محمد بن محمد بن بكري الخوجة
تاريخ الولادة | 1324 هـ |
تاريخ الوفاة | 1389 هـ |
العمر | 65 سنة |
مكان الولادة | حلب - سوريا |
مكان الوفاة | حلب - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
العالم والتاجر الصدوق الشيخ محمد خوجة
1324 ـ 1389 هـ
1906 ـ 1969 م
الشَّيخ مُحمَّد بن مُحمَّد بن بكري الخوجة الحسيني نسباً الشافعي مذهباً
عالم عامل، وتاجر صدوق زاهد
ولد الشيخ محمد في مدينة حلب، سنة: أربع وعشرين وثلاثمئة وألف للهجرة، وتلقى تعليمه الأولي في أحد كتاتيب المدينة، فتعلم فيه مبادئ القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم وحفظه.
فُجِع المترجم له باستشهاد والده في معركة (الدردنيل) في الحرب العالمية الأولى، وهو في مقتبل العمر، تاركاً له أمّاً رؤوماً وأخاً صغيراً، فألقي على عاتقه مسؤولية إعالة أسرته، فهرع للعمل في متجر جده لأمِّه السيد مُحمَّد نور عطار (بسوق العطارين)، الذي شجعه على طلب العلم، وحضور حلقات العلماء في المساجد
انصرف المترجم إلى حضور دروس الشَّيخ مُحمَّد نجيب سراج الدين، والشَّيخ أحمد الشَّماع، والشَّيخ مُحمَّد سعيد الإدلبي، فأخذ عنهم علوم الفِقه والحديث والتوحيد والتهذيب، وبرع في طلب العلم الشرعي.
برع بالتجارة، وأصبح له متجر في السوق، وهو شاب يافعٌ، ثم انتقل إلى متجر آخر في (سويقة حاتم)، ونهج في تجارته نهج السلف الصالح صدقاً وأمانة وإحساناً، حتى قال أحدهم أنَّ انقلاباً شرعياً حصل في (السُّويْقة)، بعدما كانت تحت سيطرة التجار اليهود، بدخول ثلاثة من التجار العلماء إليها هم: الشَّيخ مُحمَّد الخوجة، والشَّيخ جميل حبال معراوي، والشَّيخ عبد الوهاب السباعي، إذ نشروا فيها أصول المعاملات الشرعية، وبيَّنوا للنَّاس الحلال والحرام في البيع والشراء قولاً وعملاً.
لم يرتو نهم الشيخ المترجم له مما حصله من العلوم في حلقات شيوخه في مساجدهم، وأراد أن يكون طلبه للعلم تاماً ومنظماً، فأغلق متجره وتقدم للانتساب إلى المدرسة (الخسروية)، وكان عمره خمس وعشرون عاماً، وكان قد قطع شوطاً في طلب العلم، لكنَّ طلبه رفض لكِبَر سنِّه، وظن القائمون على المدرسة، أنه جاء طمعاً في المنحة التي تعطى لطلاب العلم، فطلب قبوله مستمعاً بلا راتب فقُبل، وكان يفتح متجره بعد انتهاء الدوام (من العصر إلى المغرب) ليعيل نفسه وأسرته.
لم تمض أسابيع على بدء الدراسة، حتى انكشفت الحقيقة، فإذا هو طالب علم حقيقي متمكنٌ، يحاور أساتذته ويناقشهم، فعرفوا أنَّ العلم بغيته، وقرر مجلس المدرسة تثبيته كطالب نظامي فيها، وفي هذه المدرسة (الخسروية)، التقي جل شيوخه الذين كان لهم الأثر الأكبر في تكوينه العلمي، فأخذ علم التلاوة والتجويد على شيخه الشيخ محمد أبي الورد، والشيخ محمد نجيب خياطه، وقرأ علم التفسير على شيخه الشيخ محمد نجيب سراج الدين، حيث قرأ عليه (تفسير البيضاوي)، وأخذ علم الحديث الشريف ومصطلحه والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، على شيخه الشيخ محمد راغب الطباخ، حيث قرأ عليه طرفا من صحيح البخاري، وسيرة ابن هشام وإتمام الوفاء للشيخ محمد الخضري، وأخذ الفقه الحنفي على الشيخ أحمد الزرقا، أما الفقه الشافعي وأصوله، فقد أخذه على شيخه الشيخ محمد أسعد العبجي، وقرأ التوحيد والمنطق على شيخه الشيخ فيض الله الأيوبي (الكردي)، حيث قرأ عليه (العقائد النَسَفيَّه)، وشرح (إيساغوجي) في المنطق، وأخذ علم الفرائض على شيخيه الشيخ عبد الله المعطي، والشيخ محمد نجيب خياطه، وأخذ علوم العربية نحوها وصرفها وبلاغتها على شيوخها الكبار يومئذ، أمثال الشيخ إبراهيم السلقيني، والشيخ محمد أسعد العبجي، والشيخ عبد الله المعطي وغيرهم، كما حصّل الشيخ في المدرسة (الخسروية) بعض العلوم الكونية والتطبيقية كالرياضيات والجغرافية والعلوم العامة وقانون الأراضي وغيرها من العلوم.
استمر الشيخ المترجم له على دأبه في الدراسة جداً واجتهاداً، حتى أنهى صفوف المدرسة الستة بنجاح تام، وتفوق ملحوظ، وتخرج فيها مع الدفعة الثالثة عشرة، سنة:1357 هـ الموافقة لعام: 1938 م.
بعد هذا التحصيل الجمّ للعلوم الشرعية، انصرف الشيخ المترجم للعمل بها ونشرها بين الناس، وذلك من خلال دروسه في المساجد وخطبة الجمعة في جامع الحموي وغيره من المساجد، سائراً على نهج الإمام الأعظم أبي حنيفة - رحمه الله - بعدم التكسب من العمل بالعلم، يشهد بذلك تورعه عن راتب الأوقاف لقاء الخطابة في عدد من الجوامع والتدريس الديني فيها قائلاً: (يكفينا فخراً أننا نقف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فكان يتصدق براتبه كله عندما يقبضه، يضعه في مغلف ويرسله سراً إلى المحتاجين، ولم يتقاض في حياته أيّ مبلغ لقاء نشر العلم والعمل به، بل كان كسبه من التجارة، التي لم تكن في يوم من الأيام عائقاً عن بغيته في طلب العلم، ونشره، والدعوة إلى الله في كلّ سبيل يستطيعه.
كان الشيخ - رحمه الله تعالى - عالماً عاملاً بعلمه، ناصحاً للمسلمين، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، يقصده الناس طلباً للفتيا أو للتفقه في الدين، فلا يردّ أحداً سواء أكان ذلك في المسجد أو في بيته أو متجره، يجهر بالحق أينما كان، ولا يخشى في الله لومة لائم، كثير الذكر والعبادة وتلاوة القرآن الكريم، لا يدع الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، مهما كانت الظروف، زاهداً في الدنيا، كريماً، كثير الإنفاق سراً وعلانيةً، وعلى طلاب العلم خاصه.
حريصاً على صلة الأرحام، ساعياً في عمل الخير، عاملاً على إصلاح ذات البين، شديد الورع، يترك الكثير من المباح خشية الوقوع في القليل من المشتبه به أو الحرام، ومن ذلك (أن ابنه الأكبر- وكان فتى صغيراً - باع مرةً سلعةً بسعرٍ أعلى بقليل من سعرها جهلاً، خلال اعتكاف الشَّيخ، وكان يذهب مساء كل يوم إلى أبيه في المسجد ليطلعه على ما يجري، فقال له: لقد غبنت الرجل، فإذا كنت تعرفه، أو عاد إليك من تلقاء نفسه، فأعد له الفرق، وإلا فتصدق به على فقير.
شديد الحب لله، عاشق للحبيب الأعظم، بكّاء من خشية الله، وأشد ما يكون بكاؤه في موسم الحج، وقد حجّ ثماني عشرة حجة، وكان في حجه كثير الرعاية لرفاقه عظيم الخدمة لهم، لايفتر لسانه عن الدعاء والتضرع إلى الله حتى لقبه بعض إخوانه (بلبل الحجاج) يقول الشَّيخ مُحمَّد الحكيم رحمه الله: (من لم يتح له مرافقة الشَّيخ الخوجة إلى الحج لا يذهب).
جميل الوجه، طلق المحيا، واضح القسمات، منور الشيبة، تزين رأسه عمامة بيضاء، لفت بإحكام فوق طربوش أحمر.
ظل الشيخ على نهجه وأخلاقه هذه إلى أن أدركته الوفاة، في حلب في الخامس عشر من تموز، عام: تسعة وستين وتسعمئة وألف للميلاد.
كاتب الترجمة: الأستاذ محمد عدنان كاتبي
- المصادر والمراجع:
1- ترجمة خطية تفضل بها الأستاذ محمد منير الجذبة.
2- مقابلة شفهية مع شيخنا الشيخ محمد زين العابدين الجذبة.
3- سجلات المدرسة الخسروية.