محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني أبي عبد الله

تاريخ الولادة131 هـ
تاريخ الوفاة189 هـ
العمر58 سنة
مكان الولادةواسط - العراق
مكان الوفاةالري - إيران
أماكن الإقامة
  • الري - إيران
  • الكوفة - العراق
  • بغداد - العراق
  • واسط - العراق
  • الرقة - سوريا

نبذة

محمد بن الحسن بن فرقد الشيبان. أي أصله من قرية بدمشق يقال لها "حرستا"ومولده بواسط. صحب أبا حنيفة وعنه أخذ الفقه ثم عن أبي يوسف.

الترجمة

محمد بن الحسن بن فرقد الشيبان.
أي أصله من قرية بدمشق يقال لها "حرستا"ومولده بواسط.
صحب أبا حنيفة وعنه أخذ الفقه ثم عن أبي يوسف.
وروى عن مالك، ومسعر، والثوري، وعمرو بن دينار في آخرين.
وعنه: أبي عبيد، ويحيى بن معين، وأبي سليمان الجوزجاني، ومعلى بن منصور.
وهو ابن أخت عبد الله بن مَسْلَمة الْقَعْنَبِيّ.
وله كتب عديدة.
وهو الذي نشر علم أبي حنيفة فيمن نشره.
قال محمد بن الحسن: أقمت على مالك ثلاث سنين، وسمعت منه سبعمائة حديث ونيفًا.
وعن الشافعي: سمعت أنه قال: أخذت من محمد بن الحسن وِقْر بعير، وما رأيت رجلا سمينا أخف روحًا منه، وكان روحا كلّه وكان يملأ القلب والعين.
وعن أبي عبيد: ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن.

وكان مقدمًا في علم العربية، والنحو، والحساب.
ولي قضاء الرقة للرشيد، ثم قضاء الري، وبها مات، سنة تسع وثمانين ومائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، في اليوم الذي مات فيه الكسائي فقال الرشيد: دفن الفقه والعربية بالرى.
قلت: المشهور من مشايخ محمد: عمر بن ذر الهمداني ولا أعرف عمرو بن دينار المذكور.
ومن كتب محمد رحمه الله:
"الأصل" أملاه على أصحابه رواه عنه الجوزجاني، وغيره.
و"الجامع الكبي"ر و"الجامع الصغير" و"السير الكبير" و"السير الصغير" و"الآثار" و"الموطأ" و"الفتاوي الهارونية" و"الرقية" و"الكاسانية".
رُوِيت عنه؛ وروى عنه النوادرَ جماعةٌ منهم:
ابن سماعة وابن رستم وهشام.
وقال في الفهرست للنديم: ولمحمد من الكتب: كتاب"الصلاة" وكتاب "النكاح" وكتاب"الطلاق"كتاب"العتاق وأمهات الأولاد" كتاب"السلم والبيوع" كتاب "المضاربة" الكبير، كتاب "المضاربة" الصغير، كتاب "الإجارات"الكبير، كتاب"الإجارات" الصغير، كتاب "الصرف" كتاب "الرهن" كتاب"الشفعة"كتاب"الحيض"كتاب" المزارعة"الكبير، كتاب "المفاوضة" وهي الشركة، كتاب "الوكالة" كتاب "العارية"كتاب" الوديعة" كتاب "الحوالة" كتاب "الكفالة"كتاب"الإقرار" كتاب "الدعوى والبينات" كتاب "الحيل"كتاب"المأذون"الكبير، كتاب "المأذون"الصغير، كتاب"القسمة والديات" كتاب"جنايات المدبر" كتاب "الولاء" كتاب"الشرب" كتاب "السرقة وقطاع الطريق"كتاب "الصيد والذبائح" كتاب "العتق في المرض "كتاب"العين والدين" كتاب"الرجوع عن الشهادات" كتاب"الوقوف والصدقات" كتاب"الغصب"كتاب"الدور والوصايا" كتاب"الهبة والصدقات " كتاب"الكفارات والأيمان والقود" كتاب "الوصايا" كتاب"حساب الوصايا" كتاب "الصلح" كتاب"الخنثى والمفقود" كتاب"اجتهاد الرأي"كتاب "الإكراه" كتاب"الاستحسان" كتاب"اللقيط" كتاب"الآبق" كتاب"الجامع الصغير" كتاب "أصول الفقه" كتاب"الجامع الكبير"كتاب "أمالي محمد في الفقه"وهي ... كتاب "الزيادات"كتاب " التحري"كتاب"العاقل" كتاب"الخصال"كتاب "الإجارات" الكبير، كتاب "الحج" يحتوي على عدة كتب، كتاب"الردعلى أهل المدينة" وكتاب"النوادر"رواية ابن رستم. انتهى.
تاج التراجم - لأبي الفداء زين الدين أبي العدل قاسم بن قُطلُوبغا السودوني

 

 

محمد بن الحسن بن فرقد، أبو عبد الله الشيباني مولاهم:
صاحب أبي حنيفة وإمام أهل الرأي، أصله دمشقي من أهل قرية تسمى حرستا.
قدم أبوه العراق فولد محمد بواسط، ونشأ بالكوفة. وسمع العلم بها من أبي حنيفة، ومسعر بن كدام، وسفيان الثوري، وعمر بن ذر، ومالك بن مغول.
وكتب أيضا عن مالك بن أنس، وأبى عمرو الأوزاعي، وزمعة بن صالح، وبكير ابن عامر، وأبى يوسف القاضي، وسكن بغداد وحدث بها. فروى عنه محمد بن إدريس الشافعي، وأبو سليمان الجوزجاني، وهشام بن عبيد الله الرازي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وإسماعيل بن توبة وعلي بن مسلم الطوسي، وغيرهم.
وكان الرشيد ولاه القضاء وخرج معه في سفره إلى خراسان، فمات بالري، ودفن بها.
أخبرني أبو القاسم الأزهري قال نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال أنبأنا أحمد بن معروف الخشّاب قال نبأنا الحسين بن فهم قال نبأنا محمد بن سعد قَالَ محمد بن الحسن كان أصله من أهل الجزيرة، وكان أبوه في جند أهل الشام فقدم واسطا، فولد محمد بها في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ونشأ بالكوفة وطلب العلم، وطلب الحديث، وسمع سماعا كثيرا، وجالس أبا حنيفة وسمع منه، ونظر في الرأي فغلب عليه، وعرف به، ونفذ فيه. وقدم بغداد فنزلها واختلف إليه الناس وسمعوا منه الحديث والرأي، وخرج إلى الرقة وهارون أمير المؤمنين بها، فولاه قضاء الرقة ثم عزله، فقدم بغداد، فلما خرج هارون إلي الري الخرجة الأولى أمره فخرج معه، فمات بالري سنة تسع وثمانين ومائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْمُعَدَّلُ قَالَ أنبأنا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر قَالَ أَخْبَرَنِي أبو عروبة في كتابه إلي قَالَ حَدَّثَنِي عمرو بن أبي عمرو قَالَ: قَالَ محمد بن الحسن: ترك أبي ثلاثين ألف درهم، فأنفقت خمسة عشر ألفا على النحو والشعر، وخمسة عشر ألفا على الحديث والفقة.
أَخْبَرَنَا الحسين بن عليّ الطناجيريّ قال نبأنا عمر بن أحمد الواعظ قال نبأنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد النَّيْسَابُوريّ قال نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْن عَبْدِ الْحَكَمِ.
وَأَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْن عَبْدِ اللَّهِ الطّبريّ- واللفظ له- قال نبأنا محمد بن عثمان بن الحسن القاضي قَالَ نبأنا محمّد بن يوسف الهرويّ بدمشق قال أنبأنا محمد بن عبد الحكم قَالَ سمعت الشافعي يقول قَالَ محمد بن الحسن: أقمت على باب مالك ثلاث سنين وكسرا، وكان يقول إنه سمع منه لفظا أكثر من سبعمائة حديث. قال: وكان إذا حدثهم عن غير مالك لم يجبه إلا القليل من الناس. فقال ما أعلم أحدا أسوأ نثا على أصحابه منكم، إذا حدثتكم عن مالك ملأتم على الموضع، وإذا حدّثتكم عن أصحابكم إنما تأتوني متكارهين.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي علي قال أنبأنا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر قَالَ حَدَّثَنِي مُكْرَمٌ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَطِيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ كُنَّا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، إِذْ أَقْبَلَ الرَّشِيدُ فَقَامَ إليه النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ ثَقِيلَ القلب ممتلئ البطن عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقَامَ وَدَخَلَ النَّاسُ مِنْ أَصْحَابِ الْخَلِيفَةِ، فَأَمْهَلَ الرَّشِيدُ يَسِيرًا ثُمَّ خرج الآذن. فقال محمّد ابن الحسن. فجزع أصحابه له فَأُدْخِلَ فَأَمْهَلَ، ثُمَّ خَرَجَ طَيِّبَ النَّفْسِ مَسْرُورًا فَقَالَ: قَالَ لِي مَالَكَ لَمْ تَقُمْ مَعَ النَّاسِ؟ قُلْتُ: كَرِهْتُ أَنْ أَخْرُجَ عَنِ الطَّبَقَةِ الَّتِي جَعَلْتَنِي فِيهَا، إِنَّكَ أَهَّلْتَنِي لِلْعِلْمِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ إِلَى طَبَقَةِ الْخِدْمَةِ الَّتِي هي خارجة منه، وَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» . وإنه إنما أراد بذلك العلماء، فمن قام بحق الخدمة وإعزاز الملك فهو هيبة للعدو، ومن قعد اتبع السنة التي عنكم أخذت فهو زين لكم. قَالَ: صدقت يا محمد.
ثم قَالَ إن عمر بن الخطاب صالح بني تغلب على ألا ينصروا أبناءهم، وقد نصروا أبناءهم، وحلت بذلك دماؤهم، فما ترى؟ قَالَ قلت: إن عمر أمرهم بذلك وقد نصروا أبناءهم بعد عمر، واحتمل ذلك عثمان وابن عمك، وكان من العلم ما لا خفاء به عليك، وجرت بذلك السنن، فهذا صلح من الخلفاء بعده ولا شيء يلحقك في ذلك، وقد كشفت لك العلم ورأيك أعلى. قَالَ: لكنا نجريه على ما أجروه إن شاء الله، إن الله أمر نبيه بالمشورة، فكان يشاور في أمره، ثم يأتيه جبريل عليه السّلام بتوفيق الله، ولكن عليك بالدعاء لمن ولاه الله أمرك، ومر أصحابك بذلك، وقد أمرت لك بشيء تفرقه على أصحابك، فخرج له مال كثير ففرقه.
أَخْبَرَنِي أبو الوليد الدربندي قال نا مُحَمَّد بن أبي بكر الوراق ببخارى قَالَ نا محمّد بن أحمد بن حرب قال نا أحمد بن عبد الواحد بن رفيد قَالَ سمعت أبا عصمة سعد بن معاذ يقول سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول كان محمّد ابن الحسن له مجلس في مسجد الكوفة وهو ابن عشرين سنة.
أَخْبَرَنَا علي بن المحسن التنوخي قَالَ وجدت في كتاب جدي حَدَّثَنَا الحرمي بن أبي العلاء المكي قال نبأنا إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن أبان النخعي قَالَ حدّثني هانئ بن ضيفي قَالَ حَدَّثَنِي مجاشع بن يوسف قَالَ كنت بالمدينة عند مالك وهو يفتى الناس، فدخل عليه محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة وهو حدث، فقال: ما تقول في جنب لا يجد الماء إلا في المسجد؟ فقال مالك لا يدخل الجنب المسجد. قَالَ فكيف يصنع وقد حضرت الصلاة وهو يرى الماء؟ قَالَ فجعل مالك يكرر لا يدخل الجنب المسجد.
فلما أكثر عليه قَالَ له مالك فما تقول أنت في هذا؟ قَالَ يتيمم ويدخل فيأخذ الماء من المسجد ويخرج فيغتسل. قَالَ: من أين أنت؟ قَالَ من أهل هذه- وأشار إلى الأرض- فقال ما من أهل المدينة أحد لا أعرفه. فقال: ما أكثر من لا تعرف، ثم نهض. قالوا لمالك هذا محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة. فقال مالك: محمد بن الحسن كيف يكذب وقد ذكر أنه من أهل المدينة؟ قالوا إنما قَالَ من أهل هذه وأشار إلى الأرض. قَالَ: هذا أشد على من ذاك.
كتب إليّ محمّد أبو عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي يذكر أن خيثمة بن سليمان القرشيّ أخبرهم قال نا سُلَيْمَان بن عبد الحميد البهراني قَالَ سمعت يحيى بن صالح يقول قَالَ لي ابن أكثم: قد رأيت مالكا وسمعت منه ورافقت محمد بن الحسن فأيهما كان أفقة؟ فقلت: محمد بن الحسن فيما يأخذه لنفسه أفقه من مالك.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي قال أنبأنا طلحة بْن مُحَمَّد: قَالَ حَدَّثَنِي مكرم بْن أحمد قال نا أحمد بن عطية قال سمعت أبا عبيد يقول: ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن.
حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطيب العجلي بحلوان قال أنبأنا أبو بكر بن المقرئ بأصبهان قال نبأنا أبو عمارة حمزة بن علي المصري قَالَ سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي يقول: لو أشاء أن أقول إن القرآن نزل بلغة محمد بن الحسن لقلته لفصاحته.
أَخْبَرَنَا رضوان بن محمد الدينوري قَالَ سمعت الحسين بن جعفر العنزي بالري يقول سمعت أبا بكر بن المنذر يقول سمعت المزني يقول سمعت الشافعي يقول: ما رأيت سمينا أخف روحا من محمد بن الحسن، وما رأيت أفصح منه، كنت إذا رأيته يقرأ كأن القرآن نزل بلغته.
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْخَلالُ قال أنبأنا علي بن عمرو الجريري أن أبا القاسم عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن كاس النخعي حدثهم قال نبأنا أحمد بن حماد بن سفيان قَالَ سمعت الربيع بن سُلَيْمَان قَالَ سمعت الشَّافِعِيّ يَقُولُ: ما رأيت أعقل من محمد بن الحسن.
وَقَالَ النخعي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ نبأنا عباس الدوري قَالَ سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُولُ كتبت الجامع الصغير عن محمد بن الحسن.

أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قال أنبأنا محمد بن إسماعيل التمار الرقي قال حدثني الربيع قَالَ سمعت الشافعي يقول حملت عن محمد بن الحسن وقر بختي كتبا.
أَخْبَرَنَا أَبُو بشر مُحَمَّد بْن عُمَر الوكيل قَالَ نبأنا عمر بن أحمد الواعظ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بن يوسف الواعظ قال أنبأنا عبيد الله ابن عثمان الدّقّاق قالا نبأنا إبراهيم بن محمد بن أحمد البخاري قَالَ حدّثني عبّاس ابن عزيز أبو الفضل- زاد عبيد الله القطان- ثم اتفقا، قال نبأنا حرملة بن يحيى قال نبأنا محمد بن إدريس الشافعي قَالَ كان محمد بن الحسن الشيباني إذا أخذ في المسألة كأنه قرآن ينزل عليه لا يقدم حرفا ولا يؤخر.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي قَالَ أنبأنا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُبَيْشٍ البغوي قَالَ حَدَّثَنِي جعفر بن ياسين قَالَ سمعت الربيع بن سليمان يقول: وقف رجل على الشافعي فسأله عن مسألة فأجابه، فقال له الرجل: يا أبا عبد الله خالفك الفقهاء. فقال له الشافعي: وهل رأيت فقيها قط؟ اللهم إلا أن تكون رأيت محمد بن الحسن، فإنه كان يملأ العين والقلب، وما رأيت مبدنا قط أذكى من محمد بن الحسن.
وَقَالَ ابن حبيش حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن ياسين قَالَ كنت عِنْدَ المزني، فوقف عَلَيْهِ رَجُل فسأله عَن أهل العراق، فقال لَهُ: ما تَقُولُ فِي أبي حنيفة؟ قَالَ: سيدهم. قَالَ فأبو يوسف؟ قَالَ أحدهم قياسا.
حَدَّثَنِي الحسن بن محمد الخلّال قال أنبأنا علي بن عمرو الجريري أن علي بن محمد النخعي حدثهم قال نا أحمد بن حماد بن سفيان قَالَ سمعت المزني يقول سمعت الشافعي يقول: أمن الناس علي في الفقه محمد بن الحسن.
وَقَالَ النّخعيّ نبأنا البخترى بن محمد قَالَ سمعت محمد بن سماعه يقول قَالَ محمد بن الحسن لأهله: لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا تشغلوا قلبي، وخذوا ما تحتاجون إليه من وكيلي، فإنه أقل لهمي، وأفرغ لقلبي.
أَخْبَرَنَا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، قال نا محمّد بن جعفر الكوفيّ التّميميّ قَالَ: قَالَ لنا أبو علي الحسن بن داود: فخر أهل البصرة بأربعة كتب، منها كتاب «البيان والتبيين» للجاحظ، وكتاب «الحيوان» له، وكتاب «سيبويه» ، و «كتاب الخليل في العين» . ونحن نفتخر بسبعة وعشرين ألف مسألة في الحلال والحرام عملها رجل من أهل الكوفة يقال له محمد بن الحسن قياسية عقلية لا يسع الناس جهلها، وكتاب الفراء في المعاني، وكتاب «المصادر في القرآن» ، وكتاب «الوقف والابتداء فيه» ، وكتاب «الواحد والجميع» فيه، سوى باقي الحدود. ولنا واحد أملى من أخبار مثل كل كتاب ألف البصريون، وهو ابن الأعرابي، وكان أوحد الناس في اللغة.
حَدَّثَنِي الخلال قَالَ نا عَلِيّ بْن عمرو أن عَلِيّ بْن مُحَمَّد النّخعيّ حدّثهم قال نا أبو بكر القراطيسي قال نا إبراهيم الحربي قَالَ سألت أحمد بن حنبل، قلت: هذه المسائل الدقائق من أين لك؟ قَالَ: من كتب محمد بن الحسن.
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق قَالَ أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قال نبأنا محمد بن إسماعيل التمار قَالَ حَدَّثَنِي الربيع قال سمعت الشّافعيّ يقول ما ناظرت أحدا إلا تمعر وجهه ما خلا محمد بن الحسن.
أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين القطان قَالَ أنبأنا دعلج بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن علي الأبار قَالَ حَدَّثَنِي يونس- يعني ابن عبد الأعلى- قَالَ سمعت الشافعي يقول ناظرت محمد بن الحسن وعليه ثياب رقاق، فجعل تنتفخ أوداجه ويصيح حتى لم يبق له زر إلا انقطع. قلت ما كان لصاحبك أن يتكلم ولا كان لصاحبي أن يسكت.
قَالَ قلت له نشدتك بالله هل تعلم أن صاحبي كان عالما بكتاب الله؟ قَالَ نعم قَالَ قلت فهل كان عالما بِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ نعم قَالَ قلت أفما كان عاقلا. قَالَ نعم. قلت فهل كان صاحبك جاهلا بكتاب الله؟ قَالَ نعم قلت وبما جاء عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ نعم. قلت أو كان عاقلا؟ قَالَ نعم. قَالَ قلت: صاحبي فيه ثلاث خصال لا يستقيم لأحد أن يكون قاضيا إلا بهن أو كلاما هذا معناه.
أخبرنا ابن رزق قال أنبأنا عثمان بن أحمد قال نبأنا محمد بن إسماعيل التمار الرقي قال حدثني أحمد بن خالد الكرماني قَالَ سمعت المقدمي بالبصرة يقول قَالَ الشافعي لم يزل محمد بن الحسن عندي عظيما جليلا، أنفقت على كتبه ستين دينارا حتى جمعني وإياه مجلس عند الرشيد، فابتدأ محمد بن الحسن، فقال يا أمير المؤمنين، إن أهل المدينة خالفوا كتاب الله نصا، وأحكام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإجماع المسلمين.
فأخذني ما قدم وما حدث. فقلت: ألا أراك قد قصدت لأهل بيت النبوة ومن نزل القرآن فيهم وأحكم الأحكام فيهم، وقبر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أظهرهم، عمدت تهجوهم، أرأيتك أنت بأي شيء قضيت بشهادة امرأة واحدة قابلة حتى تورث ابن خليفة ملك الدنيا ومالا عظيما؟ قَالَ بعلي بن أبي طالب.
قلت: إنما رواه عن علي رجل مجهول يقال له عبد الله بن نجى، ورواه جار الجعفي وكان يؤمن بالرجعة.
سمعت سفيان بن عيينة يقول دخلت على جابر الجعفي فسألني عن شيء من أمر الكهنة، ونحن معنا قضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقضاء علي بن أبي طالب، أنه قضى به بين أهل العراق. وقلت له: ما تقول في القسامة؟ قَالَ استفهام. قلت يا سبحان الله تزعم أن رسول رب العالمين حكم في أمته بالاستفهام؟ يستفهم ولا يحكم به؟ قَالَ فسمعها هارون فقال ما هذا؟ علي بالسيف والنطع، فلما جيء بهما قلت يا أمير المؤمنين، والله ما هذا عقده في القسامة وإنه ليقول فيها بخلاف هذا، ولكن المتناظران إذا تناظرا أحب أحدهما أن يدخل على صاحبه حجة يكبته بها. قَالَ فسرى عن هارون. قَالَ فلما خرجنا من عنده قَالَ لي: كنت قد أشطت بدمي. قَالَ قلت فقد خلصك الله الآن.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَتُّوثِيُّ قال أنبأنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى الأَدَمِيُّ قَالَ نبأنا محمد بن إسماعيل أبو إسماعيل قَالَ سمعت أحمد بن حنبل- وذكر ابتداء محمد بن الحسن، فقال كان يذهب مذهب جهم.
أَخْبَرَنَا أبو طالب أحمد بن نصر بن طالب قال نا أبو النصر إسماعيل بن ميمون العجلي قَالَ حَدَّثَنِي عمى نوح بن ميمون قَالَ دعاني محمد بن الحسن إلى أن أقول القرآن مخلوق، فأبيت عليه فقال لي: زهدت في نصفك. فقلت له بل زهدت في كلك.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ قُرِئَ عَلَى إسحاق النعالي وأنا أسمع حدثكم عبد الله ابن إسحاق المدايني قال نا حنبل بْن إِسْحَاق قَالَ سَمِعْتُ عمي- يعني أحمد بن حنبل- يقول وكان يعقوب أبو يوسف متصفا في الحديث، فأما أبو حنيفة ومحمّد بن الحسن فكانا مخالفين للأثر، وهذان لهما رأى سوء. يعني أبا حنيفة، ومحمد بن الحسن.
وأخبرنا البرقانيّ قال نا يعقوب بن موسى الأردبيلي قال نبأنا أَحْمَد بْن طاهر بْن النجم الميانجي قَالَ نبأنا سعيد بْن عَمْرو البرذعي قَالَ سمعت أبا زرعة- يعني الرازي- يَقُولُ كَانَ أَبُو حنيفة جهميًا، وكان مُحَمَّد بْن الْحَسَن جهميًا، وكان أَبُو يوسف سليما من التجهم.
أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الملك الآدمي قَالَ نَبَّأَنَا مُحَمَّد بْن عليّ الإياديّ قال نبأنا زكريا الساجي قَالَ محمد بن الحسن كان يقول بقول جهم وكان مرجئا.
كتب إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُثْمَان الدمشقي يذكر أن خيثمة بن سُلَيْمَان القرشي أخبرهم قال نبأنا سليمان بن عبد الحميد البهراني قَالَ حَدَّثَنَا عبد السلام بن محمد قَالَ سمعت بقية يقول قيل لإسماعيل بن عياش: يا أبا عتبة، قد رافق محمد بن الحسن يحيى بن صالح من الكوفة إلى مكة. قَالَ أما إنه لو رافق خنزيرا كان خيرا له منه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق قال نا أحمد بن علي بن عمر بن حبيش الرازي قَالَ سمعت محمد بن أحمد بن عصام يقول سمعت محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ- وَسَأَلْتُهُ عَنْ محمد بن الحسن فقال: كذاب.
قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي قَالَ أَخْبَرَنِي أحمد بن القاسم، عن بشر بن الوليد قَالَ قَالَ أبو يوسف قولوا لهذا الكذاب- يعني محمد بن الحسن- هذا الذي يرويه عنى سمعه مني؟
أنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال أنبأنا محمّد بن حميد المخرّميّ قال نبأنا علي بن الحسين بن حبان قال وجدت في كتاب أبي بخط يده قَالَ أبو زكريا- يعني يحيى بن معين- سمعت محمد بن الحسن صاحب الرأي، وقيل له هذه الكتب سمعتها من أبي يوسف؟ فقال لا والله ما سمعتها منه، ولكني من أعلم الناس بها، وما سمعت من أبي يوسف إلا «الجامع الصغير» .

أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي قال أنبأنا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى البابسيري قَالَ أنبأنا أبو أمية الأحوص بن المفضل الغلابي قَالَ: قال أبى الحسن اللؤلؤي، ومحمد بن الحسن، كلاهما ضعيفان.
أنبأنا القاضي أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ بْنُ رَبَاحِ بْنِ عَلِيٍّ النصري، أنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس بمصر قال ثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد، نا معاوية بن صالح بن أبي عبد الله قَالَ سمعت يحيى بن معين يقول: محمد ابن الحسن ضعيف.
أَخْبَرَنِي عبد الله بن يحيى السكري قَالَ أنبأنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ قال ثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر قال ثنا ابن الغلابي قَالَ قَالَ يحيى بن معين محمد بن الحسن لَيْسَ بشيء.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بن عبد اللَّه الأنماطي قَالَ أنبأنا محمّد بن المظفر الحافظ، نا عليّ ابن أحمد بن سليمان المصري قال أنا أحمد بن سعيد بن أبي مريم حدّثهم قال وسألته- يعني ابن معين-عن محمد بن الحسن فقال: ليس بشيء فلا تكتب حديثه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن القطان قَالَ أنبأنا عثمان بن أحمد الدّقّاق قال نبأنا أبو العباس سهل بن أحمد الواسطي قَالَ نبأنا أبو حفص عمرو بن علي الصيرفي قَالَ محمد بن الحسن صاحب الرأي ضعيف.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَلِيّ الأصبهاني قَالَ أنبأنا الحسين بن محمّد الشّافعيّ بالأهواز قال أنبأنا أبو عبيد محمد بن علي بن عثمان الآجري قَالَ وسألته- يعني أبا داود السجستاني- عن محمد بن الحسن الشيباني فقال: لا شيء لا يكتب حديثه.
أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن غالب قَالَ سألت أبا الحسن الدارقطني، عن مُحَمَّد بن الْحَسَن صاحب أبي حنيفة، فقال قَالَ يحيى بن معين: كذاب. وَقَالَ فيه أحمد: يعني ابن حنبل- نحو هذا. قَالَ أبو الحسن وعندي لا يستحق الترك.

أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن الحسن المالكي قال أنبأنا عبد الله بن عليّ بن المديني، عن أبيه قَالَ وسألته عن أسد بن عمرو، والحسن بن زياد اللؤلؤي، ومحمد بن الحسن، فضعف أسدا والحسن بن زياد. وَقَالَ محمد بن الحسن صدوق.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد الحسن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن حسنويه الأصبهانيّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرِ بْنِ حبّان قال أنبأنا عمر بن أحمد الأهوازيّ قال نبأنا خليفة بن خياط قَالَ: محمد بن الحسن القاضي يكنى أبا عبد الله مولى بني شيبان، مات بالري سنة تسع وثمانين ومائة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن التوزي قَالَ أنبأنا القاضي أبو عمر أحمد بن محمد بن موسى بن محمد المعروف بابن العلاف قَالَ نبأنا أبو عمرو الزاهد قَالَ سمعت أحمد بن يحيى يقول توفي الكسائي ومحمد بْن الحسن فِي يوم واحد. فقال الرشيد دفنت اليوم اللغة والفقه.
أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني الحافظ قال نبأنا أبو طلحة تمام بن محمد بن علي الأزدي بالبصرة قَالَ أنشدنا القاضي محمد بن أحمد بن أبي حازم قَالَ أنشدنا الرياشي قَالَ أنشدنا اليزيدي لنفسه يرثى محمد بن الحسن والكسائي، وكانا خرجا مع الرشيد إلى الري فماتا بها في يوم واحد:
أسيت على قاضي القضاة محمد ... فأذويت دمعي والعيون هجود
وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا ... بإيضاحه يوما وأنت فقيد
وأقلقني موت الكسائي بعده ... وكادت بي الأرض الفضاء تميد
هما عالمانا أوديا وتخرما ... فما لهما في العالمين نديد
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي قال نا طلحة بْن مُحَمَّد قَالَ حَدَّثَنِي مكرم بْن أحمد القاضي قال نا أحمد بن محمّد بن المفلس قال نا سليمان بن أبي شيخ قال حدّثني ابن أبي رجاء القاضي قَالَ سمعت محمويه- وكنا نعده من الأبدال- قال رأيت محمّد ابن الحسن في المنام فقلت: يا أبا عبد اللَّه إلام صرت؟ قَالَ قَالَ لي: إني لم أجعلك وعاء للعلم وأنا أريد أن أعذبك، قلت فما فعل أبو يوسف؟ قَالَ فوقي. قلت فما فعل أبو حنيفة؟ قَالَ فوق أبي يوسف بطبقات

ــ تاريخ بغداد وذيوله للخطيب البغدادي ــ.

 

 

محمد بن الحسن:
ابن فَرْقَد، العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ العِرَاقِ، أبي عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيُّ، الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ أَبِي حَنِيْفَةَ.
وُلِدَ بِوَاسِطَ، وَنَشَأَ بِالكُوْفَةِ.
وَأَخَذَ عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ بَعْضَ الفِقْهِ، وتمم الفقه على القاضي أبي يُوْسُفَ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي حَنِيْفَةَ، ومِسْعَر، وَمَالِكِ بن مِغْوَل، والأوزاعي، ومالك بن أنس.
أَخَذَ عَنْهُ: الشَّافِعِيُّ -فَأَكْثَرَ جِدّاً- وَأبي عُبَيْدٍ، وَهِشَامُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَحْمَدُ بنُ حَفْصٍ فَقِيْهُ بُخَارَى، وَعَمْرُو بنُ أَبِي عَمْرٍو الحَرَّاني، وَعَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ سُقْتُ أَخْبَارَهُ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَصلُهُ جَزَري، سَكَنَ أبيهُ الشَّامَ، ثُمَّ وُلِدَ لَهُ مُحَمَّدٌ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. غَلَبَ عَلَيْهِ الرَّأْيُ، وَسَكَنَ بَغْدَادَ.
قُلْتُ: وَلِيَ القَضَاءَ لِلرَّشِيْدِ بَعْدَ القَاضِي أَبِي يُوْسُفَ، وَكَانَ مَعَ تَبَحُّرِهِ فِي الفِقْهِ، يُضْرَب بِذَكَائِهِ المَثَلُ.
كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْهُ وَقْرَ بُخْتِيّ، وَمَا نَاظَرتُ سَمِيْناً أَذكَى مِنْهُ، وَلَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُوْلَ: نَزَلَ القُرْآنُ بِلُغَةِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، لقُلْتُ؛ لِفِصَاحَتِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحسن: أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا، وسمعت من لفظه سبع مائة حديث.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ "الجَامِعَ الصَّغَيْرَ".
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: قُلْتُ لِلإِمَامِ أَحْمَدَ: مَنْ أَيْنَ لَكَ هَذِهِ المَسَائِلُ الدِّقَاقُ? قَالَ: مَنْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ.
قِيْلَ: إِنَّ مُحَمَّداً لَمَّا احْتُضِرَ، قِيْلَ لَهُ: أَتَبكِي مَعَ العِلْمِ? قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَوْقَفَنِيَ اللهُ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مَا أَقْدَمَكَ الرَّيَّ، الجِهَادُ فِي سَبِيْلِي، أَمِ ابْتِغَاءُ مَرضَاتِي? مَاذَا أَقُوْلُ?
قُلْتُ: تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، بالري.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي

 

تَرْجَمَةُ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ لِلإِمَامِ الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 748 قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
هَذِهِ تَرْجَمَةُ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ: وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فَرْقَدٍ الشَّيْبَانِيِّ مَوْلاهُمْ، وَقِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْوَانَ، كَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَهْلِ حَرَسْتَا قَرْيَةٍ مَشْهُورَةٍ بِظَاهِرِ دِمْشَقَ، فَقَدِمَ الْعِرَاقَ فِي آخِرِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَوُلِدَ لَهُ مُحَمَّدٌ بِوَاسِطٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، فَحَمَلَهُ إِلَى الْكُوفَةِ فَنَشَأَ بِهَا، وَكَتَبَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ لازَمَ أَبَا يُوسُفَ مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى بَرَعَ فِي الْفِقْهِ، وَسَمِعَ أَيْضًا مِنْ مُسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، وَعُمَرَ بْنِ ذَرٍّ الْهَمَذَانِيُّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَلازَمَ مَالِكًا مُدَّةً، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْفِقْهِ بِالْعِرَاقِ بَعْدَ أَبِي يُوسُفَ،

وَتَفَقَّهَ بِهِ أَئِمَّةٌ وَصَنَّفَ التَّصَانِيفَ، وَكَانَ مِنْ أَذْكِيَاءِ الْعَالَمِ، وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ لِلرَّشِيدِ، وَنَالَ مِنَ الْجَاهِ وَالْحِشْمَةِ مَالا مَزِيدَ عَلَيْهِ رَوَى عَنْهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وُمُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوِحَاظِيُّ وَآخَرُونَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَصْلُهُ مِنَ الْجَزِيرَةِ وَسَكَنَ أَبُوهُ الشَّامَ، ثُمَّ قَدِمَ وَاسِطَ فَوُلِدَ لَهُ مُحَمَّدٌ بِوَاسِطٍ، وَسَمِعَ كَثِيرًا وَنَظَرَ فِي الرَّأْيِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ نَزَلَ بَغْدَادَ وَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَسَمِعُوا مِنْهُ.
أَحْمَدُ بْنُ عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ»
الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ لَقُلْتُهُ لِفَصَاحَتِهِ»
أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ، سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ سَمِينًا أَخَفَّ رُوحًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَمَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنْهُ، كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ يَقْرَأُ كَأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَتِهِ»
إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: " بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ كَانَ يَسْأَلُ عَنِّي وَعَنْ حَالِي، فَإِذَا أُخْبِرَ قَالَ: إِنْ عَاشَ فَسَيَكُونُ لَهُ شَأْنٌ "

إِدْرِيسُ بْنُ يُوسُفَ الْقَرَاطِسِيُّ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ، كَأَنَّهُ عَلَيْهِ نَزَلَ»
الطَّحَاوِيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ الْمَكِّيَّ، سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ بْنَ يَحْيَى، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَطُّ، كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ رَأَيْتُ أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَتِهِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ حِمْلَ بَخْتِيٍّ»
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرِّقِّيُّ، نَا الرَّبِيعُ، نَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «حَمَلْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ حِمْلَ بَخْتِيٍّ كُتُبًا، وَمَا نَاظَرْتُ أَحَدًا إِلا تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، مَا خَلا مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ»
نَا الرَّبِيعُ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «حَمَلْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ حِمْلَ بَخْتِيٍّ، لَيْسَ عَلَيْهِ إِلا سَمَاعِي»
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «أَنْفَقْتُ عَلَى كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ سِتِّينَ دِينَارًا، ثُمَّ تَدَبَّرْتُهَا، فَوَضَعْتُ إِلَى جَنْبِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ حَدِيثًا»
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: «مَا نَاظَرْتُ سَمِينًا أَذْكَى مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَدْ نَاظَرْتُهُ مَرَّةً، فَجَعَلَتْ أَوْدَاجُهُ تَنْتَفِخُ، وَأَزْرَارُهُ تَنْقَطِعُ»
عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: «كَتَبْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْجَامِعَ الصَّغِيرَ»
أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي، نَا بكْرٍ الْعَمِّيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَمَاعَةَ، يَقُولُ: «كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَدِ انْقَطَعَ قَلْبُهُ مِنْ فِكْرِهِ فِي الْفِقْهِ، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَيَدْعُو لَهُ مُحَمَّدٌ، فَيَزِيدُهُ الرَّجُلُ فِي السَّلامِ، فَيَزِدْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الدُّعَاءَ بِعَيْنِهِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ جَوَابِ الزِّيَادَةِ فِي شَيْءٍ»
الطَّحَاوِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ شَادَانَ، سَمِعْتُ الأَخْفَشَ النَّحْوِيَّ، يَقُولُ: «مَا وُضِعَ شَيْءٌ لِشَيْءٍ قَطُّ يُوَافِقُ ذَلِكَ، إِلا كِتَابَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الإِيمَانِ، فَإِنَّهُ وَافَقَ كَلامَ النَّاسِ»
مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ: «مَحْسُدُونَ وَشَرُّ النَّاسِ مَنْزِلَةً مَنْ عَاشَ فِي النَّاسِ يَوْمًا غَيْرَ مَحْسُودِ»
يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، تَقُولُ: مَا كَانَ لِصَاحِبِكَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَلا لِصَاحِبِي أَنْ يَسْكُتَ أُنْشِدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبِي كَانَ عَالِمًا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ عَالِمًا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ عَاقِلًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ صَاحِبُكَ جَاهِلًا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَكَانَ عَاقِلًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ لِصَاحِبِي ثَلاثُ خِصَالٍ لا يَسْتَقِيمُ لأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا إِلا بِهِنَّ، أَوْ كَلامًا هَذَا مَعْنَاهُ "
إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيُّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ صَالِحٍ الْوِحَاظِيَّ، يَقُولُ: " حَجَجْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنِي بِكِتَابِكَ فِي كَذَا مِنَ الْفِقْهِ، فَقَالَ: مَا أَنْشَطَ لَهُ، فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَؤُهُ عَلَيْكَ، فَقَالَ لِي: أَيُّهُمَا أَخَفُّ عِنْدَكَ عَلِيَّ: قِرَاءَتِي عَلَيْكَ أَوْ قِرَاءَتُكَ عَلَيَّ، قُلْتُ: قِرَاءَتِي عَلَيْكَ، قَالَ: لا بَلْ قِرَاءَتِي أَخَفُّ، لأَنِّي إِنَّمَا أَسْتَعْمِلُ فِيهَا بَصَرِي وَلِسَانِي، وَقِرَاءَتُكَ أَسْتَعْمِلُ فِيهَا بَصَرِي وَذِهْنِي، وَسَمْعِي "
سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، ثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، قَالَ: «إِذَا اخُتْلِفَ فِي مَسْأَلَةٍ، فَحَرَّمَ فَقِيهٌ وَأَحَلَّ آخَرُ، وَكِلاهُمَا يَسَعُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ، فَالصَّوَابُ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ حَلالٌ أَوْ حَرَامٌ، وَلا يَكُونُ عِنْدَهُ حَلالٌ وَحَرَامٌ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ قَدْ أَحَلَّ فَقِيهٌ وَحَرَّمَ فَقِيهٌ فِي فَرْجٍ وَاحِدٍ وَكِلاهُمَا صَوَابٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَهَذَا مَالا يَنْبَغِي أَنْ يُتَكَلَّمَ بِهِ، وَلَكِنِ الصَّوَابُ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَقَدْ أَدَّى الْقَوْمُ مَا كُلِّفُوا بِهِ حِينَ اجْتَهَدُوا وَوَسِعَهُمْ مَا فَعَلُوا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَوْلِنَا»
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شُجَاعٍ، يَقُولُ عَلَى انْحِرَافِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، «مَا وُضِعَ فِي الإِسْلامِ كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ مِثْلَ جَامِعِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَبِيرِ»
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: «أَقَمْتُ عَلَى بَابِ مَالِكٍ ثَلاثَ سِنِينَ، وسَمِعْتُ مِنْهُ لَفْظًا سَبْعَ مِائَةٍ حَدِيثٍ وَنَيِّفًا»
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا حَدَّثَهُمْ عَنْ مَالِكٍ، امْتَلأَ مَنْزِلُهُ، وَكَثُرُوا حَتَّى يَضِيقَ بِهِمُ الْمَوْضِعُ، وَإِذَا حَدَّثَ عَنْ غَيْرِ مَالِكٍ لَمْ يَأْتِهِ إِلا الْيَسِيرُ، فَكَانَ يَقُولُ: «مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْوَأَ ثَنَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ مِنْكُمْ، إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ مَالِكٍ مَلأْتُمْ عَلَيَّ الْمَوْضِعَ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ أَصْحَابِكُمْ إِنَّمَا تَأْتُونَ مُتَكَارِهِينَ»
الطَّحَاوِيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ، يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، يَقُولُ: «هَذَا الْكِتَابُ يَعْنِي كِتَابَ الْحِيَلِ لَيْسَ مِنْ كُتُبِنَا، إِنَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا» ، قَالَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ: إِنَّمَا وَضَعَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ
الطَّحَاوِيُّ، نَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا قَعَدَ لِلْمُنَاظَرَةِ لِلْفِقْهِ، أَقْعَدَ مَعَهُ رَجُلًا حَكَمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يُنَاظِرُهُ، فَيَقُولُ لِهَذَا زِدْتَ وَلِهَذَا نَقَصْتَ، فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عِيسَى بْنَ مَرْوَانَ "
مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، قَالَ: «خرَجْنَا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةَ نَزَلْنَا مَعَهُ وَذَلِكَ قُبَيْلَ الظُّهْرِ، فَتَنَحَّى عَنَّا أَظُنُّهُ لِوُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ، ثُمَّ لَبِسَ إِزَارًا وَرِدَاءً وَحَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَمَشَى وَمَشَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَسْجِدَهَا، فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَلَبَّى وَلَبَّيْنَا مَعَهُ، وَقَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، ثُمَّ مَضَى إِلَى رَحْلِهِ وَهُوَ يُلَبِّي وَكَانَ قَدْ سَاقَ هَدْيَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَحْرَمَ وَلَبَّى أَمْرَ الْجَمَّالَ، فَأَشْعَرَ هَدْيَهُ وَهِيَ بَدَنَةٌ بِسِكِّينٍ، وَمُحَمَّدُ قَائِمٌ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى أَشْعَرَهَا مِنَ الْجَانِبِ الأَيْسَرِ فَوْقَ الْكَتِفِ فِي أَصْلِ مُقَدِّمِ السِّنَامِ أَسْفَلِ السِّنَامِ حَتَّى أَظْهَرَ الدَّمَ وَجَلَّلَهَا»
إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَقُلْتُ: هَذِهِ الْمَسَائِلُ الدَّقِيقَةُ مِنْ أَيْنَ لَكَ؟ قَالَ: «مِنْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ»
أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: «خَلَّفَ أَبِي ثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَنْفَقْتُ خَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفًا عَلَى النَّحْوِ وَالشِّعْرِ، وَخَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفًا عَلَى الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ»
ابْنُ سَمَاعَةَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لأَهْلِهِ: «لا تَسْأَلُونِي حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا فَتَشْغَلُوا قَلْبِي، وَخُذُوا مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ وَكِيلِي، فَإِنَّهُ أَفْرَغُ لِقَلْبِي وَأَقَلُّ لِهَمِّي»

