سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصورالحيري ابن عثمان

أبي عثمان النيسابوري الحيري

تاريخ الولادة230 هـ
تاريخ الوفاة298 هـ
العمر68 سنة
مكان الولادةالري - إيران
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • الري - إيران
  • نيسابور - إيران
  • العراق - العراق

نبذة

بي عثمان الحيري - 298 للهجرة سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور، الحيري ابن عثمان. اصله من الري، ثم أقام بنيسأبير. صحب شاه الكرماني، وأقام عند أبي حفص الحداد، وتخرج به، وصاهره بابنته. وكان يقال: " في الدنيا ثلاثة لا رابعة لهم: أبي عثمان الحيري بنيسأبير، والجنيد ببغداد، وأبي عبد الله بن جلاء بالشام ".

الترجمة

أبي عثمان الحيري - 298 للهجرة
سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور، الحيري ابن عثمان. اصله من الري، ثم أقام بنيسأبير.
صحب شاه الكرماني، وأقام عند أبي حفص الحداد، وتخرج به، وصاهره بابنته. وكان يقال: " في الدنيا ثلاثة لا رابعة لهم: أبي عثمان الحيري بنيسأبير، والجنيد ببغداد، وأبي عبد الله بن جلاء بالشام ".

ومن كلامه: " لا يكمل الرجل حتى يستوي في قلبه أربعة أشياء: المنع والعطاء، والعز والذل ".
وقال: " موافقة الأخوان خير من الشفقه عليه ".
وقال: " منذ أربعين سنة، ما أقامني الله في حال فكرهته، ولا نقلني إلى غيره فسخطته ".
وقال: " من اضر به الرجاء - حتى قارب الأمن - فالخوف له افضل. ومن اضر به الخوف - حتى قارب الأياس - فالرجاء له افضل ".
وأنشد في المعنى:
أسأتُ فلم أُحسن، وجئتك هارباً ... واين لعبد من مواليه مهربُ
يؤمل غُفرأنا، فإن خاب سعيُه ... فما أحد منه على إلارضأ خيبُ
وقال: " صحبت أبا حفص وأنا شاب فطردني مرة وقال: " لا تجلس عندي! ". فقمت ولم أولّه ظهري، ووجه إلى وجهه، حتى خبت عنه، وجعلت في نفسي ان احفر على بأبي حفرة: لا اخرج منها إلا بأمره. فلما رأى مني ذلك ادناني، وجعلني من خواص أصحابه ".

وروي أن رجلا دعا أبا عثمان إلى ضيافته؛ فلما وافي باب داره قال: " يا أستاذ!، ليس لي وجه لدخولك، وقد ندمت! " فانصرف أبي عثمان. فلما أتى منزله عاد أليه الرجل وقال: " احضر الساعة! ". فقام أبي عثمان ومشى معه؛ فلما وافي باب داره، قال له مثلما قال له في المرة إلاولى؛ ثم فعل به كذلك ثالثاُ ورابعا، وأبي عثمان يحضر وينصرف. فلما كان بعد ذلك اعتذر أليه، وقال: " يا أستاذ!. أنا أردت اختبارك " وأخ يمدحه، ويثنى عليه، ويدعو له؛ وقال له أبي عثمان: " لا تمدحني على خلق تجد مثله مع الكلاب. الكلب إذا دعي حضر، وإذا زجر انزجر ".
وقال الفرغاني: " كنت يوماً امشي خلف دابة أبي عثمان، وكان يوماً وحلاً، فوق في خاطري، وقلت: " هذا الرجل - على هذه الدابة - لا يعلم أنا نجد البرد، ويشق علينا المشي في هذه الأحوال؟! ". قال: فنزل أبي عثمان - في الوقت - عن دابته، وقال لي: " اركب! " فركبت، وجعل أبي عثمان يمشي خلف الدابة، وأنا راكب، وفي قلبي ما فيه، فلما بلغت باب الدار ونزلت، قال لي: " يا فرغاني!. أنت إذا مشيت خلف الدابة وأنا راكب، يكون في قلبي مثل الذي يكون في قلبك وأنا امشي وأنت راكب، أو اشد! ".
والفرغاني هذا خادم أبي عثمان. اسمه محمد بن احمد، وكان صاحب ركابه، وكان أبي عثمان يكثر رياضته، فصار بذلك أحد الرجال السادة. ذكره السلمي.
وروي إن أبا عثمان اجتاز يوماً بسكة - في وقت الهاجرة - فألقى عليه من سطح طشت رماد، فتغير أصحابه، وبسطوا ألسنتهم في الملقى؛ فقال أبي عثمان: " لا تقولوا شيئاً! من يستحق ان يصب عليه النار فصولح على الرماد، لم يجز له ان يغضب ".
 

وله ولد اسمه احمد وكنيته أبي الحسين؛ لم يكن في ذكور أولاده ازهد منه. ما اشتغل بالدنيا قط، ولا اخذ الميزان بيده قط.
كتب الحديث الكثير، وكان والده يقول عنه: " انه من الأبدال! ". مات سنة ست وأربعين وخمسمائة.
 

ومن أصحاب أبي عثمان أبي عبد الله محمد بن محمد بن الحسن التٌّغبذِيُّ، من مشايخ طوس، له كرامات. مات بعد الخمسين وثلثمائة.

ومن كلامه:) 1 (" ترك الدنيا للدنيا من علامات حب جمع الدنيا ".
 

ومن أصحابه أبي بكر محمد بن احمد بن جعفر الشبهي من كبار مشايخ نيسأبير. مات قبل الستين وثلاثمائة.
ومن كلامه: " الفتوة حسن الخلق، وبذل المعروف ".

طبقات الأولياء - لابن الملقن سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري.

 

 

أبي عُثْمَان سعيد بن إِسْمَاعِيل بن سعيد بن مَنْصُور الْحِيرِي النَّيْسَأبيرِي
وَأَصله من الرّيّ صحب قَدِيما يحيى بن معَاذ الرَّازِيّ وشاه بن شُجَاع الْكرْمَانِي ثمَّ رَحل إِلَى نيسأبير إِلَى أبي حَفْص وَصَحبه وَأخذ عَنهُ طَرِيقَته
وَهُوَ فِي وقته من أوحد الْمَشَايِخ فِي سيرته وَمِنْه انْتَشَر طَريقَة التصوف بنيسأبير
سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الرَّازِيّ يَقُول لقِيت الْجُنَيْد ورويما ويوسف بن الْحُسَيْن وَمُحَمّد بن الْفضل وَأَبا عَليّ الْجوزجَاني وَغَيرهم من الْمَشَايِخ فَلم أر أحدا أعرف بِالطَّرِيقِ إِلَى الله عز وَجل من أبي عُثْمَان
مَاتَ أبي عُثْمَان بنيسأبير سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَكَذَلِكَ سَمِعت مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمدَان يذكر ذَلِك وَقَالَ صليت عَلَيْهِ وَأسْندَ الحَدِيث
أخبرنَا سعيد بن عبد الله بن سعيد بن إِسْمَاعِيل قَالَ وجدت فِي كتاب جدي أبي عُثْمَان بِخَط يَده حَدثنِي أبي صَالح حمدون الْقصار صاحبنا قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى النَّيْسَأبيرِي حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا عَبْثَر عَن أَشْعَث عَن مُحَمَّد عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من مَاتَ وَعَلِيهِ صَوْم شهر رَمَضَان أطْعم عَنهُ وليه كل يَوْم مِسْكينا) وَرَأَيْت أَنا هَذَا الحَدِيث بِخَط أبي عُثْمَان فِي كِتَابه
سَمِعت أَبَا عَمْرو بن حمدَان يَقُول وجدت فِي كتاب أبي سَمِعت أَبَا عُثْمَان يَقُول أصل الْعَدَاوَة من ثَلَاثَة أَشْيَاء من الطمع فِي المَال والطمع فِي إكرام النَّاس والطمع فِي قبُول النَّاس
قَالَ وَسمعت أَبَا عُثْمَان يَقُول لَا يكمل الرجل حَتَّى يَسْتَوِي قلبه فِي أَرْبَعَة اشياء فِي الْمَنْع وَالعطَاء والعز والذل
قَالَ وَسمعت أَبَا عُثْمَان يَقُول صَلَاح الْقلب فِي ارْبَعْ خِصَال فِي التَّوَاضُع لله والفقر إِلَى الله وَالْخَوْف من الله والرجاء فِي الله
قَالَ وسمعته يَقُول الْمُوفق من لَا يخَاف غير الله وَلَا يَرْجُو غَيره فيؤثر رِضَاهُ على هوى نَفسه
قَالَ وسمعته يَقُول الْعجب يتَوَلَّد من رُؤْيَة النَّفس وَذكرهَا ورؤية الْخلق وَذكرهمْ
قَالَ وَوجدت بِخَط أبي قلت لأبي عُثْمَان كنت أجد فِي قلبِي حلاوة عِنْد إقبال اللَّيْل وَأَنا لَا أَجدهَا السَّاعَة فَقَالَ لَعَلَّك سررت بِشَيْء من الدُّنْيَا فَذَهَبت بحلاوة ذَلِك من قَلْبك وَرُبمَا يعرفك الله ضعفك ويريك قدرك فيلبسك حلاوة مُنَاجَاة اللَّيْل حَتَّى تتضرع إِلَيْهِ فَيردهُ عَلَيْك لِئَلَّا تأمن مكره
قَالَ وَسمعت أَبَا عُثْمَان يَقُول الْخَوْف من الله يوصلك إِلَى الله وَالْكبر

وَالْعجب فِي نَفسك يقطعك عَن الله واحتقار النَّاس فِي نَفسك مرض عَظِيم لَا يداوى
قَالَ وَسمعت أَبَا عُثْمَان يَقُول النَّاس على أَخْلَاقهم مَا لم يُخَالف هواهم فَإِذا خُولِفَ هواهم بَان ذَوُو الْأَخْلَاق الْكَرِيمَة من ذَوي الْأَخْلَاق اللئيمة
سَمِعت أَبَا عَمْرو بن مطر يَقُول سَمِعت أَبَا عُثْمَان يَقُول من جلّ مِقْدَاره فِي نَفسه جلّ أقدار النَّاس عِنْده وَمن صغر مِقْدَاره فِي نَفسه صغر أقدار النَّاس عِنْده
سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن الْفَارِسِي يَقُول سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن يُوسُف يَقُول سَمِعت أَبَا عُثْمَان يَقُول تعززوا بعز الله كي لَا تذلوا
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان سرورك بالدنيا أذهب سرورك بِاللَّه من قَلْبك وخوفك من غَيره أذهب خوفك مِنْهُ عَن قَلْبك ورجاؤك من دونه أذهب رجاءك إِيَّاه من قَلْبك
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان الْعَاقِل من تأهب للمخاوف قبل وُقُوعهَا
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان قطيعة الْفَاجِر غنم
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان حق لمن أعزه الله بالمعرفة أَلا يذله بالمعصية
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان كَانَ يُقَال الْأَدَب سَنَد الْفُقَرَاء وزين الْأَغْنِيَاء
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان أوجب الله على نَفسه الْعَفو عَن الْمُقَصِّرِينَ من عباده لذَلِك قَالَ {كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة أَنه من عمل مِنْكُم سوءا بِجَهَالَة ثمَّ تَابَ من بعده وَأصْلح فَأَنَّهُ غَفُور رَحِيم} (الْأَنْعَام 54)

قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان الزّهْد فِي الْحَرَام فَرِيضَة وَفِي الْمُبَاح فَضِيلَة وَفِي الْحَلَال قربَة
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان التَّفْوِيض رد مَا جهلت علمه إِلَى عالمه والتفويض مُقَدّمَة الرِّضَا وَالرِّضَا بَاب الله الْأَعْظَم
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان الصَّبْر على الطَّاعَة حَتَّى لَا تفوتك الطَّاعَة وَالصَّبْر عَن الْمعْصِيَة حَتَّى تنجو من الْإِصْرَار على الْمعْصِيَة
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان الفراسة ظن وَافق الصَّوَاب وَالظَّن يُخطئ ويصيب فَإِذا تحقق فِي الفراسة تحقق فِي حكمهَا لِأَنَّهُ إِذْ ذَاك يحكم بِنور الله تَعَالَى لَا بِنَفسِهِ
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان أصل التَّعَلُّق بالخيرات قصر الأمل
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان أَنْت فِي سجن مَا تبِعت مرادك وشهواتك فَإِذا فوضت وسلمت استرحت
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان الذّكر الْكثير أَن تذكره فِي ذكرك لَهُ إِنَّك لم تصل إِلَى ذكره إِلَّا بِهِ وبفضله
سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم يَقُول سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن الْوراق يَقُول سَمِعت أَبَا عُثْمَان وَسُئِلَ كَيفَ يستجيز للعاقل أَن يزِيل اللائمة عَمَّن يَظْلمه فَقَالَ ليعلم أَن الله سلطه عَلَيْهِ
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان أصحب الْأَغْنِيَاء بالتعزز والفقراء بالتذلل فَإِن التعزز على الْأَغْنِيَاء تواضع والتذلل للْفُقَرَاء شرف

سَمِعت مَحْفُوظًا يَقُول سَأَلت أَبَا عُثْمَان عَن قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أعوذ بك مِنْك) فَقَالَ اسْتعْمل الصدْق فِي اللفظتين المتقدمتين يبلغ فهمك إِلَى هَذِه الْكَلِمَة وَهُوَ قَوْله أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عُقُوبَتك
قَالَ وَسُئِلَ أبي عُثْمَان مَا عَلامَة السَّعَادَة والشقاوة فَقَالَ عَلامَة السَّعَادَة أَن تطيع الله وَتخَاف أَن تكون مردودا وعلامة الشقاوة أَن تَعْصِي الله وترجو أَن تكون مَقْبُولًا
قَالَ وَقَالَ أبي عُثْمَان من صحب نَفسه صَحبه الْعجب وَمن صحب أَوْلِيَاء الله وفْق للوصول إِلَى الطَّرِيق إِلَى الله.

طبقات الصوفية - لأبي عبد الرحمن السلمي.

 

 

أبي عُثْمَانَ الحيري
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ الوَاعِظُ القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، الأستاذ، أبي عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ النَّيْسَأبيرِيُّ، الحِيْرِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالرَّيِّ، فَسَمِعَ بِهَا مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ مُقَاتِلٍ الرَّازِيِّ، وَمُوْسَى بنِ نَصْرٍ. وَبَالعِرَاقِ مِنْ: حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَحْمَسِيِّ، وَعِدَّةٍ، وَلَمْ يَزَلْ يَطْلُبُ الحَدِيْثَ وَيَكْتبُهُ إِلَى آخِرِ شَيْءٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الرَّئِيْسُ أبي عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ، وَابْنَاهُ؛ أبي بَكْرٍ وَأبي الحسن، وأبي عمرو ابن مَطَرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَدِمَ نَيْسَأبيرَ لِصُحْبَةِ الأُسْتَاذِ أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَأبيرِيِّ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَشَايِخُنَا أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ مَجْمَعَ العُبَّادِ وَالزُّهَّادِ. وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ وَيُجِلُّ العُلَمَاءَ وَيُعَظِّمُهُم.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ بنِ حَمْدَانِ "صَحِيْحَهِ" المُخَرَّجَ عَلَى مُسْلِمٍ بِلَفْظِهِ، وَكَانَ إِذَا بَلَغَ سُنَّةً لَمْ يستعملها، وقف عندها حتى يستعملها.
قُلْتُ: هُوَ لِلْخُرَاسَانِيِّيْنَ نَظِيْرُ الجُنَيْدِ لِلْعِرَاقِيِّينَ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: سُرُورُكَ بِالدُّنْيَا أَذْهَبَ سُرُورَكَ بِاللهِ عَنْ قَلْبِكَ.
قَالَ ابْنُ نُجَيدٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لاَ تَثِقَنَّ بِمَوَدَةِ مَنْ لاَ يُحِبَّكَ إلَّا مَعْصُوْماً.
قَالَ أبي عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: من أمر السنة على نفسه قولًا وَفِعْلاً، نَطَقَ بِالحِكْمَةِ، وَمَنْ أَمَّرَ الهَوَى عَلَى نَفْسِهِ، نَطَقَ بِالبِدْعَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النُّوْرُ: 54] .
قُلْتُ: وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه} [ص: 26] .
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ الحِيْرِيِّ، قَالَ: لاَ يَكْمُلُ الرَّجُلُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَلْبُهُ فِي المَنْعِ وَالعَطَاءِ، وَفِي العِزِّ وَالذُّلِّ.
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لأَبِي جَعْفَرٍ بنِ حَمْدَانَ: أَلَسْتُمْ تَرْوُونَ أَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِيْنَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيِّدُ الصَّالِحِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنِي سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ السَّمَرْقَنْدِيُّ العَابِدُ، سَمِعَ أَبَا عُثْمَانَ يَقُوْلُ -يَعْنِي: عَنِ اللهِ: مَنْ طَلَبَ جِوَارِي وَلَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى ثَلاَثٍ، أَوَّلُهَا: إِلقَاءُ العِزِّ وَحَمْلُ الذُّلِّ، الثَّانِي: سُكُوْنُ قَلْبِهُ عَلَى جُوْعٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، الثَّالِثُ: لاَ يَغْتَمُّ وَلاَ يَهْتَمُّ إلَّا لِدِينِهِ أَوْ طَلَبِ إِصْلاَحِ دِيْنِهِ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ هَانِئ يَقُوْلُ: لَمَّا قُتِلَ يَحْيَى بنُ الذُّهْلِيِّ، مُنِعَ النَّاسُ مِنْ حُضُوْرِ مَجَالِسِ الحَدِيْثِ مِنْ جِهَةِ أَحْمَدَ الخُجُسْتَانِيِّ، فَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ يَحْمِلُ مِحْبَرَةٍ، إِلَى أن ورد السري بن خُزَيْمَةَ، فَقَامَ الزَّاهِدُ أبي عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ، وَجَمَعَ المُحَدِّثِيْنَ فِي مَسْجِدِهِ، وَعَلَّقَ بِيَدِهِ مِحْبَرَةً، وَتَقَدَّمَهُم، إِلَى أَنْ جَاءَ إِلَى خَانِ مَحْمَشٍ، فَأَخْرَجَ السَّرِيَّ، وَأَجْلَسَ المُسْتَمْلِي، فَحَزَرْنَا مَجْلِسَهُ زِيَادَةً عَلَى أَلفِ مِحْبَرَةٍ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَامُوا، وَقَبَّلُوا رَأْسَ أَبِي عُثْمَانَ، وَنَثَرَ النَّاسُ عَلَيْهِمُ الدَّرَاهِمَ وَالسُّكَّرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: ذَكَرَ الحَاكِمُ أخبار أبي عثمان أَبِي عُثْمَانَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَرَقَةً، وَفِي غُضُوْنِ ذَلِكَ مِنْ كَلاَمِهِ فِي التَّوَكُّلِ وَاليَقِيْنِ وَالرِّضَى، قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لَمَّا قَتَلَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُجُسْتَانِيُّ -الَّذِي اسْتَولَى عَلَى البِلاَدِ- الإِمَامَ حَيْكَانَ بنَ الذُّهْلِيِّ، أَخَذَ فِي الظُّلْمِ وَالعَسَفِ، وَأَمَرَ بِحَرْبَةٍ رُكِزَتْ عَلَى رَأْسِ المُرَبَّعَةِ، وَجَمَعَ الأَعيَانَ، وَحَلَفَ: إِنْ لَمْ يَصُبُّوا الدَّرَاهِمَ حَتَّى يَغِيْبَ رَأْسُ الحَرْبَةِ، فَقَدْ أَحَلُّوا دِمَاءهُم. فَكَانُوا يَقْتَسِمُوْنَ الغَرَامَةِ بَيْنَهُم، فخص تَاجِرٌ بِثَلاَثِيْنَ أَلفَ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ إلَّا عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَحَمَلَهَا إِلَى أَبِي عُثْمَانَ، وَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ! قَدْ حَلَفَ هَذَا كَمَا بَلَغَكَ، وَوَاللهِ لاَ أَهْتَدِي إلَّا إِلَى هَذِهِ. قَالَ: تَأَذَنُ لِي أَنْ أَفْعَلَ فِيْهَا مَا يَنْفَعُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَفَرَّقهَا أبي عُثْمَانَ، وَقَالَ لِلتَّاجِرِ: امْكُثْ عِنْدِي. وَمَا زَالَ أبي عُثْمَانَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ السِّكَّةِ وَالمَسْجَدِ لَيْلَتَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، وَأَذَّنَ المُؤَذِّنُ، ثُمَّ قَالَ لِخَادِمِهِ: اذْهَبْ إِلَى السُّوقِ، وَانْظُرْ مَاذَا تَسْمَعُ. فَذَهَبَ، وَرَجَعَ، فَقَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئاً. قَالَ: اذْهَبْ مَرَّةً أُخْرَى، وَهُوَ فِي مُنَاجَاتِهِ يَقُوْلُ: وَحَقِّكَ لاَ أَقَمْتُ مَا لَمْ تُفَرِّجْ عَنِ المَكرُوْبِيْنَ. قَالَ: فَأَتَى خَادِمُهُ الفَرْغَانِيُّ يَقُوْلُ: وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِيْنَ القِتَالَ، شُقَّ بَطْنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ. فَأَخَذَ أبي عُثْمَانَ فِي الإِقَامَةِ.
قُلْتُ: بِمِثْلِ هَذَا يَعْظُمُ مَشَايِخُ الوَقْتِ.
قَالَ أبي الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: تُوُفِّيَ أَبِي لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الأَمِيْرُ أبي صَالِحٍ.
وَفِيْهَا فِي شَوَّالِهَا مَاتَ الأُسْتَاذُ العَارِفُ أبي القاسم.

سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي

 

 

 

أبي عُثْمَان سَعِيد بْن إِسْمَاعِيل الجبري: المقيم بنيسأبير وَكَانَ من الري صحب شاه الكرماني ويحي بْن معاذ الرازي ثُمَّ ورد نيسأبير مَعَ شاه الكرماني عَلِي أَبِي حفص الحداد وأقام عنده وتخرج بِهِ وزوجه أبي حفص ابنته، مَات سنة ثمان وتسعين ومائتين وعاش بَعْد أَبِي حفص نيفا وثلاثين سنة.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن رحمه اللَّه يَقُول: سمعت أبا عَمْرو بْن حمدان يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان يَقُول: لا يكمل إيمان الرجل حَتَّى يستوي فِي قلبه أربعة أشياء المنع والإعطاء والعز والذل.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن رحمه اللَّه يَقُول: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْد اللَّهِ يَقُول: سمعت بَعْض أَصْحَاب أَبِي عُثْمَان يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان يَقُول: صحبت أبا حفص مدة وأنا شاب فطردني مرة وَقَالَ: لا تجلس عندي فقمت وَلَمْ أوله ظهري وانصرفت إِلَى ورائي ووجهي إِلَى وجهه حَتَّى غبت عَن عينيه وجعلت عَلَى نفسي أَن أحفر عَلَى بابه حفرة لا أخرج منها إلا بأمره، فلما رأى ذَلِكَ أدناني وجعلني من خواص أَصْحَابه.
وَقَالَ: وَكَانَ يقال: فِي الدنيا ثلاثة لا رابع لَهُمْ: أبي عُثْمَان بنيسأبير والجنيد ببغداد وأبي عَبْد اللَّهِ بْن الجلاء بالشام.
وَقَالَ أبي عُثْمَان: منذ أربعين سنة مَا أقامني اللَّه تَعَالَى فِي حال فكرهته ولا نقلني إِلَى غيره فسخطته.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الشعراني يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان يَقُول ذَلِكَ.
ولما تغير عَلَى أبى عُثْمَان الحال مزق ابنه أبي بَكْر قميصا عَلَى نَفْسه ففتح أبي عُثْمَان عينيه وَقَالَ: خلاف السنة يا بنى فِي الظاهر علامة رياء فِي الباطن.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد الملامتي يَقُول: سمعت أبا الْحُسَيْن الوراق يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان يَقُول الصحبة مَعَ اللَّه بحسن الأدب ودوام الهيبة والمراقبة، والصحبة مَعَ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى آله وسلم باتباع سنته ولزوم ظاهر العلم، والصحبة مَعَ أولياء اللَّه تَعَالَى بالاحترام والخدمة، والصحبة مَعَ الأهل بحسن الخلق , والصحبة مَعَ الإخوان بدوام البشر مَا لَمْ يكن إثما والصحبة مَعَ الجهال بالدعاء لَهُمْ والرحمة عَلَيْهِم.
سمعت عَبْد اللَّهِ بْن يُوسُفَ الأَصْبَهَانِي رحمه اللَّه يَقُول: سمعت أبا عَمْرو بْن نجيد يَقُول: سمعت أبا عُثْمَان يَقُول: من أمر السنة عَلَى نَفْسه قولا وفعلا نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى عَلَى نَفْسه قولا وفعلا نطق بالبدعة، قَالَ اللَّه تَعَالَى {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54] .

الرسالة القشيرية.   لعبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري.