بكري بن حامد بن أحمد بن عبيد العطار الدمشقي أبي بكر

تاريخ الولادة1251 هـ
تاريخ الوفاة1320 هـ
العمر69 سنة
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا

نبذة

الشيخ بكري بن الشيخ حامد ابن الشيخ أحمد بن عبيد العطار الدمشقي: العالم العامل الذي أشرق ضوء شهابه، والفاضل الذي تقتطف البلاغة من إيجازه وأطنابه، والجهبذ الذي أوتي الحكمة وهو شاب، واختار له عرفانه سلوك منهج الصواب، فلا ريب أنه مظهر شموس التحبير في التقرير.

الترجمة

الشيخ بكري بن الشيخ حامد ابن الشيخ أحمد بن عبيد العطار الدمشقي
العالم العامل الذي أشرق ضوء شهابه، والفاضل الذي تقتطف البلاغة من إيجازه وأطنابه، والجهبذ الذي أوتي الحكمة وهو شاب، واختار له عرفانه سلوك منهج الصواب، فلا ريب أنه مظهر شموس التحبير في التقرير، وخزانة آداب التدقيق والتحرير، ومنهاج من أراد الوصول إلى المعالي، ومعراج من رام الحصول على فرائد اللآلي، حلال المشكلات بثاقب فكره، ومعطر دروس العلوم بنفثات صدره، كيف لا وهو الذي افاد من بدائع الفوائد، ما هو على رسوخ قدمه في بديع البيان شاهد، فلقد تفجرت ينابيع حكمه في كل واد، وأزهرت رياض تقريراته في كل فؤاد، لم يدع من الفنون فناً إلا دخل حصونه، وقرأ شروحه وحفظ متونه، وأما ديانته وعبادته فقد شهد له بها محرابه، وصيانته أقر له بها أترابه وأضرابه، فهو الفريد الآن في عوالي الشمائل، والوحيد لمن رام وقوعه على أنفع الوسائل. ولد سنة ألف ومائتين وخمسين تقريباً، ومن سن تمييزه امتاز على أمثاله، بحفظه وإدراكه وأقواله وأحاله، حفظ القرآن الشريف وهو غلام، وأقبل على طلب العلم بكل اهتمام، فقرأ على علماء عصره الأكابر، وأجازوه بما تجوز لهم روايته عن شيوخهم كابراً عن كابر ومن أجلهم سيدي الوالد، فقد قرأ عليه المترجم جزءاً في الحديث واستجازه، فأجابه لما طلبه منه وأجازه، ولزمه الطلبة للأخذ والاستفادة، ولم يكن له سوى الإفادة والعبادة، شغل ولا عادة، مع جمال سيرة، وحسن سريرة، ووفور قدر وسلامة صدر، وسماحة وكرم، وهمة في قضاء مصالح الخلق فاقت الهمم، وبشاشة وإظهار سرور، وغقبال على الناس بغاية الحبور، وفي يوم الاثنين سادس جمادى الثانية سنة سبع وثلاثمائة وألف، توفي ابن أخيه الشيخ سليم بن الشيخ ياسين بن الشيخ حامد العطار، وقد انحلت وظيفة تدريس التكية السليمانية التي وظفها السلطان سليمان خان، وهذه التكية هي المعروفة في المرجة، فلقد أمر هذا السلطان المومأ إليه أن يقرأ قارىءٌ درس وعظٍ في كل جمعة مرة واحدة، وله على كل درس ثلاثون بارة، وأن التكية التي بجانب السليمية ويقال لها السليمانية، قد شرط المرحوم السلطان سليمان أن واعظاً يعظ بها في كل جمعة ثلاثة أيام، وله عن كل يوم عشرة دراهم فضة، عبارة عن كل سنة أربعة آلاف قرش تقريباً، قد دام هذا الحال إلى أن وجه هذا الدرس على العالم المفضال جناب المرحوم الشيخ حامد العطار، فجعل الدرسين درساً واحداًن والمعاشين معاشاً واحداً، وجعل قراءة الدرس في السليمية، وقصره على سبعة دروس في رجب وشعبان في كل يوم خميس منهما، ونقله من الوعظ إلى صحيح البخاري الشريف، فحينما توفي الشيخ حامد المومأ إليه، كان ولده المترجم صغيراً فتولاها ابن أخيه الشيخ سليم، ولم يزل قائماً بها إلى حين وفاته، وكان قبل موته قد فرغها على أولاده، فادعاها بعد وفاته المترجم المومأ إليه، وادعاها أولاد الشيخ سليم ولكن لدعوى عدم كمال أهليتهم في العلم وجهت إلى ابن الشيخ سليم الشيخ أحمد الصغير الذي لم يبلغ الحلم، ووضعوا المترجم نائباً عنه إلى حين استعداده وقابليته للقراءة، وحيث أنهم فعلوا الآن كذلك، كان قياس الأمر أن يفعلوا حين توفي الشيخ حامد رحمه الله كذلك، بأن يوجهوها على المترجم المرقوم ويضعوا عنه نائباً إلى حين استعداده، ولكن الله يفعل ما يريد، هو المولى وما عداه عبيد، وفي رابع شوال سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة وألف مرض المترجم المرقوم صباحاً ولم يزل يزداد مرضه في ذلك النهار، إلى أن توفي مساء.
وكان تشييع جنازته خامس شوال قبيل الظهر، ودفن في تربة الدحداح، وكانت جنازته غاصة بأهلها وتأسف عليه العموم لأنه لم يخلف نظيره رحمه الله تعالى.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.

 

الشّيخ بكري العطّار

1251هـ -1320هـ = 1834م -1902م

علّامة الشّام

الاسم والولادة:

أبو بكر بكري بن حامد بن أحمد بن عبيد الشّهير بالعطّار، الدّمشقيّ، الشّافعيّ، ولد سنة 1251هـ لأسرة نجيبة أخرجت لأهل الشّام غير واحد من العلماء، فأبوه وجدّه من كبار علماء عصرهما.

مسيرته العلميّة:

حفظ الأربعين النّوويّة والعجلونية تلقّياً من أبيه، كما حفظ القرآن الكريم وجوّده على الشّيخ أحمد الحلواني، ولمّا بلغ اثنتي عشرة سنة توفّي والده وهما قافلان من الحجّ على الطّريق، وبعد وفاة أبيه طلب العلم، وحفظ متون الفنون مع حداثة سنّه بهمّة عظيمة، ولزم علماء عصره-وأكثرهم من تلامذة أبيه-فأخذ منهم أوّلاً مبادئ العلوم، ثم تضلّع في العلوم أيّما تضلّع، فقد كان في علم النّحو لا يشق له غبار، يلقي أكثر كتب النّحو عن ظهر قلب، وفي علم الحديث كان يعدّ من كبار المحدّثين، وفي علم التوحيد والفقه وغير ذلك من العلوم كان آية في العلم.

شيوخه:

  1. أخذ القرآن الكريم عن الشّيخ أحمد الحلواني.

  2. أخذ التّفسير ورواية الحديث عن ابن أخيه الشّيخ سليم العطّار (وكان أكبر منه).

  3. وأخذ النّحو والصّرف عن الشّيخ عبد الرّحمن بيازيد.

  4. وأخذ المنطق وعلم الكلام عن الشّيخ أبي بكر الكردي.

  5. وتفقّه بالشّيخ أحمد المنيِّر الحسيني شيخ الشّافعيّة.

  6. وأخذ علوماً شتّى عن آخرين: كالشيخ حسن الشّطّي، والشّيخ محيي الدين العاني، والشّيخ محمد الجوخدار والشيخ عمر الغزّي العامري وغيرهم كثير.

تلامذته:

تلامذته كثيرون جداً حتّى قيل إنّه شيخ الشّام بحقّ؛ لأنّ طالب العلم في الشّام إذا لم يكن تلميذه مباشرة فهو من تلامذة تلاميذه.

دروسه:

أقرأ الشّيخ التّفسير والحديث في الجامع الأموي، وبعد وفاة ابن أخيه الشّيخ سليم العطّار سنة 1307هـ تولّى تدريس صحيح البخاريّ في جامع التّكية السّليمانيّة في شهري رجب وشعبان كلّ خميس، وكان لهذا الدّرس شأن عظيم يجتمع عليه علماء دمشق وأعيانها وتجّارها، ولم يكتف الشّيخ بهذه الدّروس فقد كان بيته مفتوحاً من الصّباح حتّى المساء للسّامعين والمستفيدين، فقد كانت داره أشبه ما تكون بمدرسةينهل منها طلّاب العلم.   

منهجه في شرح صحيح البخاريّ:

لقد كان منهجه في شرحه لصحيح البخاريّ منهجاً علميّاً دقيقاً:

  1. فكان يتلو الحديث بسنده.

  2. ثم يبيّن نوعه.

  3. ويذكر وجه مطابقته للتّرجمة.

  4. ويذكر ما قاله الشّراح ثمّ ينقل اختلافهم، ويبيّن الراجح منه.

  5. ويوفّي الحديث حقّه من الوجهة العربيّة.

  6. ثمّ يتوسّع بموضعه من فقه أو توحيد أو غير ذلك.

  7. ثمّ يستطرد للمواعظ المشتملة على التّرغيب والتّرهيب، وكلّ ذلك عن ظهر قلب.

أخلاقه وصفاته:

كان الشّيخ أبيض مشرّباً بحمرة، يتلألأ نوراً وهيبةً ووقاراً، واسع الجبهة، أسود العينين الواسعتين، كثّ اللّحية، مملوء الجسم، ليس فيه هزال ولا سمنة، أقرب إلى القصر منه إلى الطّول، يحرص على جبر الخواطر، يصل الأرحام، ويكرم الجار، ويقري الضّيف، سليم الصّدر، وكان رطب اللّسان بذكر الله تعالى.

ممّا قيل في مدحه:

مدحه الشّيخ الشّنقيطي بقصيدة منها:

بـكْـرُ الـزَّمـان فـلا ثـانِ يـماثِـلُـه                حـبْـر وآبـاؤه مـن قـبْـلُ أحـبـارُ

من عِلْمه غَرِقت مصر إلى عَدَنٍ               وسال منه بأقصى الغَرْبِ أنهارُ

مناقب الشّيخ نظمي لا يحيط بها               لو كان ينجدني الأعشى ومِهْيارُ

وفاته:

توفّي الشّيخ رحمه الله تعالى في 5 شوال سنة 1320هـ ودفن في مقبرة الدحداح.

(من كتاب علماء دمشق وأعيانها)