ابْنُ كَأْسٍ النَّخَعِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ سُفْيَانَ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ، وَلا أَفْقَهَ، وَلا أَزْهَدَ، وَلا أَوْرَعَ، وَلا أَحْسَنَ نُطْقًا وَإِيرَادًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ» ، قُلْتُ: لَمْ يَرْوِ هَذَا عَنِ الرَّبَيِعِ، إِلا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ، وَهُوَ قَوْلٌ مُنْكَرٌ 

ذِكْرُ تَوْلِيَتِهِ قَضَاءَ الرِّقَّةِ
أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: " كَانَ سَبَبُ مُخَالَطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ السُّلْطَانَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ

الْقَاضِي شوُوِرَ فِي رَجُلٍ يُوَلَّى قَضَاءَ الرَّقَّةِ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا أَعْرِفُ لَكُمْ رَجُلًا يَصْلُحُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَاطْلُبُوهُ مِنَ الْكُوفَةِ، قَالَ: فَأَشْخَصُوهُ، فَلَمَّا قَدِمَ جَاءَ إِلَى أَبِي يُوسُفَ، فَقَالَ: لَمَّاذَا أَشْخَصْتَ؟ قَالَ: شَاوَرُونِي فِي قَاضٍ لِلرَّقَّةِ، فَأَشَرْتُ بِكَ وَأَرَدْتُ بِذَلِكَ مَعْنًى أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَثَّ عِلْمَنَا هَذَا بِالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمِيعِ الْمَشْرِقِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ بِهَذِهِ النَّاحِيَةِ لِيَبُثَّ اللَّهُ عِلْمَنَا بِكَ بِهَا وَبِمَا بَعْدَهَا مِنَ الشَّامَاتِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَمَا كَانَ لِي فِي نَفْسِي مِنَ الْمَنْزِلَةِ مَا أُخْبَرُ بِالْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُشْخَصُ! فَقَالَ: هُمْ أَشْخَصُوكَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالرُّكُوبِ، فَرَكِبَا وَدَخَلا عَلَى يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، فَقَالَ ليَحْيَى: هَذَا مُحَمَّدٌ، فَشَأْنُكُمْ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يُخَوِّفْ مُحَمَّدًا حَتَّى وَلِيَ قَضَاءَ الرَّقَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ فَسَادِ الْحَالِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ "

قَالَ الطَّحَاوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الطَّبَرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ لِي حُمَيْدٌ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: «كَانَتِ الْحَلَقَةُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِبَغْدَادَ لِبِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ وَنَحْنُ نُجَالِسُهُ فِيهَا حَتَّى قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَيْنَا، فَأَتَيْنَاهُ، فَكُنَّا نَتَعَلَّمُ مِنْهُ مَسَائِلَهُ هَذِهِ، ثُمَّ نَأْتِي بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ فَنَسْأَلُهُ عَنْهَا، فَنُؤْذِيَهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ تَرَكَ لَنَا الْحَلَقَةَ»
قَالَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ: فسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ عِنْدَ أَبِي، فَنَالَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: لا تَفْعَلْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ! ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ صَارَ لَهُ فِي يَدِ النَّاسِ مَا صَارَ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ، فَنَرْضَى مِنْكَ أَنْ تَتَوَلَّى لَنَا وَضْعَ سُؤَالِ مَسْأَلَةٍ وَقَدْ أَعْفَاكَ اللَّهُ مِنْ جَوَابِهَا "
وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ وَذَكَرَ مَسَائِلَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: «لَمْ يَكُنْ أَبُو يُوسُفَ يُدَقِّقُ هَذَا التَّدْقِيقَ الشَّدِيدَ»
الطَّحَاوِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مِرْدَاسٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شُجَاعٍ، يَقُولُ: " مَثَلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا، فَكَانَ كُلَّمَا عَلَّى بَنَى مِرْقَاةً يَرْقَى مِنْهَا إِلَى مَا عَلاهُ مِنَ الدَّارِ حَتَّى اسْتَتَمَّ بِنَاءَهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَهَدَمَ مَرَاقِيهَا، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: شَأْنُكُمْ فَاصْعَدُوا "
الطَّحَاوِيُّ، نَا أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ سَلامَةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ، سَمِعْتُ أَبِي: " قَدِمْتُ الرَّقَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَاضٍ عَلَيْهَا، فَأَتَيْتُ بَابَهُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَحُجِبْتُ عَنْهُ فَانْصَرَفْتُ، وَأَقَمْتُ بِالرَّقَّةِ مُدَّةً لا آتِيهِ، فَبَيَّنَا أَنَا فِي يَوْمٍ فِي الطَّرِيقِ، إِذَا بِهِ عَلَى دَابَّتِهِ بِهَيْئَةِ الْقَضَاءِ، فَلَمَّا رَآنِي أَقْبَلَ عَلَيَّ وَاسْتَبْطَأَنِي وَوَكَّلَ بِي مَنْ يُصَيِّرُنِي إِلَى الدَّارِ، فَلَمَّا جَلَسَ أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا الَّذِي خَلَّفَكَ عَنِّي، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ هَهُنَا؟ قُلْتُ: أَتَيْتُكَ، فَحُجِبْتُ، فَسَاءَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: مَنْ حَجَبَكَ؟ ! فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ عُقُوبَةَ الْحَاجِبِ فَلَمْ أُخْبِرْهُ بِهِ، فَقَالَ لِي: فَإِذَا لَمْ تَفْعَلْ أُنَحِّيهِمْ كُلَّهُمْ وَدَعَاهُمْ، وَقَالَ: لا يَدَ لَكُمْ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ فِي حَجْبِهِ عَنِّي، ثُمَّ كُنْتُ آتِيهِ حَتَّى أَصِلَ إِلَى السِّتْرِ، فَأَتَنَحْنَحُ وَأُسَلِّمُ فَيَقُولُ ادْخُلْ "
أَنْبَأَنِي الْمُسْلِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَيْسِيُّ وَغَيْرُهُ، أَنَّ أَبَا الْيَمَنِ اللُّغَوِيَّ، أَخْبَرَهُمْ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَنَا ابْنُ رَزْقَوَيْهِ، أَنَا ابْنُ السَّمَّاكِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمَّارُ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، سَمِعْتُ الْمُقَدِّمِيَّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: " لَمْ يَزَلْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عِنْدِي عَظِيمًا، أَنْفَقْتُ عَلَى كُتُبِهِ سِتِّينَ دِينَارًا حَتَّى جَمَعَنِي وَإِيَّاهُ مَجْلِسُ هَارُونَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ خَالَفُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَأَحْكَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخَذَنِي مَا قَدَّمَ وَمَا حَدَّثَ، فَقُلْتُ: أَرَاكَ قَدْ قَصَدْتَ أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَقَبْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ عَمَدْتَ تَهْجُوهُمْ "

حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ مُنْصِفًا فِي الْحَدِيثِ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَكَانَا مُخَالِفَيْنِ لِلأَثَرِ»، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لا يَسْتَحِقُّ مُحَمَّدٌ عِنْدِي التَّرْكُ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: حَدِيثُهُ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَاحْتَجَّ بِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْحَدِيثِ
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْحَنْبَلِيُّ.
ح وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمَ الْقَزْوِينِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الصُّوفِيُّ، أَنَا طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَا مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي الْجَنُوبِ الأَسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِمَّتُنَا فَدَمُهُ كَدَمِنَا، وَدِيَتُهُ كَدِيَتِنَا» ، وَيُحْكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ذَكَاءٌ مُفْرِطٌ، وَعَقْلٌ تَامٌّ، وَسُودُدٌ، وَكَثْرَةُ تِلاوَةٍ
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَحْكِي، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، «أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ حِزْبُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ»
قَالَ أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي، سَمِعْتُ بَكْرًا الْعَمِّيَّ، يَقُولُ: «إِنَّمَا أَخَذَ ابْنُ سَمَاعَةَ وَعِيسَى بْنُ أَبَانَ الصَّلاةَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ»
يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنِي الرَّجُلُ الرَّازِيُّ الَّذِي مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي بَيْتِهِ، قَالَ: " حَضَرْتُ مُحَمَّدًا وَهُوَ يَمُوتُ فَبَكَى، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَبْكِي مَعَ الْعَمَلِ؟ فَقَالَ لِي: أَرَأَيْتَ إِنْ أَوْقَفَنِي اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ: مَا أَقْدَمَكَ الرَّيّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِي أَمِ ابْتِغَاءُ مَرْضَاتِي، مَاذَا أَقُولُ؟ ثُمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ "
قَالَ أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ الْقَاضِي: لَمَّا دَفَنَ الرَّشِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ وَالْكِسَائِيَّ يَعْنِي بِالرّي أَنْشَأَ، يَقُولُ:

« أَسِفْتُ عَلَى قَاضِي الْقُضَاةِ مُحَمَّدٍ ... فَأَذْرَيْتُ دَمْعِي وَالْفُؤَادُ عَمِيدُ
وَأَقْلَقَنِي مَوْتُ الْكِسَائِيِّ بَعْدَهُ ... وَكَادَتْ بِي الأَرْضُ الْفَضَاءُ تَمِيدُ
هُمَا عَالِمَانِ أَوْدَيَا فَتُخِرِّمَا ... فمَا لَهُمْ فِي الْعَالَمِينَ نَدِيدُ »
وَقَالَ السِّيرَافِيُّ هَذِهِ الأَبْيَاتُ لِيَحْيَى الْيَزِيدِيِّ وَأَوَّلُهَا:
تَصَرَّمَتِ الدُّنْيَا فلَيْسَ خُلُودٌ ... وَمَا قَدْ تَرَى مِنْ بَهْجَةٍ سَتَبِيدُ
لِكُلِّ امْرِئٍ كَأْسٌ مِنَ الْمَوْتِ مُتْرَعٌ ... وَمَا إِنَّ لَنَا إِلا عَلَيْهِ وُرُودُ
أَلَمْ تَرَ شَيْبًا شَامِلًا يُنْذِرُ الْبِلَى ... وَأَنَّ الشَّبَابَ الْغَضَّ لَيْسَ يَعُودُ
سَيَأْتِيكَ مَا أَفْنَى الْقُرُونَ الَّتِي خَلَتْ ... فَكُنْ مُسْتَعِدًّا فَالْفَنَاءُ عَتِيدُ

الكتاب: مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)
عني بتحقيقه والتعليق عليه: محمد زاهد الكوثري، أبو الوفاء الأفغاني

 

 

محمد بن الحسن الشيباني أبي عبد الله : مولى لبني شيبان، مات بالري سنة سبع وثمانين ومائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة. حضر مجلس أبي حنيفة سنتين ثم تفقه على أبي يوسف، وصنف الكتب الكثيرة ونشر علم أبي حنيفة.
قال الشافعي رحمه الله: حملت من علم محمد وقر بعير . وقال الشافعي: ما رأيت أحداً يسأل عن مسألة فيها نظر إلا تبينت في وجهه الكراهة إلا محمد بن الحسن. وروى الربيع بن سليمان قال: كتب الشافعي إلى محمد بن الحسن وقد طلب منه كتبه لينسخها فأخرها عنه فكتب إليه:

قل لمن لم تر ع ... ين من رآه مثله
ومن كأن من رآ ... هـ قد رأى من قبله
العلم ينهي أهله ... أن يمنعوه أهله
لعله يبذله ... لأهله لعله فأنفذ إليه الكتب من وقته.
ومات هو والكسائي بالري فقال الرشيد: دفنت الفقه  والعربية بالري.

- طبقات الفقهاء / لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.

 

 

مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ
سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ.
* * *

تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم-لأبو المحاسن المفضل التنوخي المعري.

 

 

محمد بن الحسن بن واقد أبو عبد الله الشيباني

كان أبوه أصله من الشام قدم أبوه إلى العراق فولد محمد بواسط ونشأ بكوفة وطلب الحديث وسمع عن مسعر ومالك والأوزاعي والثورى وصاحب أبا حنيفة وأخذ الفقه عنه وكان أعلم الناس بكتاب الله ماهرًا في العربية والنحو والحساب وعن أبي عبيد ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن وعن الشافعي أنه قال أخذت من محمد وقر بعير من علم وما رأيت رجلا سمينًا أخف روحًا منه وهو الذي نشر علم أبي حنيفة وإنما ظهر علم أبي حنيفة بتصانيفه وفي التقدمة شرح المقدمة قيل أنه صنف تسعمائة وتسعين كتابًا كلها في العلوم الدينية وقيل لأحمد من أين لك هذه المسائل الدقيقة قال من كتب محمد وفي الجواهر المضية عن ابن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول قال محمد أقمت بباب مالك ثلاث سنين وسمعت سبعمائة حديث ونيفًا لفظًا وأخذ عنه أبو حفص الكبير أحمد بن حفص وأبو سلميان الجوزجاني وموسى بن نصير الرازي ومحمد بن ساعة ومعلى بن منصور وإبراهيم بن رستم وهشام بن عبيد الله وعيسى بن أبان ومحمد بن مقاتل وشداد بن حكيم وغيرهم وقال الاتقانى في شرح الهداية إنما سمى المبسوط أصلا لأنه صنفه أولا ثم صنف كتاب الجامع الصغير ثم الجامع الكبير ثم الزيادات.
(قال الجامع) جلالته ووثاقته مستفيضة مشهورة وقد أثنى عليه كثير من المؤرخين منهم ابن خلكان في تاريخه واليافعي في مرآة الجنان والسمعاني في الأنساب والذهبي في العبر بأخبار من غبر وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين وبسطوا في ذكر أوصافه وطولوا الكلام في ذكر مناقبه وله تصانيف كثيرة منها المبسوط والجامع الصغير طالعته والجامع الكبير طالعته والسير الكبير طالعته والسير الصغير طالعته والزيادات طالعته وهذه هي المسماة بظاهر الرواية والأصول عندهم والرقيات والهارونيات والكيسانيات والجرجانيات وكتاب الآثار والموطأ طالعتهما وقد بسطت الكلام في ترجمته وذكر تصانيفه وما يتعلق بها في مقدمة الهداية ثم في مقدمة شرحي لشرح الوقاية المسمى بالسعاية وفقني الله لإنهائه كما وفقني لابتدائه ثم في النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير وأذكر أزيد من كل ذلك في مقدمة حاشيتي على موطأه المسماة بالتعليق الممجد على موطأ محمد. .

قلت:  عده ابن كمال من طبقة المجتهدين في المذهب الذين لا يخالفون أمامهم في الأصول وإن خالفوه في بعض المسائل وكذا عد أبا يوسف منهم وهو متعقب عليه فإن مخالفتهما للإمام فى الأصول كثيرة غير قليلة فالحق أنهما من المجتهدين المنتسبين كما صرح به عبد الوهاب الشعرانى في الميزان والمحدث ولي الله الدهلويي في تصانيفه وقد حققت ذلك في رسالتي النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير.

 الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي.

