عمر بن محمد بن عمر خياطة

آلا

تاريخ الولادة1328 هـ
تاريخ الوفاة1409 هـ
العمر81 سنة
مكان الولادةحلب - سوريا
مكان الوفاةحلب - سوريا
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا

نبذة

الشيخ الدكتور عمر بن الحاج محمد بن عمر خياطة الشهير بـ (الآلا). عالم، فقيه، محدّث، داعية، وطبيب ماهر، وفلكي متميز، وعابد ورع زاهد. ولد في حي (الجلوم)، سنة: ثمان وعشرين وثلاثمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة، في أسرة تحب العلم وتجل العلماء.

الترجمة

الشيخ الدكتور الطبيب عمر خياطة
1328 ـ 1409هـ
1910 ـ 1988م

الشيخ الدكتور عمر بن الحاج محمد بن عمر خياطة الشهير بـ (الآلا).
عالم، فقيه، محدّث، داعية، وطبيب ماهر، وفلكي متميز، وعابد ورع زاهد.
ولد في حي (الجلوم)، سنة: ثمان وعشرين وثلاثمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة، في أسرة تحب العلم وتجل العلماء ( )، وعني به والده عنايته بإخوته، واهتم بتعليمه، فبعث به منذ نعومة أظفاره إلى كتاب الشيخ نور المصري، ليتعلم قراءة القرآن الكريم ومبادئ الكتابة والحساب والعلوم الشرعية، وما إن بلغ الثامنة من عمره حتى حفظ القرآن الكريم على شيخه هذا، وألم بكثير من مبادئ العلوم الشرعية والعربية، ثم راح يتردد على المدرسة (القرناصية) والمدرسة (الإسماعيلية)، ويأخذ عن شيوخها علوم الفقه والنحو وغيرها.
ثم انتسب إلى المدرسة (الخسروية)، وأخذ يعب من علومها الغزيرة على شيوخها الكبار، فأخذ علم القراءة والتجويد على شيخ قراء حلب في عصره المقرئ الشيخ أحمد حامد الأبوتيجي المدني، حيث حضر عليه القرآن حضوراً كاملاً، وقرأ علم التفسير على شيخه الشيخ أحمد بن محمد الشمّاع، وأخذ علم الحديث ومصطلحه والسيرة والتاريخ على شيخه الشيخ محمد راغب الطباخ، حيث قرأ عليه كتاب نور اليقين في السيرة وإتمام الوفاء في سيرة الخلفاء، كما قرأ عليه مختصر البخاري والأربعين النووية وفن المصطلح وغيرها من كتب الحديث ومصطلحه، وكانت له مكانة خاصة عند شيخه الطباخ، الذي أحبه واعتنى بتعليمه، ثم أجازه إجازة عامة في الحديث الشريف وبكل ما تجوز له روايته، وأثبت إجازته له في نهاية كتابه المسمى: (مختصر الأثبات الحلبية)، ثم أهداه الكتاب.
وأخذ الشيخ الفقه الحنفي على شيخه الفقيه أحمد الزرقا، حيث قرأ عليه (حاشية ابن عابدين) في الفقه الحنفي، كما قرأ جانبا من هذا الفقه على شيخه الشيخ إبراهيم السلقيني، وتلقى علم أصول الفقه على شيخه العلامة الشيخ محمد أسعد العبجي، وشيخه الشيخ أحمد الكردي، وأخذ علم الفرائض وحساب المواريث على شيخه فرائضي حلب الشيخ عبد الله المعطي، وتلقى علم التربية والأخلاق على شيخه الربي المرشد الشيخ عيسى بن حسن البيانوني، وأخذ علوم التوحيد والمنطق على شيخه الشيخ فيض الله الكردي الأيوبي.
وكان للشيخ اهتمام زائد بعلم الفلك، فدرسه على شيخه الشيخ يسن المؤقت وشيخه الشيخ صبحي طبنجات، وتلقى علوم العربية نحوها وصرفها وبلاغتها وآدابها على شيوخها في حلب أمثال الشيخ محمد الناشد (الزمخشري الصغير)، والشيخ محمد أسعد العبجي، والشيخ أحمد الكردي.
واستمر الشيخ يطلب العلم في المدرسة (الخسروية) بهمة عالية حتى أتم سنيها الست، وتخرج فيها مع الدفعة السادسة، سنة:1350هـ، حاصلأ على الدرجة الأولى مع رفاقه الذين تخرجوا في هذه السنة ( ).
ولم يقتصر حب الشيخ على العلوم الشرعية والعربية التي نبغ فيها بل تجاوز ذلك إلى العلوم الكونية، كالرياضيات والفيزياء وعلم الأحياء والفلك الذي بلغ فيه شأوًا لم يدركه أحد من أقرانه، حيث غدا مرجعاً في حساب الأهلة في مدينة حلب، يرجع إليه في التماس هلال رمضان، فشهادته في ذلك هي الشهادة الفاصلة في هذا الموضوع.
ودفعه حبه للعلم والاستزادة منه إلى إتقان اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية والتحضير للشهادة الثانوية بفرعها العلمي، والنجاح فيها بتفوق مكنه من الانتساب إلى كلية الطب البشري في جامعة دمشق، عام: 1937م فسافر إلى دمشق، وأقام في غرفة بجامع (التعديل) في حي القنوات، مما أتاح له الحضور على كبار علماء دمشق في عصره، أمثال: المحدث الشيخ بدر الدين الحسيني، والعلامة الشيخ أبي الخير الميداني، والشيخ علي الدقر والشيخ عبد الوهاب دبس وزيت، والشيخ محمد سعيد البرهاني، وغيرهم من علماء دمشق ( ).
هذا مع مواظبته على دروسه في كلية الطب في جامعة دمشق إلى أن تخرج فيها، وحصل على شهادة الدكتوراه في الطب باختصاص الأمراض الداخلية.
عاد الشيخ بعدها إلى موطنه حلب، وافتتح عيادة لممارسة مهنة الطب في وقت كانت المدينة بأمس حاجة إلى طبيب مسلم، إذ إن معظم الأطباء في ذلك الوقت كانوا من غير المسلمين.
وكان الشيخ يدعو إلى الله من خلال ممارسته لهذه المهنة، فكان يحاول أن يصل المريض بربه، ويقوي إيمانه بالله من خلال حديثه العذب ورفقه بمريضه، وبسط فسحة الأمل أمامه، فيشعر مريضه براحة نفسية ولايخرج من عيادته إلا وهو معافى أو مشرف على الشفاء، أما مرضاه الفقراء فكان يشخص لهم المرض، ويقدم لهم الدواء، وربما قدم لهم المساعدة المادية، وهم خارجون من عيادته.
وكان يحرص أشد الحرص على اختيار الدواء الناجع المفيد، وكثيراً ما كان يجرب الدواء على نفسه قبل تقديمه لمرضاه، مخافة أن يصيبهم الضرر فيسأله الله عنهم، وكثيراً ما كان يلحقه بعض الألم والأذى فيتحمله محتسباً ذلك عند الله.
وكان يحج بيت الله الحرام كل عام تقريباً، وهدفه من ذلك بعد قضاء المناسك خدمة ضيوف الرحمن، وتقديم المساعدة الصحية لهم في وقت كانت الخدمات الصحية في الحج قليلة، فكنت لا تراه إلا وهو حامل حقيبته الطبية المليئة بالأدوية، ينتقل بها في الشوارع، وبين خيام الحجيج في (منى) و(عرفات) ومنازلهم في مكة، والمدينة المنورة.
فإذا رجع من حجه، عاد إلى دأبه في الدعوة إلى الله من خلال عمله في عيادته، ونشر العلم بين المسلمين وطلاب العلم بصورة خاصة، فقد كانت له دروس في الحديث النبوي الشريف في المدرسة (الشعبانية)، التي تشرف عليها (جمعية التعليم الشرعية)، وكان عضواً مؤسساً فيها، ثم أصبح نائباً لرئيسها، كما كانت له دروس عامة في الوعظ والإرشاد في عدد من مساجد المدينة.
وكانت له مشاركات في بعض المؤتمرات الطبية والعلمية كمؤتمر القاهرة الطبي، المنعقد عام:1960م، ومؤتمر الخرطوم، عام1965م بالإضافة إلى أبحاثه وكتاباته، التي كان ينشرها في بعض المجلات العلمية والطبية.
ومع علو قدر الشيخ الطبيب ورفعة منزلته العلمية، فقد كان لا يترفع عن حضور حلقات العلم والاستماع إلى الدروس العلمية حتى من تلامذته وإخوانه، يجلس مع المستمعين بكل أدب واحترام.
كما كان يحضر مجالس الذكر التي يعقدها شيوخ الطريقة (النقشبندية) التي أخذها عن شيخه الشيخ محمد أبي النصر الحمصي، والتي كان يقيمها الشيخ عبد الله سلطان في جامع (الإسماعيلية). دون أن ينقطع عن غيرها من المجالس ( ).
كريم الأخلاق، سمح، كريم، متواضع، آلف مألوف، ودود، سليم الصدر، لا يحمل حقداً، ولا يغضب إلا إذا انتهكت حرمة من حرمات الله.
كثير العبادة ( ) والذكر وتلاوة القرآن الكريم، لا ينقطع عن صوم يومي الاثنين والخميس، شديد الخوف من الله، يتحرى الحلال، ويبتعد عن الشبهات، ومن مظاهر خوفه من الله عدله العجيب بين زوجتيه وأولاده( ).
جميل الوجه، أبيض اللون، منور الشيبة، يتلألأ النور في جبينه وتبدو علامات التقى والصلاح في محياه، يرتدي زيّ العلماء، ويزين رأسه بعمامة بيضاء، لفت بإتقان فوق (طربوش) أحمر.
وكانت وفاته تدل على حسن خاتمته، ففي يوم الخميس الواقع في السابع عشر من شهر ربيع الأول، سنة: تسع وأربعمئة وألف للهجرة الموافق للسابع والعشرين من شهر تشرين الأول، عام: ثمانية وثمانين وتسعمئة وألف للميلاد، توجه الشيخ إلى المسجد عند صلاة العصر، وبعد الصلاة جلس على كرسيه ليلقي درسه في الحديث النبوي الشريف، وراح يتحدث عن الإيمان وأثره في تربية النفوس، وتغيرها من حال إلى حال وكيف يجعل من العبد الحبشي، أو من العلج الفارسي أقرب المقربين إلى الله ورسوله، فكان مما قاله: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم، ضم سلمان الفارسي إلى صدره، وقال: " سلمان منّا آل البيت "، يا الله ما هذا الحب إنه الحب الإلهي... وأجهش الشيخ بالبكاء، ثم رفع رأسه وصاح الله..الله..الله...ثم مال عنقه، واتكأ على حافة الكرسي، وضج المسجد بأصوات الطلاب والمصلين لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر... افتحوا النوافذ ليتنفس الشيخ، وبادر بعضهم إلى شيخه فوجده في أنفاسه الأخيرة وفي الطريق إلى المشفى كان الشيخ قد فارق الحياة، وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها.
وشيع جثمانه الطاهر صباح يوم الجمعة التالي في موكب مهيب حضره جل علماء حلب وأطبائها، وجمع غفير من إخوان الشيخ وتلامذته ومرضاه والناس عامة، وكان يوماً حزيناً في مدينة حلب، وصلي عليه في الجامع الأموي الكبير، وأبّنه عدد من علماء حلب، مزجت كلماتهم بدموع المشيعين، مذكرة بمناقب الشيخ الفقيه ومآثره، ثم غادر الموكب الجامع الأموي الكبير إلى مقبرة (السفيري) حيث وري التراب في مثواه الأخير.
- رحمه الله - المدرسة الإسماعيلية ـ

المصادر والمراجع
1- ترجمة خطية تفضل بها الأستاذ الشيخ مجاهد شعبان صهر الشيخ - رحمهما الله -.
2- سجلات المدرسة الخسروية - الثانوية الشرعية-.
3- لقاءات ومشافهات مع صهر الشيخ الأستاذ الشيخ محمد مجاهد شعبان - رحمه الله -.
4- لقاءات ومشافهات مع ابن أخيه الأستاذ محمد صلاح خياطة - رحمه الله -.
5- لقاءات ومشافهات مع عدد من تلاميذ الشيخ ومرضاه.
6- مذكرات المؤلف وذكرياته عن الشيخ.

من صفحة الاستاذ: محمد عدنان كاتبي