يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي

القاضي أبي يوسف

تاريخ الولادة113 هـ
تاريخ الوفاة182 هـ
العمر69 سنة
مكان الولادةالكوفة - العراق
مكان الوفاةبغداد - العراق
أماكن الإقامة
  • الكوفة - العراق
  • بغداد - العراق

نبذة

القاضي أبي يوسف: هُوَ الإِمَامُ، المُجْتَهِدُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، قَاضِي القُضَاةِ، أبي يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَبِيْبِ بنِ حُبَيْشِ بنِ سَعْدِ بنِ بُجَيْرِ بنِ معاوية الأنصاري، الكوفي.

الترجمة

القاضي أبي يوسف:
هُوَ الإِمَامُ، المُجْتَهِدُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، قَاضِي القُضَاةِ، أبي يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَبِيْبِ بنِ حُبَيْشِ بنِ سَعْدِ بنِ بُجَيْرِ بنِ معاوية الأنصاري، الكوفي.
وَسَعْدُ بنُ بُجَير لَهُ صُحْبَةٌ، وَهُوَ سَعْدُ ابن حَبْتَة؛ وهي أمه، وهو بَجَلي، من حلفاؤء الأَنْصَارِ، شَهِدَ الخَنْدَقَ، وَغَيْرَهَا.
مَوْلِدُ أَبِي يُوْسُفَ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَالأَعْمَشِ، وَحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَلَزِمَه، وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَهُوَ أَنبَلُ تَلاَمِذَتِه، وَأَعْلَمُهُم، تَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ: كَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، وَمُعَلَّى بنِ مَنْصُوْرٍ، وَهِلاَلٍ الرَّأْيِ، وَابْنِ سَمَاعَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَأَسَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَعَمْرُو بنُ أَبِي عَمْرٍو الحَرَّانِيُّ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ أبيهُ فَقِيْراً، لَهُ حَانُوتٌ ضَعِيْفٌ، فَكَانَ أبي حَنِيْفَةَ يَتَعَاهَدُ أَبَا يُوْسُفَ بِالدَّرَاهِمِ، مائَةً بَعْدَ مائَةٍ.
فَرَوَى عَلِيُّ بنُ حَرْملَةَ التَّيْمِيُّ، عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَطْلُبُ العِلْمَ وَأَنَا مُقِلٌّ، فَجَاءَ أَبِي، فَقَالَ: يَا بُنِيَّ! لاَ تمدَّنَّ رِجْلَكَ مَعَ أَبِي حَنِيْفَةَ، فَأَنْتَ مُحْتَاجٌ. فَآثَرتُ طَاعَةَ أَبِي، فَأَعْطَانِي أبي حَنِيْفَةَ مائَةَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: الْزَمِ الحَلْقَةَ، فَإِذَا نَفَذَتْ هَذِهِ، فَأَعْلِمْنِي. ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ أَعْطَانِي مائَةً.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ رُبِّيَ يَتِيْماً، فَأَسلَمَتْه أُمُّهُ قَصَّاراً.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، قَالَ: مَرِضَ أبي يُوْسُفَ، فَعَادَهُ أبي حَنِيْفَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ: إِنْ يَمُتْ هَذَا الفَتَى، فَهُوَ أَعْلَمُ مَنْ عَلَيْهَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَوَّلُ مَا كَتَبتُ الحَدِيْثَ، اخْتَلَفتُ إِلَى أَبِي يُوْسُفَ، وَكَانَ أَمْيَلَ إِلَى المُحَدِّثِيْنَ مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي دَاوُدَ البُرُلُسي: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَثبَتَ فِي الحَدِيْثِ، وَلاَ أَحْفَظَ، وَلاَ أَصَحَّ رِوَايَةً مِنْ أَبِي يُوْسُفَ.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: أبي يُوْسُفَ صَاحِبُ حَدِيْثٍ، صَاحِبُ سنة.
وعن يحي البَرْمَكِيِّ، قَالَ: قَدِمَ أبي يُوْسُفَ، وَأَقَلُّ مَا فِيْهِ الفِقْهُ، وَقَدْ مَلأَ بِفِقْهِهِ الخَافِقَيْنِ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ أبي يُوْسُفَ مُنصِفاً فِي الحَدِيْثِ.

وَعَنْ أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ: صَحِبتُ أَبَا حَنِيْفَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَعَنْ هِلاَلٍ الرَّأْيِ، قَالَ: كَانَ أبي يُوْسُفَ يَحفَظُ التَّفْسِيْرَ، وَيَحفَظُ المَغَازِي، وَأَيَّامَ العَرَبِ، كَانَ أَحَدَ عُلُوْمِهِ الفِقْهُ.
وَعَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: كَانَ وِرْدُ أَبِي يُوْسُفَ فِي اليَوْمِ مائَتَيْ رَكْعَةٍ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: مَا أُخِذَ عَلَى أَبِي يُوْسُفَ إِلاَّ حَدِيْثُهُ فِي الحجْرِ، وَكَانَ صَدُوقاً.
قَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ عِنْد وَفَاتِهِ يَقُوْلُ: كُلُّ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ، فَقَدْ رَجَعتُ عَنْهُ، إِلاَّ مَا وَافَقَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ. وَفِي لَفْظٍ: إِلاَّ مَا فِي القُرْآنِ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ المُسْلِمُوْنَ.
قَالَ بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ: سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ: مَن طَلَبَ المَالَ بِالكِيْمِيَاءِ، أَفلَسَ، وَمَنْ طَلَبَ الدِّيْنَ بِالكَلاَمِ، تَزَندَقَ، وَمَنْ تَتَبَّعَ غَرِيْبَ الحَدِيْثِ، كُذِّبَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي "طَبَقَاتِ الحَنَفِيَّةِ": وَأبي يُوْسُفَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أبي حَاتِمٍ: يُكتب حَدِيْثُهُ.
بَكَّارُ بنُ قُتَيْبَةَ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أبي يُوْسُفَ البَصْرَةَ مَعَ الرَّشِيْدِ، اجْتَمَعَ الفُقَهَاءُ وَالمُحَدِّثُونَ عَلَى بَابِهِ، فَأَشرَفَ عَلَيْهِم، وَقَالَ: أَنَا مِنَ الفَرِيْقَيْنِ جَمِيْعاً، وَلاَ أُقدِّمُ فِرقَةً. عَلَى فِرقَةٍ قَالَ: وَكَانَ قَاضِيَ الآفَاقِ، وَوَزِيْرَ الرَّشِيْدِ، وَزَمِيْلَهُ فِي حَجِّه.
مُحَمَّدُ بنُ شُجَاعٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَبِي مَالِكٍ، سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ يَقُوْلُ: لاَ نُصَلِّي خَلْفَ مَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ. وَلاَ يُفْلِحُ مَنِ اسْتَحلَى شَيْئاً مِنَ الكَلاَمِ.
قُلْتُ: بَلَغَ أبي يُوْسُفَ مِنْ رِئَاسَةِ العِلْمِ مَا لاَ مَزِيْدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ الرَّشِيْدُ يُبَالِغُ فِي إِجْلاَلِه.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدَانَ: حَدَّثَنَا أبي سُلَيْمَانَ الجُوْزَجَانِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى الرَّشِيْدِ وَفِي يده دُرَّتان يقبلهما، فَقَالَ: هَلْ رَأَيْتَ أَحْسَنَ مِنْهُمَا? قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: وَمَا هُوَ? قُلْتُ: الوِعَاءُ الَّذِي هُمَا فِيْهِ. فَرَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، وَقَالَ: شَأْنُكَ بِهِمَا.
قَالَ بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ: تُوُفِّيَ أبي يُوْسُفَ يَوْمَ الخَمِيْسِ، خَامِسَ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي غُرَّةِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، وَعَاشَ تِسْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً. وَقَدْ أَفرَدتُ لَهُ تَرْجَمَةً فِي كراس.
وَمَا أَنبَلَ قَوْلَه الَّذِي رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنْ بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ يَقُوْلُ: العِلْمُ بِالخُصُوْمَةِ وَالكَلاَمِ جَهلٌ، وَالجَهْلُ بِالخُصُوْمَةِ وَالكَلاَمِ عِلْمٌ.
قُلْتُ: مِثَالُهُ شُبَهٌ وَإِشْكَالاَتٌ مِنْ نَتَائِجِ أَفَكَارِ أَهْلِ الكَلاَمِ، تُورَدُ فِي الجِدَالِ عَلَى آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيْثِهَا، فَيُكَفِّرُ هَذَا هَذَا، وَيَنْشَأُ الاعْتِزَالُ، وَالتَّجَهُّمُ، وَالتَّجسِيْمُ، وَكُلُّ بَلاَءٍ. نَسْأَلُ اللهَ العافية.

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي

 

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَدْلُ فِي قَضَائِهِ، الْمُتَطَوِّلُ بِنَعْمَائِهِ، الْعَلِيُّ فِي كِبْرِيَائِهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَشْرَفِ أَنْبِيَائِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ.
هَذِهِ تَرْجَمَةُ الإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ خُنَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَحِيرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الأَنْصَارِيِّ، عُرِضَ سَعْدُ بْنُ بَحِيرٍ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَصْغَرَهُ وَهُوَ سَعْدُ بْنُ حَبْتَةَ، شَهِدَ الْخَنْدَقَ وَمَا بَعْدَهَا، وَإِنَّ حَبْتَةَ هِيَ ابْنَةُ خَوَّاتِ بْنِ بَحِيرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَنَسَبْ سَعْدٍ فِي بُجَيْلَةَ وَإِنَّمَا حَالَفَ الأَنْصَارَ وَمِنْ وَلَدِهِ النُّعْمَانُ بْنُ سَعْدٍ الرَّاوِي عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَخُوهُ خُنَيْسُ بْنُ سَعْدٍ.

وُلِدَ أَبُو يُوسُفَ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ بِالْكُوفَةِ وَكَتَبَ الْعِلْمَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، فَسَمِعَ مَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَزَيْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَطَبَقَتِهِمْ

وَتَفَقَّهَ بأَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ أَجَلُّ أَصْحَابِهِ:

تَفَقَّهَ عَلَيْهِ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَرَوَى عَنْهُ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَابْنُ سَمَاعَةَ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، وَهِلالُ الرَّأْيِ، وَإبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، وَأَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْحَرَّانِيُّ، وَأَجَلُّ أَصْحَابِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.
وَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ لِمُوسَى الْهادِي، ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاءَ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ، وَعَلا شَأْنُهُ، وَهُوَ أَوَّلُ مِنْ دُعِيَ قَاضِي الْقُضَاةِ.
قَالَ مُكْرَمُ الْقَاضِي: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْمَلَةَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: " كُنْتُ أَطْلُبُ الْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ وَأَنَا مُقِلٌّ، فَجَاءَ أَبِي يَوْمًا وَأَنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، لا تَمُدَنَّ رِجْلَكَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ خُبْزَهُ مَشْوِيُّ وَأَنْتَ مُحَتَاجٌ إِلَى الْمَعَاشِ، فَآثَرْتُ طَاعَةَ أَبِي فَتَفَقَّدَنِي أَبُو حَنِيفَةَ، فَجَعَلْتُ أَتَعَاهَدُ مَجْلِسَهُ، فَلَمَّا أَتَيْتُ دَفَعَ إِلَيَّ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ لِي: الْزَمِ الْحَلَقَةَ، فَإِذَا نَفَدَتْ هَذِهِ فَأَعْلِمْنِي، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيَّ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ مِائَةَ أُخْرَى، ثُمَّ كَانَ يَتَعَاهَدُنِي، وَحَكَى أَنَّ أُمَّهُ هِيَ الَّتِي أَنْكَرَتْ عَلَيْهِ، وَأَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَأَنَّهَا أَسْلَمَتْهُ عِنْدَ قَصَّارٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ "
ثَنَاءُ الأَئِمَّةِ عَلَى أَبِي يُوسُفَ
ذَكَرَ أَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " مَرِضَ أَبُو يُوسُفَ، فَعَادَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ: إِنْ يَمُتْ هَذَا الْفَتَى فَهُوَ أَعْلَمُ مَنْ عَلَيْهَا، وَأَوْمَأَ إِلَى الأَرْضِ "
عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: " أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ الْحَدِيثَ اخْتَلَفْتُ إِلَى أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي، فَكَتَبْتُ عَنْهُ، ثُمَّ اخْتَلَفْتُ بَعْدُ إِلَى النَّاسِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ أَمْيَلُ إِلَيْنَا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ "
إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَثْبَتَ فِي الْحَدِيثِ وَلا أَحْفَظَ، وَلا أَصَحَّ رِوَايَةً مِنْ أَبِي يُوسُفَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ صَدُوقٌ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِ مَا فِي حَدِيثِ الْمَشَايِخِ يَعْنِي مِنَ الْغَلَطِ»

عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: «أَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ حَدِيثٍ، صَاحِبُ سُنَّةٍ»
مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: «قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو يُوسُفَ وَأَقَلُّ مَا فِيهِ الْفِقْهُ، وَقَدْ مَلأَ بِفِقْهِهِ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ»
بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: " سَأَلَنِي الأَعْمَشُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَبْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟ قُلْتُ: لِحَدِيثٍ حَدَّثْتَنَاهُ أَنْتَ، فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ، إِنِّي لأَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَ أَبَوَاكَ، فَمَا عَرِفْتُ تَأْوِيلَهُ إِلا الآنَ "
ابْنُ الثَّلْجِيِّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى الْفِقْهِ، أَوِ الْعِلْمِ اطِّلاعًا يَتَنَاوَلُهُ كَيْفَ يَشَاءُ»
عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، قَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنْ أَرْوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، إِلا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ»
يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ عِنْدَ وَفَاتِهِ: «كُلُّ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ فَقَدْ رَجِعْتُ، إِلا مَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ»

حَنْبَلٌ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: «أَبُو يُوسُفَ كَانَ مُنْصِفًا فِي الْحَدِيثِ»
قَالَ الْفَلاسُ: «أَبُو يُوسُفَ صَدُوقٌ كَثِيرُ الْغَلَطِ»
إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ، ثَنَا بِشْرٌ الْمِرِّيسِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «صَحِبْتُ أَبَا حَنِيفَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ رَتَعْتُ فِي الدُّنْيَا سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ أَجَلِي قَدْ قَرُبَ، فَمَا عَبَرَ يَسِيرٌ حَتَّى مَاتَ»
ابْنُ كَأْسٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: «لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُ أَبِي يُوسُفَ عِلْمًا، وَفِقْهًا، وَمَعْرِفَةً، وَلَوْلاهُ لَمْ يُذْكَرْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، لَكِنَّهُ نَشَرَ عِلْمَهُمَا»
أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي، عَنْ بَكْرٍ الْعَمِّيِّ، عِنْ هِلالِ الرَّأْيِ، قَالَ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ يَحْفَظُ التَّفْسِيرَ وَالْمَغَازِي وَأَيَّامُ الْعَرَبِ، وَكَانَ أَحَدُ عُلُومِهِ الْفِقْهُ»
قَالَ الْمُزَنِيُّ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ أَتْبَعَهُمْ لِلْحَدِيثِ»
أَحْمَدُ بْنُ عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَمَاعَةَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ يُصَلِّي بَعْدَ مَا وَلِيَ الْقَضَاءَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَتَيْ رَكْعَةٍ»

عَبَّاسٌ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ يُحِبُّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ وَيَمِيلِ إِلَيْهِمْ»
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " كُنَّا نَأْتِي أَبَا يُوسُفَ لَمَّا قَدِمَ الْبَصْرَةَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِعَشْرَةِ أَحَادِيثَ وَعَشْرَةِ آرَاءٍ وَأَرَاهُ، قال: مَا أَجِدُ عَلَى أَبِي يُوسُفَ إِلا حَدِيثَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي الْحَجْرِ، وَكَانَ صَدُوقًا "
وَمِنْ شَمَائِلِهِ
الطَّحَاوِيُّ، نَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، يَقُولُ: " لَمَّا قَدِمَ أَبُو يُوسُفَ الْبَصْرَةَ مَعَ الرَّشِيدِ، اجْتَمَعَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ عَلَى بَابِهِ، فَطَلَبَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمُ الدُّخُولَ إِلَيْهِ أَوَّلًا، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَأْذَنْ لِفَرِيقٍ مِنْهُمْ، وَقَالَ: أَنَا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا، وَلا أُقَدِّمُ فِرْقَةً عَلَى فِرْقَةٍ، ولَكِنِّي أَسْأَلُ الْفَرِيقَيْنِ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَيُّهُمْ أَصَابُوا دَخَلُوا، ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ مَضَغَ خَاتَمِي هَذَا حَتَّى هَشَّمَهُ مَا لِي عَلَيْهِ؟ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَلَمْ يُعْجِبْهُ قَوْلُهُمْ، وَقَالَ فَقِيهٌ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَصُوغًا وَيَأْخُذُ الْفِضَّةَ الْمَهْشُومَةَ، إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الْخَاتَمِ أَنْ يُمْسِكَهُ لِنَفْسِهِ، وَلا شَيْءَ عَلَى هَاشِمِهِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَدْخُلُ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ، وَدَخَلْتُ مَعَهُمْ، فَسَأَلَهُ الْمُسْتَمْلَى فَأَمْلَى حَدِيثًا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَقَالَ: مَا أَخَافُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ شَيْءٍ خَوْفِي عَلَيْهِ مِنْ كَلامِهِ فِي الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، فَوَقَعَ لِي أَنَّهُ أَرَادَ شُعْبَةَ، فَقُمْتُ، وَقُلْتُ: لا أَجْلِسُ فِي مَجْلِسٍ يُعَرَّضُ فِيهِ بِأَبِي بَسْطَامٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَرَجِعْتُ إِلَى نَفْسِي، فَقُلْتُ: هَذَا قَاضِي الآفَاقِ، وَوَزِيرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَزَمِيلُهُ فِي حَجِّهِ وَمَا يَضُرُّهُ غَضَبِي! فَرَجِعْتُ فَجَلَسْتُ حَتَّى فَرَغَ الْمَجْلِسُ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ إِقْبَالَ رَجُلٍ مَا كَانَ لَهُ هَمٌّ غَيْرِي، فَقَالَ: يَا هِشَامُ، وَإِذَا هُوَ يَعْنِينِي لأَنِّي كُنْتُ عِنْدَهُ بِبَغْدَادَ، وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِأَبِي بَسْطَامٍ سُوءًا، وَلَهُوَ فِي قَلْبِي أَكْبَرُ مِنْهُ فِي قَلْبِكَ فِيمَا أَرَى، وَلَكِنْ لا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا مِثْلَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ بَكَّارٌ: فَذَكَرْتُ هَذَا لِهِلالِ بْنِ يَحْيَى، فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ الَّذِي أَجَبْتُ أَبَا يُوسُفَ عَنِ الْخَاتَمِ "
ابْنُ الثَّلْجِيِّ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: «لِوَ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُشَاطِرَكُمْ مَا فِي قَلْبِي مِنَ الْعِلْمِ لَفَعَلْتُ»
وسَمِعْتُهُ، يَقُولُ: «مَرِضْتُ مَرَضًا نَسِيتُ فِيهِ كُلَّ مَا كُنْتُ أَحْفَظُهُ حَتَّى الْقُرْآنَ، وَلَمْ أَنْسَ الْفِقْهَ لأَنَّ عِلْمِي بِمَا سِوَى الْفِقْهِ عِلْمُ حِفْظٍ، وَعِلْمِي بِالْفِقْهِ عِلْمُ هِدَايَةٍ، كَرَجُلٍ غَابَ عَنْ بَلَدِهِ مُدَّةً، ثُمَّ قَدِمَ أَفَتَرَاهُ يَغِيبُ عَنْ طَرِيقِ مَنْزِلِهِ؟»
عَنْ هِلالِ الرَّأْيِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «مُخَاشَنَةُ الْوُلاةِ ذُلٌّ، وَمُخَاشَنَةُ الْقُضَاةِ فَقْرٌ»

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ الصَّكِّ يَعْنِي الأَسْجَالَ وَنَحْوَهُ: «لا أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ شُهُودٍ، اثْنَانِ يَمُوتَانِ، وَاثْنَانِ يَغِيبَانِ، وَاثْنَانِ لا يُؤَدِّيَانِ، وَاثْنَانِ يَثْبُتَانِ، وَاثْنَانِ يَزُورَانِ»
مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: " الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ: كَيْفَ وَلِمَ، وَتَعَاطَى مِرَاءً وَمُجَادَلَةً، اسْتَوْجَبَ الْحَبْسَ وَالضَّرْبَ الْمُبَرِّحَ "
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لا يُفْلِحُ مَنِ اسْتَحْلَى شَيْئًا مِنَ الْكَلامِ»
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لا يُصَلَّى خَلْفَ مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ»
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَرَّاحِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ يَعْنِي السَّفَّاحَ، قَدْ أَشْخَصَ الْعُلَمَاءَ، فَكُنَّا نَسْمَعُ تِلْكَ الأَيَّامَ»
عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «مَنْ قَالَ إِيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ»
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنِي فَرَجٌ مَوْلَى أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: رَأَيْتُ مَوْلايَ أَبَا يُوسُفَ «إِذَا دَخَلَ فِي الْقُنُوتِ لِلْوِتْرِ، رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ» ، إِنْ كَانَ فَرَجٌ ثِقَةً
أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَاضِي هَمَذَانَ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: " كَانَ أَبُو يُوسُف إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنَ، قَالَ: أَيُّ سَيْفٍ هُوَ غَيْرَ أَنَّ فِيهِ صَدَأً وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى جِلاءٍ، وَإِذَا ذَكَرَ الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ، قَالَ: هُوَ عِنْدِي كَالصَّيْدَلانِيِّ إِذَا سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يُطْلِقُ بَطْنَهُ أَعْطَاهُ مَا يُمْسِكُهُ، وَإِذَا ذَكَرَ بِشْرًا، يَقُولُ: هُوَ كَإِبْرَةِ الرَّفَّاءِ طَرْفُهَا دَقِيقٌ وَهِيَ سَرِيعَةُ الانْكِسَارِ، وَإِذَا ذَكَرَ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: هُوَ كَجَمَلٍ حَمَلَ حِمْلا فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ، فَيَذْهَبُ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ "
الطَّحَاوِيُّ، ثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: " قَدِمَ عَلَيْنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا؟ فَقَالَ: الْعِتْقُ بَاطِلٌ، قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَ الآخَرُ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِكَ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا بَاطِلًا، فَإِذَا كَانَ عِتْقُ مَوْلَيَيْهِ لا يَجُوزُ، فَمَنْ يَجُوزُ عِتْقُهُ فِيهِ "
أَبُو بَكْرٍ الْخَصَّافُ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادِ، قَالَ: " كُنَّا يَوْمًا بِبَابِ أَبِي يُوسُفَ إِذْ أَقْبَلَ مِنْ دَارِ الرَّشِيدِ يَبْتَسِمُ، فَقَالَ: حَدَثَتْ مَسْأَلَةٌ فِي دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ أَنَّ قَاضِيًا بِأَرْمِنِيَّةَ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ جَارِيَتَانِ فِي جَرَّتَيْنِ، وَقَدِ اسْتَقَتَا مَاءً فَوَضَعَتَا الْجَرَّتَيْنِ لِتَسْتَرِيحَا، فَسَقَطَتْ جَرَّةٌ عَلَى الأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا، فَاخْتَصَمَتَا إِلَى الْقَاضِي، فَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا: سَقَطَتْ جَرَّةُ هَذِهِ عَلَى جَرَّتِي وَكَسَرَتْهَا، فَجَعَلَ الْقَاضِي يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا لا يَعْرِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَالَ لِلْقَيِّمِ: أَخِّرْهُمَا، ثُمَّ صَاحَتَا وَاوَيْحَتَا! فَقَالَ لِلْقَيِّمِ: اذْهَبْ فَاشْتَرِ لَهُمَا جَرَّتَيْنِ وَأَرْضِ كُلًا مِنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، قَالَ لِرَجُلٍ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ: مَاذَا يَقُولُ النَّاسُ وَيَخُوضُونَ فِيهِ مِنْ أَمْرِنَا؟ قَالَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقَاضِي لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَحْكُمَ فِي جَرَّتَيْنِ حَتَّى غَرِمَهُمَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَفَلا يَرْضَوْنَ مِنِّي أَنْ أَحْكُمَ فِيمَا أُحْسِنُ، وَأَغْرَمَ فِيمَا لا أُحْسِنُ؟ ! قَالَ أَبُو يُوسُفَ: فَقُلْتُ: يَا أمير الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا رَجُلٌ عَاقِلٌ فَزِدْ فِي أَرْزَاقِهِ لِلْغَرَامَاتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَقُلْنَا لأَبِي يُوسُفَ: كَيْفَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ قَالَ: إِنْ كَانَتَا وَضَعَتَا الْجَرَّتَيْنِ فِي مُسْتَرَاحٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَاعِلَةٌ جَرَّتَهَا فِي حَقِّهَا غَيْرَ جَانِيَةٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قِيمَةُ جَرَّةِ صَاحِبَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا فِي مُسْتَرَاحٍ وَالأُخْرَى فِي غَيْرِ مُسْتَرَاحٍ، فَالَّتِي فِي غَيْرِ الْمُسْتَرَاحِ جَانِيَةٌ عَلَى صَاحِبَتِهَا ".
بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «مَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِمْيَاءِ أَفْلَسَ، وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلامِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ الْحَدِيثَ كَذِبَ»
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الْجُوزْجَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: " دَخَلْتُ عَلَى الرَّشِيدِ وَفِي يَدَيْهِ دُرَّتَانِ يُقُلِّبُهُمَا، فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ، هَلْ رَأَيْتَ أَحْسَنَ مِنْ هَاتَيْنِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: الْوِعَاءَ الَّذِي هُمَا فِيهِ، قَالَ: فَرَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، وَقَالَ: شَأْنُكَ بِهِمَا، فَأَخَذْتُهُمَا وَقُمْتُ "

الطَّحَاوِيُّ: نَا بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ فِي مَرَضِهِ، يَقُولُ: " وَاللَّهِ مَا زَنَيْتُ قَطُّ، وَلا جُرْتُ فِي حُكْمٍ، وَلا أَخَافُ مِنْ شَيْءٍ إِلا مِنْ شَيْءٍ كَانَ مِنِّي كُنْتُ آخُذُ الْقَصَصَ، فَأَقْرَؤُهَا عَلَى الرَّشِيدِ، ثُمَّ أُوَقِّعُ لأَصْحَابِهَا بِحَضْرَتِهِ، فَأَخَذْتُ قِصَّةً لِنَصْرَانِيٍّ فِي ضَيْعَةٍ بِيَدِ الرَّشِيدِ يَزْعُمُ أَنَّهُ غَصَبَهُ إِيَّاهَا، فَدَعَوْتُ النَّصْرَانِيَّ وَقَرَأْتُ قِصَّتَهُ عَلَى الرَّشِيدِ، فَقَالَ: هَذِهِ الضَّيْعَةُ لَنَا وَرِثْنَاهَا عَنِ الْمَنْصُورِ، فَقُلْتُ لِلنَّصْرَانِيِّ: قَدْ سَمِعْتَ أَفَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: لا وَلَكِنْ حَلِفُهُ، فَقُلْتُ: الْحَلِفُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَلَفَ وَذَهَبَ النَّصْرَانِيُّ، فَأَخَافُ مِنْ تَرْكِي أَنْ أُقْعِدَ النَّصْرَانِيَّ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَجْلِسَ الْخَصْمِ "
عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَذْكُرُونَ تَجِيزُ شَهَادَةَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ مَا يَكُونُ حَتَّى يَكُونَ؟ قَالَ: «وَيْحَكَ! هَذَا إِنْ تَابَ وَإلا قَتَلْتُهُ».
بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَطَأْ فَرْجًا حَرَامًا، وَأَنِّي لَمْ آكُلْ دِرْهَمًا حَرَامًا، وَأَنَا أَعْلَمُ».
ابْنُ كَأْسٍ: ثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْقَزْوِينِيُّ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ الْعَرَبِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ عِنْدَ مَوْتِهِ، يَقُولُ: «لَيْتَنِي مِتُّ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِقْهِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ دَخَلْتُ فِي الْقَضَاءِ وَلَمْ أَتَعَمَّدْ جُورًا، وَلا رَفَعْتُ خَصْمًا عَلَى خَصْمٍ مِنْ سُلْطَانٍ وَلا سُوقَةٍ».

الطَّحَاوِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْقَوَّاسُ، وَقِيلَ: لَمْ يَكُنْ بِبَغْدَادَ أَفْضَلَ مِنْهُ، قَالَ: قَالَ لِي مَعْرُوفٌ الْكَرْخَيُّ: إِنْ تُوِفُّيَ أَبُو يُوسُفَ، فَأَعْلِمْنِي، فَمَضَيْتُ فَإِذَا أَنَا بِجِنَازَةِ أَبِي يُوسُفَ، فَمَضَيْتُ مَعَهَا، وَقُلْتُ: إِنْ رَجِعْتُ إِلَى مَعْرُوفٍ فَاتَتْنِي الْجِنَازَةُ، وَلَمْ يُدْرِكْهَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفْتُ أَتَيْتُهُ، وَقُلْتُ: لَوْ رَجِعْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُدْرِكْهَا، فَاغْتَمَّ! فَقُلْتُ: مَا يَغُمُّكَ؟ قَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ كَأَنِّي أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ قَصْرًا، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالَ: لِيَعْقُوبَ الْقَاضِي، قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ اسْتَحَقَّ هَذَا؟ قَالَ: بِتَعْلِيمِهِ الْعِلْمَ وَبِكَثْرَةِ وَقِيعَةِ النَّاسِ فِيهِ ".
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " كَانَ فِي أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَثْغَةٌ، فَكَانَ يحَدَّثَنَا، فَيَقُولُ: ثَنَا مَطْيَفُ بْنُ طَيِيفٍ الْحَايِثِيُّ أَيْ مُطْرَفُ بْنُ طَرِيفٍ الْحَارِثِيُّ ".
قَالَ أَبُو حَسَّانَ الزِيَادِيُّ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ قَاضِي الرَّشِيدِ، فَاسْتَخْلَفَ وَلَدَهُ يُوسُفَ وَكَانَ يَقْضِي مَعَهُ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو يُوسُفَ أَقَرَّ الرَّشِيدُ ابْنَهُ عَلَى الْقَضَاءِ إِلَى أَنْ مَاتَ يُوسُفُ».
الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ، سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَبِي يُوسُفَ، يَقُولُ: «وُلِّيتُ الْقَضَاءَ وَوَلِيَ أَبِي مِنْ قَبْلِي، فَكَانَتْ وِلايَتُنَا الْقَضَاءَ ثَلاثِينَ سَنَةً، مَا بَلِينَا أَنْ نَقْضِيَ بَيْنَ جَدٍّ وَأَخٍ».

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ وَذَكَرَ أَبَا يُوسُفَ، فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: صَدُوقٌ كَثِيرُ الْغَلَطِ، قُلْتُ: وَلِقَاضِي الْقُضَاةِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ أَخْبَارٌ فِي السُّؤْدُدِ وَالْكَرَمِ، وَالْمُرُوءَةِ، وَالْجَاهِ الْعَرِيضِ، وَالْحُرْمَةِ التَّامَةِ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ، وَأَخْبَارٌ فِي الْحَطِّ عَلَيْهِ بَعْضُهَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ أَوْرَدَهَا الْعُقَيْلِيُّ، وَابْنُ ثَابِتٍ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ وَغَيْرُهُمَا.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ اللَّبْقِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ مَرِيضٌ بِجُرْجَانَ، فَقَالَ: «اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ رَجِعْتُ عَنْ كُلِّ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ النَّاسَ، إِلا مَا فِي الْقُرْآنِ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ».

قَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ: «تُوِفِّيَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعِ الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ».

وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي رَبِيعِ الآخَرِ بِبَغْدَادَ وَلَهُ تِسْعٌ وَسِتُّونَ سَنَةٌ.
يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، سَمِعْتُ شُجَاعَ بْنَ مُخَلَّدٍ، يَقُولُ: «حَضَرْنَا جِنَازَةَ أَبِي يُوسُفَ».
فَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ: «يَنْبَغِي لأَهْلِ الإِسْلامِ أَنْ يُعَزِّيَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا بِأَبِي يُوسُفَ».
وَمِنْ حَدِيثِهِ:

مَاأَخْبَرَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوهِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ، أَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الطَّلايَةِ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخْلِصُ، ثَنَا أَبُو حَامِدٍ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، أَنَا أَبُو يُوسُفَ، نَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ قَوْمَ مَاعِزٍ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَاسْتَأْذَنُوهُ فِي دَفْنِهِ وَالصَّلاةِ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُمْ».
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الْعُقَيْلِيُّ الْحَنَفِيُّ، أَنَا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ، أَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الصَّابُونِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ الْبَيِّعُ، قَالا: أَنَا قَرَاتِكِينُ بْنُ أَسْعَدٍ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ، ثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا جَدِّي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَوْ وَجَدْتُ إِلَّا مُدًّا لاغْتَسَلْتُ».
وَبِالإِسْنَادِ، ثَنَا أَبُو يُوسُفَ، ثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «لا وُضُوءَ فِي الْقُبْلَةِ».
أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ عَلانَ، وَالْمُؤَمِّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، كِتَابَةً قَالُوا: أَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُقْرِئ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رُزَيْقٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو عُمَرَ بْنِ مَهْدِيٍّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُخَلَّدٍ، ثَنَا عَبْدُوَسُ بْنُ بِشْرٍ الرَّازِيُّ، ثَنَا أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ».
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ صَصَرَى، أَنَا عَلِيُّ بْنُ سُرُورٍ الْخَشَّابُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، أَنَا الْمُسَدَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَمْلُوكِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَلَبِيُّ بِحِمْصٍ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ الْكِنْدِيُّ، ثَنَا جَدِّي لأُمِّي وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سَكِينَةَ الْحَلَبِيُّ، ثَنَا أَبُو يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا فَعَلَّمَهُ وَقَضَى بِهِ "
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

تَرْجَمَةُ الإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لِلإِمَامِ الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 748 قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ

من كتاب مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه للذهبي.

 

 

يعقوب بن إبراهيم أبي يوسف: مات ببغداد سنة اثنتين وثمانين ومائة، وكان من أصحاب الحديث ثم غلب عليه الرأي. وأخذ الفقه عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ثم عن أبي حنيفة، وولي القضاء لهارون الرشيد.

- طبقات الفقهاء / لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.

 

 

- أَبُو يُوسُف، صَاحبه
سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ، وَله سبع وَثَمَانُونَ سنة.

تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم-لأبو المحاسن المفضل التنوخي المعري.

 

 

أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَاضِي الْأَنْصَارِيُّ صَدُوقٌ فِي الْحَدِيثِ وَمَحِلُّهُ فِي الْفِقْهِ كَبِيرٌ سَمِعَ الْأَعْمَشَ وَأَقْرَانَهُ مِنْ أَشْيَاخِ الْكُوفَةِ وَيَرْوِي عَنِ الضُّعَفَاءِ وَيُخْطِئُ فِي أَحَادِيثَ. قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لَيْسَ الْحَدِيثُ مِنْ صِنَاعَتِهِ.

وَأَخْطَأَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ عَنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ» وَإِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ التَّيْمِيُّ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَدِيثُ مُخَرَّجُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ كَتَبَا عَنْهُ كُتُبَهُ ثُمَّ تَرَكَا الرِّوَايَةَ عَنْهُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَكَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيْ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَكَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ السَّلَفَ يَقُولُونَ: مَنْ لَا يَعْرِفُ لِأُسْتَاذِهِ لَا يُفْلِحُ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَكَانَ شَدِيدًا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ.

الإرشاد في معرفة علماء الحديث - أبو يعلى الخليلي، خليل بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن الخليل القزويني.

 

 

يعقوب بن إبراهيم بن حبيب أبو يوسف كان صاحب حديث حافظًا ولزم أبا حنيفة وغلب عليه الرأي وولي قضاء بغداد فلم يزل بها حتى مات سنة 183 في خلافة هارون الرشيد وابنه يوسف وُلّي قضاء الجانب الغربي في حياة أبيه وتوفي سنة 192 وكان أبو يوسف هو المقدم من أصحاب الإمام وأول من وضع الكتب على مذهب أبي حنيفة وأملى المسائل ونشرها وبث علم أبي حنيفة في أقطار الأرض وله الأمالي والنوادر.
(قال الجامع) وله كتاب الخراج قد طالعته مختصر نفيس وجلالته مستفيضة وترجمته في كتب كثيرة وقد ذكرت نبذًا منها في مقدمة الهداية وفي مقدمة شرح شرح الوقاية وغيره.

 الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي.

 

 

القاضي أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي ، وُلِد سنة ( 113 هـ ) ، روى عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى والامام أبا حنيفة النعمان بن ثابت وغيرهم، وروى عنه محمد بن الحسن الفقيه وأحمد بن حنبل وغيرهما ومن مؤلفاته ( كتاب الخراج ) ، ( والأمالي ) ، ( والآثار ) وغيرها ، وتوفي سنة ( 182 هـ ) ببغداد . ينظر : وفيات الأعيان لابن خلكان ، 6/378-388 ، وتذكرة الحفاظ ، للذهبي ، 1/214 .

 

 

يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خُنَيس بن سعد بن حَبْتَة أبي يوسف

القاضي.
صاحب أبي حنيفة.
وسعد بن حبتة: هو سعد بن عوف بن بَحِير بن معاوية الأنصاري.
وأمه حبتة بنت مالك، من بني عمرو بن عوف.
أخذ أبي يوسف عن أبي حنيفة.
وولي القضاء لثلاثة من الخلفاء: المهدي، والهادي، والرشيد.
وكان إليه تولية القضاء في المشرق والمغرب.
قال أحمد وابن معين: ثقة.
مات ببغداد، يوم الخميس، لخمس خلون من ربيع الأول، سنة اثنتين وثمانين، وقيل: لخمس خلون من ربيع الآخر، سنة إحدى وثمانين ومائة.
وقال: ما قلتُ قولًا خالفتُ فيه أبا حنيفة إلا وهو قول قاله ثم رغب عنه. وأوصى بمائة ألف لأهل مكة، ومائة ألف لأهل المدينة، ومائة ألف لأهل الكوفة، ومائة ألف لأهل بغداد.
قلت: ورأيت بخط شيخنا-منتقي هذه التراجم- حاشية فيها: أبي يوسف أول من خوطب بقاضي القضاة، وأول من غيَّر لباس العلماء بهذا الزَّيّ، وذلك كله في خلافة الرشيد.
وهو أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة، وأملى المسائل، ونشرها، وبث علم أبي حنيفة في أقطار الأرض.
وقيل: لولا أبي يوسف ما ذُكِر أبي حنيفة.
قلت: وفي فهرست النديم: ولأبي يوسف من الكتب: "الأمالي" كتاب" الصلاة" كتاب"الزكاة" كتاب "الفرائض" كتاب" البيوع" كتاب" الحدود" كتاب " الوكالة" كتاب " الوصايا" كتاب الصيد والذبائح" كتاب" الغصب والاستبراء".
ولأبي يوسف " إملاء" رواه بشر بن الوليد، يحتوي على ستة وثلاثين كتابًا فيما فرَّعه أبي يوسف؛ كتاب " اختلاف الأمصار" كتاب"الرد على مالك بن أنس"، كتاب رسالته في "الخراج" إلى الرشيد.
قلت: طالعته مرات، كتاب" الجوامع" ألفه ليحيى بن خالد، يحتوي على أربعين كتابًا، ذكر فيه اختلاف الناس، والرأي المأخوذ به. انتهى.
تاج التراجم - لأبي الفداء زين الدين أبي العدل قاسم بن قُطلُوبغا السودوني

 

 

أَبُو يُوسُف القَاضِي
الإِمَام الْعَلامَة فَقِيه العراقين يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ الْكُوفِي
صَاحب أبي حنيفَة
سمع هِشَام بن عُرْوَة وَعَطَاء بن السَّائِب والطبقة

وَعنهُ ابْن معِين وَأحمد وَعلي بن الْجَعْد وَخلق
قَالَ الْمُزنِيّ أَبُو يُوسُف أتبع الْقَوْم للْحَدِيث
وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ فِي أَصْحَاب الرَّأْي أحد أَكثر حَدِيثا وَلَا أثبت مِنْهُ وَعنهُ أَيْضا أَبُو يُوسُف صَاحب حَدِيث وَصَاحب سنة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف من طلب غرائب الحَدِيث كذب وَمن طلب المَال بالكيمياء أفلس وَمن طلب الدّين بالْكلَام تزندق
وَقَالَ أَيْضا الْخُصُومَة وَالْكَلَام جهل وَالْجهل بِالْخُصُومَةِ وَالْكَلَام علم أسْندهُ فِي ذمّ الْكَلَام
قَالَ أَحْمد كَانَ أَبُو يُوسُف منصفاً فِي الحَدِيث
وَقَالَ الفلاس صَدُوق كثير الْغَلَط مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة عَن تسع وَسِتِّينَ سنة

طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.

 

 

أبي يوسف: هو أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الكوفى، من سلالة سعد ابن حبته الصحابى، ولد سنة ١١٣ ه بالكوفة. قرأ على هشام بن عروة و أبى إسحاق الشيبانى و سليمان التيمى و محمد بن إسحاق، و كان شيوخه فى الفقه محمد بن عبد الرحمن ابن أبى ليلى و أبا حنيفة، و قد تولى منصب القضاء ببغداد فى عهد الخليفة الهادى. و كان فى مذهبه الفقهى يعترف بمبدأ الرأى. و قد توفى سنة ١٨٢ ه ببغداد. تاريخ التراث العربى.

الأرج المسكي في التاريخ المكي وتراجم الملوك والخلفاء -  علي بن عبد القادر الطبري

 

 

القاضي أبو يوسف، يعقوبُ بنُ إبراهيمَ بنِ حبيب بن خنيس بنِ سعدِ بنِ حبتةَ الأنصاريُّ.
وسعدُ بن حبتة أحد الصحابة، وهو مشهور في الأنصار بأمه، وهي حبتة بنت مالك من بني عمرو بن عوف.
كان القاضي أبو يوسف من أهل الكوفة، وهو صاحب أبي حنيفة، وكان فقيهًا عالمًا حافظًا، سمع أبا إسحق الشيباني، وسليمان التيمي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والأعمش، وهشامَ بنَ عروة، وعطاء بن السائب، ومحمدَ بن إسحق بن يسار، وتلك الطبقة، وجالس محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ثم جالس أبا حنيفة النعمان بن ثابت، وكان الغالب عليه مذهب أبي حنيفة، وخالفه في مواضع كثيرة، وروى عنه: محمد بن الحسن الشيباني الحنفي، وبشر بن الوليد الكندي، وعلي بن جعد، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، في آخرين، وكان قد سكن بغداد، وتولى القضاء بها لثلاثة من الخلفاء: المهدي، وابنه الهادي، ثم هارون الرشيد، وكان الرشيد يكرمه ويُجِلُّه، وهو أول من دعي بقاضي القضاة، ويقال: إنه أول من غير لباسَ العلماء إلى هذه الهيئة التي هم عليها في هذا الزمان، وكان ملبوس الناس قبل ذلك واحدًا لا يتميز أحد عن أحد بلباسه. ولم يختلف يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني في ثقته في النقل، وذكر ابن عبد البر في كتاب "الانتهاء في فضائل الثلاثة الفقهاء": أن أبا يوسف كان حافظًا، وأنه كان يحضر المحدث، ويحفظ خمسين أو ستين حديثًا، ثم يقوم فيمليها على الناس، وكان كثير الحديث. وقال محمد بن جرير الطبري: وتحامى حديثَه قومٌ من أهل الحديث من أجل غلبة الرأي عليه، وتفريعه الفروع والأحكام، مع صحبة السلطان وتقلده القضاء.
قال طلحة بن محمد بن جعفر: أبو يوسف مشهور الأمر، ظاهر الفضل، أفقَهُ أهل عصره، ولم يتقدمه أحد في زمانه، وكان النهايةَ في العلم والحكم والرئاسة والقدر، وهُوَ أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة، وأملى المسائل، ونشرها، وبث علم أبي حنيفة في أقطار الأرض. قال عمار بن أبي مالك: ما كان في أصحاب أبي حنيفة مثلُ أبي يوسف، لولا أبو يوسف ما ذكر أبو حنيفة، ولا محمد بن أبي ليلى، ولكنه هو الذي نشر قولَهما، وبث علمَهما.
وقال أبو يوسف: سألني الأعمش عن مسألة، فأجبته عنها، فقال لي، من أين لك هذا؟ فقلت من حديثك الذي حدثتنا أنت، ثم ذكرتُ له الحديث، فقال لي: يا يعقوب! إني لأحفظ هذا الحديث قبل أن يجتمع أبواك؛ وما عرفتُ تأويله حتى الآن.

ومن كلام أبي يوسف: العلمُ شيء لا يعطيك بعضَه حتى تعطيه كُلَّك، وأنت إذا أعطيته كلك من إعطائه البعضَ على غرور. وأخبار أبي يوسف كثيرة، وأكثر الناس من العلماء على تفضيله وتعظيمه. وقد نقل الخطيب البغدادي في "تاريخه الكبير" ألفاظًا عن عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسن الدارقطني، وغيرهم ينبو السمع عنها، فتركت ذكرها، واللَّه أعلم بحاله.
وكانت ولادته سنة 113، وتوفي يوم الخميس أول وقت الظهر لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة 182 ببغداد. وولي القضاء سنة 166، ومات وهو على القضاء.
وأما ولدُه يوسف، فإنه كان قد نظر في الرأي، وفَقُهَ، وسمع الحديث من يونس بن أبي إسحق السَّبيعي، والسري بن يحيى، وغيرهما، وولي القضاء بالجانب الغربي من بغداد في حياة أبيه، وصلى بالناس الجمعة في مدينة منصور بأمر هارون الرشيد، ولم يزل على القضاء إلى أن مات في رجب سنة 192 ببغداد - رحمه الله تعالى -.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

أبُو يُوسف
(113 - 182 هـ = 731 - 798 م)
يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، أبو يوسف:
صاحب الإمام أبي حنيفة، وتلميذه، وأول من نشر مذهبه. كان فقيها علامة، من حفاظ الحديث. ولد بالكوفة. وتفقه بالحديث والرواية، ثم لزم أبا حنيفة، فغلب عليه " الرأي " وولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد. ومات في خلافته، ببغداد، وهو على القضاء. وهو أول من دُعي " قاضي القضاة " ويقال له: قاضي قضاة الدنيا!، وأول من وضع الكتب في أصول الفقه، على مذهب أبي حنيفة. وكان واسع العلم بالتفسير والمغازي وأيام العرب.
من كتبه " الخراج - ط " و " الآثار - ط " وهو مسند أبي حنيفة، و " النوادر " و " اختلاف الأمصار " و " أدب القاضي " و " الأمالي في الفقه " و " الرد على مالك ابن أنس " و " الفرائض " و " الوصايا " و " الوكالة " و " البيوع " و " الصيد والذبائح " و " الغصب والاستبراء " و " الجوامع " في أربعين فصلا، ألفه ليحيى بن خالد البرمكي، ذكر فيه اختلاف الناس والرأي المأخوذ به. قلت: وللمعاصر محمد زاهد الكوثري " حسن التقاضي، في سيرة الإمام أبي يوسف القاضي - ط " (2) .

-الاعلام للزركلي-

 

 

يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم القَاضِي الْأنْصَارِيّ أَبُو يُوسُف قَالَ ابْن عبد الْبر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن أَبَا يُوسُف القَاضِي هُوَ يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن حبيب بن خُنَيْس بن سعد بن حبتة الْأنْصَارِيّ وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ سعد بن حبتة هُوَ سعد بن عَوْف بن بحير بن معوية وَأمه حبتة بنت مَالك من بني عَمْرو بن عَوْف جَاءَت بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا لَهُ وبرك عَلَيْهِ وَمسح على رَأسه وَمن وَلَده النُّعْمَان بن سعد الذى روى عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَمن وَلَده أَيْضا خُنَيْس بن سعد وَمن وَلَده أَيْضا أَبُو يُوسُف القَاضِي أَخذ الْفِقْه عَن الإِمَام وَهُوَ الْمُقدم من أَصْحَاب الإِمَام وَولى الْقَضَاء لثَلَاثَة خلفاء الْمهْدي وَالْهَادِي والرشيد قَالَ أَبُو عمر لَا أعلم قَاضِيا كَانَ إِلَيْهِ تَوْلِيَة الْقَضَاء فى الْآفَاق من الشرق إِلَى الغرب إِلَّا أَبَا وصف هَذَا فى زَمَانه وَأحمد بن أبي دَاوُد فى زَمَانه قَالَ أَحْمد وَابْن معِين وَابْن المدينى ثِقَة مَاتَ بِبَغْدَاد يَوْم الْخَمِيس وَقت الظّهْر لخمس خلون من ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَقيل لخمس لَيَال خلون من ربيع الآخر سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَة قَالَ ابْن أبي الْعَوام حَدثنِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمَّاد حَدثنِي مُحَمَّد بن شُجَاع سَمِعت الْحسن بن أبي مَالك وعباس ابْن الْوَلِيد وَبشر بن الْوَلِيد وَأَبا عَليّ الرَّازِيّ يَقُولُونَ سمعنَا أَبَا يُوسُف يَقُول مَا قلت قولا خَالَفت فِيهِ أَبَا حنيفَة إِلَّا وَهُوَ قَول قَالَه ثمَّ رغب عَنهُ قَالَ الطَّحَاوِيّ سَمِعت على ابْن الْحُسَيْن أَبَا عبيد القَاضِي يَقُول حَدثنِي ابْن فهم حَدثنِي ابْن زَنْجوَيْه حَدثنِي أَحْمد ابْن حَنْبَل قَالَ كنت فى مجْلِس أبي يُوسُف القَاضِي حِين أَمر ببشر المريسي فجر بِرجلِهِ فَأخْرج ثمَّ رَأَيْته بعد ذَلِك فى الْمجْلس فَقيل لَهُ على مَا فعل بك رجعت إِلَى الْمجْلس فَقَالَ لست أضيع حظي من الْعلم لما فعل بِي بالْأَمْس رَأَيْت فى كتاب اللؤلؤيات أَن أَبَا يُوسُف القَاضِي أوصى بِمِائَة ألف لأهل مَكَّة وَمِائَة ألف لأهل الْمَدِينَة وَمِائَة ألف لأهل الْكُوفَة وَمِائَة ألف لأهل بَغْدَاد وَتقدم فى تَرْجَمَة عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن رضوَان الْمَنَام الذى رأه لمعروف الْكَرْخِي لأبي يُوسُف رَحِمهم الله تَعَالَى

-الجواهر المضية في طبقات الحنفية - عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي محيي الدين الحنفي-

 

 

يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش بن سعد بن بجير بن معاوية أبي يوسف الانصاري الكوفي. ولد سنة (113هـ). سمع: أبا إسحاق الشيباني، وسليمان التيمي وغيرهما، وروى عنه: محمد بن الحسن الشيباني، وبشر بن الوليد الكندي وغيرهما، وقال هلال بن يحيى: كان أبي يوسف يحفظ التفسير والمغازي وأيام العرب، وكان أقل علومه الفقه، ولم يكن في أصحاب أبي حنيفة مثل أبي يوسف (ت: 182ه). ينظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: 16/359.ووفيات الأعيان لابن خلكان: 6/382، 388. وسير أعلام النبلاء للذهبي: 8/535.