 

 

مُحَمَّد بن الْحسن بن فرقد بن أَبُو عبد الله الشَّيْبَانِيّ الإِمَام صَاحب الإِمَام تكَرر ذكره فى الْهِدَايَة وَالْخُلَاصَة أَصله من دمشق من قَرْيَة حرسته قدم أَبوهُ من الْعرَاق فولد مُحَمَّد بواسط وَصَحب أَبَا حنيفَة وَأخذ عَنهُ الْفِقْه ثمَّ عَن أبي يُوسُف وصنف الْكتب وَنشر علم أبي حنيفَة ويروي الحَدِيث عَن مَالك وَدون الْمُوَطَّأ وَحدث بِهِ عَن مَالك وَهُوَ ابْن أُخْت عبد الله بن مسلمة القعْنبِي قَالَ ابْن عبد الحكم سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن أَقمت على مَالك ثَلَاث سِنِين وَسبع مِنْهُ سبع مائَة حَدِيث ونيفا لفظا وروى عَن مسعر وَالثَّوْري وَعَمْرو بن دِينَار فى آخَرين روى عَنهُ الإِمَام الشَّافِعِي ولازمه وانتفع بِهِ

وَقَالَ أحدث وفى رِوَايَة سَمِعت عَن مُحَمَّد بن الْحسن وقربعير وَمَا رَأَيْت رجلا سمينا أفهم مِنْهُ قَالَ وَكَانَ إِذا تكلم خيل لَك أَن الْقُرْآن أنزل بلغتة قَالَ وَمَا رَأَيْت سمينا أخف روحا من مُحَمَّد بن الْحسن وَمَا رَأَيْت أفْصح مِنْهُ قَالَ وَكَانَ يمْلَأ الْقلب وَالْعين حَكَاهُ أَبُو عَمْرو وروى عَنهُ أَيْضا أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَقَالَ وَمَا رَأَيْت أعلم بِكِتَاب الله من مُحَمَّد بن الْحسن وَكتب عَنهُ يحيى بن معِين الْجَامِع الصَّغِير وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الخريمي قَالَ لِأَحْمَد بن حَنْبَل من أَيْن لَك هَذِه الْمسَائِل الدقيقة قَالَ من كتب مُحَمَّد بن الْحسن وروى عَنهُ أَبُو سُلَيْمَان الْجوزجَاني الْكتب وشاركه فى ذَلِك الْمُعَلَّى بن مَنْصُور وروى الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ كتب الشَّافِعِي إِلَى مُحَمَّد بن الْحسن وَقد طلب مِنْهُ كتبا فأخرها وَكتب إِلَيْهِ شعر ... قل لمن تَرَ عين من رَآهُ مثله ... وَلمن كَانَ رآى قد رَأْي من قبله الْعلم ينْهَى أَهله أَن يمنعوه أَهله ... لَعَلَّه يبذله لأَهله لَعَلَّه ... فأنفذ إِلَيْهِ الْكتب من وقته وَذكر فى كتاب التَّعْلِيم أَن من جملَة الْكتب الَّتِى طلبَهَا الشَّافِعِي السّير الْكَبِير لمُحَمد بن الْحسن قَالَ أَبُو ثَوْر سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول حضرت مَجْلِسا لمُحَمد بن الْحسن بالرقة وَفِيه جمَاعَة من بني هَاشم وقريش وَغَيرهم مِمَّن ينظر فى الْعلم فَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن قد وضعت كتابا لَو علمت أَن أحدا يرد عَليّ فِيهِ شَيْئا يتلقيه الْأَهْل لأتيته وَذكر حِكَايَة قَالَ أَبُو عبيد سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول لمُحَمد بن الْحسن وَقد دفع إِلَيْهِ خمسين دِينَار وَقَالَ لَا تحتشم فَقَالَ لَو كنت مِمَّن أحتشمه مَا قبلت برك وَكَانَ أَيْضا مقدما فى علم الْعَرَبيَّة والنحو الْحساب والفطنة ولى الْقَضَاء للرشيد بالرقة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ عزل عَنْهَا ثمَّ سَار مَعَه إِلَى الرّيّ وولاه الْقَضَاء بهَا فَتوفي بهَا سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة فى الْيَوْم الذى مَاتَ فِيهِ الْكسَائي فَقَالَ الرشيد دفنت الْفِقْه والعربية ورثاهما اليزيدي بِشعر حسن وَهُوَ شعر ... تصرمت الدُّنْيَا فَلَيْسَ خُلُود ... وَمَا قد نرى من بهجة سيبيد
لكل امرء منا من الْمَوْت منهل ... فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا عَلَيْهِ وُرُود
ألم تَرَ شَيْئا شَامِلًا ينْدر البلي ... وَإِن الشَّبَاب الغض لَيْسَ يعود
سيأتيك مَا أفنى الْقُرُون الَّتِى مَضَت ... فَكُن مستعدا فالفناء عتيد
أسفت على قَاضِي الْقُضَاة مُحَمَّد ... وأذريت دمعي والفؤاد عميد
فَقلت إِذا مَا اشكل الْخطب من لنا ... بإيضاحه يَوْمًا وَأَنت فقيد
وأوجعني موت الْكسَائي بعده ... وكادت بِي الأَرْض الفضاء تميد
وأذهلني عَن كل عَيْش وَلَذَّة ... وأرق عَيْني والعيون هجود
هما عالمانا أَو ديا وتخر مَا ... فَمَا لَهما فى الْعَالمين نديد ...

-الجواهر المضية في طبقات الحنفية - عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي محيي الدين الحنفي-

 

 

محمد بن الحسن بن فرقد، من موالي بني شيبان، أبو عبد الله:
إمام بالفقه والأصول، وهو الّذي نشر علم أبي حنيفة. أصله من قرية حرستة، في غوطة دمشق، وولد بواسط. ونشأ بالكوفة، فسمع من أبي حنيفة وغلب عليه مذهبه وعرف به وانتقل إلى بغداد، فولاه الرشيد القضاء بالرقة ثم عزله. ولما خرج الرشيد إلى خراسان صحبه، فمات في الري. قال الشافعيّ: (لو أشاء أن أقول نزل القرآن بلغة محمد ابن الحسن، لقلت، لفصاحته) ونعته الخطيب البغدادي بإمام أهل الرأي.
له كتب كثيرة في الفقه والأصول، منها (المبسوط - خ) في فروع الفقه، و (الزيادات - خ) و (الجامع الكبير - ط) و (الجامع الصغير - ط) و (الآثار - ط) و (السير - ط) و (الموطأ - ط) و (الأمالي - ط) جزء منه، و (المخارج في الحيل - ط) فقه، و (الأصل - ط) الأول منه، و (الحجة على أهل المدينة - ط) الأول منه، ولمحمد زاهد الكوثري (بلوغ الأماني - ط) في سيرته .

-الاعلام للزركلي-

 

 

أبو عبد اللَّه، محمدُ بنُ الحسنِ بنِ فرقدٍ الشيبانيُّ بالولاء، الفقيهُ الحنفيُّ.
أصله من قرية اسمها: حرستا؛ على باب دمشق في وسط الغوطة.
وقدم أبوه من الشام إلى العراق، وأقام بواسط، فولد بها محمدٌ المذكور، ونشأ بالكوفة، فطلب الحديث، ولقي جماعة من أعلام الأئمة، وحضر مجلس الإمام أبي حنيفة سنين، ثم تفقه على أبي يوسف؛ صاحب أبي حنيفة.
وصنف الكتب الكثيرة النادرة: منها: "الجامع الكبير"، و"الجامع الصغير"، وغيرهما، وله في مصنفاته المسائل المشكلة، خصوصًا المتعلقة بالعربية ونشر علم أبي حنيفة.
وكان من أفصح الناس، وكان إذا تكلم خُيل إلى سامعه أن القرآن نزل بلغته.
ولما دخل الإمام الشافعي بغداد، كان بها؛ وجرى بينهما مجالس ومسائل بحضرة هارون الرشيد. وقال الشافعي: ما رأيت أحدًا يسأل عن مسالة فيها نظر، إلا تبينت الكراهة في وجهه، إلا محمد بن حسن، وقال أيضًا: حملتُ من علم محمد بن الحسن وقر بعير. وقال أيضًا ما رأيتُ سمينًا ذكيًا إلا محمدَ بن الحسن.
وكان الرشيد قد ولاه قضاء الرقة، ثم عزله عنها، وقدم بغداد، ولم يزل ملازمًا للرشيد حتى خرج إلى الري، فخرج معه.
ومولده سنة خمس وثلاثين، ومات في سنة تسع وثمانين ومئة، وقيل: مات هو والكسائي في يوم واحد بالري، ومحمدٌ المذكورُ ابنُ خالة الفراء صاحبِ النحو واللغة.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.