أحمد بن محمد بن أحمد الإسفرايني أبي حامد

الإسفراييني

تاريخ الولادة344 هـ
تاريخ الوفاة406 هـ
العمر62 سنة
مكان الولادةإسفرايين - إيران
مكان الوفاةبغداد - العراق
أماكن الإقامة
  • إسفرايين - إيران
  • بغداد - العراق

نبذة

أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني: ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ومات في شوال سنة ست وأربعمائة، وانتهت إليه رياسة الدنيا والدين ببغداد، وعلق عنه تعاليق في شرح المزني وعلق عنه أصول الفقه، طبق الأرض بالأصحاب وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقه، واتفق الموافق والمخالف على تفضيله وتقديمه في جودة الفقه وحسن النظر ونظافة العلم.

الترجمة

أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني: ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ومات في شوال سنة ست وأربعمائة، وانتهت إليه رياسة الدنيا والدين ببغداد، وعلق عنه تعاليق في شرح المزني وعلق عنه أصول الفقه، طبق الأرض بالأصحاب وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقه، واتفق الموافق والمخالف على تفضيله وتقديمه في جودة الفقه وحسن النظر ونظافة العلم.
سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري - وكان إمام أصحاب أبي حنيفة في زمانه - فقلت: هل رأيت أنظر من الشيخ أبي حامد؟ فقال: ما رأينا أنظر منه ومن أبي الحسن الخرزي الداودي. وكان أبو الحسين البغدادي المعروف بالقدوري إمام أصحاب أبي حنيفة في عصرنا يعظمه ويفضله على كل أحد.
وحكى لي رئيس الرؤساء شرف الوزراء جمال الورى أبو القاسم علي بن الحسين رضي الله عنه عن أبي الحسين القدوري أنه قال: الشيخ أبو حامد عندي أفقه وأنظر من الشافعي؛ قال رئيس الرؤساء: واغتظت منه في هذا القول، فقلت أنا: هذا القول من أبي الحسين حمله عليه اعتقاده في الشيخ أبي حامد وتعصبه بالحنفية على الشافعي، ولا يلتفت إليه، فإن أبا حامد ومن هو أقدم منه وأعلم على بعد من تلك الطبقة، وما مثل الشافعي ومثل من بعده إلا كما قال الشاعر:
نزلوا بمكة في قبائل نوفل ... ونزلت بالبيداء أبعد منزل.
- طبقات الفقهاء / لأبو اسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.

 


أبو حامد الإسفرايني
الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد الإسفرايني، الفقيه الشافعي؛ انتهت إليه رياسة الدنيا والدين ببغداد، وكان يحضر مجلسه أكثر من ثلثمائة فقيه، وعلق على مختصر المزني تعاليق، وطبق الأرض بالأصحاب، وله في المذهب التعليقة الكبرى، وكتاب البستان، وهو صغير، وذكر فيه غرائب، وأخذ الفقه عن ابي الحسن بن المرزبان، ثم عن أبي القاسم الداركي، واتفق أهل عصره على تفضيله وتقديمه في جودة النظر.
وقال الخطيب في تاريخ بغداد: إن أبا حامد حدث بشيء يسير عن عبد الله بن عدي وأبي بكر الإسماعيلي وإبراهيم بن محمد بن عبدل الإسفرايني وغيرهم، وكان ثقة، ورأيته غير مرة، وحضرت تدريسه في مسجد عبد الله ابن المبارك، وهوالمسجد الذي في صدر قطيعة الربيع، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبعمائة متفقه، وكان الناس يقولون: لورآه الشافعي لفرح به.
وحكى الشيخ أبو إسحاق في الطبقات أن أبا الحسين القدوري الحنفي كان يعظمه ويفضله على كل أحد، وأن الوزير أبا القاسم علي بن الحسين حكى له عن القدوري أنه قال: أبو حامد عندي أفقه وانظر من الشافعي، قال الشيخ: فقلت له: هذا القول من القدوري حمله عليه اعتقاده في الشيخ أبي حامد وتعصبه بالحنفية على الشافعي رضي الله عنه، ولايلتفت إليه، فإن أباحامد ومن هو اعلم منه وأقدم على بعد من تلك الطبقة، وما مثل الشافعي ومثل من بعده إلا كما قال الشاعر:
نزلوا بمكة في قبائل نوفل ... ونزلت بالبيداء أبعد منزل
وروي عنه انه كان يقول: ما قمت من مجلس النظر قط فندمت على معنى ينبغي أن يذكر فلم اذكره، وروي أنه قابله بعض الفقهاء في مجلس المناظرة بما لا يليق، ثم أتاه في الليل معتذرا إليه، فأنشده يقول:
جفاء جرى جهرا لدى الناس وانبسط ... وعذر أتى سرا فأكد ما فرط ومن ظن أن يمحو جلي جفائه ... خفي اعتذار فهو في أعظم الغلط وكانت ولادته سنة أربع وأربعين وثلثمائة، وقدم بغداد في سنة ثلاث وستين وثلثمائة، وقال الخطيب: سنة أربع وستين، ودرس الفقه بها من سنة سبعين إلى أن توفي ليلة السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من شوال سنة ست وأربعمائة ببغداد، ودفن من الغد في داره ثم نقل إلى باب حرب في سنة عشر وأربعمائة، رحمه الله تعالى.
قال الخطيب: وصليت على جنازته في الصحراء وراء جسر أبي الدن .
وكان الإمام في الصلاة عليه أبا عبد الله بن المهتدى خطيب جامع المنصور، وكان يوماً مشهوداً بكثرة الناس وعظم الحزن وشدة البكاء.
ونسبته إلى إسفراين - بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء المهملة وكسر الياء المثناة من تحتها، وبعدها نون - وهي بلدة بخراسان بنواحي نيسابور، على منتصف الطريق إلى جرجان.
والبيت الذي تمثل به الشيخ أبو إسحاق له ثان، وهو:
حذرا عليها من مقالة كاشح ... ذرب اللسان يقول ما لم أفعل
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 


أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الأسفرايني
الشَّيْخ أَبُو حَامِد شيخ طَريقَة الْعرَاق حَافظ الْمَذْهَب وإمامه جبل من جبال الْعلم منيع وَحبر من أَحْبَار الْأمة رفيع
ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
وَقدم بَغْدَاد شَابًّا فتفقه على الشَّيْخَيْنِ ابْن الْمَرْزُبَان والداركي حَتَّى صَار أحد أَئِمَّة وقته
وَحدث عَن عبد الله بن عدي وَأبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأبي الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَبدك الإسفرايني وَغَيرهم
روى عَنهُ سليم الرَّازِيّ
قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق انْتَهَت إِلَيْهِ رئاسة الدّين وَالدُّنْيَا بِبَغْدَاد وعلق عَنهُ تعاليق فِي شرح الْمُزنِيّ وطبق الأَرْض بالأصحاب وَجمع مَجْلِسه ثَلَاثمِائَة متفقه وَاتفقَ الْمُوَافق والمخالف على تفضيله وتقديمه فِي جودة الْفِقْه وَحسن النّظر ونظافة الْعلم
انْتهى
وَقَالَ الْخَطِيب سَمِعت من يذكر أَنه كَانَ يحضر مَجْلِسه سَبْعمِائة متفقة وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ لَو رَآهُ الشَّافِعِي لفرح بِهِ
وَكَانَ عَظِيم الجاه عِنْد الْمُلُوك مَعَ الدّين الوافر والورع والزهد والاستيعاب للأوقات بالتدريس والمناظرة ومؤاخذة النَّفس على دَقِيق الْكَلَام ومحاسبتها على هفوات اللِّسَان وَإِن بدرت فِي أثْنَاء الْإِحْسَان
قَالَ أَبُو حَيَّان التوحيدي سَمِعت الشَّيْخ أَبَا حَامِد يَقُول لطاهر الْعَبادَانِي لَا تعلق كثيرا مِمَّا تسمع مني فِي مجَالِس الجدل فَإِن الْكَلَام يجْرِي فِيهَا على ختل الْخصم ومغالطته وَدفعه ومغالبته فلسنا نتكلم لوجه الله خَالِصا وَلَو أردنَا ذَلِك لَكَانَ خطونا إِلَى الصمت أسْرع من تطاولنا فِي الْكَلَام وَإِن كُنَّا فِي كثير من هَذَا نبوء بغضب الله تَعَالَى فَإنَّا مَعَ ذَلِك نطمع فِي سَعَة رَحْمَة الله
قلت وَهُوَ طمع قريب فَإِن مَا يَقع فِي المغالطات والمغالبات فِي مجَالِس النّظر يحصل بِهِ من تَعْلِيم إِقَامَة الْحجَّة وَنشر الْعلم وَبعث الهمم على طلبه مَا يعظم فِي نظر أهل الْحق ويقل عِنْده قلَّة الخلوص وتعود بركَة فَائِدَته وانتشارها على عدم الخلوص فَقرب من الْإِخْلَاص إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَهَذِه الْحِكَايَة عَن الشَّيْخ أبي حَامِد تدل على أَن مَا كَانَ يكْتب عَنهُ بِإِذْنِهِ فقد أخْلص عَنهُ وَقد كتب عَنهُ من الْعلم مَا لم يكْتب نَظِيره عَن أحد بعده فَللَّه هَذَا الْإِخْلَاص فِي هَذِه الْكَثْرَة فَإِنَّهُ طبق الدُّنْيَا بِعِلْمِهِ وَمَا كتب عَنهُ
قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ سَأَلت القَاضِي أَبَا عبد الله الصَّيْمَرِيّ وَكَانَ إِمَام أَصْحَاب أبي حنيفَة فِي زَمَانه هَل رَأَيْت أنظر من الشَّيْخ أبي حَامِد فَقَالَ مَا رَأَيْت أنظر مِنْهُ وَمن أبي الْحسن الخرزي الداوودي
قَالَ الشَّيْخ وَكَانَ أَبُو الْحُسَيْن الْقَدُورِيّ إِمَام أَصْحَاب أبي حنيفَة فِي عصرنا يعظمه ويفضله على كل أحد
أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أخبرنَا أَبُو حَفْص عمر بن عبد الْمُنعم بن القواس أخبرنَا أَبُو الْيمن زيد بن الْحسن الْكِنْدِيّ إجَازَة قَالَ أخبرنَا ابْن عبد السَّلَام أخبرنَا الشَّيْخ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَليّ الفيروزابادي قَالَ حكى لي رَئِيس الرؤساء شرف الوزراء جمال الورى أَبُو الْقَاسِم على بن الْحُسَيْن عَن أبي الْحُسَيْن الْقَدُورِيّ أَنه قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد عِنْد أفقه وَأنْظر من الشَّافِعِي
قَالَ رَئِيس الرؤساء فاغتظت مِنْهُ من هَذَا القَوْل
وَبِه إِلَى الشَّيْخ أبي إِسْحَاق قَالَ قلت هَذَا القَوْل من أبي الْحُسَيْن حمله عَلَيْهِ اعْتِقَاده فِي الشَّيْخ أبي حَامِد وتعصبه للحنفية على الشَّافِعِي وَمَا مثل الشَّافِعِي وَمثل من بعده إِلَّا كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(نزلُوا بِمَكَّة فِي قبائل نَوْفَل ... وَنزلت بِالْبَيْدَاءِ أبعد منزل)
وَعَن سليم الرَّازِيّ أَن الشَّيْخ أَبَا حَامِد كَانَ فِي أول أمره يحرس فِي بعض الدروب ويطالع الْعلم فِي زَيْت الحرس وَأَنه أفتى وَهُوَ ابْن سبع عشرَة سنة وَأقَام يُفْتِي إِلَى أَن مَاتَ وَلما قربت وَفَاته قَالَ لما تفقهنا متْنا
وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد رفيع الجاه فِي الدُّنْيَا وَوَقع من الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا أوجب أَن كتب إِلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو حَامِد اعْلَم أَنَّك لست بِقَادِر على عزلي عَن ولايتي الَّتِي ولانيها الله تَعَالَى وَأَنا أقدر أَن أكتب رقْعَة إِلَى خُرَاسَان بكلمتين أَو ثَلَاث أعزلك عَن خلافتك
وَحكى أَن قَارِئًا قَرَأَ فِي مَجْلِسه {للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا}
فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد أما الْعُلُوّ فقد أردنَا وَأما الْفساد فَمَا أردنَا
وَحكى أَنه أرسل إِلَى مصر فَاشْترى أمالي الشَّافِعِي بِمِائَة دِينَار
وَمن شعر أبي الْفرج الدَّارمِيّ صَاحب الاستذكار وَقد عَاده الشَّيْخ أَبُو حَامِد فِي مرضة مَرضهَا
(مَرضت فارتحت إِلَى عَائِد ... فعادني الْعَالم فِي وَاحِد)
(ذَاك الإِمَام ابْن أبي طَاهِر ... أَحْمد ذُو الْفضل أَبُو حَامِد)
وَمن شعر الشَّيْخ أبي حَامِد
(لَا يغلون عَلَيْك الْحَمد فِي ثمن ... فَلَيْسَ حمد وَإِن أثمنت بالغالي)
(الْحَمد يبْقى على الْأَيَّام مَا بقيت ... والدهر يذهب بالأحوال وَالْمَال)
وَمن محَاسِن الشَّيْخ أبي حَامِد أَنه اتّفق فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وثلاثمائة وُقُوع فتْنَة بَين أهل السّنة والشيعة بِبَغْدَاد بِسَبَب إِخْرَاج الشِّيعَة مُصحفا قَالُوا إِنَّه مصحف ابْن مَسْعُود وَهُوَ يُخَالف الْمَصَاحِف كلهَا فثار عَلَيْهِم أهل السّنة وثاروا هم أَيْضا ثمَّ آل الْأَمر إِلَى جمع الْعلمَاء والقضاة فِي مجْلِس فَحَضَرَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد وأحضر الْمُصحف الْمشَار إِلَيْهِ فَأَشَارَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَالْفُقَهَاء بتحريقه فَفعل ذَلِك بِمحضر مِنْهُم فَغضِبت الشِّيعَة وَقصد جمَاعَة من أحداثهم دَار الشَّيْخ أبي حَامِد ليؤذوه فانتقل مِنْهَا ثمَّ سكن الْخَلِيفَة الْفِتْنَة وَعَاد الشَّيْخ أَبُو حَامِد إِلَى دَاره
توفّي الشَّيْخ أَبُو حَامِد فِي شَوَّال سنة سِتّ وَأَرْبَعمِائَة وَدفن بداره ثمَّ نقل سنة عشرَة إِلَى الْمقْبرَة
وَعَلِيهِ تَأَول جمَاعَة من الْعلمَاء حَدِيث (يبْعَث الله لهَذِهِ الْأمة على رَأس كل مائَة سنة من يجدد لَهَا أَمر دينهَا)
وَمن الرِّوَايَة عَن الشَّيْخ أبي حَامِد
أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو عبد الله بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أخبرنَا الْحسن بن عَليّ الْخلال ويوسف ابْن أبي نصر الشقاري سَمَاعا قَالَا أخبرنَا الرشيد أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم ابْن الْهَادِي أخبرنَا عبد الله بن صابر السّلمِيّ أخبرنَا الشريف أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْحُسَيْنِي أخبرنَا الشَّيْخ الْفَقِيه الْفَاضِل أَبُو الْفَتْح سليم بن أَيُّوب الرَّازِيّ قِرَاءَة عَلَيْهِ من أصل كِتَابه أخبرنَا الشَّيْخ أَبُو حَامِد أَحْمد بن أبي طَاهِر الإسفرايني حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَبدك الشعراني أخبرنَا الْحسن بن سُفْيَان الشَّيْبَانِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن المتَوَكل الْعَسْقَلَانِي حَدثنَا الْمُعْتَمِر وَشُعَيْب بن إِسْحَاق قَالَا حَدثنَا ابْن عون عَن الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول (الْحَلَال بَين وَالْحرَام بَين وَبَين ذَلِك أُمُور مشتبهة لَا يعلمهَا كثير من النَّاس فَمن اتَّقى الْحَرَام كَانَ أوقى لدينِهِ وَعرضه وَمن وَقع فِي الشُّبْهَة وَقع فِي الْحَرَام كالراتع يرتع حول الْحمى وَإِن حمى الله فِي الأَرْض مَحَارمه وَمن يرتع حول الْحمى يُوشك أَن يَجْسُر)
قَالَ ابْن المتَوَكل وَزَاد فِيهِ غَيره عَن زَكَرِيَّا عَن الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَلا إِن فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله أَلا وَهِي الْقلب فَمَا أنكر قَلْبك فَدَعْهُ)
تَنْبِيه عَجِيب
وَقع فِي كتاب الْملَل والنحل لأبي الْفَتْح الشهرستاني فِي أَوَائِله أَن فلاسفة الْإِسْلَام الَّذين فسروا كتب الْحِكْمَة من اليونانية إِلَى الْعَرَبيَّة وَأَكْثَرهم على رَأْي أرسطاليس حنين بن إِسْحَاق وَأَبُو الْفرج الْمُفَسّر وَأَبُو سُلَيْمَان السجْزِي وَيحيى النَّحْوِيّ وَيَعْقُوب بن إِسْحَاق الْكِنْدِيّ وَأَبُو سُلَيْمَان مُحَمَّد بن معشر الْمَقْدِسِي وَأَبُو بكر بن ثَابت بن قُرَّة الْحَرَّانِي وَأَبُو تَمام يُوسُف بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي وَأَبُو زيد أَحْمد بن سهل الْبَلْخِي وَأَبُو محَارب الْحسن بن سهل وَابْن محَارب القمي وَأَبُو حَامِد أَحْمد بن مُحَمَّد الإسفزاري وَأَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن عدي والصيمري وَأَبُو نصر الفارابي وَطَلْحَة النَّسَفِيّ وَأَبُو الْحسن العامري والرئيس أَبُو عَليّ بن سينا
انْتهى مُلَخصا
وَأَبُو حَامِد الإسفزاري الْمشَار إِلَيْهِ فيلسوف من بَلْدَة إسفزار بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وبالفاء وَالزَّاي المكسورتين وَفِي آخرهَا الرَّاء مَدِينَة بَين هراة وسجستان
وَإِنَّمَا نبهت على هَذَا لِأَنَّهُ تصحف على بعض النَّاس مِمَّن تكلم معي وَقَالَ لي كَانَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد من فلاسفة الْإِسْلَام فَقلت لَهُ إِن الشَّيْخ أَبَا حَامِد شيخ الْعرَاق لَا يدْرِي الفلسفة وَلَا هُوَ من هَذَا الْقَبِيل فأحضر إِلَيّ الْكتاب وَقد تصحف عَلَيْهِ الإسفزاري بالإسفرايني فعرفته ذَلِك ثمَّ أَحْبَبْت التَّنْبِيه على ذَلِك هُنَا لِئَلَّا يَقع فِيهِ غَيره كَمَا وَقع هُوَ
وَمن الْمسَائِل والفوائد والغرائب عَنهُ
وقفت على أَكثر تعليقة الشَّيْخ أبي حَامِد بِخَط سليم الرَّازِيّ وَهِي الْمَوْقُوفَة بخزانة الْمدرسَة الناصرية بِدِمَشْق وَالَّتِي علقها الْبَنْدَنِيجِيّ عَنهُ وَنسخ أخر مِنْهَا وَقد يَقع فِيهَا بعض تفَاوت وعَلى كِتَابه فِي أصُول الْفِقْه وعَلى الْمُخْتَصر الْمُسَمّى بالرونق الْمَنْسُوب إِلَيْهِ وَكَانَ الشَّيْخ الإِمَام رَحمَه الله يتَوَقَّف فِي ثُبُوته عَنهُ وسمعته غير مرّة إِذا عزا النَّقْل إِلَيْهِ يَقُول الرونق الْمَنْسُوب إِلَى الشَّيْخ أبي حَامِد وَلَا يجْزم القَوْل بِأَنَّهُ لَهُ وَهَذِه فَوَائِد عَن الشَّيْخ أَبى حَامِد من هَذِه الْكتب أَو من غَيرهَا
قَالَ فِي التعليقة فِي كتاب الْفَرَائِض فِي تَارِيخ نزُول الْمَوَارِيث وَعَن خطّ سليم نقلته إِن غَزْوَة خَيْبَر كَانَت فِي سنة خمس
وَفِي كَلَامه مَا يشْعر أَن ذَلِك من كَلَام الشَّافِعِي وَهَذَا غَرِيب
وَنقل صَاحب الْبَيَان عَن الشَّيْخ أبي حَامِد أَنه قَالَ إِذا بَاعَ كُرْسُف بَغْدَاد وخراسان وَمَا لَا يحمل إِلَّا سنة وَكَانَ جوزه قد انْعَقَد وَقَوي وتشقق حَتَّى بدا مِنْهُ الْقطن لَا يَصح البيع كالطعام فِي سنبله
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح الْمُهَذّب وَهُوَ مَحْمُول على غلط النُّسْخَة
وَفِي الرونق هَل تجب الزَّكَاة فِي اللوز والبلوط فِيهِ قَولَانِ وَهَذَا غَرِيب
ذكر صَاحب الْحَاوِي فِي بَاب الْمُطلقَة ثَلَاثًا أَن الشَّيْخ أَبَا حَامِد ذهب إِلَى أَنه لَا يجب الْغسْل وَلَا يتَعَلَّق أَحْكَام الْوَطْء لمن أَدخل ذكره فِي الْفرج غير منتشر بِيَدِهِ لِأَنَّهُ لَا شَهْوَة إِلَّا مَعَ الانتشار
ذكر الشَّيْخ أَبُو حَامِد فِي بَاب الْوكَالَة من تعليقته
أَنه لَو شهد أَبُو الْمُوكل أَو ابناه أَبُو أَبَوَاهُ وَابْنه على الْمُوكل بِأَنَّهُ وكل لم تقبل
كَذَا نَص عَلَيْهِ فِي أثْنَاء الْبَاب
قَالَ لِأَن شَهَادَة الْأَب لَا تقبل لِابْنِهِ وَشَهَادَة الابْن لَا تقبل لِأَبِيهِ
كَذَا رَأَيْته مَجْزُومًا بِهِ فِي عَامَّة مَا وقفت عَلَيْهِ من النّسخ بالتعليقة وَنَقله عَنهُ صَاحب الْبَيَان وَنَقله ابْن الصّباغ فِي الشَّامِل لكنه لم يُصَرح بِأَن الشَّيْخ أَبَا حَامِد قَائِله بل غزاه إِلَى بَعضهم ورده وسأحكي لَفْظهمَا
وَهَذِه الْمَسْأَلَة وَقعت بِدِمَشْق سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة
قَالَ الشَّيْخ برهَان الدّين بن الفركاح فِي كتاب الشَّهَادَات من تعليقته وَلم أَجدهَا بخصوصها منقولة وَخرج فِيهَا خلافًا من مسَائِل ثمَّ ذكر بعد ذَلِك أَنه وجدهَا فِي الْبَيَان
قلت وَلَفظ ابْن الصّباغ فِيهَا فَإِن شهد للْوَكِيل أَو الْمُوكل أَبَوَاهُ أَو ابناه قَالَ أَصْحَابنَا لَا تثبت وكَالَته لِأَنَّهُ يثبت بذلك التَّصَرُّف على الْمُوكل فَهِيَ شَهَادَة لَهُ وَفِيه نظر لِأَن هَذِه الْوكَالَة تثبت بقول الْمُوكل وَيسْتَحق الْوَكِيل بذلك الْمُطَالبَة بِالْحَقِّ وَمَا يثبت بقوله يثبت بِشَهَادَة الْقَرَابَة عَلَيْهِ كَالْإِقْرَارِ انْتهى
وَعبارَة العمراني فِي الْبَيَان وَإِن شهد بِالْوكَالَةِ أَبَوا الْمُوكل أَو ابناه فَذكر الشَّيْخ أَبُو حَامِد أَنَّهُمَا لَا يقبلان لِأَنَّهُمَا يثبتان بذلك التَّصَرُّف عَن الْمُوكل فَهِيَ شَهَادَة لَهُ
قَالَ ابْن الصّباغ وَفِيه نظر انْتهى
وَحكى بَقِيَّة كَلَام ابْن الصّباغ بنصه
قلت وَقَالَ الشَّيْخ برهَان الدّين يَنْبَغِي أَن يكون فِي الْمَسْأَلَة خلاف لِأَن الشَّهَادَة فِي الِابْتِدَاء لَيست للْأَب بل لأَجْنَبِيّ وَهُوَ الْوَكِيل لَكِنَّهَا تَتَضَمَّن إِثْبَات فَائِدَة للْأَب فَيكون مَأْخَذ الْخلاف أَن الْعبْرَة بِالِابْتِدَاءِ أَو بالتضمن
وَكَانَ الشَّيْخ برهَان الدّين رَحمَه الله إِذْ ذَاك ابْن سِتّ وَثَلَاثِينَ سنة فَأخْرج لَهُم قبل أَن يجد مَا فِي الْبَيَان قَول الرَّافِعِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيّ عَن حِكَايَة قَول القَاضِي أبي سعد فِي عبد فِي يَد زيد ادّعى مُدع أَنه اشْتَرَاهُ من عَمْرو بعد مَا اشْتَرَاهُ عَمْرو بن زيد صَاحب الْيَد وَقَبضه وطالبه بِالتَّسْلِيمِ وَأنكر زيد جَمِيع ذَلِك فَشهد ابناه للْمُدَّعِي بِمَا يَقُوله فَإِن الرَّافِعِيّ قَالَ حكى القَاضِي أَبُو سعد فِيهِ قَوْلَيْنِ أَحدهمَا رد شَهَادَتهمَا لتضمنها إِثْبَات الْملك لأبيهما وأصحهما الْقبُول لِأَن الْمَقْصُود بِالشَّهَادَةِ فِي الْحَال الْمُدَّعِي وَهُوَ أَجْنَبِي عَنْهُمَا
وَذكر أَيْضا من كَلَام ابْن الصّلاح فِي فَتَاوِيهِ مَا ذكر أَنه يقرب من ذَلِك
قلت وَالشَّيْخ أَبُو حَامِد لم يذكر فِي التعليقة من قبل نَفسه إِنَّمَا نقلهَا عَن أبي الْعَبَّاس بن سُرَيج كَذَا يظْهر لمن تَأمل أول كَلَامه وَآخره وَأَبُو الْعَبَّاس لَهُ فروع فِي الشَّهَادَة فِي الْوكَالَة ختم بهَا بَاب الْوكَالَة وخرجها على أصل الشَّافِعِي وقدماء الْعِرَاقِيّين يذكرونها فِي بَاب الْوكَالَة فَرُبمَا وقف عَلَيْهَا بعض المصنفين فَأحب تَأْخِيرهَا إِلَى مظنتها من كتاب الشَّهَادَات فَإِنَّهُ بهَا أنسب ثمَّ لما انْتهى إِلَى كتاب الشَّهَادَات نَسِيَهَا فَمن هُنَا جَاءَ إهمالها وَلذَلِك نَظَائِر كَثِيرَة أَتَى الإهمال فِيهَا من جِهَة التَّبْوِيب
مَسْأَلَة تعقبت على الشَّيْخ أبي حَامِد
اعْلَم أَنه مَا جَاءَ بعد أبي الْعَبَّاس بن سُرَيج من اشتهرت تصانيفه وَكَثُرت تلامذته واتسعت أَقْوَاله وَبعد عَن القرين فِي زَمَانه كالشيخ أبي حَامِد وَبِهَذَا الْقَيْد خرجت أَئِمَّة هم أجل مِنْهُ وهم بعد ابْن سُرَيج لَكِن لم يتهيأ لَهُم هَذَا الْوَصْف فطالما تعقب الشَّيْخ أَبُو حَامِد كَلَام أبي الْعَبَّاس وَمَا جَاءَ بعد الشَّيْخ أبي حَامِد فِي الْعِرَاقِيّين مثل القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وَقد تعقب كثيرا من كَلَام أبي حَامِد
وَمِمَّا تعقبه قَالَ فِي تعليقته فِي بَاب الْقَضَاء بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين بعد مَا ذكر أَن الْجِنَايَة الْمُوجبَة للْقصَاص لَا تثبت بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين مَا نَصه وَكَذَلِكَ إِذا قطعت يَده من الساعد لم يسمع فِيهِ الشَّاهِد وَالْيَمِين وَغلط أَبُو حَامِد الإسفرايني فِي هَذَا فَقَالَ يسمع فِيهِ الشَّاهِد وَالْيَمِين وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن هَذِه الْجِنَايَة تَتَضَمَّن الْقصاص وَلَا يسمع فِيهِ الشَّاهِد وَالْيَمِين
ثمَّ أَطَالَ فِي الرَّد عَلَيْهِ وَاسْتشْهدَ بِنَصّ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فَإِن كَانَ الْجراح هاشمة أَو مأمومة لم أقبل مِنْهُ أقل من شَاهِدين وساقها على نَحْو المناظرة بَينه وَبَين الشَّيْخ أبي حَامِد وَلَا يبعد ذَلِك فَإِن القَاضِي أَبَا الطّيب كَانَ يحضر مجْلِس أبي حَامِد وَأَيْضًا فَإِنِّي لم أرها فِي تعليقة الشَّيْخ أبي حَامِد فَدلَّ على أَن ذَلِك كَانَ مجْلِس نظر بَينهمَا وَإِنِّي ألخص المناظرة فَأَقُول
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب بعد مَا اسْتشْهد بِالنَّصِّ فِي الهاشمة والمأمومة مَا حَاصله إِذا كَانَ لَا يقبل فِي الهاشمة أقل من شَاهِدين وَإِن كَانَت توجب المَال لِأَن قبلهَا الْمُوَضّحَة وفيهَا الْقصاص فَكَذَلِك قطع الْيَد من الساعد لِأَن قبلهَا الْمفصل
قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد الْفرق بَين المسئلتين أَن الهشم يتَضَمَّن الْإِيضَاح فَيكون مباشرا للإيضاح الَّذِي ثَبت فِيهِ الْقصاص وواضعا الحديدة فِي مَوضِع ثَبت فِيهِ الْقصاص بِخِلَاف الْقطع من ساعد فَإِنَّهُ وضع الحديدة فِي مَوضِع لَا قصاص فِيهِ
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب فَيجب على هَذَا أَن تَقول إِنَّه لَا يجب الْقصاص بِتِلْكَ الْجِنَايَة من الْمفصل وَقد أجمعنا على وُجُوبه بهَا مِنْهُ وَصَارَ فِي معنى الهشم
قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد لَا أسلم أَن الْقصاص يجب بِهَذِهِ الْجِنَايَة من الْمفصل
قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب غلط أَيْضا على الْمَذْهَب لِأَن الشَّافِعِي نَص على أَنه إِذا قطع يَد رجل وَيَد الْمَقْطُوع ذَات ثَلَاث أَصَابِع وَيَد الْقَاطِع كَامِلَة الْأَصَابِع لم تقطع يَده الْكَامِلَة بِيَدِهِ النَّاقِصَة فَإِن رَضِي بِأَن يقْتَصّ مِنْهُ فِي ثَلَاث أَصَابِع اقْتصّ مِنْهُ فِيهَا وَأخذ الْحُكُومَة فِي الْبَاقِي وَهَذَا يدل على بطلَان مَا قَالَه
انْتهى
وَهُوَ مَكَان مُهِمّ قد دارت الْمُنَازعَة فِيهِ بَين هذَيْن الْإِمَامَيْنِ الجليلين وَلم أجد للرافعي وَلَا لِابْنِ الرّفْعَة عَلَيْهِ كلَاما وَأغْرب من ذَلِك أَن ابْن أبي الدَّم قد تكلم عَلَيْهِ فِي شرح الْوَسِيط وَلم يتَعَرَّض لَهُ ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب مَعَ تتبعه كَلَام ابْن أبي الدَّم
وَقد قَالَ ابْن أبي الدَّم إِن مَا ذكره القَاضِي أَبُو الطّيب طَريقَة لَهُ وَإِن الشَّيْخ أَبَا عَليّ قَالَ فِي شَرحه لمختصر الْمُزنِيّ وَلَو ادّعى على رجل أَنه قطع يَده من نصف الذِّرَاع هَل يثبت بِشَاهِد وَيَمِين فِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا الْمَنْع لِأَنَّهُ لَو ثَبت لثبت الْقصاص فِي الْكُوع وَالثَّانِي يثبت الْحُكُومَة فِي الذِّرَاع وَلَا يثبت فِي الْكُوع قصاص وَلَا دِيَة
قَالَ فَلَو ادّعى عَلَيْهِ جِنَايَة مُوجبَة لِلْمَالِ إِلَّا أَن فِي ضمنهَا مَا يُوجب الْقود كالهاشمة والموضحة فنص الشَّافِعِي أَنه لَا يثبت إِلَّا بِشَهَادَة شَاهِدين
وَحكى فِيهِ صَاحب التَّقْرِيب قولا آخر أَنه يثبت بِشَاهِد وَيَمِين وَيثبت بِهِ أرش الهاشمة وعَلى هَذَا هَل يثبت الْقصاص فِي الْمُوَضّحَة تبعا فِيهِ وَجْهَان فَالَّذِي قَالَه الشَّيْخ أَبُو حَامِد قَول لصَاحب الْمَذْهَب فَلَا وَجه لتغليطه
هَذَا ملخص كَلَام ابْن أبي الدَّم
وَمَا حَكَاهُ صَاحب التَّقْرِيب من الْوَجْهَيْنِ فِي إِثْبَات الْقصاص فِي الْمُوَضّحَة وَالْحَالة مَا ذكر مَعْرُوف بالإشكال فَإِنَّهُ كَيفَ تتبع الْمُوَضّحَة الهاشمة فِي وجوب الْقصاص والمتبوع لَا قصاص فِيهِ نعم للْخلاف فِي وجوب أرش الْمُوَضّحَة اتجاه لأَنا وجدنَا مُتَعَلقا لثُبُوت المَال وَالْمَال يستتبع المَال أما أَنه يستتبع الْقصاص فَلَا
وَجَمِيع مَا ذكره ابْن أبي الدَّم عَن صَاحب التَّقْرِيب وَعَن الشَّيْخ أبي عَليّ ذكره الرَّافِعِيّ وَابْن الرّفْعَة كِلَاهُمَا فِي بَاب دَعْوَى الدَّم والقسامة وَلم يتعرضا لكَلَام الشَّيْخَيْنِ أبي حَامِد وَالْقَاضِي أبي الطّيب
تعَارض بَين بينتي الرّقّ وَالْحريَّة
ذكر أَبُو عَاصِم الْعَبَّادِيّ أَن الشَّيْخ أَبَا حَامِد قَالَ فِي مَجْهُول النّسَب أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه حر وَأقَام الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة أَنه رَقِيق إِن بَيِّنَة الرّقّ أولى لِأَنَّهُ طارىء
قَالَ وَقَالَ غَيره إِن بَيِّنَة الْحُرِّيَّة أولى
قلت وَصرح القَاضِي أَبُو سعد فِي الإشراف بِنَقْل القَوْل بِتَقْدِيم الْحُرِّيَّة عَن جَمِيع الْأَصْحَاب غير الشَّيْخ أبي حَامِد
وَصرح الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي فِي كتاب النِّكَاح عِنْد الْكَلَام فِي خِيَار الْمُعتقَة بحكاية وَجْهَيْن أَحدهمَا التَّعَارُض وَالثَّانِي أَن بَيِّنَة الرّقّ أولى
وَالَّذِي حزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي الْفُرُوع المنثورة آخر بَاب الدعاوي أَن بَيِّنَة الرّقّ أولى
كَمَا قَالَه الشَّيْخ أَبُو حَامِد
وَمَوْضِع الْخلاف تعَارض الرّقّ وحرية الأَصْل أما الرّقّ وَالْعِتْق فَلَا يخفى أَن الْعتْق أولى وَبِه جزم الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب النِّكَاح والرافعي فِي بَاب الدَّعَاوَى وَغَيرهمَا وَهُوَ وَاضح
طبقات الشافعية الكبرى للإمام تاج الدين السبكي

 


الشيخ الفقيه أبو حامد أحمد بن أبي طاهر بن محمد بن أحمد الإسفرايني الشافعي، المتوفى ببغداد في شوال سنة ست وأربعمائة عن اثنتين وستين سنة.
ولد بإسفرايين وقدم بغداد وهو حدثٌ وتفقه بها على أبي الحسن بن المرزبان وأبي القاسم الداركي ودرَّس الفقه بها إلى أن توفي.
وكان عظيم الجاه عند الملوك والعامة وانتهت إليه رئاسة الدين والدنيا واتفق أهل عصره على تفضيله وتقديمه في جودة الفقه وحسن النظر. وكان يحضر درسه في مسجد ابن المبارك سبعمائة وله "تعاليق على مختصر المزني" وله "التعليقة الكبرى في المذهب" وكتاب " البستان" وهو صغير ذكر فيه غرائب و"الرونق" مختصر أيضاً. وكان القدوري يعظّمه.
وحدث بشيء يسير عن عبد الله بن عدي وأبي بكر الإسمعيلي وأبي إسحق إبراهيم بن محمد الإسفرايني. وروى عنه الحسن بن محمد الخلال. روي أنه قابله بعض الفقهاء في مجلس النظر بما لا يليق ثم أتاه في الليل معتذراً إليه، فأنشده:
جَفاء جَرَى جَهْراً لَدَى النّاسِ وانبسط ... وَعُذْرٌ أَتَى سرّاً فأَكَّدَ ما فَرَطْ
ومَنْ ظنَّ أنْ يَمْحو جَلِيَّ جَفائِهِ ... خَفِيُّ اعْتِذارٍ فهو في أَعْظَم الغَلَطْ
ذكره ابن خلِّكان والسُّبكي.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة. 

 


أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، أَبُو حامد الفقيه الإسفراييني:
قدم بغداد وهو حدث فدرس فقه الشافعي عَلَى أَبِي الحسن بْن المرزبان، ثم عَلَى أَبِي القاسم الداركي وأقام ببغداد مشغولا بالعلم حتى صار أوحد وقته، وانتهت إليه الرياسة وعظم جاهه عند الملوك وَالعوام، وحدث بشيء يسير عَن عَبْد اللَّه بْن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عبدك الإسفراييني، وغيرهم. حَدَّثَنَا عنه الحسن بْن مُحَمَّد الخلال، وعبد العزيز بْن عَلِيّ الأزجي، ومحمد بْن أحمد بن شعيب الروياني وكان ثقة.
وقد رأيته غير مرة وحضرت تدريسه في مسجد عبد الله بن المبارك وهو المسجد الذي في صدر قطيعة الربيع، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبعمائة متفقه، وكَانَ الناس يقولون: لو رآه الشافعي لفرح بِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شعيب الروياني، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الإسفرايينيّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَكَ الشَّعْرَانِيُّ- بأسفرايين- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَأَخْبرَنَا أَبُو سَعْدٍ الماليني- قراءة- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ المثنى الماليني، حدّثنا الحسن بن شقيق، حدّثنا محمّد بن الحسن الأعين، حدّثنا نعيم بن حمّاد، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنَ حسّان، عن محمّد ابن سِيرِينَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» . لَفْظُهُمَا سَوَاءٌ.
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الواحد المنكدري. قَالَ: قَالَ لي أَبُو حامد الإسفراييني: ولدت في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقدمت بغداد في سنة أربع وستين وثلاثمائة.
قَالَ المنكدري: ودرس الفقه من سنة سبعين إلى أن مات.
حَدَّثَنِي الحسن بْن أَبِي طالب قَالَ: أنشدنا أَبُو حامد أَحْمَد بْن أَبِي طاهر الإسفراييني قَالَ: كتب إلى قاضي مربذ:
لا يغلون عليك الحمد في ثمن ... فليس حمد وإن أثمنت بالغالي
الحمد يبقى عَلَى الأيام ما بقيت ... وَالدهر يذهب بالأحوَال وَالمال
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن روق بْن علي الأسدي قَالَ: سمعت أبا الحسين بْن القدوري يقول: ما رأينا في الشافعيين أفقه من أَبِي حامد.
وحدثني أَبُو إسحاق الشيرازي قَالَ: سألت القاضي أبا عَبْد اللَّه الصيمري. من أنظر من رأيت من الفقهاء؟ فقال: أَبُو حامد الإسفراييني أنشدني أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن علي الشيرازي قَالَ: أنشدني أَبُو الفرج الدارمي- لنفسه في أَبِي حامد الإسفراييني- وقد عاده:
مرضت فارتحت إلى عائدي ... فعادني العالم في واحد
ذاك الإمام ابْن أَبِي طاهر ... أَحْمَد ذو الفضل أَبُو حامد
ثم لقيت أبا الفرج الدارمي بدمشق فأنشدنيها.
مات أَبُو حامد في ليلة السبت لإحدى عشرة ليلة بقين من شوال سنة ست وأربعمائة. ودفن من الغد يوم السبت وصليت عَلَى جنازته في الصحراء وراء جسر أَبِي الدن، وكَانَ الإمام في الصلاة عَلَيْهِ أَبُو عَبْد اللَّه المهتدى خطيب جامع المنصور، وكَانَ يوما مشهودا بكثرة الناس وعظم الحزن، وشدة البكاء. ودفن في داره إلى أن نقل منها ودفن بباب حرب في سنة عشر وأربعمائة
ــ تاريخ بغداد وذيوله للخطيب البغدادي ــ.


أَحْمد بن مُحَمَّد [344 - 406] 
ابْن أَحْمد، الشَّيْخ أَبُو حَامِد ابْن أبي طَاهِر الإِسْفِرَايِينِيّ.
المحظوظ فِي الإفادة والتخريج، والملحوظ فِي الرياسة والتدريس.
قَالَ الْخَطِيب: الإِمَام، قدم بَغْدَاد وَهُوَ حدث، فدرس فقه الشَّافِعِي على أبي الْحسن ابْن الْمَرْزُبَان، ثمَّ على أبي الْقَاسِم الداركي، وَأقَام بِبَغْدَاد مَشْغُولًا بِالْعلمِ حَتَّى صَار أوحد وقته، وانتهت إِلَيْهِ الرياسة، وَعظم جاهه عِنْد الْمُلُوك والعوام.
وَحدث بِشَيْء يسير عَن: عبد الله بن عدي، وَأبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَابْن عَبدك الإِسْفِرَايِينِيّ وَغَيرهم.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَة، وَقد رَأَيْته غير مرّة، وَحَضَرت تدريسه فِي مَسْجِد عبد الله بن الْمُبَارك، وَهُوَ الْمَسْجِد الَّذِي فِي صدر قطيعة الرّبيع، وَسمعت من يذكر أَنه كَانَ يحضر درسه سبع مئة متفقه، وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ: لَو رَآهُ الشَّافِعِي لفرح بِهِ.
قَالَ الْخَطِيب: حَدثنِي أَبُو بكر المنكدري قَالَ: قَالَ لي أَبُو حَامِد الإسفارييني: ولدت سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَلَاث مئة، وقدمت بَغْدَاد سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مئة.
قَالَ المنكدري: ودرس الْفِقْه من سنة سبعين إِلَى أَن مَاتَ.
وروى الْخَطِيب عَن أبي الْحُسَيْن ابْن الْقَدُورِيّ قَالَ: مَا رَأينَا فِي الشافعيين أفقه من أبي حَامِد.
وَعَن القَاضِي أبي عبد الله الصَّيْمَرِيّ قَالَ: أنظر من رَأَيْت من الْفُقَهَاء أَبُو حَامِد الإِسْفِرَايِينِيّ.
وَأنْشد أَبُو الْفرج الدَّارمِيّ فِي الشَّيْخ أبي حَامِد حِين عَاده فِي مَرضه:
(مَرضت فارتحت إِلَى عائدي ... فعادني الْعَالم فِي وَاحِد)
(ذَاك الامام ابْن أبي طَاهِر ... أَحْمد ذُو الْفضل أَبُو حَامِد)
أنْشد أَبُو حَامِد لقَاضِي مرو:
(لَا يغلون عَلَيْك الْحَمد فِي ثمن ... فَلَيْسَ حمد وَإِن أثمنت بالغالي)
(الْحَمد يبْقى على الْأَيَّام مَا بقيت ... الدَّهْر يذهب بالأحوال وَالْمَال)
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: وعَلى الشَّيْخ أبي حَامِد تَأَول بعض الْعلمَاء حَدِيث أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله عز وَجل يبْعَث لهَذِهِ الْأمة على رَأس كل مئة سنة من يجدد لَهَا دينهَا ".
وَكَانَ على رَأس المئة الأولى عمر بن عبد الْعَزِيز، وَفِي الثَّانِيَة الشَّافِعِي، قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَفِي رَأس الثَّالِثَة أَبُو الْعَبَّاس ابْن سُرَيج، وَفِي رَأس الرَّابِعَة أَبُو حَامِد الإِسْفِرَايِينِيّ.
وروى الشَّيْخ بِإِسْنَادِهِ أَن ابْن الْمحَامِلِي لما عمل " الْمقنع " أنكرهُ عَلَيْهِ شَيْخه الشَّيْخ أَبُو حَامِد من جِهَة أَنه جرد فِيهِ الْمَذْهَب، وأفرده عَن الْخلاف، وَذهب إِلَى أَن ذَلِك مِمَّا يقصر الهمم عَن تَحْصِيل الفنين، وَيَدْعُو إِلَى الِاكْتِفَاء بِأَحَدِهِمَا، وَمنعه من حُضُور مَجْلِسه، فاحتال لسَمَاع درسه من حَيْثُ لَا يحضر الْمجْلس.
قَالَ الْخَطِيب: توفّي أَبُو حَامِد فِي شَوَّال سنة سِتّ وَأَرْبع مئة.
قَالَ: وَصليت على جنَازَته فِي الصَّحرَاء، وَكَانَ يَوْمًا مشهودا بِكَثْرَة النَّاس، وَعظم الْحزن، وَشدَّة الْبكاء، وَدفن فِي دَاره إِلَى أَن نقل مِنْهَا، وَدفن بِبَاب حَرْب سنة عشر وَأَرْبع مئة.
وَعَن أبي الْفَتْح سليم بن أَيُّوب أَن الشَّيْخ أَبَا حَامِد كَانَ فِي ابْتِدَاء أمره يحرس فِي درب، وَأَنه كَانَ يطالع الدَّرْس فِي زَيْت الحرس وَيَأْكُل من أُجْرَة الحرس، وَأَنه أفتى وَهُوَ ابْن سبع عشرَة سنة، وَأقَام يُفْتِي إِلَى ثَمَانِينَ سنة، وَلما دنت وَفَاته قَالَ: لما تفقهنا متْنا.
ورزق الشَّيْخ أَبُو حَامِد امْرَأَة من محتشمي أهل بَغْدَاد، وَكَانَ لَهَا مَال وَحَال كثير، تزوجت بِهِ.
وَبلغ الشَّيْخ أَبَا حَامِد أَن الْمحَامِلِي صنف " الْمجمع " و " الْمقنع " و " الْمُجَرّد "، فَقَالَ أَبُو حَامِد: بتر كتبي بتر الله عمره، فَمَا عَاشَ بعد ذَلِك إِلَّا قَلِيلا.
وَوَقع بَين أبي حَامِد والخليفة - يُقَال: إِنَّه الْقَائِم بِأَمْر الله - فِي مَسْأَلَة أفتى فِيهَا أَبُو حَامِد، فَكتب أَبُو حَامِد إِلَى الْخَلِيفَة: اعْلَم أَنَّك لست تقدر على أَن تعزلني عَن ولايتي الَّتِي ولانيها الله تَعَالَى، وَأَنا أقدر أَن أكتب رقْعَة إِلَى خُرَاسَان بكلمتين أَو ثَلَاث أعزلك عَن خلافتك.
وَأرْسل أَبُو حَامِد إِلَى مصر فَاشْترى " أمالي " الشَّافِعِي بمئة دِينَار حَتَّى كَانَ يخرج مِنْهَا، وَالله أعلم.
ويحكى أَنه قرئَ فِي مَجْلِسه قَوْله تَعَالَى: {للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا} . [الْقَصَص: 83] . فَقَالَ أَبُو حَامِد: أما الْعُلُوّ فقد أردنَا، وَأما الْفساد فَمَا أردنَا.
-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح

 


أحمد بن محمد بن أحمد، الإسفراييني، أبي حامد، نسبته إلى إسفاران، بلدة بخراسان بنواحي نيسأبير، ولد في سنة: (344هـ)، استوطن بغداد مشغولا بالعلم حتى صار إمام الشافعية في زمنه، وانتهت إليه رئاسة المذهب، وكان قد أفتى وهو ابن سبع عشرة سنة، درس على أَبي الحسن بن المرزبان، ثم على أَبي القاسم الداركي، له: مطوَّل في أصول الفقه، ومختصر في الفقه سماه "الرونق"، توفي رحمه الله في سنة: (406هـ).  ينظر: البداية والنهاية لابن كثير: 12/3، الأعلام للزِرِكلي: 1/211.

 


أحمد بن محمد بن أحمد الأسفراييني، أبو حامد:
من أعلام الشافعية. ولد في أسفرايين (بالقرب من نيسابور) ورحل إلى بغداد، فتفقه فيها وعظمت مكانته. وألف كتبا، منها مطوَّل في (أصول الفقه) ومختصر في الفقه سماه (الرونق) وتوفي ببغداد  .
-الاعلام للزركلي-