أحمد بن إسحاق بن بهلول التنوخي الأنباري أبي جعفر

تاريخ الولادة231 هـ
تاريخ الوفاة318 هـ
العمر87 سنة
مكان الولادةالأنبار - العراق
مكان الوفاةبغداد - العراق
أماكن الإقامة
  • الأهواز - إيران
  • الأنبار - العراق
  • بغداد - العراق
  • هيت - العراق
  • المنصورة - مصر

نبذة

أحمد بن إسحاق بن بهلول بن حسان بن سنان أبي جعفر الأنباري التنوخي القاضي. حدث عن: أبيه، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وأبي سعيد الأشج، ويعقوب الدورقي، وسفيان المصيصي وعبد الرحمن بن يونس الرقي، وسعيد بن يحيى الأموي، وغيرهم.

الترجمة

أحمد بن إسحاق بن بهلول بن حسان بن سنان أبي جعفر الأنباري التنوخي القاضي.
حدث عن: أبيه، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وأبي سعيد الأشج، ويعقوب الدورقي، وسفيان المصيصي وعبد الرحمن بن يونس الرقي، وسعيد بن يحيى الأموي، وغيرهم.
وعنه: أبي القاسم الطبراني في " المعجمين "، وأبي الحسن الجراحي، ومحمد بن إسماعيل الوراق، والدارقطني، وابن شاهين، وابن المقرئ، والرامهرمزي، ومحمد بن عبد الرحمن المخلص، وغيرهم.
قال الخطيب: ولي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة، وحدث حديثا كثيرا، وكان ثقة، وذكره يوسف القواس في ثقات شيوخه، وقال طلحة بن محمد بن جعفر في كتابه: " قضاة بغداد ": من أهل الأنبار، عظيم القدر، واسع الأدب، تام المروءة، حسن الفصاحة، حسن المعرفة بمذهب أهل العراق، ولكنه غلب عليه الأدب، وكان لأبيه إسحاق مسند كبير حسن، وكان ثقة. وقال أبي علي المعدل: كان ثبتا في الحديث، ثقة، مأمونا جيد الضبط لما حدث به، وكان متفننا في علوم شتى؛ منها: الفقه على مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وربما خالفهم في مُسيئلات يسيرة، وكان تام العلم باللغة، حسن القيام بالنحو على مذهب الكوفيين، وله فيه كتاب ألفه، وكان واسع الحفظ للشعر القديم، والمحدث، والأخبار الطوال، والسير، والتفسير. . . وقال ابن الأنباري: ما رأيت أنحى منه. وكان – رحمه الله – من أهل بيت علم، فقد كان جده، وأبيه، وأخوه بهلول، وابنه محمد بن أحمد، وابن أخيه داود بن الهيثم بن إسحاق، ويوسف بن يعقوب بن إسحاق، ممن حمل الناس عنهم العلم والحديث.
ولم يزل على قضاء مدينة المنصور من سنة ستة وتسعين ومائتين إلى شهر ربيع الآخر من سنة عشرة وثلاثمائة، ثم عُزل – يرحمه الله -، وكانت وفاته سنة ثمان عشرة وثلاثمائة في شهر ربيع الآخر، وقيل: سبع عشرة، وهو وهم.
- تاريخ بغداد (4/ 30 – 34)، المنتظم (13/ 292)، تاريخ الإسلام (23/ 554)، الجواهر المضيئة (1/ 137)، الطبقات السنية (1/ 271)، نزهة الألباب ص (222)، معجم الأدباء (2/ 138)، بغية الوعاة (1/ 295)، وغيرها من المصادر الكثيرة.

إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الحافظ أبي القاسم الطبراني- للمنصوري.

 


وأما أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان، فأنباري الأصل، وكان أديباً فاضلاً فقيهاً، ولي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة.
قال طلحة بن محمد بن جعفر - وقد سمي قضاة بغداد: أحمد بن إسحاق ابن البهلول بن حسان التنوخي، من أهل الأنبار، عظيم القدر، واسع الأدب، تام المروءة، حسن الفصاحة، حسن المعرفة بمذهب أهل العراق؛ إلاّ أنه غلب عليه الأدب، ولم يزل على قضاء المدينة من سنة ست وتسعين ومائتين إلى شهر ربيه الآخر من سنة ست عشرة وثلثمائة، ثم صرف.
قال الخطيب: أخبرنا علي بن أبي غالب المعدل، قال: قال أبي: ولد أحمد بن إسحاق بن البهلول بالأنبار في المحرم سنة إحدى وثلاثين ومائتين، ومات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة ثمان عشرة وثلثمائة، قال: وكان له في علوم شتى: منها الفقه على مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وربما خالفهم في مسيئلات يسيرة، وكان تام المعرفة باللغة، حسن القيام بالنحو على مذهب الكوفيين، وله فيه كتاب ألفه.
وكان واسع الحفظ للشعر القدين والمحدث والأخبار الطوال والسير، والتفسير. وكان شاعراً كثير الشعر جيده، خطيباً حسن الخطابة والتفوه بالكلام، لَسِناً صالح الحفظ والترسل في الكتابة والبلاغة في المخاطبة، وكان ورعاً متخشعاً في الحكم؛ وتقلد القضاء بالأنبار وهيت وطريق الفرات من قبل الموفق بالله الناصر لدين الله تعالى سنة ست وسبعين ومائتين، ثم تقلد للناصر مرة أخرى، ثم تقلد للمعتضد، ثم تقلد بعض كور الجبل للمكتفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ولم يخرج إليها. ثم قلده المقتدر بالله تعالى سنة ست وتسعين ومائتين بعد فتنة ابن المعتز القضاء بمدينة المنصور من مدينة السلام والأنبار وهيت وطريق الفرات، وأضاف إلى ذلك بعض سنين القضاء بكور الأهواز مجموعة لما مات قاضيها، وهو محمد بن خلف المعروف بوكيع، فما زال على هذه الأعمال حتى صرف عنها سنة سبع عشرة وثلثمائة.
قال أبو طالب محمد بن القاضي أبي جعفر بن البهلول: كنت مع أبي في جنازة بعض أهل بغداد من الوجوه، وإلى جانبه في الحق أبو جعفر الطبري، فأخذ أبي يعظ صاحب المصيبة ويسليه، وينشده أشعاراً، ويروي له أخباراً، فداخله الطبري في ذلك، ثم اتسع الأمر بينهما في المذاكرة، وخرجا إلى فنون كثيرة من الأدب والعلم واستحسنها الحاضرون وأعجبوا بها، وتعالى النهار، وافترقنا؛ فلما جعلت أسير خلفه، قال لي أبي: يا بني؛ من هذا الشيخ الذي داخلنا اليوم في المذاكرة؟ من هو؟ تعرفه؟ قلت: يا سيدي كأنك لم تعرفه! قال: لا، فقلت: هذا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، فقال: إنا لله! ما أحسنت عشرتي يا بني! ألا قلت لي في الحال، فكنت إذا كره بغير تلك المذاكرة! هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع في صنوف العلوم، وما ذاكرته بحسبها. قال: ومضت على هذا مدة، فحضرنا في حق آخر، وجلسنا؛ وإذا بالطبري يدخل إلى الحق، فقلت له : قليلاً قليلاً، أيها القاضي، هذا أبو جعفر الطبري؛ قد مقبلاً، فأومأ إليه بالجلوس عنده، فعدل إليه، وأوسعت له حتى جلس إلى جنبه، وأخذ يجاريه، فكلما جاء إلى قصيدة ذكر الطبري منها أبياتاً، قال أبي: هاتها يا أبا جعفر إلى آخرها؛ فيتلعثم الطبري، فينشدها أبي إلى آخرها، وكان كلما ذكر شيئاً من السير، قال أبي: كان هذا في قصة فلان، يوم بنى فلان، مر أبا جعفر فيه، فربما مر، وربما تلعثم، فمر أبي، فيمر أبي في جميعه، قال: فما سكت أبي في ذلك اليوم إلى الشهر، وبان للحاضرين قصور الطبري عنه، ثم قمنا، فقال لي أبي: الآن شفيت صدري! وعن أبي إسحاق بن إدريس النحوي المعروف بابن سيار، قال: سمعت أبا بكر بن الأنباري؛ يقول: ما رأيت صاحب طيلسان أنحى من أبي جعفر بن البهلول.
قال يوسف بن عمر بن الحسين بن محمد الخلال: توفي أبو جعفر بن البهلول سنة ثمان عشرة وثلثمائة - وقيل: سنة سبع عشرة، وهو أصح - وقيل: سنة عشرة، وهو أصح - في خلافة المقتدر بالله تعالى.

نزهة الألباء في طبقات الأدباء - لكمال الدين الأنباري.

 

 

أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول بْن حسان بْن سنان، أَبُو جعفر التنوخي:
أنباري الأصل ولى قضاء مدينة المنصور عشرين سنة، وَحَدَّثَ حديثا كثيرا، وَكَانَ عنده عَنْ أَبِي كريب مُحَمَّد بْن العلاء حديث واحد، وسمع أباه إِسْحَاق بْن البهلول، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهري، وَأَبَا سَعِيد الأشج، ومؤمل بْن إهاب، وَأَبَا هشام الرفاعي، ومحمد بن المثنّى اليعفرى، ويعقوب الدورقي، وسفيان بْن مُحَمَّد المصيصي، وسعيد بْن يَحْيَى الأموي، وعبد الرَّحْمَن بْن يونس الرقي، ومحمد بْن زنبور المكي، وَأَبَا عبيدة بْن أَبِي السفر، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ أَبُو الْحَسَن الجراحي، ومحمد بْن إسماعيل الوراق، وأبو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو حَفْص بْن شاهين، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخلص، وجماعة سواهم. وَكَانَ ثِقَةً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ العبّاس بن محمّد الورّاق حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ بَهْلُولٍ الْقَاضِي حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ إبراهيم الفزاري حدّثنا عبد الله بن عصمة النصيبي حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أبي قلابة عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا فَرَعَ وَلا عَتِيرَةَ فِي الإِسْلامِ».

قَالَ الْقَاضِي: هكذا فِي أصلي: أَيُّوب عَنْ أَبِي قلابة عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الفتح حدّثنا أبو الحسن الدّارقطنيّ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو جعفر أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول- إملاء- بإسناده نحوه. قَالَ أَبُو الحسن: هذا حديث غريب من حديث أَبِي قلابة الجرمي عَنِ الزهري، وهو غريب من حديث أَيُّوب السختياني عَنْ أَبِي قلابة، تفرد بِهِ عَبْد اللَّه بْن عصمة النَّصِيبِيّ عَنْ حَمَّاد بْن سلمة عَنْهُ، ولم يروه غير سُفْيَان بْن محمّد المصيصي. ولم يكتبه عنه إلا القاضي أبو جعفر.
حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن أَبِي طالب عَنْ يوسف القواس: أنه ذكر أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول فِي جملة شيوخه الثقات.
حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن المحسن حَدَّثَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر فِي تسمية قضاة بغداد.
قَالَ: وأَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول بْن حسان بْن سنان التنوخي، من أهل الأنبار عظيم القدر، واسع الأدب، تام المروءة حسن الفصاحة، حسن المعرفة بمذهب أهل العراق، ولكنه غلب عَلَيْهِ الأدب وَكَانَ لأبيه إِسْحَاق مسند كبير حسن، وَكَانَ ثِقَةً.
وحمل الناس عَنْ جماعة من أهل هَذَا البيت، منهم البهلول بْن حسّان، ثم ابنه إسحاق، ثم أولاد إِسْحَاق، حدث منهم بهلول بْن إِسْحَاق، وَحَدَّثَ الْقَاضِي أَحْمَد بْن إِسْحَاق، وابنه مُحَمَّد، وَحَدَّثَ ابْن أخي الْقَاضِي دَاوُد بْن الهيثم بْن إِسْحَاق، وَكَانَ أسن من عمه الْقَاضِي دَاوُد بْن الهيثم، وأَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ الأزرق، وَكَانَ من جلة الكتاب، ولم يزل أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول على قضاء المدينة من سنة ست وتسعين ومائتين إِلَى شهر ربيع الآخر من سنة ست عشرة وثلاثمائة ثم صرف.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَبِي عَلِيّ الْمُعَدَّلُ. قَالَ قَالَ أَبِي: أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول ولد بالأنبار فِي المحرم سنة إحدى وثلاثين ومائتين، ومات بِبَغْدَادَ فِي شهر ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وَكَانَ ثبتا فِي الحديث، ثقة مأمونا، جيد الضبط لما حدّث به. وكان متفننا فِي علوم شتى، منها الفقه على مذهب أَبِي حنيفة وأصحابه، وربما خالفهم فِي مسيئلات يسيره وَكَانَ تام العلم باللغة، حسن القيام بالنحو على مذهب الكوفيّين وله فيه كتاب ألفه. وَكَانَ واسع الحفظ للشعر القديم والمحدث، والأخبار الطوال والسير، والتفسير. وَكَانَ شاعرا كثير الشعر جدا، خطيبا حسن الخطابة والتفوه بالكلام، لسنا، صالح الحفظ من الترسل فِي المكاتبة، والبلاغة في المخاطبة.
وكان ورعا متخشنا فِي الحكم، وتقلد القضاء بالأنبار وهيت، وطريق الفرات، من قَبْلَ الموفق بالله الناصر لدين الله في سنة ست وسبعين ومائتين، ثم تقلده للناصر دفعة أخرى، ثم تقلده للمعتضد، ثم تقلد بعض كور الجبل للمكتفى سنة اثنتين وتسعين بعد فتنة ابن المعتز ثم تولى القضاء بمدينة المنصور من مدينة السلام. وطسوجى قطربل، ومسكر، والأنبار، وهيت، وطريق الفرات، ثم أضاف لَهُ إِلَى ذلك بعد سنين: القضاء بكور الأهواز مجموعة لما مات قاضيها إذ ذاك مُحَمَّد بْن خلف الْمَعْرُوف بوكيع، فما زال على هَذِهِ الأعمال إِلَى أن صرف عنها فِي سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن أَبِي عَلِيّ قَالَ حَدَّثَنِي أبي أَخْبَرَنِي الْقَاضِي أَبُو نصر يوسف بْن عُمَر ابْن الْقَاضِي أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن يوسف. قَالَ: كنت أحضر دار المقتدر وأنا غلام حدّث بالسواد مع أبي أبي الحسن، وهو يومئذ يخلف أباه أَبَا عُمَر، فكنت أرى فِي بعض المواكب الْقَاضِي أَبَا جعفر يحضر بالواد، فإذا رآه أَبِي عدل إلي موضعه فجلس عنده، فيتذاكران بالشعر والأدب والعلم حتى يجتمع عليهما من الخدم عدد كثير كَمَا يجتمع على القصاص، استحسانا لما يجرى بينهما، فسمعته يوما قد أنشد بيتا لا أذكره الآن، فَقَالَ لَهُ أَبِي: أيها الْقَاضِي أني أحفظ هَذَا البيت بخلاف هَذِهِ الرواية، فصاح عَلَيْهِ صيحة عظيمة وَقَالَ: اسكت، ألِي تقول هَذَا؟ وأنا أحفظ لنفسي من شعري خمسة عشر ألف بيت، وأحفظ للناس أضعاف ذلك وأضعافه يكررها مرارا.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَبِي عَلِيّ عَنْ أَبِي الْحَسَن أَحْمَد بْن يوسف الأزرق قَالَ حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو طالب محمّد بن الْقَاضِي أَبِي جعفر بْن البهلول قَالَ: كنت مع أَبِي فِي جنازة بعض أهل بغداد من الوجوه وإلى جانبه فِي الحق جالس أَبُو جعفر الطبري، فأخذ أَبِي يعظ صاحب المصيبة ويسليه، وينشده أشعارا، ويروي لَهُ أخبارا، فداخله الطبري فِي ذلك ودأب معه، ثم اتسع الأمر بينهما فِي المذاكرة، وخرجا إلي فنون كثيرة من الأدب والعلم استحسنها الحاضرون وعجبوا منها، وتعالى النهار، وافترقا.
فلما جعلت أسير خلفه قَالَ لي أَبِي: يا بني هَذَا الشيخ الَّذِي داخلنا اليوم فِي المذاكرة من هو؟ أتعرفه؟ فقلت: يا سيدي كأنك لم تعرفه. فَقَالَ: لا. فقلت: هَذَا أَبُو جعفر مُحَمَّد بْن جرير الطبري. فَقَالَ: تالله ما أحسنت عشرتي يا بني. فقلت: كيف يا سيدي؟ قَالَ ألا قلت لي فِي الحال، فكنت أذاكره غير تلك المذاكرة، هَذَا رجل مشهور بالحفظ، والاتساع فِي صنوف من العلم، وما ذاكرته بحسبها. قَالَ: ومضت على هَذَا مدة، فحضرنا من حق آخر، وجلسنا فإذا بالطبري يدخل إلي الحق، فقلت لَهُ: قليلا قليلا أيها الْقَاضِي، هَذَا أَبُو جعفر الطبري قد جاء مقبلا. قَالَ: فأومأ إليه بالجلوس عنده، فعدل إليه، فأوسعت لَهُ حتى جلس إِلَى جنبه، وأخذ أبي يجاريه، فكلما جاء إِلَى قصيدة ذكر الطبري منها أبياتا، قَالَ أَبِي: هاتها يا أَبَا جعفر إِلَى آخرها، فيتلعثم الطبري فينشدها أَبِي إِلَى آخرها، وكلما ذكر أشياء من السير قَالَ أَبِي: كَانَ هَذَا فِي قصة فلان، ويوم بني فلان، مر يا أَبَا جعفر فيه. فربما مر وربما تلعثم، فيمر أَبِي فِي جميعه حتى يشقه، قَالَ: فما سكت أَبِي يومه ذلك إِلَى الظهر، وبان للحاضرين تقصير الطبري عَنْهُ، ثم قمنا فَقَالَ لي أَبِي: الآن شفيت صدري.
أَخْبَرَنِي عَلِيّ بن المحسن حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد الطبري قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن إِدْرِيس الْكُوفِيّ النحوي الْمَعْرُوف بابن سياه يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا بَكْر بْن الأنباري يَقُولُ: ما رأيت صاحب طيلسان أنحى من الْقَاضِي أَبِي جعفر بْن البهلول.
أَخْبَرَنَا أَبُو طالب عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الْفَقِيه قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْن حامد الرخجي.
وَحَدَّثَنِي الْحَسَن بْن مُحَمَّد الخلّال حَدَّثَنَا يوسف بْن عُمَر القواس. قَالا: مات أَبُو جعفر أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن بهلول في سنة ثمان عشرة وثلاثمائة.
وقد تقدم ذكر وفاته فِي سنة سبع عشرة، وذاك وهم، وهذا هو الصواب.
أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن أَخْبَرَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر.
وَأَخْبَرَنَا السمسار أَخْبَرَنَا الصفار حَدَّثَنَا ابن قانع. قَالا: مات أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ عشرة وثلاثمائة

ــ تاريخ بغداد وذيوله للخطيب البغدادي ــ.

 

 

أَحْمد بن إِسْحَاق بن البهلول بن حسان بن سِنَان أَبُو جَعْفَر التنوخي الْأَنْبَارِي النَّحْوِيّ القَاضِي مولده بالأنبار فى الْمحرم سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ نَقله الْخَطِيب سمع أَبَاهُ وَيَأْتِي قَرِيبا وَأَبا يَعْقُوب الدَّوْرَقِي وَمُحَمّد بن الْمثنى بن عبيد الْعَنزي الْمَعْرُوف بالزمن فى جمع كثير قَالَ فى المنتظم وَكَانَ عِنْده عَن أَبى كريب حَدِيث وَاحِد روى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو حَفْص عمر بن شاهين الْبَغْدَادِيّ وحفيده أَبُو مُحَمَّد جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أَحْمد التنوخي لَهُ النَّاسِخ والمنسوخ وَكتاب الدُّعَاء وَكتاب أدب القَاضِي لم يتمه وَله كتاب فى النَّحْو على مَذْهَب الْكُوفِيّين قَالَ الْخَطِيب كَانَ ثبتا فى الحَدِيث تفقه مَأْمُونا جيد الضَّبْط لما حدث بِهِ وَكَانَ مفننا فى عُلُوم شَتَّى مِنْهَا الْفِقْه على مَذْهَب أَبى حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَأَصْحَابه وَرُبمَا خالفهم فى مسئلات يسيرَة وَكَانَ تَامّ الْعلم باللغة حسن الْقيام بالنحو وَالْأَخْبَار الطوَال وَالسير وَالتَّفْسِير وَكَانَ شَاعِرًا كثير الشّعْر جدا خَطِيبًا حسن الخطابة والتفوه بالْكلَام لسنا صَالح الْحِفْظ والترسل فى الْكِتَابَة والبلاغة فى المخاطبة وَكَانَ ورعا متخشنا فى الحكم تولى الْقَضَاء بالأنبار وهيت وَطَرِيق الْغُرَاب من قبل الموثق بِاللَّه سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ ثمَّ تقلده للناصر دفْعَة لخزي ثمَّ تقلده للمعتضد ثمَّ تقلد بعض كور الْجَبَل للمكتقي فى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَلم يخرج إِلَيْهَا ثمَّ قَلّدهُ المقتدر بِاللَّه فى سنة سِتّ وَتِسْعين الْقَضَاء بِمَدِينَة الْمَنْصُور من مَدِينَة السَّلَام وطسوحي وطويل وَسكن الأنبار هبت وَطَرِيق الْغُرَاب ثمَّ أضَاف لَهُ إِلَى ذَلِك بعد سِنِين الْقَضَاء بكور الأهواز بجموعه فَمَا زَالَ على هَذِه الْأَعْمَال إِلَى أَن صرف عَنْهَا فى سنة سبع عشرَة وَثَلَاث مائَة وَذكره طَلْحَة بن مُحَمَّد بن جَعْفَر فى تَسْمِيَة قُضَاة بَغْدَاد وَقَالَ كَانَ ثِقَة وَحمل النَّاس عَن جمَاعَة من أهل هَذَا الْبَيْت مِنْهُم البهلول بن حسار ثمَّ ابْنه إِسْحَاق ثمَّ أَوْلَاد إِسْحَاق حدث مِنْهُم بهْلُول بن إِسْحَاق وَحدث القَاضِي أَحْمد بن إِسْحَاق وإبنه مُحَمَّد وَحدث ابْن أَخِيه دَاوُد بن الْهَيْثَم ابْن إِسْحَاق وَكَانَ أسن من عَمه القَاضِي وَسَيَأْتِي كل وَاحِد فى بَابه إِن شَاءَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ الْخَطِيب أخبرنَا عَليّ بن أَبى عَليّ عَن أَبى الْحسن أَحْمد بن يُوسُف الْأَزْرَق حَدثنِي أَبُو طَالب مُحَمَّد بن القَاضِي أبي جَعْفَر بن البهلول قَالَ كنت مَعَ أبي فى جَنَازَة لبَعض وُجُوه أهل بَغْدَاد وَإِلَى جَانِبه جَالس أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ فَأخذ أبي يعظ صَاحب الْمُصِيبَة ويسليه وينشده أشعارا ويروي لَهُ أَخْبَارًا فداخله مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ فى ذَلِك ثمَّ اتَّسع الْأَمر بَينهمَا فى المذاكرة وخرجا إِلَى فنون كَثِيرَة من الْأَدَب وَالْعلم استحسنها الْحَاضِرُونَ وعجبوا مِنْهَا فَلَمَّا افْتَرقَا قَالَ لي أبي يَا بني هَذَا الشَّيْخ الذى دَخَلنَا الْيَوْم فى المذاكرة من هُوَ فَقلت هَذَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ فَقَالَ مَا أَحْسَنت عشرتي يَا بني فَقَالَ كَيفَ يَا سَيِّدي فَقَالَ أَلا قلت لي فى الْحَال فَكنت أذاكره غير تِلْكَ المذاكرة هَذَا رجل مَشْهُور بِالْحِفْظِ والاتساع فى فنون من الْعلم وَمَا ذاكرته بحسبها قَالَ وَمَضَت على هَذِه مُدَّة فحضرنا فى جَنَازَة أُخْرَى وَجَلَسْنَا فَإِذا بالطبري قد أقبل فَقلت لَهُ قَلِيلا قَلِيلا أَيهَا القَاضِي هَذَا أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ قد حضر مُقبلا قَالَ فَأومى إِلَيْهِ بِالْجُلُوسِ عِنْده فَجَلَسَ إِلَى جنبه فَأخذ أبي يجاريه فَكلما جَاءَا إِلَى قصيدة ذكر الطَّبَرِيّ مِنْهَا أبياتا قَالَ أَبى هَا هَا يَا أَبَا جَعْفَر إِلَى آخرهَا فيتلعثم الطَّبَرِيّ فيبديها أَبى إِلَى آخرهَا وَكلما ذكر شَيْئا من السّير قَالَ أبي كَانَ هَذَا فى قصَّة فلَان وَيَوْم بني فلَان مر يَا أَبَا جَعْفَر فِيهِ فَرُبمَا مر وَرُبمَا يتلعثم كَانَ فيمر أبي فى جَمِيعه قَالَ فَمَا سكت أبي يَوْمه ذَلِك إِلَى أَن بَان للحاضرين تَقْصِير الطَّبَرِيّ ثمَّ قمنا فَقَالَ لي أبي الْآن شفيت صَدْرِي ثمَّ نقل الْخَطِيب بأبه ذكره إِلَى أبي بكر بن الْأَنْبَارِي قَالَ مَا رَأَيْت صَاحب طيلسان الْخَامِس القَاضِي أبي جَعْفَر بن البهلول وَله حِكَايَة عَجِيبَة مَعَ السيدة أم المقتدر بِاللَّه بِسَبَب وقف ضَيْعَة ابتاعها وَكَانَ الْكتاب فى ديوَان الْقَضَاء والآداب أَخذه ليحرقه وَيبْطل الْوَقْف حَكَاهَا بطرقها فى المنتظم وَقَالَ القَاضِي من قدم أَمر الله على أَمر المخلوقين كَفاهُ الله شرهم مَاتَ فى شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَقيل ثَمَان عشرَة حَكَاهَا الْخَطِيب وَيَأْتِي أَخُوهُ البهلول
الجواهر المضية في طبقات الحنفية - عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي محيي الدين الحنفي.

 

 

أحمد بن إسحاق بن بُهلول أبي جعفر التَّنوخي.
قال الخطيب: كان ثبتًا في الحديث، ثقة، مأمونًا، جيد الضبط لما حدَّث به. وكان متفنِّنًا في علوم شتى، منها الفقه على مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وربما خالفهم في مسائل يسيرة.
له" الناسخ والمنسوخ"وكتاب"الدعاء" وكتاب"ادب القاضي"ولم يتمّه، وله كتاب في النحو على مذهب الكوفيين.

وله حكاية مطولة مع ابن جرير.
توفي سنة عشر وثلاثمائة، في ربيع الأول.
تاج التراجم - لأبي الفداء زين الدين أبي العدل قاسم بن قُطلُوبغا السودوني

 

 

 

الشيخ الإمام أبو جعفر أحمد بن إسحق بن البهلول بن حسَّان بن سِنَان التَّنُوخي الأَنْبَاريّ الأصل الحنفي القاضي، المتوفى بها سنة ثمان عشرة وثلاثمائة، عن سبع وثمانين سنة. قرأ وسمع أباه وأبا سعيد الأشج وروى عنه الدارقطني وجماعة، وكان ثقة من بيت علم وفضل، غلب عليه الأدب وولي قضاء المنصورة والأنبار وهيت وكور الأهواز وكان متفننًا في علوم شتى، منها الفقه على مذهب أبي حنيفة وربما خالف في مسائل، عالمًا باللغة والنحو على مذهب الكوفيين وله فيه كتاب وكان واسع الحفظ، شاعرًا، خطيبًا، حسن الخط ورعًا في الحكم، له "الناسخ والمنسوخ" و"كتاب الدعاء" و"أدب القاضي" لم يتمه.

سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.

 

 

 

ابن البهلول:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ المُتَفَنِّنُ القَاضِي الكَبِيْرُ، أبي جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ بُهْلُوْلِ بنِ حَسَّانٍ التَّنُوخِيُّ، الأَنْبَارِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنَفِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: أَبَا كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ زُنْبُوْرٍ المَكِّيَّ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَأَبَاهُ إِسْحَاقَ بنَ بُهْلُوْلٍ الحَافِظَ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ، وَأبي حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأبي الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأبي طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الكَمَالِ، إِمَاماً، ثِقَةً، عَظِيْمَ الخَطَرِ، وَاسِعَ الأَدَبِ، تَامَّ المُرُوْءةِ، بَارِعاً فِي العَرَبِيَّةِ. وَلِيَ قَضَاءَ مَدِيْنَةِ المَنْصُوْرِ عشرين سنة، وَعُزِلَ قَبْلَ مَوْتِه بِعَامٍ. وَكَانَ لَهُ مُصَنَّفٌ فِي نَحْوِ الكُوْفِيِّينَ، وَكَانَ أَدِيْباً، بَلِيْغاً، مُفَوَّهاً شَاعِراً.
قَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: مَا رَأَيْتُ صَاحِبَ طيلسان أنحى منه.
مات في سنة ثمان عشرة وثلاث مائة.
وَكَانَ أبيهُ مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ، لقيَ ابْنَ عُيَيْنَةَ وَطَبَقَتَه، وَهُم مِنْ بَيْتِ العِلْمِ وَالجَلاَلَةِ.
وَكَانَ أَخُوْهُ؛ بُهْلُوْلُ بنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً، مُسْنِداً، يَرْوِي عَنْ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَطَبَقَتِهِ.
قَالَ أبي بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، وَكَانَ ثِقَةً.
وَقَالَ طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ عَظِيْم القَدْرِ، وَاسِعَ الأَدَبِ، تَامَّ المُرُوْءةِ، حَسَنَ الفَصَاحَةِ وَالمَعْرِفَةِ بِمَذْهَب أَهْلِ العِرَاقِ، وَلَكِنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ الأَدَبُ، وَكَانَ لأَبِيْهِ "مُسْنَدٌ" كَبِيْرٌ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ دَاوُدُ بنُ الهَيْثَمِ بنِ إِسْحَاقَ أَسَنَّ مِنْ عَمِّهِ أَحْمَدَ، دَامَ أَحْمَدُ عَلَى قَضَاءِ المَدِيْنَةِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، جَيِّدَ الضَّبْطِ، مُتَفَنِّناً فِي عُلُوْمٍ شَتَّى، مِنْهَا الفِقْهُ لأَبِي حَنِيْفَةَ، وَرُبَّمَا خَالَفَه، وكان تام اللغة، حسن القيام بِنَحْوِ الكُوْفِيِّينَ، صَنَّفَ فِيْهِ، وَكَانَ وَاسِعَ الحِفْظِ لِلأَخْبَارِ وَالسِّيَرِ وَالتَّفْسِيْرِ وَالشِّعرِ، وَكَانَ خَطِيْباً مُفَوَّهاً، شَاعِراً لَسِناً، ذَا حَظٍّ مِنَ التَّرسُّلِ وَالبَلاَغَةِ، وَرِعاً مُتَخَشِّناً فِي الحُكْمِ، وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ هِيْتَ وَالأَنْبَارِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، ثُمَّ قَضَاءَ بَعْضِ الجَبَلِ.
قَالَ القَاضِي أبي نَصْرٍ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ: كُنْتُ أَحضُرُ دَارَ المُقْتَدِرِ مَعَ أَبِي وَهُوَ يَنُوْبُ عَنْ وَالِدِهِ أَبِي عُمَرَ القَاضِي، فَكُنْتُ أَرَى أَبَا جَعْفَرٍ القَاضِي يَأْتِيْهِ أَبِي فَيَجلِسُ عِنْدَهُ، فَيَتَذَاكَرَانِ حَتَّى يَجْتَمِعَ عَلَيْهِمَا عَدَدٌ مِنَ الخَدَمِ، فَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُوْلُ: أَحْفَظُ لِنَفْسِي مِنْ شِعْرِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ، وَأَحْفَظُ لِلنَّاسِ أَضعَافَ ذَلِكَ.
وَقَالَ القَاضِي أبي طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ القَاضِي أَبِي جَعْفَرٍ: كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي جَنَازَةٍ، وَإِلَى جَانِبِه أبي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ، فَأَخَذَ أَبِي يَعِظُ صَاحِبَ المُصِيْبَةِ وَيُسَلِّيهِ، فَدَاخَلَهُ الطَّبَرِيُّ فِي ذَلِكَ، وَذنَّبَ مَعَهُ، ثُمَّ اتَّسَعَ الأَمْرُ بَينَهُمَا، وَخَرَجَا إِلَى فُنُوْنٍ أَعجَبَتْ مَنْ حَضَرَ، وَتَعَالَى النَّهَارُ، فَلَمَّا قُمْنَا، قَالَ لِي: يَا بُنَيَّ! مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟ قُلْتُ: هَذَا مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ. فَقَالَ: إِنَّا للهِ! مَا أَحْسَنْتَ عِشْرَتِي، إلَّا قُلْتَ لِي. فَكُنْتُ أُذَاكِرُه غَيْرَ تِلْكَ المذاكرة؟ هَذَا رَجُلٌ مَشْهُوْرٌ بِالحِفْظِ وَالاتِّسَاعِ. فَمَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ حَضَرنَا فِي حَقِّ رَجُلٍ آخَرَ، وَجَلَسنَا، وَجَاءَ الطَّبَرِيُّ، فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ أَبِي، وَتَجَارَيَا فَكُلَّمَا جَاءَ إِلَى قَصِيْدَةٍ، ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ بَعْضَهَا، وَيُنْشِدُهَا أَبِي، وَكُلَّمَا ذَكَرَ شَيْئاً مِنَ السِّيَرِ، فَكَذَلِكَ، فَرُبَّمَا تَلَعْثَمَ وَأَبِي يَمُرُّ فِي جَمِيْعِهِ، فَمَا سَكَتَ إِلَى الظُّهْرِ.
أَرَّخ مَوْتَهُ: ابْنُ قَانِع، وَيُوْسُفُ القَوَّاسُ، كَمَا مَرَّ.
وَقِيْلَ: مَاتَ سنة سبع عشرة، وهو وهم.

سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي