عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن التونسي ولي الدين

ابن خلدون

تاريخ الولادة732 هـ
تاريخ الوفاة808 هـ
العمر76 سنة
مكان الولادةتونس - تونس
مكان الوفاةالقاهرة - مصر
أماكن الإقامة
  • غرناطة - الأندلس
  • تلمسان - الجزائر
  • فاس - المغرب
  • تونس - تونس
  • الإسكندرية - مصر
  • القاهرة - مصر

نبذة

عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن جَابر ابْن مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم ولي الدَّين الإشبيلي الأصل التونسي ثمَّ القاهري المالكي الْمَعْرُوف بِابْن خلدون ولد في أول رَمَضَان سنة 732 اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بتونس وَحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين ومختصر ابْن الْحَاجِب الفرعي والتسهيل فِي النَّحْو وتفقه بِجَمَاعَة من أهل بَلَده وَسمع الحَدِيث هُنَالك وَقَرَأَ في كثير من الْفُنُون وَمهر في جَمِيع ذَلِك لاسيما الأدب وفن الْكِتَابَة ثمَّ توجه في سنة 753 إِلَى فاس فَوَقع بَين يدي سلطانها ثمَّ امتحن واعتقل نَحْو عَاميْن

الترجمة

عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن جَابر ابْن مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم ولي الدَّين
الإشبيلي الأصل التونسي ثمَّ القاهري المالكي الْمَعْرُوف بِابْن خلدون ولد في أول رَمَضَان سنة 732 اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بتونس وَحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين ومختصر ابْن الْحَاجِب الفرعي والتسهيل فِي النَّحْو وتفقه بِجَمَاعَة من أهل بَلَده وَسمع الحَدِيث هُنَالك وَقَرَأَ في كثير من الْفُنُون وَمهر في جَمِيع ذَلِك لاسيما الأدب وفن الْكِتَابَة ثمَّ توجه في سنة 753 إِلَى فاس فَوَقع بَين يدي سلطانها ثمَّ امتحن واعتقل نَحْو عَاميْنِ ثمَّ ولي كِتَابَة السِّرّ وَكَذَا النظر في الْمَظَالِم ثمَّ دخل الأندلس فَقدم غرناطة في أَوَائِل ربيع الأول سنة 764 وتلقاه سلطانها ابْن الأحمر عِنْد قدومه ونظمه فِي أهل مَجْلِسه وَكَانَ رَسُوله إلى عَظِيم الفرنج بإشبيلية فَقَامَ بالأمر الذى ندب اليه ثمَّ توجه فِي سنة 766 إلى بجاية ففوض إليه صَاحبهَا تَدْبِير مَمْلَكَته مُدَّة ثمَّ اسْتَأْذن في الْحَج فَأذن لَهُ فَقدم الديار المصرية في ذي الْقعدَة سنة 784 فحج ثمَّ عَاد إلى مصر فَتَلقاهُ أَهلهَا وأكرموه وَأَكْثرُوا من ملازمنه والتودد إليه وتصدر للاقراء فِي الْجَامِع الأزهر مُدَّة ثمَّ قَرَّرَهُ الظَّاهِر برقوق في قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالديار المصرية فِي جُمَادَى الآخرة سنة 786 وفتك بِكَثِير من الموقعين وَصَارَ يُعَزّر بالصفح ويسميه الزج فإذا غضب على إنسان قَالَ زجوه فيصفع حَتَّى تحمّر رقبته وعزل ثمَّ أُعِيد وتكرر لَهُ ذَلِك حَتَّى مَاتَ قَاضِيا فجاءه فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء لأَرْبَع بَقينَ من رَمَضَان سنة 808 ثَمَان وثمان مائَة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة خَارج بَاب النَّصْر وَدخل مَعَ الْعَسْكَر فِي أَيَّام انْفِصَاله عَن الْقَضَاء لقِتَال تيمور فَقدر اجتماعه بِهِ وخادعه وخلص مِنْهُ بعد أَن أكْرمه وزوده قَالَ بعض من تَرْجَمَة انه كَانَ فِي بعض لاياته يكثر من سَماع المطربات ومعاشرة الأحداث وَقَالَ آخر كَانَ فصيحاً مفوّها جميل الصُّورَة حسن الْعشْرَة اذا كَانَ معزولاً فأما إذا ولي فَلَا يعاشر بل يَنْبَغِي أن لَا يرى وَقَالَ ابْن الْخَطِيب أنه رجل فَاضل جم الْفَضَائِل رفيع الْقدر أصيل الْمجد وقور الْمجْلس عالي الهمة قوي الجأش مُتَقَدم في فنون عقلية ونقلية مُتَعَدد المزايا شَدِيد الْبَحْث كثير الْحِفْظ صَحِيح التَّصَوُّر بارع الْخط حسن الْعشْرَة وَأثْنى عَلَيْهِ المقريزي وَكَانَ الْحَافِظ أَبُو الْحسن الهيثمي يُبَالغ في الغض مِنْهُ قَالَ الْحَافِظ بن حجر فَلَمَّا سَأَلته عَن سَبَب ذَلِك ذكر لي أَنه بلغه أَنه قَالَ في الْحُسَيْن السبط رضي الله عَنهُ أنه قتل بِسيف جده ثمَّ أرْدف ذَلِك بلعن ابْن خلدون وسبه وَهُوَ يبكي قَالَ ابْن حجر لم تُوجد هَذِه الْكَلِمَة في التَّارِيخ الْمَوْجُود الآن وَكَأَنَّهُ كَانَ ذكرهَا فِي النُّسْخَة الَّتِى رَجَعَ عَنْهَا قَالَ وَالْعجب أن صاحبنا المقريزي كَانَ يفرط في تَعْظِيم ابْن خلدون لكَونه كَانَ يجْزم بِصِحَّة نسب بني عبيد الدَّين كَانُوا خلفاء يمصر وَيُخَالف غَيره فِي ذَلِك وَيدْفَع مَا نقل عَن الْأَئِمَّة من الطعْن فِي نسبهم وَيَقُول إنما كتبُوا ذَلِك الْمحْضر مُرَاعَاة للخليفة العباسي وَكَانَ المقريزي ينتمي إِلَى الفاطميين كَمَا سبق فَأحب ابْن خلدون لكَونه أثبت نسبهم وَجَهل مُرَاد ابْن خلدون فإنه كَانَ لانحرافه عَن العلوية يثبت نسبه العبيديين اليهم لما اشْتهر من سوء معتقدهم وَكَون بَعضهم نسب إلى الزندقة وادعاء الإلهية كالحاكم فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يَجْعَل ذَلِك ذَرِيعَة إلى الطعْن هَكَذَا حَكَاهُ السخاوي عَن ابْن حجر وَالله أعلم بِالْحَقِيقَةِ وإذا صَحَّ صُدُور تِلْكَ الْكَلِمَة عَن صَاحب التَّرْجَمَة فَهُوَ مِمَّن أضلّهُ الله على علم وَقد صنّف تَارِيخا كَبِيرا فِي سبع مجلدات ضخمة أبان فِيهَا عَن فصاحة وبراعة وَكَانَ لَا يتزيا بزي الْقُضَاة بل مُسْتَمر على زي بِلَاده وَله نظم حسن فَمِنْهُ
(أسرفن في هجري وَفِي تعذيبي ... وأطلن موقف عبرتى ونحيبى)
(وأبيين يَوْم الْبَين وَقْفَة سَاعَة ... لوداع مشغوف الْفُؤَاد كئيب)
وترجمه ابْن عمار أحد من أَخذ عَنهُ فَقَالَ الْأُسْتَاذ المنوّه بِلِسَانِهِ سيف المحاضرة كَانَ يسْلك في أقرائه للأصول مَسْلَك الأقدمين كالغزالي وَالْفَخْر الرازي مَعَ الإنكار على الطَّرِيقَة الْمُتَأَخِّرَة الَّتِى أحدثها طلبة الْعَجم وَمن تَبِعَهُمْ من التوغل في المشاحة اللفظية والتسلسل في الحدبة والرسمية اللَّتَيْنِ أثارهما الْعَضُد وَأَتْبَاعه فِي الحواشى عَلَيْهِ وَينْهى النَّاقِل غُضُون اقرأئه عَن شئ من هَذِه الْكتب مُسْتَندا إِلَى أَن طَريقَة الأقدمين من الْعَرَب والعجم وكتبهم في هَذَا الْفَنّ على خلاف ذَلِك وَأَن اخْتِصَار الْكتب في كل فن والتقيد بالألفاظ على طَريقَة الْعَضُد وَغَيره من محدثات الْمُتَأَخِّرين وَالْعلم وَرَاء ذَلِك كُله قَالَ وَله من المؤلفات غير الانشاآت النثرية والشعرية الَّتِى هى كالسحر التَّارِيخ الْعَظِيم المترجم بالعبر فِي تَارِيخ الْمُلُوك والأمم والبربر حوت مقدمته جَمِيع الْعُلُوم

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني

 

 

 

عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، وليّ الدين الحضرميّ الإشبيلي، من ولد وائل بن حجر:
الفيلسوف المؤرخ، العالم الاجتماعي البحاثة. أصله من إشبيلية، ومولده ومنشأه بتونس. رحل إلى فاس وغرناطة وتلمسان والأندلس، وتولى أعمالا، واعترضته دسائس ووشايات، وعاد إلى تونس. ثم توجه إلى مصر فأكرمه سلطانها الظاهر برقوق. وولي فيها قضاء المالكية، ولم يتزيّ بزيّ القضاة محتفظا بزيّ بلاده. وعزل، وأعيد. وتوفي فجأة في القاهرة.
كان فصيحا، جميل الصورة، عاقلا، صادق اللهجة، عزوفا عن الضيم، طامحا للمراتب العالية. ولما رحل إلى الأندلس اهتزّ له سلطانها، وأركب خاصته لتلقيه، وأجلسه في مجلسه.
اشتهر بكتابه (العبر وديوان المبتدإ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر - ط) في سبعة مجلدات، أوّلها (المقدمة) وهي تعد من أصول علم الاجتماع، ترجمت هي وأجزاء منه إلى الفرنسية وغيرها. وختم (العبر) بفصل عنوانه (التعريف بابن خلدون) ذكر فيه نسبه وسيرته وما يتصل به من أحداث زمنه. ثم أفرد هذا الفصل، فتبسّط فيه، وجعله ذيلا للعبر، وسماه (التعريف بابن خلدون، مؤلف الكتاب، ورحلته غربا وشرقا - ط) ومن كتبه (شرح البردة) وكتاب في (الحساب) ورسالة في (المنطق) و (شفاء السائل لتهذيب المسائل - ط) وله شعر. وتناول كتّاب من العرب وغيرهم، سيرته وآراءه، في مؤلفات خاصة، منها (حياة ابن خلدون - ط) لمحمد الخضر بن الحسين، و (فلسفة ابن خلدون - ط) لطه حسين، و (دراسات عن مقدمة ابن خلدون - ط) لساطع الحصري، جزآن، و (ابن خلدون، حياته وتراثه الفكري - ط) لمحمد عبد الله عنان، و (ابن خلدون - ط) ليوحنا قمير، ومثله لعمر فروخ .

-الاعلام للزركلي-

 

 

 

ابن خلدون: هو عبدُ الرحمن بنُ محمدٍ الحضرميُّ، الإشبيليُّ، المغربيُّ، الفقيهُ، الإمامُ، الكاتبُ، البليغُ، المؤرخُ، الحكيمُ المشهورُ.
قال لسان الدين بن الخطيب: ينسب سلفه إلى وائل بن حجر، تناسلوا على حشمة وسراوة ورسوم حسنة، وأما هو، فرجل فاضل، حسن الخلق، جم الفضائل، باهر الخصال، رفيع القدر، ظاهر الحياء، أصيل المجد، وقور المجلس، خاصي الزي، عالي الهمة، عَزوف عن الضيم، صعب المقادة، قوي الجأش، طامح لقنن الرئاسة، خاطب للحظ، متقدم في فنون عقلية ونقلية، متعدد المزايا، سديد البحث، كثير الحفظ، صحيح التصور، بارع الخط، مغري بالخلة، جواد، حسن العشرة، مبذول المشاركة، مقيم لرسم التعين، عاكف على رعي خلال الأصالة، مفخر من مفاخر التخوم المغربية.
قرأ القرآن، وتأدب بأبيه، وأخذ عن المحدث ابن جابر، وحضر مجلس القاضي ابن عبد السلام، وروى عن الحافظ السيطي، وأخذ المنطق وسائر الفنون الحكمية، وكان يشهد له بالتبريز في جميع ذلك، ودخل مكة، وأدى فريضة الحج، وأكب على التدريس والتصنيف، ومن مؤلفاته رحلة كثيرة الفائدة، وشرح البردة شرحًا بديعًا، ولخص محصل الرازي، ونظمُه جيد أتى فيه بكل غريبة، وأما تاريخه الكبير الموسوم بكتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر"، فهو تاريخ حافل، كثير الفوائد، كبير الحجم، دل به على اطلاع كثير، وهذا الكتاب فذ بما تضمنه من شوارد الفوائد، ونوابغ الكلم، وهو جديد النزعة، غريب الوضع، أجاد في تصنيفه، وألبسه رونق البلاغة، ودل به على غزارة مادته، ومشاركته في كثير من العلوم، وتضلعه من الأدب، وخبرته بالسياسة والأحكام الشرعية، مع ضبط التجديد، وحسن الأسلوب، وقد لعبت أيدي النساخ بكتابه، فأحدثت خللاً كثيرًا في ضبط الأعلام والتواريخ، ولا تحسن نسبة ذلك إلى المؤلف؛ لما علمت من سعة علمه وتحقيقه واطلاعه، وتقلبه في مراتب العلم والأحكام، ولا يصح الظن بأنه لم يتهيأ له مراجعته وتهذيبه، فبقي فيه ما ذكر من الخلل. ذكر له الخوري في "الآثار" ترجمة حافلة، وأبان حال هذا التاريخ، طبع بجملته في مصر سنة 1284 في سبع مجلدات.
قال: وبالجملة: إن تاريخه من أجل التواريخ القديمة، وأحواها للفوائد، وهو من الآثار العربية، وقد ختمه بالتعريف بنفسه، انتهى.
قلت: وهو عندي موجود، وقفت عليه، وانتفعت به كثيرًا في مؤلفاتي، ولله الحمد.
وفي "البدر الطالع" في ترجمة عبد الرحمن بن خلدون: صاحب كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر"، ولد في أول رمضان سنة 732 بتونس، قال ابن الخطيب: إنه رجل فاضل، جم الفضائل، رفيع القدر، أصيل المجد، وقور المجلس، عالي الهمة، قوي الجأش، مقدم في فنون عقلية ونقلية، متعدد المزايا، شديد البحث، كثير الحفظ، صحيح التصور، بارع الخط، حسن العشرة، أثنى عليه المقريزي، وكان الحافظ أبو الحسن الهيثمي يبالغ في الحط منه.

قال الحافظ ابن حجر، فلما سألته عن سبب ذلك؟ ذكر في أنه بلغه أنه قال في الحسين السبط - رضي الله عنه -: إنه قتل بسيف جده، ثم أردف ذلك بلعن ابن خلدون وسبه، وهو يبكي، قال ابن حجر: لم توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن، وكأنه كان ذكرها في النسخة التي رجع عنها، قال: والعجب أن صاحبنا المقريزي كان يفرط في تعظيم ابن خلدون؛ لكونه كان يجزم بصحة نسب بني عبيد الذين كانوا خلفاء بمصر، ويخالف غيره في ذلك، ويدفع ما نقل عن الأئمة من الطعن في نسبهم.
ويقول: إنما كتبوا ذلك المحضر مراعاة للخليفة العباسي، وكان المقريزي ينتمي إلى الفاطميين، فأحب ابنَ خلدون؛ لكونه أثبتَ نسبهم، وجهل مرادَ ابن خلدون؛ فإنه كان لانحرافه عن العلوية يثبت نسب العبيديين إليهم؛ لما اشتهر من سوء معتقدهم، وكون بعضهم نسب إلى الزندقة، وادعى الإلهية؛ كالحاكم، فكأنه أراد أن يجعل ذلك ذريعة إلى الطعن، هكذا حكاه السخاوي عن ابن حجر، والله أعلم بالحقيقة. وإذا صح صدور تلك الكلمة عن صاحب الترجمة، فهو ممن أضله الله على علم، وختم على سمعه وبصره، انتهى.

التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

 

عبد الرحمن بن خلدون، نابغة الفلسفة التاريخية، توفي على خطة قضاء المالكية بمصر سنة 808 هـ.

وهو من أشهر تلاميذقاضي الجماعة الشيخ المتبحر محمد بن عبد السلام الهواري التونسي، 

الكتاب: الإمام المازري - حَسن حُسني بن صالح الصُّمادحي التجيبي. -بتصرف-

 

 

 

قاضي القضاة ولي الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي: الإشبيلي أصلاً التونسي مولداً، الحافظ المتبحر في سائر العلوم الرحال المطلع الجهبذ المفضال الإخباري العجيب الكاتب الأديب سارت أخباره مسير الشمس وبيته عريق في الفضل والنباهة أعلامه بين رئاسة سلطانية وعلمية مدة قرون. ترجم لنفسه وسلفه ومشيخته في تأليف مستقل. أخذ عن أعلام منهم والده المتوفى سنة 749 هـ وأبو عبد الله محمد بن بدال. أخذ عنه القراءات رواية ودراية بسنده وأبو العباس القصار ومحمد بن جابر الوادي آشي سمع منه مسلماً والموطأ وبعضاً من الأمهات الخمس وناوله كتباً كثيرة في العربية والفقه وأجازه إجازة عامة وابن عبد السلام وكانت له طرق عالية وأبو عبد الله بن حيدرة والسطي وابن عبد المهيمن لازمه وأخذ عنه سماعاً وإجازة وأبو العباس الزواوي وأبو عبد الله الأبلي وأجازه وأبو عبد الله محمد الزواوي وأبو القاسم عبد الله بن رضوان وأبو القاسم الرحوي وأبو موسى عيسى ابن الإِمام وأبو عبد الله محمد بن الفخار وأبو عبد الله محمد بن هلال. رحل للأندلس والمغرب وأفاد واستفاد وأخذ عن أعلام منهم قاضي الجماعة بفاس أبو عبد الله محمد المقري المتوفي سنة 758 هـ وقاضي الجماعة أبو القاسم محمد بن يحيى البرجي المتوفى سنة 786 هـ وأبو القاسم الشريف السبتي وأبو البركات محمد ابن الحاج البلفيقي وأبو عبد الله محمد بن أحمد الشريف التلمساني. وعنه جلة منهم ابن مرزوق الحفيد والدماميني والبسيلي والبساطي وابن عمار وابن حجر ومن لا يعد كثرة. شرح البردة شرحاً بديعاً ولخص كثيراً من كتب ابن رشيد وله تعليق في المنطق ولخص محصل الفخر الرازي وألّف في الحساب وأصول الفقه وألّف تاريخه السير والعبر المشهور الذي عرفه الخاصة والجمهور عظيم النفع والفائدة يشتمل على مقدمة وثلاثة كتب بدأ في المقدمة بالانتقاد التاريخي ثم بحث عن حال الجمعية التأنيسية البشرية في بداية أمرها وخطط الكرة الأرضية بإيجاز وبحث عن عظمة تأثير تنوعات الأقاليم في النوع الإنساني وعن الأسباب الموجبة لعلو شأن الممالك وانحطاطها وعن الشغل من حيث هو وعدد الصنائع العقلية والعملية وعن ترتيب العلوم حسب موضوعاتها وأيد قوله بأمثلة غريبة استمدها من التواريخ السنوية التي عند الأمم قال تلميذه الحافظ ابن حجر في تأليفه لمسمى بإنباء الغمر حين عرف بشيخه المذكور صنف التاريخ الكبير في سبع مجلدات ضخمة ظهرت فيها فضائله وأبان فيه عن براعة ولم يكن مطلعاً على الأخبار جليها ولا سيما أخبار المشرق وأجاب عن ذلك الشهاب المقري في أزهار الرياض بما محصله وربما يقع الغلط في تاريخ أهل المغرب لبعد الديار ولغير ذلك كما لا يخفى، كما أن كثيراً من المغاربة لا يحررون تاريخ المشارقة لما ذكر، تولى قضاء القضاة بالقاهرة وقضاء حلب وفي وقعة تيمورلنك وقع أسيراً سميراً وجال في الأقاليم، وله مع ملوك تونس والمغرب والأندلس والقاهرة والعراق أمور يطول ذكرها وكان بينه وبين ابن عرفة مشاحنة رحم الله الجميع موجبها المعاصرة. مولده بتونس في رمضان سنة 732 هـ وتوفي بالقاهرة في رمضان سنة 807 هـ[1404 م] ودفن بمقابر الصوفية.
 شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف

 

 

 

 

عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر ابن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن خلدون (قال ابن خلدون في تاريخه الكبير-فى صدر ترجمته الذاتية: أصل هذا البيت من إشبيلية. انتقل عند الجلاء وغلب ملك الجلالقة ابن أذفونش عليها إلى تونس في أواسط المائة السابعة).
نسبه في حضرموت، من عرب اليمن إلى وائل بن حجر، من قبائل العرب، وأصل بيتهم من إشبيلية، ثم انتقلوا منها عند الجلاء، وغلب ملك الجلالقة ابن أذفونش عليها إلى تونس في أواسط المائة السابعة.
ولد ابن خلدون المذكور بتونس في غرة رمضان سنة 732  قرأ القرآن العظيم على الأستاذ أبى عبد الله: محمد بن برّال الأنصارى، وتعلم العربية على والده، وعلى الأستاذ أبى عبد الله: محمد بن العربى الحصائرى، صاحب شرح التسهيل، وعلى أبى عبد الله بن الشواش الزرزالى، وعلى أحمد بن القصار صاحب شرح البردة، وسمع من قاضى الجماعة أبى عبد الله: محمد بن عبد السلام كتاب «الموطأ» وأخذ عن السّطى، وعن عبد المهيمن الحضرمي، وأحمد الزواوى الأستاذ ثم انتقل إلى مصر بعد أن كانت له رياسة عظيمة في المغرب، وتصدّر للإقراء بجامع الأزهر، من القاهرة المعزية وولى خطة القضاء بها فنوب مرات وألّف تاريخا عظيما، فى سبع مجلّدات  عظام، سمّاه بكتاب العبر، فى أخبار العرب والعجم والبربر.
وكانت وفاته سنة 808 .

«وكانت ولادته بتونس سنة 808 وهو خطا بين». راجع ترجمته في التاريخ الكبير لابن خلدون 7/ 379 - 462 وهى ترجمة ذاتية ضافية، ونيل الابتهاج ص 169 - 170، وتعريف الخلف 2/ 213 - 215، وشجرة النور 1/ 227 - 228، والضوء اللامع 4/ 145، ونفح الطيب، والعبر 7/ 379، وحسن المحاضرة 1/ 462، 2/ 189. وقد ترجم لنفسه في تاريخه فقال: (أما نشأتى) فإنى ولدت بتونس في غرة رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وربيت فى حجر والدى، رحمه الله، إلى أن أيفعت، وقرأت القرآن العظيم على الأستاذ أبى عبد الله: محمد بن نزال الأنصارى أصله من جلة الأندلس من أعمال بلنسية، أخذ عن مشيخة بلنسبة وأعمالها، وكان إماما في القراءات، وكان من أشهر شيوخه في القراءات السبع أبو العباس: أحمد بن البطوى، ومشيخته فيها وأسانيده معروفة، وبعد أن استظهرت القرآن العظيم عن حفظى قرأته عليه بالقراءات السبع المشهورة أفرادا وجمعا في إحدى وعشرين ختمة، ثم جمعتها فى ختمة واحدة أخرى، ثم قرأت برواية يعقوب ختمة واحدة واحدة جمعا بين الروايتين عنه، وعرضت عليه رحمه الله قصيدة الشاطبى اللامية في القراءات، والرائية في الرسم، وأخبرنى بهما عن الأستاذ أبى عبد الله البطوى، وغيره من شيوخه، وعرضت عليه كتاب التفسير لأحاديث الموطأ لابن عبد البر-حذا به حذو كتابه: «التمهيد على الموطأ» مقتصرا على الأحاديث فقط. ودرست عليه كتبا جمة مثل كتاب «التسهيل» لابن مالك، ومختصر ابن الخطيب، فى الفقه، ولم أكملهما بالحفظ. وفي خلال ذلك تعلمت صناعة العربية على والدى وعلى أستاذى تونس منهم الشيخ أبو عبد الله محمد العربى الحصايرى، وكان إماما في النحو وله شرح مستوف على كتاب «التسهيل». ومنهم أبو عبد الله: محمد الشواش المزازى. ومنهم أبو العباس: أحمد بن القصار، كان ممتعا في صناعة النحو، وله شرح على قصيدة البردة المشهورة في مدح الجناب النبوى، وهو حى لهذا العهد بتونس. ومنهم إمام العربية والأدب بتونس أبو عبد الله: محمد بن بحر لازمت مجلسه وأفدت عليه. وكان بحرا زاخرا في علوم اللسان وأشار على بحفظ الشعر فحفظت كتب الأشعار الستة والحماسة للأعلم وشعر. . . . وطائفة من شعر المتنبى، ومن أشعار كتاب الأغانى؟ ؟ ؟ . ولازمت أيضا مجلس إمام المحدثين بتونس شمس الدين أبى عبد الله: محمد بن جابر صاحب الرحلتين، وسمعت عليه كتاب مسلم بن الحجاج، وسمعت عليه كتاب الموطا من أوله إلى آخره.
وبعضا من الأمهات الخمس وناولنى كتبا كثيرة في العربية والفقه، وأجازنى إجازة عامة وأخبرنى عن مشايخه المذكورين أشهرهم بتونس قاضى الجماعة أبو العباس: أحمد بن الغماز الخزرجى. وأخذت الفقه بتونس عن جماعة منهم أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الحيانى، وأبو القاسم محمد القصير قرأت عليه كتاب التهذيب لأبى سعيد البرادعى مختصر المدونة، وكتاب المالكية، وتفقهت عليه، وكنت في خلال ذلك أنتاب مجلس شيخنا قاضى الجماعة أبى عبد الله: محمد بن عبد السلام مع أخى عمر رحمة الله عليهما، وأفدت منه، وسمعت عليه أثناء ذلك كتاب الموطأ للامام مالك، وكانت له طرق عالية عن أبى محمد بن هارون الطائى قبل اختلاطه. إلى غير هؤلاء من مشيخة تونس، وكلهم سمعت عليه. وكتب لى وأجازنى، ثم درجوا كلهم في الطاعون الجارف. وكان قدم علينا في جملة السلطان أبى الحسن عند ما ملك إفريقية سنة ثمان وأربعين جماعة من أهل العلم كان يلزمهم شهود مجلسه، ويتجمل بمكانهم فيه، فمنهم شيخ الفتيا بالمغرب، وإمام مذهب مالك أبو عبد الله: محمد بن سليمان السطى، فكنت أنتاب مجلسه وأفدت عليه. ومنهم كاتب السلطان أبى الحسن، وصاحب علامته التى توضع أسفل مكتوباته: إمام المحدثين أبو محمد: عبد المهيمن الحضرمى، لازمته، وأخذت عنه سماعا وإجازة: الأمهات، وكتاب الموطأ، والسير لابن إسحاق، وكتاب ابن الصلاح في الحديث، وكتبا كثيرة سرت عن حفظى، وكانت بضاعته في الحديث والفقه والعربية والأدب والمعقول وسائر الفنون مضبوطة كلها مقابلة، ولا يخلو ديوان منها عن ضبط بخط بعض شيوخه المعروفين في سنده إلى مؤلفه حتى الفقه والعربية الغريبة الإسناد إلى مؤلفها في هذه العصور. ومنهم الشيخ أبو العباس: أحمد الزواوى: إمام المغرب، قرأت عليه القرآن العظيم بالجمع الكبير بين القراءات السبع من طريقى أبى عمرو الدانى، وابن شريح لم أكملها، وسمعت عليه عدة كتب وأجازنى بالإجازة العامة. . . الخ.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ‍)

 

 

 

 

عبد الرَّحْمَن بن الْبَهَاء مُحَمَّد بن الْمُحب مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الزرندي الْمدنِي أَخُو عبد الباسط الْمَاضِي وسبط الْجمال الكازروني. / ولد فِي أول رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بتونس وَحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين ومختصر ابْن الْحَاجِب الفرعي والتسهيل فِي النَّحْو وتفقه بِأبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الحياني وَأبي الْقسم مُحَمَّد بن الْقصير وَقَرَأَ عَلَيْهِ التَّهْذِيب لأبي سعيد البراذعي وَعَلِيهِ تفقه وانتاب مجْلِس قَاضِي الْجَمَاعَة أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد السَّلَام واستفاد مِنْهُ وَعَلِيهِ وعَلى أبي عبد الله الوادياشي سمع الحَدِيث وَكتب بِخَطِّهِ أَنه سمع صَحِيح البُخَارِيّ على أبي البركات البُلْقِينِيّ وَبَعضه بالاجازة والموطأ على ابْن عبد السَّلَام وصحيح مُسلم على الوادياشي انْتهى. وَأخذ الْقرَاءَات السَّبع إفرادا وجمعا بل قَرَأَ ختمة أَيْضا ليعقوب عَن الْمكتب أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن سعد بن نزال الْأنْصَارِيّ وَعرض عَلَيْهِ الشاطبيتين والتقصي والعربية عَن وَالِده وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن الْعَرَبِيّ الحصاري وَأبي عبد الله بن بَحر والمقري أبي عبد الله مُحَمَّد بن الشواس الزواوي وَأبي عبد الله بن الْقصار ولازم الْعَلَاء أَبَا عبد الله الاشبيلي وانتفع بِهِ وَكَذَا أَخذ عَن أبي مُحَمَّد عبد الْمُهَيْمِن الْحَضْرَمِيّ وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الآبلي شيخ الْمَعْقُول بالمغرب وَآخَرين، واعتنى بالأدب وَأُمُور الْكِتَابَة والخط وَأخذ ذَلِك عَن أَبِيه وَغَيره وَمهر فِي جَمِيعه وَحفظ المعلقات وحماسة الأعلم وَشعر حبيب بن أَوْس وَقطعَة من شعر المتنبي وَسقط الزند للمعري وَتعلق بالخدم السُّلْطَانِيَّة وَولي كِتَابَة الْعَلامَة عَن صَاحب تونس ثمَّ توجه فِي سنة ثَلَاث وَخمسين إِلَى فاس فَوَقع بَين يَدي سلطانها أبي عنان ثمَّ امتحن واعتقل نَحْو عَاميْنِ ثمَّ ولي كِتَابَة السِّرّ لأبي سَالم أخي أبي عنان وَكَذَا النّظر فِي الْمَظَالِم، ثمَّ دخل الأندلس فَقدم غرناطة فِي أَوَائِل ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ وتلقاه سلطانها ابْن الْأَحْمَر عِنْد قدومه ونظمه فِي أهل مَجْلِسه، وَكَانَ رَسُوله إِلَى عَظِيم الفرنج باشبيلية فَعَظمهُ وأكرمه وَحمله وَقَامَ بِالْأَمر الَّذِي ندب إِلَيْهِ، ثمَّ توجه فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ إِلَى بجاية ففوض إِلَيْهِ صَاحبهَا تَدْبِير مَمْلَكَته مُدَّة ثمَّ نزح إِلَى تلمسان باستدعاء صَاحبهَا وَأقَام بوادي الْعَرَب مُدَّة ثمَّ توجه من بسكرة إِلَى فاس فنهب فِي الطَّرِيق وَمَات صَاحبهَا قبل قدومه وَمَعَ ذَلِك فَأَقَامَ بهَا قدر سنتَيْن، ثمَّ توجه إِلَى الأندلس ثمَّ رَجَعَ إِلَى تلمسان فَأَقَامَ بهَا أَرْبَعَة أَعْوَام، ثمَّ ارتحل فِي رَجَب سنة ثَمَانِينَ إِلَى تونس فَأَقَامَ بهَا من شعبانها إِلَى أَن اسْتَأْذن فِي الْحَج فَأذن لَهُ فاجتاز الْبَحْر إِلَى اسكندرية، ثمَّ قدم الديار المصرية فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَثَمَانِينَ فحج ثمَّ عَاد إِلَيْهَا وتلقاه أَهلهَا وأكرموه وَأَكْثرُوا ملازمته والتردد إِلَيْهِ بل تصدر للاقراء بِجَامِع الْأَزْهَر مُدَّة ولازم الطنبغا الجوباني فاعتنى بِهِ إِلَى أَن قَرَّرَهُ الظَّاهِر برقوق فِي تدريس القمحية بِمصْر ثمَّ قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالديار المصرية فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فتنكر للنَّاس بِحَيْثُ لم يقم لأحد من الْقُضَاة لما دخلُوا للسلام عَلَيْهِ مَعَ اعتذاره لمن عَتبه عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَة، وفتك فِي كثير من أَعْيَان الموقعين وَالشُّهُود وَصَارَ يُعَزّر بالصفع ويسميه الزج فَإِذا غضب على إِنْسَان قَالَ زجوه فيصفع حَتَّى تحمر رقبته، وَيُقَال إِن أهل الْمغرب لما بَلغهُمْ ولَايَته الْقَضَاء تعجبوا ونسبوا إِلَى المصريين إِلَى قلَّة الْمعرفَة بِحَيْثُ قَالَ ابْن عَرَفَة كُنَّا نعد خطة الْقَضَاء أعظم المناصب فَلَمَّا وَليهَا هَذَا عددناها بالضد من ذَلِك، وعزل ثمَّ أُعِيد وتكرر لَهُ ذَلِك حَتَّى مَاتَ قَاضِيا فَجْأَة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء لأَرْبَع بَقينَ من رَمَضَان سنة ثمن عَن سِتّ وَسبعين سنة وَدون شهر وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة خَارج بَاب النَّصْر عَفا الله عَنهُ، وَدخل مَعَ الْعَسْكَر فِي أَيَّام انْفِصَاله عَن الْقَضَاء لقِتَال تيمور فَقدر اجتماعه بِهِ وخادعه وخلص مِنْهُ بعد أَن أكْرمه وزوده وَكَذَا حج قبل ذَلِك فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَهُوَ أَيْضا مُنْفَصِل عَن الْقَضَاء ولازمه كَثِيرُونَ فِي بعض عزلاته فَحسن خلقه مَعَهم وباسطهم ومازحهم وَتردد هُوَ للأكابر وتواضع مَعَهم وَمَعَ ذَلِك لم يُغير زيه المغربي وَلم يلبس بزِي قُضَاة هَذِه الْبِلَاد لمحبته الْمُخَالفَة فِي كل شَيْء، واستكثر فِي بعض مراته من النواب والعقاد وَالشُّهُود عكس مَا كَانَ مِنْهُ فِي أول ولاياته وَكَانَ ذَلِك أحد مَا شنع عَلَيْهِ بِهِ، وَطلب بعد انْفِصَاله فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة إِلَى الْحَاجِب الْكَبِير فأقامه للخصوم وأساء عَلَيْهِ القَوْل وَادعوا عَلَيْهِ بِأُمُور كَثِيرَة أَكْثَرهَا لَا حَقِيقَة لَهُ وَحصل عَلَيْهِ من الاهانة مَا لَا مزِيد عَلَيْهِ. وَقد ولي مشيخة البيبرسية وقتا وَكَذَا تدريس الْفِقْه بقبة الصَّالح بالبيمارستان إِلَى أَن مَاتَ وتدريس الحَدِيث بالصرغتمشية ثمَّ رغب عَنهُ للزين التفهني. وَقد تَرْجمهُ جمَاعَة فَقَالَ الْجمال البشبيشي أَنه فِي بعض ولاياته تبسط بالسكن على الْبَحْر وَأكْثر من سَماع المطربات ومعاشرة الْأَحْدَاث وَتزَوج امْرَأَة لَهَا أَخ أَمْرَد ينْسب للتخليط فكثرت الشناعة عَلَيْهِ قَالَ وَكَانَ مَعَ ذَلِك أَكثر من الازدراء بِالنَّاسِ حَتَّى أَنه شهد عِنْد الاستادار الْكَبِير بِشَهَادَة فَلم يقبله مَعَ أَنه كَانَ من المتعصبين لَهُ قَالَ وَلم يشْتَهر عَنهُ فِي منصبه إِلَّا الصيانة وَأَنه بَاشر فِي أَوَاخِر مراته بلين مفرط وَعجز وخور يَعْنِي بِحَيْثُ أَنه سمع بعض نوابه وَهُوَ رَاكب بَين يَدَيْهِ يَتْلُو حِين رُؤْيَته بعض المؤرخين وَإِذا أَرَادَ الله بِقوم سوءا فَلَا مرد لَهُ فَلم يرد على مُعَاتَبَته وَقَالَ لَهُ وَقد اعتذر النَّائِب لَهُ بِمَا لم يقبله مِنْهُ إِنَّمَا أردْت أَن تبلغ ذَلِك الْجمال الْبِسَاطِيّ، قَالَ البشبيشي كَانَ فصيحا مفوها جميل الصُّورَة حسن الْعشْرَة إِذا كَانَ معزولا فَأَما إِذا ولي فَلَا يعاشر بل يَنْبَغِي أَن لَا يرى. وَقَالَ ابْن الْخَطِيب فِيمَا حَكَاهُ عَنهُ شَيخنَا: رجل فَاضل جم الْفَضَائِل رفيع الْقدر أصيل الْمجد وقور الْمجْلس عالي الهمة قوي الجأش مُتَقَدم فِي فنون عقلية ونقلية مُتَعَدد المزايا شَدِيد الْبَحْث كثير الْحِفْظ صَحِيح التَّصَوُّر بارع الْخط حسن الْعشْرَة مفخر من مفاخر الْمغرب، قَالَ هَذَا كُله فِي تَرْجَمته وَهُوَ فِي حد الكهولة وَمَعَ ذَلِك فَلم يصفه فِيمَا قَالَ شَيخنَا أَيْضا بِعلم وَإِنَّمَا ذكر لَهُ تصانيف فِي الْأَدَب وشيئا من نظمه، قَالَ شَيخنَا وَلم يكن بالماهر فِيهِ وَكَانَ يُبَالغ فِي كِتْمَانه مَعَ أَنه كَانَ جيد النَّقْد للشعر وَسُئِلَ عَنهُ الركراكي فَقَالَ عرى عَن الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة لَهُ معرفَة بالعلوم الْعَقْلِيَّة من غير تقدم فِيهَا وَلَكِن محاضرته إِلَيْهَا الْمُنْتَهى وَهِي أمتع من محاضرة الشَّمْس الغماري. وَقَالَ المقريزي فِي وصف تَارِيخه مقدمته لم يعلم مثالها وَأَنه لعزيز أَن ينَال مُجْتَهد منالها إِذْ هِيَ زبدة المعارف والعلوم ونتيجة الْعُقُول السليمة والفهوم توقف على كنه الْأَشْيَاء وتعرف حَقِيقَة الْحَوَادِث والأنباء وتعبر عَن حَال الْوُجُود وتنبىء عَن أصل كل مَوْجُود بِلَفْظ أبهى من الدّرّ النظيم وألطف من المَاء مر بِهِ النسيم، قَالَ شَيخنَا وَمَا وصفهَا بِهِ فِيمَا يتَعَلَّق بالبلاغة والتلاعب بالْكلَام على الطَّرِيقَة الجاحظية مُسلم فِيهِ وَأما مَا أطراه بِهِ زِيَادَة على ذَلِك فَلَيْسَ الْأَمر كَمَا قَالَ إِلَّا فِي بعض دون بعض غير أَن البلاغة تزين بزخرفها حَتَّى ترى حسنا مَا لَيْسَ بِحسن، قَالَ وَقد كَانَ شَيخنَا الْحَافِظ أَبُو الْحسن يَعْنِي الهيثمي يُبَالغ فِي الغض مِنْهُ فَلَمَّا سَأَلته عَن سَبَب ذَلِك ذكر لي أَنه بلغه أَنه ذكر الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فِي تَارِيخه فَقَالَ قتل بِسيف جده، وَلما نطق شَيخنَا بِهَذِهِ اللَّفْظَة أردفها بلعن ابْن خلدون وسبه وَهُوَ يبكي، قَالَ شَيخنَا فِي رفع الأصر وَلم تُوجد هَذِه الْكَلِمَة فِي التَّارِيخ الْمَوْجُود الْآن وَكَأَنَّهُ كَانَ ذكرهَا فِي النُّسْخَة الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا، وَالْعجب أَن صاحبنا المقريزي كَانَ يفرط فِي تَعْظِيم ابْن خلدون لكَونه كَانَ يجْزم بِصِحَّة نسب بني عبيد الَّذين كَانُوا خلفاء بِمصْر وشهروا بالفاطميين إِلَى عَليّ وَيُخَالف غَيره فِي ذَلِك وَيدْفَع مَا نقل عَن الْأَئِمَّة من الطعْن فِي نسبهم وَيَقُول إِنَّمَا كتبُوا ذَلِك الْمحْضر مُرَاعَاة للخليفة العباسي، وَكَانَ صاحبنا ينتمي إِلَى الفاطميين فَأحب ابْن خلدون لكَونه أثبت نسبهم وغفل عَن مُرَاد ابْن خلدون فَإِنَّهُ كَانَ لانحرافه عَن آل عَليّ يثبت نسب الفاطميين إِلَيْهِم لما اشْتهر من سوء مُعْتَقد الفاطميين وَكَون بَعضهم نسب إِلَى الزندقة وَادّعى الالهية كالحاكم وَبَعْضهمْ فِي الْغَايَة من التعصب لمَذْهَب الرَّفْض حَتَّى قتل فِي زمانهم جمع من أهل السّنة، وَكَانَ يُصَرح بِسَبَب الصَّحَابَة فِي جوامعهم ومجامعهم فَإِذا كَانُوا بِهَذِهِ المثابة وَصَحَّ أَنهم من آل عَليّ حَقِيقَة الْتَصق بآل عَليّ الْعَيْب، وَكَانَ ذَلِك من أَسبَاب النفرة عَنْهُم، وَقَالَ فِي إنبائه أَنه صنف للتاريخ الْكَبِير فِي سبع مجلدات ضخمة ظَهرت فِيهِ فضائله وَأَبَان فِيهِ عَن براعته وَلم يكن مطلعا على الْأَخْبَار على جليتها لَا سِيمَا أَخْبَار الْمشرق وَهُوَ بَين لم نظر فِي كَلَامه، قَالَ وَكَانَ لَا يتزيا بزِي الْقُضَاة بل هُوَ مُسْتَمر على طَرِيقَته فِي بِلَاده. وَقَالَ فِي مُعْجَمه: اجْتمعت بِهِ مرَارًا وَسمعت من فَوَائده وَمن تصانيفه خُصُوصا فِي التَّارِيخ، وَكَانَ لسنا فصيحا بليغا حسن الترسل وسط النّظم مَعَ معرفَة تَامَّة بالأمور خُصُوصا متعلقات المملكة وَكتب لي فِي استدعاء أجزت لهَؤُلَاء السَّادة وَالْعُلَمَاء القادة أهل الْفضل والاجادة جَمِيع مَا سَأَلُوهُ من الاجازة، وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ الْحَافِظ الافقهسي فِي مُعْجم الْجمال بن ظهيرة وهما مِمَّن أَخذ عَنهُ وسَاق لَهُ شعرًا وَقَالَ إِنَّه بَاشر الْقَضَاء بِحرْمَة وافرة، وَقَالَ الْعَيْنِيّ كَانَ فَاضلا صَاحب أَخْبَار ونوادر ومحاضرة حَسَنَة وَله تَارِيخ مليح وَكَانَ يتهم بِأُمُور قبيحة قَالَ شَيخنَا كَذَا قَالَ وَمن نظمه فِي قصيدة طَوِيلَة جدا:
(أسرفن فِي هجري وَفِي تعذيبي ... وأطلن موقف عبرتي ونحيبي)

(وَأبين يَوْم الْبَين وَقْفَة سَاعَة ... لوداع مشغوف الْفُؤَاد كئيب)

(لله عهد الظاعنين وغادروا ... قلبِي رهين صبَابَة ووجيب)
وَعِنْدِي لَهُ تقريظ فِي أَحْمد بن يُوسُف بن مُحَمَّد الشيرجي وَكَذَا لنزول الْغَيْث لِابْنِ الدماميني.
وَحكى لنا شَيخنَا الرَّشِيدِيّ من أحباره جملَة وَهُوَ وَغَيره من شُيُوخنَا مِمَّن روى لنا عَنهُ وترجمه ابْن عمار أحد من أَخذ عَنهُ بقوله الْأُسْتَاذ المنوه بِلِسَان سيف المحاضرة وسحبان أدب المحاضرة كَانَ يسْلك فِي إقرائه الْأُصُول مَسْلَك الأقدمين كَالْإِمَامِ وَالْغَزالِيّ وَالْفَخْر الرَّازِيّ مَعَ الغض والانكار على الطَّرِيقَة الْمُتَأَخِّرَة الَّتِي أحدثها طلبة الْعَجم وَمن تَبِعَهُمْ فِي توغل المشاحة اللفظية والتسلسل فِي الحدية والرسمية اللَّذين أثارهما الْعَضُد وَأَتْبَاعه فِي الْحَوَاشِي عَلَيْهِ وينهر النَّاقِل غُضُون إقرائه عَن شَيْء من هَذِه الْكتب مُسْتَندا إِلَى أَن طَريقَة الاقدمين من الْعَرَب والعجم وكتبهم فِي هَذَا الْفَنّ على خلاف ذَلِك وَإِن اخْتِصَار الْكتب فِي كل فن والتعبد بالالفاظ على طَريقَة الْعَضُد وَغَيره من محدثات الْمُتَأَخِّرين وَالْعلم وَرَاء ذَلِك كُله وَكَانَ كثيرا مَا يرتاح فِي النقول لفن أصُول الْفِقْه خُصُوصا عَن الْحَنَفِيَّة كالبزدوي والخبازي وَصَاحب الْمنَار وَيقدم البديع لِابْنِ الساعاتي على مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب قَائِلا أَنه أقعد وَأعرف بالفن مِنْهُ وزاعما أَن ابْن الْحَاجِب لم يَأْخُذهُ عَن شيخ وَإِنَّمَا أَخذه بالْقَوْل قَالَ وَهَذَا فِي فِيهِ نظر. وَله من المؤلفات غير الانشاءات النثرية والشعرية الَّتِي هِيَ كالسحر التَّارِيخ الْعَظِيم المترجم بالعبر فِي تَارِيخ الْمُلُوك والأمم والبربر حوت مقدمته جَمِيع الْعُلُوم وجلت عَن محجتها أَلْسِنَة الفصحاء فَلَا تروح وَلَا تحوم ولعمري إِن هُوَ إِلَّا من المصنفات الَّتِي سَارَتْ ألقابها بِخِلَاف مضمونها كالأغاني للاصبهاني سَمَّاهُ الأغاني وَفِيه من كل شَيْء والتاريخ للخطيب سَمَّاهُ تَارِيخ بَغْدَاد وَهُوَ تَارِيخ الْعَالم وَحلية الْأَوْلِيَاء لأبي نعيم سَمَّاهُ حلية الْأَوْلِيَاء وَفِيه أَشْيَاء جمة كَثِيرَة وَكَانَ الإِمَام أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي يَقُول كل بَيت فِيهِ الْحِلْية لَا يدْخلهُ الشَّيْطَان، وَطول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته جدا وَهُوَ كَمَا قدمت مِمَّن يُبَالغ فِي اطرائه ومدحه عَفا الله عَنْهُمَا.

ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.