وملبسه وصنف رِسَالَة فِي الرَّد على ابْن تَيْمِية فِي الطَّلَاق
وَأُخْرَى فِي الرَّد عَلَيْهِ فِي الزِّيَارَة وعلق على الْمِنْهَاج وَكَانَ يلقي دروسه فِي النِّهَايَة لإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَدخل ديوَان الْإِنْشَاء وَوَقع فِي الدست وَولى نظر المارستان ودرس بمدارس وَولى نظر الدِّيوَان ووكالة بَيت المَال وَنظر الخزانة
قَالَ ابْن كثير انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الْمَذْهَب تدريسا وافتاء ومناظرة وساد أقرانه بذهنه الْوَقَّاد وتحصيله الذي مَنعه الرقاد وَعبارَته الرايقة وكلماته الفائقة وَلم يسمع أحد من النَّاس يدرس أحسن مِنْهُ وَلَا سَمِعت أحلى من عِبَارَته وجودة تَقْرِيره وَصِحَّة ذهنه وَقُوَّة قريحته انْتهى
ثمَّ لما ولي قَضَاء حلب وَطَلَبه النَّاصِر على الْبَرِيد ليوليه قَضَاء دمشق فَتوجه إلى الْقَاهِرَة فَمَاتَ فِي الطَّرِيق فَيُقَال أَنه مَاتَ مسموما وروى أنه لما مرض قَالَ أَنا ميت وَلَا أتولى بعد قَضَاء حلب شَيْئا لِأَنَّهُ كَانَ لي شيخ أدخلني الْخلْوَة وأمرني بصيام ثَلَاثَة أَيَّام أفطر فِيهَا على المَاء واللبان فاتفق آخر الثَّلَاث يَوْم النّصْف من شعْبَان فخيل إِلَى وَأَنا فِي الصَّلَاة قبَّة عَظِيمَة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وظاهرها مراقى فَصَعدت فَكنت أرى على مرقاة مَكْتُوبًا نظر الخزانة وعَلى آخر الْوكَالَة وعَلى آخر مدرسة كَذَا وعَلى آخر مرقاة قَضَاء حلب وأفقت من غيبتي وعدت إِلَى حسيى فَقَالَ لي الشَّيْخ الْقبَّة الدُّنْيَا والمراقي الْمَرَاتِب والذي رَأَيْته تناله كُله فَكَانَ كَذَلِك وَكَانَ مَوته فِي سادس عشر رَمَضَان سنة 727 سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَدفن بالقرافة بِالْقربِ من الإِمَام الشَّافِعِي

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني

 

 

 

محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري، كمال الدين، المعروف بابن الزملكاني:
فقيه، انتهت إليه رياسة الشافعية في عصره. ولد وتعلم بدمشق. وتصدر للتدريس والإفتاء، وولي نظر ديوان (الأفرم) ونظر الخزانة ووكالة بيت المال. وكتب في ديوان الإنشاء ثم ولي القضاء في حلب فأقام سنتين، وطلب لقضاء مصر، فقصدها، فتوفي في بلبيس ودفن بالقاهرة.
له رسالة في الرد على ابن تيمية في مسألتي (الطلاق والزيارة) وتعليقات على (المنهاج) للنووي، وكتاب في (التاريخ) و (عجالة الراكب في ذكر أشرف المناقب - ط) و (تحقيق الأولى من أهل الرفيق الأعلى - خ) .

-الاعلام للزركلي-

محمد بن علي بن عبد الواحد، قاضي القضاة، جمالُ الإسلام، كمالُ الدين ابن الزملكاني الدمشقيُّ، كبيرُ الشافعية في عصره.
سمع من ابن علان، وابن الواسطي، وطلب الحديث، وقرأه، وأفتى وله نيف وعشرون سنة، وكان يضرب بذكائه المثل، وقرأ على الصفي الهندي.
وكان شكلُه حسنًا، ومنظره رائعًا، وتجمله في بِزَّته وهيئته غاية، وشيبته منورة بنور الإسلام، يكاد الورد يُقتطف من وجنتيه، وعقيدتُه صحيحة متمكنة أشعرية، وفضائله عديدة. صنف أشياء: منها: "رسالة في الرد على ابن تيمية في مسألة الطلاق"، و"رسالة في الرد عليه في مسألة الزيارة"، ولكن الحق فيهما مع ابن تيمية؛ نظرًا إلى الدليل، وقد أثنى على شيخ الإسلام ثناء حسنًا كثيرًا كبيرًا.
ولد سنة 667، وتوفي سنة 727، قيل إنه سُمّ في الطريق، وأدركه الأجل في بلبيس، وعودي، وحُسد، وعُمل عليه، ولطف الله تعالى به، وله قصيدة يذكر فيها الكعبة المعظمة، ويمدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، ذكرها في "الفوات".
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

محمد بن علىّ بن عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري
كمال الدين بن الزّملكانى.
عالم بمصر من بقايا المجتهدين، وأذكياء أهل زمانه.
ولد بدمشق سنة 667 قرأ الأصول على الصّفى الهندى، والنحو على بدر الدين: ابن مالك، وألّف عدّة تصانيف.
توفى سنة 727 .

كان إماما علامة بصيرا بمذهبه وأصوله، قوى العربية، صحيح الذهن، فصيحا أديبا ناظما ناثرا، أفتى وله نيف وعشرون سنة، وصنف وكتب. ومن مصنفاته: رسالة فى الرد على الشيخ تقى الدين فى مسألة الطلاق، ورسالة فى الرد عليه فى مسألة الزيارة، والبرهان فى إعجاز القرآن، وشرح فصوص الحكم. راجع ترجمته فى البداية والنهاية 14/ 131 - 132، والدرر الكامنة 4/ 74 - 76، وشذرات الذهب 6/ 78 - 79، وحسن المحاضرة 1/ 320 - 321، والنجوم الزاهرة 9/ 270، وذيول العبر (17/ 154)، وغاية النهاية 2/ 146.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ‍)

 

 مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الْوَاحِد بن عبد الْكَرِيم قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين بن الزملكاني
الإِمَام الْعَلامَة المناظر
سمع من يُوسُف بن المجاور وَأبي الْغَنَائِم بن عَلان وعدة مَشَايِخ
وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَكتب الطباق بِخَطِّهِ
وَقَرَأَ الْأُصُول على الشَّيْخ صفي الدّين الْهِنْدِيّ والنحو على الشَّيْخ بدر الدّين ابْن مَالك
وَولد فِي شَوَّال سنة سبع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
ودرس بالشامية البرانية والرواحية والظاهرية الجوانية وَغَيرهَا بِدِمَشْق
ثمَّ ولي قَضَاء حلب

وصنف الرَّد على ابْن تَيْمِية فِي مسئلتي الطَّلَاق والزيارة وكتابا فِي تَفْضِيل الْبشر على الْملك جود فِيهِ وَشرح من منهاج النَّوَوِيّ قطعا مُتَفَرِّقَة
ذكره شَيخنَا الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص فَقَالَ شَيخنَا عَالم الْعَصْر وَكَانَ من بقايا الْمُجْتَهدين وَمن أذكياء أهل زَمَانه درس وَأفْتى وصنف وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب
انْتهى
وَذكره الشَّيْخ جمال الدّين بن نباتة فِي كتاب سجع المطوق فَقَالَ أما وغصون أقلامه المثمرة بِالْهدى وسطور فَتَاوِيهِ الْمُوَضّحَة للحق طرائق قددا وخواطره الَّتِي تولدت فَكَانَت الأنجم مهودا ومآثره الَّتِي ضربت رواق الْعِزّ وَكَانَت المجرة طنبا وَكَانَ الْفجْر عمودا ومناظراته الَّتِي أسكتت المناظرين فَكَأَنَّمَا ضربت سيوفهم الْمُجَرَّدَة لألسنتهم قيودا
إِن الْآدَاب لتحركني لمدحه وَالْأَدب يحثني على السّكُون وَإِنِّي لأعق محاسنه إِذا أردْت برهَا بِالْوَصْفِ وَمن الْبر مَا يكون
(جلّ عَن مَذْهَب المديح فقد كَاد ... يكون المديح فِيهِ هجاء)
ثمَّ قَالَ هُوَ الْبَحْر وعلومه درره الفاخرة وفتاويه المتفرق فِي الْآفَاق سحبه السائرة وَالْعلم إِلَّا أَنه الَّذِي لَا تجنه الغياهب والطود إِلَّا أَنه الَّذِي لَا يحاوله الْبشر على أَنه نسر الْكَوَاكِب وَالْمُنْفَرد الَّذِي حمى بَيْضَة الْإِسْلَام فِي أعشاش أقلامه والمجتهد الَّذِي لَا غُبَار على رَأْيه فِي الدّين وَإِن غبر فَفِي وُجُوه أَعْلَامه
ثمَّ قَالَ التَّفْسِير لبراعته قد حكم بِكِتَاب الله الْمنزل وَقَالَ الْفِقْه لعلم فَتَاوِيهِ أَنْت الرامح وكل أعزل وَقَالَ الحَدِيث لتنقيحه هَذَا النّظر الَّذِي لَا يعْزل وَقَالَ الْإِنْشَاء لكتابه لِيَهنك أَن قلم كل بليغ لديك بِخَط أَو بِغَيْر خطّ مغزل وَقَالَ النَّحْو لتدقيقه هَذَا مَا جاد زيد وَعَمْرو فِيهِ وَهَذَا الْعَرَبِيّ الَّذِي لَو سمع الْأَعرَابِي نطقه لصاح يَا أَبَت أدْرك فَاه غلبني فوه لَا طَاقَة لي بِفِيهِ وَقَالَ الْوَصْف وَقَالَ واستقى من مواده وَلَو تحقق غَايَة لما استقال
فَتَبَارَكَ من أطلعه فِي هَذِه الْآفَاق شمسا كَأَن الشَّمْس عِنْده نبراس وأمطاه رتبا كَأَن الثريا فِيهَا خد لقدمه على الْقيَاس وَخَصه بفنون الْعلم فَلهُ حليها النفيس وَمَا لغيره من الْحلِيّ سوى الوسواس
انْتهى
وَعَلِيهِ تخرج القَاضِي فَخر الدّين الْمصْرِيّ وَالشَّيْخ الْحَافِظ صَلَاح الدّين العلائي وَكَانَ كثير التَّعْظِيم لَهُ
توفّي سنة سبع وَعشْرين وَسَبْعمائة بِمَدِينَة بلبيس من أَعمال مصر كَانَ قد طلبه السُّلْطَان إِلَى مصر فَمَاتَ بهَا قبل وُصُوله وَحمل إِلَى الْقَاهِرَة وَدفن بجوار تربة الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ
وَقد أَجَاد فِي وَصفه شَاعِر الْوَقْت جمال الدّين بن نباتة حَيْثُ يَقُول فِيهِ من قصيدة فائقة امتدحه بهَا أَولهَا
(قضى وَمَا قضيت مِنْك لبانات ... متيم عبثت فِيهِ الصبابات)
(مَا فاض من جفْنه يَوْم الرحيل دم ... إِلَّا وَفِي قلبه مِنْكُم جراحات)
(أحبابنا كل عُضْو فِي محبتكم ... كليم وجد فَهَل للوصل مِيقَات)
(غبتم فغابت مسرات الْقُلُوب فَمَا ... أَنْتُم برغمي وَلَا تِلْكَ المسرات)
(يَا حبذا فِي الصِّبَا عَنْكُم بَقَاء هوى ... وَفِي بروق الغضا مِنْكُم إنابات)
(وحبذا زمن اللَّهْو الَّذِي انقرضت ... أوقاته الغر والأعوام سَاعَات)
(أَيَّام مَا شعر الْبَين المشت بِنَا ... وَلَا خلت من مغاني الْأنس أَبْيَات)

 (حَيْثُ الشَّبَاب قضاياه منفذة ... وَحَيْثُ لي فِي الَّذِي أَهْوى ولايات)
(وَرب حانة خمار طرقت بهَا ... حانت وَلَا طرقت للقصف حانات)
(سبقت قَاصد مغناها وَكنت فَتى ... إِلَى المدام لَهُ بِالسَّبقِ عادات)
(أعشو إِلَى ديرها الْأَقْصَى وَقد لمعت ... تَحت الدجى فَكَأَن الدَّيْر مشكاة)
(وأكشف الْحجب عَنْهَا وَهِي صَافِيَة ... لم يبْق فِي دنها إِلَّا صبابات)
(رَاح زحفت على جَيش الهموم بهَا ... حَتَّى كَأَن سنا الأكواب رايات)
(مصونة السَّرْح باتت دون غايتها ... حاجات قوم وللحاجات أَوْقَات)
(تجول حول أوانيها أشعتها ... كَأَنَّمَا هِيَ للكاسات كاسات)
(كَأَنَّهَا فِي أكف الطائفين بهَا ... نَار يطوف بهَا فِي الأَرْض جنَّات)
(مبلبل الصدغ طوع الْوَصْل منعطف ... كَأَن أصداغه للْعَطْف واوات)
(ترنحت وَهِي فِي كفيه من طرب ... حَتَّى لقد رقصت تِلْكَ الزجاجات)
(وَقمت أشْرب من فِيهِ وخمرته ... شربا تَشِنْ بِهِ فِي الْعقل غارات)
(وَينزل اللثم خديه فينشدها ... هِيَ الْمنَازل لي فِيهَا عَلَامَات)
(سقيا لتِلْك اللييلات الَّتِي سلفت ... فَإِنَّمَا الْعُمر هاتيك اللييلات)

 (عنت لَهَا كل أَوْقَات السرُور كَمَا ... عنت لفضل كَمَال الدّين سَادَات)
(حبر رَأينَا يَقِين الْجُود من يَده ... وَأكْثر الْجُود فِي الدُّنْيَا حكايات)
(سما على الْخلق واستسقوا مواهبه ... لَا غرو أَن تَسْقِي الأَرْض السَّمَوَات)
(واستأنف النَّاس للأيام طيب ثَنَا ... من بعد مَا كثرت فِيهَا الشكايات)
(لَا يختشي فَوت جدوى كَفه بشر ... كَأَن جدواه أرزاق وأوقات)
(وَلَا تزحزح من فضل شمائله ... كَأَنَّهَا لبدور الْفضل هالات)
(يَا شاكي الدَّهْر يممه وَقد غفرت ... من حول أبوابه للدهر زلات)
(وَيَا أَخا السَّعْي فِي علم وَفِي كرم ... هذي الْهَدَايَا وهاتيك الهديات)
(لَا تَطْلُبن من الْأَيَّام مشبهه ... فَفِي طلابك للأيام إعنات)
(وَلَا تصخ لأحاديث الَّذين مضوا ... ألوى الْعَنَان بِمَا تملي الرِّوَايَات)
(طالع فَتَاوِيهِ واستنزل فتوته ... تلق الإفادات تتلوها الإفادات)
(وَحبر الْوَصْف فِي فضل لصَاحبه ... يكَاد ينْطق بِالْوَصْفِ الجمادات)

 (حامي الديار بأقلام لَهَا مدد ... من الْهدى واسْمه فِي الطرس مدات)
(قويمة تمنع الْإِسْلَام من خطر ... فاعجب لَهَا ألفات وَهِي لامات)
(تعلمت بَأْس آساد وجود حَيا ... مُنْذُ اغتدت وَهِي للآساد غابات)
(وعودت قتل ذِي زيغ وَذي خطل ... كَأَنَّهَا من كسير الْحَظ فضلات)
(وجاورت للآلي الْبَحْر فابتسمت ... هُنَالك الْكَلِمَات الجوهريات)
(أغر يهوي معاد القَوْل فِيهِ إِذا ... قيل المعادات أَخْبَار معادات)
(فِي كل معنى دروس من فَوَائده ... وَمن بَوَادِر نعماه إعادات)
(صلى وَرَاء أياديه الحيا فعلى ... تِلْكَ الأيادي من السحب التَّحِيَّات)
(وَصد عَمَّا يروم اللوم نائله ... وَلَا يُفِيد وَلَا تجدي الملامات)
(يرام تَأْخِير جدواه وهمته ... تَقول إيها وللتأخير آفَات)
(من معشر نجب مَاتُوا وتحسبهم ... للمكرمات وَطيب الذّكر مَا مَاتُوا)
(ممدحين لَهُم فِي كل شارقة ... بر وَبَين خبايا اللَّيْل إخبات)

 (تمت أَئِمَّة أَوْصَاف الْكَمَال كَمَا ... تمت بقافية المنظوم أَبْيَات)
(مَا رَوْضَة قلدت أجياد سوسنها ... من السَّحَاب عُقُود لؤلئيات)
(وخطت الرّيح خطا فِي مناهلها ... كَأَن قطر الغوادي فِيهِ جريات)
(يرقى الْحمام الْمُصَفّى دوحها فلهَا ... خلف الستور على العيدان رنات)
(يَوْمًا بأهيج من أخلاقه نشرا ... أَيَّام تنكر أَخْلَاق سريات)
(وَلَا النُّجُوم بأنأى من مراتبه ... أَيَّام تقتصر الْأَيْدِي العليات)
(قدر علا فَرَأى فِي كل شمس ضحى ... جماله فَكَأَن الشَّمْس مرْآة)
(وهمة ذكرهَا نَام وأنعمها ... فَحَيْثُ مَا كنت أَنهَار وجنات)

 (تأبى المدائح أَن يمدح سواك بهَا ... فَتلك فيهم عوار مستردات)
(الله جَارك من عين الزَّمَان لقد ... تجمعت بالمعالي فِيك أشتات)
(جَاوَرت بابك فاستصلحت لي زمني ... حَتَّى وفت وانتفت تِلْكَ العداوات)
(ولاطفتني اللَّيَالِي فَهِيَ حِينَئِذٍ ... من بعد أَهلِي عمات وخالات)
(ونطقتني الأيادي بالعيون ثَنَا ... فللكواكب كالآذان إنصات)
(إِلَّا ذَوي كلم لَو أَن محتسبا ... تَكَلَّمت من جَمِيع الْقَوْم هامات)
(يزاحمون بأشعار ملفقة ... كَأَنَّهُمْ بَين أهل الشّعْر حشوات)
(ويطرحون على الْأَبْوَاب من حمق ... قصائدا هِيَ فِي التَّحْقِيق بايات)
(من كل أبله لَكِن مَا لفطنته ... كالبله فِي هَذِه الدُّنْيَا إصابات)
(يحم حِين يعاني نظم قافية ... عَجزا فتظهر هاتيك الخرافات)
(وَيَغْتَدِي فكره المكدود فِي حرق ... وَقد أحاطت بِمَا قَالَ البرودات)

 (وَقد يَجِيء بِشعر بعد ذَا حسن ... لَكِن على كَتفيهِ مِنْهُ كارات)
(أعيذ مجدك من ألفاظها فلهَا ... جنى كَأَن مَعَانِيهَا جنايات)
(إِن لم يفرق بِفضل بَين نظمهم ... وَبَين نظمي فَمَا للفضل لذات)
(خُذْهَا عروسا لَهَا فِي كل جارحة ... لواحظ وكؤوس بابليات)
(أوردت سؤددك الْأَعْلَى مواردها ... وللسها فِي بحار الْأُفق عبات)
(نعم الْفَتى أَنْت يستصفى الْكَلَام لَهُ ... حَتَّى يبين لَهُ فِي الْعقل سورات)
(ويطرب الْمَدْح فِيهِ حِين أذكرهُ ... كَأَن منتصب الأقلام نايات)
(مَا بعد غيثك غيث يستجاد وَلَا ... من بعد إِثْبَات قولي فِيك إِثْبَات)

 (حزت المحامد حَتَّى مَا لذِي شرف ... من صُورَة الْحَمد لَا جسم وَلَا ذَات)
قلت وَلما قَالَ ابْن نابة فِي ابْن الزملكاني هَذِه الْكَلِمَة البديعة حاول أدباء عصره معارضته فَمَا أَحْسنُوا صنعه بل كل قصر وَلم يلْحق وَتَأَخر وَمَا جَاءَ بِحَق
وأنشدني شمس الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف الْمَعْرُوف بالخياط الشَّاعِر قصيدته الَّتِي عَارض بهَا هَذِه القصيدة فَقلت كَيفَ رَضِي ابْن الزملكاني بِهَذِهِ عراضا لتِلْك فَقَالَ أَنا أنْكرت على ابْن نباتة تغزله ونسيبه اللَّذين جَاءَ بهما على هَذَا الْوَجْه وَهُوَ يمتدح عَالما من عُلَمَاء الْمُسلمين وَكَانَ من قَوْله
(مَا شان مدحي لكم ذكر المدام وَلَا ... أضحت جَوَامِع لَفْظِي وَهِي حانات)
(وَلَا طرقت حمى خمارة سحرًا ... وَلَا اكتست لي بكاس الراح راحات)
(وَإِنَّمَا أسكر الْجلاس من أدب ... يَدُور مِنْهُ على الأكياس كاسات)
(عَن منظر الرَّوْض يغنيني القريض وَعَن ... رقص الزجاجات تلهيني الحرازات)

 (عشوت مِنْهَا إِلَى نور الْكَمَال وَلم ... يدر على خاطري دير ومشكاة)
وأنشدها أَيْضا بدرس الشامية بَين يَدي الشَّيْخ كَمَال الدّين بن الزملكاني
وَمن أَرَادَ من أهل هَذِه الْمِائَة أَن يلْحق ابْن نباتة فِي نظم أَو نثر أَو خطّ فقد أَرَادَ الْمحَال وحاول مَا لَا يصير بِحَال
ويعجبني على هَذَا الْوَزْن والروي وَإِن لم يلْحق ابْن نباتة فِي الصنع الْبَهِي قَول ابْن الدواليبي مُتَأَخّر من الْعرَاق
(كم قد صفت لقلوب الْقَوْم أَوْقَات ... وَكن تقضت لَهُم بِاللَّيْلِ لذات)
(وَاللَّيْل دسكرة العشاق يجمعهُمْ ... ذكر الحبيب وَصرف الدمع كاسات)
(مَاتُوا فأحياهم إحْيَاء ليلهم ... وَمن سواهُم أنَاس بالكرى مَاتُوا)
(لما تجلى لَهُم والحجب قد رفعت ... تهتكوا وصبت مِنْهُم صبابات)
(وغيبتهم عَن الأكوان فِي حجب ... وأظهرت سر معناهم إشارات)
(ساقي الْقُلُوب هُوَ المحبوب يشهده ... صيت لَهُم بِقِيَام اللَّيْل عادات)
(إِذا صفا الْوَقْت خَافُوا من تكدره ... وللوصال من الهجران آفَات)
وَمن فَوَائِد الشَّيْخ كَمَال الدّين
فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {التائبون العابدون الحامدون السائحون} الْآيَة فِي الْجَواب عَن السُّؤَال الْمَشْهُور وَهُوَ أَنه كَيفَ ترك الْعَطف فِي جَمِيع الصِّفَات وَعطف النَّهْي عَن الْمُنكر على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ بِالْوَاو
قَالَ عِنْدِي فِيهِ وَجه حسن وَهُوَ أَن الصِّفَات تَارَة تنسق بِحرف الْعَطف وَتارَة تذكر بِغَيْرِهِ وَلكُل مقَام معنى يُنَاسِبه فَإِذا كَانَ الْمقَام مقَام تعداد صِفَات من غير نظر إِلَى جمع أَو انْفِرَاد حسن إِسْقَاط حرف الْعَطف وَإِن أُرِيد الْجمع بَين الصفتين أَو التَّنْبِيه على تغايرهما عطف بالحرف وَكَذَلِكَ إِذا أُرِيد التنويع بِعَدَمِ اجْتِمَاعهمَا أُتِي بالحرف أَيْضا وَفِي الْقُرْآن الْكَرِيم أَمْثِلَة تبين ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا} فَأتى بِالْوَاو بَين الوصفين الْأَخيرينِ لِأَن الْمَقْصُود بِالصِّفَاتِ الأول ذكرهَا مجتمعة وَالْوَاو قد توهم التنويع فحذفت وَأما الْأَبْكَار فَلَا يكن ثيبات والثيبات لَا يكن أَبْكَارًا فَأتى بِالْوَاو لتضاد النَّوْعَيْنِ
وَقَالَ تَعَالَى {حم تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْعَلِيم غَافِر الذَّنب وقابل التوب شَدِيد الْعقَاب ذِي الطول} فَأتى بِالْوَاو فِي الوصفين الْأَوَّلين وحذفها فِي الوصفين الْأَخيرينِ لِأَن غفران الذَّنب وَقبُول التوب قد يظنّ أَنَّهُمَا يجريان مجْرى الْوَاحِد لتلازمهما فَمن غفر الذَّنب قبل التوب فَبين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعطف أَحدهمَا على الآخر أَنَّهُمَا مفهومان متغايران ووصفان مُخْتَلِفَانِ يجب أَن يعْطى كل وَاحِد مِنْهُمَا حكمه وَذَلِكَ مَعَ الْعَطف أبين وأوضح
وَأما شَدِيد الْعقَاب وَذُو الطول فهما كالمتضادين فَإِن شدَّة الْعقَاب تَقْتَضِي إِيصَال الضَّرَر والاتصاف بالطول يَقْتَضِي إِيصَال النَّفْع فَحذف ليعرف أَنَّهَا مجتمعان فِي ذَاته وَأَن ذَاته المقدسة مَوْصُوفَة بهما على الِاجْتِمَاع فَهُوَ فِي حَالَة اتصافه بشديد الْعقَاب ذُو الطول وَفِي حَال اتصافه بِذِي الطول شَدِيد الْعقَاب فَحسن ترك الْعَطف لهَذَا الْمَعْنى
وَفِي هَذِه الْآيَة الَّتِي نَحن فِيهَا يَتَّضِح معنى الْعَطف وَتَركه مِمَّا ذَكرْنَاهُ لِأَن كل صفة مِمَّا لم ينسق بِالْوَاو مُغَايرَة لِلْأُخْرَى وَالْغَرَض أَنَّهُمَا فِي اجْتِمَاعهمَا كالوصف الْوَاحِد لموصوف وَاحِد فَلم يحْتَج إِلَى عطف فَلَمَّا ذكر الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وهما متلازمان أَو كالمتلازمين مستمدان من مَادَّة وَاحِدَة كغفران الذَّنب وَقبُول التوب حسن الْعَطف ليبين أَن كل وَاحِد مُعْتَد بِهِ على حِدته قَائِم بِذَاتِهِ لَا يَكْفِي مِنْهُ مَا يحصل فِي ضمن الآخر بل لَا بُد أَن يظْهر أمره بِالْمَعْرُوفِ بِصَرِيح الْأَمر وَنَهْيه عَن الْمُنكر بِصَرِيح النَّهْي فَاحْتَاجَ إِلَى الْعَطف
وَأَيْضًا فَلَمَّا كَانَ النَّهْي وَالْأَمر ضدين أَحدهمَا طلب الإيجاد وَالْآخر طلب الإعدام كَانَا كالنوعين المتغايرين فِي قَوْله تَعَالَى {ثيبات وأبكارا} فَحسن الْعَطف بِالْوَاو
وَقَالَ فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تفضلُونِي على يُونُس) السَّبَب فِي ذَلِك أَن الله تَعَالَى قَالَ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَا تكن كصاحب الْحُوت} وَمن الْمَقْطُوع بِهِ أَنه امتثل هَذَا الْأَمر لعصمته من الْمُخَالفَة فَصَارَ مَقْطُوعًا بأفضليته عَلَيْهِ أَو كالمقطوع بِهِ وَمَعَ ذَلِك نهى عَن تفضيله عَلَيْهِ لما يَقْتَضِيهِ تواضعه لله وكرم خلائقه أَو غير ذَلِك مِمَّا ذكر
قلت فَأَيْنَ اللطيفة فِي نَهْيه عَن التَّفْضِيل
حَاصِل هَذَا أَنه قرر عدم التَّفْضِيل مَعَ الْقطع بِوُقُوعِهِ وَنحن عارفون بذلك إِنَّمَا الْبَحْث عَن الْحِكْمَة فِيهِ وَقَوله لما يَقْتَضِيهِ تواضعه إِلَى آخِره هُوَ مَا ذكره غَيره فَلم يزدْ على النَّاس شَيْئا

وَذكر قَول الْفَقِيه نَاصِر الدّين ابْن الْمُنِير فِي المقتفى فِي حَدِيث شَاة أم معبد وَأَن فِيهِ لَطِيفَة عَجِيبَة وَهُوَ أَن اللَّبن المحتلب من الشَّاة الْمَذْكُورَة لَا بُد أَن يفْرض مَمْلُوكا وَالْملك هُنَا دائر بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَاحب الشَّاة وَلِهَذَا قسم اللَّبن وأشبه شَيْء بذلك الْمُسَاقَاة فَإِنَّهَا تلْزمهُ للْأَصْل وَإِصْلَاح بِجُزْء من الثَّمَرَة وَكَذَلِكَ فعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَدم الشَّاة وَأَصْلَحهَا بِجُزْء من اللَّبن
وَيحْتَمل أَن يُقَال إِن اللَّبن مَمْلُوك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسقاها تفضلا لِأَنَّهُ ببركاته كَانَ وَعَن دُعَائِهِ وجد وَالْفِقْه الأول أدق وألطف
انْتهى
قَالَ ابْن الزملكاني وكلا الْوَجْهَيْنِ لَا يَنْفَكّ عَن نظر
وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك فِي مَحل الْمُسَامحَة أَو مَأْذُون ذَلِك فِيهِ فِي مثل هَذَا الْحَال لحاجتهما إِلَى اللَّبن أَو لوُجُوب الضِّيَافَة أَو لكَون الْمَالِك مُشْتَركا
انْتهى
قلت أما النّظر فِي وَجْهي ابْن الْمُنِير فَحق فَإِن الأول لَا يتم لِأَنَّهُ لَو تمّ لجَاز مثل هَذَا النَّوْع فِي اللَّبن وَلَا مُسَاقَاة فِيهِ ولكان وَقع عقد بَينهمَا وَلم يَقع ولكانت الْقيمَة إِمَّا نِصْفَيْنِ عَن السوية وَإِمَّا على مَا يَقع عَلَيْهِ الْإِنْفَاق لَو فرض وَلم ينْقل وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا وَقع أَيْضا
وَالثَّانِي قد يُقَال عَلَيْهِ لَا يلْزم من نمو مَال زيد بدعوة عَمْرو أَن يملك عَمْرو الْقدر النامي
وَالَّذِي عِنْدِي فِي هَذَا أَن اللَّبن ملك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَلِكَ الشَّاة نَفسهَا

فالنبي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَلَا يحْتَاج إِلَى إِذن من أحد وَمَا يلْزم على ذَلِك من اجْتِمَاع مالكين على مَمْلُوك وَاحِد لَا مَحْذُور فِيهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي بعض تعاليقنا
وَهَذَا كَمَا أَن الْوُجُود بأسره ملك لله تَعَالَى ملكا حَقِيقِيًّا وَملك كل مَالك مَا ملكه الله وَهَكَذَا نقُول إِن الْوُجُود بأسره ملك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَصَرَّف فِيهِ كَيفَ يَشَاء وَإِذا ازْدحم هُوَ وَبَعض الْملاك فِي شَيْء كَانَ أَحَق لِأَنَّهُ مَالك مُطلق وَلَا كَذَلِك غَيره لِأَن كل وَاحِد وَإِن ملك شَيْئا فَعَلَيهِ فِيهِ الْحجر من بعض الْوُجُوه
ولي أرجوزة فِي خَصَائِص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومعجزاته مِنْهَا
(وَهُوَ إِذا احْتَاجَ إِلَى مَال الْبشر ... أَحَق من مَالِكه بِلَا نظر)
(لِأَنَّهُ أولى بِذِي الْإِيمَان ... من نَفسه بِالنَّصِّ فِي الْقُرْآن)
وَذكر الشَّيْخ كَمَال الدّين إشْكَالًا ذكره ابْن الْمُنِير فِي حَدِيث قتل كَعْب ابْن الْأَشْرَف حَاصله أَن النّيل من عرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفر وَلَا تُبَاح كلمة الْكفْر إِلَّا بِالْإِكْرَاهِ فَكيف استأذنوه عَلَيْهِ السَّلَام أَن ينالوا مِنْهُ بألسنتهم استدراجا لِلْعَدو وَأذن لَهُم
وَأجَاب عَنهُ بِأَن كَعْبًا كَانَ يحرض على قتل الْمُسلمين وَفِي قَتله خلاص من ذَلِك فَكَأَنَّهُ أكره النَّاس على النُّطْق بِهَذَا الْكَلَام بتعريضه إيَّاهُم للْقَتْل فدفعوا عَن أنفسهم بألسنتهم
انْتهى
قَالَ الشَّيْخ كَمَال الدّين فِي هَذَا الْجَواب نظر لَا يخفى وَيحْتَمل أجوبة مِنْهَا أَن النّيل لم يكن صَرِيحًا فِي الْكفْر بل كَانَ تعريضا يُوهم الْمُخَاطب لَهُم فِيهِ مَقَاصِد صَحِيحَة وَذَلِكَ فِي الخديعة قد يجوز
وَمِنْهَا أَنه كَانَ بِإِذْنِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ صَاحب الْحق وَقد أذن فِي حَقه لمصْلحَة شَرْعِيَّة وَلَا نسلم دُخُول هَذِه الصُّورَة فِيمَا يكون كفرا انْتهى
قلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَأْذَن إِلَّا فِي جَائِز وسبه لَا يجوز أصلا وَالْوَاقِع التَّعْرِيض دون صَرِيح السب وَالْحَامِل عَلَيْهِ الْمصلحَة حَيْثُ اقتضاها الْحَال وَكَانَ فِي المعاريض مندوحة عَن الْكَذِب وَمن فَتَاوِيهِ أفتى الشَّيْخ كَمَال الدّين بِبُطْلَان إِجَارَة الجندي أقطاعه وَقد اتبع فِي ذَلِك شَيْخه الشَّيْخ تَاج الدّين بن الفركاح وَالَّذِي أفتى بِهِ النَّوَوِيّ وَالشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد وَغَيرهمَا الصِّحَّة وَهُوَ الْوَجْه سَمِعت الشَّيْخ جمال الدّين ابْن قَاضِي الزبداني مد الله فِي عمره يَحْكِي عَن الشَّيْخ كَمَال الدّين أَنه كَانَ يَقُول إِذا صلى الْإِنْسَان رَكْعَتي الاستخارة لأمر فَلْيفْعَل بعْدهَا مَا بدا لَهُ سَوَاء انشرحت نَفسه لَهُ أم لَا فَإِن فِيهِ الْخَيْر وَإِن لم تَنْشَرِح لَهُ نَفسه قَالَ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث اشْتِرَاط انْشِرَاح النَّفس
رفع إِلَيّ فِي المحاكمات مسئلة فِي رجل وقف على أَوْلَاده الْأَشْرَاف فلَان وَفُلَان وَسمي جمَاعَة أَوْلَاده للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ ثمَّ على أَوْلَادهم من بعدهمْ وعَلى أَوْلَاد أَوْلَادهم وعَلى أَوْلَاد الْأَوْلَاد من بعد آبَائِهِم وأسفل ذَلِك من أَعْقَابهم وأنسابهم طبقَة بعد طبقَة وقرنا

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي