أحمد بن محمد بن الحسين أبي محمد الجريري

تاريخ الوفاة311 هـ
مكان الوفاةطريق مكة - الحجاز
أماكن الإقامة
  • بغداد - العراق

نبذة

أبي مُحَمَّد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجريري من كبار أَصْحَاب الجنيد وصحب سهل بْن عَبْد اللَّهِ أقعد بَعْد الجنيد فِي مكانه وَكَانَ عالما بعلوم هذه الطائفة كبير الحال، مَات سنة إحدى عشرة وثلاث مائة.

الترجمة

أبي مُحَمَّد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجريري من كبار أَصْحَاب الجنيد وصحب سهل بْن عَبْد اللَّهِ أقعد بَعْد الجنيد فِي مكانه وَكَانَ عالما بعلوم هذه الطائفة كبير الحال، مَات سنة إحدى عشرة وثلاث مائة.
سمعت أبا عَبْد اللَّهِ الشيرازي يَقُول: سمعت أَحْمَد بْن عَطَاء الروذباري يَقُول: مَات الجريري سنة الهبير فجزت بِهِ بَعْد سنة فَإِذَا هُوَ مستند جالس وركبته إِلَى صدره وَهُوَ مشير إِلَى اللَّه بأصبعه.
سمعت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن رحمه اللَّه يَقُول: سمعت أبا الْحُسَيْن الفارسي يَقُول: سمعت أبا مُحَمَّد الجريري يَقُول: من استولت عَلَيْهِ النفس صار أسيرا فِي حكم الشهوات محصورا فِي سجن الهوى وحرم اللَّه عَلَى قلبه الفوائد فلا يستلذ بكلام الحق تَعَالَى ولا يستحليه وإن كثر ترداده عَلَى لسانه لقوله تَعَالَى {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 146] وَقَالَ الجريري: رؤية الأصول باستعمال الفروع، وتصحيح الفروع بمعارضة الأصول، ولا سبيل إِلَى مقام مشاهدة الأصول إلا بتعظيم مَا عظم اللَّه من الوسائط والفروع.

الرسالة القشيرية.   لعبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري.

 

 

أبي محمد الجريرى - 311 للهجرة
أحمد بن محمد الحسين الجريرى - يضم الجيم - نسبة إلى جرير بن عباد، أخي الحارث بن عباد، من بنى بكر بن وائل؛ يكنى أبا محمد. من كبار أصحاب الجنيد، وخلفه في مكانه؛ وصحب سهل بن عبد الله التستري.
مات سنة أحدى عشرة وثلثمائة.
ومن كلامه:
" من استولت عليه النفس صار أسيراً في حكم الشهوات، محصوراً في سجن الهوى، وحرم الله على قلبه الفوائد، فلا يستلذ بكلام الحق ولا يستحليه، وان كثر ترداده على لسانه، لقوله تعالى:) سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق (. يعنى: لا يفهمونه، ولا يجدون له لذة. صرف الله عن قلوبهم فهم مخاطباته، وأغلق عليهم سبيل فهم كتابه، وسلبهم الانتفاع بالمواعظ، فلا يعرفون الحق، ولا يسلكون سبيله ".
وقال: " ما مددت رجلي في الخلوة منذ عشرين سنة، فان حسن الأدب مع الله أولى ".
واعتكف مرة بمكة فلم يأكل، ولم ينم، ولم يستند إلى حائط، ولم يمد رجليه، فقيل: " بماذا قدرت على اعتكافك؟ ". فقال: " علم صدق باطني فأعانني على ظاهري ".
وأنشد:
شكرتك، لا أبى مجازيك منعماً ... بشكر، ولا كيما يقال له الشكر

وأذكر أياماً لديك، وحسنها ... وآخر ما يبقى على الذاكر الذكر
وقال مرة - وكان عنده جماعة -: " هل فيكم من إذا أراد الله أن يحدث في المملكة حدثاً أبى علمه إلى وليه قبل ابتدائه في كونه؟ " فقالوا: " لا! " فقال: " مروا! وابكوا على قلوبكم لم تجد من الله شيئاً من هذا ".
وكان كثيراً ما ينشد:
تعلمت ألوان الرضا خوف هجره ... وعلمه حبي له كيف يغضب
ولى ألف وجه، مذ عرفت طريقه، ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب؟!
وعزى إلى ابن عطاء الأدمى السالف، وأوله:
ومستحسن للهجر والوصل أعذب ... أطالبه ودي فيأبى ويهرب
إذا حدثته بالهوى أظهر الجفا ... ويعلم منى أنني لست أذنب
وقال: " كان في جامع بغداد فقير لم يجتمع له ثوبان قط، في شتاء ولا صيف. فسئل عن ذلك، فقال: " أني كنت ولعاً بكثرة الثياب، فرأيت في منامي كأني في الجنة، وإذا بفقراء على مائدة، فأردت أن أجلس معهم، فإذا جماعة من الملائكة أخذوا بيدي، فأقاموني وقالوا: " هؤلاء أصحاب قميص واحد. وأنت لك قميص، فلا تجلس معهم ". فانتبهت ونذرت ألا ألبس غير ثوب واحد إلى أن القى الله ".
وأنشد:
قف بالديار فهذه آثارهم ... تبكى الأحبة حسرة وتشوقا
كم قد وقفت بها أسائل مخبراً ... عن أهلها، أو صادقاً، أو مشفقا
فأجابني داعي الهوى في رسمها: ... فرقت من تهوى فعز الملتقى!
وقال: " الصبر ألا تفرق بين حالتي النعمة والمحنة، وع

سكون الخاطر فيها. والتصبر هو السكون في البلاء مع وجدان أثقال المحنة ".
وأنشد لبعضهم في المعنى:
صبرت ولم أطلع هواك على صبري ... وأخفيت ما بي منك عن موضع الصدر
مخافة أن يشكو ضميري صبابتي ... إلى دمعتي سراً، فتجري ولا أدري
ومن أصحابه أبي عبد الله، وأبي القاسم، ابنا أحمد بن محمد المقرئ. وصحبا غيره أيضاً.
مات الأول سنة ست وستين وثلثمائة. وكان ورعاً.
ومات الثاني سنة ثمان وسبعين وثلثمائة.
ومن كلام الأول: " الفقير الصادق الذي يملك كل شئ ولا يملكه شئ ".

ومن كلام الثاني: " الفتوة رؤية فضل الناس ونقصانك ".
ومن أصحابه أيضاً أبي محمد عبد الله بن محمد الراسبي البغدادي. مات سنة سبع وستين وثلثمائة.
قال: " المحبة إذا ظهرت افتضح بها الحب، وإذا كتمت قتلت المحب كمداً ". وأنشد:
ولقد أفارقه بإظهار الهوى ... عمداً ليستر سره إعلانه
فلربما كتم الهوى إظهاره ... ولربما فضح الهوى كتمانه
وعى المحب لدى الحبيب بلاغه ... ولربما قتل البليغ لسانه
كم قد رأينا قاهراً سلطانه ... للناس، ذل بحبه سلطانه.

طبقات الأولياء - لابن الملقن سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري.

 

 

أبي مُحَمَّد الْجريرِي يُقَال إِن اسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن وكنية وَالِده أبي الْحُسَيْن
كَذَلِك سَمِعت عبد الله بن عَليّ الطوسي يَقُول سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن دَاوُد الدقي يذكر ذَلِك
وَسمعت عبد الله بن أَحْمد الْبَغْدَادِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن السيرواني يَقُول اسْم الْجريرِي الْحسن بن مُحَمَّد وَيُقَال إِن اسْمه عبد الله بن يحيى وَلَا يَصح هَذَا
وَكَانَ من كبار أَصْحَاب الْجُنَيْد وَصَحب أَيْضا سهل بن عبد الله التسترِي وَهُوَ من عُلَمَاء مَشَايِخ الْقَوْم أقعد بعد الْجُنَيْد فِي مَجْلِسه لتَمام حَاله وَصِحَّة علمه
مَاتَ سنة إِحْدَى عشرَة وثلاثمائة سَمِعت أَبَا الْحسن بن مقسم يذكر ذَلِك بِبَغْدَاد وَأسْندَ الحَدِيث
أخبرنَا عَليّ بن مُحَمَّد الْقزْوِينِي الصُّوفِي قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن نصر بن عَليّ الْقزْوِينِي قَالَ أَخْبرنِي أبي مُحَمَّد الْجريرِي الصُّوفِي حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن

شَاكر حَدثنَا نصر بن عَليّ حَدثنَا عبد الْأَعْلَى قَالَ حَدثنَا عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا ولغَ الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليغسله سبع مَرَّات أولَاهُنَّ أَو أخراهن بِالتُّرَابِ)
قَالَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن شَاكر كَانَ مَعنا فِي الْمَسْجِد إِبْرَاهِيم بن أورمة الإصبهاني فَقَالَ لنصر بن عَليّ يَا أَبَا عَمْرو لَا يحدث بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أصل فَلَا أَدْرِي أحديث أم لَا
سَمِعت أَبَا نصر عبد الله بن عَليّ السراج قَالَ أَخْبرنِي أبي الطّيب العكي عَن أبي مُحَمَّد الْجريرِي قَالَ التسرع إِلَى اسْتِدْرَاك علم الِانْقِطَاع وَسِيلَة وَالْوُقُوف على حد الانحسار نجاة واللياذ بالمهرب من علم الدنو وصلَة واستفتاح فقد ترك الْجَواب ذخيرة والاعتصام من قبُول دواعي اسْتِمَاع الْخطاب تلطف وَخَوف فَوت علم مَا انطوى من فصاحة الْفَهم فِي حِين الإقبال مساءة والإصغاء إِلَى تلقي مَا يفضل من معدنه بعد والاستسلام عِنْد التلاقي جرْأَة والانبساط فِي مَحل الْأنس غرَّة
سَمِعت أَبَا مُحَمَّد الرَّاسِبِي بِبَغْدَاد يَقُول سَمِعت أَبَا مُحَمَّد الْجريرِي يَقُول رَأَيْت فِي النّوم كَأَن قَائِلا يَقُول لي لكل شَيْء عِنْد الله حق وَإِن أعظم الْحُقُوق عِنْد الله حق الْحِكْمَة فَمن جعل الْحِكْمَة فِي غير أَهلهَا طَالبه الله بِحَقِّهَا وَمن طَالبه بِحَقِّهَا خصم
سَمِعت أَبَا بكر الرَّازِيّ يَقُول سَمِعت أَبَا مُحَمَّد الْجريرِي وَسُئِلَ عَن الْقُرَّاء فَقَالَ هُوَ الَّذِي طلب الْآخِرَة وسعى لَهَا سعيها وَأعْرض عَن الدُّنْيَا والاشتغال بهَا
سَمِعت عَليّ بن سعيد الثغري يَقُول سَمِعت أَحْمد بن عَطاء يَقُول سَمِعت ابا صَالح يَقُول قيل لأبي مُحَمَّد الْجريرِي مَتى يسْقط عَن العَبْد ثقل الْمُعَامَلَة فَقَالَ هَيْهَات مَا بُد مِنْهَا وَلَكِن يَقع الْحمل فِيهَا
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ الْجريرِي أدل الْأَشْيَاء على الله تَعَالَى ثَلَاثَة ملكه الظَّاهِر ثمَّ تَدْبيره فِي ملكه ثمَّ كَلَامه الَّذِي يَسْتَوْفِي كل شَيْء
سَمِعت أَبَا الْحُسَيْن الْفَارِسِي يَقُول سَمِعت أَبَا مُحَمَّد الْجريرِي يَقُول من استولت عَلَيْهِ النَّفس صَار أَسِيرًا فِي حكم الشَّهَوَات محصورا فِي سجن الْهوى وَحرم الله على قلبه الْفَوَائِد فَلَا يستلذ كَلَامه وَلَا يستحليه وَإِن كثر ترداده على لِسَانه لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {سأصرف عَن آياتي الَّذين يتكبرون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق} (الْأَعْرَاف: 8) أَي حَتَّى لَا يفهمونه وَلَا يَجدونَ لَهُ لَذَّة لِأَنَّهُ تكبرون بأحوال النَّفس والخلق وَالدُّنْيَا فصرف الله عَن قُلُوبهم فهم مخاطباته وأغلق عَلَيْهِم سَبِيل فهم كِتَابه وسلبهم الِانْتِفَاع بالمواعظ وحبسهم فِي عُقُولهمْ وآرائهم فَلَا يعْرفُونَ طَرِيق الْحق وَلَا يسلكون سَبيله
وَسمعت أَبَا الْحُسَيْن يَقُول سَمِعت أَبَا مُحَمَّد يَقُول قوام الْأَدْيَان ودوام الْإِيمَان وَصَلَاح الْأَبدَان فِي خلال ثَلَاث الِاكْتِفَاء والاتقاء والاحتماء
فَمن اكْتفى بِاللَّه صلحت سَرِيرَته وَمن اتَّقى مَا نهي عَنهُ استقامت سيرته وَمن احتمى مَا لم يُوَافقهُ ارتاضت طَبِيعَته فثمرة الِاكْتِفَاء صفو الْمعرفَة وعاقبة الاتقاء حسن الخليقة وَغَايَة الاحتماء اعْتِدَال الطبيعة
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أبي مُحَمَّد غَايَة همة الْعَوام السُّؤَال وبلوغ دَرَجَة الأوساط الدُّعَاء وهمة العارفين الذّكر

وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أبي مُحَمَّد من توهم أَن عملا من أَعماله يوصله إِلَى مأموله الْأَعْلَى والأدنى فقد ضل عَن طَرِيقه لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (لن يُنجي أحدا مِنْكُم عمله) فَمَا لَا يُنجي من الْمخوف كَيفَ يبلغ إِلَى المأمول وَمن صَحَّ اعْتِمَاده على فضل الله فَذَلِك الَّذِي يُرْجَى لَهُ الْوُصُول
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أبي مُحَمَّد ذكرك مَنُوط بك إِلَى أَن يتَّصل ذكرك بِذكرِهِ إِذْ ذَاك يرفع ويخلص من الْعِلَل فَمَا قَارن حدث قدما إِلَّا تلاشى وَبَقِي الأَصْل وَذَهَبت الْفُرُوع كَأَن لم تكن
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أبي مُحَمَّد رُؤْيَة الاصول بِاسْتِعْمَال الْفُرُوع وَتَصْحِيح الْفُرُوع بمعارضة الْأُصُول وَلَا سَبِيل إِلَى مقَام مُشَاهدَة الْأُصُول إِلَّا بتعظيم مَا عظم الله من الوسائط وَالْفُرُوع
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ أبي مُحَمَّد الرَّجَاء طَرِيق الزهاد وَالْخَوْف سلوك الْأَبْطَال
سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن عبد الله الطَّبَرِيّ يَقُول قَالَ رجل لأبي مُحَمَّد الْجريرِي كنت على بِسَاط الْأنس وَفتح لي طَرِيق إِلَى الْبسط فزللت زلَّة فحجبت عَن مقَامي فَكيف السَّبِيل إِلَيْهِ دلَّنِي على الْوُصُول إِلَى مَا كنت عَلَيْهِ فَبكى أبي مُحَمَّد وَقَالَ يَا أخي الْكل فِي قهر هَذِه الخطة لكني أنْشدك أبياتا لبَعْضهِم فِيهَا جَوَاب مسألتك
(قف بالديار فَهَذِهِ آثَارهم ... تبْكي الْأَحِبَّة حسرة وتشوقا)
(كم قد وقفت بهَا أسائل مخبرا ... عَن أَهلهَا أَو صَادِقا أَو مشفقا)
(فَأَجَابَنِي دَاعِي الْهوى فِي رسمها ... فَارَقت من تهوى فعز الْمُلْتَقى)

طبقات الصوفية - لأبي عبد الرحمن السلمي.

 

 

أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسين، أَبُو مُحَمَّد الجريري:
من كبار مشايخ الصوفِية الغالب عَلَيْهِ كنيته، وذكر اسمه ونسبه أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السلمي النيسابوري، فِيما حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو طالب يحيى بْن علي الدسكري عنه.
ثم أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الحيري، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سمعت عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد البغدادي يقول: سمعت أبا الحسن السيرواني يقول: اسم الجريري الحسن بْن مُحَمَّد.
قَالَ أَبُو عَبْد الرحمن: ويقال عَبْد اللَّه بْن يحيى.
وسمعت عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ يقول: سمعت الرقي يقول: اسم أَبِي مُحَمَّد الجريري أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسين، وهذا أصح.
قلت: وَالجريري عظيم القدر عند طائفته، وكَانَ الجنيد بْن مُحَمَّد يكرمه ويبجله، وحكى عنه جعفر بن محمّد الخالدي ومن بعده.
حدّثنا أَبُو عَليّ عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد بْنِ فَضَالَةَ النَّيْسَابُورِيّ الْحَافِظ- بالري- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شاذان المذكر قَالَ: سمعت أبا مُحَمَّد الجريري يقول: دخلت يوما عَلَى سري السقطي وهو يبكي فقلت له: ما يبكيك؟
قَالَ: جاءتني البارحة الصبية فقالت لي يا أبت هذه الليلة حارة، وهذا الكوز فِيهِ ماء هوذا أعلقه هاهنا، فإذا برد فاشربه قَالَ فعلقته وقمت إلى أمر كنت أقوم إليه، فغلبتني عيناي فنمت فرأيت كأن جارية من أحسن الخلق نزلت من السماء، وإذا الدُّنْيَا قد أشرقت لحسنها، وعليها قميص فضة يتخشخش، كأني أقول لها لمن أنت يا جارية؟
قالت: أَنَا لمن لا يشرب الماء المبرد فِي الكيزان. قَالَ: وتناولت الكوز فضربت بِهِ الأرض فكسرته، ثم قالت: سَرِيّ، تدّعي المحبة وتشرب الماء البارد في الكيزان؟ هذا محال. قَالَ: فرأيت الخزف المكسور فِي غرفته، لم يشله ولم يمسه حتى عفى عَلَيْهِ التراب.
قال أَبُو نصر إِبْرَاهِيم بْن هبة اللَّه بْن إبراهيم الجرباذقاني- بها- حَدَّثَنَا معمر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زياد الأصبهاني، أَخْبَرَنِي أَحْمَد بْن منصور المذكر قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن منصور النسائي يقول: قَالَ أَبُو مُحَمَّد الجريري: إن اللَّه لا يعبأ بصاحب حكاية، إنما يعبأ بصاحب قلب ودراية.
أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم عَبْد الكريم بْن هوازن القشيري النّيسابوريّ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن الحسين السلمي قَالَ: سمعت عبد الله الرازي يقول: سمعت الجريري يقول: منذ عشرين سنة ما مددت رجلي وقت جلوسي فِي الخلوة، فإن حسن الأدب مع الله أولى.
أخبرنا إسماعيل الحيري، أخبرنا عَبْد الرَّحْمَن السلمي قَالَ: سمعتُ عَبْد اللَّه بْن عطاء يقول: كَانَ الجنيد إذا تكلم فِي علوم الحقائق يقول: هذا من بابة أَبِي مُحَمَّد بْن الجريري إذا لم يحضر هو المجلس.
وَقَالَ أَبُو عَبْد الرحمن: سمعت أبا سعيد بْن أَبِي حاتم يقول: قَالَ أبو محمّد الدبيلي: سألت الجنيد عند وفاته: إِلَى من نقعد بعدك فِي هذا الأمر؟ فقال: إِلَى أَبِي محمّد الجريري.
أخبرنا رضوان أبو محمد بن الحسن الدينوري قال: سمعت أبا سعد الْحُسَيْن بْن عُثْمَان بْن أَحْمَد بْن سهل الكرخي يقول: سمعت أبا الحسن عَلِيّ بْن الحسن بْن بندار يقول: سمعت أبا الحسن عَلِيّ بْن داود البغدادي- بأنطاكية- يقول سئل أَبُو مُحَمَّد الجريري: ما العبادة؟ فقال: حفظ ما كلفت، وترك ما كفِيت.
أَخْبَرَنَا عَبْد الكريم بْن هوازن قَالَ: سمعتُ عَبْد اللَّه بْن يوسف الأصبهاني يقول:
سمعت أبا الفضل الصرام- بهراة- يقول: سمعت عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه يقول: اعتكف أَبُو مُحَمَّد الجريري بمكة فِي سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فلم يأكل ولم ينم ولم يستند إِلَى حائط ولم يمد رجليه. فقال له أَبُو بَكْر الكتاني: يا أبا مُحَمَّد بماذا قدرت عَلَى اعتكافك؟ فقال: علم صدق باطني فأعانني عَلَى ظاهري. ثم أنشأ يقول:
سأشكر لا أني أجازيك منعما ... بشكري ولكن كي يقال له شكر
وأذكر أيامي لديك وطيبها ... وآخر ما يبقى عَلَى الذاكر الذكر

أَخْبَرَنَا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي قَالَ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن عبد اللَّه الرازي يقول: قَالَ أَبُو بَكْر- يعني الشبلي- قَالَ رَجُل لأبي مُحَمَّد الجريري.
وأخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت محمد بن الحسين النيسابوري يقول:
سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الطبري قَالَ: قَالَ رَجُل لأبي مُحَمَّد الجريري:
كنت عَلَى بساط الأنس وفتح لي طريق إِلَى البسط، فزللت زلة فحجبت عَن مقامي، فكيف السبيل إليه؟ دلني عَلَى الوصول إِلَى ما كنت عَلَيْهِ. فبكى أَبُو مُحَمَّد وَقَالَ: يا أخي الكل فِي قهر هذه الخطة، لكني أنشدك أبياتا لبعضهم فِيهَا جواب مسألتك.
فأنشأ يقول:
قف بالديار فهذه آثارهم ... نبكي الأحبة حسرة وتشوقا
كم قد وقفت بها أسائل مخبرا ... عَن أهلها أو صادقا أو مشفقا
فأجابني داعي الهوى فِي رسمها ... فارقت من تهوى فعز الملتقى
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمُحْتَسِبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيُّ يَقُولُ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجُرَيْرِيِّ: مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ عَمَلا مِنْ أَعْمَالِهِ يُوَصِّلُهُ إِلَى مَأْمُولِهِ الأَعْلَى وَالأَدْنَى فَقَدْ ضَلَّ عَنْ طَرِيقَتِهِ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ».

فَمَا لا يُنْجَى مِنَ الْمُخَوِّفِ كَيْفَ يَبْلُغُ إِلَى الْمَأْمُولِ؟ وَمَنْ صَحَّ اعْتِمَادُهُ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ فَذَاكَ الَّذِي يُرْجَى لَهُ الْوُصُولُ.
أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، حدّثنا أبو عبد الرّحمن السّلميّ، أَخْبَرَنَا أَبُو زرعة أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفضل- إجازة- قَالَ: مات أَبُو مُحَمَّد الجريري سنة أربع وثلاثمائة.
وَقَالَ أَبُو عَبْد الرحمن: سمعت أبا سعيد الرازي يقول: توفي الجريري سنة وقعة الهبير وطئته الجهال وقت الوقعة.
وَقَالَ أيضا: سمعت أبا عَبْد اللَّه الرازي يقول: وقعة الهبير كانت في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.
أخبرنا إسماعيل الحيري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحسين أَبُو عَبْد الرحمن قَالَ: سمعت أبا الْحَسَن بْن مقسم يقول: مات الجريري سنة إحدى عشرة وثلاثمائة سنة وقعة الهبير.

قلت: وكانت وفاته في طريقة مكة.
أَخْبَرَنَا عَبْد الكريم بْن هوازن قَالَ: سمعتُ أبا عَبْد اللَّه بْن بالويه الشيرازي يقول:
سمعت أَحْمَد بْن عطاء الروذباري يقول: مات الجريري سنة الهبير، فجزت بِهِ بعد سنة، فإذا هو مستند جالس وركبته إِلَى صدره. وهو مشير إِلَى اللَّه تعالى بإصبعه

ــ تاريخ بغداد وذيوله للخطيب البغدادي ــ.